الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
349 - مُحَمَّد بن المظفر بن بكران بن عبد الصَّمد بن سُلَيْمَان الْحَمَوِيّ القَاضِي أَبُو بكر الشَّامي
الزَّاهِد الْوَرع أحد الْأَئِمَّة
ولد بحماة سنة أَرْبَعمِائَة
ورحل إِلَى بَغْدَاد فسكنها وتفقه على القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ
وَسمع الحَدِيث من عُثْمَان بن دوست وَأبي الْقَاسِم بن بَشرَان وَأبي طَالب بن غيلَان وَأبي الْحسن العتيقي وَآخَرين
روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم بن السَّمرقَنْدِي وَإِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الْحَافِظ وَهبة الله بن طَاوس المقرىء وَغَيرهم
ووقفت على نُسْخَة قديمَة من كتاب الضُّعَفَاء لأبي جَعْفَر الْعقيلِيّ وفيهَا سَمَاعه للْكتاب كُله على أبي الْحسن العتيقي وَقد حدث بِهِ سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة بِبَغْدَاد
قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ هُوَ أحد المتقنين لمَذْهَب الشَّافِعِي وَله اطلَاع على أسرار الْفِقْه
وَكَانَ ورعا
زاهدا متقنا جرت أَحْكَامه على السداد
ولي قَضَاء الْقُضَاة بِبَغْدَاد بعد موت أبي عبد الله الدَّامغَانِي سنة ثَمَان وَسبعين إِلَى أَن تغير عَلَيْهِ المقتدى بِاللَّه لأمر فَمنع الشُّهُود من حُضُور مَجْلِسه مُدَّة فَكَانَ يَقُول مَا أنعزل حَتَّى يتَحَقَّق على الْفسق
قلت لَعَلَّه كَانَ يرى ذَلِك وَالْمذهب أَنه يَنْعَزِل وَإِن لم يفسق
ثمَّ إِن الْخَلِيفَة خلع عَلَيْهِ واستقام أمره
وَقَالَ أَبُو عَليّ بن سكرة ورع زاهد وَأما الْعلم فَكَانَ يُقَال لَو رفع مَذْهَب الشَّافِعِي أمكنه أَن يمليه من صَدره
وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك الهمذاني كَانَ حَافِظًا لتعليقة القَاضِي أبي الطّيب كَأَنَّهَا بَين عَيْنَيْهِ
قلت وَكَانَ من قُضَاة الْعدْل واتفقت مِنْهُ محَاسِن أَيَّام قَضَائِهِ
وَكَانَ الَّذِي أَشَارَ على الْخَلِيفَة بولايته عِنْد موت الدَّامغَانِي الْوَزير أَبُو شُجَاع فَامْتنعَ الشَّامي من الْقبُول فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى تقلده وَشرط أَن لَا يَأْخُذ رزقا وَلَا يقبل شَفَاعَة وَلَا يُغير ملبوسه فَأُجِيب إِلَى ذَلِك
قَالَ عبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي لم يكن الشَّامي يتبسم فِي مَجْلِسه قطّ
قَالَ وَلما منعت الشُّهُود من حُضُور مَجْلِسه وَقعد فِي بَيته نقل إِلَيْهِ القَاضِي أَبُو يُوسُف الْقزْوِينِي المعتزلي مَا عزلك الْخَلِيفَة إِنَّمَا عزلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ وَكَيف ذَلِك
قَالَ لِأَنَّهُ قَالَ لَا يقْضِي القَاضِي بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان وَأَنت طول عمرك غَضْبَان
وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك الهمذاني كَانَ لَا يقبل من سُلْطَان عَطِيَّة وَلَا من صديق هَدِيَّة وَكَانَ يعاب بالحدة وَسُوء الْخلق
وَقَالَ ابْن النجار مَا استناب أحدا فِي الْقَضَاء وَكَانَ يُسَوِّي بَين الوضيع والشريف فِي الحكم وَيُقِيم جاه الشَّرْع فَكَانَ هَذَا سَبَب انقلاب الأكابر عَنهُ فألصقوا بِهِ مَا كَانَ مِنْهُ بَرِيئًا من أَحَادِيث ملفقة ومعايب مزورة
وَقَالَ الْفَقِيه أَحْمد بن عبد الله بن الآبنوسي جَاءَ أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى قَاضِي الْقُضَاة الشَّامي فَادّعى شَيْئا وَقَالَ بينتي فلَان والمشطب الفرغاني الْفَقِيه
فَقَالَ لَا أقبل شَهَادَة المشطب لِأَنَّهُ يلبس الْحَرِير
فَقَالَ السُّلْطَان ملكشاه ووزيره نظام الْملك يلبسانه
فَقَالَ لَو شَهدا عِنْدِي مَا قبلت شَهَادَتهمَا أَيْضا
قَالَ ابْن الآبنوسي كَانَ لَهُ كيسَان أَحدهمَا يَجْعَل فِيهِ عمَامَته وقميصه والعمامة كتَّان والقميص قطن خشن فَإِذا خرج لبسهما والكيس الآخر فِيهِ فتيت فَإِذا أَرَادَ الْأكل جعل مِنْهُ فِي قَصْعَة وَقَلِيل من المَاء وَأكل مِنْهُ
وَكَانَ لَهُ كِرَاء بَيت فِي الشَّهْر بِدِينَار وَنصف كَانَ مِنْهُ قوته فَلَمَّا ولي الْقَضَاء جَاءَ إِنْسَان فَدفع فِيهِ أَرْبَعَة دَنَانِير فَأبى وَقَالَ لَا أغير سَاكِني وَقد ارتبت بك لم لَا كَانَت هَذِه الزِّيَادَة قبل الْقَضَاء وَكَانَ يشد فِي وَسطه مئزرا ويخلع فِي بَيته ثِيَابه ثمَّ يجلس
وَكَانَ يَقُول مَا دخلت فِي الْقَضَاء حَتَّى وَجب عَليّ
توفّي فِي عَاشر شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
وَدفن عِنْد أبي الْعَبَّاس بن سُرَيج