الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُرُوف: ضرب من ثِيَاب كتَّان مخلوط بحرير ينْسب إِلَى قَرْيَة بالديار المصرية. قلت: القسي، بَلْدَة كَانَت على سَاحل الْبَحْر بِالْقربِ من دمياط ركب عَلَيْهَا الْبَحْر فاندرست وَكَانَ ينسج فِيهَا القماش من الْحَرِير وَلَا يُوجد لَهُ نَظِير من حسنه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَقيل: هُوَ القز وَهُوَ الرَّدِيء من الْحَرِير أبدلت الزَّاي سينا. قَوْله: (والاستبرق) وَهُوَ مَا غلظ من الْحَرِير. وَهِي لَفْظَة أَعْجَمِيَّة معربة لأصلها باستبره (والديباج) الثِّيَاب المتخذة من الإبر يسم، فَارسي مُعرب وَقد يفتح أَوله وَيجمع على ديابيح وديابيج بِالْيَاءِ وَالْبَاء لِأَن أَصله دباج بِالتَّشْدِيدِ قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْمنْهِي عَنْهَا سِتّ لَا سبع؟ قلت: السَّابِع هُوَ الْحَرِير، وَسَيَجِيءُ صَرِيحًا فِي كتاب اللبَاس.
تابَعَهُ أبُو عَوَانَةَ والشَّيْبَانِيُّ عنْ أشْعَثَ فِي إفْشاءِ السّلَامِ
أَي: تَابع أَبَا الْأَحْوَص سَلام بن سليم المذكورأبو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي فِي رواي عَن أَشْعَث الْمَذْكُور فِي إفشاء السَّلَام، يَعْنِي فِي رِوَايَة بِلَفْظ: إفشاء السَّلَام. لِأَن غَيره رُوِيَ رد السَّلَام وَهُوَ رِوَايَة شُعْبَة عَن أَشْعَث كَمَا مر فِي الْجَنَائِز فَإِن فِيهَا ورد السَّلَام، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة البُخَارِيّ أَيْضا فِي كتاب الْأَشْرِبَة فِي: بَاب آنِية الْفضة حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن الْأَشْعَث إِلَى آخِره، وَلَفظه: وإفشاء السَّلَام. قَوْله: (والشيباني) أَي: تَابع أَبَا الْأَحْوَص أَيْضا أَبُو إِسْحَاق سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ، فِي رِوَايَة عَن أَشْعَث بِلَفْظ: إفشاء السَّلَام، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة البُخَارِيّ أَيْضا فِي كتاب الاسْتِئْذَان عَن قُتَيْبَة عَن جرير عَن الشَّيْبَانِيّ عَن أَشْعَث إِلَى آخِره: وإفشاء السَّلَام.
6715 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حَدثنَا عبْدُ العَزِيزِ بنُ أبي حازِمٍ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: دَعا أبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فِي عُرْسِهِ، وكَانَتِ امْرَأتُهُ يَوْمَئِذٍ خادِمَهُمْ وهْيَ العَرُوسُ قَالَ سَهْلٌ: تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ أنْقَعتْ لهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ، فلَمَّا أكلَ سَقَتْهُ إيَّاهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فَإِن فِيهِ دَعْوَة أبي أسيد النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإجَابَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِيَّاه، وَاسم أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار يروي عَن سهل بن سعد ويروي عَنهُ ابْنه عبد الْعَزِيز. وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروي عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن سهل وَهُوَ سَهْو إِذْ لَا بُد أَن يكون بَينهمَا أَبوهُ أَو رجل آخر.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة عَن عَليّ. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي النِّكَاح عَن مُحَمَّد بن الصَّباح.
قَوْله: (أَبُو أسيد) بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين: مصغر أَسد، وَقيل بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين، وَالصَّوَاب الأول واسْمه مَالك بن ربيعَة السَّاعِدِيّ، وَقيل: إِنَّه آخر من مَاتَ من الْبَدْرِيِّينَ سنة سِتِّينَ أَو خمس وَسِتِّينَ، لَهُ عقب بِالْمَدِينَةِ وبغداد. قَوْله:(وَكَانَت امْرَأَته) أَي: امْرَأَة أبي أسيد، وَاسْمهَا سَلامَة ابْنة وهب بن سَلامَة بن أُميَّة. قَوْله:(خادمهم) لفظ الْخَادِم يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى، وَكَانَ ذَلِك قبل نزُول الْحجاب. قَوْله:(وَهِي الْعَرُوس) أَي: وَكَانَت خادمهم امْرَأَة أبي أسيد هِيَ الْعَرُوس. وَقد مر أَن الْعَرُوس يُطلق على كل من الزَّوْجَيْنِ، قَالَ صَاحب الْعين: رجل عروس فِي رجال عرس وَامْرَأَة عروس فِي نسَاء عرس، قَالَ: والعروس نعت اسْتَوَى فِيهِ الْمُذكر والمؤنث مَا داما فِي تعريسهما، أما إِذا عرس أَحدهمَا بِالْآخرِ فَالْأَحْسَن أَي يُقَال للرجل: معرس لِأَنَّهُ قد أعرس أَي: اتخذ عروسا. قَوْله: (تَدْرُونَ) همزَة الِاسْتِفْهَام فِيهِ مقدرَة أَي: أَتَدْرُونَ؟ قَوْله: (مَا سقت) أَي: امْرَأَة أبي أسيد الْعَرُوس. قَوْله: (أنقعت) على لفظ الغائبة من الْمَاضِي من أنقعت الشَّيْء فِي المَاء، وَيُقَال: طَال إنقاع المَاء واستنقاعه ومادته نون وقاف وَعين مُهْملَة. قَوْله: (فَلَمَّا أكل)، أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم (الطَّعَام سقته إِيَّاه) أَي: سقت نَقِيع النَّبِي الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِيه: إِجَابَة الدعْوَة وَقد ذكرنَا الِاخْتِلَاف فِيهِ إِذا كَانَت لغير الْعرس من الدَّعْوَات، فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَمَالك: يجب إتْيَان وَلِيمَة الْعرس وَلَا يجب إتْيَان غَيرهَا من الدَّعْوَات، وَمن شَرط الْإِجَابَة أَن لَا يكون هُنَاكَ مُنكر، وَقد رَجَعَ ابْن مَسْعُود وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. لما رَأيا تصاوير ذَات الْأَرْوَاح.
27 -
(بابُ مَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى الله ورسولَهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حَال من ترك الدعْوَة أَي: إِجَابَة الدعْوَة، وَظَاهره يَقْتَضِي أَن يكون الْمَعْنى من ترك دَعْوَة النَّاس وَلم يدع
أحدا، وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْعِصْيَان عِنْد ترك الْإِجَابَة لدلَالَة الحَدِيث عَلَيْهِ. فَإِن قلت: قَوْله صلى الله عليه وسلم الْوَلِيمَة حق، يَقْتَضِي الْعِصْيَان عِنْد ترك الدعْوَة. قلت: قد ذكرنَا أَن معنى: حق، غير بَاطِل وَلَا خلاف أَن الْوَلِيمَة فِي الْعرس سنة مَشْرُوعَة وَلَيْسَت بواجبة وَمَا ورد فِيهِ من الْأَمر فَمَحْمُول على الِاسْتِحْبَاب.
7715 -
حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، أنَّهُ كانَ يَقُولُ: شَرُّ الطَّعامِ طَعامُ الوَلِيمةِ يُدْعَى لَهَا الأغْنِياءُ ويُتْرَكُ الفُقَرَاءُ، ومَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَضَى الله ورسولَهُ صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الزُّهْرِيّ يروي عَن الرجلَيْن كِلَاهُمَا أعرج واسمهما عبد الرَّحْمَن: أَحدهمَا: عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْهَاشِمِي. وَالثَّانِي: عبد الرَّحْمَن بن سعد المَخْزُومِي، وَالظَّاهِر أَن هَذَا هُوَ الأول لَا الثَّانِي. وَفِي رجال البُخَارِيّ: أعرج آخر ثَالِث يروي عَن أبي هُرَيْرَة اسْمه ثَابت بن عِيَاض الْقرشِي، وَيُقَال لَهُ: الْأَحْنَف. قلت: كَأَن الْكرْمَانِي: يستغرب هذاحتى ذكره، وَمثل هَذَا الَّذِي تتفق أَسمَاؤُهُم وَأَسْمَاء آبَائِهِم فِي الروَاة كثير، فَيحصل التَّمْيِيز بَينهم بالقرائن.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن يحيى بن يحيى وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَة عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي النِّكَاح عَن عَليّ بن مُحَمَّد الطنافسي وَهَذَا مَوْقُوف على أبي هُرَيْرَة، وَقَالَ أَبُو عمرَان: رجل رُوَاة مَالك لم يصرحوا بِرَفْعِهِ، وَقَالَ فِيهِ روح بن الْقَاسِم عَن مَالك بِسَنَدِهِ. قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؛ وَكَذَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي غرائب مَالك من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن مسلمة بن قعنب عَن مَالك، وَقَالَ ابْن بطال: أول هَذَا الحَدِيث مَوْقُوف وَآخره يَقْتَضِي رَفعه لِأَن مثله لَا يكون رَأيا.
قَوْله: (شَرّ الطَّعَام)، قَالَ الْكرْمَانِي: مَا معنى قَوْله: شَرّ مُطلقًا، وَقد يكون بعض الْأَطْعِمَة شرا مِنْهَا، ثمَّ أجَاب بِأَن المُرَاد شَرّ أَطْعِمَة الولائم طَعَام وَلِيمَة يدعى لَهَا الْأَغْنِيَاء وَيتْرك الْفُقَرَاء، وَقَالَ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ: أَي من شَرّ الطَّعَام، كَمَا يُقَال: شَرّ النَّاس من أكل وَحده، أَي: من شرهم، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ شرا لما ذكر عَقِيبه فَكَأَنَّهُ قَالَ: شَرّ الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة الت شَأْنهَا ذَلِك، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: شيخ شَيْخي التَّعْرِيف فِي الْوَلِيمَة للْعهد الْخَارِجِي إِذْ كَانَ من عَادَتهم دَعْوَة الْأَغْنِيَاء وَترك الْفُقَرَاء. قَوْله: (يَدعِي) إِلَى آخِره اسْتِئْنَاف بَيَان لكَونهَا شَرّ الطَّعَام فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير: من لِأَن الرِّيَاء شرك خَفِي. قَوْله: (وَمن ترك الدعْوَة)، حَال وَالْعَامِل يدعى يَعْنِي: يدعى الْأَغْنِيَاء. لَهَا وَالْحَال أَن الْإِجَابَة وَاجِبَة فيجيب الْمَدْعُو وَيَأْكُل شَرّ الطَّعَام، وَوَقع فِي لفظ مُسلم: بئس الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة، وَفِي لفظ لَهُ مثل لفظ البُخَارِيّ. قَوْله:(وَيتْرك الْفُقَرَاء)، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق معن بن عِيسَى بن مَالك: الْمَسَاكِين، بدل: الْفُقَرَاء. قَوْله: (وَمن ترك الدعْوَة)، وَفِي لفظ مُسلم: فَمن لم يَأْتِ الدعْوَة، وَفِي لفظ:(وَمن لم يجب الدعْوَة) . قَوْله: (يَدعِي لَهَا)، ويروي: يَدعِي إِلَيْهَا، وَالْجُمْلَة حَالية، وَفِي رِوَايَة ثَابت الْأَعْرَج: يمْنَعهَا من يَأْتِيهَا وَيَدعِي إِلَيْهَا من يأباها، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس: بئس الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة يَدعِي إِلَيْهِ الشبعان وَيحبس عَنهُ الجيعان. قَوْله: (وَمن ترك الدعْوَة) أَي: إِجَابَة الدعْوَة، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ فِي التَّرْجَمَة، وَوَقع فِي رِوَايَة لِابْنِ عمر:(من دعى إِلَى وَلِيمَة فَلم يأتها فقد عصى الله وَرَسُوله) . فَهَذَا دَلِيل وجوب الْإِجَابَة لِأَن الْعِصْيَان لَا يُطلق إلَاّ على ترك الْوَاجِب، وَقَالَ ابْن بطال: لَا خلاف بَين الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فِي وجوب الْإِجَابَة إِلَى دَعْوَة الْوَلِيمَة إلَاّ مَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: (نهينَا أَن نجيب دَعْوَة من يَدْعُو الْأَغْنِيَاء وَيتْرك الْفُقَرَاء) . وَقد دَعَا ابْن عمر فِي دَعوته الْأَغْنِيَاء والفقراء، فَجَاءَت قُرَيْش وَالْمَسَاكِين مَعَهم، فَقَالَ ابْن عمر للْمَسَاكِين: هَهُنَا اجلسوا لَا تفسدوا عَلَيْهِم ثِيَابهمْ فَإنَّا سنطعمكم مِمَّا يَأْكُلُون. وَقَالَ ابْن حبيب: وَمن فَارق السّنة فِي وَلِيمَة فَلَا دَعْوَة لَهُ وَلَا مَعْصِيّة فِي ترك إجَابَته، وَقد حَدثنِي ابْن الْمُغيرَة أَنه سمع سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول: إِنَّمَا تَفْسِير إِجَابَة الدعْوَة إِذا دعَاك من لَا يفْسد عَلَيْك دينك وَلَا قَلْبك، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: أَوله أَي: أول الحَدِيث مرغب عَن حُضُور الْوَلِيمَة بل محرم وَآخره مرغب فِيهِ، بل مُوجب. قلت: الْإِجَابَة