الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا نَاب طعن الرجل ابْنَته فِي الخاصرة عِنْد العتاب، ثمَّ قَالَ ابْن بطال: لم يخرج البُخَارِيّ فِيهِ حَدِيثا، واخرج فِي أول كتاب الْعَقِيقَة رِوَايَة أنس، قَالَ: كَانَ ابْن لأبي طَلْحَة يشتكي، فَخرج أَبُو طَلْحَة فَقبض الصَّبِي، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَة قَالَ: مَا فعل ابْني؟ قَالَت أم سليم: هُوَ أسكن مِمَّا كَانَ، فقربت إِلَيْهِ الْعشَاء فتعشى، ثمَّ أصَاب مِنْهَا
…
الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: أعرستم اللَّيْلَة؟ فَذكره، وَهُوَ من أعرس الرجل فَهُوَ معرس إِذا دخل بامرأته عِنْد بنائها وَأَرَادَ بِهِ هَهُنَا الْوَطْء، فَسَماهُ إعراسا لِأَنَّهُ من تَوَابِع الإعراس، وَلَا يُقَال فِيهِ عرس، قَوْله:(وَطعن الرجل) عطف على قَول: الرجل، وَهُوَ مصدر مُضَاف إِلَى فَاعل، وَابْنَته بِالنّصب مَفْعُوله. قَوْله:(عِنْد العتاب) أَي فِي حَالَة المعاتبة.
0525 -
حدّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ عبْدِ الرَّحْمانِ بنِ القاسِمِ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ، قالَتْ: عاتَبَنِي أبُو بَكْرٍ وجَعَل يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خاصرَتِي فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إلاّ مَكانُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ورأسُهُ عَلى فَخِذِي.
التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة مُشْتَمِلَة على جزءين أَحدهمَا هُوَ قَوْله: قَول الرجل لصَاحبه: هَل أعرستم اللَّيْلَة؟ فَإِن كَانَ هَذَا الْجُزْء مفقودا فِي أَكثر الرِّوَايَات، على مَا قَالَه ابْن بطال، فَلَا وَجه إِلَى ذكر شَيْء. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وعَلى تَقْدِيره وجوده فوجهه أَن البُخَارِيّ يترجم وَلَا يذكر حَدِيثا يُنَاسِبه إشعارا بِأَنَّهُ لم يجد حَدِيثا بِشَرْطِهِ يدل عَلَيْهِ. قلت: هَذَا لَيْسَ بِوَجْه، فَإِن الحَدِيث الَّذِي ذكره فِي كتاب الْعَقِيقَة عَن أنس يطابقه، وَهُوَ على شَرطه فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يذكرهُ هَهُنَا، وَقيل: لما كَانَت كل وَاحِدَة من الْحَالَتَيْنِ مَمْنُوعَة فِي غير الْحَالة الَّتِي ورد فِيهَا، كَانَ ذَلِك جَامعا بَينهمَا، فَإِن طعن الخاصرة لَا يجوز إلَاّ مَخْصُوصًا بِحَالَة العتاب، وَكَذَلِكَ سُؤال الرجل عَن الْجِمَاع لَا يجوز إلَاّ فِي مثل حَالَة أبي طَلْحَة من تسليته من مصيبته وبشارته بِغَيْر ذَلِك. قلت: هَذَا لَا يَخْلُو عَن تعسف، والجزء الثَّانِي وَهُوَ قَوْله: وَطعن الرجل
…
إِلَى آخِره، ومطابقة حَدِيث الْبَاب لَهُ ظَاهِرَة.
وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن الْقَاسِم يروي عَن أَبِيه الْقَاسِم عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. والْحَدِيث مُخْتَصر من حَدِيث عَائِشَة، وَقد مضى فِي أول كتاب التَّيَمُّم مطولا وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
86 -
(كتابُ الطلَاقِ)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الطَّلَاق وأنواعه، وَوجه الْمُنَاسبَة بَين الْكِتَابَيْنِ ظَاهر إِذْ الطَّلَاق يعقب النِّكَاح فِي الْوُجُود، فَكَذَلِك فِي وضع الْأَحْكَام فيهمَا. وَالطَّلَاق اسْم للتطليق كالسلام اسْم للتسليم، يُقَال: طلق يُطلق تطليقا، وَطلقت بِفَتْح اللَّام تطلق طَلَاقا فَهِيَ طَالِق وطالقة أَيْضا. وَقَالَ الْأَخْفَش: لَا يُقَال: طلقت، بِالضَّمِّ وَطلقت أَيْضا بِضَم أَوله وَكسر اللَّام الثَّقِيلَة، فَإِن خففت فَهُوَ خَاص بِالْولادَةِ، والمضارع فيهمَا بِضَم اللَّام، والمصدر فِي الْولادَة: طلق، بِسُكُون اللَّام فَهِيَ طَالِق فيهمَا. وَمعنى الطَّلَاق فِي اللُّغَة: رفع الْقَيْد مُطلقًا، مَأْخُوذ من إِطْلَاق الْبَعِير وَهُوَ إرْسَاله من عقاله، وَفِي الشَّرْع: رفع قيد النِّكَاح وَيُقَال: حل عقدَة التَّزْوِيج.
1 -
(بَاب وقوْلِ الله تَعَالَى: { (65) يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا الْعدة أحصيناه حفظناه وعددناه} (الطَّلَاق: 1) أحْصَيْناهُ حَفِظْناهُ وعَدَدْناهُ
.)
وَقَول الله، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: الطَّلَاق قَوْله: {يَا أَيهَا النَّبِي} خطاب للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، بِلَفْظ الْجمع تَعْظِيمًا،. أَو على إِرَادَة ضم أمته، إِلَيْهِ وَالتَّقْدِير: يَا أَيهَا النَّبِي وَأمته (إِذا طلّقْتُم النِّسَاء) أَي إِذا أردتم تطليق النِّسَاء (فطلقوهن لعدتهن) يَعْنِي: طلقوهن مستقبلات لعدتهن. كَقَوْلِك: آتِيَة لليلة بقيت من الْمحرم أَي: مُسْتَقْبلا لَهَا، وَالْمرَاد أَن يُطَلِّقهُنَّ فِي طهر لم يجامعهن فِيهِ ثمَّ يخلين حَتَّى تَنْقَضِي عدتهن، وَهَذَا أحسن الطَّلَاق وَأدْخلهُ فِي السّنة وأبعده من النَّدَم. وَقَالَ النَّسَفِيّ (فطلقوهن لعدتهن) وَهُوَ أَن يطلقهَا ثَلَاثًا من غير جماع. وَقيل: طلقوهن لطهرهن الَّذِي يحصينه من عدتهن وَلَا تطلقوهن لحيضهن الَّذِي لَا يعتدن بِهِ من قرئهن، وَهَذَا للمدخول بهَا، لِأَن من لم يدْخل بهَا لَا عدَّة عَلَيْهَا.
وَاخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِيمَن نزلت هَذِه الْآيَة، فَقَالَ الواحدي:
عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: طلق النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَفْصَة فَأنْزل الله عز وجل قَوْله تَعَالَى: قَوْله: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} (الطَّلَاق: 1) الْآيَة. وَقيل لَهُ: رَاجعهَا فَإِنَّهَا صَوَّامَة قوامه، وَهِي من إِحْدَى أَزوَاجك ونسائك فِي الْجنَّة. وَقَالَ السّديّ: نزلت فِي عبد الله بن عمر، وَذَلِكَ أَنه طلق امْرَأَته حَائِضًا، فَأمره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُرَاجِعهَا. وَقَالَ مقَاتل: نزلت فِي عبد الله بن عمر وَعقبَة بن عَمْرو الْمَازِني، وطفيل بن الْحَارِث بن الْمطلب، وَعَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ، وَفِي (تَفْسِير ابْن عَبَّاس) : قَالَ عبد الله: وَذَلِكَ أَن عمر وَنَفَرًا مَعَه من الْمُهَاجِرين كَانُوا يطلقون بِغَيْر عدَّة ويراجعون بِغَيْر شُهُود، فَنزلت وَالطَّلَاق أبْغض الْمُبَاحَات وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن من أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق، وَقَالَ: تزوجوا وَلَا تطلقوا فَإِن الطَّلَاق يَهْتَز مِنْهُ الْعَرْش، وَقَالَ: لَا تطلقوا النِّسَاء إلَاّ من رِيبَة فَإِن الله لَا يحب الذواقين وَلَا يحب الذواقات، وَقَالَ: مَا حلف بِالطَّلَاق وَلَا اسْتحْلف بِهِ إلَاّ مُنَافِق.
وطَلَاقُ السُّنَّةِ أنح يُطَلِّقبَها طاهِرا مِنْ غَيْرِ جِماعٍ، ويُشْهِدَ شاهِدَيْنِ
أَي: الطَّلَاق السّني أَن يُطلق امْرَأَته حَالَة طَهَارَتهَا عَن الْحيض، وَلَا تكون مَوْطُوءَة فِي ذَلِك الطُّهْر وَأَن يشْهد شَاهِدين على الطَّلَاق، فمفهومه: أَنه إِن طَلقهَا فِي الْحيض أَو فِي طهر وَطئهَا فِيهِ أَو لم يشْهد يكون طَلَاقا بدعيا. وَاخْتلفُوا فِي طَلَاق السّنة، فَقَالَ مَالك: طَلَاق السّنة أَن يُطلق الرجل امْرَأَته فِي طهر لم يسمهَا فِيهِ تَطْلِيقَة وَاحِدَة ثنم يَتْرُكهَا حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة بِرُؤْيَة أول الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة. وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هَذَا حسن من الطَّلَاق، وَله قَول آخر، وَهُوَ: مَا إِذا أَرَادَ أَن يطلقهَا ثَلَاثًا طَلقهَا عِنْد كل طهر طَلْقَة وَاحِدَة من غير جماع، وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَأَشْهَب، وَزعم المرغيناني أَن الطَّلَاق على ثَلَاثَة أوجه عِنْد أَصْحَاب أبي حنيفَة: حسن وَأحسن وبدعي، فَالْأَحْسَن أَن يطلقهَا وَهِي مَدْخُول بهَا تَطْلِيقَة وَاحِدَة فِي طهر لم يُجَامِعهَا فِيهِ وَيَتْرُكهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا، وَالْحسن وَهُوَ طَلَاق السّنة وَهُوَ أَن يُطلق الْمَدْخُول بهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَة أطهار، والبدعي أَن يطلقهَا ثلاقا بِكَلِمَة وَاحِدَة، أَو ثَلَاثًا فِي طهر وَاحِد، فَإِذا فعل ذَلِك وَقع الطَّلَاق وَكَانَ عَاصِيا.
1525 -
حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ عبْدِ الله قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنْ نافِعٍ عنْ عبدِ الله بنِ عُمَر رضي الله عنهما، أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأتَهُ وهْيَ حائِضٌ علَى عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، عنْ ذَلك؟ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مُرْهُ فلْيُرَاجِعْها ثُمَّ لِيُمْسِكْها حتَّى تَطْهَرُ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهَرُ ثُمَّ إنْ شاءَ أمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتي أمَرَ الله أَن تُطَلَّقَ لَهَا النِّساء.
إِسْمَاعِيل بن عبد الله هُوَ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك بن أنس.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الطَّلَاق عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن القعْنبِي عَن مَالك. وَأخرج النَّسَائِيّ أَيْضا فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن الْقَاسِم.
قَوْله: (طلق امْرَأَته) وَهِي آمِنَة بنت غفار، بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء، قَالَه النَّوَوِيّ فِي (تهذيبه) وَقيل: بنت عمار، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم، وَوَقع فِي (مُسْند أَحْمد) أَن اسْمهَا نوار، وَيُمكن الْجمع بَينهمَا بِأَن يكون اسْمهَا: آمِنَة ونوار لقبها، وآمنة بِهَمْزَة مَفْتُوحَة ممدودة وَمِيم مَكْسُورَة وَنون، ونوار بنُون مَفْتُوحَة. قَوْله:(وَهِي حَائِض)، قيل: هَذِه جملَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، فالمطابقة بَينهمَا شَرط. وَأجِيب بِأَن الصّفة إِذا كَانَت خَاصَّة بِالنسَاء فَلَا حَاجَة إِلَيْهَا، وَفِي رِوَايَة قَاسم بن إصبغ من طَرِيق عبد الحميد بن جَعْفَر عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَنه طلق امْرَأَته وَهِي فِي دَمهَا حَائِض، وَعند الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عمر: أَنه طلق امْرَأَته فِي حَيْضهَا وَأخرج الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث من ثَمَان طرق صِحَاح. مِنْهَا: عَن نصر بن مَرْزُوق وَابْن أبي دَاوُد كِلَاهُمَا عَن عبد الله بن صَالح عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله عَن عبد الله بن عمر أخبرهُ: أَنه طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض فَذكر ذَلِك عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لتراجعها ثمَّ