الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7125 -
حدّثنا إسْماعِيلُ قَالَ: حدّثني سُلَيْمانُ بنُ بِلَالٍ قَالَ هِشامُ بنُ عُرْوَةَ: أَخْبرنِي أبي عَن عائِشَةَ، رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَسْألُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي ماتَ فِيهِ: أيْنَ أَنا غَدا؟ أيْنَ أَنا غَدا؟ يُرِيدُ يَوْمَ عائِشَةَ فأذِنَ لهُ أزْوَجُهُ يَكُونُ حيْثُ، فَكان فِي بَيْتِ عائِشَةَ حتَّى ماتَ عِنْدَها. قالَتْ عائِشَةُ، فَماتَ فِي اليَوْمِ الّذِي يَدُورُ عَليَّ فِيهِ فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ الله وإنَّ رأْسَهُ لَبَيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي، وخالَطَ رِيقُهُ رِيقِي.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَأذن لَهُ أَزوَاجه) وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس. والْحَدِيث قد مضى فِي: بَاب مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم ووفاته، بأتم مِنْهُ بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (أَيْن أَنا غَدا؟) مُكَرر مرَّتَيْنِ وَهُوَ اسْتِفْهَام للاستئذان مِنْهُنَّ أَن يكون عِنْد عَائِشَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَقد يحْتَج بِهَذَا على وجوب الْقسم عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا لَو لم يجب لم يحْتَج إِلَى الْإِذْن. قلت: لَك يكن الاسْتِئْذَان إلَاّ لتطييب قلوبهن ومراعات خواطرهن، وإلَاّ فَلَا وجوب عَلَيْهِ. قَوْله:(فِي الْيَوْم) أَي: فِي يَوْم نوبتي حِين كَانَ يَدُور فِي ذَلِك الْحساب. قَوْله: (فِيهِ) يتَعَلَّق بقوله: يَدُور، وَقَوله:(فِي بَيْتِي) يتَعَلَّق بقوله: (فَمَاتَ وَإِن رَأسه) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (سحرِي) بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْحَاء الْمُهْمَلَتَيْنِ، قَالَ الْجَوْهَرِي: هِيَ الرئة. قَوْله: (وَنَحْرِي) بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْحَاء هُوَ مَوضِع القلادة. قَوْله: (وخالط رِيقه) بِالرَّفْع فَاعل على خالط. وَقَوله: (ريقي) مَفْعُوله أَي: خالط ريق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ريقي، ذَلِك أَنَّهَا أخذت سواكا وسوته بأسنانها وأعطته رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فاستاك بِهِ عِنْد وَفَاته صلى الله عليه وسلم.
501 -
(بابُ حُبِّ الرَّجلِ بَعْضَ نِسائِهِ أفْضَلَ منْ بَعْضٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر حب الرجل بعض نِسَائِهِ حبا أفضل أَي أَزِيد حبا من حب بعض وَالْحب فِي اللُّغَة خلاف البغض، وَفِي الِاصْطِلَاح: الْحبّ ميل الْقلب وتوجهه إِلَى شَيْء وَذكره إِيَّاه فِي أَكثر أوقاته بِلِسَانِهِ وَذكره بِقَلْبِه.
8125 -
حدّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا سُلَيْمانُ عنْ يَحْيَى عنْ عُبَيْدِ بنِ حُنَيْن سمِعَ ابنَ عبَّاسٍ عنْ عُمَرَ، رضي الله عنهم، دخلَ علَى حَفصَةَ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ لَا يَغُرَّنَّكِ هاذِهِ الّتي أعْجَبَها حُسْنها حُبُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، إيَّاها يُرِيدُ عائِشَةَ، فَقَصَصْتُ علَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَتَبَسَّمَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (حب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا يَعْنِي: عَائِشَة) فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبهَا أَكثر من سَائِر نِسَائِهِ وَلَا حرج على الرجل إِذا آثر بعض نِسَائِهِ فِي الْمحبَّة إِذا سوَّى بَينهُنَّ فِي الْقسم والمحبة مِمَّا لَا تجلب بالاكتساب وَالْقلب لَا يملكهَا وَلَا يُسْتَطَاع فِيهِ الْعدْل، وَرفع الله عز وجل فِيهِ عَن عباده الْحَرج، قَالَ الله عز وجل:{لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} (الْبَقَرَة: 682) وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى العامري الأويسي الْمَدِينِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَعبيد بن حنين مولى زيد بن الْخطاب، وحنين مصغر حن بِالْحَاء الْمُهْملَة.
وَهَذَا طرف من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد مر فِي: بَاب موعظة الرجل ابْنَته وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (يَا بنية) كَذَا هُوَ فِي الْأُصُول، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو ذَر، وروى: يَا بني، مرخما وَيفتح ياؤه وَيضم قَوْله: (أعجبها حسنها حب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ويروى: وَحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ الْكرْمَانِي: حب، بِدُونِ الْوَاو إِمَّا بدل أَو عطف بِتَقْدِير حرف الْعَطف عِنْد من جوز تَقْدِيره. قلت: هَذَا بدل الْغَلَط وَلَا يَقع هَذَا فِي الْقُرْآن وَلَا فِي الحَدِيث الصَّحِيح الفصيح، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: إِن قَوْله حب، مَرْفُوع على أَنه فَاعل: أعجب، وحسنها مَنْصُوب على التَّعْلِيل، وَالتَّقْدِير: أعجبها حب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأجل حسنها.
601 -
(بابُ المُتَشَبِّعِ بِما لَمْ يَنَلْ وَمَا يُنْهَى مِنِ إضْجارِ الضَّرَّةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذمّ المتشبع بِمَا لم ينل، وَلَفظ الْبَاب مُعرب لِأَنَّهُ أضيف إِلَى المتشبع وَسَنذكر تَفْسِيره فِي الحَدِيث. قَوْله:(وَمَا ينْهَى) أَي: وَفِي بَيَان مَا ينْهَى. وَكلمَة: مَا مَصْدَرِيَّة أَي: وَفِي بَيَان النَّهْي عَن إضجار الضرة أَي إِلْحَاق الْغم والقلق إِيَّاهَا. وَفِي (الْمغرب) :
الضجر قلق من غم وضيق نفس مَعَ الْكَلَام. قَالَ الْجَوْهَرِي: ضرَّة الْمَرْأَة امْرَأَة زَوجهَا. وَقَالَ صَاحب (الْمُحكم) : الضرتان امرأتا الرجل كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ضرَّة لصاحبتها وَهن الضرائر.
9125 -
حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْب حَدثنَا حَمَّادُ بن زَيْدٍ عَن هشامٍ عنْ فاطِمَةَ عنْ أسْماءَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وحَدثني مُحَمَّد بنُ المُثَنَّى حَدثنَا يَحْياى عَن هِشامٍ حدَّثَتْنِي فاطِمَةُ عنْ أسْماءَ أنَّ امْرَأةً قالَتْ: يَا رسولَ الله {إنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَليَّ جُناحٌ إنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجي غَيْرَ الّذِي يُعْطِينِي؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبِيْ زْورٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَقَوله: (المتشبع) يَشْمَل شطري التَّرْجَمَة.
وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير، وَفَاطِمَة هِيَ بنت الْمُنْذر بن الزبير، وَأَسْمَاء هِيَ بنت أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير حَدثنَا وَكِيع وَعَبدَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن امْرَأَة قَالَ: يَا رَسُول الله} أَقُول: إِن زَوجي أَعْطَانِي مَا لم يُعْط. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: المتشبع بِمَا لم يُعْط كلابس ثوبي زور، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي (الْعِلَل) : عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: إِنَّمَا يرويهِ هَكَذَا معمر وَالْمبَارك بن فضَالة، وَالصَّحِيح: عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء. وَإِخْرَاج مُسلم حَدِيث هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة لَا يَصح، وَالصَّوَاب حَدِيث عَبدة ووكيع وَغَيرهمَا عَن هِشَام عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء. وَلما رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي (سنَنه) من حَدِيث معمر عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، قَالَ: هَذَا خطأ وَالصَّوَاب حَدِيث أَسمَاء. قلت: وَمُسلم أخرجه أَيْضا من حَدِيث هِشَام عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء، فَيحْتَمل أَن يكون كِلَاهُمَا صَحِيحَيْنِ عِنْده. ثمَّ إِن البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين أَحدهمَا: عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن هِشَام عَن حَمَّاد بن زيد عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَالْآخر: عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن هِشَام بن عُرْوَة إِلَى آخِره.
قَوْله: (إِن لي ضرَّة) وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: إِن لي جَارة، وَهِي الضرة أَيْضا. قَوْله:(جنَاح) أَي: إِثْم. قَوْله: (إِن تشبعت من زَوجي) أَي: قَالَت أَسمَاء الراوية: إِن تشبعت من زَوجي الزبير بن الْعَوام؟ كَذَا سميت الْمَرْأَة وضرتها وَبَعْضهمْ قَالَ: لم أَقف على تعْيين هَذِه الْمَرْأَة وَزوجهَا. قَوْله: (المتشبع) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المتشبع المتزين بِأَكْثَرَ مِمَّا عِنْده يتكثر بذلك ويتزين بِالْبَاطِلِ، كَالْمَرْأَةِ تكون لَهَا ضرَّة فتشبع عِنْدهَا بِمَا تدعيه من الحظوة عِنْد زَوجهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا عِنْده لَهَا تُرِيدُ بذلك غيظ صَاحبهَا وَإِدْخَال الْأَذَى عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الرجل، وَقَالَ النَّوَوِيّ: المتكثر بِمَا لَيْسَ عِنْده مَذْمُوم مثل من لبس ثوبي زور، وَقيل: هُوَ من يلبس قَمِيصًا وَاحِدًا ويصل بكميه كمين آخَرين فَيظْهر أَن عَلَيْهِ قميصين، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي (الْفَائِق) : المتشبه بالشبعان وَلَيْسَ بِهِ، واستعير للتحلي بفضيلة لم يرزقها وَشبه بلابس ثوبي زور، أَي: ذِي زور، وَهُوَ الَّذِي يزوِّر على النَّاس بأنت يتزيا بزِي أهل الصّلاح رِيَاء، وأضاف الثَّوْبَيْنِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمَا كَانَا ملبوسين لأَجله وَهُوَ المسوغ للإضافة، وَأَرَادَ أَن المتجلي كمن لبس ثَوْبَيْنِ من الزُّور، وَقد ارتدى بِأَحَدِهِمَا واتزر بِالْآخرِ. كَقَوْلِه:
(إِذا هُوَ بالمجد ارتدى وتأزّرا)
وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَعْنَاهُ الْمظهر للشبع وَهُوَ جَائِع كالمزور الْكَاذِب الملتبس بِالْبَاطِلِ، وَشبه الشِّبَع بِلبْس الثَّوْب بِجَامِع أَنَّهُمَا يغشيان الشَّخْص تَشْبِيها تَحْقِيقا أَو تخييليا، كَمَا قرر السكاكي فِي قَوْله تَعَالَى:{فأذاقها الله لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف} (النَّحْل: 211) قَالَ: وَفَائِدَة التَّشْبِيه الْمُبَالغَة إشعارا بِأَن الْإِزَار والرداء زور من رَأسه إِلَى قدمه أَو الْإِعْلَام بِأَن فِي التشبع حالتين مكروهتين: فقدان مَا تشبع بِهِ، وَإِظْهَار الْبَاطِل. وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذَا متأول على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن الثَّوْب مثل، وَمَعْنَاهُ: المتشبع بِمَا لم يُعْط صَاحب زور وَكذب، كَمَا يُقَال للرجل إِذا وصف بِالْبَرَاءَةِ من الْعُيُوب إِنَّه طَاهِر الثَّوْب نقي الجيب، وَنَحْوه من الْكَلَام، فالثوب فِي ذَلِك مثل، وَالْمرَاد بِهِ نَفسه وطهارتها. وَالثَّانِي: أَن يُرَاد بِهِ نفس الثَّوْب، قَالُوا: كَانَ فِي الْحَيّ رجل لَهُ حَبَّة حَسَنَة، فَإِذا احتاجوا إِلَى شَهَادَة الزُّور فَيشْهد لَهُم، فيُقبل لنبله وَحسن ثَوْبه، وَقَالَ ابْن التِّين: مَعْنَاهُ أَن الْمَرْأَة تلبس ثوب وَدِيعَة أَو عَارِية ليظن النَّاس أَنَّهُمَا لَهَا، فلباسها لَا يَدُوم وتفتضح بكذبها. وَقَالَ الدَّاودِيّ: إِنَّمَا كره ذَلِك لِأَنَّهَا تدخل