الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَرّ وَالنّصب، وَقَالَ الْكرْمَانِي. فَإِن قلت: كَيفَ كَانَ ذَلِك؟ قلت: إِن كَانَ الأول كَافِرًا فوجهه ظَاهر. وإلَاّ فَيكون ذَلِك مَعْلُوما لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْوَحْي، وَقَالَ بَعضهم: يعرف المُرَاد من الطَّرِيق الْأُخْرَى الَّتِي ستأتي فِي الرقَاق بِلَفْظ: قَالَ رجل من أَشْرَاف النَّاس: هَذَا وَالله حري إِلَخ قلت: فِي كل من كلاميهما نظر، أما كَلَام الْكرْمَانِي فَقَوله: بِالْوَحْي، لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ قَالَ: مر رجل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَقد شَاهده وعرفه أَنه مُسلم أَو كَافِر، وَالظَّاهِر أَنه مُسلم كَانَ شريفا بَين قومه وَلَكِن المارّ الثَّانِي إِن كَانَ كَمَا قيل: إِنَّه جعيل بن سراقَة، وَهُوَ من أَصْحَابه من خِيَار عباد الله الصَّالِحين، وَأما قَول بَعضهم: فَأنْزل، من كَلَام الْكرْمَانِي على مَا لَا يخفي على المتأمل.
61 -
(بابُ الأكْفاءِ فِي المَالِ وتزْويجِ المُقِلِّ المُثْرِيَةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْأَكفاء فِي المَال فَهَذَا بَاب مُخْتَلف فِيهِ عِنْد من يشْتَرط الْكَفَاءَة، وَالْأَشْهر عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنه لَا يعْتَبر. وَنقل صَاحب الإفصاح عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: الْكَفَاءَة فِي الدّين وَالْمَال وَالنّسب، وَجزم بِاعْتِبَارِهِ أَبُو الطّيب والصيمري وَجَمَاعَة واعتبره الْمَاوَرْدِيّ فِي أهل الْأَمْصَار، وَخص الْخلاف بِأَهْل الْبَوَادِي والقرى المتفاخرين بِالنّسَبِ دون المَال. قَوْله:(وتزويج) أَي: وَفِي بَيَان تَزْوِيج (الْمقل) بِضَم الْمِيم وَكسر الْقَاف وَتَشْديد اللَّام وَهُوَ الْفَقِير المفتقر، وَلَفظ تَزْوِيج مصدر مُضَاف إِلَى فَاعله وَقَوله:(المثرية) بِالنّصب مَفْعُوله، وَهُوَ بِضَم الْمِيم وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الرَّاء وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهِي الْمَرْأَة الَّتِي لَهَا ثراة بِفَتْح أَوله وبالمد، وَهُوَ الْغنى، وحاصلة تَزْوِيج الْفَقِير الغنية.
2905 -
حدَّثني يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حَدثنَا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ: أخبرَني عُرْوَةُ أنّهُ سألَ عائِشَةَ، رضي الله عنها، { (4) وَإِن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} (النِّسَاء: 3) قالَتْ: يَا ابْنَ أخْتي: هاذِهِ اليَتِيمَةُ تكُونُ فِي حَجْرِ ولِيِّها فيَرْغبُ فِي جَمَالِها ومالِها ويُرِيدُ أنْ يَنْتَقِصَ صَدَاقَها، فنُهُوا عَنْ نِكاحِهِنَّ إلَاّ أنْ يُقْسِطُوا فِي إكمالِ الصَّدَاقِ، وأُمِرُوا بنِكاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ. قالَتْ: واسْتَفْتَى النَّاسُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، بَعْدَ ذالِكَ فأنْزَلَ الله:{ (4) ويستفتونك فِي النِّسَاء} (النِّسَاء: 721) إِلَى { (4) وترغبون أَن تنكحوهن} (النِّسَاء: 721) فأنْزَلَ الله لهُمْ. أنَّ اليَتِيمَةَ إذَا كانَتْ ذاتَ جَمالٍ ومالٍ رَغِبُوا فِي نِكاحِها ونَسَبِها فِي إكْمال الصَّدَاقِ، وَإِذا كانَتْ مَرْغُوبَةً عنْها فِي قِلَّةِ المَالِ والجَمالِ ترَكُوها وأخذُوا غيْرَها منَ النِّساءِ، قالَتْ: فكَما تَتْرُكُونَها حِينَ يرْغَبُونَ عنْها فلَيْسَ لَهمْ أنْ يَنْكِحُوها إِذا رَغِبُوا فِيها إلَاّ أنْ يُقْسِطُوا لَها ويُعْطُوها حقَها الأوْفَى فِي الصَّدَاقِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الرجل إِذا كَانَ ولي الْيَتِيمَة الغنية وَهُوَ فَقير يجوز لَهُ أَن يَتَزَوَّجهَا إِذا أقسط فِي صَدَاقهَا وَعدل، فصح أَن اكفاءة مُعْتَبرَة فِي المَال. والْحَدِيث قد مر فِي تَفْسِير سُورَة النِّسَاء، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
(وَالْحجر) بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا، وَرغب فِيهَا: إِذا مَال إِلَيْهَا، وَرغب عَنْهَا: إِذا أعرض عَنْهَا وَلم يردهَا.
71 -
(بابُ مَا يُتَّقَى منْ شُؤْمِ المَرْأَةِ وقَوْلهِ تَعَالَى: { (64) إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم} (التغابن:
41)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يَتَّقِي، أَي: مَا يحْتَسب من شُؤْم الْمَرْأَة، وَالْوَاو فِيهِ فِي الأَصْل همزَة وَلَكِن هجر الأَصْل حَتَّى لم ينْطق بهَا مَهْمُوزَة، يُقَال: تشاءمت بالشَّيْء وشأمت بِهِ شؤما وَهُوَ ضد الْيمن، وشؤم الْمَرْأَة أت لَا تَلد، وَيُقَال: شُؤْم المرألا عقرهَا وَغَلَاء مهرهَا وَسُوء خلقهَا. قَوْله: (وَقَوله تَعَالَى) إِلَخ ذكره إِشَارَة إِلَى أَن اخْتِصَاص الشؤم بِبَعْض النِّسَاء دون بعض دلّ عَلَيْهِ كلمة: من فِي قَوْله: {إِن من أزواجكم} (التغابن: 41) لِأَن من هُنَا، للتَّبْعِيض.
3905 -
حدَّثنا إسْماعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ حَمْزَةَ وسالِمٍ ابْنَيْ عبْدِ الله بنِ
عُمَرَ عنْ عَبْدَ الله بنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ والدَّارِ والفَرَسِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس عبد الله ابْن أُخْت مَالك بن أنس والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْجِهَاد فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ فِي: بَاب مَا يذكر من شُؤْم الْفرس عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم بن عبد الله: أَن عبد الله بن عمر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِنَّمَا الشؤم فِي ثَلَاثَة: الْفرس وَالْمَرْأَة وَالدَّار، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وشؤم الدَّار ضيقها وَسُوء جارها، وشؤم الْفرس أَن لَا يُغزى عَلَيْهَا وجماحها وَنَحْوه.
4905 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مِنْهالٍ حَدثنَا يزِيدُ بنُ زخرَيْعٍ حَدثنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَسْقَلانِيُّ عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنْ كانَ الشُّؤمُ فِي شَيْء ففِي الدَّارِ والمَرْأَةِ والفَرَسِ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن مُحَمَّد بن منهال الْبَصْرِيّ عَن يزِيد بن زُرَيْع، بِضَم الزَّاي، عَن عمر بن مُحَمَّد الْعَسْقَلَانِي عَن أَبِيه مُحَمَّد بن زيد عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب.
5905 -
حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخْبَرنا مالِكُ عنْ أبي حازِم عنْ سَهْلِ بنِ سعْدٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنْ كانَ فِي شَيْء ففِي الفَرَسِ والمَرْأةِ والمَسْكَنِ.
(انْظُر الحَدِيث 9582) .
أَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سَلمَة بن دِينَار الْأَعْرَج.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الطِّبّ عَن القعْنبِي. وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الطِّبّ عَن القعْنبِي. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي النِّكَاح عَن عبد السَّلَام عَن عَاصِم.
قَوْله: (إِن كَانَ فِي شَيْء) أَي: إِن كَانَ الشؤم فِي شَيْء، وَفِي رِوَايَة مُسلم: إِن كَانَ فَفِي الْمَرْأَة وَالْفرس والمسكن، يَعْنِي: الشؤم، وَفِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث أبي الزبير أَنه سمع جَابر بن عبد الله يخبر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن كَانَ فِي شَيْء فَفِي الرّبع وَالْخَادِم وَالْفرس، وَرُوِيَ أَحْمد وَالْحَاكِم وَابْن حبَان من حَدِيث سعد مَرْفُوعا: من سَعَادَة ابْن آدم ثَلَاثَة: الْمَرْأَة الصَّالِحَة والمسكن الصَّالح والمركب الصَّالح، وَمن شقاوة ابْن آدم ثَلَاثَة: الْمَرْأَة السوء والمسكن السوء والمركب السوء وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان: الْمركب الهني والمسكن الْوَاسِع، وَفِي رِوَايَة للْحَاكِم: وَثَلَاث من الشَّقَاء: الْمَرْأَة ترَاهَا وتسوؤك وَتحمل لسانها عَلَيْك، وَالدَّابَّة تكون قطوفا فَإِن ضربتها أتعبتك وَإِن تركتهَا لم تلْحق أَصْحَابك، وَالدَّار تكون ضيقَة قَليلَة الْمرَافِق. وَرُوِيَ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أَسمَاء: أَن من شقاء الْمَرْء فِي الدُّنْيَا: سوء الدَّار وَالْمَرْأَة وَالدَّابَّة، وَفِيه: سوء الدَّار ضيق ساحتها وخبث جِيرَانهَا، وَسُوء الدَّابَّة منعهَا ظهرهَا وَسُوء ضلعها، وَسُوء الْمَرْأَة عقم رَحمهَا وَسُوء خلقهَا.
6905 -
حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ سُلَيْمانَ التَّيْمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمانَ النَّهْدِي عنْ أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ، رضي الله عنها، عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا ترَكْتُ بعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الشؤم أَشد مِنْهُنَّ. وَلِهَذَا ذكره بعد حَدِيثي ابْن عَمْرو سهل بن سعد، وفتنتهن أَشد الْفِتَن وَأَعْظَمهَا، وَيشْهد لَهُ قَوْله عز وجل:{زين للنَّاس حب الشَّهَوَات من النِّسَاء} (آل عمرَان: 41) فقدمهن على جَمِيع الشَّهَوَات لِأَن المحنة بِهن أعظم المحن على قدر الْفِتْنَة بِهن، وَقد أخبر الله عز وجل أَن مِنْهُنَّ لنا أَعدَاء فَقَالَ:{إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم فاحذروهم} (التغابن: 41) ويروي، أَن الله عز وجل لما خلق الْمَرْأَة فَرح الشَّيْطَان فَرحا شَدِيدا، وَقَالَ: هَذِه حبالتي الَّتِي لَا تكَاد يخطيني من نصبتها لَهُ، وَجَاء فِي الحَدِيث النِّسَاء حبائل الشَّيْطَان، وَرُوِيَ: استعيذوا من شرار النِّسَاء وَكُونُوا من خيارهن على حذر، وَقَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: أوثق سلَاح إِبْلِيس النِّسَاء.
وَسليمَان التَّيْمِيّ هُوَ سُلَيْمَان بن طرخان أَبُو الْمُعْتَمِر التَّيْمِيّ الْبَصْرِيّ، وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْهَاء. وبالدال الْمُهْملَة.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي آخر الدَّعْوَات عَن سعيد بن مَنْصُور وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.