الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْضا على أَنه ورد أَحَادِيث كَثِيرَة فِي هَذَا الْبَاب فَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا: (أعْطوا أعينكُم حظها من الْعِبَادَة، قَالُوا: يَا رَسُول الله! وَمَا حظها من الْعِبَادَة؟ قَالَ: النّظر فِي الْمُصحف والتفكر فِيهِ وَالِاعْتِبَار عِنْد عجائبه) : وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو عبيد فِي فَضَائِل الْقُرْآن من طَرِيق عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن بعض أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَفعه قَالَ: (فضل قِرَاءَة الْقُرْآن نظرا على من يقرأه ظهرا كفضل الْفَرِيضَة على النَّافِلَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف، وَمن طَرِيق ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا:(أديموا النّظر فِي الْمُصحف) ، وَإِسْنَاده صَحِيح، وَقَالَ يزِيد بن حبيب:(من قَرَأَ الْقُرْآن فِي الْمُصحف خفف عَن وَالِديهِ الْعَذَاب وَإِن كَانَا كَافِرين) . رَوَاهُ ابْن وضاح.
قَوْله: (فَصَعدَ النّظر إِلَيْهَا) بتَشْديد الْعين أَي: رفع. قَوْله: (وَصَوَّبَهُ)، أَي: خفضه، وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: يحْتَمل أَن ذَلِك كَانَ قبل الْحجاب، وَيحْتَمل أَن يكون بعده وَهِي متلففة، وَأي ذَلِك فَإِنَّهُ يدْخل فِي بَاب نظر الرجل الْمَرْأَة المخطوبة. قَوْله:(ثمَّ طأطأ رَأسه) أَي: خفضه. قَوْله: (قَالَ سهل: مَاله رِدَاء فلهَا نصفه) ، مدرج من كَلَام سهل يُرِيد بِهِ أَن إزَاره يكون بَينهمَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:(مَا تصنع بإزارك إِن لبسته لم يكن عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْء وَإِن لبسته) أَي الْمَرْأَة إِن لبست الْإِزَار (لم يكن عَلَيْك شَيْء) إِنَّمَا قَالَ ذَلِك حِين أَرَادَ الرجل قطعه ويعطيها نصفه. قَوْله: (فَرَآهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم موليا) أَي: مُدبرا ذَاهِبًا معرضًا. قَوْله: (فدعي)، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(عَن ظهر قَلْبك)، أَي: من حفظك لامن النّظر، وَلَفظ: الظّهْر، مقحم أَو بِمَعْنى الِاسْتِظْهَار. قَوْله:(ملكتكها) ويروى: (ملكتها) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذِه الرِّوَايَة وهم وَالصَّوَاب رِوَايَة من رُوِيَ: (زوجتكها) . وَقَالَ النَّوَوِيّ: يحْتَمل أَن يكون جرى لفظ التَّزْوِيج أَولا فملكها ثمَّ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فقد ملكتها بِالتَّزْوِيجِ السَّابِق فَلَيْسَ بوهم.
وَفِيه: جَوَاز الْحلف بِغَيْر الِاسْتِحْلَاف، وتزويج الْعسر، وَجَوَاز النّظر إِلَى امْرَأَة يُرِيد أَن يَتَزَوَّجهَا.
32 -
(بابُ اسْتِذْكارِ القُرْآنِ وتعَاهُدِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان استذكار الْقُرْآن، أَي: طلب ذكر بِضَم الذَّال. قَوْله: (وتعاهده) أَي: تَجْدِيد يَد الْعَهْد بملازمته الْقِرَاءَة وَتَحفظه وَترك الكسل عَن تكراره.
1305 -
حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرَنا مالِكٌ عنْ نافِعٍ عنِ ابْن عُمرَ، رضي الله عنهما، أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنما مثَلُ صاحِبِ القُرْآنِ كمَثَلِ صاحِبِ الإبِلِ المُعَقَّلةِ إِن عاهدها أمْسَكها وإِنْ أطْلَقَها ذَهَبتْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْفَضَائِل وَالصَّلَاة.
قَوْله: (المعقلة)، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْقَاف أَي: المشدودة وبالعقال بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْحَبل الَّذِي يشد بِهِ ركبة الْبَعِير، شبَّه درس الْقُرْآن واستمرار تِلَاوَته بربط الْبَعِير الَّذِي يخْشَى مِنْهُ الهروب، فَمَا دَامَ التعاهد مَوْجُودا فالحفظ مَوْجُود، كَمَا أَن الْبَعِير مَا دَامَ مشدودا بالعق ال فَهُوَ مَحْفُوظ، وَخص الْإِبِل بِالذكر لِأَنَّهُ أَشد الْحَيَوَان الأنسي نفورا، وَفِي تَحْصِيلهَا بعد استمكان نفورها صعوبة. قَوْله:(ذهبت)، أَي: انفلتت.
2305 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ منْصُور عنْ أبي وائِلٍ عنْ عبْدِ الله قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: بِئْسَ مَا لِأحَدِهِمْ أنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيةَ كيْتَ وكَيْتَ، بَلْ نُسِّيَ، واستَذْكِرُوا القُرْآنِ فإِنهُ أشَدُّ تَفَصِّيا مِنْ صُدُورِ الرِّجالِ منَ النَّعَمِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (استذكروا الْقُرْآن) وَمُحَمّد بن عرْعرة، بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ وَإِسْكَان الرَّاء الأولى: النَّاجِي الشَّامي الْبَصْرِيّ الْقرشِي أَبُو عبد الله، وَيُقَال: أَبُو إِبْرَاهِيم، رُوِيَ مُسلم عَنهُ بِوَاسِطَة، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْقرَاءَات
عَن مَحْمُود بن غيلَان. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور وَغَيره.
قَوْله: (بئس)، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: بِئس أُخْت نِعم، الأولى للذم وَالْأُخْرَى للمدح، وهما فعلان غير متصرفين يرفعان الْفَاعِل ظَاهرا أَو مضمرا إلَاّ أَنه إِذا كَانَ ظَاهرا لم يكن فِي الْأَمر الْعَام إلَاّ بِالْألف وَاللَّام للْجِنْس أَو يُضَاف إِلَى مَا هما فِيهِ حَتَّى يشْتَمل على الْمَوْصُوف بِأَحَدِهِمَا، وَلَا بُد من ذكره تعيينا كَقَوْلِه: نعم الرجل زيد، وَبئسَ الرجل عَمْرو، فَإِن كَانَ الْفَاعِل مضمرا فَلَا بُد من ذكر اسْم نكرَة ينصب على التَّفْسِير للمضمر كَقَوْلِك: نعم رجلا زيد، وَقد يكون هَذَا التَّفْسِير مَا على نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث، وكما فِي قَوْله: فَنعما هِيَ: وَمَا، نكرَة مَوْصُوفَة. قَوْله:(أَن يَقُول) مَخْصُوص بالذم أَي: بئس شَيْئا كَائِنا أحدهم. يَقُول قَوْله: (نسيت)، بِفَتْح النُّون وَتَخْفِيف السِّين اتِّفَاقًا. قَوْله:(كَيْت وَكَيْت) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَيْت وَكَيْت، يعبر بهما عَن الْجمل الْكَثِيرَة، والْحَدِيث الطَّوِيل، وَمثلهَا: ذيت وذيت، وَقَالَ ثَعْلَب: كَيْت للأفعال، وذيت للأسماء، وَحكى ابْن التِّين عَن الدَّاودِيّ أَن هَذِه الْكَلِمَة مثل: كَذَا إلَاّ بالمؤنث، وَزعم أَبُو السعادات أَن أَصْلهَا: كيه، بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّاء فِيهَا بدل من إِحْدَى الياءين وَالْهَاء الَّتِي فِي الأَصْل محذوفة وَقد تضم التَّاء وتكسر. قَوْله:(بل نُسي) بِضَم النُّون وَكسر السِّين الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: رَوَاهُ بعض رُوَاة مُسلم بِالتَّخْفِيفِ، وَقَالَ عِيَاض: كَانَ أَبُو الْوَلِيد الوقشي لَا يجوز فِي هَذَا غير التَّخْفِيف، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: التثقيل مَعْنَاهُ أَنه عُوقِبَ بِوُقُوع النسْيَان عَلَيْهِ لتَفْرِيطه فِي معاهدته واستذكاره، قَالَ: وَمعنى التَّخْفِيف أَن الرجل تَركه غير ملتفت إِلَيْهِ، وَالْحَاصِل أَن الذَّم فِيهِ يرجع إِلَى الْمقَال فنهي أَن يُقَال: نسيت آيَة كَذَا إِلَّا أَنه يتَضَمَّن التساهل فِيهِ والتغافل عَنهُ وَهُوَ كَرَاهَة تَنْزِيه، وَقَالَ القَاضِي: الأولى أَن يُقَال: إِنَّه ذمّ الْحَال لَازم الْمقَال، أَي: بئس حَال من حفظ الْقُرْآن فيغفل عَنهُ حَتَّى نَسيَه، وَقَالَ الْخطابِيّ: بئس، يَعْنِي: عُوقِبَ بِالنِّسْيَانِ على ذَنْب كَانَ مِنْهُ أَو على سوء تعهده بِالْقُرْآنِ حَتَّى نَسيَه، وَقد يحْتَمل معنى آخر وَهُوَ أَن يكون ذَلِك فِي زَمَنه صلى الله عليه وسلم حِين النّسخ وَسُقُوط الْحِفْظ عَنْهُم. فَيَقُول الْقَائِل مِنْهُم: نسيت كَذَا، فنهاهم عَن هَذَا القَوْل لِئَلَّا يتوهموا على مُحكم الْقُرْآن الضّيَاع، فأعلمهم أَن ذَلِك بِإِذن الله، وَلما رَآهُ من الْمصلحَة فِي نسخه، وَمن أضَاف النسْيَان إِلَى الله تَعَالَى فَإِنَّهُ خالقه وخالق الْأَفْعَال كلهَا، وَمن نسبه إِلَى نَفسه فَلِأَن النسْيَان فعل مِنْهُ يُضَاف إِلَيْهِ من جِهَة الِاكْتِسَاب وَالتَّصَرُّف. وَمن نسب ذَلِك إِلَى الشَّيْطَان. كَمَا قَالَ يُوشَع بن نون، عليه السلام {وَمَا أنسانيه إلَاّ الشَّيْطَان} (الْكَهْف: 36) فَلَمَّا جعل الله لَهُ من الوسوسة، فَلِكُل إِضَافَة مِنْهَا وَجه صَحِيح. قَوْله:(واستذكروا الْقُرْآن) . أَي: واظبوا على تِلَاوَته واطلبوا من أَنفسكُم المذاكره بِهِ، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: وَهُوَ عطف من حَيْثُ الْمَعْنى على قَوْله: بئس مَا لأحدكم أَي لَا تقتصروا فِي معاهدته واستذكروه. قَوْله: (تفيصا)، بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الصَّاد الْمَكْسُورَة بعْدهَا الْيَاء آخر الْحُرُوف. هُوَ الِانْفِصَال والانفلات والتخلص. يُقَال تفصيت كَذَا أَي: أحطت بتفاصيله، وَالِاسْم الفصة. قَوْله:(من النعم) وَهِي الْإِبِل وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه.
52 -
(حَدثنَا عُثْمَان حَدثنَا جرير عَن مَنْصُور مثله) عُثْمَان هُوَ ابْن أبي شيبَة وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ الْمَذْكُور فِي الْإِسْنَاد الَّذِي قبله وَهَذَا الطَّرِيق ثَبت عِنْد الْكشميهني وَحده وَثَبت أَيْضا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَقد أخرجه مُسلم عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة مَقْرُونا بإسحق بن رَاهَوَيْه وَزُهَيْر بن حَرْب ثَلَاثَتهمْ عَن جرير وَلَفظه مسَاوٍ للفظ شُعْبَة الْمَذْكُور إِلَّا أَنه قَالَ استذكروا بِغَيْر وَاو وَقَالَ فَهُوَ أَشد بدل قَوْله فَإِنَّهُ وَزَاد بعد قَوْله من النعم بعقلها قَوْله " مثله " أَي مثل الحَدِيث الَّذِي قبله
(تَابعه بشر عَن ابْن الْمُبَارك عَن شُعْبَة وَتَابعه ابْن جريج عَن عَبدة عَن شَقِيق سَمِعت عبد الله سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -) أَي تَابع مُحَمَّد بن عرْعرة بشر بن عبد الله الْمروزِي شيخ البُخَارِيّ عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن شُعْبَة وَلَيْسَ بشر وَابْن الْمُبَارك بمنفردين فِي هَذِه الْمُتَابَعَة فَإِن الْإِسْمَاعِيلِيّ روى هَذِه الْمُتَابَعَة عَن الْفرْيَابِيّ حَدثنَا مُزَاحم بن سعيد حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك حَدثنَا شُعْبَة قَوْله " وَتَابعه ابْن جريج " أَي تَابع مُحَمَّد بن عرْعرة عبد الْملك بن