الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ ابْن بطال: فِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز تحريق الْكتب الَّتِي فِيهَا اسْم الله، عز وجل، بالنَّار وَإِن ذَلِك إكرام لَهَا وصون عَن وَطئهَا بالأقدام، وَقيل: هَذَا كَانَ فِي ذَلِك الْوَقْت، وَأما الْآن فالغسل إِذا دعت الْحَاجة إِلَى إِزَالَته، وَقَالَ أَصْحَابنَا الحنيفة: إِن الْمُصحف إِذا بلي بِحَيْثُ لَا ينْتَفع بِهِ يدْفن فِي مَكَان طَاهِر بعيد عَن وَطْء النَّاس.
8894 -
حدَّثنا قَالَ ابنُ شِهاب: وَأَخْبرنِي خارِجَةُ بنُ زَيْدٍ بنِ ثابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بنَ قابِتٍ، قَالَ: فقَدْتُ آيَة مِنَ الأحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا المُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أسْمَعُ رسولَ لله صلى الله عليه وسلم، يَقْرَأُ بِهَا، فالْتَمَسْناها فَوَجَدْناها مَعَ خُزَيمَةَ بن ثابِتٍ الأنْصارِيِّ { (33) من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} (الْأَحْزَاب: 32) فأَلْحقْناها فِي سُوْرَتِها فِي المُصْحفِ..
هَذَا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الأول، وَذكره البُخَارِيّ مَوْصُولا مُفردا فِي الْجِهَاد وَفِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب وَرَوَاهُ أَيْضا فِي الْأَحْكَام عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ كَمَا رَوَاهُ هُنَا، وَظَاهر حَدِيث زيد بن ثَابت هَذَا أَنه فقد آيَة الْأَحْزَاب من الصُّحُف الَّتِي كَانَ نسخهَا فِي خلَافَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَتَّى وجدهَا مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَوَقع فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مجمع عَن ابْن شهَاب أَن فَقده إِيَّاهَا إِنَّمَا كَانَ خلَافَة أبي بكر، وَهُوَ وهم مِنْهُ، وَالصَّحِيح مَا فِي الصَّحِيح وَأَن الَّذِي فَقده فِي خلَافَة أبي بكر آيتان من آخر بَرَاءَة، وَأما الَّتِي فِي الْأَحْزَاب ففقدها لما كتب الْمُصحف فِي خلَافَة عُثْمَان، وَجزم ابْن كثير بِمَا وَقع فِي رِوَايَة ابْن مجمع، وَلَيْسَ كَذَلِك وَالله أعلم. قيل: كَيفَ ألحقها بالمصحف وَشرط الْقُرْآن التَّوَاتُر؟ وَأجِيب بِأَنَّهُ كَانَت مسموعة عِنْدهم من فَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وسورتها وموضعها مَعْلُومَة لَهُم ففقدوا كتَابَتهَا. قيل: لما كَانَ الْقُرْآن متواترا فَمَا هَذَا التتبع وَالنَّظَر فِي العسب؟ وَأجِيب للاستظهار، وَقد كتبت بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وليعلم هَل فِيهَا قِرَاءَة لغير قِرَاءَته من وجوهها أم لَا قيل: شَرط الْقُرْآن كَونه متواترا فَكيف أثبت فِيهِ مَا لم يجده مَعَ أحد غَيره؟ وَأجِيب: بِأَن مَعْنَاهُ لم يجده مَكْتُوبًا عِنْد غَيره، وَأَيْضًا لَا يلْزم من عدم وجدانه أَن لَا يكون متواترا وَأَن لَا يجد غَيره، أَو الْحفاظ نسوها ثمَّ تذكروها.
4 -
(بابُ كاتِبِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَاتب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَفِي بعض النّسخ: بَاب ذكر كَاتب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَكَأَنَّهُ وَقع عِنْد الْبَعْض: بَاب كتَّاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْجمعِ، وَقد ترْجم: كتاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يذكر إلَاّ زيد بن ثَابت، وَهَذَا عَجِيب، فَكَأَنَّهُ لم يَقع لَهُ على شَرط غير هَذَا فَإِن صَحَّ ذكر التَّرْجَمَة بِالْجمعِ فَكَلَامه موجه وإلاّ فَلَيْسَ بِذَاكَ، وكتّاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَثِيرُونَ غير وَيَد بن ثَابت لِأَنَّهُ أسلم بعد الْهِجْرَة وَكَانَ لَهُ كتَّاب بِمَكَّة، فَأول من كتب لَهُ بِمَكَّة من قُرَيْش عبد الله بن أبي سرح ثمَّ ارْتَدَّ ثمَّ عَاد إِلَى الْإِسْلَام يَوْم الْفَتْح، وَكتب لَهُ فِي الْجُمْلَة الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وخَالِد وَأَبَان ابْنا سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة وحَنْظَلَة بن الرّبيع الْأَسدي ومعيقيب بن أبي فَاطِمَة وَعبد الله بن الأرقم الزُّهْرِيّ وشرحبيل بن حَسَنَة وَعبد الله بن رَوَاحَة، وَأول من كتب بِالْمَدِينَةِ أبي بن كَعْب، كتب لَهُ قبل زيد بن ثَابت وَجَمَاعَة آخَرُونَ كتبُوا لَهُ.
9894 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حَدثنَا اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عَن ابنِ شهَاب: أنَّ ابنَ السَّبَّاقِ قَالَ: إنَّ زَيْدَ بنَ ثابِتٍ قَالَ: أرْسَلَ إلَيَّ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، قَالَ: إنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فاتَّبعِ القُرْآنَ فَتَبَّعْتُ حتَّى وجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ أبي خُزَيْمَةَ الأنْصارِيِّ لمْ أجِدْهُما مَعَ أَحَدٍ غَيْرهُ: { (9) لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} (التَّوْبَة: 821) إِلَى آخرِهِا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِنَّك كنت تكْتب الْوَحْي لرَسُول صلى الله عليه وسلم وَابْن السباق هُوَ عبيد، وَقد مر الحَدِيث فِي الْبَاب الَّذِي قبله، وَهَذَا طرف مِنْهُ.