الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَي: وَلَا أَظُنهُ (إلَاّ حضر أَجلي) ويروى: إلَاّ حُضُور أَجلي.
8994 -
حدَّثنا خالِدُ بنُ يزِيدَ حَدثنَا أبُو بَكْرٍ عنْ أبي حُصَيْنٍ عنْ أبي صالِحٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: كانَ يَعْرِضُ علَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم القُرْآنَ كُلَّ عامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ علَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعامِ الَّذِي قُبِضَ فيهِ، وكانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عامٍ عَشْرا، فاعْتَكَفَ عشْرِينَ فِي الْعامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ.
(انْظُر الحَدِيث 4402) .
مطابقتة للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن معنى قَوْله: (كَانَ يعرض) أَي: جِبْرِيل فطوى ذكره وَقد صرح بِهِ إِسْرَائِيل فِي رِوَايَته عَن أبي حُصَيْن أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَرُوِيَ: كَانَ يعرض، على صِيغَة، الْمَجْهُول أَي: الْقُرْآن وَأخرج هَذَا الحَدِيث عَن خَالِد ابْن يزِيد الْكَاهِلِي عَن أبي بكر بن عَيَّاش، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف والشين الْمُعْجَمَة، عَن أبي حُصَيْن بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة عُثْمَان بن عَاصِم عَن أبي صَالح ذكْوَان السمان.
فِي هَذَا الْإِسْنَاد من اللطافة أَنه مسلسل بالكنى إِلَّا شَيْخه.
والْحَدِيث مضى فِي الِاعْتِكَاف عَن عبد الله بن أبي شيبَة.
قَوْله: (يعرض عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْقُرْآن، وَسقط لفظ: الْقُرْآن، لغير الْكشميهني.
8 -
(بابُ القُرَّاءِ مِنْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من اشْتهر بِالْحِفْظِ من الْقُرَّاء من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وهم الَّذين تصدوا للتعليم.
9994 -
حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ عُمْرٍ وعنْ إبْرَاهِيمَ عنْ مَسْرُوقٍ ذَكَرَ عبْدُ الله ابنُ عمْرٍ وعبْدَ الله بنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لَا أزالُ أُحِبُّهُ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، يقُولُ: خُذُوا القُرْآنَ مِنْ أرْبعَةٍ: منْ عبْدِ الله بنِ مسْعُودٍ وسالِمٍ ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ وأُبَيِّ بنِ كَعْب رضي الله عنهم..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعَمْرو هُوَ ابْن مرّة، وَبَينه البُخَارِيّ فِي المتاقب من هَذَا الْوَجْه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ عَمْرو أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، وَهُوَ وهم مِنْهُ وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَمضى الحَدِيث فِي مَنَاقِب سَالم.
قَوْله: (ذكر)، على صِيغَة الْمَعْلُوم وفاعله:(عبدُ الله بن عَمْرو) ومفعوله: (وعبدَ الله بن مَسْعُود) قَوْله: (فَقَالَ)، أَي: عبد الله بن عَمْرو: (لَا أَزَال أحبه)، أَي: أحب عبد الله بن مَسْعُود.
قَوْله: (خُذُوا الْقُرْآن)، أَي: تعلموه مِنْهُم. قَوْله: (من عبد الله بن مَسْعُود) إِلَى آخِره. تَفْسِير الْأَرْبَعَة مِنْهُم: سَالم بن معقل، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف، مولى أبي حُذَيْفَة، وَتَخْصِيص الْأَرْبَعَة لكَوْنهم تفرغوا للأخذ مِنْهُ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَنه صلى الله عليه وسلم أَرَادَ الْإِعْلَام بِمَا يكون بعده، أَي: أَن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة يبقون حَتَّى ينفردوا بذلك، وَورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُم لم ينفردوا
بل الَّذين مهروا فِي تجويد الْقُرْآن بعد الْعَصْر النَّبَوِيّ أَضْعَاف الْمَذْكُورين، وَقد قتل سَالم بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي وقْعَة الْيَمَامَة، وَمَات معَاذ بن جبل فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمَات أبي بن كَعْب وَابْن مَسْعُود فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد تَأَخّر زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وانتهت إِلَيْهِ الرياسة فِي الْقِرَاءَة، وعاش بعدهمْ زَمَانا طَويلا وَقَالَ أَبُو عمر: اخْتلفُوا فِي وَقت وَفَاته فَقيل: سنة خمس وَأَرْبَعين، قيل: سنة إِحْدَى أَو اثْنَيْنِ وَخمسين، وَصلى عَلَيْهِ مَرْوَان.
0005 -
حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ حَدثنَا أبي الأعْمَشُ حَدثنَا شقيقُ بنُ سَلَمَةَ، قَالَ: خطَبنَا عبْدُ الله بن مَسْعُودٍ فَقَالَ: وَالله! لقَدْ أخَذْتُ منْ فِيِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بِضْعا وسَبْعِينَ سورَةَ، وَالله لَقَدْ عَلِمَ أصْحَابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنِّي مِنْ أعْلَمِهِمْ بِكتابِ الله وَمَا أَنا يِخَيْرِهِمْ.
قَالَ شَقيقٌ: فجَلَسْتُ فِي الحِلَقِ أسْمَعُ مَا يَقُولُونَ، فَمَا سمِعْتُ رَدّا يَقُولُ غَيْرَ ذالِكَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من ظَاهر الحَدِيث، أخرجه عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش إِلَخ وَحكي الجياني أَنه وَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ عَن الْجِرْجَانِيّ: حَدثنَا حَفْص بن عمر حَدثنَا أبي وَهُوَ خطأ مقلوب وَلَيْسَ لحفص بن عمر أَب يروي عَنهُ فِي الصَّحِيح، وَإِنَّمَا هُوَ عمر بن حَفْص بن غياث، بالغين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بِهِ. وَفِي الزِّينَة عَن إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب.
قَوْله: (من فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَي: من فَمه. قَوْله: (بضعا) بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع. قَوْله: (إِنِّي من أعلمهم بِكِتَاب الله) ، وَوَقع فِي رِوَايَة عَبدة وَابْن شهَاب جَمِيعًا عَن الْأَعْمَش، أَنِّي أعلمهم بِكِتَاب الله، بِحَذْف من وَزَاد: وَلَو أعلم أَن أحدا أعلم مني فرحلت إِلَيْهِ، وَفِيه: جَوَاز ذكر الْإِنْسَان نَفسه بالفضيلة للْحَاجة، وَإِنَّمَا النَّهْي عَن التَّزْكِيَة فَإِنَّمَا هُوَ لمن مدحها للفخر والإعجاب. قَوْله:(وَمَا أَنا بخيرهم)، يَعْنِي: مَا أَنا بأفضلهم، إِذْ الْعشْرَة المبشرة أفضل مِنْهُ بالِاتِّفَاقِ، وَفِيه أَن زِيَادَة الْعلم لَا توجب الْأَفْضَلِيَّة، لِأَن كَثْرَة الثَّوَاب لَهَا أَسبَاب أخر من التَّقْوَى وَالْإِخْلَاص وأعلاء كلمة الله وَغَيرهَا مَعَ أَن الأعلمية بِكِتَاب الله لَا تَسْتَلْزِم الأعلمية مُطلقًا، لاحْتِمَال أَن يكون غَيره أعلم بِالسنةِ.
قَوْله: (قَالَ شَقِيق) أَي: بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (فِي الْحلق)، بِفَتْح الْحَاء وَاللَّام. قَوْله:(رادا) أَي: عَالما يرد الْأَقْوَال لِأَن رد الْأَقْوَال لَا يكون إلاّ للْعُلَمَاء، وغرضه أَن أحدا لم يرد عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَام بل سلمُوا إِلَيْهِ.
1005 -
حدَّثني مُحَمَّد بنُ كثِيرٍ أخْبرَنا سُفيانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنّا بحِمْصَ فقَرَأ ابنُ مَسْعُودٍ سورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ رجُلٌ: مَا هاكذَا أُنْزِلَتْ. قَالَ: قَرَأْتُ علَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أحْسَنْتَ. ووجدَ منْهُ رِيحَ الخمْر، فَقَالَ: أتَجْمَعُ تُكَذِّبَ بكِتابِ الله وتَشْرَبَ الخمْرَ؟ فَضَرَبَهُ الحَدَّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تؤخد من قَوْله قَالَ: قَرَأت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ وعلقمة ابْن قيس النَّخعِيّ.
قَوْله: (بحمص) وَهِي: بَلْدَة مَشْهُورَة من بِلَاد الشَّام غير منصرف على الْأَصَح، وَظَاهر الحَدِيث أَن عَلْقَمَة حضر الْقِصَّة، وَكَذَا أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي خَليفَة عَن مُحَمَّد بن كثير شيخ البُخَارِيّ، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق جرير عَن الْأَعْمَش وَلَفظه: عَن عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ: كنت بحمص فَقَرَأت فَذكر الحَدِيث، وَهَذَا يقْضِي أَن عَلْقَمَة لم يحضر الْقِصَّة، وَإِنَّمَا نقلهَا عَن ابْن مَسْعُود. قَوْله:(فَقَالَ رجل) . قيل: إِنَّه نهيك بن سِنَان الَّذِي تقدّمت لَهُ الْقِصَّة فِي الْقُرْآن غير هَذِه. قَوْله: (قَرَأت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَقلت: وَيحك؟ وَالله لقد أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (وَوجد مِنْهُ؟) أَي من الرجل الْمَذْكُور، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَبينا أَنا ُأكَلِّمهُ إِذْ وجدتُ مِنْهُ ريح الْخمر. قَوْله: (فَضَربهُ الْحَد) أَي: فَضَربهُ
ابْن مَسْعُود حد شرب الْخمر. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا مَحْمُول على أَنه كَانَت ولَايَة إِقَامَة الْحُدُود لكَونه نَائِبا للْإِمَام عُمُوما أَو خُصُوصا وعَلى أَن الرجل اعْترف بشربها بِلَا عذرو إِلَّا فَلَا يحد بِمُجَرَّد رِيحهَا، وعَلى أَن التَّكْذِيب كَانَ بإنكار بعضه جَاهِلا إِذا لَو أنكر حَقِيقَة لكفر، وَقد أَجمعُوا على أَن من جحد حرفا معجما عَلَيْهِ من الْقُرْآن فَهُوَ كَافِر، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله: فَضَربهُ الْحَد أَي: رَفعه إِلَى الإِمَام فَضَربهُ، وَأسْندَ الضَّرْب إِلَى نَفسه مجَازًا لكَونه كَانَ سَببا فِيهِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: إِنَّمَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَد لِأَنَّهُ جعل لَهُ ذَلِك من الْولَايَة أَو لِأَنَّهُ رأى أَنه أَقَامَ عَن الإِمَام بِوَاجِب أَو لِأَنَّهُ كَانَ فِي زمَان ولَايَته الْكُوفَة فَإِنَّهُ وَليهَا فِي زمَان عمر، رضي الله عنه، وصدرا من خلَافَة عُثْمَان، رضي الله عنه. انْتهى. قَوْله: أَو لِأَنَّهُ كَانَ فِي زمَان ولَايَته الْكُوفَة، مَرْدُود، وَذُهُول عَمَّا كَانَ فِي أول الْخَبَر أَن ذَلِك كَانَ بحمص، وَلم يلها ابْن مَسْعُود، وَإِنَّمَا دَخلهَا غازيا، وَكَانَ ذَلِك فِي خلَافَة عمر، رضي الله عنه. وَقَول النَّوَوِيّ: على أَن الرجل اعْترف بشربها بِلَا عذر وإلَاّ فَلَا يحد بِمُجَرَّد رِيحهَا فِيهَا نظر لِأَن الْمَنْقُول عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يرى وجوب الْحَد بِمُجَرَّد وجود الرَّائِحَة.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: فِي الحَدِيث حجَّة على من يمْنَع وجوب الْحَد بالرائحة كالحنيفة، وَقد قَالَ بِهِ مَالك وَأَصْحَابه وَجَمَاعَة من أهل الْحجاز. قلت: لَا حجَّة عَلَيْهِم فِيهِ لِأَن ابْن مَسْعُود مَا حد الرجل إلَاّ باعترافه، لِأَن نفس الرّيح لَيْسَ بقطعي الدّلَالَة على شرب الْخمر لاحْتِمَال الِاشْتِبَاه أَلا يُرى أَن رَائِحَة السَّفَرْجل الْمَأْكُول يشبه رَائِحَة الْخمر، فَلَا يثبت إلَاّ بِشَهَادَة أَو باعتراف.
2005 -
حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ حدَّقنا أبي حَدثنَا الأعْمَشُ حَدثنَا مُسْلِمٌ عنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عبْدُ الله، رضي الله عنه: وَالله الَّذي لَا إلَهَ غَيْرُهُ، مَا أُنْزلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتابِ الله إلاّ أعْلَمُ أيْن أُنْزِلَتْ ولَا. أنْزِلَتْ ولَا أنْزلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتابِ الله إلاّ أَنا أعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ وَلَو أعْلَمَ مِنِّي بِكتاب الله تُبَلِّغُهُ الإبِلُ لَرَكِبْتُ إلَيْهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث وَعمر بن حَفْص يروي عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي الضُّحَى مُسلم بن صبيح عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عبد الله بن مَسْعُود.
قَوْله: (فيمَ أنزلت) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فِيمَا، على الأَصْل. قَوْله:(وَلَو أعلم أحدا تبلِّغه الْإِبِل) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: تبلغنيه. قَوْله: (لركبت إِلَيْهِ) ويروي: لرحلت إِلَيْهِ.
وَفِيه جَوَاز ذكر الْإِنْسَان نَفسه بِمَا فِيهِ من الْفَضِيلَة بِقدر الْحَاجة، وَأما المذموم فَهُوَ الَّذِي يَقع من الشَّخْص فحرا وإعجابا.
3005 -
حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا هَمَّامٌ حَدثنَا قَتَادَةُ قَالَ: سألْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ، رضي الله عنه: مَنْ جَمَعَ القُرْآنَ علَى عِهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأنْصارِ: أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ ومُعَاذُ بنُ جَبَلٍ وزَيْدُ بنُ ثابِتٍ وأبُو زَيْدٍ رضي الله عنه.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أَرْبَعَة) وهم الْقُرَّاء من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَحَفْص بن عمر بن الْحَارِث أَبُو عمر الحوضي، وَهَمَّام بن يحيى.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن سُلَيْمَان بن معبد.
قَوْله: (أَرْبَعَة) أَي: جمعه أَرْبَعَة. قَوْله: (أبي بن كَعْب) أَي: أحدهم أبي بن كَعْب، وَالثَّانِي: معَاذ بن جبل، وَالثَّالِث: زيد بن ثَابت وَالرَّابِع: أَبُو زيد اسْمه سعد بن عبيد الأوسي، وَقيل: قيس بن السكن الخزرجي، وَقيل: ثَابت بن زيد الأشْهَلِي، تقدم فِي مَنَاقِب زيد بن ثَابت، وَلَيْسَ فِي ظَاهر الحَدِيث مَا يدل على الْحصْر لِأَن جمَاعَة من الصَّحَابَة غَيرهم قد جمعُوا على مَا تبينه الْآن، وَأَنه لامفهوم لَهُ فلاف يلْزم أَن لَا يكون غَيرهم جمعه. فَإِن قلت: فِي رِوَايَة عَن أنس: لم يجمع الْقُرْآن على عهد سيدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إلَاّ أَرْبَعَة وَكَذَا فِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ. قلت: قد قُلْنَا إِنَّه لَا مَفْهُوم لَهُ لِأَنَّهُ عدد.
وَلَئِن سلمنَا فَالْجَوَاب من وُجُوه: الأول: أُرِيد بِهِ الْجمع بِجَمِيعِ وجوهه ولغاته وحروفه، وقراآته الَّتِي أنزلهَا الله عز وجل. وَأذن للْأمة فِيهَا وَخَيرهَا فِي الْقِرَاءَة بِمَا شَاءَت مِنْهَا. الثَّانِي: أُرِيد بِهِ الْأَخْذ من فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تلقينا وأخذا
دون وَاسِطَة. الثَّالِث: أُرِيد، بِهِ أَن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة ظَهَرُوا بِهِ وانتصبوا لتلقيته وتعليمه. الرَّابِع: أُرِيد بِهِ مرسوما فِي مصحف أَو صحف. الْخَامِس: قَالَه أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ: أُرِيد بِهِ أَنه لم يجمع مَا نسخ مِنْهُ وَزيد رسمه بعد تِلَاوَته إِلَّا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة. السَّادِس: قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: أُرِيد بِهِ أَنه لم يذكرهُ أحد عَن نَفسه سوى هَؤُلَاءِ. السَّابِع: أُرِيد، بِهِ أَن من سواهُم ينْطق بإكماله خوفًا من الرِّيَاء واحتياطا على النيات. وَهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة أظهروه لأَنهم كَانُوا آمِنين على أنفسهم، أَو لرأي اقْتضى ذَلِك عِنْدهم. الثَّامِن: أُرِيد بِالْجمعِ الْكِتَابَة فَلَا يَنْفِي أَن يكون غَيرهم جمعه حفظا عَن ظهر قلبه، وَأما هَؤُلَاءِ فجمعوه كِتَابَة وحفظوه عَن ظهر الْقلب. التَّاسِع: أَن قصارى الْأَمر أَن أنسا قَالَ: جمع الْقُرْآن على عَهده صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَة، قد يكون المُرَاد: أَنِّي لَا أعلم سوى هَؤُلَاءِ، وَلَا يلْزمه أَن يعلم كل الحافظين لكتاب الله تَعَالَى. الْعَاشِر: أَن معنى قَوْله: جمع أَي: سمع لَهُ وأطاع. وَعمل بِمُوجبِه، كَمَا رُوِيَ أَحْمد فِي كتاب الزّهْد: أَن أَبَا الزَّاهِرِيَّة أَتَى أَبَا الدَّرْدَاء، فَقَالَ: إِن ابْني جمع الْقُرْآن، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر، إِنَّمَا جمع الْقُرْآن من سمع لَهُ وأطاع، لَكِن يُعَكر على هَذَا أَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَغَيرهم من الصَّحَابَة كلهم كَانُوا سَامِعين مُطِيعِينَ، وَأما الَّذين جَمَعُوهُ غَيرهم، فالخلفاء الْأَرْبَعَة جمعُوا الْقُرْآن على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره أَبُو عَمْرو وَعُثْمَان بن سعيد الداني، وَقَالَ أَبُو عمر: جمعه أَيْضا على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: جمع الْقُرْآن فِي زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم عبَادَة بن الصَّامِت وَأَبُو أَيُّوب خَالِد بن زيد، ذكره ابْن عَسَاكِر، وَعَن الداني: جمعه أَيْضا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَمجمع بن جَارِيَة، ذكره ابْن إِسْحَاق وَقيس ابْن أبي صعصعة عَمْرو بن زيد الْأنْصَارِيّ البدري، ذكره أَبُو عبيد بن سَلام فِي حَدِيث مطول، وَذكر ابْن حبيب فِي المحبر جمَاعَة مِمَّن جمع الْقُرْآن على عَهده صلى الله عليه وسلم فيهم: سعد بن عبيد بن النُّعْمَان الأوسي، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وَمِمَّنْ جمع الْقُرْآن على عَهده صلى الله عليه وسلم: قيس بن السكن وَأم ورقة بنت نَوْفَل، وَقيل: بنت عبد الله بن الْحَارِث وَذكر ابْن سعد أَنَّهَا جمعت الْقُرْآن، وَذكر أَبُو عُبَيْدَة الْقُرَّاء من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فعد من الْمُهَاجِرين الْأَرْبَعَة وَطَلْحَة وسعدا وَابْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة وسالما وَأَبا هُرَيْرَة وَعبد الله بن السَّائِب والعبادلة، وَمن النِّسَاء: عَائِشَة وَحَفْصَة وَأم سَلمَة، وَذكر ابْن أبي دَاوُد من الْمُهَاجِرين أيضاتميم بن أَوْس الدَّارِيّ وَعقبَة بن عَامر وَمن الْأَنْصَار: معَاذ الَّذِي يكنى أَبَا حليمة وفضالة بن عبيد ومسلمة بن مخلد، وَعَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد قَرَأت الْقُرْآن وَأَنا ابْن عشر سِنِين، وَقد ظهر من هَذَا أَن الَّذين جمعُوا الْقُرْآن على عَهده صلى الله عليه وسلم لَا يحصيهم أحد وَلَا يضبطهم عدد، وَذكر القَاضِي أَبُو بكر: فَإِن قيل: إِذا لم يكن دَلِيل خطاب فلأي شَيْء خص هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة بِالذكر دون غَيرهم؟ قيل لَهُ: إِنَّه يحْتَمل أَن يكون ذَلِك لتَعلق غَرَض الْمُتَكَلّم بهم دون غَيرهم، أَو يَقُول: إِن هَؤُلَاءِ فيهم دون غَيرهم. فَإِن قلت: قد حاول بعض الْمَلَاحِدَة فِيهِ بِأَن الْقُرْآن شَرطه التَّوَاتُر فِي كَونه قُرْآنًا، وَلَا بُد من خبر جمَاعَة أحالت الْعَادة تواطئهم على الْكَذِب قلت: ضَابِط التَّوَاتُر الْعلم بِهِ، وَقد يحصل بقول هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة، وَأَيْضًا لَيْسَ من شَرطه أَن يتَقَبَّل جَمِيعهم بل لَو حفظه كل جُزْء مِنْهُ عدد التَّوَاتُر لَصَارَتْ الْجُمْلَة متواترا، وَقد حفظ جَمِيع أَجْزَائِهِ مئون لَا يُحصونَ.
تابَعَهُ الفَضْلُ عنْ حُسَيْنِ بنِ واقِدٍ عنْ ثُمامَةَ عنْ أنَسٍ
أَي: تَابع حَفْص بن عمر فِي رِوَايَته هَذَا الحَدِيث الْفضل بن مُوسَى السينَانِي عَن حُسَيْن بن وَاقد بِالْقَافِ عَن ثُمَامَة بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن عبد الله قَاضِي الْبَصْرَة عَن جده أنس بن مَالك، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده عَن الْفضل ابْن مُوسَى فَذكره.
4005 -
حدَّثنامُعَلَّى بنُ أسَدغ حدَّثنا عبْدُ الله بنُ المُثَنَّى قَالَ: حدّثني ثابِتٌ البُنانِيُّ وثُمامةُ عنْ أنَسٍ قَالَ: ماتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولمْ يَجْمَعِ القُرْآنِ غَيْرُ أرْبَعَةٍ: أبُو الدَّرْداءِ ومُعاذُ بنُ جَبَلٍ وزَيْدُ بنُ ثابِتٍ وأبُو زَيْدٍ، قَالَ: ونَحْنُ ورِثْناهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين فِيهِ من الْقُرَّاء من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَهَذَا يُخَالف رِوَايَة قَتَادَة عَن أنس من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: التَّصْرِيح بِصِيغَة الْحصْر فِي الْأَرْبَعَة. الآخر: ذكر أبي الدَّرْدَاء بدل أبي بن كَعْب، وَقد مر