الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلم يكن ذَلِك الْإِسْلَام مهْرا فِي الْحَقِيقَة، وَالسورَة من الْقُرْآن لَا تكون مهْرا بِالْإِجْمَاع، وَيكون الْمَعْنى: زوجتكها بِسَبَب حُرْمَة مَا مَعَك من الْقُرْآن وبركته، فَتكون الْبَاء للتَّعْلِيل كَمَا فِي قَوْله:{فكلا أَخذنَا بِذَنبِهِ} (العنكبوت: 04) فَإِن قلت: فِي رِوَايَة ابْن ماجة ذُو جتكها على مَا مَعَك من الْقُرْآن وَفِي مُسْند أحد السّنة: مَا مَعَك من الْقُرْآن. قلت أما على فَإِنَّهَا تَجِيء للتَّعْلِيل أَيْضا كالباء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} (الْبَقَرَة: 581) أَي: لهدايته إيَّاكُمْ، وَيكون الْمَعْنى زوجتكها لأجل مَا مَعَك من الْقُرْآن وَلَا يُنَافِي هَذَا تَسْمِيَة المَال، وَأما مَعَ، فَإِنَّهَا للمصاحبة وَالْمعْنَى، زوجتكها لمصاحبتك الْقُرْآن فَإِن قلت: الأَصْل فِي الْبَاء للمقابلة فَتكون هَهُنَا نَحْو وقولك: بِعْتُك ثوبي بِدِينَار. قلت: لَا يَصح هُنَا أَن تكون للمقابلة لِأَنَّهُ يلْزم أَن تكون الْمَرْأَة موهوبة وَذَلِكَ لَا يجوز إلَاّ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم. فَإِن قلت: الْمَعْنى زوجتكها بِأَن تعلمهَا مَا مَعَك من الْقُرْآن، أَو مِقْدَار مَا مِنْهُ، وَيكون ذَلِك صَدَاقهَا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم: أَنطلق فقد زوجتكها فعلمها من الْقُرْآن، وَفِي رِوَايَة عَطاء: فعلمها عشْرين آيَة. قلت: قد ذكرنَا غير مرّة أَن هَذَا لَا يُنَافِي تَسْمِيَة المَال فَيكون قد زَوجهَا مِنْهُ مَعَ تحريضه على تَعْلِيم الْقُرْآن، وَيكون الْمهْر مسكوتا عَنهُ إِمَّا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، قد أصدق عَنهُ، كَمَا كفر عَن الواطىء فِي رَمَضَان إِذْ لم يكن عِنْده شَيْء موفقا بأمته، وَإِمَّا أَنه أبقى الصَدَاق فِي ذمَّته إِلَى أَن ييسر الله عَلَيْهِ.
22 -
(بابُ القِرَاءَةِ عنْ ظَهْرِ القَلْبِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْقِرَاءَة عَن ظهر الْقلب أَي بِغَيْر نظر فِي الْمُصحف.
0305 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حَدثنَا يَعْقُوبُ بنَ عبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سعَدٍ أنَّ امْرَأةً جاءَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالَتْ: يَا رسولَ الله {جِئْتُ لِأَهَبَ لكَ نَفْسِي لكَ نَفْسِي فنَظَرَ إليْها رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فصَعَدَ النَّظَرَ إليْها وصوَّبَهُ ثُمَّ طأْطأ رَأسَهُ، فلَمَّا رَأتِ المَرْأَةُ لَمْ يَقْضِ فِيها شَيْئا جلَسَتْ، فقامَ رَجُلٌ مِنْ أصْحابِهِ فَقَالَ: يَا رسولَ الله} إنْ لَمْ يَكُنْ لكَ بِها حاجَةٌ فزَوِّجْنِيها. فَقَالَ لَهُ: هَلْ عِنْدَكَ منْ يْءٍ؟ فَقَالَ: لَا وَالله يَا رسولَ اا. قَالَ: إذْهَبْ إِلَى أهْلِكَ فانْظُرْ هَلْ نَجِدُ شَيْئا؟ فذَهَبَ ثُمَّ رجَعَ فَقَالَ: لَا وَالله يَا رسولَ الله، مَا وجَدْتُ شَيْئَا. فَقَالَ: انْظُر ولَوْ خَاتما مِنْ حَديدِ، فطهَبَ ثُمَّ رجَعَ، فَقَالَ: لَا وَالله يَا رَسولَ الله وَلَا خاتَما مِنْ حَدِيدٍ، ولاكِنْ هاذا إِزَارِي. قَالَ سَهْلٌ: مالَهُ رِدَاءٌ فلَها نِصْفُهُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَا تَصْنَعُ بإِزَارِكَ؟ إنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ علَيْها مِنْهُ شَيْءٌ وإنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ علَيْكَ شَيْءٌ، فجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طالَ مَجْلِسُهُ، ثُمَّ قامَ فرآهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيَا، فأمَرَ بهِ فَدُعِيَ فلَمَّا جاءَ قَالَ: ماذَا معَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِي سُورَةُ كذَا وسُورَةُ كَذا وسُورَةُ كَذا، عَدَّها. قَالَ: أتَقْرَؤُهُنَّ عنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: إذْهَبْ فقَدْ ملَّكْتُكَها بمَا معَكَ مِنَ القُرْآنِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (قَالَ: أتقرؤهن عَن ظهر قَلْبك) وَهُوَ حَدِيث سهل الْمَذْكُور فِي الْبَاب السَّابِق.
وَأخرجه هُنَا وَهُوَ أتم من ذَاك قيل: لَا مُطَابقَة هُنَا لِأَن قَوْله صلى الله عليه وسلم: (أتقرؤهن عَن ظهر قَلْبك) إِنَّمَا هُوَ لاستثبات أَنه يحفظ تِلْكَ السُّورَة الَّتِي عدهَا وَذَلِكَ ليتَمَكَّن من تَعْلِيمه الْمَرْأَة، وَلَا يدل على أَن الْقِرَاءَة عَن ظهر الْقلب أفضل. وَأجَاب بَعضهم بِأَن المُرَاد بِهِ بقوله: بَاب الْقِرَاءَة عَن ظهر الْقلب، مشروعيتها أَو استحبابها، وَهُوَ مُطَابق لما ترْجم بِهِ، وَلم يتَعَرَّض لكَونهَا أفضل من الْقِرَاءَة نظرا. قلت: سُبْحَانَ الله، مَا أبعد هَذَا الْجَواب عَن الصَّوَاب وأبرده، وَالْبَاب مَذْكُور فِي بَيَان فَضَائِل الْقُرْآن، فَكيف يَقُول: وَلم يتَعَرَّض لكَونهَا أفضل من الْقِرَاءَة نظرا؟ وَلم يضع هَذِه التَّرْجَمَة إلَاّ لبَيَان أَفضَلِيَّة الْقِرَاءَة نظرا. وَإِن كَانَ فِيهِ الاستثبات أَيْضا وَهُوَ لَا يُنَافِي الْأَفْضَلِيَّة