الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ناكِحٌ دُرَّةَ بِنْتِ أبي سلَمَةَ؟ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أعلَى أُمِّ سلَمَةَ؟ لَوْ لَمْ أنْكِحْ أُمِّ سلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِي إنَّ أَبَاهَا أخِي مِنَ الرَّضاعَةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن هَذَا الحَدِيث طرف من الحَدِيث الَّذِي مضى قَرِيبا فِي: بَاب: {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} (النِّسَاء: 32) وَفِيه: قَالَت أم حَبِيبَة يَا رَسُول الله! أنكح أُخْتِي بنت أبي سُفْيَان الحَدِيث، وَهَذَا عرض أُخْتهَا على أهل الْخَيْر. قَوْله:(درة) بِضَم الدَّال الْمُهْملَة. قَوْله: (أَعلَى أم سَلمَة) أَي: أَتزوّج على أمهَا؟ يَعْنِي: كَيفَ أَتزوّج درة وَهِي ربيبتي، وَلَو لم تكن ربيبتي لما حلت لي أَيْضا لِأَنَّهَا بنت أخي؟ أَبَا سَلمَة، لِأَن ثوبية أرضعت أَبَا سَلمَة وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَمِيعًا.
43 -
(بابُ قَوْلِ الله جَلَّ وعَزَّ { (2) وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا عرضتم بِهِ من خطْبَة النِّسَاء أَو أكننتم أَنفسكُم علم الله} (الْبَقَرَة: 532) الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ { (2) غَفُور حَلِيم} (الْبَقَرَة:
532)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول الله عز وجل: {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم} (الْبَقَرَة: 532) إِلَى آخر مَا ذكره، وَهَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَحذف مَا بعد:{أكننتم} من رِوَايَة أبي ذَر، وَوَقع فِي شرح ابْن بطال سِيَاق الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا إِلَى قَوْله {أَجله} الْآيَة. وَقَالَ ابْن التِّين: تَضَمَّنت الْآيَة أَرْبَعَة أَحْكَام: إثنان مباحان: التَّعْرِيض والإكنان، وإثنان ممنوعان: النِّكَاح فِي الْعدة والمواعدة فِيهَا.
أكْننْتُمْ: أضْمَرْتُمْ فِي أنْفُسِكُمْ، وكلُّ صُنْتَهُ أوْ أضْمَرْتَهُ فَهْوَ مَكْنونٌ
قَوْله: (أكننتم) من الإكنان وَهُوَ الْإِضْمَار فِي النَّفس، وَأَشَارَ بقوله:(فَهُوَ مَكْنُون) إِلَى أَن ثلاثي أكننتم من: كنَّ يكن فَهُوَ مَكْنُون أَي: مَسْتُور ومحفوظ. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: يُقَال: كننته أكنه كُنَّا، والإسم: يَعْنِي الْمصدر بِالْفَتْح والإسم بِالْكَسْرِ، وَفِي التَّفْسِير: يَعْنِي أضمرتم فِي قُلُوبكُمْ وَلم تذكروه بألسنتكم، وَهَذَا خطْبَة النِّسَاء، وَقد نفي الله الْجنَاح فِي التَّعْرِيض فِي خطْبَة النِّسَاء، وَقد نفى الله الْجنَاح فِي التَّعْرِيض فِي خطْبَة النِّسَاء وهنّ فِي الْعدة، وَذكر أَولا التَّعْرِيض بقوله:{وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا عرضتم بِهِ من خطْبَة النِّسَاء} (الْبَقَرَة: 532) والتعريض أَن يَقُول: إِنَّك لجميلة، أَو صَالِحَة وَمن غرضي أَن أَتزوّج، وَعَسَى الله أَن ييسر لي امْرَأَة صَالِحَة، وَنَحْو ذَلِك من الْكَلَام الموهم أَنه يُرِيد نِكَاحهَا حَتَّى تحبس نَفسهَا عَلَيْهِ إِن رغبت فِيهِ، وَلَا يُصَرح بِالنِّكَاحِ فَلَا يَقُول: إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك أَو أتزوجك أَو أخطبك، وَالْفرق بَين التَّعْرِيض وَالْكِنَايَة أَن التَّعْرِيض أَن تذكر شَيْئا يدل على شَيْء لم تذكره، كَمَا يَقُول الْمُحْتَاج للمحتاج إِلَيْهِ: جئْتُك لأسلم عَلَيْك ولأنظر إِلَى وَجهك الْكَرِيم، وَالْكِنَايَة أَن يذكر الشَّيْء بِغَيْر لَفظه الْمَوْضُوع لَهُ، كَقَوْلِك: طَوِيل النجاد لطول الْقَامَة، وَكثير الرماد للمضياف. ثمَّ قَالَ الله تَعَالَى:{علم الله أَنكُمْ ستذكرونهن} (الْبَقَرَة: 532) يَعْنِي: لَا تصبرون عَن النُّطْق برغبتكم فِيهِنَّ، وَفِيه نوع توبيخ. ثمَّ قَالَ:{وَلَكِن لَا تواعدوهن} (الْبَقَرَة: 532) فِيهِ حذف تَقْدِيره: فاذكروهن وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا، وَهُوَ كِنَايَة عَن النِّكَاح الَّذِي هُوَ الْوَطْء. ثمَّ عبر بالسر عَن النِّكَاح الَّذِي هُوَ الْمُقدر بقوله:{إلَاّ أَن تَقولُوا قولا مَعْرُوفا} (الْبَقَرَة: 532) وَهُوَ أَن تعرضوا وَلَا تصرحوا، ثمَّ قَالَ:{وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح} (الْبَقَرَة: 532) أَي: لَا تقصدوها {حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله} (الْبَقَرَة: 532) يَعْنِي: مَا كتب وَفرض من الْعدة.
4215 -
وَقَالَ لي طَلْقٌ: حدَّثنا زائدَةُ عنْ مَنْصُورٍ عنْ مُجاهدٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ { (2) فِيمَا عرضتم بِهِ من خطْبَة النِّسَاء} (الْبَقَرَة: 532) يَقُولُ: إنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ وَلودَدْتُ أنَّهُ تَيَسَّرَ لِي امْرَأَةٌ صالِحَة.
طلق بِفَتْح الطَّاء وَسُكُون اللَّام: ابْن غَنَّام. بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد النُّون: ابْن طلق بن مُعَاوِيَة أَبُو مُحَمَّد النَّخعِيّ الْكُوفِي أحد مَشَايِخ البُخَارِيّ. وَقَالَ ابْن سعد: مَاتَ فِي رَجَب سنة: إِحْدَى عشر وَمِائَتَيْنِ. وزائدة بن قدامَة، بِضَم الْقَاف وَتَخْفِيف الدَّال الْمُهْملَة، وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، فَظن صَاحب التَّوْضِيح أَن هَذَا مُعَلّق وَلَيْسَ بتعليق لِأَن قَوْله:(قَالَ لي) يدل على أَنه سَمعه من طلق، ثمَّ قَالَ: أخرجه ابْن أبي شيبَة عَن جرير بن عبد الحميد عَن مَنْصُور بِلَفْظ: إِنِّي فِيك لراغب وَإِنِّي أُرِيد امْرَأَة أمرهَا كَذَا وَكَذَا، ويعرض لَهَا بالْقَوْل. قَوْله:(وَلَو ددت) أَي: ولأحببت. قَوْله: (أَنه) أَي: أَن الشَّأْن. قَوْله: (تيَسّر لي) بِفَتْح التَّاء
الْمُثَنَّاة من فَوق الْيَاء آخر الْحُرُوف وَتَشْديد السِّين وَضم الرَّاء، وَأَصله تتيسر. بتاءين مثناتين من فَوق فحذفت إِحْدَاهمَا للتَّخْفِيف، وَضَبطه بَعضهم بقوله: ييسر، بِضَم التَّحْتَانِيَّة وَفتح أُخْرَى مثلهَا بعْدهَا وَفتح السِّين الْمُهْملَة. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ مثل مَا ضَبطنَا فياليته يَقُول: بِضَم الفوقانية وَفتح التَّحْتَانِيَّة، وَلَكِن الْقُصُور عَن فن يُؤَدِّي إِلَى أَكثر من هَذَا إِثْم قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَفِي رواي الْكشميهني: يسر لي بتحتانية وَاحِدَة وَكسر الْمُهْملَة، وَلم أدر مَا وَجهه فياليته قَالَ: بِضَم تَحْتَانِيَّة وَتَشْديد السِّين الْمَكْسُورَة على صِيغَة مَجْهُولَة للماضي من التَّيْسِير.
وَقَالَ القاسِمُ: يَقُولُ: إنَّكِ عَليَّ كَرِيمَةٌ وإنِّي فِيكِ لَرَاغِب، وإنَّ الله لَسائِقٌ إليْكَ خَيْرا، أوْ نَحْوَ هاذَا
الْقَاسِم هُوَ ابْن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن هَارُون عَن يحيى بن سعيد عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه فِي الْمَرْأَة يتوفي عَنْهَا زَوجهَا وَيُرِيد الرجل خطبتها وكلامها، قَالَ: يَقُول: إِنِّي بك لمعجب، وَإِنِّي عَلَيْك لحريض، وَإِنِّي فِيك لراغب، وَأَشْبَاه ذَلِك. قَوْله:(أَو نَحْو هَذَا) مثل أَن يَقُول: إِنِّي حَرِيص عَلَيْك، أَو أسأَل الله تَعَالَى أَن يَرْزُقنِي امْرَأَة صَالِحَة وأمثال هَذَا كَثِيرَة.
وَقَالَ عَطاءٌ: يُعَرِّضُ وَلَا يبُوحُ يَقُولُ: إنَّ لي حاجَةً، وأبْشِري، وأنْتِ بحَمْدِ الله نافِقَةٌ، وتَقُولُ هِيَ: قَدْ أسْمَعُ مَا تَقُولُ، وَلَا تَعِدُ شَيْئا وَلَا يُوَاعِدُ ولِيُّها بِغَيْرِ عِلْمِها، وإنْ واعَدَتْ رجُلاً فِي عِدَّتْها ثُمَّ نكَحَها بَعْدُ لَمْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُما
أَي: قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح: (يعرض) بتَشْديد الرَّاء من التَّعْرِيض (وَلَا يبوح) أَي: وَلَا يُصَرح من باح بالشَّيْء يبوح بِهِ إِذا أعلنه قَوْله: (نافقة) بالنُّون وَالْفَاء، وَالْقَاف أَي: رائجة بِالْجِيم. قَوْله: (وَتقول هِيَ) الْمَرْأَة. قَوْله: (وَلَا تعِدُ) من الْوَعْد أَي: الْمَرْأَة لَا تعد لَهُ بِالْعقدِ وَأَنَّهَا تتَزَوَّج بِهِ، وَلَا تَقول شَيْئا غير قَوْلهَا:(اسْمَع مَا تَقول) . قَوْله: (وَلَا يواعد) أَي: الرجل (وَليهَا) أَي الَّذِي بلي أمرهَا بِغَيْر علمهَا، وَإِن وَاعَدت هِيَ رجلا فِي حَالَة الْعدة ثمَّ نكحا بعدُ بِضَم الدَّال أَي: بعد المواعدة وَبعد انْقِضَاء الْعدة، لم يفرق بَينهمَا لصِحَّة العقد وَعدم الْمَانِع، وَإِن صرح بِالْخطْبَةِ فِي الْعدة لَكِن لم يعْقد إلَاّ بعد انْقِضَاء الْعدة صَحَّ العقد عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَلَكِن ارْتكب الْمنْهِي. وَقَالَ مَالك: يفارقها، دخل بهَا أَو لم يدْخل، وَلَو وَقع العقد فِي الْعدة وَدخل بهَا يفرق بَينهمَا بِلَا خلاف بَين الْأَئِمَّة. وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ: لَا يحل لَهُ بعد ذَلِك نِكَاحهَا، وَقَالَ الْبَاقُونَ: يحل لَهُ إِذا انْقَضتْ الْعدة أَن يَتَزَوَّجهَا إِن شَاءَ.
وَقَالَ الحَسَنُ { (2) لَا توعدوهن سرا} (الْبَقَرَة: 532) الزِّنا
أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ فِي تَفْسِير السِّرّ فِي قَوْله عز وجل: {وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا} (الْبَقَرَة: 532) أَنه الزِّنَا، وَوَصله عبد بن حميد من طَرِيق عمرَان بن جدير عَن الْحسن بِلَفْظِهِ: فَإِن قلت: أَيْن الْمُسْتَدْرك بقوله: {وَلَكِن لَا تواعدوهن} (الْبَقَرَة: 532) قلت: هُوَ مَحْذُوف لدلَالَة: {ستذكرونهن} (الْبَقَرَة: 532) عَلَيْهِ تَقْدِيره {علم الله أَنكُمْ ستذكرونهن فاذكروهن وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا} (الْبَقَرَة: 532) والسر وَقع كِنَايَة عَن النِّكَاح الَّذِي هُوَ الْوَطْء لِأَنَّهُ مِمَّا يسر. قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ، وَقَالَ الشّعبِيّ: هُوَ أَن يَأْخُذ عَلَيْهَا عهدا أَن لَا تتَزَوَّج غَيره، وَقَالَ مُجَاهدًا: سرا يخطبها فِي عدتهَا، وَقَالَ ابْن سِيرِين: يلقِي الْوَلِيّ فيذكر عَنهُ رَغْبَة وحرصا. وَقَالَ الشَّافِعِي: هُوَ الْجِمَاع وَهُوَ التَّصْرِيح بِمَا لَا يحل لَهُ فِي حَالَته، وَقد قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَأَبُو الشعْثَاء مثل مَا قَالَ الْحسن، وَلَكِن فِيهِ تَأمل، لِأَن الزِّنَا لَا يجوز المواعدة بِهِ سرا وَلَا جَهرا.
ويُذْكَرُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: { (2) الْكتاب أَجله} (الْبَقَرَة: 532) : تَنْقَضِي العِدَّةُ
أَي: يذكر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله} (الْبَقَرَة: 532) حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة، وَوَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَنهُ بِهِ، وَقد حرم الله تَعَالَى عقد النِّكَاح فِي الْعدة بقوله:{وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله} (الْبَقَرَة: 532) وَهَذَا