الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا طَرِيق آخر عَن يحيى بن بكير عَن يزِيد، وَيزِيد هَذَا من الزِّيَادَة هُوَ ابْن أبي حبيب أَبُو رَجَاء الْمصْرِيّ وَاسم أبي حبيب سُوَيْد، أَعتَقته امْرَأَة مولاة لبني حسان بن عَامر بن لؤَي الْقرشِي، وَأم يزِيد مولاة نجيب، كَذَا قَالَ أَبُو مَسْعُود فِي (أَطْرَافه) إِنَّه يزِيد بن أبي حبيب، وَصرح بِهِ أَبُو نعيم وَالطَّبَرَانِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي رواياتهم. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَأبي ذَلِك شَيخنَا أَبُو مُحَمَّد الدمياطي، فَقَالَ: يزِيد هَذَا هُوَ ابْن عبد الله بن أُسَامَة بن الْهَاد، وَخَالفهُم وَخَالف الشُّرَّاح أَيْضا. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) وَصَاحب (التَّوْضِيح) : فَينْظر، وَقيل: هَذَا وهم مِنْهُ. قلت: الظَّاهِر أَنه وهم.
قَوْله: (كتب إِلَيْهِ) فِيهِ حجَّة فِي جَوَاز الرِّوَايَة بالمكاتبة. قَوْله: (أَن عبيد الله بن عبد الله أخبرهُ عَن أَبِيه)، هُوَ عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود. قَوْله:(إِلَى ابْن الأرقم) هُوَ عمر بن عبد الله بن الأرقم، كَذَا فِي (صَحِيح مُسلم) مُصَرحًا بِهِ، وَلَفظه: عَن ابْن شهَاب قَالَ: حَدثنِي عبيد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَن أَبَاهُ كتب إِلَى عمر بن عبد الله ابْن الأرقم، وَجَمِيع الشُّرَّاح جزموا أَنه عبد الله بن الأرقم، وَالظَّاهِر أَن أول شَارِح للْبُخَارِيّ وهم فِيهِ ثمَّ تبعه كل من أَتَى بعده من الشُّرَّاح، وَأما تَرْجَمَة عبد الله فَهُوَ: عبد الله بن الأرقم بن عبد يَغُوث بن وهب بن عبد منَاف بن زهرَة، أسلم يَوْم الْفَتْح وَكتب لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ لأبي بكر ثمَّ لعمر، وَاسْتَعْملهُ عُثْمَان على بَيت المَال سِنِين، ثمَّ استعفاه فأعفاه. وَقَالَ خَليفَة بن خياط: لم يزل عبد الله بن الأرقم على بَيت المَال خلَافَة عمر كلهَا وسنتين من خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَقَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: مَا رَأَيْت أحدا أخْشَى لله مِنْهُ.
0235 -
حَدثنَا يَحْيَى بن قَزَعَةَ حَدثنَا مالِكٌ عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ أنَّ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وفاةِ زوْجِها بِلَيالٍ، فَجَاءَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فاستَأْذَنَتْهُ أنْ تَنْكِحَ، فأذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن يحيى بن قزعة إِلَى آخِره.
قَوْله: (نفست) ، بِضَم النُّون وَفتحهَا وَكسر الْفَاء من النّفاس بِمَعْنى الْولادَة، وَقَالَ الْهَرَوِيّ: إِذا حَاضَت فالفتح لَا غَيره. قَوْله: (بِليَال)، قيل: خمس وَعِشْرُونَ لَيْلَة، وَقيل: أقل من ذَلِك، وَوَقع فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ:(فَلم تلبث أَن وضعت)، وَعند أَحْمد:(فَلم أمكث إلَاّ شَهْرَيْن حَتَّى وضعت)، وَفِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة فِي تَفْسِير الطَّلَاق: فَوضعت بعد مَوته بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة، وَعند النَّسَائِيّ: بِعشْرين لَيْلَة، وَعند أبي حَاتِم: بِعشْرين أَو خمس عشرَة، وَعند التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ: بِثَلَاثَة وَعشْرين يَوْمًا أَو خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا، وَعند ابْن مَاجَه ببضع وَعشْرين، وَالْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات مُتَعَذر لِاتِّحَاد الْقِصَّة، فَلَعَلَّ ذَلِك هُوَ السِّرّ فِي إِبْهَام من أبهم الْمدَّة.
04
-
(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { (2) والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بأنْفُسهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} (الْبَقَرَة:
822) 2.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {والمطلقات} . . إِلَى آخِره، وَسقط لفظ: بَاب، لأبي ذَر، وَثَبت لغيره، وَالْمرَاد بالمطلقات الْمَدْخُول بِهن من ذَوَات الإقراء. قَوْله:(يَتَرَبَّصْنَ) أَي: ينتظرن، وَهَذَا خبر بِمَعْنى الْأَمر {ثَلَاثَة قُرُوء بعد طَلَاق زَوجهَا ثمَّ تتَزَوَّج إِن شَاءَت، وَقد أخرج الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة من هَذَا الْعُمُوم الْأمة إِذا طلقت فَإِنَّهَا تَعْتَد عِنْدهم بقرأين لِأَنَّهَا على النّصْف من الْحرَّة، والقرء لَا يَتَبَعَّض فكمل لَهَا قُرْآن، وَلما رَوَاهُ ابْن جريج عَن مظَاهر بن أسلم المَخْزُومِي الْمدنِي عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (طَلَاق الْأمة تَطْلِيقَتَانِ وعدتها حيضتان) ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه، قَالَ ابْن كثير: وَلَكِن ظَاهر هَذَا ضَعِيف بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره: الصَّحِيح أَنه من قَول الْقَاسِم بن مُحَمَّد نَفسه، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ سَالم وَنَافِع عَن ابْن عمر. قَوْله: وَهَكَذَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب، قَالُوا: وَلم يعرف بَين الصَّحَابَة خلاف، وَقَالَ بعض السّلف: بل عدتهَا عدَّة الْحرَّة لعُمُوم الْآيَة، وَلِأَن هَذَا أَمر جبلي فالحرائر وَالْإِمَاء فِي ذَلِك سَوَاء، وَحكى هَذَا القَوْل أَبُو عمر عَن ابْن سِيرِين وَبَعض أهل الظَّاهِر وَضَعفه.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ، فِيمَنْ تَزَوَّجَ فِي العِدَّةِ فَحاضَتْ عِنْدَهُ ثَلَاثَ حِيَضٍ: بانَتْ مِنَ الأَوَّلِ
وَلَا تَحْتَسِبُ بِهِ لِمَنْ بَعْدَهُ.
إِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَهَذِه مَسْأَلَة اجْتِمَاع العدتين، فَنَقُول أَولا: إِن الْعلمَاء مجمعون على أَن الناكح فِي الْعدة يفْسخ نِكَاحه وَيفرق بَينهمَا، فَإِذا تزوج فِي الْعدة فَحَاضَت عِنْده ثَلَاث حيض بَانَتْ من الأول لِأَنَّهَا عدتهَا مِنْهُ. قَوْله:(وَلَا تحتسب بِهِ) أَي لَا تحتسب هَذِه الْمَرْأَة بِهَذَا الْحيض لمن بعده أَي: بعد الزَّوْج الأول، بل تَعْتَد عدَّة أُخْرَى للزَّوْج الثَّانِي، هَذَا قَول إِبْرَاهِيم رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن عَبدة بن أبي سُلَيْمَان عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَنهُ، وروى المدنيون عَن مَالك: إِن كَانَت حَاضَت حَيْضَة أَو حيضتين من الأول أَنَّهَا تتمّ بَقِيَّة عدتهَا مِنْهُ ثمَّ تسْتَأْنف عدَّة أُخْرَى من الآخر، على مَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب، وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق. وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك: أَن عدَّة وَاحِدَة تكون لَهما جَمِيعًا، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تَحْتَسِبُ، وَهَذَا أحَبُّ إِلَى سُفْيانَ، يَعْنِي: قَوْلَ الزُّهِرِيِّ.
أَي: قَالَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ: تحتسب هَذَا الْحيض فَيكون عدَّة لَهما، كَمَا ذكرنَا الْآن، وَهَذَا أَي قَول الزُّهْرِيّ أحب إِلَى سُفْيَان الثَّوْريّ وَحجَّة الزُّهْرِيّ وَمن تبعه فِي هَذَا إِجْمَاعهم أَن الأول لَا ينْكِحهَا فِي بَقِيَّة الْعدة من الثَّانِي، فَدلَّ على أَنَّهَا فِي عدَّة من الثَّانِي، وَلَوْلَا ذَلِك لنكحها فِي عدتهَا مِنْهُ، وَحجَّة الْأَوَّلين أَنَّهُمَا حقان قد وجبا عَلَيْهَا لزوجين كَسَائِر الْحُقُوق لَا يدْخل أَحدهمَا فِي صَاحبه.
وَقَالَ مَعْمَرٌ: يُقالُ: أقْرَأَتِ المَرْأةُ إذَا دَنا حَيْضُها، وأقْرَأتْ إذَا دَنا طُهْرُها، ويُقالُ: مَا قَرَأَتْ بسِلًى قَطُّ: إذَا لَمْ تَجْمَعْ ولَداً فِي بَطْنِها.
معمر بِفَتْح الميمين وَسُكُون الْعين هُوَ أَبُو عُبَيْدَة بن الْمثنى مَاتَ سنة عشر وَمِائَتَيْنِ. قَوْله: (يُقَال: أَقرَأت الْمَرْأَة) غَرَضه أَن الْقُرْء يسْتَعْمل بِمَعْنى الْحيض وَالطُّهْر، يَعْنِي: هُوَ من الأضداد، وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الْأَقْرَاء الَّتِي تجب على الْمَرْأَة إِذا طلقت، فَقَالَ الضَّحَّاك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَالنَّخَعِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب وعلقمة وَالْأسود وَمُجاهد وَعَطَاء وطاووس وَسَعِيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة وَمُحَمّد بن سِيرِين وَالْحسن وَقَتَادَة وَالشعْبِيّ وَالربيع، وَمُقَاتِل بن حبَان وَالسُّديّ وَمَكْحُول وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي: الإقراء الْحيض، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَأحمد فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ وَإِسْحَق، وَهَكَذَا رُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَأبي الدَّرْدَاء وَعبادَة بن الصَّامِت وَأنس بن مَالك وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس ومعاذ وَأبي بن كَعْب وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقَالَ سَالم وَالقَاسِم وَعُرْوَة وَسليمَان بن يسَار وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن وَأَبَان ابْن عُثْمَان وَالزهْرِيّ وَبَقِيَّة الْفُقَهَاء السَّبْعَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَدَاوُد وَأحمد فِي رِوَايَة: الْأَقْرَاء هِيَ الْأَطْهَار، وَرُوِيَ عَن ان عَبَّاس وَزيد بن ثَابت، وَقَالَ أَبُو عمر، وَهُوَ قَول عَائِشَة وَزيد بن ثَابت وَعبد الله بن عمر: فالمطلقة عِنْدهم تحل للأزواج بِدُخُولِهَا فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة، وَسَوَاء بَقِي من الطُّهْر الَّذِي طلقت فِيهِ الْمَرْأَة يَوْم وَاحِد أَو أَكثر أَو سَاعَة وَاحِدَة فَإِنَّهَا تحتسب بِهِ الْمَرْأَة قرءاً. وَقَالَت الطَّائِفَة الأولى: الْمُطلقَة لَا تحل للأزواج حَتَّى تَغْتَسِل من الْحَيْضَة الثَّالِثَة، وَطَائِفَة أُخْرَى توقفوا فِي الْأَقْرَاء هَل هِيَ حيض أم أطهار؟ وهم: سُلَيْمَان بن يسَار وفضالة بن عبيد وَأحمد فِي رِوَايَة. قَوْله: (وَيُقَال: مَا قَرَأت بِسلًى) بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وبالقصر، وَهِي الْجلْدَة الرقيقة الَّتِي يكون فِيهَا الْوَلَد من الْمَوَاشِي، مَعْنَاهُ: لم تضم رَحمهَا على ولد. وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الْقُرْء جَاءَ بِمَعْنى الْجمع وَالضَّم أَيْضا. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْقُرْء بِضَم الْقَاف، وَقَالَ أَبُو زيد بِفَتْح الْقَاف، وأقرأت الْمَرْأَة إِذا اسْتَقر المَاء فِي رَحمهَا، وَقَعَدت الْمَرْأَة أَيَّام إقرائها أَي: أَيَّام حَيْضهَا. وَقَالَ أَبُو عمر: أصل الْقُرْء فِي اللُّغَة الْوَقْت وَالطُّهْر وَالْحمل وَالْجمع، وَقَالَ ثَعْلَب: القروء الْأَوْقَات والواحدة قرء، وَهُوَ الْوَقْت وَقد يكون حيضا وَيكون طهرا، وَقَالَ قطرب: تَقول الْعَرَب: مَا أَقرَأت النَّاقة سلاً قطّ، أَي: لم ترم بِهِ، وأقرأت النَّاقة قرءاً، وَذَلِكَ معاودة الْفَحْل إِيَّاهَا، وَأَن كل ضراب، وَقَالُوا أَيْضا: قَرَأت الْمَرْأَة قرءاً إِذا حَاضَت وطهرت، وقرأت أَيْضا إِذا حملت، وَقيل: هُوَ من الْأَسْمَاء الْمُشْتَركَة، وَقيل: حَقِيقَة فِي الْحيض، مجَاز فِي الطُّهْر.