الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل الْكتاب، وَأَشَارَ إِلَيْهِ البُخَارِيّ بإيراد حَدِيثه فِي هَذَا الْبَاب: وَعَن ابْن عَبَّاس: أَن الله تَعَالَى اسْتثْنى من ذَلِك نسَاء أهل الْكتاب فخصت هَذِه الْآيَة بِالْآيَةِ الَّتِي فِي الْمَائِدَة، وَهِي قَوْله عز وجل:{وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} (الْمَائِدَة: 5) وروى ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة: {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} (الْبَقَرَة: 122) فنكح النَّاس نسَاء أهل الْكتاب، ونكح جمَاعَة من الصَّحَابَة نسَاء نصرانيات، وَلم يرَوا بذلك بَأْسا، وَقَالَ أَبُو عبيد: وَبِه جَاءَت الْآثَار، وَعَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَأهل الْعلم بعدهمْ: أَن نِكَاح الكتابيات حَلَال، وَبِه قَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري والكوفيون وَالشَّافِعِيّ وَعَامة الْعلمَاء، وَقَالَ غَيره: وَلَا يرْوى خلاف ذَلِك إلَاّ عَن ابْن عمر، فَإِنَّهُ شَذَّ عَن جمَاعَة الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَلم يجز نِكَاح الْيَهُودِيَّة والنصرانية وَخَالف ظَاهر قَوْله وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب وَلم يلْتَفت أحد من الْعلمَاء إِلَى قَوْله:(وَقد تزوج) عُثْمَان بن عَفَّان نائلة بنت الفرافضة الْكَلْبِيَّة، وَهِي نَصْرَانِيَّة تزَوجهَا على نِسَائِهِ، وَتزَوج طَلْحَة بن عبيد الله يَهُودِيَّة، وَتزَوج حُذَيْفَة يَهُودِيَّة وَعِنْده حرتان مسلمتان، وَعنهُ إِبَاحَة نِكَاح الْمَجُوسِيَّة، وَتَأَول قَوْله تَعَالَى:{وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة} (الْبَقَرَة: 122) على أَن هَذَا لَيْسَ بِلَفْظ التَّحْرِيم، وَقيل: بني على أَن لَهُم كتابا. فَإِن قلت: روى ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن إِدْرِيس عَن الصَّلْت عَن شَقِيق بن سَلمَة، قَالَ: تزوج حُذَيْفَة يَهُودِيَّة، وَمن طَرِيق أُخْرَى: وَعِنْده عربيتان، فَكتب إِلَيْهِ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه خل سَبِيلهَا. قلت: أرسل حُذَيْفَة إِلَيْهِ: أحرام هِيَ؟ فَكتب إِلَيْهِ عمر: لَا، وَلَكِن أَخَاف أَن يتواقع الْمُؤْمِنَات مِنْهُنَّ؟ يَعْنِي الزواني مِنْهُنَّ، وَقَالَ أَبُو عبيد: والمسلمون الْيَوْم على الرُّخْصَة فِي نسَاء أهل الْكتاب، ويرون أَن التَّحْلِيل نَاسخ للتَّحْرِيم، قلت: فَدلَّ هَذَا على أَن قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنْكِحُوا المشركات} (الْبَقَرَة: 122) مَنْسُوخ بقوله تَعَالَى: {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} (الْمَائِدَة: 5) وروى أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: إِن آيَة الْبَقَرَة مَنْسُوخَة بِآيَة الْمَائِدَة، وَقيل: المُرَاد بقوله: {وَلَا تنْكِحُوا المشركات} (الْبَقَرَة: 122) يَعْنِي من عَبدة الْأَوْثَان. وَقَالَ ابْن كثير فِي (تَفْسِيره){وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات} (الْمَائِدَة: 5) قيل: الْحَرَائِر دون الْإِمَاء؟ وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بالمحصنات العفائف عَن الزِّنَا، كَمَا قَالَ فِي آيَة أُخْرَى:{محصنات غير مسافحات وَلَا متخذات أخدان} (النِّسَاء: 52) ثمَّ اخْتلف الْمُفَسِّرُونَ أَنه: هَل يعم كل كِتَابِيَّة عفيفة سَوَاء كَانَت حرَّة أَو أمة؟ فَقيل: الْحَرَائِر العفيفات، وَقيل: المُرَاد بِأَهْل الْكتاب هَهُنَا الْإسْرَائِيلِيات، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي، وَقيل: المُرَاد بذلك الذميات دون الحربيات، وَالله أعلم.
5825 -
حدّثنا قُتَيْبَةُ حَدثنَا لَ يْثٌ عنْ نافِعٍ أنَّ ابنَ عمَرَ كانَ إذَا سئِلَ عنْ نِكاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيّةِ قَالَ: إنَّ الله حَرَّمَ المُشْرِكاتِ على المُؤْمِنِينَ، وَلَا أعْلَمُ مِنَ الإشْرَاكِ شَيْئاً أكْبَرَ مِنْ أنْ تَقُولَ المَرْأَةُ: رَبُّها عِيسَى، وهْوَ عبدٌ مِنْ عِبادِ الله.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ابْن عمر قد عمل بِعُمُوم الْآيَة الَّتِي هِيَ التَّرْجَمَة وَلم يرهَا مَخْصُوصَة وَلَا مَنْسُوخَة.
وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (أكبر) ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وبالمثلثة، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى مَا قَالَت النَّصَارَى: الْمَسِيح ابْن الله، وَالْيَهُود قَالُوا: عُزَيْر ابْن الله قَوْله: (وَهُوَ) أَي عِيسَى عليه السلام عبد من عباد الله.
91 -
(بابُ نِكاحِ مَنْ أسْلَمَ مِنَ المُشْرِكَاتِ وعِدَّتِهِنَّ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من أسلم من المشركات وَبَيَان حم عدتهن؛ فَإِذا أسلمت المشركة وَهَاجَرت إِلَى الْمُسلمين فقد وَقعت الْفرْقَة بإسلامها بَينهَا وَبَين زَوجهَا الْكَافِر عِنْد جمَاعَة الْفُقَهَاء، وَوَجَب استبراؤها بِثَلَاث حيض ثمَّ تحل للأزواج، هَذَا قَول مَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة، رضي الله عنه: لَا عدَّة عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهَا اسْتِبْرَاء رَحمهَا بِحَيْضَة، وَاحْتج بِأَن الْعدة إِنَّمَا تكون عَن طَلَاق، وإسلامها فسخ وَلَيْسَ بِطَلَاق.
6825 -
حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسى أخبرنَا هِشامٌ عنِ ابنِ جُرَيجٍ، وَقَالَ عَطاءٌ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ: كانَ المُشْرِكُونَ علَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والمُؤْمِنِينَ: كانُوا مُشْرِكِي أهْلِ حَرْبٍ
يُقاتِلُهُمْ ويَقاتِلُونَهُ، ومُشْرِكِي أهْلِ عَهْدٍ لَا يُقاتِلُهُمْ وَلَا يُقاتِلُونَهُ، وكانَ إِذا هاجَرَتِ امْرَأةٌ منْ أهْلِ الحَرْبِ لمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وتَطْهُرَ فَإِذا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكاحُ، فإنْ هاجَرَ زَوْجُها قبْلَ أنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إليْهِ، وإنْ هاجَرَ عبْدٌ مِنْهُمْ أوْ أمَةٌ فهُما حُرَّانِ ولَهما مَا لِلْمُهاجِرِينَ، ثمَّ ذكَرَ منْ أهْلِ العَهْدِ مثلَ حَدِيثِ مُجاهِدٍ، وإنْ هاجَرَ عبْدٌ أوْ أمَةٌ للْمُشْرِكِينَ أهْلِ العَهْدِ لمْ يُرَدُّوا ورُدَّتْ أثمانُهُمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِبْرَاهِيم بن يزِيد الْفراء الرَّازِيّ أَبُو إِسْحَاق يعرف بالصغير، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ أَبُو عبد الرحمان الْيَمَانِيّ قاضيها وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج قَوْله:(وَقَالَ عَطاء مَعْطُوف على شَيْء مَحْذُوف) ، كَأَنَّهُ كَانَ فِي جملَة أَحَادِيث حدث بهَا ابْن جريج عَن عَطاء، ثمَّ قَالَ: وَقَالَ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس.
وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده. وَقَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: هَذَا الحَدِيث فِي (تَفْسِير ابْن جريج) : عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس، وَكَانَ البُخَارِيّ ظَنّه عَطاء بن أبي رَبَاح، وَابْن جريج لم يسمع التَّفْسِير من عَطاء الْخُرَاسَانِي، بل إِنَّمَا أَخذ الْكتاب من ابْنه وَنظر فِيهِ، وَنبهَ على هَذِه الْعلَّة أَيْضا شيخ البُخَارِيّ عَليّ بن الْمَدِينِيّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُمْدَة فِي هَذَا الْفَنّ على مَا لَا يخفى. وَأجِيب: بِأَنَّهُ يجوز أَن يكون الحَدِيث عِنْد ابْن جريج بالإسنادين لِأَن مثل ذَلِك لَا يخفى على البُخَارِيّ مَعَ تشدده فِي شَرط الا تصال.
قَوْله: (لم تخْطب) بِصِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (مِنْهُم)، أَي من أهل الْحَرْب. قَوْله:(وَلَهُمَا) أَي: للْعَبد والأمَة (مَا للمهاجرين) من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة فِي تَمام حُرْمَة الْإِسْلَام وَالْحريَّة. قَوْله: (ثمَّ ذكر) أَي: عَطاء. قَوْله: (من أهل الْعَهْد) أَي: من قصَّة أهل الْعَهْد (مثل حَدِيث مُجَاهِد) الَّذِي وَصفه بالمثلية، وَهُوَ مَا ذكره بعده من قَوْله:(وَإِن هَاجر عبد أَو أمة للْمُشْرِكين أهل الْعَهْد لم يردوا وَردت أثمانهم) وَهَذَا من بَاب فدَاء أسرى الْمُؤمنِينَ وَلم يجز تملكهم لانْتِفَاء عِلّة الاسترقاق الَّتِي هِيَ الْكفْر فيهم، وَقيل: يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ كلَاما آخر يتَعَلَّق بنساء أهل الْعَهْد، وَهُوَ أولى لِأَنَّهُ قسم الْمُشْركين على قسمَيْنِ من أهل حَرْب وَأهل عهد، وَذكر حكم نسَاء أهل الْحل وَالْحَرب، ثمَّ ذكر أرقاءهم فَكَأَنَّهُ أحَال حكم نسَاء أهل الْعَهْد على حَدِيث مُجَاهِد، ثمَّ عقبه بِذكر أرقائهم وَحَدِيث مُجَاهِد وَصله عبد بن حميد من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ فِي قَوْله:{وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم} (الممتحنة: 11) أَي: إِن أصبْتُم مغنماً من قُرَيْش فأعطوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم مثل مَا أَنْفقُوا عوضا.
7825 -
حدّثنا وَقَالَ عَطَاءٌ عنِ ابنِ عبّاسٍ: كانَتْ قَرِيبَةُ بنْتُ أبي أُميةَ عنْدَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ فَطلّقهَا فَتَزوَّجَها مُعاوِيَةُ ابنُ أبي سُفْيانَ، وكانَتْ أُمُّ الحَكمِ ابْنَةُ أبِي سُفْيانَ تَحْتَ عِياضِ بنِ غَنْم الفِهْرِيِّ فطَلَّقها فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الله بنُ عُثْمانَ الثَّقَفِيُّ.
هُوَ مَعْطُوف على قَوْله: عَن ابْن جريج، وَقَالَ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس بالتقدير الَّذِي مر ذكره هُنَاكَ.
قَوْله: (قريبَة) بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء مصغر قربَة كَذَا هُوَ فِي أَكثر النّسخ، وضبطها الْحَافِظ الدمياطي فتح الْقَاف وكسرا الرَّاء وَكَذَا فِي حَدِيث عَائِشَة الَّذِي مضى فِي الشُّرُوط، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني وَهِي بنت أبي أُميَّة أُخْت أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، وَأَبُو أُميَّة ابْن الْمُغيرَة ابْن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم، وَاسم أبي أُميَّة حُذَيْفَة، وَقيل سُهَيْل، وَاسم أم سَلمَة: هِنْد، وَقَرِيبَة ذكرت فِي الصحابيات ذكرهَا الذَّهَبِيّ أَيْضا، وَكَانَت حَاضِرَة بِبِنَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، على أُخْتهَا، وَأم الحكم أسلمت يَوْم الْفَتْح وَكَانَت أُخْت أم حَبِيبَة وَمُعَاوِيَة لأبيهما، وَقَالَ أَبُو عمر: كَانَت فِي حِين نزُول: {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} (الممتحنة: 01) تحتب عِيَاض بن غنم الفِهري فَطلقهَا حينئذٍ فَتَزَوجهَا عبد الله بن عُثْمَان الثَّقَفِيّ، وَهِي أم عبد الرَّحْمَن بن الحكم، وَقَالَ ابْن سعد: أمهَا هِنْد بنت عتبَة بن ربيعَة، وعياض ابْن غنم بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون، قَالَ أَبُو عمر: لَا أعلم خلافًا أَنه افْتتح عَامَّة بِلَاد الجزيرة والرقة وَصَالَحَهُ وُجُوه أَهلهَا، وَهُوَ أول من أجَاز الدَّرْب إِلَى الرّوم، وَكَانَ شريفاً فِي قومه، مَاتَ بِالشَّام سنة عشْرين وَهُوَ ابْن سِتِّينَ سنة، وَعبد الله بن عُثْمَان الثَّقَفِيّ، بالثاء الْمُثَلَّثَة.