الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأما الرِّوَايَة بذلك عَن اثْنَي عشر رجلا من الصَّحَابَة فَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي (التَّارِيخ) من طَرِيق عبد ربه بن سعيد بن ثَابت بن عبيد مولى زيد بن ثَابت عَن اثْنَي عشر رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: الْإِيلَاء لَا يكون طَلَاقا حَتَّى يُوقف، وَأخرجه الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من هَذَا الْوَجْه فَقَالَ: بضعَة عشر. وَأخرج إِسْمَاعِيل القَاضِي من طَرِيق يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار، قَالَ: أدْركْت بضعَة عشر رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالُوا: الْإِيلَاء لَا يكون طَلَاقا حَتَّى يُوقف. وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه أَنه قَالَ: سَأَلت اثْنَي عشر رجلا من الصَّحَابَة عَن الرجل يولي. فَقَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء حَتَّى تمْضِي أَرْبَعَة أشهر فَيُوقف، فَإِن فَاء لَا طَلَاق. قلت: قد جَاءَ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مُعينين بِخِلَاف ذَلِك. وَهُوَ أقوى من الذّكر بالإجمال وهم: عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَزيد بن ثَابت، وَقد ذكرنَا الرِّوَايَات عَن الْكل هُنَا فِي هَذَا الْبَاب مَا خلا رِوَايَة عمر بن الْخطاب فنذكرها الْآن فروى الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث سعيد بن الْمسيب وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن: أَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يَقُول: إِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر فَهِيَ طَالِق تَطْلِيقَة، وَهُوَ أملك بردهَا فِي عدتهَا.
22 -
(بابُ حُكْمِ المَفْقُودِ فِي أهْلِهِ ومالِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْمَفْقُود حَال كَونه فِي أَهله وَمَاله، وَحكم المَال لَا يتَعَلَّق بِأَبْوَاب الطَّلَاق وَلكنه ذكره هُنَا اسْتِطْرَادًا، وَحكم الْأَهْل يتَعَلَّق وَلكنه مَا أفْصح بِهِ اكْتِفَاء بِمَا يذكرهُ فِي بَابه جَريا على عَادَته فِي ذَلِك كَذَلِك.
وَقَالَ ابنُ المُسَيِّبِ: إِذا فقِدَ فِي الصفِّ عنْدَ القِتالِ تَرَبَّصُ امْرَأتُهُ سَنَةً.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَتَعْلِيق سعيد بن الْمسيب هَذَا وَصله عبد الرَّزَّاق بأتم مِنْهُ عَن الثَّوْريّ عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَنهُ قَالَ: إِذا فقد فِي الصَّفّ تربصت امْرَأَته سنة، وَإِذا فقد فِي غير الصَّفّ فأربع سِنِين. قَوْله:(تربص امْرَأَته) بِفَتْح التَّاء وَضم الصَّاد، أَصله تتريص فحذفت مِنْهُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ كَمَا فِي {نَارا تلظى} (اللَّيْل: 41) أَصله: تتلظى. قَوْله: (سنة) كَذَا هُوَ فِي جَمِيع النّسخ والشروح وَغَيرهَا من المستخرجات إِلَّا ابْن التِّين فَإِنَّهُ قد وَقع عِنْده: سِتَّة أشهر، فَلفظ: سِتَّة تَصْحِيف وَلَفظ: أشهر، زِيَادَة. قَوْله:(تربص) يَعْنِي تنْتَظر سنة يَعْنِي تؤجل، وروى أَشهب عَن مَالك أَنه يضْرب لامْرَأَته أجل سنة بعد أَن ينظر فِي أمرهَا وَلَا يضْرب لَهَا من يَوْم فقد، وَسَوَاء فقد فِي الصَّفّ بَين الْمُسلمين أَو فِي قتال الْمُشْركين. وروى عِيسَى عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك: إِذا فقد فِي المعترك أَو فِي فتن الْمُسلمين بَينهم أَنه ينْتَظر يَسِيرا بِمِقْدَار مَا ينْصَرف المنهزم ثمَّ تَعْتَد امْرَأَته وَيقسم مَاله، وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْمَفْقُود فِي فتن الْمُسلمين أَنه يضْرب لامْرَأَته سنة ثمَّ تتَزَوَّج، وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالثَّوْري فِي الَّذِي يفقد بَين الصفين كَقَوْلِهِم فِي الْمَفْقُود وَلَا يفرق بَينهمَا، والكوفيون يَقُولُونَ: لَا يقسم مَاله حَتَّى يَأْتِي عَلَيْهِ من الزَّمَان مَا لَا يعِيش مثله، وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يقسم مَاله حَتَّى تعلم وَفَاته.
واشْتَرَى ابنُ مَسْعُودٍ جارِيَةً والْتَمَسَ صاحِبَها سَنَةً فلَمْ يَجِدْهُ وفُقِدَ فأخَذَ يُعْطِى الدِّرْهَمَ والدِّرْهَمَيْنِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ عنْ فُلَانٍ فإنْ أبَى فلانٌ فلِي وعلَيَّ. وَقَالَ: هاكَذَا فافْعَلُوا باللُّقَطَةِ.
لم يَقع هَذَا من رِوَايَة أبي ذَر عَن السَّرخسِيّ. وَوصل هَذَا التَّعْلِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي (جَامعه) من رِوَايَة سعيد بن عبد الرَّحْمَن عَنهُ. وَأخرجه أَيْضا سعيد بن مَنْصُور عَنهُ بِسَنَد لَهُ جيد إِن ابْن مَسْعُود اشْترى جَارِيَة بسبعمائة دِرْهَم فإمَّا غَابَ عَنْهَا صَاحبهَا وَإِمَّا تَركهَا فنشده حولا فَلم يجده، فَخرج بهَا إِلَى مَسَاكِين عِنْد سدة بَابه وَجل يقبض وَيُعْطِي، وَيَقُول: اللَّهُمَّ عَن صَاحبهَا فَإِن أَبى فمني وعليُّ الْغرم. وَأخرجه ابْن أبي شيبَة بِسَنَد صَحِيح عَن شريك عَن عَامر بن شَقِيق عَن أبي وَائِل بِلَفْظ: اشْترى عبد الله جَارِيَة بسبعمائة دِرْهَم فَغَاب صَاحبهَا فأنشده حولا، أَو قَالَ: سنة ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد فَجعل يتَصَدَّق وَيَقُول: اللَّهُمَّ فَلهُ، وَإِن أَبى فعليّ. ثمَّ قَالَ: هَكَذَا افعلوا باللقطة والضالة. قَوْله: (وَالْتمس صَاحبهَا) أَي طلب بَائِعهَا ليسلم إِلَيْهِ الثّمن
فَلم يجده فَأخذ عبد الله يعْطى الدِّرْهَم وَالدِّرْهَمَيْنِ للْفُقَرَاء من ثمن الْجَارِيَة، وَيَقُول: اللَّهُمَّ تقبله عَن فلَان أَي: صَاحب الْجَارِيَة. قَوْله: (فَإِن أَبى) من الإباء وَهُوَ الِامْتِنَاع، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: فَإِن أَتَى، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق من الْإِتْيَان، أَي: فَإِن جَاءَ. قَوْله: (فلي وَعلي) فلي الثَّوَاب وَعلي الغرامة. أَرَادَ أَن صَاحبهَا إِذا جَاءَ بعد الصَّدَقَة بِثمنِهَا وأبى فعله ذَلِك وَطلب ثمنهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن أَبى فالثواب وَالْعِقَاب ملتبسان بِي، أَو فالثواب لي وَعلي دينه من ثمنهَا. وَقَالَ بَعضهم: وغفل بعض الشُّرَّاح، وَأَرَادَ بِهِ الْكرْمَانِي، فَإِنَّهُ نقل كَلَامه مثل مَا قُلْنَا ثمَّ نسبه إِلَى الْغَفْلَة ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي قلته أولى لِأَنَّهُ وَقع مُفَسرًا فِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة كَمَا ترى. قلت: الْغَفْلَة مِنْهُ لَا من الْكرْمَانِي، لِأَن الَّذِي فسره لَا يُخَالف تَفْسِير ابْن عُيَيْنَة فِي الْحَقِيقَة بل أدق مِنْهُ. يظْهر ذَلِك بِالنّظرِ والتأمل. قَوْله:(وَقَالَ: هَكَذَا) أَي: قَالَ ابْن مَسْعُود. (هَكَذَا افعلوا باللقطة)، وَعرف حكم اللّقطَة فِي موضعهَا فِي الْفُرُوع. وَقَالَ بَعضهم: أَشَارَ بذلك إِلَى أَنه انتزع فعله فِي ذَلِك من حكم اللّقطَة لِلْأَمْرِ بتعريفها سنة وَالتَّصَرُّف فِيهَا بعد ذَلِك انْتهى. قلت: لِأَن حكم اللّقطَة مَعْلُوما عِنْدهم، وَلم تكن قَضِيَّة ابْن مَسْعُود مَعْلُومَة عِنْدهم، فَلذَلِك قَالَ لَهُم: إفعلوا مثل اللّقطَة؟ يَعْنِي افعلوا فِي مثل قضيتي إِذا وَقعت مثل مَا كُنْتُم تفعلونه فِي اللّقطَة بالتعريف سنة وَالتَّصَرُّف فِيهَا بعد ذَلِك على الْوَجْه الْمَذْكُور فِي الْفُرُوع.
وَقَالَ ابنُ عَبّاسِ نَحْوُهُ.
هَذَا التَّعْلِيق عَن ابْن عَبَّاس لم يثبت إلَاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والكشميهني، وَوَصله سعد بن مَنْصُور من طَرِيق عبد الْعَزِيز بن ربيع عَن أَبِيه: أَنه ابْتَاعَ ثوبا من رجل بِمَكَّة فضل مِنْهُ فِي الزحامِ، قَالَ: فَأتيت ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِذا كَانَ الْعَام الْمقبل فأنشده فِي الْمَكَان الَّذِي اشْتريت مِنْهُ فَإِن قدرت عَلَيْهِ وإلَاّ تدق بهَا، فَإِن جَاءَ فخيره بَين الصَّدَقَة وإعطاه الدَّرَاهِم.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الأسِيرِ يُعْلمُ مَكانُهُ: لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأتُهُ وَلَا يُقْسَمُ مَالُهُ، فإذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فسُنْتُهُ سُنَّةُ المفْقُودِ.
أَي: قَالَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ الخ، وَوصل تَعْلِيقه ابْن أبي شيبَة من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ. قَالَ: سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن الْأَسير فِي أَرض الْعَدو مَتى تزوج امْرَأَته؟ فَقَالَ: لَا تزوج مَا علمت أَنه حَيّ، وَمن وَجه آخر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: يُوقف مَال الْأَسير وَامْرَأَته حَتَّى يسلما أَو يموتا. قَوْله: (فسنته) أَي: حكمه حكم الْمَفْقُود، وَمذهب الزُّهْرِيّ فِي امْرَأَة الْمَفْقُود أَنَّهَا تربص أَربع سِنِين، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: أجمع كل من يحفظ عَنهُ من أهل الْعلم على أَن زَوْجَة الْأَسير لَا تنْكح حَتَّى يعلم يَقِين وَفَاته مَا دَامَ على الْإِسْلَام، هَذَا قَول النَّخعِيّ وَالزهْرِيّ وَمَكْحُول وَيحيى الْأنْصَارِيّ، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأبي حنيفَة وَأبي ثَوْر وَأبي عبيد، وَبِه نقُول.
وَقَالَ ابْن بطال: اخْتلف الْعلمَاء فِي حكم الْمَفْقُود إِذا لم يعلم مَكَانَهُ وَعمي خَبره، فَقَالَت طَائِفَة: إِذا خرج من بَيته وَعمي خَبره فَإِن امْرَأَته لَا تنْكح أبدا وَلَا يفرق بَينه وَبَينهَا حَتَّى يُوقن بوفاته أَو يَنْقَضِي تعميره، وسبيل زَوجته سَبِيل مَاله، رُوِيَ هَذَا القَوْل عَن عَليّ رضي الله عنه، وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب البُخَارِيّ. وَقَالَت طَائِفَة: تَتَرَبَّص امْرَأَته أَربع سِنِين ثمَّ تَعْتَد عدَّة الْوَفَاة. وَرُوِيَ أَيْضا عَن عَليّ بن أبي طَالب وَابْن عَبَّاس وَابْن عَمْرو وَعَطَاء وَابْن أبي رَبَاح، وَإِلَيْهِ ذهب مَالك وَأهل الْمَدِينَة وَأحمد وَإِسْحَاق.
2925 -
حدّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ عنْ يَحْيَى بنِ سعِيدِ عنْ يَزِيدَ مَوْلاى المُنْبَعِثِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عنْ ضالَّةِ الغَنَمِ فَقَالَ: خُذْها فإنّما هِيَ لَكَ أوْ لإخِيكَ أوْ لِلذِّئْبِ. وسُئِلَ عنْ ضالّةِ الإبِلِ فَغَضِبَ واحْمَرَّتْ وجْنَتاهُ. وَقَالَ: مَالكَ ولَها معَه الحِذَاءُ والسِّقاءُ؟ تشْرَبُ المَاءَ وتأكُلُ الشَّجَرَ حتّى يَلْقاها رَبُّها. وسُئلَ عنِ اللّقَطَةِ، فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَها وعِفاصَها وعَرِّفْها سَنَةً، فإنْ جاءَ مَنْ يَعْرِفُها وإلاّ فاخْلِطْها بِمِالِكَ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَلقِيتُ ربِيعَةَ بنَ أبِي عبْدِ الرَّحْمانِ قَالَ سُفْيانُ: ولَمْ أحْفَظْ عنْهُ شَيْئاً غَيْرَ هاذَا، فَقُلْتُ: أرَأيْتَ حَدِيثَ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ فِي أمْرِ الضَّالَّةِ هُوَ عنْ زَيْدِ