الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَواب عَن الأول: وَأما الثَّانِي، فَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ هَذَانِ الحديثان مُخْتَلِفَانِ وَلَا يجوزان فِي الصَّحِيح مَعَ تباينهما، بل الصَّحِيح أَحدهمَا، وَجزم الْبَيْهَقِيّ أَن ذكر أبي الدَّرْدَاء وهم أنس حدث بِهَذَا الحَدِيث فِي وَقْتَيْنِ. فَذكر مرّة أبي بن كَعْب وَمُدَّة أُخْرَى بدله أَبَا الدَّرْدَاء، انْتهى: فَكيف يكون الصَّوَاب أبي بن كَعْب. وَقَالَ الدَّاودِيّ: لَا أرى ذكر أبي الدَّرْدَاء مَحْفُوظًا، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ذكر فِي الطَّرِيق الأول أبي بن كَعْب من الْأَرْبَعَة، وَفِي هَذَا الطَّرِيق لم يذكرهُ، وَذكر قَوْله أَبَا الدَّرْدَاء، والراوي فيهمَا أنس، وَهَذَا أشكل الأسئلة. قلت: أما الأول: فَلَا قصر فِيهِ فَلَا يَنْفِي جمع أبي الدَّرْدَاء، وَأما الثَّانِي فَلَعَلَّ اعْتِقَاد السَّامع كَانَ أَن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة لم يجمعوا وَأَبا الدَّرْدَاء لم يكن من الجامعين، فَقَالَ ردا عَلَيْهِ: لم يجمعه إلَاّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة، ادَّعَاهُ ومبالغة فَلَا يلْزم مِنْهُ النَّفْي عَن غَيره حَقِيقَة إِذا لحصر لَيْسَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى نفس الْأَمر بل بِالنِّسْبَةِ إِلَى اعْتِقَاده انْتهى. قلت: قَوْله: أما الأول فَلَا قصر فِيهِ، ظَاهر وَأما قَوْله: وَأما الثَّانِي إِلَى آخِره، فَفِيهِ تَأمل وَهُوَ غير شافٍ فِي دفع السُّؤَال لِأَن قَوْله: فَقَالَ ردا عَلَيْهِ: لم يجمعه إلَاّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة إِن كَانَ مُرَاده من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة هم المذكورون فِي الرِّوَايَة الأولى فَلَا سُؤال فِيهِ من الْوَجْه الَّذِي ذكر، وَإِن كَانَ مُرَاده أَنهم هم المذكورون فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة فالسؤال باقٍ على مَا لَا يخفي على النَّاظر إِذا أمعن نظره فِيهِ، وَقد نقل بَعضهم كَلَام الْكرْمَانِي هَذَا وَسكت عَنهُ كَأَنَّهُ رَضِي بِهِ للْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَكَانَ من عَادَته أَن ينْقل شَيْئا من كَلَامه الْوَاضِح وَيرد عَلَيْهِ لعدم المبالاة بِهِ، وَرضَاهُ هُنَا لأجل دفع سُؤال السَّائِل فِي هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ المتباينتين اللَّتَيْنِ ذكرهمَا البُخَارِيّ حَتَّى قَالَ فِي جملَة كَلَامه: وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا الْجَواب بِهَذَا الِاحْتِمَال الواهي مقنعا للسَّائِل مَعَ أَن أصل الحَدِيث وَاحِد والراوي وَاحِد؟ قَوْله: (وَنحن ورثناه) أَي: قَالَ أنس: نَحن ورثنا أَبَا زيد لِأَنَّهُ مَاتَ وَلم يتْرك عقبا وَهُوَ أحد عمومة أنس، وَقد تقدم فِي مَنَاقِب زيد بن ثَابت، قَالَ قَتَادَة: قلت: وَمن أَبُو زيد؟ قَالَ: أحد عمومتي.
5005 -
حدَّثنا صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ أخْبرنا يَحْيَى عنْ سُفْيانَ عنْ حَبِيبِ بنِ أبِي ثابِتٍ عنْ سَعِيدٍ ابنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: أُبَيُّ اقْرَؤُنا، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحنِ أُبَيّ، وأُبَيُّ يَقُولُ: أخذْتُهُ مِنْ فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَا أتْرُكُهُ لِشَيء، قَالَ الله تَعَالَى:{ (2) مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} (الْبَقَرَة: 601)
(انْظُر الحَدِيث 1844) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أبي اقرؤنا) لِأَنَّهُ يدل على أَنه أقرّ الْقُرَّاء من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي تفيسر سُورَة الْبَقَرَة عَن عَمْرو بن عَليّ: حَدثنَا يحيى أخبرنَا سُفْيَان عَن حبيب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أقرؤنا أبي وأقضانا عَليّ وَإِنَّا لندع إِلَى آخِره. وَقَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف: لَيْسَ فِي رِوَايَة صَدَقَة ذكر عَليّ؟ قلت: كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَلَكِن ثَبت فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ فِي البُخَارِيّ، وَكَذَا ألحق الْحَافِظ الدمياطي ذكر عَليّ هُنَا وَصَححهُ، وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ هَذَا بجيد لِأَنَّهُ سَاقِط من رِوَايَة الْفربرِي الَّتِي عَلَيْهَا مدَار رِوَايَته. قلت: هَذَا عَجِيب، وَكَيف يُنكر هَذَا على الدمياطي وَقد سبقه النَّسَفِيّ بِهِ؟ وَالَّذِي لَاحَ للدمياطي مَا لَاحَ لهَذَا الْقَائِل، فَلهَذَا قدم الْإِنْكَار.
قَوْله: (وَإِنَّا لندع) أَي: لنترك. قَوْله: (من لحن أبي) ولحن القَوْل فحواه وَمَعْنَاهُ، وَالْمرَاد بِهِ هُنَا القَوْل. وَقَالَ الْهَرَوِيّ: اللّحن بِسُكُون الْحَاء اللُّغَة وبالفتح الفطنة، واللحن أَيْضا إِزَالَة الْإِعْرَاب عَن وَجهه بالإسكان. قَوْله:(وَأبي يَقُول) جملَة حَالية. قَوْله: (لشَيْء) أَي: لناسخ، وَكَانَ أبي لَا يسلم نسح بعض الْقُرْآن، وَقَالَ: لَا أترك الْقُرْآن الَّذِي أَخَذته من فَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأجل نَاسخ، وَاسْتدلَّ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِالْآيَةِ الدَّالَّة على النّسخ.
9 -
(بابُ فَضْلِ فاتِحَةِ الكِتابِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل فَاتِحَة الْكتاب، وَفِي بعض النّسخ: بَاب فِي فَضَائِل فَاتِحَة الْكتاب، وَفِي بَعْضهَا: بَاب فضل الْفَاتِحَة، وَمن أول قَوْله: بَاب فَضَائِل الْقُرْآن، إِلَى هُنَا لَيْسَ فِيهَا شَيْء يتَعَلَّق بفضائل الْقُرْآن، نعم يتَعَلَّق بِأُمُور الْقُرْآن وَهِي التراجم الَّتِي ذكرهَا إِلَى هُنَا.
6005 -
حدَّثنا عَليُّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا يَحْيَى بنُ سَعيدٍ حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ: حدّثني خُبَيْبُ بنُ عبْدِ الرحْمانِ عنْ حَفْصٍ بنِ عاصِمٍ عنْ أبي سَعِيدٍ بنِ المُعَلَّى، قَالَ: كُنْتُ أصَلِّي، فَدَعَاني النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ أُجِبْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُول الله {إنِّي كُنْتُ أُصَلِّي. قَالَ: ألَمْ يَقُلِ الله: { (8) اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ} (الْأَنْفَال: 42) . ثُمَّ قَالَ: ألَا أُعَلِّمُكَ أعْظَمَ سورَةٍ فِي القُرْآن قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِد؟ فأخذَ بِيَدِي، فَلمَّا أرَدْنا أنْ نَخْرُجَ قُلْتُ: يَا رسُولَ الله} إنَّكَ قُلْتَ: لَا عَلَّمَنَّك أعْظَمَ سُورَة مِنَ القُرْآنِ، قَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الْفَاتِحَة: 2) هيَ السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآنُ العَظيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أَلا أعلمك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن) إِلَى آخِره.
وَعلي بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وخبيب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عبد الرَّحْمَن الخزرجي، وَحَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأَبُو سعيد اسْمه الْحَارِث على اخْتِلَاف فِيهِ ابْن الْمُعَلَّى بِلَفْظ اسْم الْمَفْعُول من التعلية.
والْحَدِيث قد مر فِي أول كتاب التَّفْسِير فِي: بَاب مَا جَاءَ فِي فاتحتة الْكتاب، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً.
7005 -
حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حَدثنَا وهْبٌ حَدثنَا هِشامٌ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ مَعْبَدٍ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا فِي مَسيرٍ لَنا، فَنَزَلْنا فَجاءَتْ جاريَةٌ فقالَتْ: إنَّ سَيِّدَ الحَيِّ سَلِيمٌ، وإنَّ نَفَرَ ناغيَبٌ فَهَلْ منْكمْ رَاقٍ؟ فقامَ رجُلٌ مَا كُنا نأْبُنُهُ بِرُقْيَة، فَرَقاهُ فَبَرَأ، فأمَرَ لهُ بِثَلَاثِينَ شَاة وَسَقَانَا لِبَنَا، فلَما رجَعَ قُلْنا لهُ: أكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أوْ كُنْتَ تَرْقِي؟ قَالَ: لَا مَا رَقَيْتُ إلَاّ بأُمِّ الكِتاب، قُلْنا: لَا تُحدِثُوا شيْئا حَتَّى نأتِيَ أوْ نَسأَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَدِمْنا المَدِينَةَ ذَكَرْناهُ لِلنبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: وكا كانَ يُدْرِيهِ أنَّها رُقُيَةٌ؟ اقْسِمُوا واضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ يدل على فضل الْفَاتِحَة ظَاهرا. وَقد مضى هَذَا الحَدِيث مطولا فِي كتاب الْإِجَارَة فِي: بَاب مَا يعْطى فِي الرّقية، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي النُّعْمَان عَن أبي عوَانَة عَن أبي بشر عَن أبي المتَوَكل عَن أبي سعيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهنا أخرجه عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن وهب بن جرير عَن هِشَام بن حسان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن معبد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالدال الْمُهْملَة ابْن سِيرِين أخي مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ واسْمه سعد بن مَالك مَشْهُور باسمه وكنيته وبكنيته أَكثر وَبَينهمَا تفَاوت فِي الْإِسْنَاد وَفِي الْمَتْن أَيْضا، بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان، وَهُنَاكَ قَالَ أَبُو سعيد: انْطلق نفر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي سفرة سافروها الحَدِيث، وَهنا قَالَ: كُنَّا فِي مسير لنا، وَهَذَا يدل على أَن أَبَا سعيد كَانَ مَعَ النَّفر الَّذين سافروا فِي الحَدِيث الَّذِي هُنَاكَ، وَلِهَذَا قَالُوا: إِن الرجل الراقي هُوَ أَبُو سعيد نَفسه الرَّاوِي للْحَدِيث.
قَوْله: (سليم) أَي: لديغ، وَكَأَنَّهُم تفاءلوا بِهَذَا اللَّفْظ. قَوْله:(غيب) بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف المخففة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة وَهُوَ جمع غَائِب ويروي: غيب، بِضَم الْغَيْن وَتَشْديد الْيَاء الْمَفْتُوحَة. قَوْله:(راقٍ) اسْم فَاعل من رقي يرقي من بَاب ضرب يضْرب، وَأَصله راقي فأعل إعلال قاصٍ. قَوْله:(مَا كُنَّا نأبنه) أَي: ماكنا نعلمهُ أَنه يرقي فنعينه، ومادته همزَة وباء مُوَحدَة وَنون، من أبنت الرجل ابْنه وَابْنه إِذا رميته بخلة سوء، وَهُوَ مأبون وَالِابْن بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء التُّهْمَة. قَوْله:(وَكنت ترقي) بِكَسْر الْقَاف. قَوْله: (مَا رقيت) بِفَتْح الْقَاف. قَوْله: (إلَاّ بِأم الْكتاب) وَهِي الْفَاتِحَة. قَوْله: (لَا تحدثُوا) من الإحداث أَي: لَا تحدثُوا أمرا وَلَا تعلمُوا شَيْئا حَتَّى نأتي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (أَو نسْأَل) شكّ من الرَّاوِي. فَإِن قلت: يروي أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن مَسْعُود، قَالَ: كَانَ صلى الله عليه وسلم يكره الرقيا إلَاّ بالمعوذات. قلت: قَالَ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه: لَا يَصح، وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: وَفِي