الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَن يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهارِ علَى قِيرَاطٍ فَعَلِمَتِ اليَهُودُ. فَقَالَ: منْ يَعمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهارِ إِلَى العَصْرِ علَى قيرَاطٍ، فَعَمِلَتِ النَّارَى، ثُمَّ أنْتُمْ تَعلَمونَ مِنَ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ بِقِيرَاطِيْنَ قِيرَاطَيْنِ. قالُوا: نَحْنُ أكْثَرُ عَمَلاً وأقَلُّ عَطاءً. قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَاكَ فَضْلي أُوتِيهِ مَنْ شِئْتُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة مَا قيل مَعَ إصْلَاح الْفَقِير إِيَّاه من أَن ثُبُوت فضل هَذِه الْأمة على غَيرهَا من الْأُمَم بِالْقُرْآنِ الَّذِي أمروا بِالْعَمَلِ بِهِ. فَإِذا ثَبت الْفضل بِالْقُرْآنِ فضل لَا فضل فَوْقه، وَتَأْتِي الْمُطَابقَة من هَذِه الْجِهَة. وَإِن كَانَ فِيهِ بعض تعسف.
وَأخرج الحَدِيث عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن سُفْيَان الثَّوْريّ إِلَى آخِره، وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة فِي: بَاب من أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوْفِي.
81 -
(بابُ الوَصَايَةِ بِكتابِ الله عز وجل
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْوِصَايَة بِكِتَاب الله عز وجل بِالْهَمْزَةِ بعد الْألف وبالياء آخر الْحُرُوف وَفتح الْوَاو وَكسرهَا، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، بَاب الْوَصِيَّة، وَالْمرَاد بِالْوَصِيَّةِ بِكِتَاب الله حفظه حسا وَمعنى، وإكرامه وصونه، وَلَا يُسَافر بِهِ إِلَى أَرض الْعَدو، وَيتبع مَا فِيهِ فَيعْمل بأوامره ويجتنب نواهيه ويداوم تِلَاوَته وتعلمه وتعليمه، وَنَحْو ذَلِك.
2205 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حَدثنَا مالِكُ بنُ مِغوَلٍ حدَّثنا طَلْحَةُ قَالَ: سألْتُ عبدَ الله بنِ أبي أوْفَى آوْصَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: لَا. فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ على النَّاسِ الوَصيَّةُ امرُوا بِها ولَمُ يُوصِ؟ قَالَ: أوْصَى بِكِتابِ الله.
(انْظُر الحَدِيث 5472 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أوصى بِكِتَاب الله) وَمَالك بن مغول، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو، وَفِي آخِره لَام: البَجلِيّ، وَطَلْحَة بن مصرف على وزن اسْم فَاعل من التصريف اليامي بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف، وَاسم أبي أَو فِي عَلْقَمَة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْوَصَايَا عَن خَلاد بن يحيى وَفِي الْمَغَازِي عَن أبي نعيم، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (بِكِتَاب الله) قيل إِنَّه منَاف لقَوْله: (لَا) وَأجِيب بِأَنَّهُ مَخْصُوص بِمَا يتَعَلَّق بِالْمَالِ أَو بِأَمْر الْخلَافَة.
91 -
(بابُ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقُرْآنِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من لم ير التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ. وَهَذِه التَّرْجَمَة لفظ حَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن شهَاب بِسَنَد حَدِيث الْبَاب بِلَفْظ: من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ منا، وَبِهَذَا يحصل الْجَواب عَن قَول الْكرْمَانِي. فَإِن قلت: الحَدِيث أثبت التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ، فَلم ترْجم الْبَاب بقوله: من لم يَتَغَنَّ؟ بِصُورَة النَّفْي، وَفِي جَوَابه: هُوَ وهم وَذُهُول حَيْثُ قَالَ. قلت: أما بِاعْتِبَار مَا رُوِيَ عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ: من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ منا، فَأَرَادَ الْإِشَارَة إِلَى ذَلِك الحَدِيث، وَلما لم يكن بِشَرْطِهِ لم يذكرهُ انْتهى وَجه الْوَهم أَنه قَالَ: وَلما لم يكن بِشَرْطِهِ، فَكيف يَقُول ذَلِك وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام كَمَا ذَكرْنَاهُ؟ وَيَأْتِي عَن قريب تَفْسِير التَّغَنِّي.
وقَوْلِهِ تَعَالَى: { (29) أَو لم يَكفهمْ أَنا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب يُتْلَى عَلَيْهِم} (العنكبوت: 15)
وَقَوله تَعَالَى، مجرور عطفا على قَوْله: من لم يَتَغَنَّ لِأَنَّهُ فِي مَحل الْجَرّ بِإِضَافَة لفظ بَاب إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا أورد هَذِه الْآيَة إِشَارَة إِلَى أَن معنى التَّغَنِّي الِاسْتِغْنَاء لِأَن مَضْمُون الْآيَة الْإِنْكَار على من لم يسْتَغْن بِالْقُرْآنِ عَن غير من الْكتب السالفة، وَهِي نزلت فِي قوم آتوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، بِكِتَاب فِيهِ خبر من أَخْبَار الْأُمَم، فَالْمُرَاد بِالْآيَةِ الِاسْتِغْنَاء بِالْقُرْآنِ عَن أَخْبَار الْأُمَم، وَلَيْسَ المُرَاد بهَا الِاسْتِغْنَاء الَّذِي هُوَ ضد الْفقر وَاتبع البُخَارِيّ التَّرْجَمَة بِهَذِهِ الْآيَة ليدل على أَن هَذَا
مَذْهَب فِي الحَدِيث، وَهُوَ مُوَافق لتأويل سُفْيَان، يتَغَنَّى بِهِ، لكنه حمله على ضد الْفقر، وَالْبُخَارِيّ حمله على مَا هُوَ أَعم من ذَلِك، وَهُوَ إِلَّا كتفاء مُطلقًا.
3205 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حدّثني اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهاب قَالَ: أَخْبرنِي أبُو سلَمَةَ بنُ عبدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، أنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لَمْ يأذَنِ الله لشَيْء مَا أذِنَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَتَغَنَّى بالقرْآنِ.
وَقَالَ: صاحبٌ لهُ يريدُ يَجْهَرُ بِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة والْحَدِيث من أَفْرَاده وَأخرجه فِي التَّوْحِيد أَيْضا.
قَوْله: (للنَّبِي) بالنُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة فِي رِوَايَة رُوَاة البُخَارِيّ كلهم، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: لشَيْء، بالشين الْمُعْجَمَة، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم فِي جَمِيع طرقه. قَوْله:(مَا أذن للنَّبِي) بِالْألف وَاللَّام عِنْد أبي ذَر، وَعَن، غَيره لنَبِيّ، بِدُونِ الْألف وَاللَّام، وَقَالَ بَعضهم: فَإِن كَانَت مَحْفُوظَة بِالْألف وَاللَّام فَهِيَ للْجِنْس وَوهم من ظَنّهَا للْعهد، وتوهم أَن المُرَاد نَبينَا صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا أذن للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَشَرحه على ذَلِك. قلت: هَذَا الَّذِي ذكره عين الْوَهم، وَالْأَصْل فِي الْألف وَاللَّام أَن يكون للْعهد خُصُوصا فِي الْمُفْرد، وعَلى مَا ذكره يفْسد الْمَعْنى لِأَنَّهُ يكون على هَذِه الصُّورَة لم يَأْذَن الله لنَبِيّ من الْأَنْبِيَاء مَا أذن لجنس النَّبِي وَهَذَا فَاسد. قَوْله:(أَن يبتغى) كَذَا فِي رِوَايَة الْكل بِلَفْظَة: أَن وَفِي رِوَايَة أبي نعيم من وَجه آخر: عَن يحيى بن بكير شيخ البُخَارِيّ فِيهِ بِدُونِ: أَن وَزعم ابْن الْجَوْزِيّ أَن الصَّوَاب حذف (أَن) وَأَن إِثْبَاتهَا وهم من بعض الروَاة لأَنهم كَانُوا يروون بِالْمَعْنَى، فَرُبمَا ظن بَعضهم الْمُسَاوَاة فَوَقع فِي الْخَطَأ لِأَن الحَدِيث لَو كَانَ بِلَفْظ أَن لَكَانَ من الْإِذْن بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الذَّال بِمَعْنى الْإِبَاحَة وَالْإِطْلَاق، وَلَيْسَ ذَلِك مرَادا هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ من الْأذن بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاع. قَوْله:(أذن) أَي: اسْتمع، وَالْحَاصِل أَن لَفْظَة: أذن، بفتحة ثمَّ كسرة فِي الماصي، وَكَذَا فِي الْمُضَارع مُشْتَرك بَين الْإِطْلَاق وَالِاسْتِمَاع تَقول: آذَنت آذن بِالْمدِّ، فَإِن أردْت الْإِطْلَاق فالمصدر بِكَسْر ثمَّ سُكُون، وَإِن أردْت الِاسْتِمَاع فالمصدر أذن بِفتْحَتَيْنِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: أصل الْأذن بِفتْحَتَيْنِ أَن المستمع يمِيل بأذنه إِلَى جِهَة من يسمعهُ، وَهَذَا الْمَعْنى فِي حق الله لَا يُرَاد بِهِ ظَاهر، وَإِنَّمَا هُوَ على سَبِيل التَّوَسُّع على مَا جرى بِهِ عرف التخاطب، وَالْمرَاد بِهِ فِي حق الله تَعَالَى إكرام القارىء وإجزال ثَوَابه، لِأَن ذَلِك ثَمَرَة الإصغاء.
وَاخْتلفُوا فِي معنى التَّغَنِّي، فَعَن الشَّافِعِي: تَحْسِين الصَّوْت بِالْقُرْآنِ، وَيُؤَيِّدهُ قَول ابْن أبي مليكَة فِي سنَن أبي دَاوُد إِذا لم يكن حسن الصَّوْت يُحسنهُ مَا اسْتَطَاعَ، وَقيل: يَسْتَغْنِي بِهِ، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أَحْمد عَن وَكِيع وَقيل: يَسْتَغْنِي بِهِ عَن أَخْبَار الْأُمَم الْمَاضِيَة والكتب الْمُتَقَدّمَة، وَقيل: مَعْنَاهُ التشاغل بِهِ والتغني، وَقيل: ضد الْفقر، وَقيل: من لم يرتح لقرَاءَته وسماعه، وَقَالَ الإِمَام: أوضح الْوُجُوه فِي تَأْوِيله: من لم يغنه الْقُرْآن وَلم يَنْفَعهُ فِي إيمَانه وَلم يصدق بِمَا فِيهِ من وعد ووعيد فَلَيْسَ منا، وَمن تَأَول بِهَذَا التَّأْوِيل كره الْقِرَاءَة بالألحان والترجيع، رُوِيَ ذَلِك عَن أنس وَسَعِيد بن الْمسيب وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَسَعِيد بن جُبَير وَالنَّخَعِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود فِيمَا ذكره ابْن أبي شيبَة فِي كتاب الثَّوَاب وَقَالُوا: كَانُوا يكرهونها بتطريب، وَهُوَ قَول مَالك، وَمِمَّنْ قَالَ: المُرَاد بِهِ تَحْسِين الصَّوْت والترجيع بقرَاءَته والتغني بِمَا شَاءَ من الْأَصْوَات واللحون الشَّافِعِي وَآخَرُونَ، وَذكر عمر بن شبة قَالَ: ذكرت لأبي عَاصِم النَّبِيل تَأْوِيل ابْن عُيَيْنَة الَّذِي ذكره عَن قريب، فَقَالَ: مَا يصنع ابْن عُيَيْنَة شَيْئا، حَدثنَا ابْن جريج عَن عَطاء عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ لداود عليه الصلاة والسلام، معزفة يتَغَنَّى عَلَيْهَا ويبكى ويبكى، وَعَن ابْن عَبَّاس: أَنه كَانَ يقْرَأ الزبُور بسبعين لحنا وَيقْرَأ قِرَاءَة يطرب مِنْهَا المحموم، فَإِذا أَرَادَ أَن يبكي نَفسه لم تيقدابة فِي بر أَو بَحر إِلَّا أنصتن يسمعن ويبكين، وَمن الْحجَّة لهَذَا القَوْل أَيْضا حَدِيث ابْن مُغفل فِي وصف قِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَفِيه: ثَلَاث مَرَّات، وَهَذَا غَايَة الترجيع، ذكره البُخَارِيّ فِي الِاعْتِصَام، وَسُئِلَ الشَّافِعِي عَن تَأْوِيل ابْن عُيَيْنَة، فَقَالَ: نَحن أعلم بِهَذَا لَو أَرَادَ الِاسْتِغْنَاء لقَالَ: من لم يسْتَغْن بِالْقُرْآنِ، وَلَكِن لما قَالَ: من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ، علمنَا أَنه أَرَادَ بِهِ التَّغَنِّي، وَكَذَلِكَ فسره