الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شجر قد أكل مِنْهَا، وَكَذَا أخرجه أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج بِلَفْظ الْجمع وَهُوَ أصوب لقَوْله بعد:(فِي أَيهَا كنت ترتع) أَي: فِي أَي الشّجر؟ وَلَو أَرَادَ الْمَوْضِعَيْنِ لقَالَ: فِي أَيهمَا. قَوْله: (ترتع) بِضَم أَوله من الإرتاع، يُقَال: ارتع بعيره، إِذا تَركه يرعيشيئا، ورتع الْبَعِير فِي المرعى إِذا أكل مَا شَاءَ، ورتعه الله أَي: أنبت لَهُ مَا يرعاه على سَعَة. قَوْله: (قَالَ: فِي الَّذِي لم يرتع مِنْهَا) وَالْأَصْل أَن يُقَال: فِي الَّتِي لم يُؤْكَل مِنْهَا وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي نعيم: قَالَ فِي الشَّجَرَة الَّتِي، وَهُوَ الأَصْل. قَوْله:(تَعْنِي) . أَي: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَزَاد أَبُو نعيم قبل هَذَا ناهيه، بِكَسْر الْهَاء وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْهَاء، وَهِي للسكت.
8705 -
حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْماعِيلَ حدّثنا أبُو أُسامَةَ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ، قالَتْ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أُرِيتُكِ فِي المَنامِ مَرَّتَيْنِ إِذَا رجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هاذِهِ امْرَأتُكَ، فأكْشِفُها فإِذَا هيَ أنْتِ، فأقُولُ: إنْ يَكُنْ هاذَا مِنْ عِنْدِ الله يُمْضِه..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، تزوج عَائِشَة وَهِي بكر بعد رُؤْيَته إِيَّاهَا فِي الْمَنَام الصَّادِق. وَعبيد اسْمه فِي الأَصْل عبد الله بن إِسْمَاعِيل يكنى أَبَا مُحَمَّد الْهَبَّاري الْقرشِي الْكُوفِي، وَأَبُو أُسَامَة. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّعْبِير عَن عبيد الْمَذْكُور وَأخرجه مُسلم فِي الفصائل عَن أبي كريب عَن أبي أُسَامَة.
قَوْله: (أريتك)، بِضَم الْهمزَة وَكسر الْكَاف لِأَنَّهُ خطاب لعَائِشَة. قَوْله:(إِذا رجل يحملك)، كلمة: إِذا، للمفاجأة، وَأَرَادَ بِالرجلِ ملكا فِي صُورَة رجل، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: أَن الْملك الَّذِي جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بصورتها هُوَ جِبْرِيل، عليه الصلاة والسلام، وَفِي صَحِيح ابْن حبَان جَاءَنِي جِبْرِيل عليه الصلاة والسلام، فِي خرقَة حَرِير فَقَالَ: هَذِه زَوجتك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: جَاءَنِي لَك الْملك، وَفِي طَبَقَات ابْن سعد عَنْهَا: جَاءَ جِبْرِيل، عليه الصلاة والسلام، بِصُورَتي من السَّمَاء فِي حريرة وَأَصلهَا بِالْفَارِسِيَّةِ: سره، أَي: جيد فعرب كَمَا عرب استبرق، وَقيل: هِيَ شقة من الْحَرِير الْأَبْيَض، وَادّعى الْمُهلب أَنه كالكلة والبرقع، وَهُوَ غَرِيب. قَوْله:(فأكشفها) أَي: فأكشف السّرقَة، قيل: إِنَّمَا رأى مِنْهَا مَا يجوز للخاطب أَن يرَاهُ. قَوْله: (فَإِذا هِيَ أَنْت) كلمة: إِذا، للمفاجأة وَهِي ترجع إِلَى الصُّورَة الَّتِي فِي السّرقَة. قَوْله:(إِن يكن من عِنْد الله)، أَي: إِن يكن هَذَا الَّذِي رَأَيْته كَائِنا من عِنْد الله (يمضه) بِضَم الْيَاء من الْإِمْضَاء، وَهُوَ الإنفاذ، وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: لم يشك صلى الله عليه وسلم فِيمَا رأى فَإِن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَحي وَإِنَّمَا احْتمل عِنْده أَن تكون الرُّؤْيَا اسْما. وَاحْتمل أَن تكون كنية. فَإِن للرؤيا اسْما وكنية. فسموها بأسمائها وكنوها بكناها، وَاسْمهَا أَن تخرج بِعَينهَا، وكنيتها أَن تخرج على مثالها، أَو هِيَ أُخْتهَا أَو قرينتها أَو جارتها أَو سميتها، وَذكر عِيَاض أَن هَذِه الرُّؤْيَا تحْتَمل أَن تكون قبل النُّبُوَّة فَقَالَ: تزَوجهَا فَإِنَّهَا امْرَأَتك. قَوْله: (فِي سَرقَة) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء. وَهِي قِطْعَة من حَرِير وَإِن كَانَت بعد النُّبُوَّة فلهَا ثَلَاثَة معانٍ: الأول: أَن تكون الرُّؤْيَا على وَجههَا فظاهرها لَا يحْتَاج إِلَى تَعْبِير وَتَفْسِير فيسمضه الله وينجزه، فالشك عَائِد إِلَى أَنَّهَا رُؤْيا على ظَاهرهَا أم تحْتَاج إِلَى تَعْبِير وَصرف عَن ظَاهرهَا. الثَّانِي: المُرَاد إِن كَانَت هَذِه الزَّوْجِيَّة فِي الدُّنْيَا يمضه الله، عز وجل، فالشك أَنَّهَا هَل هِيَ زَوجته فِي الدُّنْيَا أَو فِي الْآخِرَة. الثَّالِث: أَنه لم يشك، وَلَكِن أخبر على التَّحْقِيق وأتى بِصُورَة الشَّك، وَهَذَا نوع من البلاغة يُسمى: مزج الشَّك بِالْيَقِينِ.
01 -
(بابُ تَزْوِيجِ الثَّيِّباتِ)
أَي: هَذَا فِي بَاب فِي بَيَان تَزْوِيج النِّسَاء الثيبات، وَهُوَ جمع ثيب. وَقَالَ بَعضهم: جمع ثيبة، وَلَيْسَ كَذَلِك بل جمع ثيب وَقَالَ المطرزي: الثّيّب بِالضَّمِّ فِي جمعهَا لَيْسَ من كَلَامهم. وَالثَّيِّب من لَيْسَ ببكر، وَقد ذكرنَا أَنه يُقَال: رجل ثيب وَامْرَأَة ثيب، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وَيَقَع على الذّكر وَالْأُنْثَى، وَفِي الْمغرب وَالثَّيِّب من النِّسَاء الَّتِي قد تزوجت فَبَانَت بِوَجْه، وَعَن اللَّيْث: وَلَا يُقَال للرجل وَعَن الْكسَائي: رجل ثيب بامرأته، وَامْرَأَة ثيب إِذا دخل بهَا، كَمَا يُقَال: بكر وأيم، وَهُوَ فيعل من ثاب لمعاودتهما التَّزَوُّج
فِي غَالب الْأُمُور، وَلِأَن الْخطاب يثاوبونها أَي: يعاودونها. وَقَوْلهمْ: ثيبت الْمَرْأَة تثييبا كعجزت النَّاقة وثيبت النَّاقة إطا صَارَت عجوزا.
وقالَتْ أمُّ حَبيبَةَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَعْرِضْنَ علَيَّ بَناتِكُنَّ وَلَا أخَوَاتِكُنَّ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (بناتكن) لِأَنَّهُ خطاب أَزوَاجه ونهاهن أَن يعرضن عَلَيْهِ ربائبه لحرمتهن وَهن ثيبات قطعا، وَهُوَ تَحْقِيق أَنه صلى الله عليه وسلم تزوج الثّيّب ذَات الْبِنْت، وَقَالَ بَعضهم: استنبط المُصَنّف التَّرْجَمَة من قَوْله: (بناتكن) لِأَنَّهُ خطاب بذلك نِسَاءَهُ فَاقْتضى أَن لَهُنَّ بَنَات من غَيره، فيستلزم أَنَّهُنَّ ثيبات. انْتهى. قلت: سُبْحَانَ الله! مَا أبعد هَذَا الْكَلَام عَن الْمَقْصُود، وَالْمَقْصُود إِثْبَات الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة وَلَيْسَ فِيمَا قَالَه وَجه الْمُطَابقَة، لِأَن الَّذِي قَالَ: إِن لنسائه بَنَات من غَيره، وَأَنه يسْتَلْزم أَنَّهُنَّ ثيبات والترجمة فِي زويج الثيبات لَا فِي بَيَان أَن لَهُنَّ بَنَات، فَمن أَيْن يفهم من قَوْله هَذَا؟ وَقد أَخذ كَلَام النَّاس وأفسده، وَلَا يخفي ذَلِك على المتأمل وَأما تَعْلِيق أم حَبِيبَة أم الْمُؤمنِينَ رَملَة بنت أبي سُفْيَان الْأمَوِي، فَإِن البُخَارِيّ أسْندهُ عَن الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم حَبِيبَة، وَسَيَأْتِي بعد عشرَة أَبْوَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَوْله:(لَا تعرضن) قَالَ ابْن التِّين: ضبط بِضَم الضَّاد وَلَا أعلم لَهُ وَجها لِأَنَّهُ إِمَّا خَاطب النِّسَاء أَو وَاحِدَة مِنْهُنَّ، فَإِن كَانَ خطابه لجَماعَة النِّسَاء فصوابه تسكينها لِأَنَّهُ دخل عَلَيْهِ النُّون الْمُشَدّدَة فيجتمع ثَلَاث نونات فيفصل بَينهمَا بِأَلف، فَيُقَال: لَا تعرضنان، وَلَا تدخل النُّون الْخَفِيفَة فِي جمَاعَة النِّسَاء، وَلَا فِي تثنيتهن، وَإِن كَانَ خطابه لأم حَبِيبَة خَاصَّة فَتكون الضَّاد مَكْسُورَة وَالنُّون مُشَدّدَة أَو نون خَفِيفَة. قلت: عِنْد يُونُس تدخل النُّون الْخَفِيفَة فِي جمَاعَة النِّسَاء وتثنيتهن، كَمَا عرف فِي مَوْضِعه.
5705 -
حدَّثنا أبُو النُّعْمانِ حَدثنَا هُشَيْمٌ حَدثنَا سَيَّارٌ عنِ الشُّعْبِيِّ عنْ جابِرِ بنِ عبْدِ الله قَالَ: قَفَلْنا مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْ غَزْوَةٍ، فَتَعَجَّلْتُ علَى بَعيرٍ لِي قَطُوفٍ، فَلَحِقَني راكِبٌ مِنْ خَلْفِي فَنَخَسَ يَعِيرِي بعَنَزَةٍ كانَتْ مَعَه، فانْطَلَقَ بَعِيرِي كأجْوَدِ مَا أنْتَ رَاءٍ مِنَ الإبِلِ، فإِذَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا يُعْجِلُكَ؟ قُلْتُ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرُصٍ. قَالَ: أبِكْرا أمْ ثَيِّبا؟ قُلْتُ: ثَيِّبٌ. قَالَ: فَهَلَاّ جارِيَةً تُلَاعِبُها وتُلَاعِبُكَ؟ قَالَ: فلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُل، قَالَ: أمْلُهوا حتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً أيْ: عِشاءً لِكَي تَمْتَشِطَ الشَّعَثةُ، وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (قلت: ثيب) وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي، وهشيم بن مصغر هشم بن بشير مصغر بشر وسيار، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء: ابْن أبي سيار واسْمه وردان أَبُو الحكم الْعَنزي الوَاسِطِيّ، وَالشعْبِيّ عَامر بن شرَاحِيل.
والْحَدِيث قد مر مطولا ومختصرا فِي الْبيُوع، والاستقراض وَالْجهَاد والشروط وَمر الْكَلَام فِيهِ فِي كل بَاب بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ.
قَوْله: (قَفَلْنَا) أَي: رَجعْنَا. قَوْله: (من غَزْوَة) وَهِي غَزْوَة تَبُوك. قَوْله: (قطوف) بِفَتْح الْقَاف أَي: بطيء. قَوْله: (بعنزة) وَهِي أقصر من الرمْح وأطول من الْعَصَا، وَفِي الْبيُوع: ضربه بمحجن وَهُوَ الصولجان، وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا لِأَنَّهُ إِذا كَانَ أحد طَرفَيْهِ معوجا وَالْآخر فِيهِ حَدِيد يصدق اللفظان عَلَيْهِ. قَوْله:(فَإِذا النَّبِي) أَي: فَإِذا هُوَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (مَا يعجلك) أَي: مَا سَبَب إسراعك؟ قَوْله: (حَدِيث عهد بعرس) أَي: قريب عهدبالدخول على الْمَرْأَة. قَوْله: (أبكرا) مَنْصُوب بمقدر أَي: أتزوجت بكرا؟ قَوْله: (ثيب) خبرمبتدأ مَحْذُوف أَي: هِيَ تيب. قَوْله: (فَهَلا جَارِيَة) أَي: فَهَلا تزوجت جَارِيَة، وَكلمَة هلا، للتخصيص. قَوْله:(لَيْلًا أَي غشاء) قَالَ الْكرْمَانِي: إِنَّمَا فسر اللَّيْل بالعشاء لِئَلَّا يُنَافِي مَا تقدم فِي كتاب الْعمرَة فِي: بَاب لَا يطْرق أَهله، أَنه صلى الله عليه وسلم نهى أَن يطْرق أَهله لَيْلًا. قلت: هَذَا غير مُخَالف لِأَن هَذَا قَالَه لمن يقدم بغنة من غير أَن يعلم أَهله بِهِ، وَأما هُنَا فَتقدم خبر مَجِيء الْجَيْش وَالْعلم بوصوله وَقت كَذَا وَكَذَا. قَوْله:(الشعثة) بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْعين الْمُهْملَة بعْدهَا ثاء مُثَلّثَة، لِأَن الَّتِي يغيب زَوجهَا فِي مَظَنَّة عدم التزين، وَقيل: الشعثة منتشرة الشّعْر مغبرة الرَّأْس. قَوْله: (وتستحد المغيبة) أَي: تسْتَعْمل الحديدة فِي إِزَالَة الشّعْر، والمغيبة، بِضَم الْمِيم وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: من أغابت الْمَرْأَة إِذا غَابَ زَوجهَا فَهِيَ مغيبة.