الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنِّي سَمِعْتُ هاذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الفرْقان علَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيها. فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أرْسِلْهُ: اقْرَأ يَا هِشامُ فَقَرَأ علَيْهِ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ. ثُمَّ قَالَ: اقْرَأُ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُ القِرَاءَةُ الَّتِي أقْرَأني، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: كَذالِكَ أُنْزِلَتْ إنَّ هاذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ علَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ فاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْخُصُومَات وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (وَعبد الرَّحْمَن بن عبد) بِالتَّنْوِينِ غير مُضَاف إِلَى شَيْء (والقاري) بتَشْديد الْيَاء نِسْبَة إِلَى قارة بطن من خُزَيْمَة بن مدركة. قَوْله: (هِشَام بن حَكِيم) ابْن حزَام هُوَ الْأَسدي لَهُ ولأبيه صُحْبَة وَكَانَ إسلامهما يَوْم الْفَتْح، وَهِشَام مَاتَ قبل أَبِيه وَلَيْسَ لَهُ فيالبخاري رِوَايَة، وَأخرجه لَهُ مُسلم حَدِيث وَاحِدًا مَرْفُوعا من رِوَايَة عُرْوَة عَنهُ. قَوْله:(أساوره) أَي: أواثبه. وَقَالَ الْحَرْبِيّ: أَي آخذه بِرَأْسِهِ، وَالْأول أشبه. قَوْله:(حَتَّى سلّم) أَي: من صلَاته. قَوْله: (فلببته برادئه) أَي: جمعت عَلَيْهِ ثِيَابه عِنْد لبته لِئَلَّا ينفلت مني. قَوْله: (كذبت)، فِيهِ إِطْلَاق ذَلِك على غَلَبَة الظَّن أَو المُرَاد بقوله لَهُ: كَذبك أَخْطَأت، لِأَن أهل الْحجاز يطلقون الْكَذِب فِي مَوضِع الْخَطَأ. قَوْله:(أقوده) كَأَنَّهُ لما لببه صَار يجره. قَوْله: (إِن هَذَا الْقُرْآن) إِلَى آخِره إِنَّمَا ذكره النَّبِي صلى الله عليه وسلم تطمينا لعَمْرو، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِئَلَّا يُنكر تصويب الشَّيْئَيْنِ الْمُخْتَلِفين، قَوْله:(مَا تيَسّر مِنْهُ)، أَي: من الْمنزل، وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن التَّعَدُّد فِي الْقِرَاءَة للتيسير على القارىء، هَذَا يُقَوي قَول من قَالَ: المُرَاد بالأحرف تأدية الْمَعْنى بِاللَّفْظِ المرادف وَلَو كَانَ من لُغَة وَاحِدَة، لِأَن لُغَة هِشَام بِلِسَان قُرَيْش وَكَذَلِكَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ومه ذَلِك فقد اخْتلفت قراءتهما، قَالَ ذَلِك ابْن عبد الْبر، وَنقل ذَلِك عَن أَكثر أهل الْعلم: أَن هَذَا هُوَ المُرَاد بالأحرف السَّبع، وَالله أعلم.
6 -
(بابُ تأليفِ القُرْآن)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تأليف الْقُرْآن أَي: جمع آيَات السُّورَة الْوَاحِدَة، أَو جمع السُّور مرتبَة.
3994 -
حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبرنا هِشامُ بنُ يُوسُفَ أنَّ ابنَ جُرَيْ أخْبَرَهُمْ قَالَ: وأخْبَرَني يُوسُفُ بنُ ماهَكٍ قَالَ: إنِّي عِنْدَ عائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنينَ. رضي الله عنها إذْ جاءَها عِرَاقيٌ فَقَالَ: أيُّ الكَفَنِ خَيْرٌ؟ قالَتْ: ويْحَكَ {وَمَا يَضُرُّكَ؟ قَالَ: يَا أمَّ المُؤْمِنِينَ} أرِيني مُصْحَفَكِ. قالَتْ: لِمَ؟ قَالَ: لعَلِّي أُؤَلِّفُ القُرْآنَ عَلَيْهِ فإنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤُلَّفٍ. قالَتْ: وَمَا يَضُرُّكَ أيَّةُ قَرَأْتَ قَبْلُ؟ إِنَّمَا نَزَلَ أوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ فِيها ذِكْرُ الجَنَّةِ والنَّارِ، حَتَّى إِذا ثابَ الناسُ إِلَى الإسْلَامِ نَزَلَ الحَلَالُ والحَرَامُ، ولوْ نَزَلَ أوَّلَ شَيْءٍ لَا تَشْرَبُوا الخَمْر لَقالُوا: لَا تَدَعُ الخَمْرَ أبَدا، ولَوْ نَزَلَ: لَا تَزْنُوا لَقالُوا: لَا تَدَعُ الزِّنا أبَدا لقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وإنِّي لَجارِيَة ألْعَبُ: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} (الْقَمَر: 64) وَمَا نَزَلْتُ سُورَةُ البَقَرَةِ والنِّساءِ إلاّ وَأَنا عِندَهُ عِنْدَهُ، قَالَ: فأخْرَجَتْ لهُ المُصْحَفَ فأمْلَتْ علَيْهِ آيَ السُّورَةِ.
(انْظُر الحَدِيث 6784) .
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: (لعَلي أؤلف الْقُرْآن عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يقْرَأ غير مؤلف) وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ يعرف بالصغير وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا. وَابْن جريج ويوسف بن مَاهك بِفَتْح الْهَاء مُعرب لِأَن مَاهك بِالْفَارِسِيَّةِ قمير مصغر الْقَمَر وماه اسْم الْقَمَر والتصغير عِنْدهم بِالْحَقِّ الْكَاف فِي آخر الِاسْم قَالَ الْكرْمَانِي: وَالأَصَح فِيهِ الِانْصِرَاف قلت: الْأَصَح فِيهِ عدم الِانْصِرَاف للعجمة والعلمية.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن يُوسُف بن سعيد بن مُسلم.
قَوْله: (قَالَ: وَأَخْبرنِي يُوسُف)، أَي: قَالَ ابْن جريج:
وَأَخْبرنِي يُوسُف قَالَ بَعضهم: وَمَا عرفت مَاذَا عطف عَلَيْهِ، ثمَّ رَأَيْت الْوَاو سَاقِطَة فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ. قلت: يجوز أَن يكون مَعْطُوفًا على مَحْذُوف تَقْدِيره أَن يُقَال: قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي فلَان بِكَذَا وَأَخْبرنِي يُوسُف بن مَاهك إِلَى آخِره قَوْله: (إِذْ جاءها)، كلمة إِذْ للمفاجأة. قَوْله:(عراقي) أَي: رجل من أهل الْعرَاق وَلم يدر اسْمه. قَوْله: (أَي الْكَفَن خير؟) يحْتَمل أَن يكون سُؤَاله عَن الْكمّ يَعْنِي لفافه أَو أَكثر؟ وَعَن الكيف يَعْنِي: أَبيض أَو غَيره وناعما أَو خشنا؟ وَعَن النَّوْع أَنه قطن أَو كتَّان مثلا؟ قَوْله: (وَيحك) كلمة ترحم. قَوْله: (وَمَا يَضرك؟) أَي: أَي شَيْء يَضرك بعد موتك وَسُقُوط التَّكْلِيف عَنْك فِي أَي كفن كفنت؟ لبُطْلَان حسك بالنعومة والخشونة وَغير ذَلِك قَوْله: (قَالَت: لِمَ) أَي: لم أريك مصحفي؟ قَالَ: لعَلي أؤلف عَلَيْهِ الْقُرْآن. قيل: قصَّة الْعِرَاقِيّ كَانَت قبل أَن يُرْسل عُثْمَان الْمَصَاحِف إِلَى الْآفَاق. ورد عَلَيْهِ بِأَن يُوسُف بن مَاهك لم يدْرك زمَان إرْسَال عُثْمَان الْمَصَاحِف إِلَى الْآفَاق، وَقد صرح يُوسُف فِي هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ عِنْد عَائِشَة حِين سَأَلَهَا هَذَا الْعِرَاقِيّ، وَالظَّاهِر أَن هَذَا الْعِرَاقِيّ كَانَ مِمَّن أَخذ بِقِرَاءَة ابْن مَسْعُود، وَكَانَ ابْن مَسْعُود لما حضر مصحف عُثْمَان إِلَى الْكُوفَة لم يُوَافق على الرُّجُوع عَن قِرَاءَته وَلَا على إعدام مصحفه، وَكَانَ تأليف مصحف الْعِرَاقِيّ مغايرا لتأليف مصحف عُثْمَان، فَلذَلِك جَاءَ إِلَى عَائِشَة وَسَأَلَ الْإِمْلَاء من مصحفها. قَوْله:(آيَة) بِالنّصب أَي: أَي آي الْقُرْآن قَرَأت قَوْله: (قبل) أَي: قبل قِرَاءَة السُّورَة الْأُخْرَى. قَوْله: (مِنْهُ) أَي: من الْقُرْآن. قَوْله: (من الْمفصل) قَالَ الْخطابِيّ: سمي مفصلا لِكَثْرَة مَا يَقع فِيهَا من فُصُول التَّسْمِيَة بَين السُّور، وَقد اخْتلف فِي أول الْمفصل. فَقيل: هُوَ سُورَة، وَقيل: سُورَة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، قَالَ النَّوَوِيّ: سمي بِالْفَصْلِ لقصر سُورَة وَقرب انفصالهن بَعضهنَّ من بعض. قَوْله: (أول مَا أنزل مِنْهُ) أَي: من الْقُرْآن من الْمفصل فِيهَا ذكر الْجنَّة وَالنَّار، وَأول مَا نزل إِمَّا المدثر وَإِمَّا اقْرَأ، فَفِي كل مِنْهُمَا ذكر الْجنَّة وَالنَّار، أما فِي المدثر فصريح وَهُوَ قَوْله:{وَمَا أدْرك مَا سقر} (المدثر: 72) وَقَوله: {فِي جنَّات يتساءلون} (المدثر: 04) وَأما فِي اقْرَأ فَيلْزم ذكرهمَا من قَوْله: {كذب وَتَوَلَّى} (العلق: 31){وسندع الزَّبَانِيَة} (العلق: 81) وَقَوله: {إِن كَانَ على الْهدى} (العلق: 11) وَبِهَذَا التَّقْرِير يرد على بَعضهم فِي قَوْله: هَذَا ظَاهره يغاير مَا تقدم أَن أول شَيْء نزل {اقْرَأ باسم رَبك} (العلق: 1) وَلَيْسَ فِيهَا ذكر الْجنَّة وَالنَّار. قَوْله: (حَتَّى إِذا تَابَ)، أَي: رَجَعَ. قَوْله: (نزل الْحَلَال وَالْحرَام) ، أشارت بِهِ إِلَى الْحِكْمَة الإل هية فِي تَرْتِيب التَّنْزِيل. وَأَنه أول مَا نزل من الْقُرْآن الدُّعَاء إِلَى التَّوْحِيد والتبشير للْمُؤْمِنين والمطيعين بِالْجنَّةِ، والإنذار والتخويف للْكَافِرِينَ بالنَّار، فَلَمَّا اطمأنت النُّفُوس على ذَلِك أنزلت الْأَحْكَام، وَلِهَذَا قَالَت:(وَلَو نزل أول شَيْء لَا تشْربُوا الْخمر) إِلَى آخِره. وَذَلِكَ لانطباع النُّفُوس بالنفرة عَن ترك المألوف. قَوْله: (لقد نزل مَكَّة) ، إِلَى آخِره إِشَارَة مِنْهَا إِلَى تَقْوِيَة مَا ظهر لَهَا من الْحِكْمَة الْمَذْكُورَة، وَهُوَ تقدم سُورَة الْقَمَر وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْأَحْكَام على نزُول سُورَة الْبَقَرَة وَالنِّسَاء مَعَ كَثْرَة اشتمالهما على الْأَحْكَام. قَوْله:(إلَاّ وَأَنا عِنْده)، يَعْنِي: بِالْمَدِينَةِ، لِأَن دُخُوله عَلَيْهَا إِنَّمَا كَانَ بعد الْهِجْرَة بِلَا خلاف. قَوْله:(فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ) ، أَي أملت عَائِشَة على الْعِرَاقِيّ من الْإِمْلَاء، ويروى من الإملا. وهما بِمَعْنى وَاحِد، قيل: فِي الحَدِيث رد على النّحاس فِي قَوْله: إِن سُورَة النِّسَاء مَكِّيَّة، مُسْتَندا إِلَى أَن قَوْله تَعَالَى:{إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} (النِّسَاء: 85) نزلت بِمَكَّة اتِّفَاقًا فِي قصَّة مِفْتَاح الْكَعْبَة، وَهِي حجَّة واهية لِأَنَّهُ لَا يلْزم من نزُول آيَة أَو آيَات من سُورَة طَوِيلَة بِمَكَّة إِذا أنزل معظمها بِالْمَدِينَةِ أَن تكون مَكِّيَّة، وَالله أعلم.
4994 -
حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ أبي إسْحاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عبْدَ الرَّحْمانِ بنَ يَزِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ مَسْعُودٍ يقُولُ: فِي بَنِي إسْرَائِيلَ والْكَهْفِ ومَرْيَمَ وطَهَ والأنْبِياء: إنّهُنَّ مِنَ العِتاقِ الأولِ وهُنَّ مِنْ تِلَادِي.
(انْظُر الحَدِيث 8074 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن هَذِه السُّورَة نزلت بِمَكَّة وَأَنَّهَا مرتبَة فِي مصحف ابْن مَسْعُود كَمَا هِيَ فِي مصحف عُثْمَان. وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ السبيعِي عَمْرو بن عبد الله وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن قيس النَّخعِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة بني إِسْرَائِيل بِسَنَدِهِ.
قَوْله: (فِي بني إِسْرَائِيل) أَي: فِي شَأْن هَذِه السُّورَة، قَالَ الْكرْمَانِي: ويروي بِدُونِ كلمة فِي فَالْقِيَاس أَن يَقُول: بَنو إِسْرَائِيل، فَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَار حذف الْمُضَاف وابقاء الْمُضَاف إِلَيْهِ على حَاله أَي، سُورَة بني إِسْرَائِيل، أَو على سَبِيل الْحِكَايَة عَمَّا فِي الْقُرْآن، وَهُوَ قَوْله:{وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل} (السَّجْدَة: 32) . قَوْله: (الْعتاق) ، جمع عَتيق وَهُوَ مَا بلغ الْغَايَة فِي الْجَوْدَة يُرِيد تَفْضِيل هَذِه السُّور لما