الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثناء العلماء عليه:
وترجمه العارف عبد الوهاب الشعراني في ذيله على طبقات الأولياء له فقال: "ومنهم سيدنا ومولانا الشيخ الإمام العلامة تقي الدين، ولد شيخ الإسلام الشيخ شهاب الدين الشهير بابن النجار، صحبته أربعين سنة فما رأيت عليه شيئًا يشينه في عرضه، بل نشأ في عفه وصيانة ودين وعلم وأدب وديانة".
وفاته:
مرض العلامة ابن النجار خمسة عشر يوما قبل موته بمرض الزحير، وكانت وفاته، عصر يوم الجمعة ثامن عشر صفر سنة 972 هـ، فتأسف عامة الناس والفقهاء على وفاته، وأكثروا من الترحم عليه، ولم يخلف بعده مثله في مذهبه، وخرج نعشه من المدرسة الصالحية يوم السبت تاسع عشر، وصلى عليه ولده موفق الدين بالجامع الأزهر، ودفن بتربة المجاورين بجوار قبر العلامة الشمس العلقمي الشافعي بوصية منه قريبا من قبر الحافظ عبد الرحيم العراقي صاحب الألفية.
* * *
بِسمِ الله الرَّحَمِن الرَّحَيمِ (1)
الحَمدُ للهِ المانِّ بِفَضلِهِ، والصَّلاةُ (2) على مُحَمَّدٍ وأهلهِ (3)، قَال العبدُ الفقيرُ إلى اللهِ تَعالى: مَرعيِ بنُ يُوسُفُ الحنبَلي المَقدِسِي: أَحْمَدُ مَنْ مَنَّ بِحَبِيِبِه أَحْمَدَ، فَأَطْفَأَ نَارَ الشِّرْكِ وَأَخْمَدَ، وَأَعْلى مَنَارَ الإِسْلَامِ وَجدَّدَ، وبَيَّنَ شَرَائِعَ الأَحْكَام وَحَدَّدَ، وَقَارَبَ فيما أَمَرَ وَسَدَّدَ، وَلِرَأفَتِهِ بِأُمَّتِهِ سَهَّلَ وَمَا شَدَّدَ، أَتَى (4) بِكِتَابٍ مُحْكمٍ وَشرْع مُؤَيدٍ، وَدِينِ قيم وَحُكمٍ مُؤَبِّد، وتَفَقَّه عَلَيهِ فِي الأَحْكامِ كُلُّ مُوَفقِ مُسَدَّد، صَلى اللهُ عَلَيه وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَتَابع تَهَجَّدَ، وَنَاسِكٍ بِشَرْعِهِ تَعَبَّدَ، مَا رَاقَ عَذْبٌ مُبَرَّدٌ، وَحَنَّ طَيرٌ وَغَرَّدَ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
وبَعْدُ: فَقَدْ أَكثَرَ أَئِمَّتُنَا - رَحِمَهُم اللهُ تَعَالى- في الْفِقْهِ مِنْ التَّصْنِيفِ، وَمَهَّدُوا قَوَاعِدَ المَذْهَبُ أَحْسَنَ تَمهِيدٍ وَتَرْصِيفٍ، وقَدْ أَتقَنَهُ المُتَأَخِّرُونَ بِمَا أَبدَوْهُ مِنْ التَّصَانِيفِ، وَكَانَ مِمَّنْ سَلَكَ مِنْهُمْ مَسْلَكَ التَّحقِيقِ وَالتَّصْحِيحِ وَالتَّدْقِيقِ وَالتَّرجِيحِ، العَلَّامَةُ صاحِبُ الإِنْصَافُ وَالتَّنقِيحِ، بَيَّنَ بِتَنقيحِهِ وإنصَافِهِ الضَّعِيفَ مِنْ الصَّحِيحِ، ثُمَّ نَحَا نَحْوَه مُقَلِّدًا لَهُ صَاحِبا الإِقنَاعِ والمُنتَهَى، وَزَادَا مِنْ الْمَسَائِلِ مَا يَسُرُّ أُولِي النُّهَى، فَصَارَ لِذَلِكَ (5) كِتَابَا هُمَا مِنْ أَجَلِّ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَمِنْ أَنْفَسِ مَا
(1) زاد في (ب) بعد البسملة قوله: "رب يسر وأعن يا كريم".
(2)
زاد في (ب) قوله: "والصلاة والسلامُ".
(3)
من قوله: "الحمد لله
…
والله"، سقطت من (ج).
(4)
زاد في (ج): "وأتى".
(5)
قوله: "ذلك" سقطت من (ج).
يُرْغَبُ في تَحْصِيلِهِ وَيُطْلَبُ، إلَّا أَنهُمَا يَحتَاجَانِ لِتَقيِيِدِ مَسَائِلَ وَتَحْرِيرِ أَلفَاظٍ يَبغِيَهَا السَّائِلُ، وَجَمْعِهِمَا (1) مَعًا لِتَسهيلٍ (2) النَّائِلِ.
فاستخرْت (3) الله -سُبْحَانهُ- فِي الجَمْع بَينَ الكِتَابَينِ فِي وَاحِدٍ، مَعَ ضمِّ مَا تَيَسَّرَ جَمْعُهُ إلَيهِمَا مِنْ الفَرَائِدِ، وَمَا أَقِفُ عَلَيهِ فِي كُتُبِ الأَئِمَّةِ مِنْ الفَوَائِدِ، وَلَا أَحذِفُ مِنْهُمَا إلا مَا أَسْتَغْنِي عَنْهُ، حَرِيصًا عَلَى مَا لَابُدَّ مِنهُ.
مُشِيرًا لِخِلَافِ الإِقنَاعِ بـ خِلَافًا لَهُ، فَإِنْ تَنَاقَضَ زِدْتُ هُنَا وَلَهُمَا بِـ خِلَافًا لَهُمَا، وَلِمَا أَبْحَثُهُ غَالِبًا جَازِمًا بِهِ بِقَوْلِي: وَيَتَّجِهُ، فَإِنْ تَرَدَّدْتُ زِدْتُ احْتِمَالٌ مُمَيِّزًا آخِرَ كُلَّ مَبْحَثٍ بالأَحْمَرِ لبَيَانِ الْمَقَالِ، وَرُبَّمَا يَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ في كَلَامِهِم، لَكِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَيهِ لِعَدَمِ تَحْصِيلِ كَثْرَةِ الْمَوَادِّ، وَقَدْ فَقْدْتُ فِي ذَلِكَ الخِلَّ المْسُعِفِ المُوَادِّ، لَكِنَّ مَعُونَةَ اللهِ تَعَالى خَيرُ مَعُونَةِ، لِكَثرَةِ (4) المَدَدِ وَقِلَةِ الْمَؤونَةِ.
وَيَأْبَى اللهُ تَعَالى العِصمَةَ لِكَتابٍ غَيرِ كِتَابِهِ، وَالْمنْصِفُ مَنْ اغْتَفَرَ قَلِيلَ خَطَأ الْمَرْءِ فِي كَثِيرِ صَوَابِهِ (5)، وَمَعَ هَذَا فَمَنْ أَتْقَنَ كِتَابِي هَذَا فَهُوَ الْفَقِيهُ المَاهِرُ، وَمَنْ ظَفِرَ بِمَا فِيهِ فَسَيقُولُ بمِلءِ فيِهِ: كَمْ تَرَكَ الأَوَّلُ لِلآخَرِ، وَمَنْ حَصَّلهُ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ جَزِيلُ (6) الحَظِّ الوَافِرِ، لأَنهُ الْبَحْرُ
(1) في (ج): "وجمعتهما".
(2)
في (ب): "لتقريب".
(3)
في (ج): "وقد استخرت".
(4)
كذا في (أ) وباقي النسخ "بكثرة".
(5)
من قوله: "ويأبى الله
…
صوبه"، سقطت من (ج).
(6)
في (ج): "خص بجزيل".
لَكِنْ بِلَا سَاحِلٍ، وَوَابِلُ الْقَطرِ، غَيرَ أَنَّهُ مُتَوَاصِلٌ، بِحُسْنِ عِبَارَاتٍ، وَرَمْزِ إشَارَاتِ، وَتَنْقِيحِ مَعَانٍ، وتَحْرِيرِ مَبَانِ، رَاجِيًا بِذَلِكَ تَسْهِيلَ بَيَانِ الأَحْكَامِ عَلَى الْمُتَفَقِّهِينَ، وَحُصوُلَ الْمَثُوبَةِ وَالإِنْعَامِ مِنْ رَبِّ الْعَالمِينَ.
وَسَمَّيتُهُ: غَايَةَ المُنْتَهَى فِي جَمْعِ الإِقْناعِ وَالْمُنْتَهَى.
وَالْمُرَادُ بِالشَّيخِ حَيثُ أُطلِقُ: شَيخُ الإِسْلامِ، وَبَحْرُ الْعُلُومِ، أَبوُ العَبَّاسِ أَحْمَدُ تَقِي الدِّينِ ابنِ تَيميَّةَ.
وَالله سبحانه وتعالى هُوَ الْمسؤُولُ، أَنْ يُبْلِغَ الْمَطْلُوبِ وَالْمَأْمُولِ، وَأَنْ يُسْعِفَ التَّقْصِيرَ بِحُصُولِ التِّيسيِرِ، وَأَنْ يَرْحَمَنِي وَالْمُسْلِمِينَ، إنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ، رَءُوفٌ رَحيِمٌ.
* * *