الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الْوُضُوءُ
اسْتِعْمَالُ مَاءٍ طَهُورٍ فِي الأَعْضَاءِ الأَرْبَعَةِ، عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، مِنْ شخْصٍ مَخصُوصٍ (1)، كَبِنِيَّةِ وَتَسْمِيَةٍ وَتَرْتِيبٍ وَمُوَالاةٍ، وَفُرِضَ مَعَ الصَّلَاةِ، وَيَجِبُ بِحَدَثٍ عِنْدَ إرَادَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ، وَيَحِلُّ جَمِيَعَ بَدَنٍ كَجَنَابَةٍ، فَلَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَلَا بِعُضُوٍ غَسَلَهُ، وَلَوْ قُلْنَا بِرَفْع الْحَدَثِ عَنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَأَثُّرِ مَا يَغْمِسُهُ، وَتَجِبُ فِيهِ تَسمِيَةٌ، وَهِيَ بِسْمِ اللهِ لَا يُجْزِئُ غَيرُهَا، كَالرَّحْمَنِ، وَتَسْقُطُ سَهْوًا كفِي غُسْلٍ (2).
وَيَتَّجِهُ: وَجَهلًا كَمَا مَرَّ.
وإنْ ذَكَرَهَا فِي الأَثْنَاءِ ابْتَدَأَ، وَلَا يَبْنِي، خِلَافًا لَهُ.
وَيَتَّجِهُ: إلَّا مَعَ ضِيقِ وَقْتٍ، أَوْ قِلَّةِ مَاءٍ.
وَتَكْفِي إشَارَةُ أَخْرَسَ وَنَحْوهِ بِهَا.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: الصحَّةِ لَوْ سَمَّى بِقْلْبِهِ وَتَرَكَ الإِشَارَةَ عَمْدًا.
وَفُرُوضُهُ: وَلَا تَسْقُطُ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا (3) وَكَذَا كُلُّ فَرْضِ عِبَادَةٍ، سِتَّةٌ: غَسْلُ الْوَجْهِ وَمِنْهُ دَاخِلُ فَمٍ وَأَنْفٍ، وَغَسْلُ الْيَدَينِ مَعَ الْمِرْفَقَينِ، وَمَسْحُ الرَّأْسِ كُلِّهِ وَمِنْهُ الأُذُنَانِ، وَغَسْلُ الرِّجْلَينِ مَعَ الْكَعْبَينِ، وَتَرْتِيبٌ
(1) زاد في (ب): "على صفة مخصوصة كبنية".
(2)
في (ب): "في غسل".
(3)
في (ج): "ولا جهلًا".
بَينَ أَعْضَاءِ وَضُوءٍ، كَمَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالى.
فَإِنْ نَكَّسَ أَوْ غَسَلَ أَعْضَاءَهُ دَفْعَةً لَمْ يَصِحَّ إلا غَسْلُ وَجْهِهِ، وَلَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ كَثيرٍ نَاويًا؛ لَمْ يَصِحَّ. حَتَّى يَخْرُجَ مُرَتِّبًا.
وَمُوَالاةٌ: وَهِيَ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَجِفَّ مَا قَبْلَهُ بِزَمَنٍ مُعْتَدِلٍ.
وَيَتَّجِهُ: الاعْتِبَارُ فِي الْمُعْتَدِلِ بِمَا بَينَ لَيلٍ وَنَهَارٍ (1).
وَيُقَدَّرُ مَمْسُوحٌ مَغْسُولًا أَوْ قُدِّرَ مُعْتَدِلٌ مِنْ غَيرِهِ، وَيَضُرُّ إنْ جَفَّ عُضْوٌ لاشْتِغَالٍ بِتَحْصِيلِ مَاءٍ أَوْ إسْرَافٍ مُطلَقًا، أَوْ إزَالةِ نَجَاسَةٍ أَوْ وَسَخٍ وَنَحْوهِ لِغَيرِ طَهَارَةٍ، لَا لسُنَّةٍ كَتَخْلِيلٍ، وَإسْبَاغِ وُضُوءٍ، وَإِزَالةِ شَكٍّ، أَوْ وَسْوَسَةٍ.
فَصْلٌ
وَيُشْتَرَطُ لِوُضُوءٍ دُخُولُ وَقْتٍ عَلى مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ، واسْتِنْجَاءٌ أَوَ اسْتِجْمَارٌ وَلَهُ (2) وَلِغُسْلٍ انْقِطَاعُ مَا يُوجِبُهُمَا (3)، وَطَهُورِيَّةُ مَاءٍ مَعَ إبَاحَتِهِ، وَإِزَالةُ مَانِعِ وُصُولٍ، وتَمَييِزٌ وكَذَا إسْلَامٌ، وَعَقْلٌ، لِغَيرِ كِتَابِيَّةٍ وَمَجْنُونَةٍ غَسَلَتَا مِنْ نَحْو حَيضٍ لِحلِّ وَطْءٍ.
السَّابعُ: نِيَّةٌ، وَهِيَ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ كُل حَدَثٍ، وَتَيَمُّمِ، وَلِوُضُوءٍ، وَغُسْلٍ مُسْتَحَبَّينِ، وَغُسْلِ مَيتٍ، لَا خَبَثٍ، وَلَا طَهَارَةِ كِتَابِيَّةٍ وَمُسلِمَةٍ
(1) في (ج): "في المعتدل بالنهار".
(2)
في (ج): "وله".
(3)
في (ج): "موجبها".
مُمْتَنِعَةٍ مِنْ غُسْلِ نَحْو حَيضٍ، فَتُغْسَلُ مُسْلِمَةٌ قَهْرًا وَتُغْتسَلُ كِتَابِيَّةٌ، وَلا نِيَّةَ لِلْعُذْرِ، وَلَا تَسْتَبِيحُ بِهِ نَحْوَ صَلَاةٍ حَيثُ كَانَ لَا لِدَاعِي الشَّرْعِ، وَيَنْوي عَنْ مَيِّتٍ وَمَجْنُونَةٍ غُسِّلَا.
وَيَتَّجِهُ: لَوْ أَفَاقَتْ لَا يُعَادُ.
وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، فَلَا يَضُرُّ سَبْقُ لِسَانٍ بِغَيرِ مَنْويٍّ، وَسُنَّ لَا لِنَحْو مُفَارِقٍ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةٍ نُطْقٌ بِهَا سِرًّا، فِي كُلِّ عِبَادَةٍ، وَإِنُ كَانَ خِلَافَ الْمَنْصُوُصِ، وَكُرِهَ جَهْرٌ وَتَكرَارٌ بَلْ قَال الشَّيخُ: إنَّهُ مَنْهِيُّ عَنْهُ عِنْدَ الشَافِعِيِّ، وَسَائِرِ أَمَّةِ الإِسْلَامِ، وَفَاعِلُهُ مُسِيءٌ، وَقَال ابْنُ الْقَيَمِ: لَمْ يَكُنْ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: نَوَيتُ ارْتِفَاعَ الْحَدَثِ، وَلَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَيَجِبُ تَقَدُّمُهَا عَلَى تَسْمِيَةٍ، وَتَقَدُّمُهُمَا عَلَى الْوَاجِبِ، وَسُنَّ عِنْدَ أَوَّلِ مَسْنُونٍ قَبْلَهُ (1)، وَيَضُرُّ تَقَدُّمٌ بِزَمَنٍ كَثِيرٍ عُرْفًا.
وَسُنَّ اسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا فِي جَمِيعِ الْعِبَادَةِ، وَإِلا فَلَا بُدَّ مِن اسْتِصْحَابِ حُكمِهَا، بِأَنْ لَا يَنْويَ قَطْعَهَا فَيَضُرُّ إنْ نَوَاهُ، وَيَحْرُمُ فِي وَاجِبٍ (2) لا إنْ ذَهِلَ عَنْهَا أَوْ غَرُبَتْ عَنْ خَاطِرِهِ، وَإنْ فَرَّقَهَا عَلى أَعْضَاءِ وُضُوءٍ صَحَّ، وَإنْ جَعَلَ الْمَاءَ في فِمِه، وَنَوَى الأَصْغَرَ، ثُمَّ ذَكَرَ الأَكْبَرَ فَنَواهُمَا ارْتَفَعَا، حَتّى وَلَوْ لَبِثَ فِي فَمِهِ فَتَغَيَّرَ، وَإِنْ غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ (3) بِنِيةِ تَبَرُّدٍ، ثُمَّ أَعَادَهُ بِنِيَّةِ وُضُوءٍ، أَجْزَأَ، وَإِنْ أَبْطَلَهَا أَو شَكَّ فِيهَا فِي أَثنَاءِ الْعِبَادَةِ اسْتَأْنَفَ، لَا بَعْدَ فَرَاغٍ، إلَّا إنْ تَحَقَّقَ تَرْكُهَا، وكَذَا شَكٌّ فِي غَسْلِ عُضْوٍ أَوْ مَسْحِ رَأْسٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَسْوَاسًا
(1) قوله: "قبله" سقطت من (ج).
(2)
قوله: "ويحرم في واجب" سقطت من (ج).
(3)
في (ج): "أعضاء".
فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيهِ.
وَالنِّيَّةُ هُنَا: قَصْدُ رَفْعِ حَدَثٍ، وَلَا يَضُرُّ تَشْرِيكٌ أَوْ استْبِاحَةِ مَا تَجِبُ لَهُ طَهَارَةٌ أَو تُسَنُّ، وَتَتَعَيَّنُ الاسْتِبَاحَةُ (1) لِدَائِمِ حَدَثٍ، وَإِنْ انْتَقَضَتْ (2) طَهَارَتُهُ بغَيرِهِ، لِأَنَّ طَهَارَتُهُ لَيسَتْ رَافِعَةً خِلَافًا لَهُ، وَفي الْمُبْدِعِ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ النِّيِّةِ لِلْفَرْضِ (3).
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: بَلْ (4) لَوْ نَوَى الاسْتِبَاحَةَ لِصَلَاةٍ وَأَطْلَقَ لَمْ يَسْتَبِحْ سِوَى نَقْلٍ.
وَيَرْتَفِعُ حَدَثٌ بِنَيَّةِ مَا تُسَنُّ لَهُ: كَقِرَاءَةٍ، وَذِكْرٍ، وَأَذَانٍ، وَنَوْمٍ، وَرَفْعِ شَكٍّ، وَغَضَبٍ، وَكَلَامٍ مُحَرَّمٍ، وَفِعْلِ مَنسَكِ حَجٍّ، غَيرِ طَوَافٍ.
وَيَتَّجِهُ (5): وَلِحَمْلِ مَيِّتٍ، لَخَبَرِ:"وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأ"(6).
وَجُلُوسِ بِمَسْجِدٍ، وَحَدِيثٍ وَتَدْرِيسِ عِلْمٍ، وَأَكْلٍ، وَزِيَارَةِ قَبْرِ النبي صلى الله عليه وسلم وَتَجْدِيدٍ، إنْ صَلَّى وَنَوَاهُ نَاسِيًا الْحَدَثَ (7).
وَيَتَّجِهُ: أَوْ ذَاكِرًا.
لاسْتِحْبَابِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، لَا غُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَلَا رَفْعٍ إنْ نَوَى طَهَارَةً أَوْ
(1) قوله: "الاستباحة" سقطت من (ج).
(2)
في (ج): "وأن انقطعت طهارَته".
(3)
من قوله: "وفي المبدع
…
للفرض" سقطت من (ج).
(4)
قوله: "بل" سقطت من (ج).
(5)
الاتجاه سقط من (ج).
(6)
أخرجه ابن ماجه في كتاب الجنائز (رقم / 1462).
(7)
في (ج): "للحدث".
وُضُوءًا وَأطْلَقَ، أَوْ جُنُبٌ الْغُسْلَ وَحْدَهُ دُونَ الْوُضُوءِ، أَوْ الوُضُوءِ لِمُرُوُرِهِ بِمَسْجِدٍ.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: أَوْ لِشُرْبٍ، أَوْ زِيَارَةِ قَبْرِ نَبِيٍّ غَيرِهِ صلى الله عليه وسلم (1).
وَمَنْ نَوَى غُسْلًا مَسْنُونًا أَوْ وَاجِبًا أَجْزَأَ أَحَدُهُمَا (2) عَنْ الآخَرِ، فَلَّا يُطْلَبُ مِنْهُ فِعْلُهُ بَعْدُ، وَلَا ثَوَابَ فِي غَيرِ مَنْويٍّ، فَإنْ نَوَاهُمَا حَصَلَا، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسلِ لِلْوَاجِبِ غُسْلًا، وَلِلمَسْنُونِ آخَرَ، فإِنْ تَنَوَّعَتْ أَحْدَاثٌ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً تُوجِبُ غَسْلًا أَوْ وُضُوءًا، وَنَوَى أَحَدَهَا لَا عَلَى أَنْ يَرْتَفِعَ غَيرُهُ ارْتَفَعَ سَائِرُهَا، وَإِلا لَمْ يَرْتَفِعْ غَيرُهُ، وَإِنْ أَحْدَثَ بِنَوْمٍ فَنَوَى رَفْعَ حَدَثِ بَوْلٍ غَلَطًا ارْتَفَعَ حَدَثُهُ، أَوْ صَلَاةٍ بِعَينَهَا لَا يَسْتَبِيحَ غَيرَهَا لُغِي تَخْصِيصُهُ.
فَصْلٌ وَصِفَةُ وُضُوءٍ
أَنْ يَنْويَ ثُمَّ يُسَمِّيَ، وَيَغْسِلَ كَفَّيهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ ثَلاثًا ثَلَاثًا، إنْ (3) شَاءَ بِسِتِّ غَرَفَاتٍ، أَو ثَلَاثٍ، وَبِغَرْفَةٍ أَفْضَلُ.
ثُمَّ يَغْسِلَ وَجْهَهُ، وَحَدُّهُ طُولًا: مَنِ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا، إلَى النَّازِلِ مِنْ اللَّحْيَيَنِ، وَالذَّقَنُ مَعَ مُسْتَرْسِلِ اللِّحْيَةِ، وَعَرْضًا: مِنْ الأُذُنِ إلَى الأُذُنِ، فَدَخَلَ عِذَارٌ: وَهُوَ شَعْرٌ نَابِتٌ عَلَى عَظْمٍ نَاتِيءٍ يُحَاذِي صِمَاخَ الأُذُنَينِ، وَعَارِضٌ: وَهُوَ مَا تَحْتَهُ إلَى ذَقَنٍ، لَا صُدْغٌ:
(1) في (ج): "أو لشرب أو زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم".
(2)
قوله: "أحدهما" سقطت من (ب).
(3)
في (ب، ج): "ثلاثًا، إن".
وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعِذَارِ، يُحَاذِي رَأْسَ الأُذُنِ، وَيَنزِلُ عَنْهُ قَلِيلًا، وَلَا تَحْذِيفٌ: وَهُوَ الْخَارِجُ إلَى طَرَفَي الْجَبِينِ فِي جَانِبَي الْوَجْهِ، بَينَ (1) النَّزَعَةِ وَمُنْتَهَى الْعِذَارِ، وَلَا النَّزْعَتَانِ: وَهُمَا مَا انْحَسَرَ عَنهُ الشَّعْرُ مِنْ جَانِبَي الرَّأسِ.
بَلْ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الرَّأْسِ فَيُمْسَحُ مَعَهُ، وَلَا يُجْزِئُ غَسْلُ ظَاهِرِ شَعْرٍ إلا أَنْ لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ، وَيُسَنُّ تَخْلِيلُهُ إذَنْ، لَا غَسْلُ دَاخِلِ عَينٍ، بَلْ يُكْرَهُ، وَلَا يَجِبُ مِنْ نَجَاسَةٍ، وَلَوْ أَمِنَ الضَرَرَ.
ويَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: وَدَمْعُهُ طَاهِرٌ (2).
ثُمَّ يَدَيهِ جَمعَ مِرْفَقَيهِ وَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ، وَيَدٍ أَصْلُهَا بِمَحَلِّ الْفَرْضِ، أَوْ لَا وَلَمْ تَتَمَيَّزْ أَظفَارٍ، وَلَا يَضُرُّ وَسَخٌ يَسِيرٌ تَحْتَ ظُفْرٍ وَنَحْوهِ، وَلَوْ مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الشَّيخُ كُلَّ يَسِيرٍ مَنَعَ، كَدَمٍ وَعَجِينٍ فِي أَيِّ عُضوٍ كَانَ.
وَمَنْ خُلِقَ بِلَا مِرْفَقٍ غَسَلَ إلَى قَدْرِهِ فِي غَالِبِ النَّاسِ، وَيَجِبُ غَسْلُ مَا الْتَحَمَ مِنْ عَضُدٍ بِذِرَاعٍ لَا عَكْسِهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ جَمِيعَ ظَاهِرِ رَأسِهِ لَا مُسْتَرْسِلٍ مِنْ شَعْرٍ وَلَا يُجْزِيُ وَلَوْ رَدَّهُ وَعَقَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، لأَنَّهُ لَيسَ مِنْهُ، وَلَوْ مَسَحَ الْبَشَرَةَ مِنْ تَحْتِهِ لَمْ يُجْزِئهُ، كغَسْلِ بَاطِنِ لِحْيَةٍ وَمَعَ فَقْدِ شَعْرٍ تُمْسَحُ بَشَرَةٌ، وَمَعَ فَقْدٍ بَعْضٍ يُمْسَحَانِ، وإنْ نَزَلَ عَنْ مَنْبَتِهِ وَلَمْ يَنْزِلْ عَنْ مَحَلِّ فَرْضٍ فَمَسَحَ عَلَيهِ أَجْزَأهُ، وَلَوْ كَانَ مَا تَحْتَهُ مَحْلُوقًا، وَلَا
(1) قوله: "الوجه بين" سقطت من (ج).
(2)
الاتجاه سقط من (ج).
يُعْفَى عَنْ تَرْكِ شَيءٍ مِنْ الرَّأسِ بِلَا مَسْحٍ، وَلَوْ لِمْشَقَّةٍ، وَهُوَ مِنْ حَدِّ الْوَجْهِ (1) إلَى مَا يُسَمَّى قَفًا، وَالْبَيَاضُ فَوْقَ الأُذُنَينِ مِنْهُ، يُمِرُّ نَدْبًا يَدَيهِ مِنْ مُقَدَّمِهِ إلَى قَفَاهُ، وَاضِعًا طَرَف إحْدَى سَبَّابَتَيهِ عَلَى طَرَفِ الأُخْرَى، وَإبْهَامَيهِ عَلَى صُدْغَيهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا وَلَوْ خَافَ نَشْرَ شَعْرِهِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يُدْخِلُ سَبَّابَتَهُ فِي صِمَاخَي أُذُنَيهِ، ويَمسَحُ بِإِبْهَامَيهِ ظَاهِرَهُمَا، وَلَا مَسْحُ مَا اسْتَتَرَ بِغَضَارِيفَ، وَيُجْزِئُ كَيفَ مَسَحَ، وَبِحَائِلٍ وَغَسْلُهُ بِكَرَاهَةٍ بَدَلًا عَنْ مَسْحِهِ إنْ أَمَرَّ يَدَهُ، وَكَذَا إنْ أَصَابَهُ مَاءٌ.
ثُمَّ يَغسِلُ رِجْلَيهِ مَعَ كَعْبَيهِ وُجُوبًا وَهُمَا: الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي جَانِبَي رِجْلِهِ، وَأَقْطَعُ مِنْ مَفْصَلِ مِرْفَقٍ، وَكَعْبِ يَغْسِلُ وُجُوبًا مَا بَقِيَ مِنْ طَرَفِ عَضدٍ وَسَاقٍ، وَمِنْ دُونِهِمَا مَا بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ فَرْضٍ، وَمِنْ فَوْقِهِمَا سُنَّ أَنْ يَمْسَحَ مَحَلَّ قَطْعٍ بِمَاءٍ وَكَذَا تَيَمُّمٌ.
فَصْلٌ
وَسُنَّ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ، رَفْعُ بَصَرِهِ وَقَوْلُ:"أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيكَ"(2)، وَكُرِهَ كَلَامٌ حَالةَ وُضَوءٍ وَالْمُرَادُ تَرْكُ الأَوْلَى، وَقَال أَبُو الْفَرَجِ: يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى المْتُوَضِّئِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: وَرَدُّهُ، وَفِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الأَكْثَرِ:
(1) في (ج): "والحد الوجه".
(2)
رواه البيهقي في سننه (رقم / 374).
لَا يُكْرَهُ سَلَامٌ وَلَا رَدٌّ.
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَالأَذْكَارُ التِي تَقُولُهَا الْعَامَّةُ عَلَى الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ، لَا أَصْلَ لَهَا عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ كُذِبَ عَلَيهِ صلى الله عليه وسلم. انْتَهَى.
وَقِيلَ: بَلْ وَرَدَ في حَدِيثٍ ضَعِيفِ، وَيُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ.
وَيُبَاحُ لِمُتَطَهِّرٍ تَنْشِيفٌ وَمُعِينٌ، وَتَرْكُهُمَا أَفْضَلُ، وَكُرِهَ نَفْضُ مَاءٍ، وَقَدْ يَجِبُ مُعِينٌ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثلٍ فِي حَقِّ نَحْو أَقْطَعَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلا مِنْ يُيَمِّمُهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ.
وَيَتَّجِهُ: وَجُوبُ تَنْشِيفٍ لِمُتَيَمِّمِ لِضِيقٍ وَقْتِ.
وَسُنَّ كَوْنُ مُعِينٍ عَنْ يَسَارٍ، كَإِنَاءِ وُضُوءٍ ضَيِّقِ الرَّأْسِ، وَإِلَّا فَعَنْ يَمِينٍ، وَمَنْ وُضِّئَ أَوْ غُسِّلَ أَوْ يُمِّمَ بِإِذْنِهِ مُطْلَقًا وَنَوَاهُ صَحَّ، لَا إنْ أُكْرِهَ فَاعِلٌ أَوْ مَفْعُولٌ، وفَعَلَ ذَلِكَ لِدَاعِي الإِكْرَاهِ، لَا لِدَاعِي الشَّرْعِ.
* * *