الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الهَدْيُ وَالأَضَاحِيِ والعَقِيقَةُ
الْهَدْيُ: مَا يُهْدَى لِلْحَرَمِ مِنْ نَعَمٍ وَغَيرِهَا، وَالأُضحِيةُ مَا يُذْبَحُ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ أَهليةٍ، أَيَّامَ النَّحرِ، بِسَبَبِ الْعِيدِ، تَقَرُّبًا إلَى الله تَعَالى، وَلَا تُجزِئُ أضْحِيةٌ عنْ غَيرِهَا بِأنوَاعِهَا، فَلَا يُجْزِئُ وَحْشِيٌّ وَلَا مُتَوَلَّدٌ (1)، وَيَصِحُّ هَدْيُ كُلِّ مُتَمَوَّلٍ، وَهُوَ سُنَّةٌ لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ، وَأَهْدَى صلى الله عليه وسلم في حَجِّهِ مَائَةَ بَدَنَةٍ.
وَالأَفضَلُ فِيهِمَا إبِلٌ فَبَقَرٌ إنْ أُخْرِجَ كَامِلًا، وَإِلا فَغَنَمٌ، ثُمَّ شِرْكٌ في بَدَنَةٍ، ثُمَّ في بَقَرَةٍ، وَمَنْ كُل جِنْسٍ أَسْمَنُ، فَأَغْلَى ثَمَنا، فَأَشْهَبُ وَهُوَ: الأَملَحُ، وَهُوَ: الأبيَضُ، أَوْ مَا بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ، فَأَصْفَرُ، فَأَسْوَدُ، قَال أَحْمَد: يُعجِبُنِي البَيَاضُ، وَقَال: أَكرَهُ السوَادَ.
وَجَذَعُ ضَأْن أَفضَلُ مِنْ ثَنِيِّ معزٍ، وَكُل مِنْهُمَا أَفضَلُ مِنْ سُبعِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ، وَأَفْضَلُ مِنْ أحَدِهِمَا سَبْعُ شِيَاهٍ، وَتَعَدُّدٍ في جِنْسٍ أَفْضَلُ مِنْ غَالٍ بِدُونِهِ، فَبَدَنَتَانِ بِتِسْعَةٍ (2)، أَفْضَلُ من بَدَنَةٍ بِعَشَرَةٍ، وَذَكَرٌ وَأُنْثَى سَوَاءٌ.
وَيَتجِهُ: لَكِنَّ الخَصِيَّ رَاجِحٌ.
وَرَجَّحَ المُوَفَّقُ الكَبْشَ عَلَى سَائِرِ النَّعَمِ، وَلَا يُجْزِئُ دُونَ جَذَعِ ضَأنٍ مَا لَهُ سِتَةُ أَشهُرٍ، وَثَنِيِّ مَعْزٍ مَا لَهُ سَنَةٌ، وَثَنِيِّ بَقَرٍ مَا لَهُ سَنَتَانِ،
(1) في (ج): "وحشي متولد".
(2)
قوله: "بتسعة" سقطت من (ب).
وَثَنِيِّ إبِلٍ مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ، وَتُجزِئُ شَاةٌ عَنْ وَاحِدٍ وَأَهلِ بَيتِهِ وَعِيَالِهِ وَمَمَالِيكِهِ، وَبَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ عَنْ سَبْعَةٍ فَأَقَلَّ لَا أَكْثَرَ، وَيُعْتَبَرُ ذَبْحُهَا عَنْهُمْ، فَلَا يُجزِئُ اشْتِرَاكٌ بَعْدَ ذَبحٍ أَوْ شِرَاءُ مَذْبُوحَةٍ.
وَتُجزِئُ لَوْ أَرَادَ بَعضُهُمْ قُرْبَةً، وَبَعْضُهُمْ لَحْمًا، أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ ذِميًّا وَلَوْ ذَبَحُوهَا عَلَى أَنهُم سَبْعَةٌ، فَبَانُوا ثَمَانِيَة، ذَبَحُوا شَاةً وَأَجْزَأَتْهُمْ، وَلَوْ اشْتَرَكَا في شَاتَينِ مَشَاعًا، أَجْزَأَ، وَتُجْزِئُ جَمَّاءُ، وَهِيَ: مَا خُلِقَتْ بِلَا قَرنٍ، وَبَتْرَاءُ مَا لَا ذَنَبَ لَهَا خِلْقَةً (1)، أَوْ مَقطُوعا، وَصَمْعَاءُ صَغَيرَةُ أُذُنٍ، وَمَا خُلِقَت بِلَا أُذُنٍ، وَخَصِيٌّ وَمَرْضُوضُ خِصْيَتَينِ وَحَامِلٌ وَذَاهِبٌ نِصْفُ أَليَتِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ قَرْنِهِ لَا أَكثَرُ، وَلَا مَا انكَسَرَ غِلَافُ قَرْنِهَا، وَهِيَ: العَصْمَاءُ، وَلَا مَا ذَهَبَت ثَنَايَاهُ مِنْ أَصْلِهَا، وَهِيَ: الهَتْمَاءُ، وَلَا مَا شَابَ وَنَشَفَ ضَرْعُهَا، وَهِيَ: الْجَدَّاءُ وَالْجَدْباءُ، وَلَا عَرْجَاءُ لَا تَطِيقُ مَشْيًا مَعَ صَحِيحَةٍ، وَلَا بَيِّنَةُ الْعَوَرِ، بِأَنْ انخَسَفَتْ عَينُهَا، وَلَا قَائِمَةُ عَينَينِ مَعَ ذَهَابِ إبْصَارِهِمَا، وَلَا عَجْفَاءُ لَا تُنْقِي وَهِيَ: الهَزِيلَةُ الّتِي لَا مُخَّ فِيهَا، وَلَا بَيِّنَةُ المَرَضِ بِجَرَبٍ أَوْ غَيرِهِ، وَلَا خَصِيٌّ مَجبُوبٌ أَوْ غَيرُ مِلْكِهِ وَلَوْ أُجِيزَ بَعْدُ، وَكُرِهَ مَعِيبَةُ أُذُنٍ وَقَرْنِ بِخَرْقٍ أَوْ شَقٍّ أَوْ قَطْعٍ لِنصْفِ فَأَقَلَّ، وَهِيَ: الْعَضبَاءُ.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: إليَةِ كَذَلِكَ وَحَامِلٌ.
فَرْعٌ: في الْمُبدِعِ: لَا يَمْنَعُ الإِجْزَاءَ عَيبٌ حَدَثَ بِمُعَالجَةِ ذَبْحٍ.
(1) قوله: "خلقة" سقطت من (ج).
فصلٌ
وَسُنَّ نَحرُ إبِلٍ قَائِمَةٍ مَعقُولَةٍ يَدُهَا اليسرَى، بِأن يَطعَنَهَا في الوَهدَةِ بَينَ أَصْلِ العُنُقِ وَالصَّدْرِ، وَذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ عَلَى جَنْبِهَا الأَيسَرِ مُوَجَهَةً لِلْقِبلَةِ، وَيَقُولُ:{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ} . الآيةَ، {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} . الآية، وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ:"اللهم تَقَبَّل مِنْ فُلَانٍ كَوَكِيلٍ أَوْ اللهم تَقَبل مِنِّي كَمَا تَقَبلتَ مِنْ إِبرَاهِيمَ خَلِيلِكَ"، وَيُسَمِّي حِينَ يُحَرِّكُ يَدَهُ وُجُوبًا وَيكبرُ نَدْبًا، وَيَقُولُ:"اللهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ"(1) وَيَذْبَحُ واجِبا قَبْلَ نَفلٍ، وَسُنَّ إِسلَامُ ذَابحٍ، وإلا كُرِهَ وَتُوَلِّيهِ بِنَفْسِهِ أَفضَلُ كَحُضُورِهِ إِنْ وَكَّلَ، وَتُعْتَبَرُ نِيَّةٌ حَال تَوْكِيلٍ.
وَيَتَّجِهُ احتِمَالٌ (2): لَا نِيَّةُ وَكِيلٍ وَلَوْ مَعَ طُولِ زَمنٍ.
وَلَا مَعَ تَعْيِيِنِ أَضحِيةِ مُطلَقًا، وَلَا تَسْمِيَةِ مُضْحًى عَنْهُ وَوَقْتِ ذَبْحِ أَضْحِيَّةٍ، وَهَذيِ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ وَمُتْعَةٍ وَقِرَانٍ، مِنْ بَعدِ أَسْبَقِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِالْبَلَدِ أَوْ قَدْرَهَا لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ.
وَيَتَّجِهُ: بِبَلَدٍ لَا تَجِبُ عَلَيهُم (3).
وَإِنْ فاتَتَ صَلَاةٌ بِزَوَالٍ ذَبَحَ إِلَى آخِرِ ثَانِي أَيامِ التَّشْرِيقِ، وفِي أَوَّلِهَا فَمَا يَلِيهِ أَفْضَلُ، وَتُكْرَهُ لَيلًا فَإِنْ فَاتَ الْوَقْت قَضَى الْوَاجِبَ كَأَدَاءٍ
(1) رواه البيهقي (رقم 10515).
(2)
قوله: "احتمال" سقطت من (ج).
(3)
الاتجاه سقط من (ج).
وَسَقَطَ التَّطَوُّعُ، فَلَو ذَبَحَهُ بَعْدُ، فَلَحْمٌ يُصنَعُ بِهِ مَا شَاءَ كَذبْح قَبْلَ وَقتِهِ، وَوَقْتُ وَاجِبٍ بِمَحْضُورٍ من حِينِهِ، وَتَقَدَّمَ كَوَاجِبٍ لِتَرْكِ وَاجِبٍ.
تَنْبِيهٌ: شُروطُ أُضْحِيةٍ: نَعَمٌ أَهليةٌ وَسَلَامَةٌ وَدُخُولُ وَقتٍ وَصِحَّةُ ذَكَاةٍ.
فصلٌ
التَّضحِيَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، عَنْ مُسلِمٍ تَامِّ المِلْكِ أَوْ مُكَاتَبٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَقَال الشيخُ: الأُضحِيةُ مِنْ النَّفَقَةِ بِالمَعْرُوفِ، فَتُضَحِّي الْمَرْأَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا عَنْ أهلِ الْبَيتِ بِلَا إذْنِهِ، وَمَدِينٌ لَم يُطَالِبْهُ رَبُّ الدِّينِ. انتَهَى.
وَيَتجِهُ: وَيَقتَصِرُ عَلَى أَدْوَنَ مُجزِئٍ (1)، وَكَذَا وَلِيُ يَتِيمٍ عَنْهُ.
وَكُرِهَ تَرْكُهَا لِقَادِرٍ، وَعَنْ مَيتٍ أَفْضَلُ مِنهَا عَنْ حَيٍّ، وَيُعْمَلُ بِهَا كَعَنْ حَيٍّ، وَتَجِبُ بِنَذْرٍ، وَكَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم، وَذَبْحُهَا وَعَقِيقَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةٍ بِثَمَنِهِمَا، وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا قَامَ وَارِثُهُ مُقَامَهُ، وَسُنَّ أَكلُهُ وَهَدِيَّتُهُ وَصَدَقَتُهُ أَثْلَاثًا مِنْ أُضْحِيةٍ، وَلَوْ وَاجِبَةً، وَهَدْيَ تَطَوُّعٍ.
وَيُهْدِي لِكَافِرٍ مِنْ تَطَوُّع لَا مِنْ مَالِ يَتيمٍ، وَمُكَاتَب في إهْدَاءٍ وَصَدَقَةٍ وَيُوَفِّرُهَا لَهُ، وَيَلزَمُ غَيرَهُمَا تَصَدُّقٌ بِأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيهِ اسْمُ لَحمٍ لِوُجُوبِ صَدَقَةٍ بِبَعْضِهَا، وَيُعْتَبَرُ تَملِيكُ فَقِيرٍ لَحْمًا نِيئًا، فَلَا يَكْفِي
(1) الاتجاه سقط من (ج).
إطْعَامُهُ، وَنُسِخَ تَحْرِيمُ ادِّخَارِ لُحُومِ الأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَكَانَ مِنْ شِعَار الصَّالِحِينَ تَنَاوُلُ لُقْمَةٍ مِنْ نَحْو كَبِدِهَا تَبَرُّكًا، وَلَهُ إعْطَاءُ الْجَازِرِ مِنهَا هَدِيَّةً وَصَدَقَةً، لَا بِأُجرَتِهِ، وَيَتَصَدَّقُ نَدْبًا أَوْ يَنتَفِعُ بِجِلْدِهَا وَجَلِّهَا.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: وَمِثلِهِ هَدْيٌ، وَلَوْ وَاجِبًا.
وَحَرُمَ بَيعُ شَيء مِنهَا وَلَوْ تَطوُّعًا، وَمِن جِلْدٍ وَجَلٍّ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ، وَلَوْ بِنَذْرٍ أَوْ تَعْيِينٍ غَيرِ دَمِ مُتعَةٍ وَقِرَانٍ فَإِنْ أَكَلَ هُوَ أَوْ رِفْقَتَهُ خَاصَّهُ وَلَوْ فُقَرَاءَ، حَرُمَ وَضُمِنَ بِمِثْلِهِ لَحمًا، وَمَا لَمْ يَبْلُغ مَحِلَّهُ (1)، وَمَا مَلَكَ أَكْلَهُ فَلَهُ هَدِيَّتُهُ، وَإلا ضَمَنَ بِمِثْلِهِ، كَبَيعِهِ وَإِتْلَافِهِ.
وَيَضْمَنُهُ أَجْنَبِيٌّ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ مَنَعَ الْفُقَرَاءَ مِنْهُ حَتَّى أَنَتَنَ، ضَمِنَ نَقْصهُ، إنْ انتَفَعَ بِهِ، وَإِلا فَقِيمَتَهُ.
وَيَتجِهُ: يَشتَرِي بِهَا مِثلَهُ.
وَمَنْ فرَّق وَاجِبًا وَلَوْ أُضحِيةً بِلَا إذْنٍ لَم يَضمَنْ وَأَجْزَأَ، وَيُبَاح لِفُقَرَاءَ أَخْذ مِنْهُ بِإِذنٍ كَقَوْلِهِ مَنْ شَاءَ اقتَطَعَ، أَوْ بِتَخْلِيَةٍ بَينَهُمْ وَبَينَهُ، وَإِن سُرِقَ بِلَا تَفرِيطٍ مَذْبُوحٌ لَا حَيٌّ مِنْ أَضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ مُعَيَّنٍ ابْتِدَاءً، أَوْ عَنْ وَاجِبٍ بِذِمَّةٍ وَلَوْ بِنَذْرٍ، فَلَا شَيءَ عَلَيهِ.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: وَمِثلُهُ مَسرُوقٌ مِنْ نَحْو مُتْعَةٍ، وَمَا وَجَبَ بِفِعْلٍ مَحظُورٍ، وَإِنْ لَمْ يُعَينْ فَسُرِقُ قَبْلَ ذَبْحٍ (2)، ضَمِنَ.
وَيتجِهُ: أَوْ لَمْ يُسْرَق.
(1) قوله: "وما لم يبلغ محله" سقطت من (ب).
(2)
في (ج): "وإن لم يعين قبل ذبح فسرق".
وَإِنْ ذَبَحَهَا في وَقْتِهَا بِلَا إذْنٍ، فَإِنْ نَوَاهَا عَنْ نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنها أُضحِيةُ الغَيرِ وَفَرَّقَ لَحمَهَا، لَمْ تُجْزِ، وَضَمِنَ مَا بَينَ الْقِيمَتَينِ، إنْ لَمْ يُفَرِّق لَحْمَهَا، وَقِيمَتَهَا إنْ فَرَّقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَم أَجزَأَتْ لِعَدَمِ افْتِقَارِ نِيةِ ذَبحٍ، وَلَا ضَمَانَ فَلَوْ ضَحَّى اثْنَان كُلٌّ بِأضْحِيةِ الآخَرِ غَلَطًا، كَفَتْهُمَا، وَلَا ضَمَانَ، وَإنْ بَقِيَ اللَحْمُ تَرَادَّاهُ.
فَرْعٌ: إذَا دَخَلَ العَشرُ حَرُمَ فَقَط عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ، أَخَذَ شَيء مِنْ شَعْرِهِ أَوْ ظُفْرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ إلَى الذَّبْحِ، وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ لِمَنْ يُضَحِّي بِأَكثَرَ.
وَيتَّجِهُ: هَذَا في غَيرِ مُتَمَتِّعٍ حَلَّ.
وَسُنَّ حَلْقٌ بَعْدَهُ.
فصلٌ
الْهَدْيُ يَتَعَيَّنُ: بهَذَا هَدْيٌ، أَوْ بِتَقْلِيدِهِ أَوْ إشْعَارِهِ بِنِيَّتِهِ، وَأَضْحِيةٌ: بهَذِهِ أَضْحِيةٌ أَوْ لله، أَوْ صَدَقَةٌ، أَو نَحْوُهُ مِنْ أَلْفَاظِ النَّذرِ فِيهِمَا.
وَيَتجِهُ: لَا إنْ قَالهُ نَحْوُ مُتَلَاعِبٍ وَيَدِينُ.
وَلَا تَعْيِينَ بِنِيةٍ حَال شِرَاءٍ أَوْ بِسَوقٍ، كَإِخْرَاجِهِ مَالا لِصَدَقَةٍ بِهِ، وَمَا تَعَيَّنَ جَازَ نَفْلٌ مُلِكَ فِيهِ وَشِرَاءُ خَيرٍ مِنْهُ، وَيَصِيرُ مُعَينًا بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ وَإبْدَالُ لَحْمٍ بِخَيرٍ مِنْهُ لَا بِمِثلِ ذَلِكَ أَوْ دُونَهُ، وَلَا بَيعُهُ في دَينٍ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتٍ، وَإن عَيَّنَ فِيهِمَا مَعْلُومَ عَيبِهِ، تَعَيَّنَ وَذَبحٌ بِوَقتِ أضْحِيةٍ، وَكَانَ قُرْبَةً لَا أَضحِيةً، مَا لَمْ يَزُل عَيبُهُ قَبْلَ ذَبْحٍ.
وَيَتَّجِهُ: لَا إنْ عَيَّنَ نَحْوَ ضَبٍّ وَظِبَاءٍ.
وَيَملِكُ رَدَّ مَا عَلِمَ عَيبَهُ بَعْدَ تَعْيِيِنِهِ، أَوْ أَخْذَ أَرشِهِ، وَهُوَ كَفَاضِلِ قِيمَةٍ فِيمَا يَأْتِي، وَلَوْ بَانَت مَعِيبَةً مُسْتَحَقَّةً، لَزِمَهُ بَدَلُهَا اعْتِبَارًا بِمَا في ظَنِّهِ، وَيَرْكَبَ لِحَاجَةٍ فَقَطْ بِلَا ضَرَرٍ، وَيَضمَنُ النَّقْصَ، وَحَرُمَ بِلَا حَاجَةٍ وَوَلَدُ مُعَينَةٍ كَهِيَ، وَلَوْ حَادِثًا فَيُذْبَحُ مَعَهَا إنّ أَمْكَنَ حَمْلُهُ أَوْ سَوْقُهُ، وَإِلا فكَهَدْيٍ عَطِبَ، وَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إلا مَا فَضُلَ عَنْهُ، وَإلا حَرُمَ، وَضَمَنَهُ، وَيَجُزَّ صَوفَهَا وَنَحْوَهُ لِمَصْلَحَةٍ، وَيَتَصَدَّقُ أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ كَجِلْدٍ (1).
(1) قوله: "ويتصدق أو ينتفع به كجلد" سقطت من (ج).
وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ صَاحِبُهَا، ضَمِنَهَا بِقِيمَتِهَا يَومَ تَلَفٍ تُصْرَفُ في مِثلِهَا كَهَدْي أُتلِفَ أَوْ عَابَ بِفِعلِهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ بِخِلَافِ قِنٍّ تَعَينَ لِعِتْقٍ فَأَتلَفَهُ فَلَا، وَإنْ فَضَلَ عَنْ شِرَاءِ المِثلِ شَيءٌ اشتَرَى بِهِ شَاةَ أَوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ، أَوْ بَقَرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ بِلَحْمٍ يَشتَرِي بِهِ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ في نُقْصَانِهَا، وَلَوْ مَرِضَت فَخَافَ عَلَيهَا فَذَبَحَهَا، فَعَلَيهِ بَدَلُهَا، وَلَوْ تَرَكَهَا فَمَاتَتْ، فَلَا، وَعَكْسُهَا هَدْيٌ، فَلَوْ عَطِبَ بِطَرِيقٍ، هَدْيُ وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٍ بِنِيَّةٍ دَامَتْ ذَبَحَهُ مَوْضِعَهُ فَلَوْ فَرَّطَ ضَمِنَهُ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ، وَسُنَّ غَمسُ نَعلٌ بِعُنُقِهِ في دَمِهِ وَضَربُ صَفْحَتَهِ بِهَا لِيَأخُذَهُ الْفُقَرَاءُ، وَحَرُمَ أَكْلُهُ وَخَاصَّتِهِ مِنْهُ كَمَا مَرَّ، وَيُجْزِئُ ذَبْحُ مَا تَعَيَّبَ لَا بِتَفْرِيطِهِ مِنْ وَاجِبٍ كَتَعْيِيِنِه مَعِيبًا، فَبَرِئَ، وَإِنْ عَيَّنَهُ عَن وَاجِبٍ سَلِيمٍ بِذَمَّتِهِ كَفِدْيَةٍ وَمَنْذُورٍ تَعَيَّنَ وَلَم يُجزِهِ، وَعَلَيهِ نَظِيرُهُ سَلِيمًا، وَلَوْ زَادَ عَمَّا بِذِمَّتِهِ كَبَدَنَةِ عُيِّنَتْ عَنْ شَاةٍ، وَكَذَا لَوْ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ، وَلَيسَ لَهُ اسْتِرجَاعُهُ لَوْ قَدَرَ عَلَيهِ بَعْدَ نَحرِ بَدَلِهِ أَوْ تَعيِينِهِ.
فصلٌ
يَجِبُ هَدْيٌ بِنَذْرٍ، وَمِنهُ إنْ لَبِسْتُ ثَوْبًا مِن غَزْلِكِ فَهُوَ هَدْيٌ، فَلَبِسَهُ بَعْدَ مِلْكِهِ، وَسُنَّ سَوقُ حَيَوَانٍ مِنْ الْحِلِّ، وَأَنْ يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ، وَإشعَارُ بُدْنٍ وَبَقَرٍ بِشَقِّ صَفْحَةٍ يُمْنَى مِنْ سَنَامٍ أَوْ مَحِلِّهِ حَتى يَسِيلَ الدَّمُ، وَتَقلِيدُهُمَا مَعَ غَنَمِ النَّعْلَ وَآذَانَ قُرَبٍ وَعُرَى وَإِنْ نَذَرَ هَدْيًا وَأَطْلَقَ فَأَقَلُّ مُجْزِئٍ، شَاةٌ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ، وَإِنْ ذَبَحَ إحْدَاهُمَا عَنْهُ كَانَتْ كُلَّهَا وَاجِبَةً، وَإِنْ نَذَرَ بَدَنَةً أَجْزَأَتهُ بَقَرَةٌ إنْ أَطلَقَ، وَإِلا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ وَمُعَينًا
أَجزَأَهُ، وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَعِيبًا أَوْ غَيرَ حَيَوَانٍ، وَعَلَيهِ إيصَالُهُ، وَثَمَنِ غَيرِ مَنقُولٍ لِفُقَرَاءِ الحَرَمِ.
وَيَتَّجِهُ: في هَدْيِ صَيدٍ ذَبْحُهُ خَارِجَ الحَرَمِ أَوْ بَيعُهُ وَنَقلُ ثَمَنِهِ.
وَكَذَا إنْ نَذَرَ سَوقَ أُضْحِيَّةٍ لِمَكَّةَ، أَوْ قَال: لله عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ بِهَا، وإنْ عَيَّنَ شَيئًا لِغَيرِ الحَرَمِ، وَلَا مَعصِيَةَ فِيهِ تَعَيَّنَ ذَبحًا وَتَفْرِيقًا لِفُقَرَائِهِ أَوْ إطلَاقُهُ لَهُمْ.
وَيَتَّجِهُ: لِيَنحَرُوهُ.
فَإِنْ كَانَ بِهِ نَحْو صَنَمٍ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ أَمْرُ كُفرٍ (1)، فنَذْرُ مَعصِيَةٍ.
فصلٌ
العَقِيقَةُ سُنَّةُ في حَقِّ أَبٍ وَلَوْ مُعسِرًا، وَيَقتَرِضُ نَدبًا، قَال أَحْمَد: أَرْجُو أَنْ يُخْلِفَ الله عَلَيهِ، قَال الشَّيخُ: إن كَانَ لَهُ وَفَاءٌ، وَلَا يَعُقَّ غَيرُ أَبٍ، وَلَا مَولُودٌ عَنْ نَفْسِهِ إذا كَبِرَ خِلَافًا لِجَمعٍ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُكرَهُ.
فعَنْ الغُلَامِ شَاتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ سِنًّا وَشَبَهًا، فَإنْ عَدِمَ فَواحِدَةٌ، وَعَنْ الجَارِيَةِ شَاةٌ، تُجزِئُ في أَضْحِيَّةٍ، وَلَا تُجْزِئُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَة إلا كَامِلَةً تُذْبَحُ في سَابعِ ولَادَةٍ ندبا ضحوةً، وَتُجْزِئُ قَبْلَهُ لَا قَبْلَ ولَادَةٍ، وَيَحْلِقُ فِيهِ رَأْسَ ذَكَرٍ، وَيَتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ وَرِقًا، وَكُرِهَ لَطخُهُ مِنْ دَمِهَا لَا بِزَعفَرَانَ، وَسُنَّ أَذَانٌ في يُمنَى أُذُنَي (2) مَولُودٍ حِينَ يُولَدُ، وَإقَامَةٌ بِيُسْرَى، وَيُحَنَّكُ
(1) في (ج): "أو نذر مكفر".
(2)
قوله: "أذني" سقطت من (ج).
بِتَمْرَةٍ بِأَنْ تُمْضَغَ، وَيُدْلَكُ بِهَا دَاخِلَ فَمِهِ، وَيُفْتَحُ لِيَنْزِلَ شَيءٌ مِنْهَا جَوْفَهُ، فَإِنْ فَات ذَبْحٌ بِسَابعٍ، فِفِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فِإن فَاتَ فَفِي الحَادِي وَالعِشرِينَ، وَلَا تُعْتَبَرُ الأَسَابِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيعُقُّ بِأَيِّ يَوْمٍ شَاءَ، وَيَنْزِعُهَا أعضَاءً نَدَبًا، وَلَا يَكسِرُ عَظمَهَا، وَطَبْخُهَا أَفْضلُ مِنْ إخْرَاجِ لِحْمِهَا نِيئًا، وَيكُونُ مِنهُ بِحُلوٍ، قَال أَبُو بِكرِ: وَيُستحَبُّ أَنْ يُعْطِيَ القَابَلَةَ مِنْهَا فَخِذًا.
وَحُكمُهَا كَأُضْحِيَّةٍ، وَيُطعِمُ مِنْهَا لأَوْلَادِ وَجِيرَانٍ وَمَسَاكِينَ (1) لَكِنْ يُبَاعُ جِلْدٌ وَرَأسٌ وَسَوَاقِطٌ، وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ، وَلَا تُخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِذَبْحِهَا، فَلَهُ بَيعُهَا، بِخِلَافِ أُضحِيَّةٍ لأَنهَا أَدْخَلُ مِنْهَا في التَّعَبُّدِ، وَيَقُولُ عِنْدَ ذَبْحِهَا:"بِسْمِ اللهِ، اللهمَّ لَكَ وإِلَيكَ، هَذِهِ عَقيقَةُ فُلَانِ بِنْ فُلَانٍ".
فَصْلٌ
سُنَّ تَسْمِيَةُ مَوْلُودٍ بِسَابع ولَادَةٍ، وَتَحْسِينُ اسْمِهِ، وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَن، وَكُلُّ مَا أَضِيفَ للهِ فَهَوَ حَسَنٌ، وَكَذَا أَسْمَاءُ الأَنبِيَاءِ، وَتَجُوزُ تَسْمِيَةٌ بِأَكثَرَ مِنْ اسْمٍ، كَبِاسْمٍ وَكُنْيَةٍ وَلَقَبٍ وَاسْمٍ أَوْلَى، وَحَرُمَ تَسْمِيَةٌ بِعَبْدٍ لِغَيرِ الله كَعَبْدِ الْكَعْبَةِ، وَعَبْدِ النَّبِيِّ، وَعَبْدِ الحُسَينِ وَكَمَلِكِ الأَمْلَاكِ وَشَاهَانْ (2) شَاهُ، أَوْ بِمَا لَا يَلِيقُ إلَّا بِهِ تَعَالى كقُدُّوسٍ وَخَالِقٍ وَرَحْمَنٍ.
قَال ابْنُ القَيِّمِ: وَكَانَ جَمَاعَةٌ من أَهْل الدِّينِ يَتَوَرَّعُونَ عَنْ إطلَاقِ
(1) في (ج): "وجيران لكن".
(2)
في (ج): "وشاهان".
قَاضِي الْقُضَاةِ، وَحَاكِمِ الْحُكَّامِ وَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ، قَال: وَكَذَلِكَ تَحْرُمُ بِسَيِّدِ النَّاسِ، وَسَيِّدِ الكُلِّ كَمَا يَحْرُمُ بِسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ، وَكَقَوْلُهُ لِمُنَافِقٍ أَوْ كَافِرٍ: يَا سَيِّدِي، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم "أَنَا ابنُ عَندِ المُطَّلِبِ" لَيسَ مِنْ بَابِ إنْشَاءِ التَّسْمِيَةِ بَلْ مِنْ بَابِ الإِخبَارِ بِالاسْمِ الذِي عُرِفَ بِهِ، وَبَابُ الإِخبَارِ أَوْسَعِ مِنْ بَابِ الإِنْشَاءِ، وَكُرِهَ تَسْمِيَةٌ بِحَرْبٍ وَيَسَارٍ وَرَبَاحٍ وَنَجِيحٍ وَأَفْلَحَ وَبَرَكَةٍ وَمُبَارَكٍ وَمُفْلِحٍ وَخَيْرٍ وَسُرُورٍ وَنَعَمَةٍ وَمُقْبِلٍ وَيَعْلَى وَرَافِعٍ وَالعَاصِيِ وَشِهَادٍ، وَكَذَا مَا فِيهِ تَزْكِيَةٌ كَالتَّقَيِّ وَالزَّكِيِّ وَالأَشْرَفِ، وَالأَفْضَلِ، وَبَرَّةَ وَكُلُّ مَا فِيهِ تُفْخِيمٌ أَوْ تَعْظِيمٌ وَكَذَا بِأَسْمِاءِ الشَّيطَانِ كَمُرَّةٍ وَوَلْهَانٍ وَالأَعْوَرُ وَالأَجْدَعُ، وَأَسْمَاءِ الفَرَاعِنَةِ وَالجَبَابِرَةِ كَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَالوَلِيدَ لَا بِأَسْمَاءِ المَلَائِكَةِ كَجِبْرِيلَ.
وَيُسْتَحَب تَغْيِيِرُ الاسْمِ القَبِيحِ، وَلَا بَأْسَ بِتَسْمِيَةِ النُّجُومِ بِنَحْو: حَمَلٍ وَثَوْرٍ وَجَدْيٍ، وَلَيسَ ذَلِكَ كَذِبًا، بَلْ تَوَسُّعٌ وَمَجَازٌ كَمَا سَمَّوْا الْكَرِيمَ بَحْرًا، وَلَا بِالْكُنَى كَأَبِي فُلَانٍ وَفُلَانَةَ، وَأُمِّ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ، وَلَا يُكْرَهُ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَالألقَابِ كَعِزِّ الدِّينِ، وَشَرَفِ الدِّينِ عَلَى أَنَّ الدِّينَ كَمَّلَهُ وَشَرَّفَهُ (1).
فَرْعٌ: وَلَا بَأْسَ بِتَرْخِيمِ الْمُنَادَى، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا عائشُ، يَا فَاطِمُ"، وَتَصْغِيرِهِ مَعَ عَدَمِ أَذًى، كَأُنيسٌ، وَلَا يَقُلْ عَبْدِي، وَأَمَتِي، وَلَا الْعَبدُ لِسَيِّدِهِ ربي، وَمَوْلَايَ.
(1) في (ب): "شرفه وكرمه وكمله".