الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابٌ الأَرَضُونَ المَغْنَومَةُ
ثَلَاثٌ: الأولى: عَنْوَةٌ: وَهِيَ مَا أُجْلُوا عَنْهَا بِالسَّيفِ (1)، وَيُخَيَّرُ إمَامٌ تَخْيِيرَ مَصلَحَةٍ لَا تَشَبُّهِ بَينَ قِسمَتِهَا بَينَ غَانِمِينَ كَمَنْقُولٍ، وَبَينَ وَقفِهَا لِلْمسلِمِينَ، بِلَفْظٍ يَحصُلُ بِهِ، وَيَضْرِبُ عَلَيهَا خَرَاجًا يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ، وَهُوَ أَجرَةٌ لَهَا وَلَيسَ لأَحَدٍ نَقْضُهُ، وَلَا نَقْضُ مَا فعَلَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَقْفٍ أو قِسمَةٍ، أَوْ فَعَلَهُ الأَئِمَّةُ بَعْدَهُ وَلَا تَغْيِيرُهُ.
الثانِيَةُ: مَا جَلَوَا عَنْهَا خَوْفًا مِنَّا، وَحُكمَهَا كَالأُولَى لأَنهَا تَصيرُ وَقفًا بِنَفْسِ الاستِيلَاءِ عَلَيهَا خِلَافًا لَهُ وَيَأتِي أَن أرضَ مِصْرَ وَالشَّامِ (2) وَالعِرَاقِ وَقْفُ عُمَرَ.
الثالِثَةُ: الْمُصَالحُ عَلَيهَا فَمَا صُولِحُوا عَلَى أنها لَنَا فكَالعَنْوَةِ، وَعَلَى أَنَّهَا لَهُمْ، وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا، فَهُوَ كَجِزْيَةٍ إنْ أَسْلَمُوا أَوْ انتَقَلَتْ لِمسلِمٍ سَقَطَ، وَلا (3) يُقَرُّونَ فِيهَا بِلَا جِزْيَةٍ، بِخِلَافِ مَا قَبْلُ، فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ كَافِرٍ بِهَا سَنَةً بِلَا جِزْيَةٍ، وَيَرْجِعُ فِي خَرَاجٍ، وَجِزْيَةٍ إلَى تَقْدِيرِ إمَامٍ فِي زِيَادَةٍ وَنَقصٍ.
ويَتجِهُ: مَا لم يَجحِفْ.
(1) قوله: "بالسيف" سقطت من (ج).
(2)
قوله: "أرض مصر و" سقط من (ج).
(3)
قوله: "لا" سقطت من (ب).
لَا إلَى تَقْدِيرِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَكَانَ وَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمَا وَقَفِيزًا من طَعَامِهِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرطَالٍ، قِيلَ بِالمَكي وَقِيلَ بِالْعِرَاقِيّ، وَهُوَ نِصفُ المَكيِّ فَعَلَى الأَوَّلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ يَكُونُ سِتةَ عَشَرَ رَطْلًا عِرَاقِيًّا، وَهُوَ قَفيزُ الْحَجَّاجِ، وَهُوَ صَاعُ عُمَرَ نَصًّا.
وَفِي المُحَرَّرِ أنّه جَعَلَ عَلَى جَرِيبِ الزَّرعِ دِرْهَمَا وَقَفِيزًا مِنْ طَعامِهِ، وَعَلَى جَرِيبِ النَّخلِ: ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ: عَشَرَةَ، وَعَلَى جَرِيبِ الرُّطُبَةِ سِتَّةَ، وَالْجَرِيبُ: عَشْرُ قَصَبَاتِ فِي مِثْلِهَا، وَالْقَصَبَةُ: سِتَّةُ أَذرُعٍ بِذَرَاعِ وَسَطٍ وَقَبضَةٍ وَإبْهَامِ قَائِمةٍ، فَيَكُونُ الْجَرِيبُ: ثَلَاثَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَسِتمِائَةٍ مُكَسَّرا، وَمَا بَينَ شَجَرٍ مَنْ بَيَاضِ أَرْضٍ تَبَعٌ لَهَا، وَلَا خَرَاجَ عَلَى مَسَاكِنَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا كَانَ أَحْمَدُ يَمْسَحُ دَارَهِ وَيُخْرِجُ عَنْهَا وَرَعًا مِنْهُ (1) لأنّ بَغْدَادَ كَانَتْ حِينَ فُتِحَتْ مَزَارعَ، وَلَا خَرَاجَ عَلَى مَزَارعِ مَكَّةَ، وَالحَرَمُ كَهِيَ، وَحَرُمَ بِنَاءٌ وَإنْفِرَادٌ بِهِ فِيهِمَا.
ويتجِهُ: جَوَازُ إعَادَةِ مَا انهدَمَ، وأن الْبِنَاءَ لَا يَحْرُمُ إلا إنْ خِيفَ مِنْهُ تَضيِيقٌ عَلَى النَّاسِ وَإِلا فَلَا، وَهُوَ أَحَق بِهِ فَإِن اسْتَغْنَى عَنهُ دَفَعَهُ لِمُحتَاجٍ مَجَّانًا.
فَالخَرَاجُ عَلَى أَرْضٍ لَهَا مَا تُسقَى بِهِ (2) وَلَوْ لم تُزرَعْ، لَا عَلَى مَا لَا يَنَالُهُ مَاءٌ ولو أَمْكَنَ زَرْعُهُ وَإِحْيَاؤُهُ، وَلَمْ يَفعَلْ، وَمَا لَمْ يَنْبُتْ أَوْ يَنَلهُ (3) المَاءُ إلا عَامٌ بَعدَ عَامٍ فَنِصْفُ خَرَاجِهِ فِي كُل عَامٍ، قَال الشَّيخُ
(1) قوله: "ورعا منه" سقطت من (ج).
(2)
من قوله: "مكة والحرم كهي
…
تسقى به" سقطت من (ج).
(3)
في (ج): "بله".
ولو يَبِسَتْ الكُرُومُ بِجَرَادٍ أو غَيرِهِ، سَقَطَ مِنْ الخَرَاجِ حَسْبَمَا تَعَطَّلَ مِنْ النّفعِ، وَإِذَا لم يُمكِنْ النّفعُ بِهِ بِبَيعٍ أو إجَارَةٍ أَوْ عِمَارَةٍ أَوْ غَيرِهِ لَمْ تَجُزْ المُطَالبَةُ بِالْخَرَاجِ. انْتَهَى.
وَالخَرَاجُ عَلَى مَالِكٍ دُونَ مُسْتَأجرٍ وَمُستَعِيرٍ، وَهُوَ كَالدَّيْنِ يُحْبَسُ بِهِ مُوسِرٌ، وَيُنظَرُ مُعْسِرٌ، وَمَنْ بِيَدِهِ أَرضٌ خَرَاجِية فَهُوَ أَحَق بِهَا بِالْخَرَاجِ كَالمُستَأْجِر، يَرِثُهَا وَرَثَتُهُ كَذَلِكَ، وَلَيسَ لِلإِمَامِ أَخْذُهَا مِنْهُ وَدَفْعُهَا لِغَيرِهِ، فَإِن آثَرَ بِهَا أَحَدًا صَارَ الثانِي أَحَق بِهَا، كَمَا يَأْتِي فِي الْمَوَاتِ.
وَمَنْ عَجَزَ عَن عِمَارَةِ أَرْضِهِ أُجبِرَ عَلَى إجَارَتِهَا، أَوْ رَفْعِ يَدِهِ عَنهَا، لِتُدفَعَ لِمَنْ يَعمُرُهَا وَيَقُومُ بِخَرَاجِهَا، وَكُرِهَ لِمسلِمٍ أَنْ يَتَقَبَّلَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً بِمَا عَلَيهَا مِنْ خَرَاجٍ، لأن إعْطَاءَهُ فِي مَعْنَى الْمَذَلَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرْشِيَ العَامِلَ وَيُهدِيَ لَهُ، لِدَفْعِ ظُلْمٍ لَا لِيَدَعَ خَرَاجًا، وَالْهَدِيةُ الدَّفْعُ ابتِدَاءً وَالرِّشْوَةُ ما (1) بَعْدَ الطَّلَبِ، وَأَخْذُهُمَا حَرَامٌ، وَلَيسَ لأَحَدِ تَفْرِقَةُ خَرَاجٍ (2) عَلَيهِ بِنَفسِهِ، وَمَصرِفُهُ كَفَيءٍ، وَإِنْ رَأَى إمَامٌ المَصْلَحَةَ فِي إسْقَاطِهِ عَمَّنْ لَهُ وَضْعُهُ جَازَ، وَلَا يَحتَسِبُ بِمَا ظَلَمَ فِي خَرَاجِهِ من عُشرٍ.
ويتجِهُ: مَا لم يَنْوهِ زَكَاة حَال دَفْعٍ.
وَمَن أَقَامَ بِبَلْدَةٍ تُطْلَبُ مِنهَا الكُلَفَ بِحَقٍّ وَغَيرِهِ بِنِيةِ الْعَدْلِ، وَتَقلِيلِ الظلمِ مَهمَا أَمْكَنَ لله تَعَالى فَكَالمُجَاهَدِ فِي سَبِيلِهِ، ذَكَرَهُ الشيخُ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ مَعَهُ فِي أَخِرِ زَكَاةِ السائِمَةِ، فِي تَحْرِيمِ تَوْفِيرِ بَعْضِهِمْ.
(1) قوله: "ما" سقطت من (ج).
(2)
قوله: "وليس لأحد تفرقة خراج" سقطت من (ج).