المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صفة الصلاة - غاية المنتهى في جمع الإقناع والمنتهى ط غراس - جـ ١

[مرعي الكرمي]

فهرس الكتاب

- ‌عملنا في هذا الكتاب

- ‌ وصف النسخ التي استعنا بها في تحقيق هذا الكتاب:

- ‌ثناء العلماء على كتاب الغاية ومؤلفه

- ‌صورة تقريظ كتبه الشيخ الفاضل شيخ الإِسلام أحمد البكري

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته ونشأته:

- ‌مشايخه:

- ‌تلامذته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته رحمه الله تعالى:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌عمله:

- ‌شيوخه:

- ‌تلامذته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌مؤلفاته:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌وفاته:

- ‌كِتَابُ الطهَارَةِ

- ‌بَاب الآنِيَةِ

- ‌بَاب الاسْتِنْجَاءُ

- ‌بَاب السِّوَاكُ

- ‌بَابٌ الْوُضُوءُ

- ‌بَابٌ مَسْحُ الْخُفَّينِ

- ‌بَابٌ نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ

- ‌بَابٌ الْغُسْلُ

- ‌بَابٌ التَّيَمُّمُ

- ‌بَابٌ إزَالةُ النَّجَاسَةِ الحُكْمِيَّةِ

- ‌بَابٌ الْحَيضُ

- ‌كتَابُ الصَّلَاةُ

- ‌بَابٌ الأذَانُ

- ‌بَابٌ شُرُوطِ الصَّلاةِ

- ‌بابٌ سِترُ العورةِ

- ‌بَابٌ اجْتِنَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌بَابٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ

- ‌بَابٌ النِّيَّةُ

- ‌بَابٌ صِفَةُ الصَّلَاةِ

- ‌بابٌ سُجُودُ السهْو

- ‌بَابٌ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ

- ‌بابٌ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ

- ‌بَابٌ الإِمَامَةُ

- ‌بابٌ صَلاةُ أَهْلِ الأَعْذارِ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الجُمُعَةِ

- ‌بابٌ صَلَاةُ الْعِيدَينِ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْكُسُوفِ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌كَتَابُ الجَنَائِزِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابٌ زَكاةُ السَّائِمَةِ

- ‌بَابٌ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنَ الأَرْضِ والنَّحْلِ

- ‌بَابُ زَكَاةُ الأَثْمَانِ

- ‌بَابٌ زَكَاةُ الْعُرُوضِ

- ‌بَابٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌بابٌ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابٌ أَهْلِ الزَّكَاةِ ثَمَانِيَةِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌بَابٌ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ

- ‌بَابٌ مَا يُكْرَهُ وَيُسَنُّ بِصَوْمٍ، وَحُكْمُ الْقَضَاءِ

- ‌بَابٌ صَوْمُ التَّطَوُّعِ

- ‌كِتَابُ الاعْتِكَاف

- ‌كِتَابُ الْحَج

- ‌بَابٌ الْمَوَاقِيتُ

- ‌بَابٌ الإحْرَامُ

- ‌بَابٌ مَحْظُورَاتُ الإِحْرَامِ

- ‌بَابٌ الْفِدْيَةُ

- ‌بَابٌ جَزَاءُ الصَّيدِ

- ‌بَابٌ صَيدُ الْحَرَمَينِ وَنَبَاتِهِمَا

- ‌بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ

- ‌بَابٌ صِفَةُ الْحَجِّ

- ‌بَابٌ الفَواتُ وَالإِحصَارُ

- ‌بَابٌ الهَدْيُ وَالأَضَاحِيِ والعَقِيقَةُ

- ‌كتَابُ الجِهَادِ

- ‌بَابٌ مَا يَلزَمُ الإِمَامَ وَالجَيشَ

- ‌بَابٌ قَسْمُ الْغَنِيمَةِ

- ‌بابٌ الأَرَضُونَ المَغْنَومَةُ

- ‌بَابٌ الفَيءُ

- ‌بَابٌ الأَمَانُ

- ‌بَابٌ الْهُدْنَةُ

- ‌بَابٌ عَقْدُ الذِّمَّةِ

- ‌بَابٌ أَحْكَامُ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ البَيعِ

- ‌بَابٌ الشُّرُوطُ فِي البَيعِ

- ‌بَابٌ الْخِيَارُ

- ‌بَابٌ الرِّبَا وَالصَّرْفِ

- ‌بَابٌ بَيعُ الأُصُولِ وَالثِّمَار

- ‌بَابٌ السَّلَمُ

- ‌بَابٌ الْقَرْضُ

- ‌بابٌ الرَّهْنُ

- ‌بَابٌ الضَّمَانُ

- ‌بَابٌ الْحَوَالةُ

- ‌بَابٌ الصُّلْحُ

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌بَابٌ الْوَكَالةُ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌بَابٌ الْمُسَاقَاةُ

- ‌بَابٌ الإِجَارَةُ

- ‌بَابٌ المُسَابَقَةُ

- ‌كِتَابُ العَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الغَصْبِ

- ‌بَابٌ الشُّفْعَةُ

- ‌باب الودِيعَةُ

- ‌بَابٌ إحيَاءُ الْمَوَاتِ

- ‌بَابٌ الْجَعَالةُ

- ‌بَابٌ اللُّقَطَةُ

- ‌بَابٌ اللَّقِيطُ

الفصل: ‌باب صفة الصلاة

‌بَابٌ صِفَةُ الصَّلَاةِ

سُنَّ خُرُوجٌ إلَيهَا بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَخُضُوعٍ، مُقَارِبًا بَينَ (1) خُطَاهُ، لِتَكْثُرَ حَسَنَاتُهُ، قَائِلَا:"اللَّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيكَ وَبِحَق مَمشَايَ هَذَا، فَإِنَّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلَا بَطِرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سَخَطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنْ النارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبي، إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذنُوبَ إلا أَنْتَ"(2)، وَأَنْ يَقُولَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ وَلَوْ لَغِيِرِ صَلَاةٍ:"بسْم اللهِ آمَنتُ بِاللهِ اعتَصَمْتُ بِاللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ"(3)، ومَا دُعِيَ بِهِ مِمَّا وَرَدَ فَحَسَنَ.

وفِي دَخُولِ مَسْجِدٍ: "بِسْمِ اللهِ وَالسَّلَامُ عَلَىَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، اللَّهُمَّ اغْفِر لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ"(4)، وفِي خُرُوجٍ إلَّا أَنَّهُ يُقَوُلُ:"أَبْوَابَ فَضلِكَ، اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ"(5).

وَكُرِهَ إِسْرَاعُ مَشْي إلا لِخَوْفِ فَوْتِ جَمَاعَةٍ، قَال أَحْمَدُ: إِنْ طَمِعَ فِي إِدرَاكِ تَكْبِيِرَةٍ أُولَىَ فَلَا بَأَسَ، مَا لَمْ تَكُنْ عَجَلَةً تَقْبُحُ، وَإِذَا دَخَلَ الْمسْجِدَ اشتَغَلَ بِنَحْو ذِكْرٍ أَوْ سَكَتَ، وَكُرِهَ خَوْضٌ بِأَمْرِ دُنْيَا، وَفَرْقَعَةُ

(1) قوله: "بين" سقطت من (ج).

(2)

رواه ابن ماجه في سننه (رقم 827) والإمام أحمد في مسنده (رقم 11455).

(3)

رواه الإمام أحمد في مسنده (رقم 481).

(4)

رواه في مسلم (رقم 1685)، ولفظه لابن ماجه (رقم 820).

ص: 163

أَصَابعَ فَمَا دَامَ كَذَلِكَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ، وَالمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يُحْدِثْ، وَسُنَّ قِيَامُ إمَامٍ، فَمَأْمُومٍ لِصَلَاةٍ إذَا قَال مُقِيمٌ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ إنْ رَأَى الإِمَامَ، وَإِلَّا فَعِنْدَ رُؤْيَتِهِ.

وَيَتَّجِهُ: هَذَا فِيمَنْ يُمكِنُهُ رُؤيَةُ إمَامٍ.

ثُمَّ يُسَوِّي إمَامٌ الصُّفُوفَ نَدْبًا (1) بِمَنْكِبٍ وَكَعْبٍ فَيَلْتَفِتْ يَمِينًا فَشِمَالا قَائِلًا: اعْتَدِلُوا، أَو سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، أَو اسْتَوُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ.

وَسُنَّ تَكْمِيلُ صَفٍّ، أَوَّلٍ فَأَوَّلٍ فَيُكْرَهُ تَرْكُهُ لِقَادِرٍ وَمُرَاصَّةٍ وَيَمِينُهُ مُطْلَقًا، وَأَوَّلِ لِرِجَالٍ لَا نِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ أَفْضَلُ، وَالأَوَّلُ مَا يَقْطَعُهُ الْمِنْبَرُ وَفِي الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ بَعِيدًا عَنْ يَميِنٍ أَفْضَلُ مِنْ قَرِيبٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَأَنَّهُ يُحَافِظُ عَلَى الأَوَّلِ، وَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ لا جَمَاعَةٍ، وَمَا قَرُبَ مِنْ إمَامٍ فَأَفْضَلُ، وَخَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، عَكْسُ صُفُوفِ نِسَاءٍ، فَيُسَنَّ تَأْخِيرُهُن.

وَيَتَّجِهُ: إنْ صَلَّينَ خَلْفَ رِجَالٍ، لَا مَعَ بَعْضِهِنَّ (2).

وَتُكْرَهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَينَ يَدَيهِ امْرَأَةٌ تُصَلِّي، وَإِلَّا فَلَا، وَلَيسَ بَينَ إقَامَةٍ وَتَكْبِيرٍ دُعَاءٌ مَسْنُونٌ، وَإِنْ دَعَا فَلَا بَأْسَ، فَعَلَهُ أَحْمَدُ.

(1) قوله: "ندبًا" سقطت من (ج).

(2)

الاتجاه سقط من (ج).

ص: 164

فَصْلٌ

ثُمَّ يَقُولُ قَائِمًا مَعَ قُدْرَةٍ لِفَرْضٍ: اللهُ أَكْبَرُ، لَا يُجْزِئُهُ غَيرُهُا (1) مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا.

وَيَتَّجُهُ: وَلَوْ حُكْمًا.

فَإِنْ أَتى بِهِ أَوْ ابْتَدَأَهُ أَوْ أَتَمَّهُ غَيرَ قَائِمٍ صَحَّتْ نَفْلًا، إنْ اتَّسَعَ وَقْتٌ وَإنْ زَادَ بَعْدَ أَكْبَرُ كَبِيرًا، أَوْ أَعْظَمُ، أَوْ أَجَلُّ، وَنَحْوُهُ كُرِهَ، وَتَنْعَقِدُ إنْ مَدَّ اللَّامَ لَا هَمْزَةَ اللَّهِ أَوْ أَكْبَرَ أَوْ قَال: أكْبَارٌ أَوْ الأَكْبَرُ، وَحَذْفُ مَدِّ لَامٍ أَوْلَى؛ لأنَّهُ يُكرَهُ تَمْطِيطُهُ، وَيَلْزَمُ جَاهِلٌ (2) تَكْبِيرَةُ إحْرَامٍ تَعَلَّمَهَا فَإِنْ عَجَزَ أَوْ ضَاقَ وَقْتٌ كَبَّرَ بلُغَتِهِ، فَإِنْ عَرَفَ لُغَاتٍ فِيهَا أَفْضَلَ، كَبَّرَ بِهِ، فَيُقَدَّمُ سُرْيَانِيٌّ فَفَارِسِيٌّ وَإِلَّا خُيِّرَ كَتُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ، وَكَذَا كُلُّ ذِكْرٍ وَاجِبٍ كَتَحْمِيدٍ، وَتَسْبِيحٍ، وَتَشهُّدٍ، وَإنْ عَلِمَ الْبَعْضَ أَتَى بِهِ وَإِنْ تَرْجَمَ عَنْ مُسْتَحَبٍّ، بَطَلَتْ.

وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: حَتَّى بِزَائِدٍ عَنْ مَرَّةِ في وَاجِبٍ.

وَيُحْرِمُ أَخْرَسٌ وَنَحْوُهُ بِقَلْبِهِ، وَلَا يُحَرَّكُ لِسَانَهُ وَإن أَمْكَنَهُ، وَكَذَا حُكْمُ نَحْو قَرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ، وَسُنَّ جَهْرُ إمَامٍ بِتَكْبِيرٍ وَتَسْمِيعٍ وَتَسْلِيمَةٍ أُولَى وَقِرَاءَةٍ فِي جَهْرِيَّةِ، بِحَيثُ يُسْمِعُ مَنْ خَلْفَهُ، وَأَدْنَاهُ سَمَاعُ غَيرِهِ.

وَيَتَّجِهُ: لَا يَضُرُّ قَصْدُ جَهْرٍ بَوَاجِبٍ لِتَبْلِيغٍ، إذَ الْجَهْرُ لَيسَ بِوَاجِبٍ

(1) في (ب): "غيره" أي غير التكبير، وقوله "غيرها" أي غير لفظ التكبير وهو أولى.

(2)

في (ج): "ويلزم جاهلًا".

ص: 165

وَأَنَّهُ يَضُرُّ إنْ قَصَدَ بِالْوَاجِبِ التَّبلِيغَ أَو هُوَ، وَالتَّبْلِيغ كَحَمْدٍ لِعُطَاسٍ وَقِرَاءَةٍ.

وَكُرِهَ جَهْرُ مَأْمُومٍ إلَّا بِتَكْبِيرٍ، وَتَحْمِيدٍ، وَسَلَام لِحَاجةٍ فَيُسَنُّ، وَإلَّا سُنَّ إسْرَارُهُ، قَال الشَّيخُ إذَا كَانَ الإِمَامُ يَبْلُغُ صَوْتُهُ الْمَأْمُومِينَ لَمْ يُسْتَحَبَّ لأَحَدٍ مِنْهُمْ التَّبْلِيغُ بِاتَّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَجَهْرُ كُلِّ مُصلٍّ فِي رُكْنٍ وَوَاجِبٍ فَرْضٌ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ، وَمَع مَانِعِ بِحَيثُ يَحْصُلُ سَمَاعٌ مَعَ عَدَمِهِ، وَسُنَّ رَفْعُ يَدَيهِ إشارَةٌ لِرَفْعِ الْحِجَابِ بَينَهُ وَبَينَ رَبِّهِ أَوْ إحْدَاهُمَا عَجْزًا مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرٍ مَكْشُوفَتَينِ هُنَا، وَفِي دُعَاءٍ مَبْسُوطَتَي الأَصَابعِ مَضْمُومَتَيْهَا مُسْتَقْبِلًا بِبُطُونِهِمَا الْقِبْلَةَ إلَى حَذْو مَنْكِبَيهِ، بِرُءُوسهِمَا إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، وَيُنْهِيهِ مَعَهُ وَيَسْقُطُ استِحْبَابُ رَفْعِهِمَا بِفَرَاغِ تَكْبِيرٍ، وَمَنْ رَفَعَ أَتَمُّ صَلَاةَ ممَّن لَمْ يَرْفَعْ، ثُمَّ يَحُطُّهُمَا بِلَا ذِكْرٍ ثُمَّ يَضَعُ كَفَّ يُمْنَى عَلَى كُوعِ يُسْرَى، وَيَجْعَلُهُمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ، وَمَعنَاهُ ذُلٌّ بَينَ يَدَي عِزٍّ، وَيُكرَهُ عَلَى صَدْرِهِ، وَسُنَّ نَظَرُهُ لِمَوْضِعِ سُجُودِهِ، إلَّا فِي نَحْو صَلَاةِ خَوْفٍ.

فَصْلٌ

ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ نَدْبًا فَيَقُولُ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالى جَدُّكَ وَلَا إِلَه غَيرُكَ"(1).

وَيَتَّجِهُ: وَفِي اسْتِفْتَاحِ أَوَّلِ رَاتِبَةٍ وَنَفْلٍ لَا كُلِّهِ.

(1) رواه أبو داود رقم (775، 776)، والترمذي رقم (243، 244، 483)، والنسائي رقم (908)، وابن ماجه رقم (853) ومسند الإمام أحمد رقم (11975)، سنن الدارمي رقم (1286) والدارقطني رقم (1153، 1154، 1155، 1156).

ص: 166

ثُمَّ يَسْتَعِيذُ، فَيَقُولُ:"أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ" وَكَيفَمَا تَعَوَّذَ مِمَّا وَرَدَ فَحَسَنٌ، ثُمَّ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ نَدْبًا وَلَيسَتْ مِنْ الْفاتِحَةِ بَلْ هِيَ آيَةٌ فَاصِلَةٌ بَينَ كُلِّ سُورَتَينِ، سِوَى بَرَاءَةٍ، فَيُكْرَهُ ابْتِدَائِهَا بِهَا، وَلَا يُسَنُّ جَهْرٌ بِمَا مَرَّ، وَيَسْقُطُ أَوَّلٍ بِشُرُوعٍ بِثَانٍ ثُمَّ يَقْرَأُ الفَاتِحَةَ وَفِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً، فَإنْ تَرَكَ وَاحِدَةً أَوْ تَرْتِيبَهَا أَوْ قَطَعَهَا غَيرُ مَأْمُومٍ بِسُكُوتٍ طَويلٍ أَوْ ذِكرٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ قُرْآنٍ كَثِيرٍ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا إنْ تَعَمَّدَ، بِخِلَافِ نَحْو سَهْوٍ وَنَوْمٍ، وَكَانَ غَيرَ مَشْرُوعٍ، وَلَا تَبْطُلُ بِنِيَّةِ قَطْعِهَا وَلَوْ سَكَتَ يَسِيرًا وَلَا إنْ غَلَطَ فَرَجَعَ وَأَتَمَّ.

وَسُنَّ قِرَاءَتُهَا مُرَتَّلَةً مُعْرَبَةً يَقِفُ عِندَ كُلِّ آيَةٍ وَلَوْ تَعَلَّقَتْ بِمَا بَعْدَهَا، ويُمَكِّنُ حُرُوفَ مَدٍّ وَلِينٍ مَا لَمْ يُؤَدِّ لِتَمْطِيطٍ، وَهِيَ أَعْظَمُ سُورَةِ فِي الْقُرْآنِ، وَأَعْظَمُ آيةٍ فِيهِ آيَةُ الْكُرْسِي.

وَكُرهَ إفْرَاطٌ بِتَشْدِيدٍ وَمَدٍّ (1)، وَقَوْلُهُ مَعَ إمَامِهِ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} وَنَحوُهُ، فَإِذَا فَرغَ قَال:"آمِينَ"، بِقَصْرٍ وَمَدُّ أَوْلَى، بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ، لِيُعْلَمَ أَنَّهَا لَيسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ، وَحَرُمَ وَبَطَلَتْ إنْ شَدَّدَ مِيمَهَا، يَجْهَرُ بِهَا إمَامٌ وَمَأْمُومُ مَعًا، وَمُنْفَرِدٌ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ، فَإِنْ تَرَكَهُ إمَامٌ أَوْ أَسَرَّهُ أَتى بِهِ مَأمُومٌ جَهْرًا، وَسُنَّ سُكُوتُ إمَامٍ بَعْدَهَا بِقَدْرِ قِرَاءَةِ مَأْمُومٍ، لَا قَوْلُ آمِينَ رَبَّ الْعَالمِينَ.

وَيَلْزَمُ جَاهِلًا تَعَلُّمُ الْفَاتِحَةِ، فَإِنْ ضَاقَ وَقتٌ لَزِمَهُ قَرَاءَةُ قَدْرِهَا حُرُوفًا وَآيَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلا آيَةً مِنْهُما، كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا، وَلَا يُجْزِئُهُ

(1) قوله: "ومد" سقطت من (ج).

ص: 167

آيَةٌ مِنْ غَيرِهَا بِخِلَافِ بَعْضَ آيَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنُ قُرْآنًا حَرُمَ تَرْجَمَتُهُ إذْ لَا تُسَمَّى قُرآنًا، فَلَا تَحْرُمُ عَلَى جُنُبٍ، وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ، وَتَحْسُنُ لِحَاجَةِ تَفْهِيمٍ، وَلَزِمَهُ قَولُ:"سُبحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ" فَإِنْ عَرَفَ بَعْضَهُ كَرَّرَهُ بِقَدْرِهِ.

وَيَتَّجِهُ: جَوَازُ تَرْجَمَةٍ هُنَا.

وَإِلَّا وَقَفَ بِقَدْرِ قِرَاءَةٍ كَأَخْرَسَ، وَلَا يَلْزَمُ بِصَلَاةٍ خَلْفَ قَارِئٍ، ويُسَنُّ، وَمَنْ صَلَّى وَتَلَقَّفَ الْقِرَاءَةَ مِنْ غَيرِهِ صَحَّتْ، ثُمَّ يَقْرَأُ مُبَسْمِلًا سُورَةً كَامِلَةً نَدْبًا، مِنْ طِوَالِ الْمفَصَّلِ فِي فَجْرٍ، وَقِصارِهِ فِي مَغْرِبٍ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ، وَلَا يُكرَهُ لِعُذْرٍ: كَمَرَضٍ، وَسَفَرٍ بِأَقْصَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِلَّا كُرِهَ بِقِصَارِهِ فِي فَجْرٍ لَا بِطِوَالِهِ فِي مَغْرِبٍ.

وَأَوَّلُهُ: ق، وَآخِرُ طِوَالِهِ: إلَى عَمَّ، وَأَوْسَاطُهُ: مِنْهَا إلى الضُّحَى، وَقِصارُهُ: مِنهَا لآخِرِهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِالسُّورَةِ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ، وَتَجُوزُ آيَةٌ، إلَّا أنَّ أَحْمَدُ اسْتَحَبَّ: أَنْ تَكُونَ طَويلَةً كَآيَةِ الدَّينِ، وَآيَةِ الْكُرْسِي فَإِنْ قَرَأَ مِنْ أَثْنَاءِ سُوَرةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَسْمِلَ نَصًّا، وَحَرُمَ تَنْكِيسُ الْكَلِمَاتِ وَتَبْطُلُ بِهِ عَمْدًا، لَا السُّوَرِ والآيَاتِ، وَيُكْرَهُ كَبِكُلِّ الْقُرْآنِ فِي فَرْضٍ أَوْ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ، لَا تَكْرَارُ سُورَةٍ أَوْ تَفْرِيقُهَا (1) فِي رَكْعَتَينِ، وَلَا جَمْعُ سُوَرٍ فِي رَكْعَةٍ، وَلَوْ فِي فَرْضٍ وَلَا قِرَاءَةُ أَواخِرِ السُّوَرِ وَأَوْسَاطِهَا أَوْ مُلازَمَةُ سُورَةٍ مَعَ اعْتِقَادِ (2) جَوَازِ غَيرِهَا، وَقَال الشَّيخُ: تَرْتِيبُ الآيَاتِ وَاجِبٌ؛ لأَنَّ تَرْتِيبَهَا بِالنَّصِّ إجْمَاعًا، وَتَرْتِيبُ السُّوَرِ بِالاجْتِهَادِ لا بِالنَّصِّ فِي قَوْلِ

(1) في (ج): "وتفريقها".

(2)

في (ج): إعتقاده.

ص: 168

جُمْهُورِ العُلَمَاءِ، مِنْهُمْ: الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَافِعِيَّةُ، وَلَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى الْمُصْحَفِ زَمَنَ عُثْمَانَ، صَارَ هَذَا مِمَّا سَنَّهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ أَنَّ لَهُمْ سُنَّةً يَجِبُ اتَّبَاعُهَا، وَلَا تَصِحُّ بِقَرَاءَةٍ تَخْرُجُ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ.

وَيَتَّجِهُ: هَذَا فِي قِرَاءَةٍ تُبْدِلُ الْحُرُوفَ كَقِرَاءَةِ يُعْبَدُ بِالْيَاءِ، وَمَنْ أَنْعَمْت بَدَلَ الَّذِينَ (1).

وَتَحْرُمُ لِعَدَمِ تَوَاتُرِهِ، وَتَصِحُّ بِمَا وَافَقَ الْمُصْحَفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَشَرَةِ نَصًّا، وَكَرِهَ أَحْمَدُ قِرَاءَةَ حَمْزَةَ، وَالْكِسَائِيِّ لَا غَيرِهِمَا مِنْ الْعَشْرَةِ (2)، وَالإِدْغَامِ الْكَبِيرِ لأَبي عَمْرو، وَإنَّمَا كَرِهَ قِرَاءَةْ حَمْزةَ وَالْكِسَائِيِّ لِزيَادَةِ الْمَدِّ، وَالْكَسْرِ وَللإِدْغَامِ الشَّدِيدِ (3)، فَيَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَرْفٍ بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ، وَاخْتَارَ قِرَاءَةَ نَافِعٍ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ ثُمَّ قِرَاءَةَ عَاصِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَ"مَالِكَ" أَحَبُّ إلَى أَحْمَدَ مِنْ {مَالِكِ} ، وَقَال ابْنُ الْجَوْزِيِّ: كَانَ أَحْمَدُ لَا يُدْغِمُ شَيئًا فِي الْقُرْآنِ إلا {اتَّخَذْتُمُ} ، وَبَابُهُ، وَيَمُدُّ مَدًّا مُتَوَسِّطًا.

وَسُنَّ جَهْرُ إمَامٍ بِقِرَاءَةٍ فِي (4) صُبْحٍ وَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ، وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَتَرَاويحَ وَوترٍ بَعْدَهَا، وَأُولَتَي مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ، وَيُسِرُّ فِيمَا عَدَا

(1) الاتجاه سقط من (ج).

(2)

وباقي العشرة هم كل من الأئمة القراء نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وعاصم وأبو جعفر، ويعقوب الحضرمي، وخلف البزار رحمهم الله تعالى ورضي عنهم أجمعين.

(3)

في (ج): "وإنما كره قراءة حمزة للإدغام الشديد".

(4)

قوله: "في" سقطت من (ج).

ص: 169

ذَلِكَ، وَكُرِهَ لِمَأْمُومٍ وَلِكُلِّ مُصَلٍّ نَهَارًا فِي نَفْلٍ، وَيُخَيَّرُ مُنْفَرِدٌ وَقَائِمٌ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ، وَيُسِرُّ فِي قَضاءِ صَلَاةِ جَهْرٍ نَهَارًا مُطْلَقًا، وَيَجْهَرُ بِهَا لَيلًا فِي جَمَاعَةٍ، وَفِي نَفْلٍ يُرَاعِي الْمَصْلَحَةَ، قَال ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَالأَظْهَرُ أَنَّ النَّهَارَ هُنَا مِنْ طُلُوعِ شَمْسٍ.

فَصْلٌ

ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّرًا رَافِعًا يَدَيهِ مَعَ ابْتِدَائِهِ فَيَضَعُ يَدَيهِ مُفَرَّجَتَي الأَصَابعِ عَلَى رُكْبَتَيهِ وَيَمُدُ ظَهْرَهُ مُسْتَويًا، وَيَجْعَلُ رَأْسَهُ حِيَالهُ، وَيُجَافِي مِرْفَقَيهِ عَنْ جَنْبَيهِ، وَالْمُجْزِئُ بِحَيثُ يُمْكِنُ وَسَطًا مَسُّ رُكْبَتَيهِ بِكَفَيهِ نَصًّا؛ لأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عِنْ حَدِّ قِيَامٍ لِرُكُوعٍ إلَّا بِهِ، أَوْ قَدْرِهِ مِنْ غَيرِ وَسطٍ، وَمِنْ قَاعِدٍ مُقَابَلَةُ وَجْهِهِ مَا أَمَامَ رُكْبَتَيهِ مِنْ الأَرْضِ أَدْنَى مُقَابَلَةٍ، وَتَتِمَّتُهَا الْكَمَالُ، وَيَنْويهِ أَحْدَبٌ لَا يُمْكِنُهُ، وَمَنْ انْحَنَى لِتَنَاوُلِ شَيءٍ وَلَمْ يَخْطِرْ رُكُوْعٌ بِبَالِهِ، لَمْ يُجْزِئْهُ، وَلَوْ سَقَطَ لِعِلَّةٍ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْهُ عَادَ إنْ زَالتْ، لَا بَعْدَ سُجُودٍ، فَإِنْ عَادَ مِنْهُ عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

وَيَتَّجِهُ: لَوْ سَقَطَ قَبْلَ رُكُوعٍ فَرَكَعَ جَالِسًا لَا يَعُودُ قَبْلَ سُجُودٍ (1).

وَيَقُولُ: "سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ" ثَلَاثًا، وَهُوَ أَدْنَى الْكَمَالِ، وَأَعْلَاهُ لإِمَامٍ عَشرٌ، وَلِمُنْفَرِدٍ الْعُرْفُ، وَكَذَا:"سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى"، فِي سُجُودٍ، وَالْكَمَالُ فِي:"رَبِّ اغْفِرْ لِي" بَينَ السَّجْدَتَينِ ثَلَاثٌ فِي غَيرِ صَلَاةِ كُسُوفٍ فِي الْكُلِّ، وَتُكْرَهُ قِرَاءَةٌ فِيهِ وَفِي سُجُودٍ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ

(1) الاتجاه سقط من (ج).

ص: 170

مَعَ يَدَيهِ قَائِلًا إمَامٌ ومُنْفَرِدٌ: "سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"(1) وَمَعْنَاهُ: أَجَابَ، مُرَتَّبًا وَجُوبًا، ثُمّ إن شَاءَ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ أَوْ أَرْسَلَهُما، فَإذَا قَامَ قَال:"رَبنا لَكَ الحمدُ"(2) وَبِوَاوٍ أَفْضَلُ، وَمَع تَرْكِهَا فَالأَفْضَلُ "اللهم رَبنا لَكَ الْحَمدُ"، ثُمّ يَزِيدُ غَيرُ مَأْمُوم نَدْبًا بَعْدَ رَفْعٍ:"مِلْءُ السمَاءِ وَمِلْءُ الأَرْضِ، وَمِلءُ مَا شِئتَ مِنْ شَيءٍ بَعْدُ"(3)، وَإنْ شَاءَ زَادَ:"أَهْلَ الثنَاءِ وَالْمَجدِ أَحَقُّ مَا قَال الْعَبدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أعْطَيتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ"(4)، أَوْ غَيرُهُ مِمَا وَرَدَ وَمَأمُومٌ يُحَمِّدُ فَقَط حَال رَفعِهِ، وَإِنْ عَطَسَ إذَنْ فَحَمِدَ لَهُمَا جَمِيعًا لَمْ يُجْزِئهُ، نَصًّا.

وَلَا تَبْطُلُ بِهِ وَمِثلُهُ لِشُرُوعِ فَاتِحَةٍ، ثُمّ يَخِرُّ مُكَبِّرًا وَلا يَرْفَعُ يَدَيهِ فَيَضَع رُكْبَتَيهِ ثُمَّ يَدَيهِ ثُمّ جَبهَتَهُ وَأَنْفَهُ، وَيَكُونُ عَلَى أَطْرَافِ أصَابِعِهِ ويُسَبِّحُ، وَالسجُودُ بِالمُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الأَعضَاءِ فَرضٌ لِقَادِرٍ.

وَيَتجِهُ: في آنٍ وَاحِدٍ.

لَا مُبَاشَرَتُهَا (5) لَهُ بِشَيءٍ مِنْهَا، وَكُرِهَ تَرْكُهَا بِلَا عُذرٍ نَحْو حَرٍّ سِوَى رُكْبَتَينِ، فَيُكْرَهُ كَشفُهُمَا، فَلَوْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ، غَيرِ أَعْضَاءِ سُجُودٍ، كَكُوَرِ عِمَامَتِهِ، وَكُمِّهِ وَذَيلِهِ، صَحت، وَيُجْزِئُ بَعْضُ كُل عِضْوٍ، وَلَو ظَهْرِ كَفٍّ وَقَدَمٍ، لَا إنْ كَانَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعضٍ، وَمَنْ عَجَزَ بِجَبْهَتِهِ

(1) لمفهوم الحديث الذي رواه البُخاريّ رقم (689).

(2)

لمفهوم الحديث الذي رواه البُخاريّ رقم (796).

(3)

رواه مسلم رقم (1097).

(4)

رواه مسلم رقم (1086).

(5)

في (ج): "مباشرته".

ص: 171

لَمْ يَلْزَمْهُ بِغَيرِهَا تَبَعًا لَهَا، وَيُومِئ مَا يُمكِنُهُ، وَسُنَّ أَنْ يُجَافِيَ عَضُدَيهِ عَنْ جَنبَيهِ، وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيهِ، وَهُمَا عَنْ سَاقَيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ جَارَهُ فَيَحْرُمُ، وَيَضَعُ يَدَيهِ حَذْوَ مَنْكِبَيهِ مَضْمُومَتَي الأَصَابِعِ، وَلَهُ أَن يَعْتَمِدَ بِمِرْفَقَيهِ عَلَى فَخِذَيهِ إنْ طَال، وَيُفَرِّقَ رُكْبَتَيهِ وَأَصَابِعَ رِجْلَيهِ، لَا إنْ تَعَذَّرَ بِنَحْو خُفٍّ، وَيُوَجِّهُهَا لِقِبْلَةٍ، وَإنْ عَلَا مَوْضِعُ رَأسِهِ عَلَى قَدَمَيهِ فَلَم تَسْتَعْلِ أَسَافِلُهُ بِلَا حَاجَةٍ فَلَا بَأْسَ بِيَسِيِرِهِ، وَكُرِهَ كَثِيرُهُ، وَلَا يُجْزِئُ إنْ خرَجَ عَنْ صِفَةِ سُجُود.

فصلٌ

ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبرًا، وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشًا عَلَى يُسْرَاهُ، وَيَنْصِبُ يُمْنَاهُ وَيُثْنِي أصَابِعَهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ، وَيَبَسُطُ يَدَيهِ عَلَى فَخِذَيهِ مَضمُومَتَي الأَصَابع، ثُمّ يَقُولُ:"رَبِّ اغْفِرْ لِي" ثُمَّ يَسْجُدُ كَالأُولَى، ثُمّ يَرْفَعُ مُكَبرًا قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيهِ، مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيهِ فَإِنْ شَق فَبِالأَرْضِ، وَكُرِهَ إذَنْ تَقدِيمُ إحْدَى رِجْلَيهِ، وَلَا تُسَن جَلْسَةُ الاسْتِراحَةِ، وَهِيَ جَلْسَةٌ يَسِيرَة كَجُلُوسٍ بَينَ سَجْدَتَينِ، ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَة كَالأُولَى إلَّا في تَجْدِيدِ نِيةٍ وَتَحْرِيمِةٍ واسْتِفْتَاح وَتَعَوذ، إنْ تَعَوذَ في الأُولى، ثُمّ بَعْدَ فَرَاغِهَا يَجْلِسُ مُفْترِشًا وَيَضعُ يَدَيهِ عَلَى فَخِذَيهِ وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ خِنْصَرًا فَبِنْصِرًا، ويُحَلِّقُ إبْهَاما بِوُسْطَى، بِأَنْ يَجْمَعَ بَينَ رَأْسَيهِمَا وَيَبْسُطُ أَصَابع يُسْرَاهُ مَضْمُومَةً لِقِبْلَةٍ، ثُمّ يَتَشَهَّدُ وَجُوبًا سِرًّا نَدْبًا كَتَسْبِيحٍ وَسُؤال مَغْفِرَةٍ، وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَةٌ أَولِهِ، وَتَرْك أَوْلَى.

فَيَقُولُ: "التَّحِياتُ لله، وَالصلَوَاتُ وَالطيبَاتُ، السلامُ عَلَيكَ أَيهُا

ص: 172

النبِي وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السلامُ عَلَينَا وَعَلى عِبَادِ الله الصالحين، أَشْهَدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أن مُحَمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" (1)، وَبِأَي تَشَهُّدٍ تَشَهَّدَ بِمَا صحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم جازَ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَلَا بَأْسَ بِزِيَادةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالأُوْلَى تَخْفِيفٌ وَعَدَمُ زِيَادَةٍ عَلَيهِ، وَيُشِيرُ بِسَبَّابَةِ يُمْنى لَا غَيرِهَا، وَلَوْ عُدِمَتْ، مِنْ غَير تَحْرِيكٍ في تَشَهدِهِ، وَدُعَائِهِ وَلَوْ في غَيرِ صَلَاةٍ عِنْدَ ذِكرِ الله تَعَالى.

ثُمَّ يَنْهَضُ في مَغْرِبٍ وَرُبَاعِيةٍ مُكَبَّرًا، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيهِ وَيُصَلِّي الْبَاقِيَ كَذَلِكَ، إلَّا أنهُ يُسِرُّ وَلَا يَزِيدُ عَلَى الْفَاتِحَةِ فَإِنْ زَادَ لَمْ يُكْرَهُ ثُمّ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا، وَلَا يَتَوَرَّكُ في ثُنَائِيَّةٍ يَفْرِشُ (2) الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى، وَيُخْرِجُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَجْعَلَ أَلْيَتَيهِ عَلَى الأَرْضِ، ثُمّ يَتَشَهَّدُ التَّشَهُّدَ الأَولَ، ثُمّ يَقُولُ:"اللَّهم صَلِّ عَلَى مُحَمد، وَعَلَى آلِ مُحَمد، كَمَا صَليتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلى مُحَمَد وَعَلَى آلِ مُحَمدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (3)، أَوْ كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ، وَكَمَا بَارَكتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ" وَالأُولَى (4) أَوْلَى.

وَيَتَّجِهُ: لأَنه أَقْربُ إشْعَارًا بِتَشْبِيهِ صَلَاةِ الآلِ بِالآلِ، وَإلا فَمُحَمدٌ أَفْضَلُ.

(1) متَّفقٌ عليه البُخاريّ رقم (1202)، ومسلم رقم (924).

(2)

في (ج): "ويفرش".

(3)

رواه أبو داود رقم (978)، ورواه مسلم رقم (934) إلَّا أنَّه زاد بعد قوله "آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد".

(4)

في (ب): "والأول أي والتشهد الأول"، وما هنا "الأولى" أي الصيغة الأولى وكلاهما سليم لكن الأول أسلم.

ص: 173

وَآلُهُ: أَتبَاعُهُ عَلَى دِيِنِه، وَلَا يُجزِئُ إبدَال آلٍ بَأَهلٍ، وَلَا إنْ لَمْ يُرَتِّبْهُ (1)، وَتَجُوزُ صَلَاةٌ عَلَى غَيرِهِ صلى الله عليه وسلم مُنْفَرِدًا نَصًّا، وَتُسَن صَلَاةٌ عَلَيهِ صلى الله عليه وسلم في غَيرِ صَلَاةٍ بِتَأكدٍ، وَتَتَأكدُ عِنْدَ ذِكرِهِ وَيَومِ جُمُعَةٍ وَلَيلَتِهَا.

فَرْعٌ: وَقَعَ خُلفٌ كَبِيرٌ في جَوَازِ الدعاءِ لَهُ بالرحْمَةِ، وَاخْتَارَ السيوطِي من الشَّافِعِيةِ الْجَوَازَ تَبَعًا لِلصَّلَاةِ وَالسلامِ لَا انْفِرَادًا كَقَال النَّبيُّ رحمه الله وَهُوَ حَسَنٌ؛ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الأَدَبِ، وَغَيرُ الْمَأمُورِ بِهِ عِنْدِ ذِكْرِهِ، ثُمَّ يَقُول نَدبًا:"أعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَاب الْقَبرِ، وَمِن فِتَنَةِ المحيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتَنةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللهُم إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالمَغرَمِ"(2).

وَلَا بَأسَ إنْ دَعَا بِمَا وَرَدَ في كِتَابٍ أَوْ سُنةٍ أَوْ عَنْ صَحَابَةٍ أَوْ سَلَف أَو بِأَمرِ آخِرَةٍ، وَلَوْ لَمْ يُشْبِهْ مَا وَرَدَ، كَدُعَاءٍ بِرِزْقٍ حَلَالٍ، وَرَحْمَة، وَعِصمةٍ مِنْ فَوَاحِشَ، أَوْ عَوَّذَ نَفْسَهُ بِقُرآنٍ لِنَحْو حُمَّى أَوْ لَدغَةِ عَقرَبٍ فَقَال: بِسْمِ اللهِ، أَوْ لِشَخْص مُعَينٍ.

وَيَتجِهُ: أَوْ عَلَيهِ حِيثُ جَازَ.

بِغَيرِ كَافِ خِطَابٍ، وَتَبطُلُ بِهِ في غَيَرِ اللهِ وَرَسُولِهِ مُحَمدٌ، وَبِدُعَاءٍ بِأَمرِ دُنيا، كَارْزُقنِي جَارِيَةً حَسنَاءَ وَحُلَّةً خَضْرَاءَ، ودَابَّةَ هِمْلَاجَةٍ، مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأمُومٍ أَوْ يَخَفْ سَهْوًا، وَكَذَا دُعَاءٌ في رُكُوعٍ، وَسُجُودٍ وَقُنُوتٍ.

(1) قوله: "ولا إن لم يرتبه" سقطت من (ج).

ص: 174

فصلٌ

ثُمّ يَلتَفِتُ نَدبًا عَنْ يَمِينِه، وَعَنْ يَسَارِهِ أَكْثَرَ، قَائِلًا: السلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ الله، مُرَتَّبًا، مُعَرَّفًا بِأَل وُجُوبًا، فَإِنْ نَكَّرَهُ أَوْ نَكَّسَهُ أَوْ قَال: عَلَيكَ، بِإِسْقَاطِ مِيمٍ لَمْ يُجزِهِ، وَكَذا تَنْكِيسُهُ في تَشَهُّدٍ، وَلَا يُجْزِئُ في غَيرِ جِنَازَةٍ إنْ لَمْ يَقُل: وَرَحمَةُ الله، وَالأَوْلَى أَلَا يَزِيدَ: وَبَرَكَاتُهُ، وَسُنَّ حَذفُ سَلامٍ وَهُوَ أَلَا يُطَوِّلَهُ وَلَا يَمُدَّهُ في الصلَاة وعَلَى النَّاسِ، وَجَزْمُهُ بِأَنْ يَقِفَ عَلى آخِرِ كُلِّ تَسلِيمَةٍ، وَنِيَّتُهُ بِهِ الْخُرُوجُ مِنْ الصلاةِ، فإِنْ نَوى مَعَهُ عَلَى حَفَظَةٍ وَإِمَام وَمَأْمُومٍ جَازَ، وَأُنْثَى كَرَجُلٍ فِيمَا مَرَّ، حَتَّى في رَفْعِ يَدَينِ، لَكِنْ تَجْمَعُ نَفسَهَا في رُكُوع وَسُجُود فَلَا تَتَجافَى (1)، وَتَجْلِسُ مُسدِلَةً رِجلَيهَا عَن يَمِينِهَا، وَهُوَ أَفْضَلُ، أَوْ مُتَرَبِّعَةً وَتُسِرُّ بِقَرَاءَةٍ وُجُوبًا إنْ سَمِعَهَا أَجْنَبِي، وَإِلا فَلَا بَأسَ بِجَهْرِهَا، وَخُنثَى كَأُنْثَى.

ثُمّ يُسَنُّ بَعْدَ تَسلِيمِهِ أَنْ يَستَغفِرَ ثَلَاثًا، وَيَقُولَ:"اللَّهم أَنْتَ السلامُ وَمِنكَ السلامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ"(2)، لَا إلهَ إلَّا الله وَحْدَهَ لَا شَرِيكَ لَهُ المُلَكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُل شِيءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ، لَا إِلَهَ إلَّا الله وَلَا نَعبُدَ إلَّا إِياهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ، اللَّهم لَا مَانِعَ لِمَا أَعطَيتَ، وَلَا مُعطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَد مِنْكَ الْجَدُّ" وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ:"سبحَانَ الله، وَالحمدُ للهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ"(3) وإِنْ زَادَ

(1) في (ج): "ولا تتجافى".

(2)

رواه مسلم رقم (1362، 1363).

(3)

لمفهوم الأحاديث في المتفق عليه وغيرهما، ففي البُخاريّ رقم (843، 1375) وفي مسلم رقم (1380).

ص: 175

في العَدِّ؛ فَلَا بَأْسَ، وَيَفْرُغُ مِنْ عَدَدِ الكُل مَعًا، وَيَعْقِدُهُ، والاستِغَفَارَ بِيَدِهِ، وَتَمَامُ الْمِائَةِ:"لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ"(1).

قَال الشَّيخُ: وَيُسْتَحَبُّ الْجَهرُ بِذَلِكَ وَبَعْدَ كُل مِنْ صُبْحٍ وَمَغْرِب، وَهُوَ ثَانٍ رِجلَيهِ، قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَشْرَ مَرَّاتٍ:"لَا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ"، "اللَّهم أَجِرنِي مِنْ النَّارِ"(2)، سبْعَ مَرَّاتٍ.

وَبَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ آيَةَ الكُرْسِي وَالإِخْلَاصِ وَالمُعَوِّذَتَينِ، وَيَدْعُوَ بَعْدَ كُل مَكْتَوبَةٍ سِيَّمَا فَجرٍ وَعَصْرٍ، لِحُضُورِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمَا سِيَّمَا الإِمَامُ، وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يخُصَّ نَفْسَهُ بِدُعَاءٍ نَصًّا إنْ لَمْ يُؤَمِّنْ مَأمُومٌ وَإِلا فَيَعُمُّ، وَإِلا خَانَهُم كَدُعَاءِ قُنُوتٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَفِّفَهُ، وَيَبدَأُ بِالحَمْدِ لله (3) وَالثَّنَاءِ عَلَيهِ، وَيَخْتِمُ بِهِ كَالصَّلَاةِ عَلَيهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَلَا يُكرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فِيهِ.

وَكُرِهَ رَفْعُ صَوتٍ بِهِ في صَلَاة وَغَيرِها لِغَيرِ حَاجٍّ، وَلإِمَام مُسْتَقْبِلَ قِبلَةِ بَلْ يَسْتَقْبِلُ مَأْمُومًا وَيَلِحُّ، رَافِعًا يَدَيهِ إلَى صَدْرِهِ مَبْسُوطَتَينِ، وَيَدْعُو بِدُعَاءٍ مَعْهُودٍ، وَيَجْتَنِبُ السَّجْعَ بِتَأَدُّب وخُشُوعٍ وَعَزْم وَرَغْبَةٍ، وَحُضُورِ قَلْبٍ وَرَجَاءٍ، وَشُرِطَ إخْلَاصٌ، وَاجتِنَابُ حَرَامٍ، وَيَنتَظِرُ الإِجَابَةَ، وَلَا يَعْجَلُ فَيَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ (4).

(1) وهو في المتفق عليه فعند البُخاريّ (رقم 844، 3293، 6330، 6403، 6473، 6615، 7292) ورواه مسلم رقم (1366، 1370، 1380، 7018، 7020).

(2)

رواه الطّبرانيّ في الكبير عن أبي أمامة الباهلي- في كتاب الصَّلاة.

(3)

قوله: "لله" سقطت من (ج).

(4)

في (ج): "فلم يستجب لي".

ص: 176

فصلٌ

يُكْرَهُ في صَلَاةٍ الْتِفَاتٌ بِلَا حَاجَةٍ، كَخَوفٍ وَنَحْوهِ، وَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ انتَفَتَ بِصَدْرِهِ وَوَجهِهِ، وَتَبْطُلُ إنْ اسْتَدَارَ بِجُمْلَتِهِ أَوْ اسْتَدْبَرَهَا لَا في الْكَعْبَةِ أَوْ شِدَّةِ خَوفٍ أَوْ إذا تَغَيَّرَ اجتهادُهُ، وَرَفْعُ بَصَرِهِ لَا حَال تَجَشِّي، ظَاهِرُهُ: وَلَوْ في غَيرِ جَمَاعِتِهِ، خِلَافًا لَهُ وَتَغْمِيضُهُ بِلَا حَاجَةٍ، كخوْفِ نَظَرِ عَوْرَةٍ وَحَمْلُ مُشْغِلٍ وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيهِ سَاجِدًا، وَإقْعَاؤُهُ بأَنْ يَفْرِشَ قَدَمَيهِ وَيَجْلِسَ عَلَى عَقِبَيهِ أَوْ بَينَهُمَا نَاصِبًا قَدَمَيهِ، وَعَبَثٌ وَمَسُّ لِحْيَتِهِ وَعَقْصُ شَعْرٍ وَكَفُّ ثَوبٍ وَجَمْعُهُ بِيَدِهِ إذا سَجَدَ، وَتَشْمِيرُ كُمٍّ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولٍ فِيهَا، وَمَسُّ حَصَى وَتَسْويَةُ تُرَابٍ بَلَا عُذْرٍ، وَنَفْخُهُ وَتَرُوحٌ بِمِرْوَحَةٍ بِلَا حَاجَةٍ وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعه، وَتَشبِيكُهَا، وَتَبْطُلُ إنْ كَثُرَ ذَلِكَ مُتَوَالِيًا عُرْفًا، وَتَخَصُّرٌ وَتَمَطٍّ وَإخْرَاجُ لِسَانٍ وَفَتحُ فَم وَوَضْعُ شَيءٍ فِيهِ، لَا في يَدٍ وَاسْتِقْبَالُ صُورَةٍ، وَسُجُودٌ عَلَيهَا، وَوَجهِ آدَميٍّ وَكَافِرٍ وَمُتَحَدِّثٍ وَنَائِم، وَمَا يُلْهِيهِ، وَنَارٍ مُطلَقًا أَوْ بَينَ يَدَيهِ نَجَاسَةٌ، وَتَعلِيقٌ، وَكِتَابَةُ شَيءٍ في قِبْلتِهِ وَصَلَاتُهُ مَكتُوفًا، وَاعتِمَادُهُ عَلَى يَدِهِ جَالِسًا، وَحَملُ فَصٍّ أَوْ ثَوْب فِيهِ صُورَةٌ.

وَيَتَّجِهُ: المُرَادُ بِلَا لُبْسٍ، وَإِلا حَرُمَ.

وَخَصُّ جَبْهَتِهُ بِمَا يَسْجُدُ عَلَيهِ، لِأَنَّهُ مِنْ شَعَارِ الرَوَافِضِ، وَمَسْحُ أَثَرِ سُجُودٍ، وَتَكْرَارُ فَاتِحَةٍ، وَاقْتِصَارٌ عَلَيهَا، وَحَمْدُهُ إذا عَطَسَ، أَوْ وَجَدَ مَا يَسُرُّهُ، وَاسْتِرْجَاعُهُ إذا وَجَدَ مَا يَغُمُّهُ، وَلإمَامٍ قِرَاءَةٌ مُخَالِفَةُ عُرْفَ بَلَدِهِ، وَاسْتِنَادٌ بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنْ سَقَطَ لَوْ أُزِيلَ لَمْ تَصِحَّ، وَابْتِدَاؤُها فِيمَا يَمْنَعُ كَمَالهَا، كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَجُوعٍ وَعَطَشٍ مُفْرِطٍ، أَوْ حَاقِنًا أَوْ

ص: 177

حَاقِبًا (1) أَوْ مَعَ رِيحٍ مُحْتَبَسَةٍ أَوْ تَائِقًا لِطَعَامٍ وَنَحْوهِ، مَا لَمْ يضق وَقْتٌ فَتَجِبُ، وَحَرُمَ إذَنْ اشْتِغَالٌ بِغَيرِهَا، وَمَنْ صلَّى عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ سُنَّ إعَادَتُهَا عَلَى وَجْهٍ غَيرِ مَكْرُوهٍ، مَا دَامَ بَقَاءُ وَقْتٍ لأَن الإِعَادَةَ مَشْرُوعَةٌ للِخَلَلِ في الأُولَى، وَسُنَّ تَفْرِقَتُهُ وَمُرَاوَحَتُهُ بَينَ قَدَمَيهِ لَا كَثِيرًا، وَصَلَاتُهُ عَلَيهِ صلى الله عليه وسلم عنْدَ قِرَاءَتهِ، ذِكْرَهُ في نَفْلٍ.

وَيَتَّجِهُ: وَفِي فَرْضٍ تُبَاحُ.

وَكَظْمٌ عِنْدَ غَلَبَةِ تَثَاؤُبٍ، وَإِلا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ، وَرَدُّ مَارٍّ بَينَ يَدَيهِ وَلَوْ غَيرَ آدَميٍّ، مَا لَمْ يَغْلِبهُ أَوْ يَكُنْ مُحْتَاجًا أَوْ بِمَكَّةَ، وَأَلْحَقَ بِهَا المُوَفَّقُ سَائِرَ الْحَرَمِ.

وَيتَّجِهُ: في زَمَنِ حَاجٍّ.

فَإِنْ أَبَى دَفَعَهُ وَتُنْقَصُ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ مَعَ قُدْرَةٍ، فَإِنْ أَصَرَّ فَلَهُ قِتَالُهُ وَلَوْ مَشَى بِدَفْعٍ، وَوَكزٍ (2) بِيَدِهِ، وَلَا يَضْمَنُهُ وَلَا يُكَرِّرُهُ إنْ خَافَ فَسَادَهَا، وَيَحْرُمُ وَيَضْمَنُهُ إذَنْ، وَتُكرَهُ صَلَاةٌ بِمَوْضِعٍ يُحْتَاجُ فِيهِ لِمُرُورٍ، وَلَهُ عَدُّ آيٍ، وَتَسبِيحٍ بِأَصَابِعِهِ كَتَكْبِيرِ عِيدٍ وَقِرَاءَةٌ بِمُصْحَفٍ، وَنَظَرٌ فِيهِ وَسُؤَالٌ عِنْدَ آيَةِ رَحْمَةٍ، وَتَعَوُّذٌ عِنْدَ آيَةِ عَذَاب، وَقَوْلُ: سُبْحَانَك، فَبَلَى إذا قَرَأَ:{أَلَيسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (3)، وَرَدُّ سَلَامٍ إشَارَة وَقَتْلُ حَيَّةٍ، وَعَقْرَبٍ، وَقَمْلَةٍ وَيُبَاحُ دَفْنُهَا بِمَسْجِدٍ، وَلُبْسُ ثَوْب وَعِمَامَةٍ وَإشَارَةٌ بِنَحْو يَدٍ، مَا لَمْ يُطِل وَفَتحٌ عَلَى إمَامِهِ إذا أُرتِجَ عَلَيهِ، أَوْ (4)

(1) قوله: "أو حاقبًا" سقطت من (ج).

(2)

في (ج): "وكف بيده".

(3)

القيامة: (40).

(4)

قوله: "أو" سقطت من (ج).

ص: 178

غَلِطَ، وَيَجِبُ بِفَاتَحَةٍ، كَنِسْيَانِ سَجدَةٍ، وَكُرِهَ افْتِتَاحُهُ عَلَى غَيرِ إمَامِهِ، وَإِذَا نَابَهُ شَيءٌ كَاسْتِئذَانٍ عَلَيهِ، أَوْ سَهُوِ إمَامِهِ سبَّح رَجُلٌ، وَلَا تَبْطُلُ إنْ كَثُرَ، وَصَفَّقَتْ امْرَأَةٌ بَبَطنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ أُخْرَى، وَتَبْطُلُ بِهِ إنْ كَثُرَ، وَكُرِهَ بِنَحْنَحَةٍ وَصفِيرٍ وَتَصْفِيقِهِ، وَتَسبِيحِهَا لَا بِقِرَاءَةٍ، وَتَكْبِيرٍ، وَتَهْلِيلٍ، وَنَحْوهِ وَمَنْ بَدَرَهُ بُصَاقٌ، أَوْ مُخَاطٌ أَوْ نُخَامَةٌ؛ أَزَالهُ في ثَوْبِهِ، وَيُبَاحُ بِغَيرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَتَحْتَ قَدَمِهِ وَفِي ثَوْبٍ أَوْلَى، وَيُكْرَهُ يُمْنَةً وَأَمَامًا، وَلَزِمَ حَتَّى غَيرَ بَاصِقٍ إزَالتُهُ مِنْ مَسْجِدٍ، وَالْبُصَاقُ فِيهِ خَطِيئَةٌ، فَيَأْثَمُ، وَكَفَّارَتُهَا دَفنُهَا، قَال بَعْضُهُم، فَإِنْ قَصَدَ الدَّفْنَ ابْتِدَاءً؛ فَلَا إثمَ، وَسُنَّ تَخْلِيقُ مَحَلِّ بُصَاقٍ، وَسُنَّ لِغَيرِ مَأمُومٍ صَلَاةٌ إلَى سُتْرَةٍ مُرْتَفِعَةٍ، قَرِيبَ ذِرَاعٍ فَأَقَلَّ مِنْ جِدَارٍ، أَوْ بَهِيمٍ أَوْ آدَميٍّ غَيرِ كَافِرٍ وَقُرْبُهُ مِنهَا نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ قَدَمَيهِ، وَانْحِرَافُهُ عَنهَا يَسِيرًا، وَيَحْرُمُ مُرُورٌ بَينَهُ وَبَينَ سُتْرَتِهِ، وَلَوْ بَعِيدَةً، وَإِلا فَفِي ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ، بِذِرَاعِ يَدٍ مِنْ قَدَمِ مُصَلٍّ، وَلَيسَ وُقُوفُهُ كَمُرُورِهِ، وَعَرْضُ سُتْرَةٍ أَعْجَبُ إلَى أَحْمَدَ، وَإِنْ تَعَذَّرَ غَرْزُ عَصًا وَضَعَهَا، وَيَصِحُّ وَلَوْ بِخَيطٍ، أَوْ مَا يَعْتَقِدُهُ سُتْرَةً.

وَيَتَّجِهُ: وَلَوْ صَلَّى لِشَاخِصٍ صَحَّ سُتْرَةً بِلَا نِيَّةٍ.

فَإِنْ لَم يَجِدْ خَطَّ كَالْهِلَالِ، فَإِذَا مَرَّ مِنْ وَرَائِهَا شَيءٌ؛ لَمْ يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَرَّ بَينَ يَدَيهِ كَلْبٌ أَسْوَدُ بِهِيمٌ بَطَلَتْ، لَا امْرَأَةٌ، وَحِمَارٌ أَهْلِيٌّ، وَشَيطَانٌ، وَتُجْزِئُ سُتْرَةٌ نِجِسَةٌ لَا مَغْصُوبَةٌ، وَسُترَةُ الإِمَامِ سُترَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ، فَلَا يَضُرُّ صَلَاتَهُمْ مُرُورُ شَيءٍ بَينَ أَيدِيهِمْ، وَإنْ مَرَّ مَا يَقْطَعُهَا بَينَ إمَامٍ وَسُترَتِهِ؛ قَطَعَ صَلاتَهُ وَصَلَاتَهُم، وَهَل لَهُمْ رَدُّ مَارٍّ وَهَلْ يَأْثَمُ، مَال صَاحِبُ الفُرُوعِ: إلَى أَنَّ لَهُمْ رَدَّهُ، وَأَنَّهُ يَأثَمُ، وَتَبِعَهُ في الْمُبدِعِ.

ص: 179

وَيَتَّجِهُ: في قَرِيبٍ مِنْهُم (1).

وَفِي: الْمُسْتَوعِبِ: إنْ احتَاجَ لِمُرُورٍ أَلقَى شَيئًا، ثُمّ مَرَّ.

فَصْلٌ أَرْكَانُ صَلَاةٍ

وَتُسَمَّى فُرُوضًا مَا كَانَ فِيهَا، وَلَا تَسْقُطُ عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَلَا جَهْلًا (2)، وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ:

أَحَدُهَا: قِيَامُ قَادِرٍ في فَرْضٍ، وَالْقُدْرَةُ شَرْطٌ في الْجَمِيعِ سِوَى خَائِفٍ بِهِ (3) وَعُرْيَانٍ وَلِمُدَاوَاةٍ وَقِصَرِ سَقْفٍ لِعَاجِزٍ عَنْ خرُوجٍ وَخَلْفَ إمَامِ حَيٍّ عَاجِزٍ بِشَرْطِهِ، وَحَدُّ قِيَامٍ: مَا لَمْ يَصِر رَاكِعًا فَلَا يَضُرُّ خَفْضُ رَأْسٍ وَانْحِنَاءٌ قَلِيلًا، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيهِ لِغَيرِ عُذْرٍ؛ كُرِهَ، وَأَجْزَأَ، وَالرُّكنُ مِنْهُ الانْتِصَابُ بِقَدْرِ تَكْبِيرِ إحْرَامٍ، وَقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ وَقُعُودُ عَاجِزٍ وَمُتَنَفِّلٍ؛ رُكْنٌ في حَقِّهِ.

الثانِي: تَكْبِيرَةُ إحْرَامٍ وَمَرَّ شُرُوطُهَا.

الثالِثُ: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا لِعَاجِزٍ عَنْهَا في كُلِّ رَكْعَةٍ لإمَامٍ، وَمُنْفَرِدٍ.

الرَّابع: الرُّكُوعُ، وَهُوَ فَرْضٌ بِإِجْمَاعٍ.

(1) الاتجاه سقط من (ج).

(2)

في (ب): "أو سهو أو جهلًا".

(3)

قوله: "به" سقطت من (ج).

ص: 180

الخَامِسُ: الرَّفْعُ مِنهُ، لَا مَا بَعدَ أَوَّلِ مِنْهُمَا فِي صَلَاةِ كُسُوفٍ وَإِذَا رَفَعَ وَشَكَّ هَلْ أَتَى بِقَدْرِ إجْزَاءٍ، وَجَبَ أَنْ يَعُودَ، فَيَرْكَعَ حَتَّى يَطْمَئِنَّ.

السَّادِسُ: الاعتِدَالُ.

وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: وَأَقَلَّهُ عَوْدَهُ لِهَيئَتِهِ الْمُجْزِئَةِ قَبْلَ رُكُوع، وَلَا تَبْطُلُ بِطُولِ اعتِدَالٍ.

وَيَتَّجِهُ: الْمُرَادُ بِطُولِهِ نَحوَ قُرْبِ قِيَامِهِ لَا مُطْلَقًا.

وَأَدخَلَ الإِقنَاعُ الرَّفْعَ فِي الاعتِدَالِ.

السابعُ: السجُودُ وَمَرَّ أَكْمَلُهُ، وَأَقَلَّهُ، مَعَ ذِكْرِ الرُكُوع.

الثامِنُ: الرَّفْعُ مِنْهُ.

التاسِعُ: الْجُلُوسُ بَينَ السجْدَتَينِ، وَشُرِطَ فِي نَحْو رُكُوع وَسُجُودٍ وَرَفْعٍ مِنْهُمَا: أَنْ لَا يَقْصِدَ غَيرَهُ لَا أَنْ يَقْصِدَهُ، اكْتِفَاء بِنِيةِ الصَّلَاةِ الْمُسْتَصْحَبِ حُكْمُهَا.

الْعَاشِرُ: الطَّمَأْنِينَةُ فِي كُل رُكْن فِعْلِيٍّ، وَهِيَ السكُونُ وَإِنْ قَلَّ وَمَا فِيهِ وَاجِبٌ فَبِقَدْرِ إتْيَانِهِ بِهِ لِذَاكِرٍ (1).

الْحَادِيَ عَشَرَ: التَّشَهُّدُ الأَخِيرُ بَعْدَ أَقَلّ مُجْزِئٍ مِنْ الأَوَلِ، وَالرَّكْنُ مِنْهُ:"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ".

الثانِي عَشَرَ: الْجُلُوسُ لَهُ وَلِلتَّسْلِيمَتَينِ، قَال ابْنُ حَامِدٍ: فَإِنْ زَحَمَ

(1) في (ج): "فبقدر إتيانه بواجب لذاكر".

ص: 181

عَنْ الجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ، أَتَى بِهِ قَائِمًا، وَأَجزَأَهُ.

وَيَتَّجِهُ: فِي تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ (1).

الثالِثَ عَشَرَ: التَّسْلِيمَتَانِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ فَرْضٍ.

وَيَتَّجِهُ: وَلَوْ نَذْرًا. إلا بِهِمَا سِوَى جِنَازَة، وَيَخْرُجُ مِنْ نَفْلٍ بِوَاحِدَةٍ، وَالثَّانِيَةُ سُنةٌ.

الرَّابعَ عَشَرَ: تَرْتِيبُ الأَرْكَانِ كَمَا ذَكَرْنَا، فَمَنْ سَجَدَ مَثَلًا قَبلَ رُكُوعٍ عَمدًا، بَطلَت، وَسَهوًا يَرجِعُ لِيَركَعَ ثُم يَسْجُدَ.

فَرْعٌ: لَوْ اعتَقَدَ مُصَلٍّ هَذِهِ الأَرْكَانَ سُنَّةً أَو اعْتَقَدَ السُّنَّةَ فَرْضًا أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيئًا وَأَدَّاهَا عَالِمًا أن ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ الصَّلَاةِ، فَصَحِيحَةٌ.

وَيَتَّجِهُ: وَعَلَى قِيَاسِهِ نَحْوَ وُضُوءٍ.

فَصْلٌ

وَوَاجِبَاتُهَا: مَا كَانَ فِيهَا، وَتَبْطُلُ بِتَرْكِهَا عَمْدًا، وَتَسْقُطُ سَهْوًا وَجَهلًا، وَيَجِبُ السجُودُ لِذَلِكَ، وَهِي: تَكْبِيرٌ لَغَيرِ إحْرَامٍ، سِوَى تَكْبِيرَةِ رُكُوعِ مَسبْوُقٍ أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَسُنَّةٌ، فَإِنْ نَوَاهَا مَعَ تَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ لَم تَنعَقِدْ، وَتَسمِيعٌ لإمَامٍ وَمُنفَرِدٍ لَا لِمَأْمُومٍ، وَتَحمِيدٌ وَتَسْبِيحَةٌ أُولَى فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَرَبِّ اغْفِر لِي بَينَ السجدَتَينِ لِلْكُلِّ، وَمَحَلُّ تَكْبِيرٍ بَينَ ابْتِدَاءِ انْتِقَالٍ وَانْتِهَائِهِ، فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلُ أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدُ، لَمْ يُجْزِئُهُ كَتَكْمِيِلهِ

(1) من قوله: "وقال ابن حامد

تشهد أول" سقطت من (ج).

ص: 182

وَاجِبَ قِرَاءَةٍ رَاكِعًا، أَوْ شُرُوعِهِ فِي تَشَهُّدٍ قَبْلَ قُعُودٍ، وَتَشَهدٌ أَوَّلٌ وَجُلُوس لَهُ عَلَى غَيرِ مَنْ قَامَ إمَامُهُ سَهْوًا وَلَمْ يُنَبهْ، وَالْمُجْزِئُ مِنْه:"التَّحِياتُ للهِ، سَلَامٌ عَلَيكَ أَيهَا النبِي وَرَحْمَةُ اللهِ، سَلَامٌ عَلَينَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلا اللهُ، وَأَن مُحَمَدا رَسُولُ اللهِ"، وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا عَمْدًا لِشَكٍّ فِي وُجُوبِها (1) لَمْ يَسْقُطْ وَأَعَادَ، لأَنهُ بِتَرَدُّدِهِ فِي وُجُوبِهِ كَانَ الوَاجِبُ عَلَيهِ فِعْلُهُ احْتِيَاطًا بِخِلَافِ مِنْ جِهِلَهُ، فِإِنَّهُ مُلحَقٌ بِالنَّاسِ، فإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ فَوَاتِ سُجُودِ السهْو سَجَدَ لَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ (2).

فصل

وَسُنَنُهَا: مَا كَان فِيهَا مِمَّا سِوَى رُكْنٍ وَوَاجِبٍ، وَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا وَلَوْ عَمْدًا، وَيُبَاحُ سُجُود لِسَهوهِ وَهِيَ:

قَوْلِيَّةٌ: كَاسْتِفْتَاح، وَتَعَوُّذٍ وَقِرَاءَةِ بَسْمَلَةٍ وَسُورَةٍ فِي نَحْو فَجْرٍ وَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ، وَأُولَتَي مَغْرِب، وَرُبَاعِيَّةٍ، وَكُلِّ تَطَوِّع، وَتَأْمِينٍ، وَقَوْلِ:"مِلءُ السَّمَاءِ". إلى آخِرِهِ، بَعْدَ تَحْمِيدٍ لِغَيرِ مَأْمُومٍ، وَمَا زَادَ عَلَى مَرَّة فِي تَسْبِيحٍ وَسُؤَالِ مَغْفِرَةٍ وَدُعَاءٍ فِي تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ، وَقُنُوتِ وتْرٍ، وَمَا زَادَ عَلَى مُجْزئ مِنْ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ، أَوْ أَخِيرٍ.

وَفِعلِية: وَتُسَمَّى هَيئَةً كَجَهْرٍ وَإِخْفَاتٍ وَتَرتِيلٍ وَتَخْفِيفٍ وَتَطْويلٍ وَتِقَصِيرٍ وَرَفْعِ يَدَينِ مَكْشُوفَتَينِ مَضْمُومَتَي أَصَابع عِنْدَ إحْرَامٍ، وَرُكُوعٍ

(1) في (ج): "وجوبه".

(2)

من قوله: "فإنه ملحق

إعادة الصلاة" سقطت من (ج).

ص: 183

وَرَفْع مَنْهُ وَحَطِّهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَوَضْعِ يَمِينٍ عَلَى شَمِالٍ تَحْتَ سُرَّةٍ، وَنَظَرٍ لِمَوضِعِ سُجُودِهِ، وَقَبْضِ رُكْبَتَينِ بِيَدَينِ مُفَرَّجَتَي أَصَابِعَ، وَمَدِّ ظَهرٍ وَجَعلِ رَأسٍ حِيَالهُ، وَمُجَافَاةِ عَضُدَينِ عَنْ جَنْبَينِ، وَبُدَاءَةٍ بَوَضْعِ رُكْبَتَينِ فَيَدَينِ، فَجَبْهةٍ فَأَنْفٍ، وَتَمْكِينِ جَبْهَةٍ وَأَنْفٍ مِنْ مَحَل سُجُود، وَمُجَافَاةِ عَضُدَينِ عَنْ جَنْبَينِ، وَبَطْنٍ عَنْ فَخِذَينِ، وَفَخِذَينِ عَنْ سَاقَينِ، وَتَفرِيق بِينَ رُكْبَتَينِ، وَإقَامَةِ قَدَمَينِ، وَجَعْلِ بُطُونِ أَصَابِعِهِمَا عَلَى أَرْضٍ، وَوَضعِ يَدَينِ حَذْوُ مَنْكِبَينِ مَبْسُوطَتَينِ وَتَوْجِيهِ أَصَابعٍ لِقِبْلَةٍ مَضْمُومَةٍ، وَمُبَاشَرَةِ مُصَلٍّ بِأَعْضَاءِ سُجُودٍ، وَقِيَامٍ لِرَكعَةٍ ثَانِيَةٍ عَلَى صُدُورِ قَدَمَينِ، وَاعْتِمَادٍ عَلَى رُكْبَتَينِ فِي قِيَامٍ، وَافتِرَاشٍ فِي جُلُوسٍ بَينَ السَّجْدَتَينِ، وَفِي تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ، وَتَوَرُّكِ بثَانٍ، وَوَضْعِ يَدٍ يُمْنَى عَلى فَخِذِ يُمْنَى، وَيُسْرَى عَلَى فَخَذِ يُسرَى، عَلَى صَفَةِ مَا مَرَّ فِيهِمَا، وَإِشَارَةٍ بِسَبَابَةٍ، وَإِشَارَةٍ بِوَجْهٍ لِقِبْلَةٍ فِي ابتَدَاءِ سَلَامٍ، وَالْتِفَاتٍ يَمِينًا، فَشِمَالًا فِيهِ، وتَفضِيلِ شَمَالٍ عَلَى يَمِينٍ فِي التِفَاتٍ، وَسُنَّ خُشُوعٌ، وَهُوَ حَضُورُ الْقَلبِ، وَسُكُونُ الجَوَارِحِ، واللهُ أَعلَمُ.

ص: 184