الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الضَّمَانُ
الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ بِمَا وَجَبَ عَلَى غَيرِهِ أَوْ يَجِبُ غَيرَ جِزْيَةٍ أَوْ الْتِزَامُ مُفْلِسٍ.
وَيتجِهُ: أَوْ سَفِيهٍ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيهِ.
وَمَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَوْ قِنٌّ أَوْ مُكَاتَبٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِمَا، وَيُؤْخَذُ مِمَّا بِيَدِ مُكَاتَبٍ وَمَا ضَمِنَهُ قِنٌّ مِنْ سَيِّدِهِ، إلَّا الْمَأْذُونَ لَهُ لِيَقْضِيَ مِمَّا بِيَدِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِمَا في يَدِهِ خَاصَّةً، كَقَوْلِ حُرٌ ضَمِنْتُ الدَّينَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِي هَذَا، وَمَا ضَمِنَهُ مَرِيضٌ مِنْ الثُّلُثِ وَمِمَّا بِيَدِ مُفْلِسٍ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ، لَا ضَمَانُ أَوْ كَفَالةُ جِزْيَةٍ وَلَوْ كَافِرًا خِلَافًا لِمَفْهُومِهِ، وَصَحَّ بِلَفْظِ ضَمِينٍ وَكَفِيلٍ وَقَبِيلٍ وَحَمِيلٍ وَصَبِيرٍ وَزَعِيمٍ وضَمِنْتُ دَينَكَ، أَوْ تَحَمَّلْتُهُ، أَوْ عِنْدِي، أوْ عَلَيَّ، أَوْ لَا تَعْرِفُهُ إلَّا مِنِّي، أَوْ بِعْهُ أَوْ زَوِّجْهُ، وَعَلَيَّ الثمَنُ أَوْ الْمَهْرُ، وَبِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِنْ أَخْرَسَ لَا بغَيرِ مَفْهُومَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، كَكَتْبِهِ نَحْوَ تَجْويدٍ.
وَيَتَّجِهُ: حَيثُ لَا قَرِينَةٍ يُفْهَمُ بِهَا قَصْدُ الضَّمَانِ (1) أَوْ ضَمَانُهُ عَلَيَّ، إذْ الضَّمَانُ الالْتِزَامُ بِمَا عَلَيهِ، وَيَكُونُ كَفَالةً مَا لمْ يَنْو الدَّينَ (2).
وَمَنْ قَال: أَنَا أُؤَدِّي أَوْ أُحْضِرُ أَوْ أَضْمَنُ، لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا لأَنَّهُ
(1) قوله: "حيث لا قرينة يفهم بها قصد الضمان" ساقط من ج
(2)
قوله: "ويكون كفالة ما لم ينو الدين" ليس في (ب، ج).
وَعْدٌ، وَقَال الشَّيخُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَصِحُّ بِكُلِّ لَفْظٍ فُهِمَ مِنْهُ الضَّمَانُ عُرْفًا كزَوِّجْهُ وَأَنَا أُؤَدِّي الصَّدَاقَ، أَوْ بِعْهُ وَأَنَا أُعْطِيكَ الثَّمَنَ أَوْ اُتْرُكْهُ أَوْ لَا تُطَالِبْهُ وَأَنَا أُعْطِيكَ.
فرْعٌ: أَرْكَانُ الضَّمَانِ، أَرْبَعَةٌ: ضَامِنٌ وَمَضْمُونٌ وَمَضْمُونٌ لَهُ، وَصِيغَةٌ، وَلَا يَصِحُّ أن يَضْمَنَ الْمَضْمُونُ الضَّامِنَ فِيمَا ضَمَّنَهُ فِيهِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا عَلَى شَخْصٍ (1)، ثُمَّ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَصَحَّ لَوْ ضَمِنَاهُ ثُمَّ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا حِصَّةَ صَاحِبِهِ (2)، وَلِرَبِّ الْحَقِّ مُطَالبَةُ ضَامِنٍ وَمَضْمُونٍ مَعًا لِثُبُوتِهِ بِذِمَّتَيهِمَا، وَأَيِّهِمَا شَاءَ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ.
وَيَتَّجِهُ: لَا الْمُعْسِرِ مِنْهُمَا وَلَا مَنْ ضَمِنَ الْحَالَّ مُؤَجَّلًا.
فَإِنْ أَحَال رَبُّ دَينٍ أَوْ أُحِيلَ بِدَينِهِ أَوْ زَال عَقْدٌ بَرِئَ ضَامِنٌ وَكَفِيلٌ، وَبَطَلَ رَهْنٌ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِلْغَيرِ، لَا إنْ مَاتَ رَبُّ دَينٍ ومَدِينٌ (3)، وَإِنْ أَحَال رَبُّ دَينٍ عَلَى اثْنَينِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ الآخَرَ ثَالِثًا لِيَقْبِضَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ صَحَّ، وَكَذَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِعَينِهِ لَكِنْ مَنْ لَمْ يَحِلَّ عَلَيهِ؛ فَالظَّاهِرُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ المُحِيلِ قَالهُ ابْنُ نَصْرُ اللهِ، وَاخْتَارَ مَا اختَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الدَّينَ الَّذِي عَلَى الْمَضْمُونِ يَصِيرُ لِلضَّامِنِ، لَكِنْ لَا يُطَالبُ الْمَضْمُونُ حَتَّى يُؤَدِّيَ للْمُحْتَالِ، وَيصِحُّ إبْرَاؤُهُ الْمَضْمُونَ قَبْلَ أَدَاءٍ لَا إبْرَاءُ مُحْتَالٍ لَهُ انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَإِنْ أُبْرِئَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْكُلِّ بَقِيَ مَا عَلَى الآخَرِ أَصَالةً، وَإِنْ أَحَال
(1) قوله: "ضمن كل واحد ما على شخص" ساقط من (ج).
(2)
قوله: "وصح لو ضمناه
…
حصة صاحبه" ساقط من (ج).
(3)
قوله: "ومدين" ساقط من (ج).
أَحَدُهُمَا رَبَّ الدَّيْنِ بَرِئَا (1) وإِنْ بَرِئَ مَدْيُونٌ بَرِئَ ضَامِنُهُ وَلَا عَكْسُ، وَلَوْ لَحِقَ ضَامِنٌ بِدَارِ حَرْبٍ مُرْتَدًّا أَوْ كَافِرًا أَصْلِيًّا لَمْ يَبْرَأْ، وَإِنْ قَال رَبُّ دَينٍ لِضَامِنٍ: بَرِئْتُ إلَيَّ مِنْ الدَّينِ فَقَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَضْمُونٌ.
لَا أَبْرَأْتُكَ أَوْ بَرِئْتَ مِنْهُ.
وَيتَّجِهُ: وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ.
وَوَهَبْتُكَهُ تَمْلِيكٌ لَهُ (2) فَيَرْجِعُ عَلَى مَضمُونٍ وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا، فَأَسْلَمَ مَضْمُونٌ لَهُ أَوْ عَنْهُ بَرِئَ كَضَامِنِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ ضَامِنٌ بَرِيءَ وَحْدَهُ، وَإذَا تَبَايَعَ ذِمِّيَّانِ خَمْرًا بِثَمَنٍ بِذِمَّةٍ، وَأُقْبِضَ الْخَمْرُ ثُمَّ مَاتَ بَائِعُهُ وَأَسْلَمَ وَارِثُهُ؛ جَازَ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ نَصًّا.
وَيَتَّجِهُ: وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ بَائِعُهُ أَوْ مُشْتَرِي أَوْ هُمَا أَوْ لَمْ يَمُوتَا (3) لاسْتِقرَارِ الثَّمَنِ بِقَبْضِ الْخَمْرِ.
فَرْعٌ: لَوْ قَال ضَمِنْتُ قَبْلَ بُلُوغِي أَوْ حَال جُنُونِي لَمْ يُقْبَلْ -وَلَوْ عُرِفَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ-.
* * *
(1) من قوله: "وإن أبرئ أحدهما
…
الدين برئا" ساقط من (ج).
(2)
قوله: "له" ساقط من (ج).
(3)
قوله: "أو لم يموتا" ساقط من (ج).
فَصْلٌ
وَشُرِطَ رِضَا ضَامِنٍ لَا مَنْ ضَمِنَ أَوْ ضُمِنَ لَهُ، وَلَا أَنْ يَعْرِفَهُمَا ضَامِنٌ وَلَا الْعِلْمَ بِالْحَقِّ وَلَا وُجُوبِهِ إنْ آلَ إلَيهَا، فَيَصِحُّ ضَمِنْتُ لِزَيدٍ مَا عَلَى بَكْرٍ، أَوْ مَا يُدَايِنُهُ أَوْ يُقِرُّ لَهُ بِهِ، وَلَهُ إبْطَالُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَمَا أَعْطَيتُهُ لَهُ فَعَلَيَّ وَلَا قَرِينَةً فَلَمَّا (1) وَجَبَ فِي الْمَاضِي، وَمِنْهُ ضَمَانُ السُّوقِ، وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ مَا يَلْزَمُ التَّاجِرَ مِنْ دَينِ، وَمَا يَقْبِضْهُ مِنْ عَينِ مَضْمُونَةٍ، وَاخْتَارَ الشَّيخُ صِحَّةَ ضَمَانِ حَارِسٍ وَنَحْوهِ وَتُجَّارِ حَرْبِ مَا يَذْهَبُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْبَحْرِ، وَيَصِحُّ ضَمَانُ مَا صَحَّ أَخذُ رَهْنٍ بِهِ وَنَحْو جُعْلٍ وَدَينِ ضَامِنٍ وَمَيِّتٍ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ قَبْلَ وَفَاءٍ، وَمُفْلِسٍ مَجْنُونٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَالبُ دَينًا، وَأُخْرَى إنْ لَمْ يُفَرِّطْ قَبْلُ وَنَقْصِ صَنْجَةٍ أَوْ كَيلٍ وَيَرْجِعُ بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ.
وَيَتَّجِهُ: لَا مَعَ تَصْدِيقِ بَاذِلٍ.
وَعُهْدَةِ مَبِيعٍ عَنْ بَائِعٍ لِمُشْتَرٍ بِأَنْ يَضْمَنَ عَنْهُ الثَّمَنَ إنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيبٍ أَوْ أَرْشَهُ وَعَنْ مُشْتَرٍ لِبَائِعٍ بِأَنْ يَضْمَنَ الثَّمَنَ الْوَاجِبَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ، أَوْ إنْ ظَهَرَ بِهِ عَيبٌ، أَوْ اُسْتُحِقَّ وَلَوْ بَنَى مُشْتَرٍ فَهَدَمَهُ مُسْتَحِقٌ، فَالأَنْقَاضُ لِرَبِّهَا، وَيَرْجِعُ مُشْتَرٍ بِقِيمَةِ تَالِفٍ عَلَى بَائِعٍ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْعُهْدَةِ.
وَيَتَّجِهُ: وَكَذَا لَوْ قُلِعَ غِرَاسٌ.
(1) في (ج): "فهو لما".
وَأَلْفَاظُ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ: ضَمِنْتُ عُهْدَتَهُ أَوْ ثَمَنَهُ أَوْ دَرَكَهُ، أَوْ يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي: ضَمِنْتُ خَلَاصَكَ مِنْهُ، أَوْ مَتَى خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَقَدْ ضَمِنْتُ لَكَ الثَّمَنُ، لَا إنْ ضَمِنَ لِمُشْتَرٍ خَلَاصَ الْمَبِيعِ، قَال أَحْمَدُ: كَيفَ يَسْتَطِيعُ الْخَلَاصَ، إذَا خَرَجَ حُرًّا، وَيَصِحُّ ضَمَانُ عَينِ مَضْمُونَةٍ كَمَقْبُوض عَلَى وَجْهِ سَوْمٍ، وَوَلَدِهِ فِي بَيعٍ وَإجَارَةٍ إنْ قَطَعَ ثَمَنَهُ أَوْ سَاومَهُ فَقَطْ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضُوهُ، وإلَّا رَدَّهُ لَا إنْ أَخَذَهُ لِذَلِكَ بِلَا مُسَاوَمَةٍ أَوْ قَطعِ ثَمَنٍ.
وَيَتَّجِهُ: وَلَا زَائِدٍ عَنْ قَدْرِ مَا يَأْخُذُ مِنْهُ (1).
وَلَا بَعْضٍ لَمْ يُقَدَّرْ مِنْ دَينٍ أَوْ أَحَدِ الدَينَينِ وَلَا دَينِ كِتَابَةٍ وَلَا أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ وَرَهْنٍ وَمُؤَجَّرٍ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ التَّعَدِّيَ فِيهِمَا، وَصَحَّ ضَمَانُ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَتَعَدٍ وَنَفَقَةِ زَوْجَةٍ، مُسْتَقْبَلَةً أَوْ مَاضِيَةً وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ.
وَيتَّجِهُ: مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَلَوْ مَاتَ ضَامِنٌ أَوْ لَمْ يُقَدَّرْ زَمَنٌ (2).
وَمَنْ بَاعَ بِشَرْطِ ضَمَانِ دَرَكِهِ إلَّا مِنْ زَيدٍ ثُمَّ ضَمِنَ دَرَكَهُ مِنْهُ لَمْ يَعُدْ الْبَيعُ صَحِيحًا، وَإِنْ شُرِطَ خِيَارٌ فِي ضَمَانٍ أَوْ فِي كَفَالةٍ فَسَدَا.
فَرْعٌ: لَوْ خِيفَ غَرَقُ سَفِينَةٍ فَقَال أَلْقِ مَتَاعَكَ فِي الْبَحْرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الآمِرِ، وَإِنْ قَال وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، ضَمِنَ، وَأَنَا وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ؛ ضَمِنَ وَحْدَهُ بِحِصَّتِهِ، وَلكَ وَاحِدٌ ضَامِنٌ كُلَّ مَتَاعِكَ فَعَلَى
(1) الاتجاه ساقط من (ج).
(2)
الاتجاه ساقط من (ج).
الْقَائِلِ الْجَمِيعِ.
وَلَوْ سَمِعُوا قَوْلَهُ، فَسَكَتُوا وَإِنْ رَضُوا بِمَا قَال؛ لَزِمَهُمْ، وَاعْتِقْ عَبْدَكَ، أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتَكَ وَعَلَيَّ كَذَا أَوْ مَهْرُهَا (1) لَزِمَهُ، وَبِعْهُ عَبْدَكَ بِمِائَةٍ وَعَلَيَّ مِائَةٌ أُخْرَى؛ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيءٌ، وَبِعْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ؛ لَا يَصِحُّ الْبَيعُ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ صَحَّا.
* * *
(1) قوله: "أو مهرها كذا" ساقط من (ج).
فَصْلٌ
وَإنْ قَضَى الدَّيْنَ ضَامِنٌ، أَوْ أَحَال بِهِ، وَلَمْ يَنْو رُجُوعًا وَلَوْ ذُهُولًا لَمْ يَرْجِعْ، وَإنْ نَوَاهُ رَجَعَ عَلَى المَضْمُونِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي ضَمَانٍ وَقَضَاءٍ بِالأَقَلِّ مِمَّا قَضَى، وَلَوْ قِيمَةَ عَرَض عَوَّضَهُ بِهِ أَوْ قَدْرِ الدَّينِ، وَكَذَا كَفِيلٌ وَكُلُّ مُؤَدِّ عَنْ غَيرِهِ دَينًا وَاجِبًا، بِخِلَافِ دَينٍ لَمْ يَحِلَّ؛ فَلَا (1) يَرْجِعُ قَاضِيهِ قَبْلَ حُلُولِهِ.
وَيَتَّجِهُ: فِي دَينِ كِتَابَةٍ الرُّجُوعُ وَعَدَمُهُ.
لَا زَكَاةً وَنَحْوَهَا لَكِنْ يَرْجِعُ ضَامِنُ الضَّامِنِ عَلَيهِ وُجُوبًا، وَهُوَ عَلَى الأَصِيلِ، وَإِنْ أُحِيلَ عَلَى الضَّامِنِ؛ فَلَهُ مُطَالبَةُ الْمَضْمُونِ بِمُجَرَّدِهَا، فَلَوْ مَاتَ الضَّامِنُ وَلَمْ يَخْلُفْ تَرِكَةً؛ فَلِمُحْتَالٍ مُطَالبَةُ وَرَثَتِهِ وَيُطَالِبُوا الأَصِيلَ، وَلَهُمْ الامْتِنَاعُ لِعَدَمِ لُزُومِ الدَّينِ لَهُمْ حِينَئِذٍ، وَيَرْفَعُ الأَمْرَ لِحَاكِمٍ، فَيَأْخُذُ الدَّينَ مِنْ الأَصِيلِ، وَيَدْفَعُهُ لِمُحْتَالٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ دَينُهُ؛ لِعَدَمِ التَّرِكَةِ؛ لأَنَّ الضَّامِنَ لَهُ تَرِكَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَسْتَحِقُّه بِذِمَّةِ الأَصِيلِ قَالهُ ابْنُ نَصْرِ اللهِ، قَال وَنُقِلَ لِي أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ الشَّافِعِيَّ أَفْتَى بِذَلِكَ.
وَإِنْ أَبْرَأَ مُحْتَالٌ الضَّامِنَ بَرِئَ (2)، وَطَالبَ الأَصِيلَ وَتَرَدَّدَ ابْنُ نَصْرِ اللهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ مُقْضِي الْقَضَاءِ وَحَلَفَ لَمْ يَرْجِعْ قَاضٍ عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ
(1) في (ج): "فلم".
(2)
في (ج): "بطل".
صَدَّقَهُ، إلَّا إنْ ثَبَتَ أَوْ حَضَرَهُ (1) أَوْ أَشْهَدَ وَمَاتَ شُهُودُهُ أَوْ غَابُوا وَصَدَّقَهُ.
وَيَتَّجِهُ: فَيَرْجِعُ ضَامِنٌ لَا بِمَا أَخَذَ مِنْهُ ثَانٍ، وَعَكْسُهُ لَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ (2).
وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ بِنَحْو فِسْقٍ ظَاهِرٍ؛ لَمْ يَرْجِعْ وَبِخَفِيِّ فَاحْتِمَالانِ وَيَرْجِعُ مَعَ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَصَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ رَبُّ دَينٍ بِالْقَضَاءِ وَأَنْكَرَ مَدِينٌ؛ لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُ، وَمَنْ أَرْسَلَ آخَرَ إلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ مَالٌ لأَخْذِ دِينَارٍ فَأَخَذَ أَكْثَرَ ضَمِنَهُ مُرْسِلٌ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى رَسُولِهِ إنْ ثَبَتَ بِاعْتِرَافِهِ أَوْ إقَامَةِ بَيِّنَةِ دَافِعٍ، وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا فَلَا يُطَالبُ ضَامِنٌ قَبْلَ حُلُولِهِ، وَمَدِينٍ فِي الْحَالِ، وَضَامِنُ مُؤَجَّلٍ حَالًا لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، وَإِنْ عَجَّلَهُ بِلَا إذْنِ مَدِينٍ؛ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يَحِلَّ، وَإلَّا رَجَعَ وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ مَضْمُونٍ وَضَامِنٍ إنْ وَثَّقَ الْوَرَثَةُ، وَإِلَّا حَلَّ وَمَنْ ضَمِنَ أَوْ كَفَلَ ثُمَّ قَال: لَمْ يَكُنْ عَلَيهِ حِينَئِذٍ حَقٌّ صَدَّقَ خَصْمُهُ بِيَمِينِهِ.
فَرْعٌ: مَنْ ادَّعَى أَلْفًا عَلَى حَاضِرٍ وَغَائِبٍ، وَأَنَّ كُلًّا ضَمِنَ صَاحِبَهُ فأَنْكَرَ الْحَاضِرُ، فَأُقِيمَتْ عَلَيهِ بَيِّنَةٌ وَأَخَذَ مِنْهُ الأَلْفَ؛ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَائِبِ بِشَيءٍ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ.
* * *
(1) في (ج): "أو حضره وثبت".
(2)
الاتجاه ساقط من (ج).
فَصْلٌ فِي الْكَفَالةِ
وَهِيَ الْتِزَامُ رَشِيدِ مُخْتَارٍ إحْضَارَ مَنْ عَلَيهِ حَقٌّ مَالِيٌّ إلَى رَبِّهِ.
وَيَتَّجِهُ: وَتَصِحُّ مِنْ قِنِّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَمُفْلِسٍ، فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ.
وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَى مَكفُولٍ وَمَكْفُولٍ لَهُ، وَتَصِحُّ حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً كَضَمَانٍ، وَمَعَ إطلَاقٍ فَحَالَّةً وَتَنْعَقِدُ بِمَا يَنْعَقِدُ بِهِ ضَمَانٌ.
وَيَتَّجِهُ: بِشَرْطِ إضَافَةِ اللَّفْظِ لإِحْضَارِ مَكْفُولٍ وَعَلَى قِيَاسِ كَلَامِ الشَّيخِ لَا.
وَمَنْ ضَمِنَ مَعْرِفَةَ شَخْصٍ أُخِذَ بِتَعْرِيفِهِ لَا بِحُضُورِهِ خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ ضَمِنَ، وَتَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ عَينٌ مَضمُونَةٌ أَوْ أَمَانَةٌ وَكَفَلَهُ فِي التَّعَدِّي، أَوْ عَلَيهِ دَينٌ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، وَيَحْضُرَانِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِلشَّهَادَةِ عَلَيهِمَا لَا حَدٌّ أَوْ قَصَاصٌ، وَلَا بِزَوْجَةٍ وَشَاهِدٍ، وَلَا إلَى أَجَلٍ أَوْ بِشَخْصٍ مَجْهُولِينَ وَلَوْ فِي ضَمَانٍ (1)؛ كَإِلَى مَجِيءِ الْمَطَرِ وَهُبُوبِ الرِّيحِ؛ لأَنَّهُ لَيسَ لَهُ وَقْتٌ يُسْتَحَقُّ طَلَبٌ فِيهِ، وَكَذَا لِحَصَادٍ وَجَذَاذٍ وَعَطَاءٍ، وَفِي الإِقْنَاعِ كَالْمُغْنِي، وَالأَوْلَى صِحَّتُهُ هُنَا؛ لأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِلَا عِوَضٍ، وَإِنْ كَفَلَ بِجُزءٍ شَائعٍ أَوْ عُضْوٍ.
(1) قوله: "ولو في ضمان" ساقط من (ج).
وَيَتَّجِهُ: أو رُوحِهِ ونَفْسِهِ.
أَوْ بِشَخْصٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَ بِهِ وَإلَّا فَهُوَ كَفِيلٌ بِآخَرَ (1)، أَوْ ضَامِنٌ مَا عَلَيهِ أَوْ إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَأَنَا كَفِيلٌ بِزَيدِ شَهْرًا؛ صَحَّ وَالأخيرَةُ جَمَعَت (2) تَعْلِيقًا وَتَوْقِيتًا وَيَبْرَأُ إنْ لَمْ يُطَالِبْهُ فِيهِ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقٌ بِسَبَبِ الْحَقِّ بِلَا نِزَاعٍ كَإِنْ أَقْرَضْتَ فُلَانًا كَذَا فَضَمَانُهُ عَلَيَّ، أَوْ أَنَا كَفِيلٌ، وَأَبْرِئْ الْكَفِيلَ (3) وَأَنَا كَفِيلٌ؛ فَسَدَ الشَّرْطُ فَيَفْسُدُ عَقْدُ الْكَفَالةِ.
وَيَتَّجِهُ: وَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ.
وَكَذَا كَفَلْتُ أَوْ ضَمِنْتُ فُلَانًا عَلَى أَنْ تُبْرِئَنِي مِنْ كَفَالةِ فُلَانٍ أَوْ ضَمَانِهِ، أَوْ هَذَا الدَّينَ عَلَى أَنْ تُبْرِئَنِي مِنْ الآخَرِ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ فِي كَفَالةٍ وَضَمَانٍ أَنْ يَتَكَفَّلَ الْمَكْفُولَ لَهُ، أَوْ الْمَكْفُولَ (4) بِهِ آخَرُ أَوْ يَضْمَنَ دَينًا عَلَيهِ أَوْ يبِيعَهُ أَوْ يُؤَجِّرَهُ كَذَا.
* * *
(1) في (ج): "باجزاء".
(2)
في (ج): "جعلت".
(3)
في (ج): "وإن قال أبريء الكفيل".
(4)
في (ب): "المضمون أو المكفول له".
فَصْلٌ
وَمَتَى سَلَّمَ كَفِيلٌ مَكْفُولًا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ سَلَّمْتُهُ إِلَيكَ بِمَحَلِّ عَقْدٍ لَا بِغَيرِهِ إلَّا إنْ عَيَّنَ وَقَدْ حَلَّ أَجَلُ، كَفَالةٍ إنْ كَانَ أَوْ لَا وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِ مَكْفُولٍ مِنْ غَيبَةِ بَيِّنَةٍ وتَأْجِيلِ دَينٍ وَلَيسَ ثَمَّ يَدٌ حَائِلَةٌ ظَالِمَةً، أَوْ سَلَّمَ مَكْفُولٌ نَفْسَهُ بِمَحَلِّ عَقدٍ أَوْ مَاتَ، أَوْ تَلِفَت الْعَينُ الأَمَانَةُ بِفِعْلِ اللهِ تَعَالى.
وَيَتَّجِهُ: أَوْ ضَاعَت بِلَا تَقْصِيرٍ. قَبْلَ طَلَبٍ (1).
بَرِئ كَفِيلٌ وَيَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَهُ إنْ ثَبَتَ مَوْتُ مَكفُولٍ قَبْلَ غُرْمِهِ، وَكَذَا لَوْ تَلِفَتْ بِفِعْلِ اللهِ تَعَالى عَينٌ مَضْمُونَةٌ تَكَفَّلَ بِإِحْضَارِهَا لَا إنْ مَاتَ كَفِيلٌ وَمَكْفُولٍ لَهُ وَوَارِثُ كَفِيلٍ (2)، كَهُوَ فِي إحْضَارِ مَكْفُولٍ.
وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ حَيَاتِهِ أَوْ غَابَ غَيبَةً تُعْلَمُ وَلَوْ مُنْقَطِعَةً خِلَافًا لَهُ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ رَدُّهُ فِيهِ، أَوْ مَضَى زَمَنٌ عَيَّنَهُ لإِحْضَارِهِ فِيهِ، كَكَفَلْتُهُ عَلَى أَنْ أُحْضِرَهُ غَدًا، فَمَضَى وَلَمْ يُحْضِرْهُ؛ ضَمِنَ مَا عَلَيهِ، وَلَوْ أَحْضَرَهُ بَعْدُ كَمَا لَوْ غَابَ غَيبَتَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَزٌ؛ فَيَلْزَمُ الْكَفِيلَ بِمَا عَلَيهِ بِلَا مُهْلَةٍ، إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ إنْ عَجَزَ وأَنْ لَا مَال عَلَيهِ بِتَلَفِ عَينٍ مَكْفُولٍ بِهَا، وَأَفْتَى ابْنُ نَصْرِ اللهِ بِعَدَمِ بَرَاءَةِ كَفِيلٍ بِمَوْتِ مَكْفُولٍ مَعَ شَرْطِ الْقِيَامِ بِمَا عَلَيهِ، إن عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ، وَالسَّجَّانُ كَالْكَفِيلِ أَطْلَقَهُ
(1) زاد في (ب) بعد الاتجاه قوله: "ويتجه: أو بعده إن مضى زمن يمكن إحضاره فيه".
(2)
زاد في (ب) بعد هذا قوله: "ويتجه: فلا يلزم بيت المال حيث لا وارث له".
الشَّيخُ، وَقَيَّدَهُ ابنُ نَصْرِ اللهِ إنْ هَرَبَ مَنْ فِي السِّجْنِ؛ بِتَفْرِيطِهِ، وَكَذَا رَسُولُ الشَّرْعِ وَنَحْوُهُ، وَإذَا طَلَبَ كَفِيلٌ مَكْفُولًا بِهِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ أَوْ ضَامِنٌ مَضْمُونًا بِتَخْلِيصِهِ مِنْ ضَمَانِهِ بِتَوْفِيَةِ الْحَقِّ، لَزِمَهُ إِنْ كَفِلَ أَوْ ضَمِنَ بإذْنِهِ وَطُولِبَ، وَيكْفِي فِي الْكَفَالةِ أَحَدُهُمَا وَمَنْ كَفَلَهُ اثْنَانِ فَسَلَّمَهُ، أَحَدُهُمَا لَمْ يُبْرِئَ الآخَرَ وَإِنْ سَلَّمَ نَفْسَهُ بَرِئَ، وَإِنْ كَفَلَ كُلُّ واحد من الْمَكفُولَينِ آخَرَ فَأَحْضَرَ الْمَكفُولَ بَرِئَ هُوَ وَمَنْ تَكَفَّلُ بِهِ فَقَطْ، وَمَنْ كَفَلَ لاثْنَينِ فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا لَم يَبْرَأْ مِنْ الآخَرِ (1)، وَإِنْ كَفَلَ الْكَفِيلَ آخَرُ وَالآخَرُ آخَرَ، أُبْرِئَ كُلٌّ بِبَرَاءَةِ مَنْ قَبْلَهُ وَلَا عَكْسَ كَضَمَانٍ، لَكِنْ لَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمْ فِي الْكَفَالةِ؛ بَرِئَ الْجَمِيعُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ، وَلَوْ ضَمِنَ اثنَانِ وَاحِدًا، وَقَال كُلُّ ضَمِنْتُ لَكُ الدَّينَ فضَمَانُ اشْتِرَاكٍ فِي الالْتِزَامِ في انْفِرَاد بِالطَّلَبِ فَلَهُ طَلَبُ كُلِّ بِالدَّينِ كُلِّهِ، وَإِنْ قَالا ضَمِنَّا لَكَ الدَّينَ؛ فَبَينَهُمَا بِالْحِصَصِ، وَأَنَا وَهَذَانِ ضَامِنُونَ لَكَ الأَلْفَ فَسَكَتَا فَعَلَيهِ فَقَطْ ثُلُثَهُ.
فَرْعٌ: لَوْ قَال اضْمَنْ أَوْ اُكْفُلْ فُلَانًا فَفَعَلَ؛ لَزِمَ الْمُبَاشِرَ، لَا الآمِرَ وَأَعْطِهِ كَذَا فَفَعَلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الآمِرِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: أَعْطِهِ عَنِّي.
وَيَتَّجِهُ: وَمِثْلُهُ أَطْعِمْ هَذَا الْفَقِيرَ، أَوْ أَعْطِهِ أَوْ هَذَا الشَّاعِرَ أَوْ الظَّالِمَ كَذَا، وَأَنَّهُ لَوْ قَال: أَعْطِهِ مِنْ جِهَتِي أَلْفًا وَأُعْطِيكَ بِهَا حِنْطَةً فَفَعَلَ لَزِمَهُ الأَلْفُ لَا الْحِنْطَةَ.
* * *
(1) من قوله: "وإن سلم نفسه
…
من الآخر" ساقط من (ج).