الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الْحَوَالةُ
عَقْدُ إرْفَاقٍ لَا خِيَارَ فِيهِ، وَلَيسَتْ بَيعًا، بَلْ هِيَ انْتِقَالُ مَالٍ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ، بِلَفْظِهَا أو مَعْنَاهَا الْخَاصِّ، كَابْتَعْتُكَ بِدَينِكَ عَلَى فُلَانٍ، أَوْ خُذْ، أَوْ اُطْلُبْ دَينَكَ مِنْهُ، وَشَرْطُ رِضَى مُحِيلٍ، وَعِلْمُ مُحَالٍ بِهِ، وعَلَيهِ وَالْمُقَاصَّةِ؛ بِأَنْ يَسْتَويَ الدَّينَانِ جِنْسًا وَصِفَةً وَحُلُولًا وَأَجَلًا وَقَدْرًا؛ فَلَا تَصِحُّ بِذَهَبٍ عَلَى فِضَّةٍ، وَلَا بِصِحَاحٍ عَلَى مُكَسَّرَةٍ، وَعَكْسُهُ وَلَا مَعَ اخْتِلَافِ أَجَلٍ وَلَوْ كَانَا حَالَّينِ، فَشَرْطٌ عَلَى مُحْتَالٍ تَأْخِيرُ حَقِّهِ أَوْ بَعْضِهِ لَمْ تَصِحَّ لَكِنْ إذَا صَحَّتْ (1) فَرَضِيَا بِدَفْعِ أَدْنَى أَوْ أَعْلَى أَوْ تَأْجِيلٍ أَوْ تَعْجِيلٍ أَوْ دَفْعِ عِوَضٍ جَازَ، وَلَا تَصِحُّ بكَثِيرٍ عَلَى قَلِيلٍ وَعَكْسُهُ، وَتَصِحُّ بِقَلِيلٍ عَلَى قَدْرِهِ مِنْ كَثِيرٍ وَعَكْسُهُ.
الرَّابعُ: اسْتِقْرَارُ مُحَالٍ عَلَيهِ لَا بِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ، فَلَا تَصِحُّ عَلَى صَدَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ مَالِ كِتَابَةٍ أَوْ أُجْرَةٍ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةٍ أَوْ فَرَاغِ مُدَّةٍ وَلَا عَلَى ثَمَنِ مَبِيعٍ عَلَى مُشتَرٍ فِي مُدَّةِ خِيَارٍ.
وَيَتَّجِهُ إحْتِمَالٌ: أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا.
وَلَا عَلَى مَالِ سَلَمٍ أَوْ رَأْسِهِ بَعْدَ فَسْخٍ أَوْ عَينٍ مِنْ نَحْو وَدِيعَةٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَوْ عَلَى نَاظِرِهِ أَوْ عَلَى وَليِّ بَيتِ الْمَالِ، فَلَوْ أَحَال نَاظِرٌ الوَقْفَ وَنَحْوهِ بَعْضَ الْمُسْتَحَقِّينَ عَلَى جِهَةٍ لَمْ تَصِحَّ، وَتَصِحُّ إنْ
(1) في (ج) بدل: "إذا صحت"، "إن دفعت".
أَحَال سَيِّدَهُ أَوْ زَوْجَ امْرَأَتِهِ وَنَحْوُهُ لَا بِجِزْيَةٍ أَوْ دَينِ سَلَمٍ، وَلَا أَنْ يُحِيلَ وَلَدٌ عَلَى أَبِيهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْتَال عَلَيهِ.
الْخَامِسُ: كَوْنُ مُحَالٍ عَلَيهِ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مِنْ مِثْلِيٍّ وَغَيرِهِ، كَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ بِيعَ بِوَصْفٍ، أَوْ خُولِعَ بِهِ أَوْ أَصْدَقَ، وَتَصِحُّ بِإِبِلِ الدِّيَةِ لَا عَلَيهَا.
* * *
فَصْلٌ
وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَى مُحَالٍ عَلَيهِ وَلَا مُحْتَالٍ.
وَيَتَّجِهُ: وَلَا حُضُورُهُ.
إنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ وَيَجْبُرُهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ وَلَوْ ضَامِنًا أَوْ مَيِّتًا، وَفِي الرِّعَايَةِ وَالْحَاويَينِ إنْ قَال: أَحَلْتُكَ بِمَا عَلَيهِ صَحَّ، لَا أَحَلْتُكَ بِهِ عَلَيهِ، وَيبْرَأُ مُحِيلٌ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالةِ، وَلَوْ أَفْلَسَ مُحَالٌ عَلَيهِ أَوْ مَاتَ أَوْ جَحَدَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ أَوْ تَصْدِيقِ مُحْتَالٍ، وَإلَّا فَيَرْجِعُ عَلَى مُحِيلٍ كَمَا لَوْ أُحِيلَ بِلَا رِضَاهُ عَلَى مَنْ ظَنَّهُ مَلِيئًا، فَبَانَ عَدَمُهُ، أَوْ بِرِضَاهُ، وَاشْتَرَطَ الْمَلَاءَةَ فَانْتَفَتْ لَا بِلَا شَرْطٍ، وَالْمَلِيءُ نَصًّا: هُوَ الْقَادِرُ بِمَالِهِ وَقَوْلِهِ وَبَدَنِهِ فَقَطْ، فَعِنْدَ الزَّرْكَشِيّ مَالهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَفَاءِ، وَقَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُمَاطِلًا، وَبَدَنِهِ إمْكَانُ حُضُورِهِ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَلَا يَلْزَمُهُ احْتِيَالٌ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ مَنْ فِي غَيرِ بَلَدِهِ.
وَيَتَّجِهُ: وَلَا عَلَى ذِي شَوْكَةٍ.
وَإِذَا تَبَيَّنَ بُطلَانُ بَيعٍ وَقَدْ أُحِيل بَائِعٌ أَوْ أَحَال الثَّمَنَ (1)؛ بَطَلَتْ لَا إنْ فُسِخَ، كَلِعَيبٍ وَخِيَارٍ وَإقَالةٍ وإِنْ لَمْ يُقْبَضْ ثَمَنٌ، وَكَذَا نِكَاحٌ فُسِخَ وَإِجَارَةٌ وَلِبَائِعٍ أَن يُحِيلَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى مَنْ أَحَالهُ عَلَيهِ فِي الأُولَى، وَلِمُشْتَرٍ أَنْ يُحِيلَ مُحَالًا عَلَيهِ عَلَى بَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُعْتَبَرُ لِبُطْلَانِ الْبَيعِ
(1) في (ب): "أحيل بائع أو أحال بائع، بطلت".
ثُبُوتُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اتِّفَاقِهِمْ، فَلَوْ اتَّفَقَ الْبَائِعَانِ عَلَى حُرِّيَّةِ عَبْدٍ بِيعَ، وَكَذَّبَهُمَا مُحْتَالٌ؛ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا عَلَيهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ مُشتَرِيهِ لِثَانٍ، ثُمّ اعْتَرَفَ هُوَ وَبَائِعُهُ بِحُرِّيَّتِهِ؛ فَلَا يُقْبَلُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ؛ لَمْ تُسْمَعْ لأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِدُخُولِهِمَا فِي التَّبَايُعِ، وَإِنْ أَقَامَهَا الْعَبْدُ أَوْ شَهِدَتْ حِسْبَةٌ قُبِلَتْ، وَبَطَلَتْ الْحَوَالةُ.
وَيَتَّجِهُ: وَكَذَا كُلُّ بَائِعٍ ادَّعَى عَدَمَ اسْتِحْقَاقِ مَا بَاعَهُ، وَاعْتَرَفَ بِمِلْكِهِ كَبَائِعِ دَارٍ ادَّعَى وَقْفَهَا فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَأَنَّهُ إنْ ادَّعَى نَحْوُ ذُهُولٍ وَنِسْيَانٍ فَشَهِدَتْ بِهِ قُبِلَتْ.
وَإنْ صَدَّقَهُمَا مُحْتَالٌ وَادَّعَاهُ بِغَيرِ ثَمَنِ الْعَبْدِ، فَقَوْلُهُ حَيثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، وَإِنْ اتَّفَقَ مُحِيلٌ وَمُحْتَالٌ عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَكَذَّبَهُمَا مُحَالٌ عَلَيهِ؛ لَمْ يُقْبَلَا عَلَيهِ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَبَطَلَتْ الْحَوَالةُ؛ لاعْتِرَافِ مُحْتَالٍ بِعَدَمِ الدَّيْنِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ مُحَالٌ عَلَيهِ وَمُحْتَالٌ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ؛ عَتَقَ لإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ بِحُرِّيَّتِهِ، وَبَطَلَتْ الْحَوَالةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيهِمَا، وَلَا يَرْجِعُ مُحْتَالٌ عَلَى مُحِيلٍ (1) لاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَتِهِ.
فرُوعٌ (2): لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَحَلْتُكَ أَوْ أَحَلْتُكَ (3) بِدَينِي، وَادَّعَى أَحَدُهُمَا إرَادَةَ الْوَكَالةِ صُدِّقَ، وَعَلَى أَحَلْتُكَ بِدَينِكَ فَقَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالةِ، وَلَوْ قَال زَيدٌ لِعَمْرٍو: أَحَلْتَنِي بِدَينِي عَلَى بَكْرٍ فَقَال عَمْرٌو: بَلْ وَكَّلْتُكَ صُدِّقَ عَمْرٌ وفَلَا يَقْبِضُ زَيدٌ مِنْ بَكْرٍ لِعَزْلِهِ بِالإِنْكَارِ، وَمَا قَبَضَهُ
(1) زاد في (ج) هنا: "على محيل فيهما لاعترافه".
(2)
في (ج): فرع.
(3)
قوله: "أو أحلتك" ساقط من (ج).
فَلِعَمْرِو أَخْذُهُ، وَلِزَيدِ طَلَبُ عَمْرٍو بِدَينِهِ، وَالتَّالِفُ بِيَدِ زَيدِ بِتَفْرِيطٍ أَوْ لَا؛ يَبْرَأُ بِهِ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِهِ (1) خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى، وَلَوْ قَال عَمْرٌو أَحَلْتُك وَقَال زَيدٌ: وَكَّلْتَنِي صُدِّقَ زَيدٌ، وَلَهُ الْقَبْضُ ثُمَّ لَا يُخْفِي الْحُكْمَ وَالْحَوَالةُ عَلَى مَالِهِ فِي الدِّيوَانِ أَوْ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّ (2) إذْنٌ فِي الاسْتِيفَاءِ لأَنَّ الْحَوَالةَ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى ذِمَّةٍ فَلِلْمُحْتَالِ طَلَبُ مُحِيلِهِ وَإِحَالةُ مَنْ لَا دَينَ عَلَيهِ عَلَى مَنْ دَينُهُ عَلَيهِ وَكَالةٌ فِي الاسْتِيفَاءِ (3)، وَمَنْ لَا دَينَ عَلَيهِ عَلَى مِثْلِهِ وَكَالةٌ فِي افتِرَاضٍ، وَكَذَا مَدِينٍ عَلَى بَرِيءٍ فَلَا يُصَارِفُهُ.
* * *
(1) زاد في (ب): "من صاحبه للمقاصة خلافا للمنتهى".
(2)
في (ج): "المستحق".
(3)
زاد في (ج): "في الاستيفاء لأن الحوالة إنما تكون على ذمة فللمحتال طلب محيله وإحالة من لا دين عليه".