الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الْقَرْضُ
دَفْعُ مَالٍ إرْفَاقًا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ بَدَلَهُ وَهُوَ مِنْ الْمَرَافِقِ الْمَنْدُوبِ إلَيهَا وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ (1)، وَلَا إثْمَ عَلَى مَنْ سُئِلَ فَلَمْ يُقْرِضْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَ الْمُقْرِضَ بِحَالِهِ وَلَا يَغُرَّهُ؛ كَفَقِيرٍ يَتَزَوَّجُ بمُوسِرَةٍ وَلَا يَقْتَرِضُ إلَّا مَا يَقْدِرُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ الشِّرَاءَ بِدَينٍ، وَلَا وَفَاءَ عِنْدَهُ إلَّا الْيَسِيرَ، وَقَال: مَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ بِجَاهِهِ لإِخْوَانِهِ، وَيَصِحُّ قَرْضٌ.
وَيَتَّجِهُ: وَلَوْ مُعَلَّقًا بِلَفْظِهِ ولَفْظِ (2) سَلَفٍ وَبِمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، كمَلَّكْتُكَ هَذَا لِتَرُدَّ بَدَلَهُ، أَوْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ (3) عَلَى إرَادَتِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلُ آخِذِ بِيَمِينِهِ فِي مَلَّكْتُكَ أَنَّهُ هِبَةٌ، وَمَنْ سَأَلَهُ فَقِيرٌ إعْطَاءَ شَيءٍ فَقَوْلُ دَافِعٍ أَنَّهُ قَرْضٌ، فَإِنْ قَال: أَعْطِنِي إنِّي فَقِيرٌ فَقَوْلُ فَقِيرٍ أَنَّهُ صَدَقَةٌ، وَشُرِطَ عِلْمُ قَدْرِ قَرْضٍ وَوَصْفِهِ وَكَوْنُ مُقْرِضٍ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ، فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ نَحْو مَكِيلٍ جُزَافًا أَوْ مُقَدَّرًا بِمِكْيَالٍ بِعَينِهِ غَيرِ مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ جِهَةٍ؛ كَمَسْجِدٍ وَنَحْوهِ مَعَ قَوْلِهِمْ في الْوَقْفِ وَلِلنَّاظِرِ الاسْتِدَانَةُ عَلَيهِ وَفِي اللَّقِيطِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيتُ الْمَالِ اقْتَرَضَ عَلَيهِ حَاكِمٌ، وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَينٍ يَصِحُّ بَيعُهَا إلَّا بَنِي آدَمَ.
(1) قوله: "منه" ساقطة من (ج).
(2)
في (ب): "وبلفظ".
(3)
في (ب): "دالة".
وَيَتَّجِهُ: أَوْ حِيلَةَ كَقَرضِ حُلِيٍّ بِنَقدٍ بِقَصدِ بَيعِهِ بِهِ.
وَلَا يَصِحُّ قَرضُ المَنَافِعِ خِلَافًا لِلشيخِ، كَأن يَحصُدَ مَعَهُ يَوْمًا لِيَحصُدَ مَعَهُ الآخَرُ (1) مِثلَهُ، أَوْ يُسكِنَهُ دَارِهِ لِيُسكِنَهُ الآخَرُ بَدَلها.
(1) في (ج): "ليحصد الآخر معه".
فَصلُ
وَيَتِمُّ قَرضٌ بِقَبُولٍ وَيَلْزَمُ وَيُملَكُ بِقَبضٍ، فَلَا يَملِكُ مُقْرِضٌ اسْترجَاعَهُ، إلا إِنْ حُجِرَ عَلَى مُقتَرِض لِفَلَسٍ.
وَيَتجِهُ: أَوْ أَقْرَضَهُ بِشَرطِ أَنْ يَرهنَهُ كَذَا، وَامتَنَعَ.
وَلِرَبِّ قَرضٍ طَلَبُ بَدَلِهِ فَوْرًا لِثُبُوتِهِ حَالًا -وَلَوْ مَعَ تَأْجِيلِهِ- وَالْمُؤَجَّلُ كَثَمَنٍ لَا يَحِلُّ قَبلَ حُلُولِهِ وَلَوْ ألزَمَ نَفْسَهُ بِتَعجِيلِهِ وَكَقَرضِ كُلِّ حَال أَوْ حَلَّ (1)، وَاختَارَ الشَّيخُ صحَّةَ تَأجِيلِ قَرضٍ وَغَيرِهِ، وَإِنْ شَرَطَ رَدَّهُ بِعَينِهِ؛ لَم يَصِح، وَيَجِبُ قَبُولُ قَرضٍ مِثلِي رَدَّ بِعَينِهِ مَا لم يَتَعيَّب أَوْ يَكُنْ فُلُوسًا، أَوْ مُكسرةً، فَيُحَرمُها السلطَانُ فَلَهُ قِيمَتُهُ وَقْتَ قَرض وَتَكُونُ مِنْ غَيرِ جنسِهِ إن جَرَى فِيهِ رِبَا فَضلٍ، كَمُكَسرَةَ حَرُمَتْ فيُعطِي قِيمَتِها ذَهبًا وَكحُلِيٍّ قِيمَتُهُ أَكثَرُ مِنْ وَزْنِهِ فَيَرُدُ قِيمَتُهُ مِنْ غَيرِ جنسِهِ.
وَيَتجِهُ: فَمُقْرِضُ قِرشٍ لِيَأخُذَ دَرَاهِمَ لَا يَجُوزُ (2).
وَكَذَا ثَمَنٌ لَم يُقْبَضْ أَوْ رُدَّ بِرَدِّ مَبِيعٍ.
وَيَتَّجِهُ: وَأُجْرَةٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضُ خُلعٍ.
وَيَجِبُ رَدُّ مِثلِ فُلُوسٍ وَمُكَسَّرَةٍ غَلَت، أَوْ رَخُصَتْ، أَوْ كَسَدَتْ وَمِثلِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَإِن أَعوَزَ فَقِيمَتُهُ يَومَ إعوَازِهِ، وَقِيمَةِ غَيرِهِمَا يَومَ
(1) في (ج): "وكقرض كل حال أجل".
(2)
من قوله: "فيرد قيمته
…
لا يجوز" ساقط من (ج).
قَبضٍ، وَلَوْ غَيرَ جَوهر خِلَافًا لِلمُنتَهى، وَيُرَدُّ مِثلُ كَيلِ مَكِيل دُفِعَ وَزْنًا وَعَكْسُهُ، وَيَجُوزُ قَرضُ مَاءٍ كَيلًا والسقيِ مُقَدَّرًا بِأُنْبُوبَة أَوْ نَحوها، لِقَوْلِ أَحمَدَ: إذَا كَانَ محدُودًا يُعرَفُ كَم يَخرُجُ مِنْهُ؛ فَلَا بَأسَ، وَزَمن مِن نَوْبَةِ غَيرِهِ؛ لِيَردَّ عَلَيهِ مِثلَهُ مِنْ نَوْبَتِهِ وَخُبزٍ وَخَمِيرٍ عَدَدًا وَردُّهُ عَدَدًا بِلَا قَصدِ زِيَادَةٍ أَوْ جَودَةٍ.
* * *
فصل
وَيَجُوزُ شَرطُ رَهنٍ فِيهِ وَضَمِينٍ (1) وَبَذْلُ جُعلٍ عَلَى اقْتِرَاضِهِ لَهُ بِجَاهِهِ لَا عَلَى ضَمَانِهِ لَهُ وَلَا تَأْجِيلٍ أَوْ نَقْصٍ فِي وَفَاءٍ أَوْ جَرِّ نَفْعٍ كأَنْ يُسكِنَهُ دَارَهُ، أَوْ يَقْضِيَهُ خَيرًا مِنهُ أَوْ أَكثَرَ أَوْ بِبَلدٍ آخَرَ أَوْ يَبِيعَهُ شَيئًا رَخِيصًا أَوْ يَعمَلَ لَهُ عَملًا، أَوْ يَنتَفِعَ بِالرهنِ، أَوْ يُسَاقِيَهُ أَوْ يُسكِنَهُ مُقْرِضٌ عَقَارًا يَفُوقُ أَجرَ مِثلِهِ وَنحوُهُ مما يَجُر نَفعًا فَالشَّرطُ بَاطِلٌ، وَالقَرضُ صَحِيحٌ، وَإن فَعَلَهُ بِلَا شَرط بَعدَ وَفَاءٍ أَوْ أهدَى لَهُ بَعدَهُ أَوْ قَضَى (2) خَيرًا مِنهُ بِلَا مُوَاطَأَة أَوْ عُلِمَت زِيَادَتُهُ لِشُهرَةِ سَخَائِهِ؛ جَازَ، لأنّ النبِي صلى الله عليه وسلم إِستسلَفَ بَكرًا فَرَدَّ خَيرًا مِنهُ وَقَال "خَيرُكُم أَحسَنُكُم قَضَاء"(3).
وَيَتَّجِهُ: مِنهُ جَوَازُ رَدِّ مِثلٍ مُتَقَوِّمٍ مَعَ تَرَاضٍ.
وَأقرِضنِي أَلفًا وَادفَع لِي أَرضَكَ أَزْرَعُها بِالثلُثِ حَرُمَ خِلَافًا لِجمعٍ، وَلَوْ أَقرَضَ (4) مَن لَهُ عَلَيهِ بُرٌّ ليَشتَرِيهِ ثُمَّ يُوَفِّيهِ إياهُ؛ جَازَ كَإِرسَالِهِ نَفَقَةً لِعِيَالِهِ، فَأَقرَضَها رَجُلًا لِيُوَفِّيَها لَهُم وَقَرضِهِ غَرِيمَهُ الْمُعسِرَ أَلفًا لِيُوَفِّيَهُ مِنهُ وَمِنْ دَينِهِ الأَولِ كُل وَقتٍ شَيئًا وَإن فَعَلَ مَا فِيهِ نَفعٌ قَبلَ الوَفَاءِ وَلَم يَنوِ احتِسَابَهُ مِنْ دَينِهِ، أَوْ مُكَافَأَتَهُ لَم يَجُزْ إلا إنّ جَرَت عَادَةٌ بَينَهُمَا
(1) في (ج): "وضمين".
(2)
في (ج): "قضى له".
(3)
متفق عليه من حديث أبي هريرة.
(4)
في (ج): "إقتراض".
بِهِ قبلَ قَرْضٍ وَكَذَا كُلُّ غَرِيمٍ غَيرُ استعمَالِ رَهنٍ وَيَأتِي (1)، فَإِنْ استَضَافَهُ حَسَبَ لَهُ مَا أَكَلَ.
وَيَتَّجِهُ: لَا ضِيَافَةٍ وَاجِبَةٍ.
وَهُوَ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيرِهِ وَمَنْ طُولِبَ بِبَذْلِ قَرضٍ أَوْ غَضبٍ بِبَلَدٍ آخَرَ لَزِمَهُ إلا مَا لِحَملِهِ (2) مُؤْنَةٌ وَقِيمَتُهُ بِبَلَدِ القرضِ أَنْقَصُ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلا قِيمَتُهُ بِها لَا المِثلِ، وَلَا القِيمَةِ بِمَحَلِّ طَلَبٍ وَمَعَ تَسَاوٍ (3) أَوْ أَكْثَرَ؛ لَزِمَ المِثلُ وَلَوْ بَذَلَهُ مُقتَرِضٌ أَوْ غَاصِبٌ بِغَيرِ بَلَدِهِ (4) وَلَا مُؤنَةَ لِحَملِهِ لَزِمَ قَبُولُهُ مَعَ أَمْنِ بَلَدٍ وَطَرِيقٍ، وَمَعَ بَقَاءِ مَغْصُوبٍ لَم يُجْبَر رَبُّهُ عَلَى قَبُولِهِ بِحَالٍ.
* * *
(1) قوله: "غير استعمال رهن ويأتي" ساقط من (ج، ب)، ويأتي أنه يجوز استعمال الرهن لمصلحته كخوف عليه من عث ونحوه.
(2)
في (ج): "إلا ما كان لحمله".
(3)
قوله: "ومع تساو" ساقط من (ج).
(4)
في (ج): "بلد".