الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ
يُسَنُّ نَهَارًا مِنْ أَعْلَاهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ، وَخُرُوجٌ مِنْ أَسْفَلِهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كُدَيٍّ، وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَإِذا رَأَى الْبَيتَ رَفَعَ يَدَيهِ، وَقَال:"اللَهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلامُ، حَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ، اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيتَ تَغظِيمًا وَتَشرِيفًا وَتَكرِيمًا وَمَهَابَةَ وَبِرًّا وَزِدْ مَنْ عَظَّمَهُ وَشَرَّفَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَعظِيمًا وَتَشرِيفًا وَتَكرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا"(1)، "الحَمدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ كِثِيرًا كَما هُوَ أَهْلُهُ، وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وعزِّ جَلَالِهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَنِي بَيتَهُ، وَرَآنِي لِذَلِكَ أَهْلًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، اللَّهُمَّ إنكَ دَعَوْت إلَى حَج بَيتِكَ الْحَرَامِ وَقَدْ جِئْتُكَ لِذَلِكَ، اللَّهُمَّ تَقبَّلْ مِني، وأَصْلِحْ لي شَأنِي كُلَّهُ، لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، ويَرْفَعُ رَجُلٌ بِذَلِكَ صَوْتَهُ، وَمَا زَادَ مِنْ الدُّعَاءِ فَحَسَنٌ، وَيَدْنُو مِنْ الْكَعْبَةِ بِخُضُوعٍ وَخُشُوعٍ، ثُمَّ يَطُوفُ ابْتِدَاء نَدْبًا، وَهُوَ تَحِيةُ الْكْعَبَةِ، وَتَحِيةُ الْمَسْجِدِ: الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَطُوفُ إِبْتِدَاءً (2)، وَيُجْزِئهُ عَنْهَا رَكْعَتَانِ بَعْدَهُ، فَإِنْ أُقِيمَتْ مَكْتُوبَةٌ، أَوْ ذَكَرَ فَائِتَةً أَو حَضَرَتْ جِنَازَةٌ، قَدَّمَهَا.
وَيَنْوي مُتَمَتَّعٌ بِطَوَافِهِ الْعُمْرَةَ، وَهُوَ رُكْنٌ، وَمُفْرِدٌ، وَقَارِنٌ الْقُدَومَ، وَهُوَ: الْوُرُودُ، وَهُوَ سُنَّةٌ وَيَضْطَبعُ بِرِدَائِهِ غَيرَ حَامِلِ مَعْذُورٍ فِي كُلِّ أُسْبُوعِهِ فَقَطْ فَيَجْعَلُ وَسَطَهُ تَحْتَ عَاتِقِهِ الأَيمَنِ، وَطَرَفَيهِ عَلَى عَاتِقِهِ
(1) رواه البيهقي (رقم 9481، 9482، 9483).
(2)
قوله: "ثم يطوف ابتداء" سقطت من (ب).
الأَيسَرِ، وَيَبتَدِئُ طَوَافَهُ مِنْ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ وَهُوَ جَهَةُ الْمَشْرِقِ، فَيُحَاذِيَهِ أَوْ بَعْضَهُ بِكُلِّ بَدَنِهِ، وَيَسْتَلِمُهُ بَيَدِهِ الْيُمْنَى وَيُقَبِّلُهُ بِلَا صَوْتِ يَظْهَرُ لِلْقُبْلَةِ، وَيسْجُدُ عَلَيهِ فَإِنْ شَقَّ لَمْ يُزَاحِمْ، وَاسْتَلَمَهُ بِيَدِهِ وَقَبَّلَهَا، فَإِنْ شَقَّ فبِشَيءٍ، وَقَبّلَهُ فَإِنْ شَقَّ أَشَارَ إلَيهِ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيءٍ وَلَا يُقَبِّلُهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ.
وَقَال "بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ إيمَانًا بِكَ، وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم"(1)، ويَقُولُ ذِلَكَ كُلَّ مَا اسْتَلَمَهُ وَزَادَ جَمَاعَةٌ "اللَّهُ أَكبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ"(2)، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَجَرُ مَوْجُودًا وَقَفَ مُقَابِلًا لِمَكَانِهِ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ وَقَبَّلَهُ، فَإِنْ شَقَّ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَيُقْرِبُ طَائِفَ جَانِبَهُ الأَيسَرَ لِلْبَيتِ، وَشُرِطَ جَعْلُهُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَوَّلُ رُكْنٍ يَمُرَّ بِهِ يُسَمَّى: الشَّامِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ، وَهُوَ جَهَةُ الشَّامِ، ثُمَّ يَلِيهِ الرُّكنُ الْغَرْبِيُّ وَالشَّامِيُّ، وَهُوَ: جِهَةُ الْمَغْرِب، ثُمَّ الْيَمَانِيُّ: جِهَةُ الْيَمَنِ، فَيَسْتَلِمَهُ وَلَا يُقَبِّلْهُ ثُمَّ كُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ، اسْتَلَمَهُمَا أَوْ أَشَارَ اليهِمَا لَا الشَّامِيِّ وَالْغَرْبِيِّ، وَلَا يُقَبِّلُ الْمَقَامَ وَلَا يَمْسَحُهُ، وَلَا مَسَاجِدَ وَقُبُورٍ، وَصَخْرَةِ بَيتِ الْمَقْدِسِ.
وَيَقُولُ كُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَبَينَهُ وَبَينَ الْيَمَانِيِّ:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (3)، وَفِي
(1) رواه البيهقي (رقم 9519).
(2)
رواه الدارقطني (رقم 1756).
(3)
سورة البقرة (201).
بِقِيَّةِ طَوَافِهِ: "اللَهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبرُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ واهدِنِي السَّبِيلَ الأَقوَمَ، وَتَجَاوَزْ عَمَا تَعْلَمُ، وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ"(1)، وَيَذْكُرُ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ.
وَسُنَّ قِرَاءَةٌ فِيهِ وَلَا تُزَاحِمُ امْرَأَةٌ رِجَالًا، لِتَسْتَلِمَ الْحَجَرَ، وَلَا تُشِيرُ إلَيهِ، وَالأَوْلَى لَهَا تَأْخيرُ طَوَافٍ لِلَيل إذا أَمِنَتْ نَحْوَ حَيضٍ، وَسُنَّ أَنْ يَرْمُلَ مَاشٍ غَيرَ حَامِلِ مَعْذُورٍ ونسَاءٍ، وَمُحْرِمٍ مِنْ مَكَّةَ أَوْ قُرْبِهَا فَيُسْرِعُ الْمَشيَ، ويقَارِبَ الْخُطَا فِي ثَلَاثِ طَوْفَاتٍ أُوَلٍ مِنْ غَيرِ وَثْبٍ، ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعَةً بِلَا رَمَلٍ، وَلَا يُقْضَى فِيهَا رَمَلٌ فَاتَ، وَالرَّمَلُ أَوْلَى مِنْ الدُّنُوِّ للْبَيتِ، وَالتَّأْخِيرُ لَهُ وَلِلدُّنُوِّ أَوْلَى، وَلَا يُسَنُّ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ فِي غَيرِ هَذَا الطَّوَافِ.
وَمَنْ طَافَ رَاكِبًا أَو مَحْمُولًا، لَمْ يُجْزِئْهُ إلا لِعُذْرٍ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْ حامِلِهِ إلَّا إنْ نَوَى وَحْدَهُ أَو نَوَيَا جَمِيعًا عَنهُ فَإِنْ نَوَى كُلُّ وَاحِدٍ (2) مِنْهُمَا صَحَّ لِمَحْمُولٍ فَقَط فَإنْ نَوَى أَحَدُهُمَا نَفْسِهِ، وَالآخَرُ لَمْ يَنْو، صَحَّ لِنَاوٍ فَإِنْ لَمْ يَنْويَا، أَوْ نَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا الآخَرِ (3)، لَمْ يَصِحَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَسَعْيٍ رَاكِبًا كَطَوَافٍ.
وَإِنْ طَافَ عَلَى سَطحِ الْمَسْجِدِ لَا الْبَيتِ أَوْ قَصَدَ فِي طَوَافِهِ غَرِيمًا، وَقَصَدَ مَعُهُ طَوَافًا بِنيَّةٍ حَقِيقيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ، تَوَجَّهُ الإجْزَاءُ، قَالهُ فِي الْفُرُوعِ، وَيُجْزِئُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ لَا خَارِجَهُ وَمُنَكَّسًا أَوْ
(1) رواه نحوه في مسند الإمام أحمد (رقم 4142)، البيهقي (رقم 9555، 9823، 9824).
(2)
قوله: "واحد" سقطت من (ج).
(3)
من قوله: "صح
…
الآخر" سقطت من (ج).
مُتَقَهْقِرًا أَوْ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ أَو شَاذرْوَانَ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ: مَا فَضَلَ مِنْ جِدَارِهَا أَوْ نَاقِصًا، وَلَوْ يَسِيرًا أَوْ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ عُرْيَانا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ نَجِسًا، فَيَلزَمُ النَّاسَ انْتِظَارُ حَائِضٍ، وَيُسَنُ فِعْلُ بِقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا مُتَطَهِّرًا.
وَيتَّجِهُ احْتِمَالٌ: عَدَمُ الصِّحَّةِ بِحَرِيرٍ وَمَغْصُوبٍ، وَأَنَّهُ لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ طَائِفًا، لَا يَضُرُّ.
وَيَصِحُّ فِيمَا لَا يَحِلُّ لِمُحْرِم لُبسُهُ، وَيُفدِي عَامِدٌ وَيَبْتَدِئُ لِحَدَثٍ فِيهِ وَقَطْعٍ طَويلٍ وإِنْ كَانَ يَسِيرًا، أَوْ أُقِيمَتْ صَلَاةٌ.
وَيتَّجِهُ: وَلَوْ كَوِتْرٍ وَتَرَاويحَ.
أَوْ حَضَرَت جِنَازَةٌ صلَّى وَبَنَى مِنْ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ، فَلَا يَعْتَدَّ بِبَعْضِ شَوْطٍ قَطَعَ فِيهِ، فَإِذا أَتَمَّ تَنَفَّلَ بِرَكعَتَينِ، وَالأَفْضَلُ كَوْنُهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ، وَبِالْكَافِرُونَ فِي أُولَى، وَالإِخْلَاصِ بِثَانِيَةِ، بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، وَتُجْزِئُ مَكتُوبَةٌ، وَرَاتِبَةٌ عَنْهُمَا، وَسُنَّ عَوْدُهُ بَعدَ صَلَاةٍ، وَقَبْلَ سَعْي لِلْحَجَرِ فَيَسْتَلِمَهُ، وَالإِكثَارُ مِنْ الطَّوَافِ كُلَّ وَقتٍ وَلَهُ جَمْعُ أَسَابِيعَ بِرَكْعَتَينِ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ، وَالأَوْلَى عَقِبَ كُلِّ أُسْبُوعٍ، وَتَأْخِيرُ سَعْيِهِ عَنْ طَوَافِهِ بِطَوَافٍ وَغَيرِهِ، فَلَا تَجِبُ مُوَالاةٌ بَينَهُ وَبَينَ طَوَافٍ.
تَنبِيهٌ: شُرُوطُ طَوافٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: إسْلَامٌ، وَعَقلٌ، وَنِيَّة مُعَيَّنَةٌ، وَدُخُولُ وَقْت وَلِقَادِرٍ سَترُ عُوْرَة، وَطَهَارَةُ حَدَثٍ لَا الطِفْلِ، وَطَهَارَةُ خُبْثٍ، وَتَكمِيلُ السَّبْعِ يَقِينًا، فَإِنْ شَكَّ أَخَذَ بِالْيَقِينِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ عَدْلَينِ، وَجَعْلُ الْبَيتِ عَنْ يَسَارِهِ غَيرَ مُتَقَهْقِرٍ، وَمَشيٌ لِقَادرٍ، وَمُوَالاتُهُ، وَأَنْ لَا يَخرُجَ مِنْ المَسْجِدِ، وأَنْ يَبْتَدِئَهُ مَنْ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ فَيُحَاذِيهِ.
وَسُنَنُهُ (1): اسْتِلَامُ الْحَجَرِ، وَتَقبِيلُهُ وَنَحْوُهُ، وَاسْتِلَامُ الرُّكْنِ، وَاضطِبَاعٌ، وَرَمَلٌ، وَمَشْيٌ فِي مَوَاضِعِهِ، وَدُعَاءٌ، وَذِكْرٌ، وَدُنُوٌّ مِنْ الْبَيتِ، وَالرَّكعَتَانِ بَعْدَه.
وَيَتَّجِهُ: يُكرَهُ فِيهِ مَا يُكرَهُ فِي صَلَاةٍ لَا مُطلَقًا، وَلَمْ أَرَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ فَضَّلَ بَينَ الأَرْكَانِ.
فَرْعٌ: لَوْ عَلِمَ مُتَمَتِّعٌ بَعْدَ فَرَاغِ حَجٍّ، بُطْلَانَ أَحَدِ طَوَافِيهِ، وَجَهِلَهُ، لَزِمَهُ الأَشَدُّ، وَهُوَ جَعْلُهُ لِلْعُمْرَةِ فَيَصِيرُ قَارِنًا، كَمَا لَوْ عَلِمَهُ لَهَا، وَعَلَيهِ دَمَا قِرَانٍ وَحَلْقٌ، وَيُجْزِئُهُ الطَّوَافُ لِحجٍّ عَنْ النُّسُكَينِ، وَيُعِيدُ السَّعْيَ لِفَقْدِ شَرْطِهِ.
ويتَّجِهُ: نَدْبُ إعَادَةِ طَوَافِ حَجٍّ وَسَعْيِهِ احْتِيَاطًا (2).
وَإِنْ كَانَ وَطِئَ بَعْدَ حِلِّهِ مِنْ عُمرَتِهِ وَإحْرَامِ بِهِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ بِفِعْلِه ثَانِيًا، فَقَدْ أَدْخَلَ حَجًّا عَلَى عُمْرَةٍ فَاسِدَةِ، لِوَطئِهِ فِيهَا، فَلَمْ يَصحَّ، فَيَلْغُو حَجُّهُ، وَيَتَحلَّلُ بِطَوَافِهِ الَّذِي نَوَاهُ لِلْحَجِّ مِنْ عُمرَتِهِ الْفَاسِدَةِ، وَعَلَيهِ دَمُ حَلْقٍ، وَدَمُ وَطْءٍ فِي عُمْرَتِهِ، وَلَا يَصحُّ لَهُ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ، فَلَا يَبْرَأُ مِنْ وَاجِبٍ.
وَيَتَّجِهُ: وَلَا يَقْضِي تَطَوُّعًا لِلشَّكِّ وَللاحْتِيَاطِ الْقَضَاءُ.
وَلَوْ عَلِمَهُ بِحَجٍّ، لَزِمَهُ طَوَافٌ وَسَعْيُهُ وَدَمٌ لِحِلهِ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَدَمُ تَمَتُّعِ بِشَرْطِهِ.
(1) قوله: "وسننه" سقطت من (ج).
(2)
الاتجاه سقط من (ج).
فصْلٌ
ثُمَّ يَخرُجُ لِلسَّعْيِ بَعْدَ عَوْدِهِ لِلْحَجَرِ، وَاسْتِلَامِهِ، مِنْ بَابِ الصَّفَا، وَهُوَ طَرَفُ جَبَلِ أَبِي قُبَيسٍ، عَلَيهِ دَرْجٌ، وَفَوْقَهُ أَزَجٌ كَإِيَوانَ، فَيَرْقَى ذَكَرٌ (1) الصَّفَا نَدْبًا، لِيَرَى الْبَيتَ فَيَسْتَقْبِلَهُ، وَيُكَبِّرُ ثُلَاثًا، وَيَقُولُ ثَلَاثًا:"الحمدُ للهِ عَلَى مَا هَدَانَا، لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحْمَدُ يُحْيِي ويُمِيِتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمَوتُ، بِيَدِهِ الخْيرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيء قَدِيرٍ، لَا إله إلا الله، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ صَدَقَ وَعَدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحدَه"(2)، ويقَولُ:"لَا إلَهَ إلا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلا إيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي بِدِينِكَ، وَطَوَاعِيتِكَ وَطَوَاعِيَةِ رَسُولِكَ، اللَهُمَّ جَنِّبْنِي حُدُودَكَ (3) اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يُحِبُّكَ، وَيُحِبُّ؛ مَلَائِكَتَكَ وَأَنْبِيَاءَكَ وَرُسُلَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ يَسِّرْنِي لِلْيُسْرَى، وَجَنِّبْنِي الْعُسْرَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الآخِرَةِ وَالأُولَى، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَئَمَّةِ المُتَّقِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ، وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ إنَّكَ قُلْتَ: اُدْعُونِي اسْتَجِبْ لَكُمْ، وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، اللَّهُمَّ إذْ هَدَيتَني لِلإِسْلَامِ، فَلَا تَنْزِعْنِي مِنْهُ، وَلَا تَنْزِعْهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي عَلَى الإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ لَا تُقَدِّمْنِي إلَى الْعَذَابِ، وَلَا تُؤَخِّرْنِي لِسُوءِ الْفِتَنِ"(4).
(1) قوله: "ذكر" سقطت من (ج).
(2)
متفق عليه رواه البخاري (رقم 2995)، مسلم (رقم 3009).
(3)
قوله: "اللهم جنبني حدودك" سقطت من (ج).
(4)
رواى نحوه البيهقي (رقم 9615).
وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ، وَلَا يُلَبِّي ثُمَّ يَنْزِلُ مِنْ الصَّفَا، فَيَمْشِي حَتَّى يَبْقَى بَينَهُ وَبَينَ الْعَلَمِ: وَهُوَ (1) الْمِيلُ الأَخْضَرُ، الْمُعَلَّقُ بِرُكْن الْمَسْجِدِ نَحْوَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ، فَيَسْعَى ذَكَرٌ مَاشٍ سَعْيًا شَدِيدًا نَدْبًا، بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤْذِيَ، وَلَا يُؤذَى إلَى الْعَلَم الآخَرِ، وَهُوَ الْمِيلُ الأَخْضَرِ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ وحِذَاءَ دَارِ الْعَبَّاسِ، فَيَتْرُكُ شِدَّةَ السَّعْيِ، ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَرْقَى الْمَرْوَةَ نَدْبًا، ويَسْتَقبِلُ، وَيَقُولُ عَلَيهَا مَا قَال عَلَى الصَّفَا.
وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ مَا بَينَهُمَا، فَيُلْصِقُ عَقِبَهُ بِأَصْلِهَا ابْتِدَاءً، وَأَصَابعَ رَجْلَيهِ انْتِهَاءً، ثُمَّ يَنْقَلبُ إلَى الصَّفَا، فَيَمْشِي فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ، وَيَسْعَى في مَوْضِعِ سَعْيِهِ، يَفْعَلُ ذِلِكَ سَبْعًا، ذَهَابُهُ سَعْيَةٌ، وَرُجُوعُهُ سَعْيَةٌ، فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ، لَمْ يَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الشَّوْطَ.
وَيُكْثِرُ مِن الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِيمَا بَينَ ذَلِكَ، وَمِنْهُ:"رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ، وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكرَمُ"(2).
وَلَا يُسَنُّ سَعْيُ مَا بَينَهُمَا إلَّا في حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَى، وَلَا تَسْعَى شَدِيدًا، وَيُسَنُّ مُبَادَرَةُ مُعْتمِرٍ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ، وَتَقْصِيرُ مُتَمَتِّعٍ لَا هَدْيَ مَعَهُ، لِيَحْلِقَ لِلْحَجِّ، وَيَتَحَلَّلُ مُتَمَتِّعٌ لَمْ يَسُقِ هَدْيًا، وَلَوْ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَمُعْتَمِرٌ مُطلَقًا، وَلَا يُسَنُّ تَأْخِيرُ تَحَلُّلٍ، وَيَسْتَبِيَحَانِ بِهِ جَمِيعَ الْمَحْظُورَاتِ، وَيَقْطَعَانِ التَّلْبِيةَ فِي شُرُوعِهِمَا في طَوَافِ حَاجٍّ بِأَوَّلِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَلَا بَأسَ بِهَا في طَوَافِ الْقُدُومِ سرًّا، وإنْ سَاقَهُ مُتَمَتِّعٌ،
(1) قوله: "العلم وهو" سقطت من (ج).
(2)
رواه الإمام أحمد في المسند (رقم 27350، 27442).
لَمْ يَحِلَّ بَلْ يُحْرِمُ بِحَجٍّ بَعْدَ سَعْيِهِ وَتَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: شُرُوطُ سَعْيٍ تِسْعٌ: إسْلَامٌ، وَعَقْلٌ، وَنِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ، وَمُوَالاةٌ.
وَيَتَّجِهُ: كَطَوَافٍ.
وَمَشْيٌ لِقَادِرٍ، وَتَكْمِيلُ السَّبْعِ، وَاسْتِيعَابُ مَا بَينَ الصَّفَائَينِ، وَكَوْنُهُ بَعْدَ طَوَافٍ صَحِيحٍ وَلَوْ مَسْنُونًا، أَوْ فِي غَيرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ.
وَيَتَّجِهُ: وَبَدْءٌ بِأَوْتَارٍ مِنْ الصَّفَا، وَإشْفَاعٍ مِنْ الْمَرْوَةِ.
وَسُنَنُهُ: طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ، وَسَتْرِ عَوْرَةٍ، وَذِكْرٌ وَدُعَاءٌ، وَإسْرَاعٌ، وَمَشْيٌ بِمَوَاضِعِهِ، وَرُقِيٌّ، وَمُوَالاةٌ بَينَهُ وَبَينَ طَوَافٍ، فَإِنْ طَافَ بِيَوْمٍ، وَسَعَى فِي آخَرَ، فَلَا بَأْسَ، وَلَا يُسَنُّ عَقِبَهُ صَلَاةٌ.