الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ مَا يُكْرَهُ وَيُسَنُّ بِصَوْمٍ، وَحُكْمُ الْقَضَاءِ
كُرِهَ لِصَائِمٍ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ فَيَبْتَلِعَهُ، وَذَوْقُ طَعَامٍ لِغَيرِ حَاجَةٍ، وَتَرْكُ بَقِيّتِهِ بَينَ أَسْنَانِهِ، وَشَمُّ مَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَجْذِبَهُ نَفَسٌ (1)، كَسَحِيقِ مِسْكٍ، وَكَافُورٍ، وَدُهْنٍ، وَقُبْلَهٍ وَدَوَاعِي وَطْءٍ لِمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ، وَمَضْغُ عِلْكٍ لَا يَتَحَلَّلُ، وَحَرُمَ مَا يَتَحَلَّلُ، وَلَوْ لَمْ يَبْلَغ رِيقَهُ، وَنَحْوُهُ قُبْلَةٍ لِمَنْ ظَنَّ إنْزَالٍ، وَتَعَاطِي كُلِّ مُفْطِرٍ.
وَيِجِبُ اجْتِنَابُ كَذِبٍ وَغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَشَتْمٍ وَفُحْشٍ وَنَحْوهِ، وَفِي رَمَضانَ، وَمَكَانٍ فَاضِلٍ آكَدُ، قَال أَحْمَدُ يَتَعَاهَدَ صُوْمَهُ مِنْ لِسَانِهِ، وَلَا يُمَارِي وَيَصُونُ صَوْمَهُ، وأَسْقَطَ أَبُو الْفَرَجِ ثَوَابَهُ بغِيبَةٍ وَنَحْوهَا، وَلَا فِطرَ قَال أَحْمَدُ: لَوْ كَانَتْ الْغِيبَةُ تُقطِرُ مَا كَانَ صَوْمٌ (2).
فَصْلٌ
وَسُنَّ لَهُ كَثْرَةُ قِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ وَصَدَقَةٍ، وَكَفِّ لسِانِهِ عَمَّا يُكْرَهُ، كَحَدِيثٍ بِأَمْرِ الدُنْيَا بِمَقَابِرَ، وَقَوْلُهُ جَهْرًا إنْ شُتِمَ، إنِّي صَائِمٌ، وَبِغَيرِ رَمَضَانَ سِرًّا، يَزْجُرُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبٌ، ويكْفِي خَبَرُ وَاحِدٍ، وَيُبَاحُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، وَيَحْرُمُ مَعَ شَكِّهِ، وَجِمَاعٌ مَعَ شَكٍّ فِي طُلُوعِ فَجْرٍ ثَانٍ لَا سَحُورٌ.
(1) قوله: "نفس" سقطت من (ج).
(2)
في (ج): "ما كان لنا صوم".
وَأَوَّلُهُ نِصْفُ لَيلٍ، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهُ إنْ لَمْ يَخْشَهُ، وَتَحْصُلُ فَضِيلَةٌ بِشُرْبٍ، وَكَمَالُهَا بِأَكْلٍ وَفِطْرٌ عَلَى رُطَبٍ، فَإِنْ عَدِمَ فَتَمْرٌ، فَإِنْ عَدِمَ فَمَاءٌ، وَدُعَاؤُهُ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَمِمَّا وَرَدَ:"اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ، سُبْحَانَكَ، وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّل مِنِّي، إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"(1)، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُهَا الأَعْلَى أَفْطَرَ الصَّائِمُ حُكْمًا، وَإِنْ لَمْ يَطعَمْ فَلَا يُثَابُ بِوصَالٍ وَ "مَنْ فَطرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثلُ أَجْرِهِ"(2)، وَظَاهِرُهُ بِأَيِّ شَيءٍ كَانَ، وَقَال الشَّيخُ: الْمُرَادُ إشْبَاعُهُ.
فَصْلٌ
سُنَّ فَوْرًا تَتَابُعُ قَضَاءِ رَمَضانَ، إلَّا إذَا بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ قَدْرُ مَا عَلَيهِ، فَيَجِبُ كَعَزمٍ عَلَيهِ، وَلَوْ اتَّسَعَ لَهُ، وَكَذَا كُلُّ عِبَادَةٍ مُتَرَاخِيَةٍ، وَمَنْ فَاتَهُ رَمَضانُ قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ، ويجْزِئُ يَوْمُ شِتَاءٍ عَنْ صَيفٍ، كَعَكسِهِ، وَيُقَدِّمُ وُجُوبًا عَلَى نَذْرٍ، لَا يَخَافُ فَوتَهُ.
وَيَتَّجِهُ: مَعَ خَوْفِ فَوْتِ كُلِّ تَقْدِيمُ نَذرٍ.
وَحَرُمَ ابْتِدَاءُ تَطَوُّعٍ قَبْلَهُ، وَلَا يَصِحُّ.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: كَذَا قَبْلَ وَاجِبٍ نَحْو نَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ.
وتَأْخِيرُهُ لِرَمَضَانَ آخَرَ بِلَا عُذرٍ، فَإِنْ أَخرَهُ بِلَا عُذْرٍ لرِمَضَانَ
(1) رواه أبو داود (رقم 2360)، البيهقي (رقم 8392)، الدارقطني (رقم 2303).
(2)
رواه البيهقي (رقم 8397، 8398).
(3)
في (ج): "ويجزيء بعده بعذر صوم والأفضل".
فَأَكْثَرَ، لَزِمَ مَعَ قَضَاءٍ إطعَامُ مِسْكِينٍ، لِكُلِّ يَوْمٍ مَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ، ويجْزِئُ بَعْدَهُ وَمَعَهُ (1)، وَالأَفْضَلُ قَبْلَهُ وَلِعُذْرٍ قَضَاءٌ فَقَطْ، وَلَا شَيءَ عَلَيهِ إنْ مَاتَ، وَلْغْيرِهِ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضانُ فَأَكْثَرُ، أُطْعِمَ عَنْهُ؛ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ فَقَطْ، لأَنَّ وَاجِبَ صَوْمٍ وَصَلَاةٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَا يُقْضَى عَنْهُ، فَلَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ لِمَنْ يُصَلِّي أَوْ يَصُومُ عَنْهُ، تُصُدِّقَ بِهَا عَنْهُ.
وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيهِ نَذْرُ صَوْمٍ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ طَوَافٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ لَمْ يَفْعَلْ مِنْهُ شَيئًا، مَعَ إمْكَانِ غَيرَ حَجٍّ، وَلَمْ يُخَلِّفْ مَالًا سُنَّ لِوَلِيِّهِ فِعْلُهُ، وَيَجُوزُ لِغَيرِهِ بِإِذنِهِ وَدُونَهُ، وَيُجْزِئُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَإنْ خَلَّفَ مَالًا وَجَبَ، فَيَفْعَلُهُ وَلِيهُ نَدْبًا، أَوْ يَدْفَعُ لِمَنْ يَفْعَلُ عَنْهُ، أَوْ يَدْفَعُ فِي صَوْمٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ طَعَامَ مِسْكِينٍ، وَلَا كَفَّارَةَ وَلَا يُصَامُ عَنْ أَحَدٍ فِي حَيَاتِهِ إجْمَاعًا، وَلَا يُقْضَى مُعَيَّنٍ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ جُنَّ، وَدَامَ حَتَّى انْقَضَى، وَمَوْتُهُ بِأَثْنَائِهِ يُسْقِطُ الْبَاقِيَ، وَالْمَاضِي إنْ كَانَ لِعُذرٍ جُنُونٍ (2) سَقَطَ، وَإِلَّا فَلَا، وَتَفْصِيلُهُ كمَا مَرَّ وَمَنْ مَاتَ وَعَليهِ صَوْمٌ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ مُتْعَةٍ وَلَوْ يَوْمَ مَوْتِهِ فَقَط، أُطْعِمَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ مَسَاكِينَ.
(2) في (ج): "إن كان العذر جنونًا".