الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَتَابُ الجَنَائِزِ
يُشْرَعُ (1) الاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ بِتَوْبَةٍ مَنْ مَعَاصٍ وَخُرُوجٍ مِنْ مَظَالِمَ وَزِيَادَةِ عَمْلٍ صَالِحٍ وَمَنْ عَرَفَ الْمَوْتَ هَانَتْ عَلَيهِ مَصَائِبُ الدُّنْيَا، وَسُنَّ إكْثَارٌ مِنْ ذِكُرِهِ وَعِيَادَةُ مُسْلِمٍ غَيرِ مُبْتَدِعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ، كَرَافِضِيٍّ، أَوْ يُسَنُّ كَمُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ قَال ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَتُكْرَهُ عِيَادَةُ رَجُلٍ لامْرَأَةٍ غَيرِ مَحْرَمٍ أَوْ تَعُودُهُ وَأَطلَقَ غَيرُهُ عِيَادَتِهَا وَحُمِلَ عَلَى مَنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَيُعَادُ مِنْ وَجَعِ ضِرْسٍ، وَرَمَدٍ، وَدُمَّلٍ.
قَال ابْنُ حَمْدَانَ: عِيَادَةُ الْمَرِيضِ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَال الشَّيخُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّصُّ وُجُوبُ ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ، وَالْمُرَادُ: مَرَّةً، وَسُنَّ كَوْنُ عِيَادَتِهِ غِبًّا مِنْ أَوَّلِ الْمَرَضِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَفِي رَمَضانَ لَيلَا، وَتَذْكِيرُهُ تَوْبَةً وَوَصِيَّةً، وَلَوْ بَغِيرِ مَخُوفٍ، وَيَدْعُو لَهُ بِعَافِيَةٍ وَصلَاح، وَيَسْألُهُ عَنْ حَالِهِ وينَفِّسُ لَهُ فِي الأَجَلِ بِمَا يُطَيِّبُ نَفْسَهُ، وَلَا يُطِيلُ الْجُلُوسَ إلَّا إنْ أَنِسَ بِهِ مَرِيضٌ، وَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ:"أَذْهِبِ الْبَأسَ رَبِّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا"(2)، وَيَقُولُ:"أَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ، رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، أَنْ يَشفِيكَ وَيُعَافِيكَ"(3) سَبْعَ مَرَّاتِ، وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيهِ، وَإخْبَارِ مَرِيضٍ بِمَا يَجِدُ بِلَا شَكْوَى بَعْدَ حَمْدِ اللهِ وَسُنَّ لَهُ صَبْرٌ، وَالصَّبْرُ الْجَميلُ: صَبْرٌ بِلَا شَكْوَى لِمَخْلُوقٍ،
(1) في (ب): "شرع".
(2)
متفق عليه البخاري (رقم / 5675) ومسلم (رقم / 5836).
(3)
رواه أبو داود (رقم / 3108).
وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاللهِ تَعَالى وَيُغَلِّبَ الرَّجَاءَ وَقِيلَ: يَجِبُ، وَنَصَّ: يَكُونَ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ وَاحِدًا، فَإيَّهُمَا غَلَبَ صَاحِبَهُ، هَلَكَ قَال الشَّيخُ هَذَا الْعَدْلُ وَكُرِهَ أَنِينٌ وَتَمَنِّي الْمَوْتِ إلَّا لِخَوْفِ فِتنَةٍ أَوْ لِشَهَادَةٍ وَلَوْ (1) بلَا ضَرُورَةٍ، وَكَيٌّ وَحَرَّمَهُ الشَّيخُ لِغَيرِ تَدَاوٍ، قَال: هُوَ مِنْ شِعَارِ الفُسَّاقِ (2) وَقَطْعُ بَاسُورٍ وَمَعَ خَوْفِ تَلَفٍ بِقَطْعِهِ، يَحْرُمُ وَمَعَ خَوْفِ تَلَفٍ بِتَرْكِهِ يُبَاحُ وَلَا يَجبُ تَدَاو وَلَوْ ظَنَّ نَفْعُهُ، وَتَرْكُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَفْضَلُ، بِخِلَافِ رَقِيقِهِ فَيُسَنُّ (3) وَيَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ أَكْلًا وَشُرْبًا وَسَمَاعًا، وَبِسُمٍّ وَتَمِيمَةٍ، وَهِيَ: خَرَزَةٌ أَوْ خَيطٌ وَنَحْوَهَا يَتَعَلَّقُهَا، وَكُرِهَ أَنْ يَسْتَطِبَّ ذِمِّيًّا بِلَا ضَرُورَةٍ، وَنَفْخٌ وَتَفْلٌ فِي رُقْيَةٍ وَاسْتَحَبَّهُ بَعْضُهُمْ، وَيُجُوزُ تَدَاوٍ بِبَوْلِ إبِلٍ نَصًّا وَكَذَا بَوْلِ مَأْكُولِ لَحْمٍ، وَبِمَا فِيهِ سُمٌّ مِنْ نَبَاتٍ، إنْ غَلَبَتْ سَلَامَتُهُ، وَلَا بَأْسَ بِحِمْيَةٍ وَكَتْبِ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ بِإِنَاءِ لِحَامِلٍ لِعُسْرِ ولَادَةٍ وَمَرِيضٍ، وَيُسْقَيَانِه.
فَصْلٌ
وَإِذَا اُحْتُضِرَ سُنَّ تَعَاهُدُ بَلِّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَتَنْدِيَةِ شَفَتَيهِ بِقُطْنَةٍ وَتَوْلِيَةُ أَرْفَقِ أَهْلِهِ بِهِ، وَأَعْرَفِهِمْ بِمُدَارَاتِهِ، وَأَتْقَاهُمْ للهِ وَتَلْقِينُهُ "لَا إلَهَ إلَّا اللهُ" مَرَّةَ نَصًّا وَاخْتَارَ الأَكْثَرُ ثَلَاثًا وَلَمْ يَزِدْ إلَّا إنْ تَكَلَّمَ فَيُعَادُ بِرِفْقٍ وَكُرِهَ تَلْقِينُ وَرَثَةٍ بِلَا عُذْرٍ؛ قَالهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَسُنَّ قِرَاءَةُ "الفَاتِحَةِ"، وَ"يَاسِينَ" عِنْدَهُ وَتَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ عَلَى جَنْبٍ أَيمَنَ مَعَ سَعَةِ مَكَانٍ.
وَيَتَّجِهُ: وَعَدَمِ مَشَقَّةِ.
(1) قوله: "ولو" سقطت من (ج).
(2)
في قوله: "وكي .. الفساق" سقطت من (ج).
(3)
قوله: "بخلاف رقيقه فيسن" سقطت من (ج).
وإلا فَعَلَى ظَهرِهِ قَالهُ جَمَاعَةٌ وَيُرفَعُ رَأسُهُ قَلِيلًا، وَاستَحَبَّ الموَفقُ وَالشارحُ تَطهِيرَ ثِيَابِهِ قَبلَ مَوتِهِ، وَيَنْبَغِي اشتِغَالُهُ بِنَفْسِهِ وَيَجتَهِدُ فِي خَتْمِ عُمُرِهِ بِأكْمَلِ حَالٍ، وَيَعتَمِدُ عَلَى اللهُ فِيمَن يُحِب وَيُوصِي لِلأَرجَحِ فِي نَظَرِهِ، فَإِذَا مَاتَ سُنَّ تَغْمِيضُ عَينَيهِ، وَلَهُ تَغْمِيضُ ذَاتِ مَحْرَمٍ وَلَهَا تَغمِيضُ مَحرمٍ، وَكُرِهَ مِنْ حَائَضٍ وَجُنُبٍ، وَأَنْ يَقْرَبَاهُ وَقَولُ:"بِسمِ اللهِ وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ الله"، وَشَد لِحيَيهِ، وَتَليين مَفاصِلِهِ، وَخَلْعُ ثِيَابِهِ وَسَتْرُهُ بِثَوبٍ، وَوَضعُ حَدِيدَةٍ أَو نَحوهَا عَلَى بَطنِهِ، وَوَضْعُهُ عَلَى سَرِيرِ غُسلِهِ مُتَوَجِّهًا مُنحَدِرًا نَحوَ رِجْلَيهِ، وَإسرَاعُ تَجهِيزِهِ إنْ مَاتَ غَيرَ فُجَاءَة، وَتَفْرِيقِ وَصِيتِهِ.
وَيَجبُ إشرَاعٌ فِي قَضَاءِ دَينِ اللهِ أَو آدَمي قَبْلَ صَلَاة عَلَيهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَفَاءٌ اسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ أَو غَيرِهِ تَكَفُّلٌ بِهِ، وَلَا بَأْسَ بِانْتِظَارِ مَنْ يَحضرُهُ مِنْ وَلي وَكَثْرَةُ جَمعٍ إنْ قَرُبَ وَلَم يُخْشَ عَلَيهِ، أَوْ يَشُق عَلَى الحاضِرِينَ، وَيُنتَظَرُ مَنْ مَاتَ فُجَاءَةً بِنَحْو صَعقَةٍ أَو شُك فِي مَوْتِهِ حَتَّى يُعْلَمَ بِانْخِسَافِ صُدْغَيهِ وَمَيلِ أَنْفِهِ، وَغَيبُوبَةِ سَوَادِ عَينَيهِ، وَيُعْلَمُ مَوتُ غَيرِهِ بِذَلِكَ وَبِغَيرِهِ، كَانْفِصَالِ كَفَّيهِ، وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيهِ، وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيِلهِ وَالنظَرِ إلَيهِ وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ وَكُرِهَ نَعْيٌ، وَهُوَ: الندَاءُ بِمَوْتِهِ وَتَرْكُهُ فِي بِيتِ يَبِيتُ وَحْدَهُ، قَال الآجُريُّ: وَلَا بَأْسَ بِإِعْلَامِ أَقَارِبِهِ وَإِخْوَانِهِ مِنْ غَيرِ نِدَاءٍ.
فَرْعٌ: مَوْتُ الْفُجَاءَةِ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَأَخْذَةُ أَسفٍ لِلْفَاجِرِ وَالرُّوحُ: جِسْم لَطِيف لَا يَفْنَى أَبَدًا.
فصل
وَغُسلُ الميتِ الْمُسْلِمِ، وَإنْ مَجهُولَ إسْلَامٍ بِدَارِنَا، أَوْ لَا وَعَلَيهِ عَلَامَتُنَا مَرةً أَوْ يُيَمَّمُ لِعُذرٍ، فَرضُ كِفَايَةِ وَيَلزَمُ الوَارِثَ قَبُولُ مَاءٍ وُهِبَ لِمَيِّتٍ لَا ثَمَنِهِ وَيَنْتَقِلُ لثَوَابِ، فَرْضُ عَينٍ مَعَ جَنَابَةٍ أَو حَيضٍ وَيَسْقُطَانِ به.
وَيَتَّجِهُ: لَا هُوَ بِهِمَا.
وَكُرِهَ أَخذُ أُجرَةٍ عَلَيهِ وَعَلَى صلَاةٍ وَتَكفِينٍ وَحَمْلٍ وَدَفْنٍ.
وَيَتجِهُ: يَحرُمُ أَخْذُهَا فِي غُسلٍ وَصَلَاةٍ.
وَكُرِهَ، وَلَا يَحرُمُ خِلافَا لَهُ غُسلُ شَهِيدِ مَعرَكَةٍ وَمَقُتُول ظُلْمًا.
وَيَتَّجِهُ: لَا خَطَأ. وَأَنهُ مَعَ دَمٍ عَلَيهِمَا يَحرُمُ لِزَوَالِهِ.
وَيُغَسلَانِ كَغَيرِهِمَا مَعَ وَجُوبِ غُسْل عَلَيهِمَا، قَبْلَ مَوْت بِجَنَابَةٍ أَوْ حَيضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَكَذَا إسلَام خِلافًا لَهُ، وَشُرِط طَهُورِيةُ مَاء وَإِبَاحَتُهُ وَتَمْيِيزُ غَاسِلِ وَعَقْلُهُ وَنِيتُهُ وَإِسْلَامُهُ، غَيرُ نَائِبٍ عَنْ مُسْلِمٍ نَوَاهُ وَلَوْ جُنُبًا، أَوْ حَائِضًا أَوْ فَاسِقًا وَالأَفْضَلُ ثِقَةٌ عَارِفٌ بَأحْكَامِ غُسْلٍ، وَالأَوْلَى بِهِ وَصِيُّهُ الْحَر العَدْلُ.
وَيَتجِهُ: وَلَوْ مُمَيِّزًا.
فَأَبُوهُ وَإن عَلَا، فَابنُهُ وَإنْ نَزَلَ، ثم الأَقْرَبُ فَالأَقرَبُ مِنْ عِصَابَتِه نَسَبًا، فَعَمهُ ثُم ذَوُو أَرْحَامِهِ كَمِيرَاثِ الأَحْرَارِ فِي الْجَمِيعِ ثُم الأَجَانِبُ
فَيُقدَّمُ صَدِيقٌ فَأَدْيَنَ وبِأنثَى وَصِيَّتُهَا فَأُمهَا، وَإِنْ عَلَتْ فَبِنْتُهَا، وَإِنْ نَزَلَت فَبِنتُ ابنِهَا وإنْ نَزَلَ ثُم القربَى فَالقُربَى، كَمِيرَاثٍ، وَعَمةٌ وَخَالة أَوْ بِنْتَا أَخ وَأُخْت سَوَاءٌ، وَأَجْنَبِي وَأَجنبية أَوْلَى مِنْ زَوْجَة وَزَوْج، وَزَوجٌ وَزَوجَة أَولَى مِن سَيدٍ وَأُم وَلَدٍ وَلَو غَيرَ مَدْخُولٍ بِهَا، أَو مُطَلقَةً رَجْعِيًّا، وَانقَضَتْ عِدتُهَا عَقِبَ مَوْتِهِ بِوَضعٍ، وَلَمْ تَتَزَوج وَلِسَيد غَسْلُ أَمَتِهِ وَلَوْ غَيرَ (1) مُبَاحَةٍ لَهُ، كَمُزَوَّجَةٍ وَمُعتَدةِ مِنْ زَوْجٍ وَمُسْتَبْرَأَةٍ خِلَافًا لَهُ.
وَيَتَّجِه: لا مُشتَرَكَةٍ.
وَيُغَسلُ مُكَاتَبَتَهُ مُطلَقًا وَتُغَسلُهُ إنْ شَرَطَ وَطأَهَا وَلَيسَ لآثِمٍ بِقَتْلٍ حَقٌّ فِي غُسلٍ وَصَلَاةٍ وَدَفْنِ مَقْتُولٍ لَا خَطَأَ، خِلَافًا لَهُ وَلَيسَ لَرَجُل غُسْلُ ابنَةِ سَبْعٍ وَلَا لَهَا غُسلُ ابْنِ سَبْع وَلَهُمَا غُسْلُ مَنْ دُونَ ذَلِكَ وَلَوْ بِلَحظَة مَعَ حِلِّ نَظَرٍ وَمَس عَوْرَتِهِ وَحَرُم ذَلِكَ مِمنْ بَلَغَ سَبْعا وَلَو لِزَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَإنْ مَاتَ رَجُلٌ بَينَ نِسَاءٍ لَا يُبَاحُ لَهُن غُسْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ خُنثَى مُشْكِلٌ.
فصلٌ
وَإذَا أُخِذَ فِي غُسْلِهِ؛ وَجَبَ سَتْرُ مَا بَينَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ فِي غَيرِ مَنْ دُونَ سَبْعٍ، وَسُنَّ تَجْرِيدُهُ مِنْ ثِيَابِهِ إلَا النبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَسَتْرُهُ عَنْ الْعُيُونِ تَحْتَ سِترٍ أَو سَقفٍ، وَكُرِهَ حُضُورُ غَيرِ مُعَيَّنٍ فِي غُسلِهِ غَيرَ وَلي، وَتَغْطِيَةُ وَجهِهِ وَنَظَرُ بَقِيةِ بَدَنِهِ لَغَيرِ حَاجَةٍ، وَلَوْ غَاسِلًا، قَال ابْنُ عَقِيلٍ: لأَنَ جَمِيعَهُ صَارَ عَورَةً فَلِذَا شُرِعَ سَتْرُ جِمِيعِهِ انْتَهَى.
ثُمَّ يَرْفَعُ فِي أَولَ غُسْلِ رَأسِ غَيرِ حَامِلٍ إلَى قُرْبِ جُلُوسِهِ وَيَعْصِرُ
(1) زاد في (ب)"ولو أُم وَلَد، أَو غَير".
بَطْنَهُ بِرِفْقٍ وَيَكُونُ ثَم بَخُورٌ وَيُكْثِرُ صَبُّ مَاءٍ حِينَئِذٍ ثم يَلُف عَلَى يَدِهِ خِرقَةً خَشِنَةً فَيُنْجِيهِ بِهَا، وَالأَولَى لِكُل فَرجٍ خِرْقَةٌ وَيَجِبُ غُسلُ نَجَاسَة بِهِ وَأَنْ لَا يَمسَّ عَورَةَ مَنْ بَلَغَ سَبْعًا وَإِن مَحرَما، وَسُنَّ أَنْ لَا يُمسَّ سائِرُهُ إلا بِخِرْقَةٍ ثم يَنْوي غُسلَهُ وَيُسَمِّي، وَسُنَّ أَنْ يُدْخِلَ إبْهَامَهُ وَسَبابَتَهُ، عَلَيهِمَا خِرقَةٌ مَبلُولَةٌ بِمَاءٍ بَينَ شَفَتَيهِ فَيَمسَحُ أَسْنَانَهُ، وَفِي مَنْخِرَيهِ فَيُنَظِّفُهُمَا ثُم يُوَضَّئْهُ وَلَا يُدخِلُ مَاءً فِي أَنْفِهِ وَفَمِهِ ثُم يُضْرَبُ نَدْبًا نَحْوَ سِدرٍ فَيُغسَلُ بِرَغوَتِهِ رَأْسُهُ وَلِحيَتُهُ فَقَط، فِي كُلِّ غَسْلَةِ، ثُم يُغْسَلُ بِمَاءٍ بَارِدٍ، فَيُكرَهُ حَارٌّ (1) يُبدَأ بِشِقهِ الأَيمَنَ يَنتَقِلُ مَنْ رَأسِهِ لِرِجْلِهِ ثُم الأَيسَرَ كَذَلِكَ ثُم يُفيِضُ الْمَاءَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ وَيُثَلِّثُ ذَلِكَ نَدْبًا فَيُكْرَهُ اقْتِصَارٌ فِي غُسلٍ عَلَى مَرةٍ، وَلَا يُعَادُ وُضُوءٌ لِكُل مَرةٍ يُمِرُّ فِي كُل مَرَّةٍ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ وَلَا يَجِبُ فِعلُ ذَلِكَ، فَلَو تُرِكَ تَحتَ نَحو مِيزَابٍ، وَحَضَرَ أَهْلٌ لِغُسلِهِ وَنَوَى وَمَضَى زَمَن يُمكِنُ غُسْلُهُ فِيهِ كَفَى فَإِنْ لَم يُنَقَّ بِثَلَاث زَادَ إلَى سَبعٍ، فَإِنْ لَم يُنَقَّ فَالأَوْلَى غَسلُهُ حَتى يُنَقَّى مِنْ غَيرِ إعَادَةِ وُضُوءٍ وَإنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيءٌ بَعدَ الثلَاثِ؛ أُعِيدَ وُضُوءُهُ وَوَجَبَ غُسْلُهُ كُلمَا خَرَجَ إلَى سَبعٍ.
ويتَّجِهُ احتِمَالٌ: وَلَو خَرَجَ مِنْ غَيرِ سَبِيلٍ نَاقِضٌ لِوُضُوء (2).
فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَهَا حُشِيَ بِقُطنٍ فَإِنْ لَمْ يَستَمْسِكَ فَبِطِينٍ حَرٍّ، ثُم يَغسِلُ الْمَحَلَّ وَيُوَضَّأُ وُجُوبًا وَلَا غُسْلَ، وَإِنْ خِيفَ خُرُوجُ شيءٍ مِنْ مَنَافِذِ وَجْهِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُحْشَى بِقُطْنٍ، وَإِنْ خَرَجَ شيءٌ بَعْدَ تَكْفِينِهِ
(1) في (ب): "حاره".
(2)
قوله: "ناقص لوضوء" سقطت من (ج).
وَلَفِّه؛ لَمْ يُعَدْ وَضُوء وَلَا غُسْلٌ مُطْلَقًا، وَسُنَّ قَطْع عَلَى وتْرٍ وَجَعْلُ كَافُورٍ وَسِدرٍ فِي غَسلَةٍ أَخِيَرَةٍ، وَخِضَابُ لِحيَةِ رَجُلٍ وَرَأْسِ امْرَأَةٍ بِحِناءٍ وَقَصُّ شَارِبِ غَيرِ مُحرِمٍ، وَتَقْلِيمُ أَظْفَارِهِ إنْ طَالا وَأَخْذُ شَعْرِ إبِطَيهِ وَجَعَلَهُ مَعَهُ نَدْبًا كَعُضْوٍ أَصلِيٍّ سَقَطَ منه، وَحَرُمَ حَلْقُ رَأسٍ وَأَخْذُ عَانَةٍ كَخَتْنٍ، وَكُرِهَ مَاءٌ حَارٌّ وَ (1) خِلَال وَإشْنَان إنْ لَمْ يَحتَجُ إلَيهِ وَتَسْرِيحُ شَعره.
وَسُن أَنْ يُظَفرَ، شَعْرُ أُنْثَى ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَسَدْلُهُ وَرَاءَهَا وَتَنْشِيفٌ، وَقِيلَ لأَحمدَ: العَرُوسُ تَمُوتُ فَتُجْلَى، فَأَنكَرَهُ شَدِيدًا. وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ في حَمامٍ وَمُخَاطَبَةِ غَاسِلٍ لَهُ حَال غُسلِهِ بِنَحْو: انقَلِبْ يَرْحَمُكَ اللهُ وَمُحرِمٌ مَيت كَحَي يُغَسلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ لَا طِيبَ فِيهِ وَلَا يَلْبَسُ ذَكَرٌ الْمِخْيَطَ وَلَا يُغَطَّى رَأسهُ وَلَا وَجْهُ أنْثَى وَلَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ بِهِ وَلَا تُمْنَعُ مُعتَدةٌ مِنْ طِيبٍ وَتُزَالُ اللصُوقُ لِلغسلِ الوَاجِبِ وَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ شَيءٌ بُقِيَتْ وَمُسِحَ عَلَيهَا، وَيُزَالُ نَحْوُ خَاتَمٍ وَلَوْ بِبَرْدِهِ لَا (2) أَنْف مِنْ ذَهَبٍ وَيُحَطُّ ثَمَنُهُ، إنْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ عُدِمَتْ أُخِذَ إذَا بُلِيَ مَيت.
فَرعٌ: فَرضُ الكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ وَاحِدٌ سَقَطَ فَإِنْ فَعَلَهُ جَمْعٌ مَعًا؛ كَانَ كُلُّهُ فَرْضًا وَذَكَرَهُ ابنُ عَقِيلٍ مَحَلَّ وفَاقٍ وَفِي فِعلِ بَعْضٍ بَعْدَ بَعْضٍ وَجهَانِ.
(1) قوله: "ماء حار" سقطت من (ج).
(2)
في (ب): "إلا أنف".
فصلٌ
الشهِيدُ يَجِبُ بقَاءُ (1) دَمِهِ عَلَيهِ فَإِنْ خَالطَتْهُ نَجَاسَةٌ؛ غُسِلَ مَعَهَا وَدَفنُهُ بِثِيَابِهِ التِي قُتِلَ فِيهَا وَلَو حَرِيرًا.
وَيَتَّجِهُ: إنْ كَانَ لُبِسَ فِي حَالٍ يُبَاحُ (2). بَعدَ نَزْعِ لأمَةِ حَرْبٍ، وَنَحو فَروٍ وَخفٍّ.
وَيتَّجِهُ: وُجُوبًا.
وَلَا يُزَادُ فِي ثِيَابِهِ وَلَا يُنقَصُ وَلَو لَم يَحصُلُ المسنُونُ فَإِنْ كَانَ قَدْ سُلِبَها دُفِنَ بِغَيرِهَا.
وَيَتَّجِهُ: نَدبًا، وَسَترُ عَورَتِهِ وُجُوبًا.
وَإِنْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ دَابةٍ لَا بِفِعلِ عَدُوٍّ أَوْ مَاتَ بِرَفْسَةٍ أَوْ حَتْفَ أَنفِهِ أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا، وَلَا أَثَرَ بِهِ أَو عَادَ سِلَاحُهُ عَليهِ أَوْ حُمِلَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَو نَامَ أَو بَال أَوْ تَكَلمَ أَوْ عَطَسَ أَو طَال بَقَاؤُهُ عُرْفا؛ فَكَغَيرِهِ، مِنْ وُجُوبِ غُسْلٍ وَتَكْفِينٍ وَصَلاةٍ كَشَهِيدٍ مَطعُونٍ وَمَبْطُون وَغَرِيقٍ وَشَرِيقٍ وَحَرِيقٍ وَصَاحِبِ هَدمٍ وَذَاتِ الْجَنبِ وَالسُّلِّ وَاللقوَةِ وَصَابِرٍ بِطَاعُون، وَمُتَرَدٍّ من شَاهِقٍ وَدَابةٍ، وَمَيتٍ بِسَبِيلِ اللهِ وَمُرَابِطٍ وَطَالِبِ شَهَادَةِ بِصِدقِ نِيةٍ، وَمَجْنُونٍ وَنُفَسَاءَ وَلَدِيغٍ وَفَرِيسِ سَبُعٍ، (3) وَمِنْ أَغْرَبِهَا مَوْتُ غَرِيبٍ
(1) في (ج): "بقاء".
(2)
في (ج): "مباح".
(3)
زاد في (ب): "ويتجه: وطالب علم. ومن بات على طهارة ثم مات من ليلته مات شهيدًا =
وَأغْرَبُ مِنْهُ عَاشِقٌ عَفَّ وَكَتَمَ (1).
وَيَتجِهُ: لَا عَن مَعشُوقِهِ.
وَسَقطٌ لأَرْبَعَةِ أَشهُرٍ كَمَولُودٍ حَيًّا لَا قَبْلَهَا وَلَوْ بَانَ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ (2) وَسُنَّ تَسْمِيَتُهُ وَإِن لِدُونِ ذِلَكَ وَمَعَ جَهلِ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ يُسَمى بِصَالِحٍ لَهُمَا: كَطَلحَةَ وَهِبَةُ اللهِ.
وَسِقْطٌ مِنْ كَافِرَينِ حُكِمَ بِإِسْلَإمِهِ كَمُسْلِمٍ، وَعَلَى غَاسِلٍ ستْرُ شَرٍّ، كَطَبِيبٍ فِي ستْرِ عَيبٍ، وَسُنَّ إظْهَارُ خَيرٍ قَال جَمع مُحَقِّقُونَ: إلا عَلَى مَشهورٍ بِبِدْعَةٍ أَوْ فُجُورٍ وَنَحوهِ، فَيُسَنُّ إظهَارُ شَرِّهِ وَستْرُ خَيرِهِ وَنَرْجُو لِلمحسِنِ، وَنَخَافُ عَلَى المسِيءِ (3) وَلَا نَشهَدُ إلا لِمَنْ شَهِدَ لَهُ النبِي صلى الله عليه وسلم، قَال الشيخُ أَوْ تَتَّفِقُ الأُمةُ عَلَى الثنَاءِ أَو الإِسَاءَةِ عَلَيهِ.
فرع: يَحرُمُ سُوءُ ظَن بِمسلِمٍ ظَاهِرِ العَدَالةِ، ويستحَبُّ ظَن الْخَيرِ بِالأخ الْمسلِمِ وَحُسنُ الظن بِأَهلِ الدينِ حَسَنٌ، وَلَا حَرَجَ بِظَن السوءِ لِمَنْ ظَاهِرُهُ الشر.
فصل
مَنْ يُغَسَّلُ تَكفِينُهُ فَرضُ كِفَايَةِ وَيَجِبُ لِحَقِّهِ وَحَقِّ اللهِ تَعَالى مِنْ رَأس مَالِهِ، ثَوبٌ لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ فَلَا تَصِحُ وَصِية بِدُونِهِ مِنْ مَلْبُوسٍ مِثْلَهُ فِي جُمُعَةٍ وَعِيدٍ مَا لَم يُوصِ بِدُونهِ، وَيُكْرَهُ أَعْلَى.
= وفي الحديث: "من قتل دون ماله أو نفسه أو عرضه أو مظلمته أو دمه أو جاره أو أمر بمعروف أو نهي "عن منكر" أي "فقتل بسبب ذلك".
(1)
في (ب): "عاشق كتم".
(2)
قوله: "لا قبلها ولو بان فيه خلق إنسان" سقطت من (ج).
(3)
قوله: "ونرجو للمحسن، ونخاف على المسيء" سقطت من (ج).
وَيَتَّجِهُ: إن كَانَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَأنهُ لَوَرَثَةِ غَيرُ مُكَلَفٍ حَرٌّ (1).
وَلَا تَصح وَصيةٌ بِهِ وَتَجِبُ مُؤنَةُ تَجهِيزِهِ بِمَعْرُوفٍ لَا حَنُوطٌ وَطِيبٌ بَلْ يُسَن، وَلَا بَأسَ بِمسكٍ فِيهِ وَمَنْ أَخْرَجَ فَوْقَ عَادَةِ مِنْ طِيبٍ وَحَوائِجَ، وَفَوْقَ أُجْرَةِ حَمَّالٍ وَحَفَّارٍ، أَوْ أَعطَى قِارِئًا بَينَ يَدَي جَنَازَة، فَمُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ تَرِكَةٍ فَمِنْ نَصِيِبِهِ، وَيُقَدمُ مَا وَجَبَ عَلَى دَينٍ بِرَهْنٍ وَأَرشِ جنَايَةٍ وَإِرثٍ وَنَحو كَفارَةٍ فَإِنْ عُدِمَ مَالُهُ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِقَدْرِهَا إلا الزَّوْجُ، فَلَا شَيءَ عَلَيهِ، ثُم مِنْ بَيتِ مَالِ ثُم عَلَى مُسْلِمٍ عَالِمٍ بِهِ وَإنْ تَبَرَّعَ بِهِ بَعْضُ وَرَثَةٍ لَم يَلْزَم بَقِيَّتَهُمْ قَبُولُهُ، لَكِنْ لَيسَ لَهُمْ سَلَبُهُ مِنْهُ بَعْدَ دَفْنِهِ، وَمَنْ نُبِش وَسُرِقَ كَفَنُهُ؛ كُفِّنَ مِنْ تَرِكَتِهِ ثَانِيا وَثَالِثا فَقَطْ، وَلَوْ قُسِّمَت مَا لَم تُصْرَف فِي دَينٍ أَوْ وَصِيةٍ فَيُتْرَكُ بِحَالِهِ حَيثُ لَا مُتَبَرِّعَ وَإِنْ أُكِلَ أَو بَلِيَ وَبَقِيَ كَفَنُهُ فَمَا مِنْ مَالِهِ تِركَةٌ وَمَا تَبَرَّع بِهِ فَلِمُتَبَرِّعِ وَما فَضَلَ مِما جِيءَ فَلِرَبِّهِ، فَإِنْ جُهِلَ فَفِي كَفَنٍ آخَرَ فَإِن تَعَذَّرَ تَصَدقَ بِهِ وَلَا يُجْبَى كَفَنٌ، لِعَدَمٍ إنْ سُتِرَ بِحَشِيشٍ وَنَحْوهِ، فَمَنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتُرُ جَمِيَعُهُ؛ سَتَرَ عَوْرَتَهُ ثُم رَأسُهُ وَجُعِلَ عَلَى بَاقِيهِ حَشِيشٌ أَوْ وَرَقُ وَإِنْ وُجِدَ ثَوْبٌ فَقَط وَمَوْتَى؛ جُمِعَ فِيهِ مِنْهُمْ مَا يُمْكِنُ جَمْعُهُ وَكُرِهَ رَقِيقٌ يَحْكِي الْهَيئَةَ وَمِنْ شَعْرٍ وَصُوفٍ وَمُزَعْفَرٌ وَمُعَصْفَرٌ وَمَنْقُوشٌ وَلَوْ لأُنْثَى وَحَرُمَ بِجِلْدٍ وَكَذَا بِحَرِيرٍ وَمُذَهبٍ وَلَوْ لأُنْثَى بِلَا ضَرُورَةٍ.
وَسُنَّ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بَيضٍ، وَمِنْ قُطْنٍ وَجَدِيدِ أَفْضَلُ، وَكُرِهَ فِي أَكْثَرَ وَتَعْمِيمُهُ تُبْسَطُ عَلَى بَعْضِهَا بَعْدَ تَبْخِيرِهَا وَتُجْعَلُ الظاهِرَةُ أحْسنُهَا كَعَادَةِ حِيٍّ وَالْحَنُوطُ، وَهُوَ: أَخْلَاطٌ مِنْ طِيبٍ فِيمَا بَينَهَا
(1) قوله: "وأنه لورثة غير مكلف حر" سقطت من (ج).
ثُم يُوضَعُ عَلَيهَا مستلقِيًا وَيَحُطُّ مِنْ قُطنِ مُحَنطِ بَينَ أَليَتَيهِ وَيُشَد فَوْقَهُ خِرْقَةٌ مَشُقُوقَةُ الطرَفِ كَالتُّبَّانِ تَجمَعُ أَلْيَتَيهِ وَمَثَانَتَهُ وَيُجْعَلُ الْبَاقِي عَلَى منافذِ وَجهِهِ وَمَوَاضِعِ سُجُودِهِ وَرَأسِهِ وَلِحيَتَهِ، وَإِنْ طُيبَ كُلهُ فَحَسَنٌ، وَكُرِهَ دَاخِلَ عَينَيهِ كَبِوَرْسٍ وَزَغفَرَانٍ وَطَليُهُ بِمَا يُمْسِكُهُ كَصَبِرٍ مَا لَمْ يُنْقَلْ ثُم يُرَد طَرَفُ الْعُلْيَا مِنْ الْجَانِبِ الأَيسَرِ عَلَى شِقٍّ أَيمَنَ، ثُم طَرَفُهَا الأَيمَنُ عَلَى الأَيسَرِ ثُم ثَانِيَةٌ ثُم ثَالِثَةٌ كَذَلِكَ.
وَيُجْعَلُ أَكْثَرُ فَاضِلِ مِما عَندَ رَأْسِهِ ثُم يَعْقِدُهَا إنْ خَيفَ انْتِشَارٌ، وَتُحَلُّ بِقَبْرٍ، وَكُرِهَ تَخْرِيقُهَا وَلَو خَيفَ نَبشٌ، خِلَافًا لأَبِي المعالي لَا تَكْفِينَهُ فِي قَمِيصٍ وَمِئْزَرٍ وَلِفَافَةٍ، وَيُجعَلُ نَدْبًا مِئْزَرٌ مِما يَلِي جَسَدَهُ وَلَا يُزَرُّ قَمِيصٌ وَلِفَافَةٌ فَوقَهُ، وَسُنَّ لأُنثَى وَخُنثى خَمْسَةُ أَثْوَاب بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ إزَارٍ وَخِمَارٍ وَقَمِيصٍ وَلِفَافَتَينِ وَلَا بَأْسَ بِنَقَابٍ، وَلِصبِيٍّ ثَوْبٌ، ويبَاحُ فِي ثَلَاثَةٍ مَا لَمْ يَرِثْهُ غَيرُ مكَلَّفٍ، وَسُنَّ تَغْطِيَةُ نَعْشٍ، وَكُرِهَ بِغَيرِ أَبيَضَ، وَيُسْتَحَبُّ إنْ كَانَ امْرَأَةَ أَنْ يُسْتَرَ بِمِكَبَّةٍ تُعمَلُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ جَرِيدٍ أَو قَصَبٍ مِثْلَ قَبَّةٍ فَوْقَهَا ثَوْبٌ وَيُوضَعُ مَيِّتٌ عَلَى نَعْشِ مُسْتَلقِيًا.
فرْعٌ: لَا بَأسَ بِاسْتِعْدَادِ كَفَنٍ لِحَيٍّ أَوْ عِبَادَةٍ فِيهِ قِيلَ لأَحْمَدَ: يُصَلِّي فِيهِ ثُم يَغْسِلُهُ وَيَضعُهُ لِكَفَنِهِ فَرَآهُ حسَنًا.
وَأَفْتَى ابنُ الصلَاحِ مِنْ الشَّافِعِيةِ بِتَحْرِيمِ كَتَابَةِ قُرْآنٍ عَلَى كَفَنٍ خَوْفَ تَنْجِيسٍ، وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ، وَحَيٌّ مُضْطَرٌّ لِكَفَنِ مَيتٍ مِنْ نَحْو بَرْدٍ أَحَق بِهِ بثَمِنِهِ (1)، قَال الْمَجْدُ وَغَيرُهُ إنْ خَشِيَ التَّلَفَ وَلِحَاجَةِ صَلَاةٍ فَالْمَيتُ أَحق بِكَفَنِهِ.
(1) قوله: "بثمنه" سقطت من (ج).
فصلٌ
وَالصلاةُ عَلَى مَنْ قُلنَا، يُغَسلُ أَو يُيَمَّمُ، فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَتُكْرَهُ عَلَى شَهِيدٍ وَتَسقُطُ بِمُكَلَّفٍ، وَلَو أُنْثَى ويقَدَّمُ مِنْهُن مَنْ يُقَدمُ مِنْ رِجَالٍ، وَتَقِفُ فِي وَسَطِهِنَّ، كَمَكْتُوبَةٍ، وَتُسَنُّ جَمَاعَة إلا علَى النبِي صلى الله عليه وسلم فَلَا، تَعظِيمًا لَهُ وَاحتِرَامًا وَأَن لَا تَنقُصَ الصفُوفُ عَنْ ثِلَاثَةٍ وَلَا تَصِح لِفَذٍّ.
وَيَتَّجِهُ: فَإِنْ كَبرَ وَاحِدَةً فَفَذُّ (1).
وَلَا يُطَافُ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلَّى عَلَيهَا، بَل هِيَ كَإِمَامٍ يُقْصَدُ وَلَا يَقْصِدُ، وَالأَولَى بِهَا وَصِيُّهُ العَدلُ وَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِهَا لاثنَينِ.
وَيَتَّجِهُ: وَيُقَدمُ أفضَلُ وَيَقتَرِعَانِ مَعَ تَسَاوٍ.
فَسَيِّدٌ بِرَقِيقِهِ فَالسلطَانُ فنَائِبُهُ الأَمِيرُ فَالْحَاكِمُ، فَالأَوْلَى بِغُسْلِ رَجُلٍ فَزَوجٌ بَعدَ ذَوي الأَرحَامِ ثُم مَعَ تَسَاوٍ الأَولَى بِإِمَامَةٍ ثُم يُقْرَعُ، وَتُكْرَهُ إمَامَةُ غَيرِ الأَوْلَى بِلَا إذنِهِ مَعَ حُضُورِهِ وَيَسقُطُ بهِ فَرض، وَحُكْمُ تَقْدِيمٍ فَإِن صَلَّى خَلْفَهُ صَارَ إذْنًا وَإلا فَلَهُ أَنْ يُعِيدَهَا لأنهُ حَقُّهُ، وَمَنْ قَدمَهُ وَليٌّ لَا وَصِيٌّ بِمَنزِلَتِهِ، وَتُبَاحُ بِمسجدٍ مَعَ أَمنِ تَلويثٍ، وَسُنَّ قِيَامُ إمَام وَمُنْفَرِدٍ عَند صَدْرِ رَجُلٍ وَوَسَطِ امْرَأَةٍ وَبَينَ ذَلِكَ مِنْ خُنثَى، وَأن يَلِيَ إمَاما مِنْ كُلِّ نَوعٍ أَفضَلُ فَأسُنُّ فَأَسبَقُ ثُم يُقرَع وَجَمعُهُم بِصَلَاةٍ أَفْضلُ، وَيُقَدمُ مِنْ أَوليَائِهِم أَولَاهُمْ بِإِمَامَةٍ وَلَولي كُلٍّ أن يَنفَرِدَ بِالصلَاةِ عَلَيهِ، وَيُجعَلُ وَسَطُ
(1) الاتجاه سقط من (ج).
أُنْثَى حِذَاءَ صَدْرِ رَجُلٍ، وَخُنْثَى بَينَهُمَا وَيُسَوَّى بِينَ رُءُوسِ كُلِّ نَوْعٍ (1) وَلَا يَجِبُ أَنْ يُسَامِتَ الإِمَامُ الْمَيِّتَ فَإِنْ لَمْ يُسَامِتْهُ كُرِهَ، وَالأَوْلَى مَعْرِفَةُ ذُكُورِيَّةِ مَيِّتٍ وَأُنُوَثيته وَاسْمُهُ وَتَسْمِيَتُهُ فِي دُعَائِهِ، وَلَا بَأْسَ بِإشَارَةٍ إلَيهِ حَال دُعَاءٍ، وَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتِهِ عَينِ مَيِّتٍ فَيَنْوي الْحَاضِرَ وَإِنْ نَوَى أَحَدَ الْمَوْتَى اعْتُبِرَ تَعْيِينُهُ فَإِنْ بَانَ غَيرَهُ، لَمْ يَصِحَّ جَزَمَ بِهِ أَبوُ الْمَعَالى وَقال: إنْ نَوَى عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فَبَانَ امْرَأَة أَو عَكَسَ فَالْقِيَاسُ الإِجْزَاءُ.
وَيَتَّجِهُ: لَوْ ظَنَّهُم سَبْعًا فَبَانُوا تِسْعًا؛ لَا وَعَكْسُهُ نَعَمْ.
ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا يَرْفَعُ يَدَيهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ يُحْرِمُ بِالأُولى وَلَا يَسْتَفْتِحُ وَيَتَعَوَّذُ وَيُسَمِّي وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ سِرًّا، وَلَوْ لَيلًا وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِثَانِيَةٍ كَفِي تَشهُّدٍ وَيَدْعُوَ بِثَالِثَةٍ، وَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا فَيُجْزِئُ بَعْدَ رَابِعَةٍ وَيَدْعُو بِأَحْسَنِ مَا يَحْضُرُهُ، وَسُنَّ بِمَا وَرَدَ وَمِنهُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا إنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا وَمَثْوَانَا وأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيهِمَا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَأوْسِعْ مَدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهِ دَارًا خَيرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجًا خَيرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ، اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَزَلَ بِكَ وأَنْتَ خَيرُ مَنْزُولٍ بِهِ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فجَازِهِ بِإِحْسَانِهِ، وَإنْ كَانِ مُسِيئًا
(1) قوله: "ويسوي بين رؤوس كل نوع" سقطت من (ج).
فَتَجَاوَزْ عَنْهُ" وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَاسْتَمَرَّ قَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخرًا لِوَالِدَيهِ وَفَرَطًا وَأَجْرًا وَشَفِيعًا مُجَابًا، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمُ بِهِ أُجُورَهُمَا، وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالةِ إبْرَاهِيمَ، وَقِهِ بِرْحْمَتِكَ عَذَابَ الْجَحِيمِ"، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إسْلامَ وَالدَيهِ دَعَا لِمَوَالِيهِ، وَيُؤَنَّثُ الضَّمِيرُ عَلَى أُنْثَى، وَلَا يَقُولُ: "وَأَبْدِلْهَا زَوجًا خَيرًا مِنْ زَوْجِهَا" ويشِيرُ بِمَا يَصْلُحُ لَهُمَا عَلَى خُنْثَى.
وَيَقِفُ بَعْدَ رَابَعَةٍ قَلِيلًا، وَلَا يَدْعُوَ حَيثُ دَعَا أَوَّلًا وَيُسَلِّمُ بِلَا تَشَهُّدٍ وَاحِدَةٍ عَنْ يَمِينِه، وَيَجُوزُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَثَانِيَةً، وَسُنَّ وقُوفُهُ حَتَّى تُرْفَعُ.
وَأَرْكَانُهَا: قِيَامُ قَادِرٍ فِي فَرْضِهَا وَتَكْبِيَراتٌ أَرْبَعٌ فَإِنْ تَرَكَ غَيرُ مَسْبُوقٍ تَكْبِيرَةً عَمْدًا؛ بَطَلَتْ وَسَهْوًا يُكَبِّرُهَا مَا لَمْ يُطِلْ فَصْلٌ، فَإِنْ طَال أَوْ وَجَدَ مُنَافٍ اسْتَأْنَفَ وَقَرَاءَةُ فَاتِحَةٍ عَلَى غَيرِ مَأمُومٍ وَصَّلَاةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وأَدْنَى دُعَاءٍ للِمَيِّتِ.
وَيَتَّجِهُ: يَخُصَّهُ بِهِ. بِنَحْو (1).
اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَسَلامٌ، وَترْتِيبٌ لِكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ دُعَاءٌ بِثَالِثَةٍ لِجَوَازِهِ بَعْدَ رَابِعَةٍ.
وَشُرُوطُهَا: إسْلَامٌ وَطَهَارَةٌ وَسَتْرُ عَوْرَةِ مُصَلٍّ عَلَيهِ مَعَ قُدْرَةٍ، وَنِيَّةٌ وَتَكْلِيفُ مُصَلٍّ، وَاجْتِنَابُهُ النَّجَاسَةَ، وَاسْتِقْبَالُهُ الْقِبْلَةَ، وَحُضُورُ مَيِّتٍ بَينَ يَدَيهِ، فَلَا تَصحُّ عَلَى جَنَازَةٍ مَحْمُولَةٍ وَلَا مَنْ وَرَاءِ حَائِلٍ قَبْلَ دَفْنٍ كَحَائِطٍ، ولَا عَلَى مَنْ فِي تَابُوتٍ مُغَطًّى.
(1) الاتجاه سقط من (ج).
وَقَال: ابنُ حَامِدٍ: يَصِحُّ كَالْمُكِبَّةِ وَيُصَلَّى (1) عَلَى غَائِبٍ عَنْ بَلَدِ وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ فِي غَيرِ قِبْلَتِهِ (2)، وَلا عَلَى غَرِيقٍ وَنَحْوهِ، فَيُصَلِّي عَلَيهِ إلَى شَهْرِ بِالنِّيَّةِ وَالأَوْلَى أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ ويتَابَعُ إمَامٌ زَادَ إلَى سَبْعِ فَقَطْ مَا لَمْ تُظَنَّ بدْعَتُهُ أَوْ رَفْضُهُ، فَلَا يُتَابَعَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَبَّحَ بِهِ بَعْدَ سَابَعَةٍ وَلَا يَدْعُو مَأمُومٌ فِي مُتَابَعَةٍ بَعْدَ رَابَعَةٍ.
وَلَا تَبْطُلُ بِمُجَاوَزَةِ سَبْعِ عَمْدًا، وَتَحْرُمُ كَسَلَام قَبْلَهُ وَإِنْ جَاوَزَ سَبْعًا وَيُخَيَّرُ مَسْبُوقٌ بَينَ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ، وَسَلَامِ مَعَهُ وَلَوْ كَبَّرَ فَجِيءَ بِأُخْرَى كَبَّرَ ثَانِيَةً وَنَوَاهُمَا فَإِنْ جِيءَ بِثَالِثَةٍ كَبَّرَ ثَالِثَة وَنَوَى الْجَنَائِزَ الثَّلَاثَ، فَإِنْ جِيءَ بَرَابِعَةٍ كَبَّرَ رَابَعَةً وَنَوَى الْكُلَّ، فَيَصِيرُ مُكَبِّرًا عَلَى الأُولَى أَرْبَعًا وَعَلَى الثَّانِيَةٍ ثَلَاثًا وَعَلَى ثَالِثَةٍ ثِنْتَينِ، وَعَلَى الرَّابِعَةِ وَاحِدَةً، فَيَأْتِي بِثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ أُخَرَ فَيُتِمُّ سَبْعًا يَقْرَأُ فِي خَامِسَةٍ، وَيُصلِّي بسَادِسَةٍ، وَيدْعُو بِسَابِعَةٍ فَيَصِيرُ مُكَبِّرًا عَلى الأُولَى سَبْعًا، وَثَانِيَةٍ سِتًّا، وَثَالِثَةٍ خَمْسًا، وَرَابَعَةٍ أَرْبَعًا، فَإِنْ جِيءَ بِخَامِسَةٍ لَمْ يَنْوهَا، بَلْ يُصَلِّي عَلَيهَا بَعْدَ سَلَامِهِ وَكَذَا لَوْ جِيءَ بِثَانِيَةٍ عَقِبَ تَكْبِيرَةٍ رَابِعَةٍ لأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ السَّبْعِ أَرْبَعٌ.
وَيَقْضِي مَسْبُوقٌ نَدْبًا مَا فَاتَهُ عَلَى صَفِتِهِ وَإِنْ بَعْدَ رَابِعَةٍ فَإِنْ أدْرَكَهُ بِدُعَاءٍ تَابَعَهُ فِيهِ فَإِذَا سَلَّمَ إمَامٌ كَبَّرَ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ كَبَّرَ وَصَلَّى ثُمَّ كَبَّرَ وَسَلَّمَ فَإِنْ خَشِيَ رَفْعَهَا تَابَعَ التَّكْبِيرَ رُفِعَتْ أَوْ لَا وَإِن سَلَّمَ وَلَمْ يَقْضِ صَحَّتْ، وَلَا تُوضَعُ لِصَلَاةِ أَحَدٍ بَعْدَ رَفْعِهَا.
(1) قوله: "وقال: ابن حامد: يصح كالمكبة ويصلي" سقطت من (ج).
(2)
في (ج): "قبله".
فَصْلٌ
وَكُرِهَ لِمَنْ صَلَّى إعَادَتُهَا إلا إذَا صُلِّيَ عَلَيهَا بِلَا إذْنِ الأَوْلَى بِهَا مَعَ حُضُورِهِ فَتُعَادُ تَبَعًا، وَتُسَنُّ إعَادَتُهَا لَمَنْ صُلِّيَ عَلَيهِ غَائِبًا ثُمَّ حَضَرَ وَعَلَى بَعْضِ مَيِّتٍ صُلِّيَ عَلَى جُمْلَتِهِ دُونَهُ وَلِمَنْ فَاتَتْهُ وَلَوْ جَمَاعَة قَبْلَ دَفْنٍ وَبَعْدَهُ، فَيُصَلِّي عَلَيهِ بِقَبْرِهِ بَينَ يَدَيهِ إلَى شَهْرٍ مِنْ دَفْنِهِ، لَا مَوْتِهِ (1) وَزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ كَيَوْمَينِ وَيَحْرُمُ بَعْدَهَا وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ مَيِّتٍ تَحْقِيقًا لَمْ يُصَلَّ عَلَيهِ غَيرُ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ، فَكَكُلِّهِ مِنْ وُجُوبِ غُسْلٍ وَتَكْفِينٍ وَصَلَاةٍ وَيَنْوي بِهَا ذَلِكَ الْبَعْضِ فَقَطْ وَكَذَا إنْ وُجِدَ الْبَاقِي وَيُدْفَنُ بِجَنْبِهِ وَإنْ كَانَ قَدْ صُلِّيَ عَلَى جُمْلَتِهِ وَجَبَ غُسْلٌ وَتَكْفِينٌ.
وَسُنَّ صَلَاةٌ وَتَقَدَّمَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى بَعْضِ حَيٍّ فِي وَقْتٍ لَوْ وُجِدَتْ فِيهِ الْجُمْلَةُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيهَا وَلَا عَلَى مَأكُولٍ بِبَطْنِ آكِلٍ وَمُسْتَحِيلٍ بِنَحْو إحْرَاقٍ وَلَا يُسَنُّ لِلإِمَامِ الأَعْظَمِ، وَإمَامِ كُلِّ قَرْيَةٍ، وَهُوَ وَالِيهَا فِي الْقَضَاءِ الصَّلَاةُ عَلَى غَالٍّ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ عَمْدًا وَإِنْ صَلَّى عَلَيهِما فَلَا بَأْسَ وَيُصلَّى عَلَى كُلِّ عَاصٍ؛ كَسَارِقٍ وَشَارِبِ خَمْرٍ وَعَلَى مَدِينٍ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً وَإِنْ اختَلَطَ أَوْ اشْتَبَهَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيهِ بَغَيرِهِ صُلِّيَ عَلَى الْجَمِيعِ، يَنْوي مَنْ يُصَلِّي عَلَيهِ وَغُسِّلُوا وَكُفنُوا وَإنْ أَمْكَنَ عَزْلُهُمْ عُزِلُوْا.
وَيَتَّجِه: مُتَفَرِّقِيِنَ (2) وَإِلَّا فَمَعَنَا.
(1) قوله: "لا موته" سقطت من (ج).
(2)
الاتجاه سقط من (ج).
فَرْعٌ: لِمُصَلٍّ عَلَى جَنَازَةٍ قِيرَاطُ أَجْرٍ، وَهُوَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالى وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهَا آخَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تُدْفَنَ، وَفِي الْحَدِيثِ:"وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَال: مِثْلُ الْجَبَلَينِ الْعَظِيمَين" وَفِي مُسْلِمٍ: "أَصْغَرهُمَا مِثلُ أُحُدٍ".
قَال الشَّيخُ: وَلَا يُصَلَّى كُلَّ يَوْمٍ عَلَى غَائِبٍ؛ لأَنهُ لَمْ يُنْقَلْ.
فَصْلٌ
وَحَمْلُهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَسُنَّ تَرْبِيعٌ فِيهِ بِحَمْلِ أَرْبَعَةٍ بِأَنْ يَضَعَ قَائِمَةَ نَعْشٍ يُسْرَى مُقَدمَّةً عَلَى كَتِفٍ يُمْنَى، ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِمُؤَخِّرَةٍ ثُمَّ يُمْنَى مُقَدَّمَةٍ عَلَى كتفٍ يُسْرَى، ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِمُؤَخرَةٍ، وَكَرِهَ الآجُرِّيُّ وَغَيرُهُ التَّرْبِيعَ مَعَ زِحَامٍ، وَلَا يُكرَهُ حَمْلٌ بَينَ الْعَمُودَينِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى عَاتقٍ وَالْجَمْعُ بَينَهُمَا أَوْلَى وَلَا بِأَعْمِدَةٍ لَحَاجَةٍ وَلَا عَلَى دَابَّةٍ لِغَرَضٍ صَحِيح وَلَا حَمْلَ طِفْل عَلَى يَدَيهِ، وَسُنَّ مَعَ تَعَدُّدِ جَنَائِزَ تَقْدِيمُ أَفْضَلِهَا أَمَامًا بِمَسِيرٍ وَإسْرَاعٌ بِهَا (1) دُونَ الْخَبَبِ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيهِ مِنْهُ، وَكَوْنُ مَاشٍ أَمَامَهَا، وَرَاكِبِ وَلَوْ سَفِينَةً خَلْفَهَا، وَكُرِهَ لَهُ أَمَامَهَا كَرُكُوبِهِ لِغَيرِ حَاجَةٍ وَعَوْدٍ وَقُرْبٌ مِنْهَا أَفْضَلُ.
وَكُرِهَ تَقَدُّمُهَا لِمَوْضِعِ صَلَاةٍ لَا لِمَقْبَرَةٍ، وَجُلُوسُ تَابِعِهَا حَتَّى تُوضَعَ بِأَرْضٍ لِدَفْنٍ، إلَّا لِمَنْ بَعُدَ، وَقِيَامٌ لَهَا إنْ جَاءَتْ أَوْ مَرَّتْ بِهِ وَهُوَ جَالِسٌ وَمَسْحُهُ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيءٍ عَلَيهَا تَبَرُّكًا وَرَفْعُ صَوْتٍ مَعَهَا وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ
(1) في (ج): "وإسراع به".
وذِكْرٍ وَسُنَّ سِرًّا وَأَنْ تَتَّبِعَهَا امْرَأةٌ أَوْ بِمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوهِ أَوْ بِنَارٍ إلَّا لِحَاجَةِ ضَوْءٍ وَمِثْلُهُ تَبْخِيرٌ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَحَرُمَ أَنْ يَتَّبِعَهَا مَعَ مُنْكَرِ نَحْوَ صُرَاخٍ وَنَوْحٍ عَاجِزٌ عَنْ إزَالتِهِ، وَيَلْزَمُ قَادِرُ إزَالتُهُ وَضَرْبُهُنَّ بِدُفٍّ مُنْكَرٌّ منهيُّ عَنْهُ اتِّفَاقًا وَقَوْلُ الْقَائِلِ مَعَها اسْتَغْفِرُوا لَهُ، ونَحَوُهُ، بِدْعَةٌ وَحَرَّمَهُ أَبُو حَفْصٍ وَسُنَّ كَوْنُ تَابِعِهَا مُتَخَشِّعًا مُتَفَكِّرًا فِي مَآلِهِ مُتَّعِظًا بِالْمَوْتِ وَبِمَا يَصِيرُ إلَيهِ الْمَيِّتُ.
فَرْعٌ: اتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ سُنَّةٌ وَهُوَ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ وأَهْلِهِ وَذَكَرَ الآجُرِّيُّ أَنَّ مِنَ الْخَيرِ أَنْ مَنْ (1) يَتَّبِعُهَا لِقَضاءِ حَقِّ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنِ الإِمَامِ (2) لَا بَأْسَ بِقِيَامِهِ عَلَى الْقَبْرِ حَتَّى تُدْفَنَ جَبْرًا وَإِكْرَامًا وَكَانَ أَحْمَدُ إذَا حَضَرَ جِنَازَةً هُوَ وَلِيُّهَا لَم يَجْلِسْ حَتَّى تُدْفَنَ.
فَصْلٌ
وَدَفْنُهُ بِمَحْفُورٍ (3) فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَسْقُطُ هَوَ وَتَكْفينٌ وَحَمْلٌ بِكَافِرٍ وَغَيرِ مُكَلَّفٍ، وَيُقَدَّمُ بِتَكْفِينٍ مَنْ يُقَدَّمُ بِغُسْلٍ وَنَائِبُهُ كَهُوَ.
وَيَتَّجِهُ: غَيرُ وَصِيٍّ.
وَالأَوْلَى تَوَلِّيهِ بِنَفْسِهِ وَبِدَفْنِ رَجُلٍ مَنْ يُقَدَّمُ بِغُسْلِهِ فَالأَجَانِبُ ثَمَّ بَعْدَ الأَجَانِب مَحَارِمُهُ مِنَ النِّسَاءِ، فَالأَجْنَبِيَّاتُ وَبُدَفْنِ امْرَأَةٍ مَحَارِمُهَا الرِّجَالُ فَزَوْجٌ فَأَجَانِبُ فَمَحَارِمُهَا النِّسَاءُ وَيُقَدَّمُ مِنْ رَجِالٍ خَصِيٌّ، فَشَيخٌ، فَأَفْضَلُ
(1) قوله: "من" سقطت من (ج).
(2)
قوله: "عن الإمام" سقطت من (ج).
(3)
قوله: "بمحفور" سقطت من (ج).
دِينًا وَمَعْرِفَةً، وَمَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِجَمَاعٍ أَوْلَى مِمَّنْ قَرُبَ، وَلَا يُكرَهُ لِرِجِالٍ دَفْنُ امْرَأَةٍ وَثَمَّ مَحْرَمٌ، وَكُرِهَ دَفْنٌ عَنْدَ طُلُوعِ شَمْسٍ وَعَنْدَ (1) قِيَامِهَا وَعِنْدَ غُرُوبِهَا لَا لَيلًا وَلَحْدٌ وَكَوْنُهُ مِمَّا يَلِي الْقبْلَة وَنَصْبُ لَبِنٍ عَلَيهِ؛ أَفْضَلُ.
وَكُرِهَ شَقُّ قَبْرٍ وَهُوَ حَفْرُ وَسَطِهِ كَحَوْضٍ، أَوْ بِنَاءُ جَانِبَيهِ بِنَحْو لَبِنٍ لِيُوضَعَ مَيِّتٌ فِيهِ بِلَا عُذْرٍ وإدخَالُهُ خَشَبًا إلَّا لِضرُورَةٍ وَمَا مَسَّتْهُ نَارٌ وَدَفْنٌ بِتَابُوتٍ وَلَوْ امْرَأَةً، وَسُنَّ أَنْ يُعَمَّقَ وَيُوَسَّعَ قَبْرٌ بِلَا حَدٍّ وَيَكْفِي مَا يَمْنَعُ السِّبَاعَ وَالرَّائحَةَ وَأَنْ يُسَجَّى لأُنْثَى وَخُنْثَى، وَكُرِهَ لِرَجُلٍ إلا لِعُذْرِ نَحْو مَطَرٍ، وَسُنَّ أَنْ يُدْخَلَهُ مَيِّتٌ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيهِ لَا بِرِجْلَيهِ إنْ كَانَ أَسْهَلَ وَإِلَّا فَمِنْ حَيثُ سَهُلَ ثُمَّ سَوَاءٌ، وَمَنْ بِسَفِينَةٍ وَخِيفَ فَسَادُهُ، يُلْقَى بِبَحْرٍ سَلَّا بَعْدَ تَثْقِيلِهِ بشَيءٍ كَإدْخَالِهِ الْقَبْرَ وَقَوْلُ مُدْخِلِهِ:"بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم "(2) وإنْ أَتَى بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاء يَلِيقُ فَلا بَأْسَ، وَأَنْ يُلْحَدَ عَلَى شِقٍّ أَيمَنَ وَيُفْضِي بِخَدِّه للأرْضِ (3) فَيُرْفَعُ الْكَفَنُ لِيُلْصَقَ بِهَا وَيُسْنَدُ خَلْفَهُ وَأَمَامُهُ بِتُرَابٍ، لِئَلَّا يَسْقُطَ وَتَحْتَ رَأْسِهِ وَأَفْضَلُهُ لَبِنَةٌ فَحَجَرٌ فَتُرَابٌ، وَتُكْرَهُ مِخَدَّةٌ وَمِضْرَبَةٌ وَقَطِيفَةٌ تَحْتَهُ وَجَعْلُ حَدِيدٍ فِيهِ وَلَوْ أَنَّ الأَرْضَ رِخَوَةٌ، وَيَجِبُ أَنْ يَستَقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ وَيَتَعَاهَدُ خِلَال اللَّبِنِ لِيَسُدَّهُ (4) بِمَدَرٍ وَنَحْوهِ ثُمَّ بِطِينٍ فَوْقَهُ، وَسُنَّ لِكُلِّ مَنْ حَضرَ حَثْوُ تُرابٍ عَلَيهِ ثَلَاثًا باليدِ ثُمَّ يُهَالُ وَرَشُهُ بِمَاء وَرَفْعُهُ قَدرَ شِبْرٍ وَوَضْعُ حصىً صِغَارٍ عَلَيهِ لِحِفْظِ تُرَابِهِ، وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ أَولَ حَثْيَةٍ:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} ، وَبِثَانِيَةٍ: {وَفِيهَا
(1) قوله: "عند" سقطت من (ج).
(3)
في (ب): "بخد للأرض".
(4)
في (ب): "بسده".
نُعِيدُكُمْ}، وَبِثَالِثَةٍ:{وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (1)، وَلَا بأس بِتَطْيِيِنِهِ وَتَعْلِيمِهِ بِنَحْو حَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ وَبَلَوْحٍ وَتَسْنِيمٍ أَفْضَلُ إلا بِدَارِ حَرْبٍ.
وَيَتَّجِهُ: أَو عَدُوٍّ.
إنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهُ فَتَسْويَتُهُ بِأَرْضٍ وَإخفَاؤُهُ أَوْلَى.
وَيَتَّجِهُ: وَمَعَ عِلْمٍ بِأَنَّ الْعَدُوَّ يَنْبُشُهُ يَجِبُ تَسْويَتُهُ وَإِخْفَاؤُهُ.
وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُ الأَقَارِب، وَالْبِقَاع الشَّرِيفَةِ وَمجَاوَرَةُ الصَّالِحِينِ وَدَفْنٌ بصَحْرَاءَ أَفْضَلُ سِوَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم واختَارَ صَاحِباهُ الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا (2) وَلَمْ يُزَدْ لأَنَّ الْخَرْقَ يَتَّسِعُ وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ، وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدْلُّ عَلَى دَفْنِهِمْ كَمَا وَقَعَ فَمَنْ وَصَّى بِدَفْنِهِ بِدارٍ أَوْ أَرْض بمِلْكِهِ؛ دُفِنَ مَعَ المُسْلِمِينَ وَيُدْفَنُ بِمُسَبَّلَةِ ولَوْ بِقَوْلِ بَعضِ الوَرَثَةِ (3) وَعَكْسُهُ الكَفَنُ ويقَدَّمُ فِيهَا بِسَبْقٍ ثُمَّ قُرْعَةٍ، وَحَرُمَ حَفْرٌ فِيهَا قَبْلَ حَاجَةٍ (4)، وَلَا بَأْسَ بِشَرِائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِهِ وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فِيهِ، وَيَصِحُّ بَيعُ مَا دُفِنَ فِيهِ مِنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُجْعَلْ مَقْبَرَة.
فَرْعٌ: يُسَنُّ دُعَاءٌ لِمَيِّتٍ عَنْدَ قَبْرٍ بَعْدَ دَفْنٍ وَاقِفًا، وَاسْتَحَبَّ الأَكْثَرُ تَلْقِينَهُ إذَنْ، فَيَقُومُ عِنْدَ رَأسِهِ بَعْدَ تَسْويَةِ التُّرَابِ فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانَةَ، ثَلَاثًا، فَإِن لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ نَسَبَهُ إلَى حَوَّاءَ، ثُمَّ يَقُولُ: "اُذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَإِن مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللَّهِ رَبّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا،
(1) في (ب){وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ} الآية.
(2)
في (ب): "وتكرر ما".
(3)
في (ب): "ورثته".
(4)
قوله: "وحرم حفر فيها قبل حاجة" سقطت من (ج).
وَبالقُرْآنِ إمَامًا، وَبالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤمِنِينَ إخْوَانًا، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ البَعْثَ حَقٌّ (1)، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ".
قَال أَبُو المَعَالي: فَلَوْ انْصَرَفُوا قَبْلَهُ لَمْ يَعُودُوا، وَهَلْ يُلَقَّنُ غَيرُ الْمُكَلَّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى نُزُولِ الْمَلَكَينِ إلَيهِ، وَمَيْلُ (2) جَمْعٍ لَا وَفِي تَصْحِيحِ الفُرُوعِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيهِ العَمَلُ فِي الأَمْصَارِ. انْتَهَى. وَرَجَّحَ جَمْعٌ النَّزُولَ وَصَحّحَهُ الشَّيخُ.
قَال ابْنُ عَبدُوسٍ: يُسْأَلُ الأَطفَالُ عَنْ الإقْرَارِ الأَوَّلِ حِينَ الذُّرِّيَةِ، وَالْكَبَارُ يُسأَلُونَ عَنْ مُعتَقِدِهِمْ فِي الدُّنيَا (3) وَإقرَارِهِم الأَوَّلِ.
فَصْلٌ
كُرِهَ رَفْعُ قَبْرٍ فَوقَ شِبرٍ، وَزِيَادَةُ تُرَابِهِ بِلَا حَاجَةٍ، وَتَزْويقُهُ وَتَخْلِيقُهُ وَنَحوُهُ، وَتَجصِيصُهُ وَتَقبِيلُهُ وَتَبْخِيرِهِ، وَكِتَابَةُ رِقَاعٍ إلَيهِ وَدَسُّهَا فِيهِ، وَاستِشفَاءٌ بِهِ مِنْ سُقْمٍ، وَاتِّكَاءٌ إلَيهِ وَمَبِيتٌ، وَحَدِيثٌ بِأَمرِ الدُنْيَا وَتَبَسُّمٌ عِندَهُ، وَضَحِكٌ أَشَدُّ، وَكِتَابَةٌ وَجُلُوسٌ وَوَطْءٌ وَمَشْيٌ عَلَيهِ بِنَعْلِ حَتَّى بِالتُّمُشكِ -بِضَمِّ تَاءٍ فَمِيمٍ فَسُكُونِ شِينٍ- لَا بِخُفٍّ، وَسُنَّ خَلْعُهُ إلا خَوفَ نَحو نَجَاسَةٍ وَشَوكٍ، وَكَرِهَ أَحمَدُ الفُسطَاطَ وَالخَيمَةَ عَلَى الْقَبْرِ، وَقَال الشَّيخُ فِي كِسوَةِ القَبرِ بِالثِّيَابِ: اتَّفَقَ الأَئِمَّةُ عَلَى أَنّ هَذَا مُنْكَرٌ إذَا
(1) قوله: "وأن البعث حق" سقطت من (ج).
(2)
في (ب): "وقيل ميل".
(3)
قوله: "في الدنيا" سقطت من (ج).
فُعِلَ بِقُبُورِ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، فَكَيفَ بِغَيرِهِم.
وَيَتَّجِهُ: وَيَحرُمُ بِحَرِيرٍ (1).
وَيُكْرَهُ بِنَاءٌ عَلَيهِ سَوَاءٌ لَاصَقَ الأَرْضَ أَوْ لَا، وَلَوْ فِي مِلكِهِ مِنْ قُبَّةٍ وَغَيرِهَا، لِلنَّهيِ عَنْ ذَلِكَ، وَقَال ابنُ القَيِّمِ فِي إغَاثَةِ اللَّهفَانِ: يَجِبُ هَدْمُ القِبَابِ التِي عَلَى الْقُبُورِ، لأَنَّها أُسِّسَتْ عَلَى مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ. انْتَهَى.
وَهُوَ بِالمُسَبَّلَةِ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَعَنهُ مَنْعُ البِنَاءِ فِي وَقْفٍ عَامٍّ قَال الشيخُ هُوَ غَاصِبٌ، قَال أَبُو حَفْصٍ: تَحرُمُ الحُجرَةُ بَك تُهَدمُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَحَرُمَ إسرَاجُ قُبُورٍ وَكَذَا طَوَافٌ بِهَا خِلَافًا لَهُ هُنَا، وَتَخَلٍّ وَجَعْلُ مَسْجِدٍ عَلَيهَا وَبَينَهَا وَتَتَعَيَّنُ إزَالتُهُ، وَحَفْرٌ بِمُسَبَّلَةٍ قَبلَ حَاجَةٍ، وَدَفْنُ حُلِيٍّ أَوْ ثِيَابٍ مَعَ مَيِّتٍ، وَحَرقُ مَالِهُ وَتَكسِيرُ نَحْو آنِيةٍ، وَقَطْعُ شَيءٍ مِنْ أَطرَافِهِ وَإحرَاقُهُ، وَلَوْ أوصَى بِهِ وَلا ضَمَانَ فِيهِ، وَلِوَلِيِّهِ الدَّفْعُ عَنهُ وَإِنْ آل لإتْلَافِ طَالِبٍ فَلَا ضَمَانَ.
وَحَرُمَ دَفْنُ غَيرِهِ مَعَهُ أَوْ عَلَيهِ حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ صَارَ تُرَابًا إلَا لِحَاجَةٍ، وَسُنَّ حَجرٌ بَينَهُمَا بِتُرَابٍ وَأَنْ يُقَدَّمَ لِلْقِبلَةِ مَنْ يُقَدَّمُ للإمَامةِ، وَحَرُمَ عِمَارَةُ قَبرٍ دَثَرَ لِمَنعِ دَفنِ فِيهِ وَلَعَلَّ المُرَادَ بِمُسَبَّلَةٍ، وَإِذَا صَارَ الْمَيِّتُ تُرَابًا؛ جَازَ حَرْثُ قَبْرِهِ لِزَرعٍ وَغَيرِهِ، وَالْمُرَادُ بِغَيرِ مُسَبَّلَةٍ وَحَرُمَ دَفْنٌ بِمَسْجِدٍ وَنَحوهِ وَيُنبَشُ.
وَيَتَّجِهُ: وُجُوبًا، ويَجِبُ نَبْشُ مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ أَمْكَنَ.
(1) الاتجاه سقط من (ج).
وَيَتَّجِهُ: أَوْ تَيَمُّمٍ.
أَوْ صَلَاةٍ أَوْ كَفَنٍ أَوْ لَغَيرِ الْقِبْلَةِ. مَعَ أَمْنِ تَفَسَّخِهِ، أَوْ تَغَيُّرِهِ فِي الْجِمِيعِ.
وَيَتَّجِهُ: وَإلَّا صُلِّيَ عَلَيهِ بِقَبْرِهِ كَعَلَى غَرِيقٍ (1).
وكَذَا إنْ كُفِّنَ بِغَصْبٍ أَوْ بَلَعَ مَال غَيرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَتَبْقَى وَطَلَبَهُ رَبُّهُ وَتَعَذَّرَ غُرْمُهُ مِنْ تَرِكَةٍ، قَال الْمَجْدُ: يَضْمَنُهُ مَنْ كَفَّنَهُ عَالِمًا وَجَاهِلًا، فَالإقَرارُ عَلَى الْغَاصبِ ويُشَقَّ جَوْفُهُ، وَبِإِذْنِهِ إذَا بَلِيَ أَوْ بَلَعَ مَال نَفْسِهِ وَعَلَيهِ دَيْنٌ أَوْ وَقَعَ وَلَوْ بِفِعْلِ رَبِّهِ فِي الْقَبرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ عُرْفًا وَطَلَبَهُ، ويجُوزُ نَبْشٌ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ: كَتَحْسِينِ كَفَنٍ، وَإبْدَالِ كَفَنٍ حَرِيرٍ، وَلإفْرَادِ مَدْفُونٍ مَعَ غَيرِهِ، وَمَدْفُونٌ لِعُذْرٍ بِلَا غُسْلٍ وَحَنُوطٍ.
وَيَتَّجِهُ: وَمَدْفُونٌ عَلَى جَنْبٍ أَيسَر أَوْ لَحِقَتهُ نَدَاوَةٌ أَوْ بَلَعَ مَال نَفْسِهِ وَلَهُ وَارِثٌ (2).
وَلِنَقْلِهِ لِبُقْعَةٍ شَرِيفةٍ وَمُجَاوَرَةِ صَالِحٍ.
وَيَتَّجِهُ: لَا فِي زَمَنِ تَغَيُّرِهِ، بَلْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (3).
إلَّا شَهِيدًا دُفِنَ بِمَصْرَعِهِ، فَيَحْرُمُ نَبْشُهُ لِنَقْلِهِ وَدَفْنُهُ بِهِ سُنَّةٌ، فَيُرَدُّ إلَيهِ ولَوْ نَقِلَ (4)، وَلِمَالِكٍ نَبْشُ مَنْ دُفِنَ تَعَدِّيًا بِمِلْكِهِ، وَلَهُ إلْزَامُ دَافِنِهِ بِنَقْلِهِ وَالأَوْلَى تَرْكُهُ والْمُتَعَذَّرُ إخْرَاجُهُ مِنْ بِئْرٍ إلَّا مُتَقَطِّعًا وَنَحْوُهُ وَثَمَّ حَاجَةٌ إلَيهَا أُخرِجَ وَإلَّا طُمَّتْ.
(1) في (ج): "بقبر كعلي عدم غيره".
(2)
قوله: "أبو بلع مال نفسه وله وارث" سقطت من (ج).
(3)
الاتجاه سقط من (ج).
(4)
في (ج): "لو نقل".
وَيَتَّجِهُ: وَيُصَلَّى عَلَيهِ بِهَا ويَحَرُمُ (1) فِيمَا عَدَا ذَلِكَ نَبْشُ مُسْلِمٍ مَعَ بَقَاءِ رِمَّتِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ.
وَيَتَّجِهُ: وَكَذا ذِمِّيٍّ بِغَيرِ الْحَرَمِ لأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ.
وَيُبَاحُ نَبْشُ قَبْرِ حَرْبِيٍّ لِمَصْلَحَةٍ كَجَعْلِهِ مَسْجِدًا وَلِمَالٍ فِيهِ.
فَصْلٌ
وَإِنْ مَاتَتْ حَامِلٌ حَرُمَ شَقُّ بَطْنِهَا وَأَخرَجَ نِسَاءٌ لَا رِجَالٌ مَنْ تُرْجَى حَيَاتُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ لَمْ تُدْفَنْ حَتَّى يَمُوتَ.
وَيَتَّجِهُ: إلَّا مَعَ حَرَكَةٍ يُظَنُّ بَهَا حَيَاتُهُ بَعْدَ شَقِّهِ (2).
وَلَا يُوضَعُ عَلَيهِ مَا يُمَوِّتُهُ، وَإنْ خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا؛ شُقَّ لِبَاقٍ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ أُخْرِجَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ غُسِّلَ مَا خَرَجَ وَلَا يُيَمَّمُ لِبَاقِي، وَصُلِّيَ عَلَيهِ مَعَهَا إنْ تَمَّ لَهُ أَرْبَعُ شُهُورٍ، فَلَوْ لَمْ يَخرُجْ مِنْهُ شَيءٌ لَمْ يُصَلَّ عَلَيهِ.
وَيَتَّجِهُ: وَلَوْ تَخَلَّقَ أَو بِبَطْنِ مُسْلِمَةٍ خِلَافًا لَهُ.
وَإِنْ مَاتَتْ كَافِرَةٌ حَامِلٌ بِمُسْلِمٍ؛ لَمْ يُصَلَّ عَلَيهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ بَعَضُهُ كَمَا مَرَّ، وَدَفْنَهَا مُسَلَّمٌ مُفْرَدَةً إنْ أَمكَنَ وَإِلَّا فَمَعَنَا عَلَى جَنْبِهَا الأَيسَرِ مُسْتَدْبِرَةً الْقِبْلَةَ، وَلَا يَجُوزُ دَفْنُ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَةِ كُفَّارٍ وَعَكْسُهُ، وَيَجُوزُ جَعْلُ مَقبَرَةِ كُفَّارٍ مُنْدَرِسَةٍ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ بَقِيَ عَظْمٌ دُفِنَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ، وَغَيرُهَا أَوْلَى.
(1) في (ج): "وحرم".
(2)
الاتجاه سقط من (ج).
فصل
يُسَنُّ لِمُصَابٍ قَوْلُ (1): "إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي في مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيرًا مِنْهَا"، وَيَصْبِرُ نَدْبًا، وَيَجِبُ مِنْهُ مَا يَمْنَعُ عَنْ مُحَرَّم وَلَا يَلْزَمُ رِضَىً بِمَرَضٍ وَفَقْرٍ وَعَاهَةٍ، وَيَحْرُمُ بِفِعْلِهِ الْمَعْصِيَةَ، وَكُرِهَ لِمُصَابٍ تَغْيِيرُ حَالِهِ مِنْ خَلْعِ رِدَاءٍ وَنَحْوهِ وَغَلْقِ حَانُوتِهِ وَتَعْطِيلِ مَعَاشِهِ، لَا جَعْلُ عَلَامَةٍ عَلَيهِ لِيُعْرَفَ فَيُعَزَّى، وَلَا هَجْرُهُ لِزِيَنةٍ وَحُسْنِ ثِيَابٍ؛ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا بُكَاءٌ عَلَى مَيِّتٍ قَبْلَ مَوْتٍ وَبَعْدَهُ بَلْ اسْتِحْبَابُ البُكَاءِ رَحْمَةً لِلْمَيِّتِ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَحَرُمَ نَدْبٌ: وَهُوَ بُكَاءٌ مَعَ تَعْدِيدِ مَحَاسِنِهِ، وَنَوْحٌ: وَهُوَ رَفْع صَوْتٍ بِذَلِكَ بِرَنَّةٍ، وَشَقُّ ثَوْبٍ، وَكُرِهَ اسْتِدَامَةُ لُبْسِ مَشْقُوقٍ، وَلَطمُ خَدٍّ وَخَمْشُهُ وَصُرَاخٌ وَنَتْفُ شَعْرٍ وَنَشْرُهُ وَحَلْقُهُ وَفِي الْفُصُولِ يَحْرُمُ نَحِيبٌ وَتَعْدَادٌ وإظْهَارُ جَزَعٍ، لأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّظَلُّمَ مَنْ الظَّالِمِ، وَهُوَ عَدْلٌ مِنْ اللهِ تَعَالى.
وَيَتَّجِهُ: وَمِثْلُهُ إلْقَاءُ تُرَابٍ عَلَى رَأسٍ، وَدُعَاءٌ بِوَيلٍ وَثُبُورٍ.
وَيُبَاحُ يَسِيرُ نُدْبَةٍ إذَا لَمْ تَخْرُجْ مَخْرَجَ نَوْحٍ نَحْو يَا أَبَتَاهُ وَيَا وَلَدَاهُ (2)، وَجَادَتْ الأَخْبَارُ الصَّحيِحَةُ بِتَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِنَوْحٍ وَبُكَاءٍ عَلَيهِ، وَالْمُرَادُ: بُكَاءٌ مُحَرَّمٌ كَنَدْبٍ وَنَحْوهِ، وَيَنْبَغِي إيصَاءٌ بِتَرْكِهِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ: إذَا كَانَ عَادَةُ أَهْلِهِ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ يُعَذَّبُ وَمَا هَيَّجَ الْمُصِيبَةَ مِنْ وَعْظٍ وَإِنْشَادِ شِعْرٍ فَمِنْ النَّيَاحَةِ، وَسُنَّ قَبْلَ دَفْنٍ وَبَعْدَهُ: تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ
(1) في (ج): "سن قول المصاب".
(2)
في (ج): "يا ولداه".
أُصِيبَ (1) وَلَوْ صَغِيرًا أَو صَدِيقًا.
وَيَتَّجِهُ: مَا لَمْ يَجِبُ هَجْرُهُ ويُسَنَّ.
وَمَنْ عَزَّى أَخَاهُ؛ فله مِثلُ أَجْرِهِ، وَتُكرَهُ لِشَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَتَمْتَدُّ إلَى ثَلَاثٍ وَتُكرَهُ بَعدَهَا، وَاسْتَثْنَى أَبُو الْمَعَالِي إلَّا لِغَائِبٍ.
وَيَتَّجِهُ (2): وَمَعْذُورٍ.
فَيُقَالُ لِمُصَابٍ بِمُسْلِمٍ: "أَعْظَمَ اللهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمِيِّتِكَ وَبِكَافِرٍ أَعْظَمَ اللهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَن عَزَاءَكَ"، وَحَرُمْ تَعْزِيَةُ كَافِرٍ ولَوْ بِمُسْلِمٍ، لَا تَعْيينَ فِيمَا يَقُولُهُ مُعَزٍّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِيَدِ مَنْ يُعَزِّيهِ وَكُرِهَ تَكْرَارُهَا فَلا يُعَزِّي عِنْدَ قَبْرٍ مَنْ عَزَّى قَبْلُ، وَجُلُوسِ مُصَابٍ لَهَا وَمُعَزِّيهِ كَذِلكَ لَا بِقُرْبِ دَارِ الْمَيِّتِ لِيَتَّبعَ الْجَنَازَةَ أَوْ لِيَخْرُجَ وَلِيَّهُ فَيُعَزِّيهِ.
فَرْعٌ: مَعَنَى التَّعْزِيَةِ: التَّسْلِيَةُ وَالْحَثُّ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الأَجْرِ وَالدُّعَاءِ لِلِمَيِّتِ وَالْمُصابِ، وَمَنْ جَاءَتهُ تَعْزِيَةٌ بِكِتَابٍ؛ رَدَّهَا عَلَى الرَّسُولِ لَفْظًا، قَالهُ أَحْمَدُ.
وَسُنَّ أَنْ يُصْنَعَ لأَهِلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ يُبْعَثُ إلَيهِمْ ثَلَاثًا لَا لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُم فَيُكْرَهُ كِفِعْلُهُمْ ذَلِكَ لِلنَّاسِ.
وَيَتَّجِهُ: مَا لَم يَكُونُوا ضُيُوفًا فِيهِمَا، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْمُوَفَّقِ وَغَيرِهِ وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ.
وَكُرِهَ أَكلٌ مَنْ طَعَامِهِمْ وَإِنْ كَانَ مِنْ ترِكَةٍ وَفِي مُسْتَحِقِّهَا مَحْجُورٌ
(1) قوله: "أصيب" سقطت من (ج).
(2)
قوله: "ويتجه" سقطت من (ج).
عَلَيهِ حَرُمَ فِعْلُهُ وَأَكلٌ مِنْهُ.
ويَتَّجِهُ: وَصَنْعُ (1) طَعَامٍ لِلنَّائِحَاتِ حَرَامٌ لأَنَّهُ عَوْنٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ.
وَكُرِهَ ذَبْحٌ وَأُضْحِيَّةٌ عِنْدَ قَبْرٍ وَأَكْلٌ مِنْهُ، وَقَال الشَّيخُ لَو نَذَرَهُ لَمْ يَفِ بِهِ وَلَوْ شَرَطَهُ وَاقِفٌ فَشَرْطٌ فَاسِدٌ، وَمِنْ الْمُنْكَرِ وَضْعُ طَعَامٍ أَو شَرَابٍ عَلَى الْقَبْرِ لِيَأخُذَهُ النَّاسُ، وإخْرَاجُ الصَّدَقَةِ مَعَ الْجَنَازَةِ بِدْعَةٌ مَكرُوهَةٌ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الصَّدَقَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ.
فَصْلٌ
وسُنَّ (2) لِرَجُلٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ بِلَا سَفَرٍ، وَكَرِهَ في الرَّعَايَةِ الإِكْثَارَ مِنْهُ، وَتُبَاحُ لِقَبْرِ كَافِرٍ وَلَا يُمْنَعُ كَافِرٌ مِنْ زِيَارَةِ قَرِيبِهِ المُسْلِمِ (3)، وَتُكْرَهُ لِنِسَاءٍ وَإِنْ عَلِمَ وُقُوعَ مُحَرَّمٍ مِنْهُنَّ كَنَوْحٍ؛ حُرِّمَت، إلَّا لِقَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرَ صَاحِبَيهِ فَتُسَنُّ.
وَيَتَّجِهُ: وَكَذَا قَبْرِ نَبِيٍّ غَيرِهِ.
وَإِنْ اجْتَازَتْ بِقَبْرٍ بِطَرِيقِهَا فَسَلَّمَتْ عَلَيهِ، وَدَعَتْ؛ فَحَسَنٌ، وَسُنَّ وُقُوفُ زَائِرِهِ أَمَامَهُ قِرِيبًا مِنْهُ وَقَوْلُ:"السَّلَامُ عَلَيكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، أَوْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤمِنِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُم لَلَاحِقُونَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، نَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ"، وَلَا بَأْسَ بِلَمْسِ
(1) في (ب): "وضع" وفي (ج): "ووضع".
(2)
في (ج): "سن".
(3)
في (ج): "زيارة قبر مسلم".
قَبْرٍ بِيَدٍ لَا سِيَّمَا مَنْ تُرْجَى بِرَكَتُهُ، لَا تَمَسُّحٌ بِهِ، وَصَلَاةٌ عِنْدَهُ، أَوْ قَصْدُهُ لأَجْلِ دُعَاءٍ عِنْدَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّ الدُّعَاءَ هُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ في غَيرِهِ، أَوْ النَّذْرُ لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، بَلْ قَال الشَّيخُ لَيسَ هَذَا مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ مِمَّا أُحْدِثَ مِنْ الْبِدَعِ الْقَبِيحَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ شُعَبِ الشِّرْكِ.
وَيَسْمَعُ الْمَيِّتُ الْكَلَامَ مُطلَقًا وَيَعْرِفُ زَائِرَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْغُنْيَةِ يَعْرِفُهُ كُلَّ وَقْتٍ، وَهَذَا الْوَقْتَ آكَدُ. انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ بِلَا رَيبٍ، وَيَتَأَذَّى بِالْمُنْكَرِ عِنْدَهُ، وَيَنْتَفِعُ بِالْخَيرِ، قَال الشَّيخُ اسْتَفَاضَتْ الآثَارُ بِمَعْرِفَتِهِ بِأَحْوَالِ أَهْلِهِ، وأَصْحَابِهِ في الدُّنْيَا، وَأَنَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيهِ، وَجَاءَت الآثَارُ بِأَنَّهُ يَرَى وَيَدْرِيِ بِمَا يُفْعَلُ (1) عَنْدَهُ، وَيُسَرُّ بِمَا كَانَ حَسَنًا، وَيَتَأَلَّمُ بِمَا كَانَ قَبِيحًا، وَعَذَابُهُ في قَبْرِهِ وَاقِعٌ عَلَى رُوحِهِ وَبَدَنِهِ؛ لَا رُوحِهِ فَقَط خِلَافًا لابْنِ عَقِيل وَابْنِ الْجَوْزِيِّ.
وَسُنَّ فِعْلُ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُ وَلَوْ بِجَعْلِ جَرِيدَةٍ رَطْبَةٍ في القْبْرِ وَذِكْرٌ وَقِرَاءَةٌ عَنْدَهُ وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةٌ بِمَقْبَرَةٍ وَكُلُّ قَرْبَةٍ فَعَلهَا مُسْلِمٌ وَجَعَلَ بِالنِّيَّةِ، فَلَا اعْتِبَارَ بِاللُّفْظِ، ثَوَابَهَا أَوْ بَعْضهُ لِمُسْلِمٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ جَازَ، وَنَفَعَهُ ذِلِكَ بِحُصُولِ الثَّوَابِ لَهُ، وَلَوْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَطَوُّعٍ وَوَاجِبٍ تَدْخُلُهُ نِيَابَةٌ كَحَجٍّ أَوْ لَا كَصَلَاةٍ وَدُعَاءٍ وَاسْتِغْفَارٍ وَصَدَقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَأَدَاءِ دَينٍ وَصَوْمٍ وَكَذَا قِرَاءَةٌ وَغَيرُهَا وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ إذَا نَوَاهُ حَال الفِعْلِ أَوْ قَبْلَهُ.
وَسُنَّ إهْدَاءُ الْقُرَبِ، فَيَقُولُ:"اللَّهُمَّ اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ لِفُلَانٍ" قَال ابْنُ تَمِيمٍ: وَالأَوْلَى أَنْ يَسْأَلَ الأَجْرَ مِنْ اللهِ ثُمَّ يَجْعَلَهُ لَهُ كَذَا، فَيَقُولَ:"اللَّهُمَّ أَثِبْنِي عَلَى ذَلِكَ، وَاجْعَلْهُ ثَوَابًا لِفُلَانٍ" انتهى.
(1) في (ج): "ما يفعل".
فَصْلٌ
السَّلَامُ عَلَى مَيِّتٍ. الأَفْضَلُ تَعْرِيفُهُ كَمَا مَرَّ، وَيُخَيَّرُ فِيهِ عَلَى حَيٍّ بَينَ تَعْرِيفٍ وَتَنْكِيرٍ.
وَابْتِدَاءٌ مِن وَاحِدٍ: سُنَّةُ عَينٍ، وَمِنْ جَمْعِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ.
وَيَتَّجِهُ: وَمَعَ سَلَامِ جَمْعِ تَعَاقُبًا يَكفِي رَدُّ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ رَدَّ عَلَى الأَوَّلِ وَمِثلُهُ تَشْمِيتٌ (1).
وَالأَفضَلُ سَلَامُ جَمِيعِهِمْ وَرَدُّهُ فَوْرًا مِنْ وَاحِدٍ فَرْضُ عَينٍ وَمِنْ جَمعٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَرَفْعُ صَوْتٍ بِهِ بِقَدْرِ الإِبْلَاغِ وَاجِبٌ في رَدٍّ وَمَنْدُوبٌ في ابْتِدَاءٍ، وَلَا يَسْقُطُ بِرَدٍّ غِيرِ مُسَلَّمٍ عَلَيهِ وَلَا بِرَدِّ مُمَيِّزٍ عَنْ بَالِغِينَ، وَلَا يَجِبُ زِيَادَةُ وَاوٍ فِي رَدٍّ خِلَافًا لَهُ وَلَا مُسَاوَاةُ رَدٍّ لابْتِدَاءٍ (2) وَيَجُوزُ رَدٌّ بِلَفْظِ سَلَامٌ عَلَيكُمْ، وَلَا يُسَنُّ زِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ في ابْتِدَاءٍ وَرَدٍّ، وَسُنَّ قَوْلُ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيهِ وَاحِدًا وَلَا يَلْزَمُ رَدُّ سَلَامٍ ابْتِدَاؤهُ مَكرُوهٌ: كَمُسَلِّمِ عَلَى مُشْتَغِلٍ بِنَحْو أَكْلٍ (3) وَقِتَالٍ وَذِكْرٍ، وَتَلْبِيَةٍ قِرَاءَةِ عِلْمٍ وَوَعْظٍ، وَأذَانٍ وَإقَامَةٍ وَاسْتَمَاعٍ لَهُمْ وَمُتَخَلٍّ وَمُتَمَتِّعٍ بِأهْلِهِ، وَمَنْ في حَمَّامٍ وَأَجْنَبيَّةٍ غَيرِ عَجُوزٍ وَبَرْزَةٍ، وَكُرِهَ تَخْصِيصُ بَعْضِ مَنْ لَقِيَهُمْ بِهِ وَقَوْلُ: سَلَامُ اللهِ عَلَيكُمْ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى إنْسَانٍ، ثُمَّ لِقَيَهُ عَلَى قُرْبٍ؛ سُنَّ سَلَامٌ (4) عَلَيهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَأَكْثَرَ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى جَمْعٍ
(1) الاتجاه سقط من (ج).
(2)
في (ج): "في ابتداء".
(3)
في (ج): "أكل وشرب".
(4)
قوله: "سن سلام" سقطت من (ج).
فِيهِ علماءُ سَلَّمَ عَلَى الكُلِّ، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى الْعُلَمَاءِ سَلَامًا ثَانِيًا، وَتُسَنُّ بُدَاءَةٌ بِسَلَامٍ قَبلَ كُلِّ كَلَامٍ وَلَا يَترُكُهُ وَإن غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُسَلَّمَ عَلَيهِ لَا يَرُدُّ، وَالْهَجْرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَهُوَ تَرْكُ الكَلَامِ مَعَ لَقاءٍ لَا عَدَمُهُ؛ يَزُولُ بِالسَّلَام، وَسُنَّ سَلَامٌ عِنْدَ انْصِرَافٍ وَعِنْدَ دُخُولَ بَيتِهِ عَلَى أَهْلِهِ فَإِنْ دَخَلَ بَيتًا أَو مَسْجِدًا خَالِيًا قَال: السَّلَامُ عَلَينَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، وَلَا بَأسَ بهِ عَلَى صِبْيَانٍ تَأْدِيبًا لَهُمْ وَلَا يَلْزَمُهُمْ رَدٌ وَيَلْزَمُ رَدٌّ عَلَيهِمْ كَشَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ سَلَّمَتْ وَإِرْسَالُهَا بهِ لأجْنَبِيٍّ وَإرْسَالُهُ إلَيهَا لَا بَأْسَ بِهِ لِمَصْلحَةٍ، وَعَدَمِ مَحْذُورٍ وَحَيثُ سَلَّمَ عَلَى غَائِبٍ بِرِسَالةٍ أَوْ كِتَابَةٍ؛ وَجَبَتْ الإِجَابَةُ عِنْدَ الإِبْلَاع، وَنُدِبَتْ عَلَى الرَّسُولِ فَيَقُولُ: وَعَلَيكَ وَعَلَيهِ السَّلَامُ، وَيجبُ تَبْلِيغُهُ عَلَى رَسُولٍ تَحَمَّلَهُ، وَسُنَّ حِرْصُ مُتَلَاقِيَينِ عَلَى بُدَاءَةٍ بِسَلَامٍ فَإِنْ بَدَأَ كُلٌّ صَاحِبَهُ مَعًا؛ وَجَبَ الرَّدُ عَلَى كُلٍّ، وَسُنَّ لِمَنْ تَلَاقَوْا بِطَرِيقٍ أَنْ يُسَلَّم صَغِيرٌ وَقَلِيلٌ وَمَاشٍ.
وَيَتَّجِهُ: وَمُنْحَدِرٌ (1).
وَرَاكِبٌ عَلَى ضِدِّهِمْ وَيُسَلِّمُ وَارِدٌ عَلَى ضِدِّهِ مُطْلَقًا.
وَمَنْ سَلَّمَ أَو رَدَّ عَلَى أَصَمَّ جَمَعَ بَينَ لَفْظٍ وَإِشَارَةٍ وَسَلَامُ أَخْرَسَ وَجَوَابُهُ بِالإِشَارَةِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى أَيقَاظٍ بِينْ نِيَامٍ خَفَضَ مِنْ صَوْتِهِ بِحَيثُ يُسْمِعُهُمْ وَلَا يُوقِظُهُمْ.
فَرْعٌ: يُسَنُّ مُصَافَحَةُ رَجِلٍ لِرَجُلٍ، وَامْرَأَةٍ لامْرَأَةٍ وَلَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِ مُصَافِحِهِ حَتَّى يَنْزِعَهَا إلَّا لِحَاجَةٍ كَحَيَاءٍ وَنَحْوهِ، وَلَا بَأْسَ بِمُصَافَحَةِ
(1) الاتجاه سقط من (ج).
مُرْدٍ لِمَنْ وثِقَ مِنْ نَفسِهِ وَقَصَدَ تَعْليِمَهُمْ حُسْنَ الخُلُقِ، وَحَرُمَ مُصَافَحَةُ امْرَأَة أَجْنَبِيَّةٍ شَابَّةٍ، وَلَا بَأسَ بِمُعَانَقَةٍ وَتَقْبِيلِ رَأسِ وَيَدِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَنَحْوهِمْ وَالْقِيَامِ لَهُمْ، وَكُرِهَ تَقبِيلُ فَمِ غَيرِ زَوْجَةٍ وَسُرِّيَّةٍ.
وَيَتَّجِهُ: هَذَا في مَحَارِمِهِ وَإِلَّا؛ فَالأَجْنَبِيَّةُ حَرَامٌ.
فَصْلٌ
تَشْمِيتُ عَاطِسٍ مُسْلِمٍ حَمِدَ وَإجَابَتُهُ فَرْضٌ، وَمِنْ جَمْعٍ كِفَايَةٌ فَتَشْمِيتُهُ: يَرحَمُكَ اللهُ، أَوْ يَرْحَمُكُمْ اللهُ، وَجَوَابُهُ: يُهْدِيكُمْ اللهُ، ويصْلِحُ بِالكُمْ. زَادَ في الرِّعَايَةِ: وَيُدْخِلُكُمْ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَكُمْ، وَكُرِهَ تَشْمِيتُ مَنْ لَمْ يَحْمَدْ، وَلَا يُذَكَرُ نَاس وَلَا بَأْسَ بِتَذْكِيرِهِ وَيُعَلَّمُ (1) صَغِيرٌ وَقَرِيبُ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ الْحَمْدُ، وَيُقَالُ لِصَبِيٍّ عَطَسَ وَحَمِدَ:"بُورِكَ فِيكَ، أَوْ جَبَرَكَ اللهُ أَو يَرْحَمُكَ اللهُ"، وَالتَّشمِيتِ إلَى ثَلَاثٍ وَفِي رَابِعَةٍ يَدْعُو لَهُ بِالْعَافِيَةِ وَالاعْتِبَارُ بِفِعْلِ التَّشمِيتُ لَا بِعَدَدِ عَطَسَاتٍ، وَلا يُشَمِّتُ شَابَّةً، وَلَا تُشَمِّتُهُ وَلَا يُجِيبُ الْمتَجَشِّئَ بِشَيءٍ، فَإِنْ حَمِدَ قَال لَهُ هَنِيئًا مَرِيئًا، أَوْ هَنَّأَكَ اللهُ وَأَمْرَاكَ وَإذَا عَطَسَ خَمَّرَ وَجْهَهُ وَغَضَّ صَوْتَهُ وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَحَمِدَ اللهَ جَهْرًا لِيُسْمَعَ فَيُشَمَّتَ.
فَرْعٌ: يَجِبُ اسْتِئْذَانُ دَاخِلٍ وَلَوْ عَلَى قَرِيبٍ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا رَجَعَ وَلَا يُزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ إلَّا أَنْ يَظُنَّ (2) عَدَمَ سَمَاعِهِمْ.
(1) في (ج): "وتعليم".
(2)
في (ج): "ظن".