المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الاعْتِكَاف لُزُومُ مُسلِمٍ، لَا غُسلَ عَلَيهِ، عَاقِلٍ ولو مُمَيزًا، مَسجِدًا، - غاية المنتهى في جمع الإقناع والمنتهى ط غراس - جـ ١

[مرعي الكرمي]

فهرس الكتاب

- ‌عملنا في هذا الكتاب

- ‌ وصف النسخ التي استعنا بها في تحقيق هذا الكتاب:

- ‌ثناء العلماء على كتاب الغاية ومؤلفه

- ‌صورة تقريظ كتبه الشيخ الفاضل شيخ الإِسلام أحمد البكري

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته ونشأته:

- ‌مشايخه:

- ‌تلامذته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته رحمه الله تعالى:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌عمله:

- ‌شيوخه:

- ‌تلامذته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌مؤلفاته:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌وفاته:

- ‌كِتَابُ الطهَارَةِ

- ‌بَاب الآنِيَةِ

- ‌بَاب الاسْتِنْجَاءُ

- ‌بَاب السِّوَاكُ

- ‌بَابٌ الْوُضُوءُ

- ‌بَابٌ مَسْحُ الْخُفَّينِ

- ‌بَابٌ نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ

- ‌بَابٌ الْغُسْلُ

- ‌بَابٌ التَّيَمُّمُ

- ‌بَابٌ إزَالةُ النَّجَاسَةِ الحُكْمِيَّةِ

- ‌بَابٌ الْحَيضُ

- ‌كتَابُ الصَّلَاةُ

- ‌بَابٌ الأذَانُ

- ‌بَابٌ شُرُوطِ الصَّلاةِ

- ‌بابٌ سِترُ العورةِ

- ‌بَابٌ اجْتِنَابُ النَّجَاسَةِ

- ‌بَابٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ

- ‌بَابٌ النِّيَّةُ

- ‌بَابٌ صِفَةُ الصَّلَاةِ

- ‌بابٌ سُجُودُ السهْو

- ‌بَابٌ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ

- ‌بابٌ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ

- ‌بَابٌ الإِمَامَةُ

- ‌بابٌ صَلاةُ أَهْلِ الأَعْذارِ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الجُمُعَةِ

- ‌بابٌ صَلَاةُ الْعِيدَينِ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْكُسُوفِ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌كَتَابُ الجَنَائِزِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابٌ زَكاةُ السَّائِمَةِ

- ‌بَابٌ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنَ الأَرْضِ والنَّحْلِ

- ‌بَابُ زَكَاةُ الأَثْمَانِ

- ‌بَابٌ زَكَاةُ الْعُرُوضِ

- ‌بَابٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌بابٌ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابٌ أَهْلِ الزَّكَاةِ ثَمَانِيَةِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌بَابٌ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ

- ‌بَابٌ مَا يُكْرَهُ وَيُسَنُّ بِصَوْمٍ، وَحُكْمُ الْقَضَاءِ

- ‌بَابٌ صَوْمُ التَّطَوُّعِ

- ‌كِتَابُ الاعْتِكَاف

- ‌كِتَابُ الْحَج

- ‌بَابٌ الْمَوَاقِيتُ

- ‌بَابٌ الإحْرَامُ

- ‌بَابٌ مَحْظُورَاتُ الإِحْرَامِ

- ‌بَابٌ الْفِدْيَةُ

- ‌بَابٌ جَزَاءُ الصَّيدِ

- ‌بَابٌ صَيدُ الْحَرَمَينِ وَنَبَاتِهِمَا

- ‌بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ

- ‌بَابٌ صِفَةُ الْحَجِّ

- ‌بَابٌ الفَواتُ وَالإِحصَارُ

- ‌بَابٌ الهَدْيُ وَالأَضَاحِيِ والعَقِيقَةُ

- ‌كتَابُ الجِهَادِ

- ‌بَابٌ مَا يَلزَمُ الإِمَامَ وَالجَيشَ

- ‌بَابٌ قَسْمُ الْغَنِيمَةِ

- ‌بابٌ الأَرَضُونَ المَغْنَومَةُ

- ‌بَابٌ الفَيءُ

- ‌بَابٌ الأَمَانُ

- ‌بَابٌ الْهُدْنَةُ

- ‌بَابٌ عَقْدُ الذِّمَّةِ

- ‌بَابٌ أَحْكَامُ الذِّمَّةِ

- ‌كِتَابُ البَيعِ

- ‌بَابٌ الشُّرُوطُ فِي البَيعِ

- ‌بَابٌ الْخِيَارُ

- ‌بَابٌ الرِّبَا وَالصَّرْفِ

- ‌بَابٌ بَيعُ الأُصُولِ وَالثِّمَار

- ‌بَابٌ السَّلَمُ

- ‌بَابٌ الْقَرْضُ

- ‌بابٌ الرَّهْنُ

- ‌بَابٌ الضَّمَانُ

- ‌بَابٌ الْحَوَالةُ

- ‌بَابٌ الصُّلْحُ

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌بَابٌ الْوَكَالةُ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌بَابٌ الْمُسَاقَاةُ

- ‌بَابٌ الإِجَارَةُ

- ‌بَابٌ المُسَابَقَةُ

- ‌كِتَابُ العَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الغَصْبِ

- ‌بَابٌ الشُّفْعَةُ

- ‌باب الودِيعَةُ

- ‌بَابٌ إحيَاءُ الْمَوَاتِ

- ‌بَابٌ الْجَعَالةُ

- ‌بَابٌ اللُّقَطَةُ

- ‌بَابٌ اللَّقِيطُ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الاعْتِكَاف لُزُومُ مُسلِمٍ، لَا غُسلَ عَلَيهِ، عَاقِلٍ ولو مُمَيزًا، مَسجِدًا،

‌كِتَابُ الاعْتِكَاف

لُزُومُ مُسلِمٍ، لَا غُسلَ عَلَيهِ، عَاقِلٍ ولو مُمَيزًا، مَسجِدًا، وَلَوْ سَاعَةً، لِطَاعةٍ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فَمَن نَذَرَ، وَأَطلَقَ أَجْزَأَتْهُ سَاعَةٌ لَا عُبُورُهُ، وَسُنَّ أَنْ لَا يَنقُصَ عَنْ يَومٍ وَلَيلَةٍ، وَكُرِهَ تَسْمِيَتُهُ جِوَارٌ (1)، وَحَرَّمَهُ ابنُ هُبَيرَةَ، وَسُنَّ كُلَّ وَقتٍ، وَبِرَمَضَانَ آكَدُ، وآكَدُهُ عَشْرُهُ الأَخِيرُ، وَيَجِبُ بِنَذْرٍ، وَإنْ عَلَّقَ أو غَيرِهِ بِشَرْطٍ، تَقَيُّدٍ بِهِ كُلَّهُ، عَلَي اعتِكَافُ رَمَضَانَ إنْ كُنتُ مُقِيمًا مَثَلًا، فَإِنْ لَم يَكُنْ مُقِيمًا لَمْ يَلْزَمه، ويصِحُّ بِلَا صَومٍ، إلا أَنْ يَقُولَ فِي نَذرِهِ بِصَوم، فمَنْ نَذَرَ أَن يَعْتَكِفَ صَائِمًا أو بِصَومٍ، أو يَصومَ مُعتَكِفًا أو بِاعتِكَافِ نَذْرٍ (2)، أَوْ يَعتكِفَ مُصَلِّيًا أو يُصَلِّي، مُعتَكِفًا، لَزِمَهُ الْجَمعُ بَينَهُمَا كَنَذرِ صَلَاةٍ بِسُورَةٍ مُعَينَّة، وَلَا يَلزَمُهُ صَلَاةَ جَمِيعِ زَمَنِ نَذْرِهِ، فَيُجزِئُهُ رَكْعَتَانِ أَوْ رَكْعَةً.

وَيَتَّجِهُ: لَا رَكعَةٌ خِلَافًا لَهُ (3).

وَلَا يُجْزِئُهُ اعتِكَافُ زَوجَةٍ وَقِنٍّ بِلَا إِذْنِ زَوجٍ (4) فِي صَوْمِ رَمَضَانَ ونحوهِ.

ويتجُهُ: فِي اعتِكَافِ بَعضِ يَوم، صِحَّةُ نِيَّةِ صَوْمٍ إذَنْ، وأنه إن أَفطَرَ أَثنَاءَ (5) أَيَّامٍ اعتَكَفَهَا صَائِمًا يَستَأنِفُ.

(1) في (ج): "خلوة".

(2)

قوله: "نذر" سقطت من (ب).

(3)

الاتجاه سقط من (ج).

(4)

قوله: "زوجه وقن بلا إذن زوج" سقطت من (ب).

(5)

قوله: "أثناء" سقطت من (ج).

ص: 363

وَحَرُمَ اعتكاف زَوجَةٍ وَقِنٍّ بِلَا إذْنِ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ، وَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا مِمَّا شَرَعَا فِيهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ بِهِ، وَهُوَ تَطَوُّعٌ، وَالإذْنُ فِي عَقْدِ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ إذْنٌ فِي فِعلِهِ، وَغَيرَ مُعَيَّنٍ لَا، وَإِنْ لَمْ يُحَلِّلَاهُمَا مِنْ نَذْرٍ خَالفَا فِيهِ، صَحَّ وَأَجْزَأَ، مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ فَلَعَلَّ الحُرْمَةَ عَارِضَةٌ، وَلِمُكَاتَبٍ لَا نَحْوُ أُمِّ وَلَدٍ، اعتِكَافٌ بِلَا إذنٍ، وَحَجٌّ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجمٌ، وَمُبَعَّضٌ كَقِنِّ إلا مَعَ مُهَايَأَةٍ فِي نَوْبَتِهِ فكَحُرٍّ، وَسُنَّ لامرَأَةٍ اسْتِتَارٌ بِخِبَاءٍ، وَنَحْوهِ بِمَكَانٍ لَا يُصلِّي بِهِ الرِّجَالُ، وَلَا بَأسَ بِهِ لِرَجُلٍ.

فصلٌ

وَشُرِطَ مَعَ مَا مَرَّ نِيَّةٌ، وَيَجِبُ أَنْ يُعَيَّنَ نَذْرٌ بِهَا، وَكَوْنُهُ بِمَسْجِدٍ تُقَامُ بِهِ الْجَمَاعَةُ، ولو من مُعْتكِفِينَ إنْ لَزِمَتْهُ وَأَتَى عَلَيهِ فَعْلَ صَلَاةٍ، وَإِلا صَحَّ بِكُلِّ مَسْجِدٍ، كَمِنْ أُنْثَى لَا بِمَسجِدٍ بِبَيتِهَا، وَهُوَ مَا تَتَّخِذُهُ لِصلَاتِهَا لِعَدَمِ صَوْنِهِ عَمَّا حَرُمَ، وَتَسْمِيَتُهُ مَسْجِدًا مَجَازٌ.

وَيَتَّجِهُ: ولو نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ بِبَيتِهِ بِصَوْمٍ، لَزِمَهُ الصَّوْمُ لَا الاعْتِكَافُ، لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَعَكسُهُ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعِيدَ صَائِمًا، لَكِنَّهُ يَقْضِي صَوْمَهُ وَيُكَفِّرَ.

وَمِنْ الْمسجِدِ ظَهْرُهُ وَرَحْبَتُهُ الْمَحُوطَةُ، وَمَنَارَتُهُ الَّتِي هِيَ أَوْ بَابُهَا بِهِ، وَمِنْهُ مَا زِيدَ فِيهِ حَتَّى فِي الثَّوَابِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَعِنْدَ جَمْعٍ وَحُكِيَ عَنْ السَّلَفِ وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ أَيضًا خِلَافًا لِجَمْعٍ: كَابْنِ عَقِيلٍ وَابنِ الْجَوْزِيِّ، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ، وَالأَفْضَلُ لِرَجُلٍ تَخَلَّلَ اعْتِكَافَهُ جُمُعَةُ جَامِعٍ، وَيَتَعَيَّنُ إنْ عُيِّنَ بِنَذْرٍ وَلَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْهُ جُمُعَةٌ، وَلِمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيهِ

ص: 364

أَنْ يَعتكِفَ بِغَيرِهِ، وَيَبطُلُ بِخُرُوجِهِ إلَيهَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ، وَمَنْ عَيَّنَ مَسجِدًا غَيرَ الثَّلَاثَةِ لَم يَتَعَيَّنْ، وَيُخَيَّرُ بَينَ اعتِكَافٍ بِهِ أَوْ بِغَيرِهِ، وَيُكَفِّرُ، وَأَفْضَلُهَا الْحَرَامُ فالنَّبَويِّ، فَالأقصَى، فَمَن نَذَرَ اعتِكَافًا، أو صَلَاةً فِي أَحَدِهَا لم يُجزِئْهُ فِي غَيرِهِ، إلا أَفضَلُ مِنْهُ.

وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: وَلَا يُكَفِّرُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ، لأَنهُ لِغَرَضٍ وَهُوَ الأَفضَلِيَّةُ، وَأَنَّهُ (1) فِي سُورَةٍ مُعَينَةٍ يُجْزِئُهُ أَفْضَلُ مِنْهَا.

وَمَنْ نَذَرَ زَمَنًا مُعَيَّنًا كَيَوْمٍ وَشَهرٍ، شَرَعَ قَبْلَ دَخُولِهِ، وَتَأَخرَ حَتَّى يَنقَضيَ وَتَابَع وُجُوبًا، ولو أَطلَقَ، فَلَا يُفَرِّقُ يَوْمًا بِسَاعَاتٍ، وَشَهْرًا بِأَيامٍ، إلا إن قَال أَيَّامَ شَهرٍ وَعَدَدًا ولو ثَلَاثِينَ، فَلَهُ تَفْرِيقُهُ، مَا لَمْ يَنْو تَتَابُعًا، فَيَجِبُ، وَلَا تَدْخُلُ لَيلَةُ يَوْمَ نَذَرَ، كَيَوْمٌ لَيلَةً، لَكِنْ لو قَال فِي أَثنَاءِ يَومٍ، أو لَيلَةٍ: لله عَلَيَّ أَن أعتَكِفَ يَومًا، أَوْ لَيلَة مِنْ الآنِ أَوْ مِنْ وَقْتِهِ هَذَا، لَزِمَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى مِثلِهِ، وَمَنْ نَذَرَ يَوْمَينِ أَوْ لَيلَتَينِ فَأَكْثَرَ مُتَتَابِعَةً، لَزِمَهُ مَا بَينَ ذَلِكَ مِنْ لَيل أَوْ نَهَارٍ، فَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافُ يَوْمَ قُدُومِ فَلاُنٍ، فَقَدِمَ بِأَثْنَائِهِ.

وَيَتَّجِهُ: وَلَمْ يَكُنْ أُخْبِرَ أَنَّهُ يَقْدُمُ كَذَا (2).

اعْتَكَفَ الْبَاقِي، وَلَمْ يَقضِ الْمَاضِي، كَنَذْرِ اعْتِكَافِ زَمَنٍ مَاضٍ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ حَال قُدُومِهِ، قَضَى وَكَفَّرَ، وَإِنْ قَدِمَ لَيلًا فَلَا شَيءَ عَلَيهِ.

(1) من قوله: "ولا يكفر

الأفضلية وأنه" سقطت من (ج).

(2)

الاتجاه سقط من (ج).

ص: 365

وَيَتَّجِهُ: أو نَهَارًا مُكرَهًا أو مَيِّتًا.

وَمَنْ نَذَرَ اعتِكَافَ عَشْرِ رَمَضَانَ الأَخِيرِ مِثَلًا فَنَقَصَ، أجزَأَهُ، لَا إنْ نَذَرَ عَشرَةَ أيَّامٍ مِنْ آخِرِ الشَهرِ، فَيَقْضِي يَومًا وَشَهرًا مُطلَقًا، كَفَاهُ شَهرٌ هِلَاليٌّ نَاقِصٌ، وَمَنْ اعتَكَفَ رَمَضَانَ أو عَشرَهُ الأَخِيرَ سُنَّ أَنْ يَبِيتَ لَيلَةَ العِيدِ فِي مُعتَكَفِهِ، ويخرُجَ مِنهُ لِلمُصَلَّى.

فصلٌ

يَحرُمُ خُرُوجُ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعٌ مُختَارًا، ذَاكِرًا إلا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، كَإِتيَانِهِ بِمَأْكَلٍ وَمَشرَبٍ، لِعَدَمٍ، وَلَا يَأكُلُ أو يَشرَبُ بِبَيتِهِ أَوْ السُوقِ، وَلِبَولٍ وَغَائِطٍ، وَفِي غَسلِ مُتَنَجِّسٍ يَحتَاجُهُ، وَطَهَارَةٍ وَاجِبةٍ، ولو قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ صَلَاةٍ مَعَ أَنهُ يُبَاحُ بِمَسْجِدٍ، وَلَهُ مِنْهُ بُدٌّ، وَلَهُ الْمَشْيُ إذَا خَرَجَ عَلَى عَادَتِهِ، وَقَصْدُ بَيتِهِ إنْ لَم يَجِدُ مَكَانًا يَلِيقُ بِهِ بِلَا ضَرَرٍ، وَلَا مِنَّةٍ، وَيَلزَمُهُ قَصدُ أَقْرَبِ مَنزِلَيهِ، لَا مَا بُذِلَ لَهُ لِلْمِنَّةِ، وَيَغسِلَ يَدَهُ بِمَسْجِدٍ فِي إنَاءٍ مِنْ نَحْو وَسَخٍ وَزَفَرٍ وَنومِ لَيلٍ، لَا مِنْ نَجَاسَةٍ بِإِنَاءٍ فِيهِ أو في هَوَائِهِ، كَبَولٍ، وَفَصدٍ وَحِجَامَةٍ، وَإن دَعَتِ الضَرُورَةُ (1) لَهُمَا جَازَ خُرُوجُهُ، كَجُمُعَةٍ وَشَهَادَةٍ لَزِمَتَاهُ وَمَرِيضٍ وَجِنَازَةٍ تَعَيَّنَ خُرُوجُهُ لَهَا، وَلَم يَلزَمهُ سُلُوكُ طَرِيقٍ أَقْرَبَ، وَلَا رُجُوعُهُ بَعدَ جُمُعَةٍ فَورًا، بَلْ يُسَنُّ كَعَدَمِ تَبكِيرٍ لَهَا، وَلَهُ شَرْطُ الخُرُوجِ إلَى مَا لَا يَلزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلِكُلِّ قُرْبَةٍ لم تَتَعَيَّنْ كَزِيَارَةٍ، وَغُسلِ مَيِّتٍ، أو مَا لَهُ عَنهُ غِنًى، وَلَيسَ بِقُرْبَةٍ،

(1) في (ب): "ضرورة".

ص: 366

كَعَشَاءٍ وَمَبِيتٍ بِمَنْزِلِهِ لاشْتِرَاطِ خُرُوجٍ لِتَجَارَةٍ أَوْ لِمَا شَاءَ، أَوْ تَكَسُّبٍ فِيهِ بَصَنعَةٍ، وَلَا يَبطُلُ اعتِكَافٌ بِهَا لأنهُ عَاصٍ فِيهِ لَا بِهِ، وَلأَنهُ إنّمَا يُنَافِي حُرْمَةُ المسجد، وَإِنْ قَال: مَتَى مَرِضْتُ أو عَرَضَ لِي عَارِضٌ خَرَجْتُ، جَازَ كَشَرطِ إحرَامٍ.

وَيَتَّجِهُ: مِثلُهُ خُرُوجٌ مِنْ صَلَاةٍ نَذَرَهَا إنْ عَرَضَ عَارِضٌ أَوْ مِنْ صَوْمٍ إنْ جَاعَ أو ضُيِّفَ.

وَكَمَا لَابُدَّ مِنْهُ تَعَيُّنُ نَفِيرٍ وَإِطْفَاءُ حَرِيقٍ وَإِنْقَاذُ نَحْو غِرِيقٍ وَمَرَضٍ شَدِيدٍ وَخَوفٍ مِنْ فِتنَةٍ عَلَى نَفْسِهِ أو حُرمَتِهِ أو مَالِهِ وَنَحوهِ وَعِدَّةُ وَفَاةٍ، وَتُتَحَيَّضُ نَدبًا بِخِبَاءٍ فِي رَحبَتَهِ غَيرِ المَحُوطَةِ، إنْ كَانَتْ وَأَمْكَنَ بِلَا ضَرَرٍ إِلا بِبَيتِهَا، وَتَقْضِي أَيَّامَ نَحو حَيضِهَا وَكَحَيضِ نَفَاسٍ لَا اسْتَحَاضَةٌ فَتَتَلَجَّمُ، وَتَستَمِرُّ وَيَجِبُ فِي وَاجِبٍ رُجُوعٌ بِزَوَالِ عُذرٍ، فَإِنْ أَخَّرَ عَنْ وَقَتِ إمكَانِهِ بِلَا عُذْرٍ، بَطَلَ، وَلَا يَضُرُّ تَطَاوُلُ خُرُوجٍ مُعتَادٍ، كَلِحَاجَةٍ وَطَهَارَةٍ وَطَعَامٍ وَشَرَابٍ وَجُمُعَةٍ، فَلَا يَقْضِي مُدّةَ خُرُوجِهِ، كِيَسِيرُ خُرُوجٍ غَيرَ مُعتَادٍ، لَا تَطَاوُلَهُ فَإِن تَطَاوَلَ عُرْفًا فِي تَطَوُّع، خُيِّرَ بَينَ رُجُوع وَعَدَمِهِ وَفِي وَاجِبِ يِجِبُ رُجُوعُهُ لِمُعتَكَفِهِ، وَلَهُ ثلَاثَةُ أَحْوَالٍ، فَفِي نَذْرٍ مُتَتَابعِ غَيرِ مُعَيَّنٍ، ثم خَرَجَ لِعُذْرٍ، يُخَيَّرُ بَينَ بِنَاءٍ وَقَضَاءٍ، وَيُكَفِّرُ كَيَمِينٍ وَبَينَ استئنَاف، وَلَا كَفَّارَةَ، وَفِي مُعَيِّنٍ يَقْضَي وَيُكَفِّرُ لِفَوَاتِ المَحَلِّ، وَفِي أَيَّامٍ مُطلَقَةٍ، كَخَمسٍ يُتَمِّمُ بِلَا كَفَّارَةٍ، لَكِنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى بَعضِ ذَلِكَ اليَومِ.

ص: 367

فصلٌ

وإنْ خَرَجَ لِمَا لَابُدَّ لَهُ مِنهُ مِمَّا مَرَّ، فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى (1) أَوْ سَأَلَ عَنْ مَرِيضٍ أو غَيرِهِ وَلَمْ يُعَرِّج أو يَقِفْ لِذَلِكَ، أَوْ دَخَلَ مَسْجِدًا يُتِمُّ اعتِكَافَهُ بِهِ أَقْرَبَ لِمَحَلِّ حَاجَتِهِ مِنْ الأَوَّلِ، أَوْ انْهَدَمَ مُعْتَكَفُهُ فَخَرَجَ لِغَيرِهِ، جَازَ وَإِنْ وَقَفَ أو كَانَ أَبْعَدَ، أَوْ خَرَجَ لَهُ ابْتِدَاءً وَتلَاصَقا وَمَشَى فِي انْتِقَالِهِ خَارجًا عَنهُمَا بِلَا عُذْرٍ، أو خَرَجَ لإِستِيفَاءِ حَقٍّ عَلَيهِ، وَأَمْكَنَهُ وَفَاؤُهُ أَوْ سَكِرَ.

ويَتَّجِهُ: آثِمًا.

أو ارتَدَّ أو خَرَجَ كُلَّهُ بِلَا عُذرٍ، ولو قَلَّ زَمَنُ خُرُوجِهِ، أَوْ نَوَاهُ، وَإنْ لم يَخْرُج، بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، إنْ كَانَ عَامِدًا ذِاكِرًا مُخْتَارًا، أَوْ مُكْرَهًا بِحَقٍّ، وَلَزِمَ استِئنَافُ اعْتِكَافٍ مُتَتَابعٍ، بِشَرطٍ أو نِيةٍ، وَلَا كَفَّارَةَ ولو (2) استِئنَافُ مُعَينٍ قُيِّدَ بِتَتَابُعٍ (3) أَوْ لَا وَيُكفِّرُ وَيَكُونُ قَضَاءُ كُل وَاسْتِئنَافُهُ عَلَى صِفَةِ أَدَائِهِ فِيمَا يُمكِنُ فَلَو نَذَرَ اعتِكَافَ رَمَضَانَ فَفَاتُهُ، لَزِمَهُ شَهْرٌ غَيرُهُ بِلَا صَومٍ وَيَبطُلُ اعْتِكَافٌ بِوَطءٍ ولو نَاسِيًا.

ويتَّجِهُ: أَوْ مُكرَهًا.

فِي فَرْجٍ أَوْ دُونَهُ وَأَنْزَلَ فَفِي نَفْلٍ لَا شَيءَ عَلَيهِ، وَفِي نَذْرٍ، فَكَمَا مَرَّ المُنَقِّحُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ أُفْسَدَهُ بِالْخُرُوجِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَبْطُلُ

(1) في (ج): "واشترى".

(2)

قوله: "لو" سقطت من (ب).

(3)

في (ج): "بعد تتابع".

ص: 368

بِإِنْزَالٍ بِنَحْوِ لَمسٍ وَتَقْبِيلٍ وَجَازَ مُبَاشَرَةٌ بِغَيرِ شَهْوَةٍ، وَلَا يَبطُلُ بِإِغْمَاءٍ.

وَيتَّجِهُ: وَجُنُونٍ.

وَأَنَّهُ لَا يَقْضِي زَمَنَ إغْمَائِهِ كَنَائِمٍ، وَلَا زَمَنْ جُنُونِهِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ.

فَصْلٌ

سُنَّ لِمُعْتكِفٍ تَرْكُ لُبسِ رَفِيعِ ثِيَابٍ، وَتَلَذُّذٌ بِمُبَاحٍ لَهُ قَبْلَ اعْتِكَافِهِ، وَعَدَمُ نَومٍ إلا عَنْ غَلَبَةٍ مُتَرَبِّعًا أو مُستَنِدًا.

وَيَتَّجِهُ: وَقَوْلُهُ إن شُتِمَ: إني مُعتَكِفٌ.

وَتَشَاغُلٌ بِقُرَبٍ كَصَلَاةٍ وَذِكرٍ وَاجتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ، كَجِدَالٍ وَمِرَاءٍ وَكَثْرَةِ كَلَام، وَكُرِهَ ذَلِكَ لِمُعتَكِفٍ، غَيرِهِ، وَلَا يُسَنُّ لَهُ إقْرَاءُ قُرآنٍ، وَعِلمٍ، وَمُناظَرَةٌ فِيهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ، بَل هُوَ أَفضَلُ مِنْ الاعْتِكَافِ لِتَعَدِّي نَفْعِهِ، وَكُرِهَ أَن يَتَطَيَّبَ، وَلَا بَأسَ أَن يَتَنَظَّفَ، وَأَنْ تَزُورَهُ نَحوُ زَوْجَتِهِ وَتَتَحَدَّثَ مَعُه، وَتُصلِحَ نَحوَ شَعْرِهِ مَا لم يَتَلَذَّذَ، وَيَتَحَدَّثَ مَعَ مَنْ يَأْتِيهِ لَا كَثيرًا، وَيَأمُرَ بِمَا يُرِيدُ خَفِيفًا وَيَتَزَوَّجَ بِالمَسْجِدِ، وَيَشْهَدَ النِّكَاحَ لِنَفسِهِ وَغَيرِهِ وَيُصلِحَ وَيُعُودَ ويهَنِّئَ وَيُعَزِّيَ، وَيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ بِهِ، ويُكرَهُ صَمْتُهُ عَنْ الكَلَامِ إلَى اللَّيلِ، وَإِنْ نَذَرَهُ لم يَفِ بِهِ قَال الشَّيخَانِ ظَاهِرُ الأَخْبَارِ تَحرِيمُهُ.

وَيَتَّجِهُ: إنْ اعتَقَدَهُ قُرْبَةً (1).

وَلَيسَ هُوَ مِنْ شَرِيَعَةِ الإِسلَام، وَحَدِيثُ:"مَنْ صَمَتَ نَجَا"(2)

(1) الاتجاه سقط من (ج).

(2)

رواه الترمذي (رقم 2689)، مسند الإمام أحمد (رقم 6637، 6814)، الدارمي (2769).

ص: 369

مَحمُولٌ عَلَى الصَّمتِ عَمَّا لَا يَعْنِيِه، وَمَرَّ فِي فَضلِ الْقِرَاءَةِ، تَحْرِيمُ جَعْلِ القُرآنِ بَدَلًا مِنْ الْكَلَامِ، يَنْبَغِي لِمَنْ قَصَدَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَنْويَ الإِعتِكَافَ مُدَّةَ لُبثِهِ فِيهِ.

فصلٌ

الْمَسَاجِدُ بِنَاؤُهَا بِقُرَىً وَاجِبٌ بِحَسَبِ الحَاجَةِ، وَهِيَ أَحَبُّ الْبَقَاعِ إلَى اللهِ، وَعَكسُهَا الأَسوَاقُ، وَسُنَّ مُرَاعَاةُ أَبْنِيتِهَا، وَصَونُهَا عَنْ كُل قَذَرٍ كَمُخَاطٍ وَتَلْويثٍ بِطَاهِرٍ، مَا لم يُؤذِ المُصَلِّينَ، فَيَحْرُمُ، وَعَلَى مَنْ لَوَّثَهُ تَنظِيفُهُ، وَعَنْ رَائِحَةِ نَحْو بَصَلٍ، فَإِنْ دَخَلَهُ آكِلُهُ أَوْ مَنْ لَهُ صُنَانٌ أَوْ بَخْرٌ قِويٌّ، أُخْرِجَ، وَتَقَدَّمَ تَحرِيمُ زَخْرَفَتِهِ بِنَقْدٍ، وَتُكْرَهُ بِنَقْشٍ وَصبْغٍ وَكِتَابَةٍ، وَنَحوهِ مِمّا يُلهِي المُصَلِّيَ، وَإنْ كَانَ مِنْ مَالِ الوَقْفِ، حَرُمَ، وَوَجَبَ الضَّمَانُ، وَلَا بَأْسَ بِتَخصِيصِهِ وَتَبَييضِ حيطَانِهِ، وَلَم يَرَهُ أَحْمَدُ، وَقَال: هُوَ مِنْ زَينَةِ الدنيَا، وَيُصَانُ عَن تَعلِيقِ نَحو مُصحَفٍ بِقِبْلَتِه، وَحَرُمَ فِيهِ بَيعٌ وَشِرَاءٌ، وَلَا يَصِحَّانِ (1) خِلَافًا لِجَمعٍ، وَالإِجَارَةَ كَبَيعٍ، وَسُنَّ قَوْلُ لَا أَربَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ، وَتَقَدَّمَ آخِرَ الغُسلِ مَنْعُ نحو سَكرَانَ مِنهُ، وَتَحْرِيمُ تَكَسُّبِ بِصَنْعَةٍ فِيهِ، وَلَا بَأسَ بِيَسِيرٍ لِغَيرِ تَكَسُّبِ (2)، كَرَفْعِ ثَوْبِهِ وَقُعُودُ صَانِعٍ فِيهِ لِيَنظُرَ مَنْ يَكرِيهِ، وَإنْ وَقَفَ خَارِجَ بِابِهِ فَلَا بَأْسَ، قَال أَحْمَدُ: لَا أَرَى لِرَجُلٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ إلا أَن يُلْزِمَ نَفْسَهُ الذِّكرَ والتَّسْبِيحَ (3)، فَإِنَّ

(1) من قوله: "عن تعليق

ولا يصحان" سقطت من (ج).

(2)

من قوله: "بصنعة

لغير تكسب" سقطت من (ج).

(3)

قوله: "والتسبيح" سقطت من (ج).

ص: 370

المسَاجِدَ إنَّمَا بُنِيَتْ لِذَلِكَ وَلِلصلَاةِ، وفِي كَلَامِ ابْنِ عَقيلٍ فِي حَقِّ مَنْ لَم (1) يَتأَدبُوا بِآدَابِ العلمِ، وَهَل هَذِهِ إلا أَفعَالُ الأَجْنَادِ، يَصْلُونَ فِي دَولَتِهِم، ويلزَمُونَ الْمَسَاجِدَ فِي بَطَالتِهِم.

وَيَجُوزُ تَعلِيمُ كِتَابَةٍ لِصِبيانٍ، لَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ ضَرَر فِيهِ، وَسُنَّ صَونُهُ عَن غَيرِ مُمَيِّزٍ بِلَا مَصلَحَةٍ، وَعَنْ لَغَطٍ وَخُصُومَةٍ، وَكَثرَةِ حِدِيثٍ وَرَفعُ صَوْتٍ بِمَكْرُوهٍ، وَعَنْ اتِّخَاذِهِ طَرِيقًا بِلَا حَاجَةٍ، وَكَوْنَه أَقْرَبَ حَاجَةً.

وَكُرِهَ رَفعُ صَوتٍ فِيهِ وفَاقًا بِغَيرِ عِلْمٍ، وَنَحوهِ خِلَافًا لِمَالِكٍ (2)، وَلَو احتِيجَ إلَيهِ وَهُوَ مَذهَبُ أَبِي حَنَيَفَةَ، وَيُصَانَ عَنْ مَزَامِيرِ الشيطَانِ مِنْ غِنَاءٍ وَتَصفِيقٍ، وَبِضَربٍ بِدُفٍّ، وَإنشَادِ شِعْرٍ مُحَرَّمٍ، وَعَمَلِ سَمَاعٍ، وإنشَادِ ضَالَّةٍ وَنِشدَانُهَا، وَسُن لِسَامِعِهِ قَوْلُ: لَا وَجَدْتهَا، وَلَا رَدهَا اللهُ عَلَيك، وَعَنْ إقَامَةِ حَدٍّ وَسَلِّ سَيفٍ، وَيُمْنَعُ فِيهِ اخْتِلاطُ رِجَالٍ بِنِسَاءٍ، وَإيذَاءُ مُصَلِّينَ وَغَيرِهِم بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَمُنَاظَرَةٌ بِعِلْمٍ لِمُغَالبَةٍ وَمُنَافَرَةٍ، وَيُبَاحُ بِهِ عَقدُ نَكَاحٍ، وَقَضَاءٌ وَحُكمٌ وَلِعَانٌ، وَإِنْشَادُ شَعرٍ مُبَاحٍ، وَإِدْخَالُ نَحو بَعِيرٍ فِيهِ وَنَوْمٌ بِهِ لِمُعْتَكِفٍ، وَغَيرِهِ وَمَبِيتُ ضَيقٍ وَمَرِيضٍ، وَقَيلُولَةٌ، وَكُرِه تَطْيِينُهُ، وَبِنَاؤُهُ بِنَجِسٍ وَخَوضٌ وَفَضُولٌ وَحَدِيثٌ فِيهِ بِأَمْرِ دُنْيَا وَارتِفَاقٌ بِهِ، وَإخْرَاجُ حَصَاهُ وَتُرَابِهِ لِتَبَرُّكٍ، وَلَا تُسْتَعْمَلُ حُصْرُهُ، وَقَنَادِيلُهُ فِي نَحْو عُرْسٍ، وَتَعْزِيَةٍ، وَحَرُمَ حَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرٍ بِهِ، وَجِمَاعٌ فِيهِ خِلَافًا للرِّعَايَةِ وَعَلَيهِ خِلَافًا لابنِ تَمِيمٍ وَبَوْلٌ عَلَيهِ، وَتَقَدمَ

(1) في (ج): "ما لم يتأدبوا".

(2)

في (ج): "وهو مذهب مالك".

ص: 371

قِرِيبًا غَسلُ نَجَاسَتِهِ بِهِ أَو بِهَوَائِهِ، وَيُبَاحُ غَلقُ أَبوَابِهِ فِي غَيرِ وَقْتِ صَلَاةٍ صَونًا لَهُ، وَقَتلُ قُمَّلِ وَبَرَاغِيثَ بِهِ، وَلَا يَحرُمُ إلقَاؤُهُ فِيهِ لِطَهَارَتِهِ، خِلَافًا لَهُ، وَكَلَامُهُ هُنَا فِي كَثِيرِ مسَائِلَ غَيرُ مُحَرَّرٍ، فَأكثَرُهُ ضَعِيفٌ مُكَررٌ، وَيُخْرَجُ مِنْهُ مُعَبِّرٌ لَا قَاصٌّ، قَال أَحمدَ: يُعجِبُنِي قَاصٌّ إذَا كَانَ صَدُوقًا، مَا أَحوَجَ النَّاسُ إلَيهِ، وَقَال: مَا أَنْفَعَهُم وَإِن كَانَ عَامَّةَ حَدِيثُهُمْ كَذِبًا، وَقَال: يُعْجِبُنِي القَصَّاصُ، لأَنهُمْ يَذْكُرُونَ الميزَانَ وَعَذَابَ الْقَبْرِ، وَذَكَرَ ألفَاظًا كَثِيرَةً.

وَسُنَّ كَنسُهُ يَومَ الْخَمِيسِ، وَتَنْظِيفُهُ وَتَطْيِيبُهُ، وَضَوءُ قَنَادِيِلِهِ كُل لَيلَةٍ، وَكَثْرَةُ إيقَادِهَا زِيَادَةً عَلَى الْحَاجَةِ مَمْنُوعٌ، فَمَنْ زَادَ عَلَيهَا كلَيلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ، أَو خَتْمٍ مِنْ مَالِ وَقْفٍ، ضَمِنْ، لأن ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ، لِخُلُوِّهِ عَنْ مَنفَعَةِ الدنْيَا وَالآخِرَةِ، وَيُؤَدي عَادَةً لِكَثْرَةِ لَغَطٍ وَلَهْوٍ وَشُغلِ قُلُوبِ الْمُصَلِّينَ.

قَال الْحَارِثِي: وَتَوَهُّمُ كَونِهِ قُرْبَةً بَاطِلٌ، لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، وَيُمْنَعُ مَارٌّ مِنْ استِطْرَاقِ حِلَقِ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ، وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ مِنْهُ أَحَدًا وَيَجْلِسَ أو يُجْلِسَ (1) غَيرَهُ فِيهِ، إلا الِصَبِي، وَمَنْ أَتْلَفَ مَسْجِدًا ضَمِنَهُ إجمَاعًا، وَيَضْمَنُ بِغَصْبٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يُهْدَمَ مَسْجِدٌ وَيُجَددَ لِمَصْلَحَةٍ نَصًّا وَارِتْفَاقٌ بِحَريِمِهِ مَا لَمْ يَضُر بِمُصلِّينَ، وَلَا يُكْرَهُ تَسَوكٌ بِهِ، وَمَنْ سَرَّحَ شَعْرَهُ وَنَحْوَهُ وَجَمَعَهُ فَأَلْقَاهُ خَارِجَهُ، وَإلا كُرِهَ، لأَنهُ يُصانُ عَنْ القَذَاةِ التِي تَقَعُ فِي الْعَينِ.

(1) قوله: "أحدًا ويجلس أو يجلس" سقطت من (ب).

ص: 372