الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الرِّبَا وَالصَّرْفِ
الرِّبَا مِنْ الْكَبَائِرِ: وَهُوَ تَفَاضُلٌ فِي أَشْيَاءَ، وَنَسَاءٌ فِي أَشْيَاءَ، مُخْتَصٌّ بِأَشْيَاءَ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهَا، فَيَحْرُمُ رِبَا فَضْلٍ فِي كُلِّ مَكِيلٍ (1) أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ وَلَوْ غَيرَ مَطْعُومٍ، أَوْ قَلَّ كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَةٍ، وَمَا دُونَ الأَرُزَّةِ مِنْ نَقْدٍ لَا فِي مَاءٍ، وَلَا فِيمَا لَا يُوزَنُ عُرْفًا، لِصِنَاعَتِهِ مِنْ غَيرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، كَمَعْمُولٍ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدِ وَقُطْنٍ وَنَحْوهِ، فَمَصْنُوعٌ (2) مِنْ نَقْدٍ يُبَاعُ بِمِثْلِهِ وَزْنًا لَا قِيمَةً، خِلَافًا لِلشَّيخِ، وَلَا فِي فُلُوسٍ عَدَدًا -وَلَوْ نَافِقَةً- حَيثُ لَا نَسَاءَ، وَيَصِحُّ بَيعُ صُبْرَةٍ بِجِنْسِهَا إنْ عَلِمَا كَيلَهُمَا وتَسَاويهُمَا وَخُلُوَّهُمَا عَنْ مُخَالِفٍ لَهُمَا، لَكِنْ لَا يَضُرُّ يَسِيرُ نَحْو حَبَّاتِ شَعِيرٍ بِحِنْطَةٍ أَوْ لَا، وَتَبَايَعَاهُمَا (3) مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَكُيِّلَتَا فَكَانَتَا سَوَاءً، وَحَبٍّ جَيِّدٍ خَفِيفٍ لَا بِمُسَوَّسٍ، وَلَا مَكِيلٍ بِجِنْسِهِ وَزْنًا، وَلا مَوْزُونِ بِجِنْسِهِ كَيلًا، إلَّا إذَا عُلِمَ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فِي مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ، وَيَصِحُ إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَيلًا وَوَزْنًا وَجُزَافًا، وَبَيعُ لَحْمٍ بِمِثْلِهِ مِنْ مِثْلِهِ (4) إذَا نُزِعَ عَظْمُهُ، وَبِحَيَوَانٍ مِنْ غَيرِ جِنْسِهِ، وَعَسَلٍ بِمِثْلِهِ إذَا صُفِّيَ، وَفَرْعٍ مَعَهُ غَيرُهُ لِمَصْلَحَتِهِ بِنَوْعِهِ (5)، كَجُبْنٍ بِجُبْنٍ مُتَمَاثِلًا، وَبغَيرِ نَوْعِهِ، كَزُبْدٍ بِمَخِيضٍ، وَلَوْ
(1) في (ج): "في مكيل".
(2)
في (ج): "ومصنوع".
(3)
في (ب): "وتبايعا".
(4)
في (ب): "بمثله من جنسه".
(5)
قوله: "بنوعه" ساقط من (ج).
مُتَفَاضِلًا لَا مِثْلِ زُبْدٍ بِسَمْنِهِ لاسْتِخْرَاجِهِ مِنْهُ، وَلَا مَا مَعَهُ مَا لَيسَ لِمَصْلَحَتِهِ، كَكِشْكٍ بِنَوْعِهِ أَوْ بِفَرْعِ غَيرِهِ، كَكِشْكٍ بِجُبْنٍ، وَلَا بَيعُ فَرْعٍ بِأَصْلِهِ، كَأَقِطٍ أَوْ جُبْنٍ بِلَبَنٍ، وزَيتٍ بِزَيتُونٍ، وَشَيرَجٍ بِسِمْسِمٍ.
وَلَا نَوْعٍ مَسَّتْهُ النَّارُ بِنَوْعِهِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ، وَالْجِنْسُ مَا شَمِلَ أَنْوَاعًا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ، وَالأَدِقَّةِ وَالأَخْبَازِ وَالأَدْهَانِ وَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَالْجُبْنِ وَالسَّمْنِ، أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهَا، لَكِنْ الْبَقَرَ وَالْجَامُوسَ جِنْسٍ، وَالضَّأْنَ وَالْمَعْزَ جِنْسٍ، وَاللَّحْمُ الأَبْيَضُ، كَسَمِينِ الظَّهْرِ، وَاللَّحْمُ الأَحْمَرُ جِنْسٌ، وَنَحْوُ بَقَرٍ أَهْلِيَّةٍ وَوَحْشِيَّةٍ جِنْسَانِ، وَالشَّحْمُ (1) وَالْمُخُّ وَالأَلْيَةُ وَالْقَلْبُ وَالطَّحَالُ وَالرِّئَةُ وَالكِلْيَةُ وَالكَبِدُ وَالكَارعُ أَجْنَاسٌ.
فَيَجُوُزُ بَيعُ رِطْلَيْ لَحْمِ بَقَرٍ بِرَطْلِ شَحْمٍ مِنْهُ، وَرَطْلِ شَحْمٍ مِنْهُ بِرِطْلَي مُخٍّ مِنْهُ، وَيَصِحُّ بَيعُ دَقِيقٍ رِبَويٍّ بِدَقِيقهٍ إذَا اسْتَوَيَا نُعُومَةً، وَمَطْبُوخِهِ بِمَطْبُوخِهِ وَخُبْزِهِ بِخُبْزِهِ إذَا اشْتَوَيَا نِشَافًا أَوْ رُطُوبَةً، لَكِنْ لَا يَضُرُّ يَسِيرُ زِيَادَةِ أَخْذِ نَارٍ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الآخَرِ، وَعَصِيرِهِ بِعَصِيرِهِ وَرَطْبِهِ بِرَطْبِهِ وَيَابِسِهِ بِيَابِسِهِ، وَمَنْزُوع نَوَاهُ بِمِثْلِهِ، وَنَوًى بِتَمْرِ فِيهِ نَوًى -وَلَوْ مُتَفَاضِلًا- وَتَمْرٍ فِيهِ نَوًى بِمِثْلِهِ لَا مَعَ نَوَاهُ بِمَا مَعَ نَوَاهُ، وَلَا مَنْزُوعٍ نَوَاهُ بِمَا نَوَاهُ فِيهِ، وَلَا خَلِّ عِنَبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ بَلْ خَلِّ كُلِّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ.
وَيَتَّجِهُ: وَلَا خَلِّ رُطَبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ بَلْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ، وَلا خَلِّ زَبِيبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ أَوْ رُطَبٍ بَلْ خَلِّ عِنَبٍ برُطَبٍ.
(1) من قوله: "الأبيض
…
والشحم" ساقط من (ج).
وَلَا حَبَّ بِدَقِيقِهِ أَوْ سَويقِهِ، وَلَا دَقِيقِ حَبٍّ بِسَويقِهِ، وَلَا خُبْزٍ بِحَبِّهِ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَويقِهِ، وَلَا نِيئِهِ بِمَطْبُوخِهِ، وَلَا أَصْلِهِ بِعَصِيرِهِ، وَلَا خَالِصِهِ أَوْ مَشُوبِهِ بِمَشُوبِهِ، وَلَا رَطِبِهِ بِيَابِسِهِ (1).
* * *
(1) قوله: "ولا رطبه بيابسه" ساقط من (ج).
فَصْلٌ
وَلَا تَصِحُّ الْمُحَاقَلَةُ: وَهِيَ بَيعُ الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ، وَيَصِحُّ بِغَيرِ جِنْسِهِ.
وَلَا الْمُزَابَنَةِ: وَهِيَ بَيعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِالتَّمْرِ، إلَّا فِي الْعَرَايَا: وَهِيَ بَيعُ رُطَبٍ عَلَى نَخْلٍ خَرْصًا بِمِثْلِ مَا يَؤُولُ إلَيهِ إذَا جَفَّ كَيلًا، فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِمُحْتَاجٍ لِرُطَبٍ، وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ بِشَرْطِ حُلُولٍ وَتَقَابُضٍ بِمَجْلِسِ عَقْدٍ، فَفِي نَخْلٍ بِتَخْلِيَةٍ، وَفِي تَمْرٍ بِكَيلٍ، فَلَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ مَشَيَا، فَسَلَّمَ الآخَرُ صَحَّ، وَلَا تَصِحُّ، فِي بَقِيَّةِ الثَّمَارِ، وَلَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ، وَلَوْ مِنْ عَدَدٍ فِي صَفَقَاتٍ، وَلَا يَضُرُّ تَعَدُّدُ الْعَرَايَا لِبَائِعٍ، وَبَطَلَ إنْ أَتْمَرَ قَبْلَ أَخْذِهِ، وَيَصِحُّ بَيعُ نَوْعَي جِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ بِنَوْعَيهِ أَوْ نَوْعِهِ كَدِينَارٍ قِرَاضَةً، وَهِيَ قِطَعُ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَصَحِيحٍ بصَحِيحَينِ، أَوْ قِرَاضَتَينِ أَوْ صَحِيحٍ بصَحِيحٍ، وَحِنْطَةٍ حَمْرَاءَ وَسَمْرَاءَ بِبَيضَاءَ، وَتَمْرٍ مَعْقِلِيٍّ، وَبَرْنِيٍّ بِإِبْرَاهِيمِيٍّ، وَلَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ، وَصُوفٍ بِمَا عَلَيهِ صُوفٌ، وَذَاتِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ (1) بِمِثْلِهَا، وَدِرْهَمٍ فِيهِ نُحَاسٌ بِنُحَاسٍ أَوْ بمُسَاويهِ فِي غِشٍّ بِيَقِينٍ، وَتُرَابِ مَعْدِنٍ وَصَاغَةٍ بِغَيرِ جِنْسِهِ، وَمَا مُوِّهَ بِنَقْدٍ مِن نَحْو دَارٍ لَا حُلِيَّ بِجِنْسِهِ، وَنَحْو نَخْلٍ عَلَيهِ ثَمَرْ بِمِثْلِهِ وَبِتَمْرٍ، وَثَمَرَةُ كُلٍّ لِبَائِعِهِ.
وَيَتَّجِهُ: إنَّ قَصَدَ الثَّمَرَ أَيضًا فَلَا.
ولَا يَصِحُّ بَيعُ رِبَويٍّ بِجِنْسِهِ ومَعَهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيرِ جِنْسِهِمَا،
(1) في (ج): "وصوف".
كَمُدِّ عَجوَةٍ وَدِرهَمٍ بِمِثلِهِمَا، أو بِمُدَّينِ أو بِدِرْهَمَينِ، إلا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُقصَدُ، كَخُبزٍ فِيهِ مِلْحٌ بِمِثلِهِ وَبِمِلْحٍ أو كَثِيرًا، لَكِنْ لِمَصْلَحَةِ المَقصُودِ، كَمَاءٍ بِخَلٍّ تَمرٍ أو زَبِيبٍ وَدِبسٍ بِمِثلِهِ، لا مَا لَيسَ لِمَصْلَحَتِهِ، كَلَبَنٍ مَشُوبٍ بِمِثْلِهِ.
وَيَصِحُّ أَعطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصفَ دِرهَمٍ، وَبِالنِّصْفِ الآخَرِ فُلُوسًا أَوْ حَاجَةً، أَوْ أَعْطِنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ فُلُوسًا (1)، وَبِالآخَرِ نِصْفَينِ، وَقَوْلُهُ لِصَائِغٍ: صُغْ لِي خَاتَمًا وَزنُهُ دِرْهَمٌ، وَأُعْطِيَكَ مِثلَ زِنَتِهِ، وَأُجْرَتَكَ دِرْهَمًا، وَلِلصائِغِ أَخْذُ الدِّرهَمَينِ، أَحَدُهُمَا: فِي مُقَابَلَةِ الخَاتَمِ، وَالثانِي: أُجرَةٌ لَهُ.
وَمَرجِعُ كَيلٍ عُرفُ المَدِينَةِ، وَوَزْنٍ عُرفُ مَكةَ، عَلَى عَهْدِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَا لَا عُرفَ (2) لَهُ هُنَاكَ يُعتَبَرُ فِي مَوضِعِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ اُعْتُبِرَ الغَالِبُ، فَإِن لم يَكُنْ رُدَّ إلَى أَقرَبِ مَا يُشبِهُهُ بِالْحِجَازِ.
وَكُلُّ مَائِعٍ وَحَبٍّ وَثَمَرٍ كَتَمرٍ، فَدُونَهُ مَكِيلٌ، وَذَهَبِ وَفِضةٍ مُطلَقًا، وَغَيرِ مَعمُولٍ من نُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَرَصَاصٍ وَغَزلِ كَتَّان وَقُطْنٍ وَحَرِيرٍ وَقَزٍّ وَشَعْرٍ وَشَمْعٍ وَعِنَبٍ وَزَعْفَرَانٍ وَعُصْفُرٍ وَخُبْزٍ وَجُبْنٍ وَلُؤْلُؤٍ مَوْزُونٍ، وَمِنْهُ زُبدٌ وَسَمنٌ جَامِدٌ وَعَجوَةٌ تَجَبَّلَتْ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمَعْدُودٌ لَا رِبًا فِيهِ، كَحَيَوَانٍ وَجَوزٍ وَبَيضٍ وَرُمَّانٍ وَقِثاءٍ وَخِيَارٍ وَسَفَرجَلٍ وَتُفاحٍ وَخَوخٍ وَخُضَرٍ وَبُقُولٍ وَمَعمُولٌ من مَوزُونٍ كَثِيَابٍ وَخَوَاتِمَ وَإِبَرٍ وَسَكَاكِينَ، وَنَحوهَا.
* * *
(1) قوله: "أو حاجة أو أعطني بهذا الدرهم فلوسا" ساقط من (ج).
(2)
في (ج): "وما عرف".
فصلٌ
ويحْرُمُ رِبَا النسِيئَةِ بَينَ مَا اتفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ، كمُدِّ بُرٍّ بِمِثْلِهِ أو شعِيرٍ، وَكَقَزٍّ بخُبْزٍ (1)، فَيُشْتَرَطُ حُلُولٌ وَقَبْضٌ بِالْمَجلِسِ، لَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَقدًا إلا فِي صَرْفِهِ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ، فَكَنَقدٍ خِلَافًا لَهُ، وَيَحِلُّ نَسَاءٌ فِي مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ، وَفِيمَا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا فَضْلٍ، كَثِيَابٍ وَحَيَوَانٍ.
وَلَا يَصِحُّ (2) بَيع كَالِئٍ بِكَالئٍ وَهُوَ بَيعُ دَينٍ بِدَينٍ، وَلَوْ لِمَنْ هُوَ عَلَيهِ، وَلَا (3) جَعلُهُ رَأسَ مَالِ سَلَمٍ، وَلَا تَصَارُفُ الْمَدِينَينِ بِجِنْسَينِ فِي ذِمَّتيَهِمَا مِنْ نَقدٍ أو رِبَويٌّ، وَتَصِحُّ مُعَاوَضَةٌ إن أُحضِرَ عِوَضٌ (4) أَوْ كَانَ أَمَانَةً عِندَهُ وَتَعَاوَضَا عَلَى مَا يَرضَيَانِهِ مِنْ السِّعرِ، وَمَن عَلَيهِ دِينَارٌ دَينًا، فَقَضَاهُ دَرَاهِمَ مُتَفَرِّقَةً، كُلَّ نَقْدَةٍ بِحِسَابِهَا مِنْهُ صَحَّ، فَإِن لَمْ يَفعَل ذَلِكَ ثم تَحَاسَبَا بَعْدُ فَصَارَفَهُ بِهَا وَقْتَ المحاسَبَةِ، فَلَا لأنّهُ بَيعُ دَينٍ بِدَينٍ، وَمَنْ وَكَّلَ غَرِيمَهُ فِي بَيعِ سِلعَةٍ وَأَخْذِ دَينِهِ من ثَمَنِهَا فَبَاعَ بِغَيرِ جِنْسِ مَا عَلَيهِ لم يَصِحَّ أَخذُهُ، لأنَهُ لم يَأذَن لَهُ فِي مُصَارَفَةِ نَفْسِهِ.
ويتَّجِهُ: الصحَّةُ مَعَ إذْنِهِ فِيهَا.
وَمَنْ عَلَيهِ دِينَارٌ فَبَعَثَ إلَى غَرِيمِهِ دِينَارًا وَتَتِمَّتُهُ دَرَاهِمَ، أو أَرسَلَ من عَلَيهِ دَنَانِيرُ غَرِيمَهُ إلَى من لَهُ عَلَيهِ دَرَاهِمُ، وَقَال خُذْ حَقَّكَ مِنْهُ
(1) في (ج): "وكبر فيشترط حلول".
(2)
زاد في (ب): "وحيوان وتبن ولا يصح".
(3)
في (ج): "ولو".
(4)
في (ج): "ويصح وإن حضر أحدهما".
دَنَانِيرَ، فَقَال الذِي أُرسِلَ إلَيهِ خُذْ دَرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ لم يَجُزْ، وَمَنْ وَجَبَ عَلَيهِ دَرَاهِمُ بِعَقْدٍ، فَأَعطَى عَنْهَا دَنَانِيرَ، ثم انْفَسَخَ رَجَعَ بِالدَّرَاهِمِ.
* * *
فصلٌ
وَالصَّرْفُ بَيعُ نَقدٍ بِنَقْدٍ، ويبطُلُ كَسَلَم بِتَفَرُّقٍ يُبطِلُ خِيَارَ الْمَجلِسِ، وَبِمَوتٍ قَبلَ تَقَابُضٍ، وَإنْ تَأَخَّرَ فِيَ بَعضٍ بَطَلَ فِيهِ فَقَط، ويصِحُّ تَوكِيلٌ فِي قَبضِ رِبَويٍّ مَا دَامَ مُوَكِّلُهُ بِالْمَجلِسِ، وإنْ تَصَارَفَا عَلَى عَينَينِ مِنْ جِنْسَينِ.
وَيَتَّجِهُ: ولو بِلَا وَزْنٍ أو إخْبَارٍ بِهِ خِلَافًا لَهُمَا، لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ المُمَاثَلَةِ.
وَظَهَرَ غَصْبٌ أو عَيبٌ فِي جَمِيعِهِ وَلَو يَسِيرًا مِنْ غَيرِ جِنْسِهِ، كَنُحَاسٍ بِنَقْدٍ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَإِنْ ظَهَرَ فِي بَعضِهِ بَطَلَ فِيهِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ، كَرَدَاءَةٍ وَتَغَيُّرِ سَكَّهَ أَوْ تَبَيَّنَ نَقْصٌ، فَلآخِذِهِ الْخِيَارُ، فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ وَإنْ أَمْسَكَ (1) فَلَهُ أَرشُهُ بِالْمَجْلِسِ لَا مِنْ جِنسِ السَّلِيمِ، وبَعْدَ الْمَجلِسِ مِنْ غَيرِ جِنْسِهِمَا، وَكَذَا كُلُّ رِبَويٍّ نَسَاءٍ بِيعَ غَيرِ جِنْسِهِ، فَبُرٌّ بِشَعِيرٍ، وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيبٌ بَعدَ تَفَرُّقٍ، فَأَرْشٌ بِدِرْهَمٍ أَوْ نَحْوهِ مِمَّا لَا يُشَارِكُهُ فِي عِلَّةِ الْكَيلِ جَازَ، وَإنْ تَصَارَفَا عَلَى جِنْسَينِ، بِذِمةٍ وَتَقَابَضَا قَبْلَ تَفَرُّقٍ وَالْعَيبُ مِنْ جِنْسِهِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَلَهُ قَبْلَ تَفَرُّقٍ إبْدَالُهُ أَوْ أَرْشِهِ.
ويتجِهُ: لَا مِنْ جِنْسِ السَّلِيمِ.
(1) في (ج): "أمسكه".
وَبَعدَهُ لَهُ إمسَاكُهُ مَعَ أَرشٍ لَا مِنْ (1) جِنسِهِمَا، وَأَخْذُ بَدَلِهِ بِمَجلِسٍ رُدَّ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبلَهُ بَطَلَ العَقدُ، وَإن لم يَكُنْ الْعَيبُ مِنْ جِنْسِهِ، فَتَفَرَّقَا قَبلَ رَدٍّ وَأَخْذِ بَدَلٍ، بَطَلَ، وَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا دُونَ الآخَرِ فَلِكُلٍّ حُكْمُ نَفْسِهِ، وَالْعَقْدُ عَلَى عَينَينِ رِبَويَّينِ مِنْ جِنْسٍ كَمِنْ جِنْسَينِ، إلا أنه لَا يَصِحُّ أَخْذُ أَرشٍ مُطلَقًا، وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْم بِالْمُمَاثَلَةِ وَلَوْ بِوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ خَبَرِ (2) صَاحِبِهِ. (3)
وَإنْ تَلِفَ عِوَضٌ قُبِضَ فِي صَرفٍ ثم عَلِمَ العَيبَ (4) -وَقَدْ تَفَرَّقَا- فُسِخَ وَرُدَّ مَوْجُودٌ، سَلِيمٌ وَتَبَقى تَالِفٍ (5) فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلِفَ بِيَدِهِ، فَيَرُدُّ مِثْلَها أَوَ عِوَضَهَا (6) إنْ اتَّفَقَا عَلَيهِ، وَيَصِحُّ أَخذُ أَرشِ الْعَيبِ فِي الجِنْسَينِ وَلَوْ تَفَرَّقَا، خِلَافًا لِلمُنتَهَى فِيمَا يُوهِمُ هُنَا، لَا مِنْ جِنْسِهِمَا.
* * *
(1) في (ج): "مع".
(2)
في (ج): "وخبر".
(3)
زاد في ب بعد قوله: "صاحبه" قوله: "ويتجه: ولو بعد تبايع إن بانا سواء".
(4)
في (ج): "عيبه".
(5)
في (ب): "ويبقى تالف"، وفي (ج):"وتبقى قيمة معيب".
(6)
في (ب): "مثله أو قيمته".
فصلٌ
وَلِكُلٍّ الشرَاءُ مِنْ الآخر مِنْ جِنْسِ مَا صُرِفَ بِلَا مُوَاطَأَةٍ، وَصَارِفُ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ أَعطَى فِضَّةً أَكْثَرَ لِيَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ فَأَخَذَ جَازَ، وَلَوْ بَعْدَ تَفَرُّقٍ وَالزائِدُ أَمَانَةٌ.
وَيتجِهُ: فَلَا يَضْمَنُ آخِذُ دَنَانِيرَ لِيَختَارَ وَاحِدًا قَرضًا (1).
وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِنِصفِ دِينَارٍ فَأَعطَى دِينَارًا، صَحَّ وَلَهُ مُصَارَفَتُهُ بَعْدُ بِالبَاقِي، ولو اقتَرَضَ الخَمسَةَ وَصَارَفَهُ بِهَا عَنْ البَاقِي صَحَّ بِلَا حِيلَةٍ (2)، وَهِيَ التوَسُّلُ إلَى مُحَرَّمٍ بِمَا ظَاهِرُهُ الإِبَاحَةُ، وَالْحِيَلُ كُلُّهَا غَيرُ جَائِزَةٍ فِي شَيءٍ مِنْ الدِّينِ، كَأَن يُظهِرَا عَقدًا يُرِيدَانِ بِهِ مُحَرَّمًا مُخَادَعَةً، فَيَحْرُمُ قَرضُهُ شَيئًا لِيَبِيعَهُ سِلعَةً بِأَكْثَرَ من قِيمَتِهَا، أو لِيَشتَرِيَ مِنهُ سِلعَةً بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا (3)، تَوَسُّلًا لِجَرِّ النَّفعِ، وَكَمسأَلَةِ العِينَةِ المُتَقَدِّمَةِ وَالمُسَاقَاةِ مَعَ الإِجَارةِ الآتِيةِ، وَذَكَرَ ابنُ القَيِّمِ فِي إِعلامِ المُوَقعِينِ صُوَرًا كَثِيرَةَ جِدًّا، وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةٌ وَزنًا، فَوَفَّاهَا عَدَدًا فَوُجِدَت وَزْنًا أَحَدَ عَشَرَ، فالزَّائِدُ مُشَاعٌ مَضْمُونٌ عَلَيهِ لأنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ، وَلِمَالِكِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَمَنْ بَاعَ دِينَارًا بِدِينَارٍ مُعَيَّنَينِ بِإِخْبَارِ صَاحِبِهِ بِوَزنِهِ وَتَقَابَضَا وَافْتَرَقَا، فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا نَاقِصًا أو زَائِدًا بَطَلَ الْعَقدُ، وَفِي الذِّمَّةِ وَتَقَابَضَا وَافْتَرَقَا، فَالزَّائِدُ بِيَدِ قَابِضٍ مُشَاعٌ مَضْمُونٌ، وَلَهُ دَفْعُ عِوَضِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَغَيرِهِ، وَلِكُلّ
(1) الاتجاه ساقط من (ج).
(2)
زاد في (ب) بعد قوله: "حيلة" قوله: "والحيلة هنا على التفريق قبل قبض جميع الثمن".
(3)
قوله: "أو ليشتري منه سلعة بأقل من قيمتها" ساقط من (ج).
فَسْخُ الْعَقدِ، وَيَجُوزُ صَرفٌ وَمُعَامَلَةٌ بمَغشُوشٍ.
وَيَتَّجِهُ: غَيرِ جَارٍ بَينَ النَّاسِ (1).
ولو بِغَيرِ جِنسِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ وَإلا حَرُمَ، وَالكِيمْيَا غِشٌّ، فَتَحرُمُ، قَال الشيخُ: بِلَا نِزَاعٍ بَينَ المسلِمِينَ، ثَبَتَتْ عَلَى الرَّوبَاصِ أو لَا، ويقتَرِنُ بِهَا كَثِيرٌ السِّيمِيَاءِ التِي هِيَ مِنْ السِّحرِ، وَلَوْ كَانَتْ حَقًّا مُبَاحًا لَوَجَبَ فِيهَا خُمسٌ أو زَكَاةٌ، وَلَم يُوجِبْ عَالِمٌ فِيهَا شَيئًا، وَالقَوْلُ بأن قَارُونَ عَمِلَهَا، بَاطِلٌ، وَلَا يَجُوزُ بَيعُ كُتُبٍ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ صِنَاعَتِهَا، ويجُوزُ إتلَافُهَا انتَهَى.
وَيَتَّجِهُ: بِنَاءُ هَذَا عَلَى الْقَولِ بِعَدَمِ قَلْبِ الأَعيَانِ حَقِيقَةً، وَإلا فَلَا، فإن للهِ خَوَاصٌّ وَأَسْرَارًا فِي العَالمِ يَنقَلِبُ بِهَا نَحوُ النُّحَاسِ ذَهَبًا خَالِصًا لَكِنَّهُ عَزِيزٌ.
وَيَحرُمُ كَسرُ السِّكَّةِ الجَائِزَةِ بَينَ المسلمين، ولو لِصِيَاغَةٍ، وَإِعطَاءِ سَائِلٍ إلا (2) أَن يُختَلَفَ فِي شَيءٍ مِنهَا هَل هُوَ رَدِيءٌ أَو جَيِّدٌ، وَكَانَ إبْنُ مَسعُودٍ يَكسِرُ الزُّيُوفَ وَهُوَ عَلى بَيتِ المَالِ، وَلَا يَحِلُّ لِقَابِضِهَا إخْرَاجُهَا فِي مُعَامَلَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَغرِيرِ المسلِمِينَ، وَكُرِهَ كَتْبُ قُرْآنٍ عَلَيهَا وَنَثرُهَا عَلَى النَّاسِ، وَأَوَّلُ ضَرب الدرَاهِمِ عَلَى عَهدِ الْحَجَّاجِ، وَلَا يَجُوزُ لِلسُّلطَانِ تَحرِيمُ النُّقُودِ (3) التِي بِأَيدِي النَاسِ، لِيُفْسِدَ مَا
(1) الاتجاه ساقط من (ج).
(2)
في (ج): "لا".
(3)
في (ج): "الفلوس".
عِندَهُم مِنْ الأَمْوَالِ، وَكُرِهَ ضَربُ نَقدٍ مَغْشُوشٍ وَاتِّخَاذُهُ، نَصًّا، وَضَرْبٌ لِغَيرِ السُّلطَانِ. قَال أَحمَدُ: لَا يَصلُحُ ضَربُ الدَّرَاهِمِ إلَّا فِي دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلطَانِ، وَيُعطِي أُجرَةَ الصُّنَّاعِ مِنْ بَيتِ الْمَالِ.
* * *
فصلٌ
وَيَتَمَيَّزُ ثَمَنٌ عَنْ مُثْمَنٍ بِبَاءِ البَدَلِيَّةِ، ولو أَنَّ أَحَدَهُمَا نَقْدٌ، فَمَا دَخَلَت عَلَيهِ فثَمَنٌ، وَيَصِحُّ اقتِضَاءُ نَقدٍ من آخَرَ إن أَحضَرَ أَحَدَهُمَا أو كَانَ أَمَانَةً، والآخر مُسْتَقِرٌ فِي الذمَّةِ ولو غَيرَ حَالِ بِسِعْرِ يَوْمِهِ.
ويتجه: إنْ تَشَاحَّا وَإلا جَازَ بِأَنقَصَ.
وَمَنْ اشتَرَى شيئًا بِنِصْفِ دِينَارٍ، لَزِمَهُ ثم إنْ اشْتَرَى آخَرَ بِنِصْفٍ آخَرَ، لَزمَهُ، وَيَجُوزُ إعطَاؤُهُ عَنهُمَا صَحِيحًا لَكِنْ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ الثانِي، أَبطَلَهُ، وَقَبلَ لُزُومِ الأول بِخِيَارٍ يُبطِلُهُمَا، وَتَتَعَينُ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ.
وَيَتجِهُ: وَغَيرُهَا بِتَعيِينٍ فِي جَمِيعِ عُقُودِ المُعَاوَضَاتِ.
وَتُملَكُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ إبدَالُهَا، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا (1) قَبْلَ قَبضٍ، وَمِنْ ضَمَانِهِ، الْمُنَقِّحُ: إن لم تَحْتَجْ لِوَزنٍ أَوْ عَدٍّ (2) يعني وَنَحْوهِ، ويبطُلُ غَيرُ نِكَاحٍ وَخُلعٍ وَعِتْقٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمِ عَمْدٍ بِكَوْنِهَا مَغْصوبَةً أَوْ مَعِيبَةً مِنْ غَيرِ جِنْسِهَا، وفِي بَعضٍ هُوَ كَذَلِكَ فَقَطْ، وَمِنْ جِنْسِهَا يُخَيَّرُ مُشتَرِيهَا بَينَ فَسخٍ أَوْ إمسَاكٍ، وَالأَرْشُ كَمَا مَرَّ، وَمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِدِرهَم بِعَينِهِ تَعَيَّنَ، قَالهُ فِي الانْتِصَارِ، خِلَافًا لِلقَاضِي فلَا يَضْمَنُهُ أَجْنَبِيٌّ تَصَدَّق بِهِ، وَيَحْرُمُ رِبًا بدَارِ حَربٍ، ولو بَينَ مُسْلِم وَحَرْبِيٍّ، لَا بَينَ سَيِّدٍ وَرَقِيقةٍ ولو مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أو مُكَاتَبًا فِي مَالٍ كِتَابَةً فَقَطْ.
* * *
(1) في (ج): "فيه".
(2)
في (ج): "وعد".