الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الأَمَانُ
ضِدُّ الْخَوْفِ، وَيَحْرُمُ بِهِ قَتْلٌ، وَرِقٌّ، وَأَسرٌ، وَأَخْذُ مَالٍ، وَلَا جِزْيَةَ مُدَّةَ أَمَانٍ، وَشُرِطَ كَونُهُ من مُسلِمٍ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ، غَيرِ سَكْرَانٍ، وَلَوْ قِنًّا أو أُنثَى أو مُمَيَّزًا أو أَسِيرًا ولو لأَسِيرٍ، وَعَدَمُ ضَرَرٍ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى عَشرِ سِنِينَ.
وَيَتَّجِهُ: وَيَبطُلُ فِيمَا زَادَ فَقَط (1).
وَيَصِحُّ مُنَجَّزًا وَمُعَلَّقًا، مِنْ إمَام لِجَمِيعِ المُشْرِكِينَ، وَمِنْ أَمِيرٍ لأَهلِ بَلْدَةٍ جُعِلَ بِإِزَائِهِم لِقِتَالٍ، وَمِنْ كلِّ أَحَدِ لِقَافِلةٍ، وَحِصنٍ صَغِيرَينِ عُرْفًا كَمِائَةٍ فَأَقَلُّ، وَمَنْ صَحَّ أَمَانُهُ قَبلَ إخْبَارِهِ بِهِ إذَا كَانَ عَدْلًا، كَمُرضِعَةٍ عَلَى فِعلِهَا، وَلَا يَنقُضُهُ إمَامٌ إلا إذَا خَافَ خِيَانَةً.
وَإنْ ادَّعَى الأَمَانَ أَسِيرٌ فَقَولُ مُنكرِهِ، وَمَنْ طَلَبَ الْكَفَّ لِيَدُلَّ عَلَى كَذَا فَامتَنَعَ ضُرِبَ عُنُقُهُ، وَيَصِحُّ بِقَولٍ كَسَلَامٍ وَأَنْتَ أو (2) بَعْضُكَ أو يَدُكَ وَنَحوُهَا آمِنٌ، وَكَلَا بَأسَ عَلَيك، وَأَجَرْتُك، وَقِفْ وَأَلْقِ سِلَاحَكَ، وَقُمْ وَلَا تَذْهَل، وَمَترَسٌ وَمَعْنَاهُ بِالفَارِسِيةِ: لَا تَخَفْ، وَبِشِرَائِهِ.
قَال أَحمَدُ: إذَا اشْتَرَاهُ لِيَقتُلَهُ فَلَا يَقتُلْهُ، وَبِإِشَارَةٍ تَدُلُّ عَلَيهِ كَإِمْرَارِ يَدِه أو بَعضهَا عَلَيهِ، بِإِشَارَةٍ بِسَبابَتِهِ إلَى السَّمَاءِ، وَيَسرِي إلَى مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ إلا أَن يُخَصَّصَ، وَيَجِبُ رَدُّ مُعتَقِدِ غَيرِ الأَمَانِ أَمَانًا إلَى مَأْمَنِهِ.
(1) في (ج): "ويتجه: فيما إذا زاد فقط".
(2)
في (ج): "وبعضك".
وَإن طَلَبَه لِيَسمَعَ كَلَامَ الله، وَيَعرِفَ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ لَزِمَ إجَابَتُهُ، ثم يُرَدُّ إلَى مَأمَنِهِ، وَمَنْ أُمِّن فَرَدَّ الأَمَانَ أو خَانَنَا ولو بِصَوْلتِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لِقَتلِهِ، بَطَلَ أَمَانُهُ وَيُعقَدُ لِرَسُولٍ وَمُسْتَأمَنٍ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيهِمَا مُدَّتَهُ، وَمَنْ أَسْلَمَ أو أُعطِيَ أَمَانًا لِيَفتَحَ حِصنًا فَفَتَحَهُ وَاشتَبَهَ حَرُمَ قَتْلُهُمْ (1)، ويتَوَجّهُ مِثلُهُ لو نَسِيَ أو اشْتَبَهَ مَنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ.
وَيَتجِهُ: أو لَزِمَهُ غُرْمٌ كَدِيَةٍ.
وَإن اشتَبَهَ مَا أُخِذَ مِنْ كَافِرٍ بِمَا أُخِذَ مِنْ مُسْلِمٍ (2) ظُلْمًا، فَيَنْبغي الكَفُّ، وَمَنْ جَاءَنَا بِلَا أَمَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُول أو تَاجِرٌ وَصَدَّقَتْهُ عَادَةٌ (3) قُبِلَ، وَإلا أو كَانَ جَاسُوسًا فَكَأَسِيرٍ، وَإِنْ لَقِيَتْ سَرِيَّةٌ أَعْلَاجًا، فَادَّعَوْا الأَمَانَ، قُبِلَ إنْ لم يَكُنْ مَعَهُم سِلَاحٌ.
قَال أَحمَدُ: إذَا لَقِيَ عِلجًا، فَطَلَبَ مِنْهُ الأَمَانَ فَلَا يُؤَمِّنْهُ، لأَنهُ يَخَافُ شَرَّهُ، وَإن كَانُوا سَرِيَّةً فَلَهُمْ أَمَانُهُ، وَمَنْ جَاءَتْ بِهِ رِيحٌ أَوْ ضَلَّ الطرِيقَ أو أَبَقَ أو شَرَدَ إلَينَا فَلآخِذِهِ، وَلَا يَدْخُلُ أَوْ تَاجَرَ (4) أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَينَا بِلَا إذْنٍ ولو رَسُولًا وَتَاجِرًا، وَمَنْ دَخَلَ مِنَّا دَارَهُمْ بِأَمَانٍ حَرُمَ عَلَيهِ خِيَانَتُهُم وَمُعَامَلَتُهُم بِالرِّبَا، فَإِن خَانَهُم أَوْ سَرَقَ مِنهُم أَوْ اقْتَرَضَ شَيئًا، وَجَبِ رَدُّهُ لِرَبِّهِ، وَإنْ افتَرَضَ حَربِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ ثم أَسْلَمَ، لَزِمَهُ رَدُّ قَرضٍ، وَإن أَودَعَ أو أَقْرَضَ مُستَأْمَن مُسْلِمًا، أَوْ ذِميًّا مَالا أَوْ تَرَكَهُ ثم عَادَ لِدَارِ حَربٍ مُستوطِنًا أو مُحَارِبًا بَطَلَ أَمَانُهُ، وَبَقِيَ أَمَانُ مَالِهِ وَلَوْ عِنْدَ
(1) زاد في (ب): "قتلهم ورقهم".
(2)
زاد في (ب): "من مال كافر بما أخذ من مال مسلم".
(3)
في (ب): "وصدقته عادة".
(4)
قوله: "أو تاجر" سقطت من (ج).
ذمِّيٍّ انْتَقَضَ عَهْدُهُ وَعِبَارَتُهُمَا هُنَا تُوهِمُ، وَيَبْعَثُ لَهُ إنْ طَلَبَهُ، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وإن مَاتَ فَلِوَارِثِهِ فَإِن عَدِمَ فَفَيءٌ، وَإِنْ اسْتَرَقَّ وَقفَ فَإنْ عَتَقَ أَخَذَهُ، وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَفَيءٌ، وَإذَا سَرَقَ مُستَأْمَنٌ فِي دَارِنَا، أَوْ قَتَلَ أَوْ غَصَبَ وَبَطَلَ أَمَانُهُ ثم أَمِنَ ثَانِيًا، اسْتَوفَى ذِلِكَ مِنْهُ.
فَرعٌ: مَنْ أَمِنَ فِي دَارِنَا مُدَّةً وَبَلَغَهَا وَاخْتَارَ الْبَقَاءَ بِدَارِنَا، أدَّى الْجِزْيَةَ، وإلا فَهُوَ عَلَى مَأمَنِهِ حَتَّى يَخرُجَ.
فصلٌ
وَإِنْ أُسِرَ مُسلِمٌ فَأُطلِقَ بِشَرطِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً أَوْ أَبَدًا، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ وَيَرْجِعَ أو أَن يَبعَثَ مَالًا، وَإن عَجَزَ عَادَ إلَيهِمْ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ إلا المَرأَةَ فَلَا تَرجِعَ، وَعِندَ الشَّيخِ لَا يَلزَمُ الوَفَاءُ فِي التِزَامِ الإِقَامَةِ أَبَدًا، لأنَّ الهِجرَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيهِ.
وَيَتَّجِهُ: مُرَادُهُم قَادِرٌ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ، وَإِلا فَكَمَا قَال الشَّيخُ.
وَإِنْ أُطْلِقَ بِلَا شَرْطٍ، أَوْ كَوْنِهِ رِقِيقًا، فَإنْ أَمَّنُوهُ فَلَهُ الْهَرَبُ فَقَطْ، وَإلا فَيَقْتُلُ وَيَسرِقُ أَيضًا وَيُقَاتِلَهُم لو لَحِقُوهُ، ولو جَاءَ عِلْجٌ بِأَسِير عَلَى أَنْ يُفَادِيَ بِنَفْسِهِ، فَلَم يِجِد لم يُرَدَّ، وَيَفدِيهِ المسلِمُونَ إن لَمْ يُفْدَ مِنْ بَيتِ الْمَالِ، ولو جَاءَنَا حَربِيٌّ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ مُسلِمَةٌ لَمْ تُرَدَّ مَعَهُ، وَيرْضى وَيُرَدُّ الرَّجُلُ وَلَوْ سُبِيَتْ كَافِرَةٌ، فَجَاءَ أَبُوهَا لِطَلَبِ (1) إطلَاقِهَا لِيُحْضِرَ أَسِيرَنَا فَأَحْضَرَهُ، لَزِمَ إطْلَاقُهَا، وَإنْ أَمِنَت حَرْبِيَّةٌ وَتَزَوَّجَتْ ذِمِّيًّا بِدَارِنَا، ثم أَرَادَت الرُّجُوعَ لَمْ تُمنَعُ إذَا رَضِيَ.
(1) في (ب): "فجاء أبوها"، وفي (ج):"فجاء بها".