الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ صَلَاةُ الجُمُعَةِ
أَفْضَلُ مِنْ الظُّهْرِ وَفُرِضَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقَال الشَّيخُ: فُعِلَتْ بِمَكَّةَ عَلَى صَفِةِ الْجَوَازِ، وَفُرِضَتْ بِالْمَدِينَةٍ وَهِيَ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا ظُهْرَ مَقْصُورَةً، فَلَا تَجُوزُ أَرْبَعًا وَلَا تَنْعَقِدُ بِنِيَّةِ الِظُهْرٍ، (1) وَتَصِحُّ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا يَؤُمُّ مَنْ قَلَّدَهَا فِي غَيرِهَا، وَلَا تُجْمَعُ حَيثُ أُبِيحَ الْجَمْعُ، وَفَرْضُ الْوَقْتِ فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ أَهْلُ بَلَدٍ، تَلْزَمُهُمْ مَعَ بَقَاءِ وَقْتِهَا لَمْ تَصِحُّ.
وَيَتَّجِهُ: إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ فِعْلِهَا (2).
وَتُتْرَكُ فَجْرٌ فَائِتَةٌ لِخَوْفِ فَوْتِهَا، وَالظُّهْرُ بَدَلٌ عَنْهَا إذَا فَاتَتْ، وَتَجِبُ عَينًا عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ لَا عُذْرَ لَهُ، مُسْتَوْطِنِ بِنَاءٍ وَلَوْ مِنْ قَصَبٍ وَلَوْ تَفَرَّقَ وَشَمِلَهُ اسْمٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ فَوْقَ فَرَاسِخَ أَوْ تَفَرَّقَ كَثيرًا خِلَافًا لَهُ إنْ بَلَغُوا أَرْبَعِينَ أَوْ قَرْيَةٍ خَرَابًا عَزَمُوا عَلَى إصْلَاحِهَا وَالإِقَامَةِ بِهَا صَيفًا وَشِتَاءً، وَعَلَى خَارِجٍ عَنْ بَلَدٍ تُقَامُ بِهِ وَبَينَهُ وَبَينَ مَسْجِدِهِ وَقْتَ فِعْلِهَا فَرْسَخٌ فَأَقَلَّ كَمَنْ بِقُرَى صَغِيَرةٍ وَخِيَامٍ وَمُسَافِرٍ لَا يَقْصُرُ فَتَلْزَمُهُمْ بِغَيرِهِمْ، وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ أُبِيحَ لَهُ الْقَصْرُ، وَلَا مَنْ هَوَ خَارِجُ الْبَلَدِ وَبَينَهُ وَبَينَهَا وَقْتَ فِعْلِهَا فَوْقَ فَرْسَخٍ، وَلَا عَلَى عَبْدٍ وَمُبَعَّضٍ مُطْلَقًا وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى، وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ أَجْزَأَتْهُ وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا وَلَا مَنْ لَزِمَتْهُ بِغَيرِهِ، وَتَجِبُ عَلَى مَرِيضٍ وَمَعْذُورٍ
(1) زاد في (ب) هنا "ولا تقصر خلفها بل إن أدرك ركعة، نوى جمعة وإلا فظهرا تامة".
(2)
الاتجاه سقط من (ج).
حَضَرَهَا، وَتَنعَقِدُ بِهِ وَلَا تَصحُّ ظُهْرَ منْ يَلْزَمُهُ حُضُورُ جُمُعَةٍ قَبْلَ فَرَاغِهَا يَقِينًا، وَتَصِحُّ مِنْ نَحْو مَعْذُورٍ وَإنْ كَانَ تَأْخَيرٌ أَفْضَلَ وَلَوْ زَال عُذْرُهُ قَبْلَهُ، فَإِنْ حَضَرَهَا بَعْدُ كَانَتْ نَفْلًا.
وَيَتَّجِهُ: وَلَم تَنعَقِد بِهِ (1).
لَا صَبِي بَلَغَ، وَحُضُورُهَا لِمَعْذُورٍ وَلِمَنْ اُخْتُلِفَ في وُجُوبِهَا عَلَيهِ كَعَبْدٍ بِإِذْنٍ وَصَبِيٍّ أَفْضَلُ، وَنُدِبَ تَصَدُّقٌ بِدِينَارِ أَو نِصْفِهِ لِتَارِكَها بِلَا عُذْرٍ، وَلَا يُكْرَهُ لِمَنْ فَاتَتهُ أَوْ مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ جَمَاعَةَ مَعَ أَمْنِ فِتنَةٍ، وَحَرُمَ سَفَرُ مَنْ تَلْزَمُهُ بَعْدَ زَوَالٍ.
وَيَتَّجِهُ: أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ نِدَائِهَا.
حَتَّى يُصَلِّيَ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ رُفْقَتِهِ، وَكُرِهَ قَبْلَهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِهَا في طَرِيِقِهِ فِيهِمَا.
فَصْلٌ
وَلِصِحَّتِهَا شُرُوطٌ وَلَيسَ مِنْهَا إذْنُ إمَامٍ، وَمِصرٍ، كَعِيدٍ وَكُسُوفٍ فَاستْسِقاءٍ:
أَحَدُهَا: الْوَقْتُ وَهُوَ مِنْ أَوَلِ وَقْتِ عِيدٍ لآخِرِ وَقْتِ ظُهْرٍ، وَتَلْزَمُ بِزَوَالٍ وَبَعْدَهُ أَفْضَلُ، وَلَا تَسْقُطُ بِشَكٍّ في خُرُوجِهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ صَلَوْا ظُهْرًا وَإِلَّا فَجُمُعَةً.
(1) الاتجاه سقط من (ج).
وَثَانِيَهَا: اسْتِيطَانُ أَرْبَعِينَ وَلَوْ بِالإِمَامِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا بَقَريَةٍ اسْتِيطَانُ إقَامَةٍ لَا يَظْعَنُونَ عَنْهَا صَيفًا وَلا شِتَاءٍ (1)، فَلَا جُمُعَةٌ بِبَلْدَةٍ يَسْكُنُهَا أَهْلُهَا بَعْضَ السَّنَةِ دُونَ بَعْضٍ وَلَا بِغَيرِ بِنَاءٍ، كَبُيُوتِ شَعْرٍ وَخِيَامٍ، وَتَصِحُّ فِيمَا قَارَبَ الْبُنْيَانَ مِنْ الصَّحْرَاءِ لَا فِيمَا بَعُدَ.
وَيَتَّجِهُ: عُرْفًا.
وَلَا يُتَمَّ (2) عَدَدٌ مِنْ بَلَدَينِ مُتَقَارِبَينِ وَلَا يَصِحُّ تَجميعُ أَهْلِ بَلَدٍ كَامِلٍ في نَاقِصٍ وَالأَوْلَى مَعَ تَتِمَّةِ الْعَدَدِ تَجْمِيعُ كُل قَوْمٍ وَحْدَهُمْ.
الثَّالِثُ: حُضورُهُم وَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَجَمًا، أَوْ خُرْسًا أَوْ صُمًّا سِوَى الإِمَامِ.
وَيَتَّجِهُ: أَوْ بِهِ في ضُمٍّ (3).
وإنْ قَرُبَ أَصَمُّ وَبَعُدَ سَمِيعٌ وَلَمْ يَسْمَعُ لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ نَقَصُوا قَبْلَ إتْمَامِهَا اسْتَأْنَفُوا ظُهْرًا إنْ لَمْ تُمْكِنْ إعَادَتُهَا، وَمَرَّ (4) لَوْ فَارَقَ لِعُذْرٍ بِثَانِيَةٍ فَنَقَصُوا، وَإِنْ بَقِيَ الْعَدَدُ وَلَوْ مِمَّنْ لم يَسْمَعِ الْخُطبَةَ وَلَحِقُوا بِهَمْ قَبْلَ نَقْصِهِمْ.
وَيتَّجِهُ: فِيمَا تُدْرَكُ بِهِ.
أَتَمُّوا جُمُعَةً وإنْ رَأَى الإِمَامُ وَحْدَهُ الْعَدَدَ، فَنَقَصَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ وَلَزِمَهُ أَنْ يَسْتَخلِفَ أَحَدَهُمْ (5) وَبِالعَكْسِ لَا تَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا
(1) في (ب): "وشتاء".
(2)
في (ب): "ولا يتمم".
(3)
الاتجاه سقط من (ج).
(4)
قوله: "مر" سقطت من (ج)، وقوله:"مر" أي مر في باب النية.
(5)
في (ب): "أن يستخلف وبالعكس".
وَلَوْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلا بِأَرْبَعِينَ، لَمْ يَجُزْ بِأَقَلَّ، وَلَوْ لَمْ يَرَ الْعَدَدَ وَلَا أَنْ يَسْتَخلِفَ، وَبِالعَكسِ الْولَايَةُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ لَمْ يَرَهَا قَوْمٌ بِوَطَنٍ مَسْكُونٍ فَلِلْمُحْتَسِبِ أَمْرُهُمْ بِهَا بَرَأْيِهِ، وَمَنْ في وَقتِهَا أَحْرَمَ وَأَدْرَكَ مَعَ الإِمَامِ مِنْهَا رَكعَةً بِسَجْدَتَيهَا أَتَمَّ جُمُعَةٌ وَبَعْدَهُ وَلَوْ رَكعَتَينِ أَوْ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ رَكعَةٍ فَظُهرًا إنْ نَوَاهُ بِوَقْتِهِ وَإلَّا فَنَفْلًا، وَمَنْ رَكَعَ مَعَهُ ثُمَّ زُحِمَ عَنْ سُجُودِهِ (1) لَزِمَهُ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ أَوْ رِجْلِهِ، لَا وَضْعُ يَدَيهِ أَوْ رِجْلَيهِ عَلَى ظَهْرِ أَوْ رِجْلِ غَيرِهِ وَيَحْرُمُ، فَإِنْ لَم يُمْكِنْهُ فَبِزَوَالِ زِحَامٍ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ ثَانِيَةٍ فَيُتَابِعُهُ فِيهَا وُجُوبًا وَتَصِيرُ أُولَاهُ وَيُتمُّهَا جُمْعَتَه (2)، فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ عَالِمًا تَحْرِيمَهُ، بَطَلَت وَجَهْلًا فَسجَدَ وَأَدْرَكَهُ بِتَشَهُّدٍ، أَتَى بِرَكعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَتَمَّت جُمُعَةً، وَبعْدَ سَلَامٍ اسْتَأْنَفَ ظُهْرًا وَكَذَا لَوْ تَخَلَّفَ لِنَحْو مَرَضٍ وَنَوْمٍ وَسَهْوٍ وَإِنْ خَافَ فوْتَهُ فَتَابَعَهُ فَطَوَّلَ، أَوْ لَمْ يَخَفْ فَسَجَدَ فَرَكَعَ الإمَامُ لَمْ يَضُرَّ فِيهِمَا، وَمَرَّ ذِكْرُ الرَّكْعَةِ الْمُلَفَّقَةِ.
الرَّابعُ: تَقَدُّمُ خُطْبَتَينِ بَدَلُ رَكعَتَينِ لَا مِنْ الظُّهْرِ وَقِيلَ لَا بَدَلِيَّةَ وَهُوَ أَظْهَرُ وَلَا بَأسَ بِقِرَاءَتِهِمَا مِنْ صَحِيفَةٍ، وَشَرْطُهُمَا وَقْتٌ وَنِيَّتُهُ وَوُقُوعُهَما حَضَرًا وَحُضُورُ الْعَدَدِ وَكَوْنُهُمَا مِمنْ يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ فِيهِا.
وَأَرْكَانُهُمَا: حَمْدُ اللهِ بِلَفْظِ: الْحَمْدُ لله، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسولِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَجِبُ مَعَهَا سَلَامٌ، وَقِرَاءَةُ آيَةٍ كَامِلَةٍ وَلَوْ جُنُبًا (3)، وَيَحْرُمُ وَلَا بَأسَ بِزِيَادَةٍ عَلَيهَا وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ الآيَةِ مُسْتَقِلَّةً بِمَعْنَى أَوْ حُكْمٍ، فَلَا
(1) في (ج): "عن سجود لزمه".
(2)
في (ب): "جمعة".
(3)
الاتجاه سقط في (ج).
يُجَزِئُ: {ثُمَّ نَظَرَ} (1)، أَوْ {مُدْهَامَّتَانِ} (2).
وَيَتَّجِهُ:
وَلَا تَحْرُمُ لِجُنُبٍ (3).
وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللهِ بِنَحْو: اتَقُوا اللهَ، أَوْ: أَطِيعُوهُ، كُلُّ ذَلِكَ في كُلِّ خُطْبَةٍ، وَمُوَالاةُ جَمِيعِ الْخُطْبَتَينِ مَعَ الصَّلَاةِ، وَالْجَهْرُ بِهِمَا بِحَيثُ يَسْمَعُ الْعَدَدُ الْمُغتَبَرُ حَيثُ لَا مَانِعَ، مِنْ نَحْو نَوْمِ وَمَطَرٍ، وَكَوْنُهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَاختَارَ في الإِقْنَاعِ: يُتَرْجِمُ عَاجِزٌ عَنْهُمَا عَمَّا عَدَا الْقِرَاءَةِ وَهُوَ حَسَنٌ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا وَجَبَ ذِكْرُ بَدَلِهَا، وَسُنَّ بُدَاءَةٌ بِالْحَمْدِ للهِ، ثُمَّ بِالثَّنَاءِ وَهُوَ مُسْتَحَبُّ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ بِالْمَوْعِظَةِ، فإِنْ نَكَسَ (4) أَجْزَأَهُ وَإِنْ انْفَضُّوا عَنْهُ سَكَتْ، فَإِنْ عَادُوا قَرِيبًا عُرْفًا، بَنَى وَإِلَّا أَوْ فَاتَ رُكْنٌ مِنْهَا اسْتَأْنَفَ، وَتَبْطُلُ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ وَلَوْ يَسِيرًا، وَسُنَّ لَهُمَا طَهَارَةٌ مِنْ حَدَثٍ وَجَنَابَةٍ وَسَتْرُ عَوْرَةٍ وَاجْتِنَابُ نَجَاسَةٍ وَوُقُوعُهُمَا مَعَ صَلَاةٍ مِنْ وَاحِدٍ، فَإِنْ صَلَّى غَيرُهُ سُنَ حُضُورُهُ الْخُطْبَةَ، وَسُن أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ أَوْ مَوْضِعٍ عَالٍ عَنْ يَمِينِ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، وَإِنْ وَقَفَ بِالأَرْضِ فَعَنْ يَسَارِهِمْ وَسَلَامُهُ إذَا خَرَجَ أَوْ أَقْبَلَ عَلَيهِمْ، وَرَدُّه فَرْضُ كِفَايَةٍ (5)، وَجُلُوسهُ حَتَّى يُؤَذنَ وَبَيَنْهُمَا قَال جَمَاعَةٌ بِقَدْرِ سُورَةِ الإخْلَاصِ، فَإِنْ أَبَى أَوْ خَطَبَ جَالِسًا فَصَلَ بِسَكْتَةٍ، وَأَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا مُعْتَمِدًا عَلَى سَيفٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ عَصىً بِإِحْدَى يَدَيهِ وَالأُخْرَى بِحَرْفِ مِنْبَرٍ، أَوْ يُرْسِلُها وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ
(1) سورة المدثر: 21.
(2)
سورة الرحمن: 64.
(3)
الاتجاه سقط من (ج).
(4)
في (ب): "وإن عكس".
(5)
قوله: "ورده فرض كفاية" سقطت من (ج، ب).
عَلَى شَيءٍ، أَمْسَكَ شِمَالهُ بِيَمِينِهِ أَو أَرْسَلَهُمَا، وَسُنَّ أَنْ يَقْصِدَ تَلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا، وَقَصْرُهُمَا وَثَانِيَةٍ أَقْصَرَ، وَرَفْعُ صَوْتِهِ حَسَبَ طَاقَتِهِ، وَيُعَرِّبُهُمَا بِلَا تَمْطِيطٍ، وَيُتَّعَظُ بِمَا يَعِظُ النَّاسَ بِهِ، مُستَقبِلًا لَهُمْ وَيَسْتَقبِلُونَهُ فَإِنْ اسْتَدْبَرَهُمْ فِيهَا كُرِهَ كَرَفْعُ يَدَيهِ بِدُعَاءٍ حَال خُطْبَةٍ وَدُعَاؤُهُ عَقِبَ صُعُودِهِ لا أَصْلَ لَهُ وَسُنَّ دُعَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا بَأسَ لمُعَيَّنٍ كَالسُّلطَانِ، وَسُنَّ دُعَاءٌ لَهُ في الْجُمْلَةِ، وَإِذا فَرَغَ مَن الْخُطْبَةِ نَزَلَ مُسْرِعًا عِنْدَ قَوْلِ المُؤَذِّنِ قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ.
فَصْلٌ
وَالْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ "الْجُمُعَةَ" بِأُولَى وَ"الْمُنَافِقِينَ" بِثَانِيَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَوْ "سَبِّح" ثُمَّ "الغَاشِيَةَ" فَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ بِهِمَا وَفِي فِجْرِهَا "الم السَّجْدَةَ"، وَبِثَانِيَةٍ:"هَلْ أَتى" وَتُكْرَهُ مُدَاوَمَتُهُمَا.
وَيَتَّجِهُ: وَكَذَا كُلُّ سُنَّةٍ خِيفَ اعْتِقَادُ وُجُوبِهَا أَوْ إنْكَارُهَا، كَجَهْرِ ابْنِ عَباسِ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ في صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. وَاخْتَارَ الشَّيخُ يَجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ وَبِالتَّعَوُّذِ وَالْفَاتِحَةِ في الْجَنَازَةِ وَيجُوزُ ذِلِكَ أَحْيَانًا فَإِنَّهُ المْنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ تَعْلِيمًا لِلسنَّةِ، وَلِلتَأْلِيفِ.
قَال الشَّيخُ وَيُكْرَهُ تَحَرِّيهِ سَجْدَةً غَيرَهَا وَفِي عِشَاءِ لِيلَتِهَا بِسُورَةِ "الْجُمُعَةِ"، وَفِي الرِّعَايَةِ و"الْمُنَافِقِينَ" وَحَرُمَ إقَامَتُهَا وَعِيدٍ في أَكْثَرِ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَضَيقٍ وَبُعْدٍ وَخَوْفِ فِتْنَةٍ وَحَرُمَ ثَالِثٍ إنْ حَصَلَ غِنَىً بِمَوْضعَينِ وَكَذَا مَا زَادَ فَإِنْ عُدِمَتْ صَحَّ مَا بَاشَرَهَا أَوْ أَذِنَ فِيها الإمامُ فَإِنْ اسْتَوَتَا في إذْنٍ أَوْ عَدَمِهِ فَالسَّابِقَةُ بِالإِحْرَامِ فَإِنْ وَقَعَتا مَعًا
بَطَلَتَا وَوَجَبَت إعَادَتُهُمَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَظُهْرًا، وَإنْ جَهِلَ كَيفَ وَقَعَتَا صَلَّوْا ظُهْرًا وَاخْتَارَ جَمْعٌ الصَّحَّةَ مُطلَقًا، وَإذا وَقَعَ عِيدٌ يَوْمَهَا سَقَطَت عَمَّنْ حَضَرَهُ خَاصَّةً مَعَ الإِمَامِ سُقُوطَ حَضُورٍ لَا وُجُوبِ كَمَرِيضٍ إلا الإِمَامَ.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: ومُصَلٍّ مُنْفَرِدًا (1).
فَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَهُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ أَقَامَهَا وَإِلا صَلَّوْا ظُهْرًا، وَكَذَا عِيدٌ يَسْقُطُ بِهَا فَيُعْتَبَرُ عَزْمٌ عَلَيهَا وَلَوْ فُعِلَتْ قَبلَ الزَّوَالِ، وَأَقَلُّ السُّنَّةِ بَعْدَهَا رَكعَتَانِ وأَكثَرُهَا سِتُّ وَلَا رَاتِبَةَ لَهَا قَبْلَهَا بَلْ أَرْبَعٍ غَيرَ رَاتِبةٍ وَتَقَدَّمَ، وَتُسَنُّ قِرَاءَةُ الْكَهْفِ بِيَوْمِهَا وَلَيلَتِهَا، وَكَثرَةُ دُعَاءٍ رَجَاءَ إصابَةِ سَاعَةِ الإِجَابَةِ، وَأَفْضَلُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَأَرْجَاهَا آخِرُ سَاعَةِ مِنْ النَّهَارِ، فَيَكُونُ مُتَطَهِّرا مُنْتَظِرًا صَلَاةَ مَغْرِبِ وَإكثَارُ صَلَاةٍ عَلَيهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَنَظُّفٌ بِقَصِّ شَارِب وَتَقْلِيمِ ظُفُرٍ وَقَطْعِ رَوَائحَ كَرِيهَةٍ بِسِوَاكِ وَغَيرِهِ، وتَطَيُّبٌ وَلَوْ مِنْ طِيبَ أَهْلِهِ وَلُبْسُ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ، وَتَنكِيرُ غَيرِ إمَامٍ وَمُعْتَكِفٍ وَأَجِيرِ مَاشيًا بَعْدَ فَجْرٍ قَائِلًا: "اللَّهْمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَوْجَهِ مَنْ تَوَجَّهَ إلَيكَ، وَأَقْرَبِ مَنْ تَوَسَّلَ إلَيكَ، وَأفْضَلِ مَنْ سَأَلَكَ وَرَغِبَ إلَيكَ
…
" وَلَا بَأسَ بِرُكُوبِهِ لِعُذْرٍ وَعَوْدٍ وَيَجِبُ سَعْيٌ بِنَدَاءٍ ثَانٍ إلَّا بَعِيدَ مَنزلٍ فَفِي وَقْتٍ يُدْرِكُهَا إذَا عَلِمَ حُضُورَ الْعَدَدِ وَتَحْرُمُ الصنَاعَاتُ كُلُّها إذَنْ إلَى انْقَضَائِهَا وَسُنَّ اشْتِغَالٌ بِذِكْرٍ وَأَفْضَلُهُ الْقُرآنُ، وَصَلَاةٍ إلَى خُرُوجِ الإِمامِ فَيَحْرُمُ ابْتِدَاءُ غيرِ تَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَيُخَفِّفُ مَا ابْتَدَأَهُ، وَلَوْ نَوَى أَرْبَعًا صَلَّى ثِنْتَينِ وَكُرِهَ لِغَيرِ إمَامٍ تَخَطِّي الرِّقَابِ إلا إنْ رَأَى فُرْجَةً لَا يَصِلُ إلَيهَا إلَّا بِهِ، وَإيثَارُهُ بِمَكَانٍ
(1) الاتجاه سقط من (ج).
أفْضَلَ لَا قَبُولُهُ، وَلَيسَ لِغَيرِهِ سَبْقُهُ إلَيهِ، وَالعَائِدُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ لِعَارَضٍ أَحَقُّ بِمَكَانِهِ وَكَذَا جَالِسٌ لإفْتَاءٍ أَوْ إقْرَاءٍ وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ غَيرَهُ وَلَوْ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ الصَّلَاةَ وَنَحَوَهَا فِيهِ إلَّا لِصَغِيرٍ قَال الْمُنَقِّحُ: وَقَوَاعِدُ الْمَذهَبِ تَقْتَضي عَدَمَ الصِّحَّةِ.
وَيَتَّجِهُ: بَك تَقْتَضِي الصِّحَةَ؛ لأَنهُ لَمْ يَغْصِبْ مَنهُ مَا يَمْلِكُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ مَنَعَ المَسجِدَ غَيرَهُ.
وَيُقِيمُ مَنْ جَلَسَ بِمَوْضَعِهِ لِيَحْفَظَهُ بِإِذْنِهِ أَو دُونَهُ وَحَرُمَ رَفْعُ مُصَلَّى مَفْرُوشٍ مَا لَمْ تَحْضُرْ الصَّلَاةُ وَصَلَاةٌ وَجُلُوسُ عَلَيهِ وَلَهُ فَرْشُهُ وَمَنَعَ مِنْهُ الشَّيخُ لِتَحَجُّرِهِ الْمَسْجِد، وَحَرُمَ كَلَامٌ وَلَوْ لِتَسْكِيتِ غَيرِهِ وَالإِمَامُ يَخطُبُ، وَلَوْ حَال تَنَفُّسِهِ وَهُوَ مِنْهُ بِحَيثُ يَسْمَعُهُ وَإِلا فَلَا خِلَافًا لَهُ، وإشَارَةُ أَخْرَسَ مَفْهُومَةٌ كَكَلَامِ، وَحَلَّ لِخَطِيبِ وَلِمَنْ كَلَّمَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَوَجَبَ لِتَحْذِيرِ ضَرِيرِ وَغَافِلٍ عَنْ هَلَكَةٍ كَنَارِ وَبِئْرِ وَيُبَاحُ إذَا سَكَتَ بَينَهُمَا أَوْ شَرَعَ في دُعَاءٍ.
وَيَتَّجِهُ: أن التَّحْرِيمَ مَحَلُّهُ أَرْكَانُ الْخُطْبَةِ.
قَال الشَّيخُ وَرَفْعُ الصَّوتِ قُدَّامَ الْخَطِيبِ مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ اتفَاقًا، فَلَا يَرْفَعُ مُؤَذن وَغَيرُهُ صَوْتَهُ بِصَلَاةٍ وَغَيرِهَا وَلَا يُسَلِّمُ مَنْ دَخَلَ وَلَيسَ لَهُ إقرَاءُ قُرآنٍ وَمُذَاكَرَةٌ في فِقْهٍ وَلَا يَتَصَدَّقُ عَلَى سائِلٍ وَقتَ خُطبَةٍ؛ لأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ فَلَا يُعِينُهُ، قَال أَحْمَدُ: إنْ حَصَبَ السَّائِلَ كَانَ أَعْجَبَ إليَّ وَيَتَصَدَّقَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْأَل وَكُرِهَ عَبَثٌ حَال خُطبَةٍ وَشُرْبٌ بِلَا حَاجَةٍ وَسُنَّ ذُنُوٌّ مِنَ إمَامٍ وَاسْتِمَاعٌ وَصَلَاةٌ سِرًّا عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم إذَا سَمِعَهَا كَدُعَاءٍ
وَتَأمينٍ عَلَيهِ وَانْتِقَالُهُ إنْ نَعَسَ مِنْ مَكَانِهِ وَلَهُ الْحَمْدُ خُفْيَةٌ إذَا عَطَسَ وَرَدُّ سَلَامٍ وَتَشْمِيتُ عَاطِسٍ.
وَيَتجِهُ: أَن تَشمِيتَ عَاطِسٍ لَا يَلْزَمُ مُشْتَغِلًا لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ سَلَامٍ.
فَصْلٌ
وَمَنْ دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ بِمسجدٍ؛ لَم يَجْلسْ حتَّى يَرْكَعَ رَكعَتَينِ خَفِيفَتَينِ وَحَرُمَ زِيَادَةٌ عَلَيهِمَا وَتُسَنُّ تَحِيَّتُهُ رَكْعَتَانِ فَأَكْثَرُ لِمَنْ دَخَلَهُ بَشَرْطِهِ؛ إذا قَصَدَ الْجُلُوسَ أَوْ لَا، غَيرَ خَطِيبٍ دَخَلَهُ لَهَا وَدَاخِلِهِ لِصَلَاةِ عِيدٍ، أَوْ وَقَد شَرَعَ في إقَامَةٍ بِشَرْطِهِ وَدَاخِلُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَيِّمُهُ لِتَكْرَارِ دُخُولِهِ.
وَيَتَّجِهُ: مِثلُهُ مُجَاورٌ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ.
وَيَنْتَظِرُ فَرَاغَ مُؤذِنٍ لِتَحِيَّةِ وَإِنْ جَلَسَ قَامَ فَأَتَى بِهَا مَا لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ وَتَقَدَّمَ تُجْزِئُ رَاتِبَةٌ عَنْ تَحِيَّةٍ وَلَا تَحِيَّةٌ بِرَكْعَةٍ، وَصَلَاةُ جَنَازَةٍ وَسُجُودُ تُلَاوَةٍ، وَشُكْرٍ، قَال بَعْضُهُمْ وَسُنَّ لِمَنْ دَخَلَهُ غَيرَ مُتَوَضئٍ قَوْلُ:"سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ"، وَكُرِهَ إسْنَادُ ظَهْرِه لِلْقِبلَةِ وَاسْتِقبَالُهَا مُتَّجِهٌ في كُلِّ عِبَادَةٍ إلَّا مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ وَلَا بَأْسَ بِالْحَبْوَةِ نَصًّا، وَلَوْ حَال الْخُطْبَةِ وَبِالْقُرْفُصاءِ، وَهِيَ: الْجُلُوسُ عَلَى أَلْيَتَيهِ رَافِعًا رُكْبَتَيهِ إلَى صَدْرِهِ، مُفْضِيًا بِأَخْمَصِ قَدَمَيهِ إلَى الأَرْضِ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَقْصِدُ هَذِهِ الْجِلْسَةَ، وَلَا جَلْسَةَ أَخْشَعُ مِنْهَا، وَلَوْ اجْتَمَعَ قَوْمٌ لِقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ وَدُعَاء، فَعَنْ أَحْمَدَ: أَيُّ شَيءٍ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَعَنْهُ مُحْدَثٌ وَعَنْهُ مَا أَكْرَهُهُ إلَّا أَنْ
يَكثُرُوا أَي: يَتَّخِذُوهُ عَادَةً، وَفِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ الصَّوَابُ أَنْ يُرْجَعَ في ذَلِكَ لِحَالِ الإِنْسَانِ، فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا لَا يَحْصُلُ لَهُ بِالانْفِرَادِ مِنْ الاتِّعَاظِ وَالْخُشُوعِ وَنَحوُهُ كَانَ أَوْلَى وَإِلا فَلَا.
* * *