الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ صَيدُ الْحَرَمَينِ وَنَبَاتِهِمَا
حُكْمُ صَيدِ حَرَمِ مَكَّةَ حُكْمُ صَيدِ الإحْرَامِ، حَتَّى فِي تَمَلُّكِهِ، إلا أَنَّهُ يَحْرُمُ صَيدُ بَحْرِيِّهِ، وَلَا جَزَاءَ فِيهِ، فَإِنْ قَتَلَ مُحِلٌّ مِنْ الْحِلِّ صَيدًا فِي الْحَرَمِ، كُلَّهُ أَو جُرأَهُ لَا غَيرَ قَوَائِمِهِ قَائِمًا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ قَتَلَهُ عَلَى غُصْنٍ بِالْحَرَمِ، وَلَوْ أَن أَصْلَهُ بِالحِلِّ أَو أَمْسَكَهُ بِالْحِلِّ، فَهَلكَ فَرْخُهُ أَوْ وَلَدُهُ بِالْحَرَمِ، أوْ أَمْسَكَهُ بِالْحِلِّ، ثُمَّ أدْخَلَهُ الْحَرَمَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ أَوْ لَا، وَهَلَكَ، ضَمِنَ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ كَافِرًا أَوْ صَغِيرا أَوْ عَبْدًا.
وَيَتَّجِهُ: ضَمَانُ مَن غَصَبَ حَيَوَانًا فَهَلكَ وَلَدُهُ.
وَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحِلِّ مُحِلِّ بِالْحَرَمِ، وَلَوْ عَلَى غُصْنٍ أَصْلُهُ بِالحَرَمِ (1)، أَوْ كَلْبٍ أَو أَمْسَكَهُ بِالْحَرَمِ، فَهَلَكَ فَرْخُهُ أَوْ وَلَدُهُ بِالْحِلِّ، أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيدٍ بِهِ فَقَتَلَهُ أَوْ غَيرَهُ فِي الْحَرَمِ.
أَوْ فَعَلَ ذِلَكَ بِسَهْمِهِ، بِأَنْ شَطَحَ فَقَتَلَ فِي الْحَرَمِ أَوْ دَخَلَ سَهْمُهُ أَوْ كَلْبُهُ الْحَرَمَ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَتَلَ أَو جَرَحَهُ بِالْحِلِّ فَمَاتَ فِي الْحَرَمِ، لَمْ يَضْمَنْ، كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ، ثُمَّ مَاتَ، وَلَا يَحِلُّ مَا وُجِدَ بِسَبَبِ مَوْتِهِ بِالحَرَمِ.
(1) زاد في (ب): "بالحرم بسهم".
فَصْلٌ
وَيَحْرُمُ قَلْعُ شَجَرِهِ وَحَشِيشِهِ حَتى الشَّوْكُ المُضِرِّ، وَالسِّوَاكُ وَنَحْوُهُ، وَالْوَرَقُ، إلَّا الْيَابِسَ، وَالإِذْخِرَ وَالْكَفأَةَ وَالْفَقعَ وَالثَّمَرَةَ وَمَا زَرَعَهُ آدَمِيٌّ مِنْ نَحو بَقْلٍ وَرَيَاحِينَ وَزَرْع حَتَّى مِنْ الشَّجَرِ قَال أَحْمَدُ: مَا زَرَعَتَه أَنْتَ فَلَا بأْسَ وَمَا نَبَتَ فَلَا. ويبَاحُ رَعْيُ حَشِيشِهِ وَانتِفَاعٌ بِمَا زَال أَوْ انْكَسَرَ بِغَيرِ فِعْلِ آدَمِيٍّ، وَلَوْ لَمْ يَبنِ وَبِفِعْلِهِ يَحْرُمُ انتِفَاعٌ بِهِ مُطْلَقًا، وَتُضْمَنُ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ عُرْفًا بِشاةٍ، وَمَا فَوْقَهَا بِبَقَرَةٍ، وَيُخَيرُ بَينَ ذَلِكَ وَبَينَ تَقويمِ الجَزَاءِ، وَيَفعَلُ بِقِيمَتِهِ كَجَزَاءِ صَيدٍ وَحَشِيشٍ وَوَرَقٍ بِقِيمَتِهِ، وَغُضنٌ بِمَا نَقَصَ، فَإِنْ استخلِفَ شَيءٌ مِنهَا سَقَطَ ضَمَانُهُ كَرَدَّ شَجَرَةٍ، فَنَبَتَتْ، وَيُضمَنُ نَقصُهَا إن كَانَ، وَلَوْ غَرَسَهَا (1) فِي الحِلِّ، وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا، أَوْ يَبِسَتْ؛ ضَمِنَهَا، فَلَو قَلَعَهَا غَيرُهُ مِنْ الحِلِّ، ضمِنَهَا الْغَيرُ.
وَيَتَّجِهُ: مَعَ إمْكَانِ رَدٍّ لَا بِدُونِهِ، وَإنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا إذَنْ (2).
وَيَضْمَنُ مُنَفِّرٌ صَيدًا قُتِلَ بِالحِلِّ.
وَيَتَّجِهُ: مَعَ قَصْدِ تَنْفِيرٍ، وَكَذَا مُخْرِجُهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ.
فَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ وَلَدَ لَمْ يَضْمَن وَلَدَهُ، لأَنهُ لَيسَ بِصَيدِ حَرَمٍ، وَيُضْمَنُ غُصْنٌ فِي هَوَاءِ الْحِلِّ أَصْلُهُ أَوْ بَعْضُ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ لَا مَا بِهَوَاءِ الْحَرَمِ،
(1) في (ج): "أو غرسها".
(2)
الاتجاه سقط من (ج).
وَأَصْلُهُ بِالحِلِّ، وَكُرِهَ إخْرَاجُ تُرَابِ الحَرَمِ، وَحِجَارَتِهِ إلَى الْحِلِّ لَا مَاءِ زَمْزَمَ، وَلَا وَضْعُ الْحَصَى بِالمَسَاجِدِ، وَيَحْرُمُ إخْرَاجُ تُرَابِهَا وَطِيبِهَا، وَيُتَصَدَّقُ بِثَيَابِ الْكَعْبَةِ إذَا نُزِعَتْ نَصًّا، وَيجُوزُ بَيعُهَا وَمُتَشَفٍّ بِطِيبِهَا يُلْصَقُ عَلَيهَا طِيبًا مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، وَلَا أَنْ يَأخُذَ مِنْ طِيبهَا.
فَصْلٌ
وَحَدُّ حَرَمِ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، عِنْدَ بُيُوتِ السُّقْيَا، وَمِنَ الْيَمَنِ سَبعَةُ أَميَالٍ عِندَ أَضَاةِ لِبْنٍ، وَمِنْ الْعِرَاقِ كَذَلِكَ عَلَى ثَنِيَّةِ رِجْلٌ جَبَلٌ بِالْمُنقَطِعِ، وَمِنْ الطَّائِفِ وَبَطنِ نَمِرَةَ كَذَلِكَ عَنْدَ طَرَفَ عَرَفَةَ، وَمِنْ الْجِعِرَّانَةِ: تِسْعَةٌ فِي شِعْبِ عِبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ، وَمِنْ جُدَّةَ: عَشرَةٌ عِنْدَ مُنقَطِعِ الأَغشَاشِ، وَمِنْ بَطْنِ عُرَنَةَ أَحَدَ عَشَرَ، وحُكْمُ وَجٍّ وَادٍ بِالطَّائِفِ، كَغَيرِهِ مِنْ الحِلِّ (1)، وَتُسْتحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ لِمَنْ لَمْ يَخَفُ الوُقُوعَ فِي مَحْظُورٍ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ، وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْهَا.
فَالصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ، وَبِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: بِأَلْفٍ، وَفِي الأَقصَى (2): بِخَمْسِمَائَةٍ، وَبَقِيَّةُ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ كَصَلَاةٍ فِيهِ، فَكُلُّ عَمَلِ بِرٍّ فِيهِ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَفِي رِوَايَةِ الإِمَام أَحْمَدَ وَغَيرِهِ:"صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَام أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِي هَذَا بِمَائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ"(3).
(1) قوله: "من الحل" سقطت من (ج).
(2)
في (ج): "وبالمسجد الأقصى".
(3)
ونحوه في المتفق عليه البخاري (رقم 1190)، مسلم (رقم 3440، 3443، 3445).
وَفِي الْفُرُوعِ: وَالأَظْهَرُ أنَّ مُرَادَهُمْ غَيرُ صَلَاةِ النِّسَاءِ فِي الْبُيُوتِ، وَأَن النَّفَلَ بِالْبَيتِ أَفْضَلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِم أَن الْمسْجِدَ الْحَرَامَ نَفْسُ الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ: الْحَرَمُ كُلُّهُ مَسْجِدٌ، وَمَعَ هَذَا فَالْحَرَمُ أَفْضَلُ مِنْ الْحِلِّ.
فَرْعٌ: مَوْضِعُ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام أفْضَلُ بِقَاعِ الأَرْضِ، وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ، فَأَمَّا وَالنبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا؛ فَلَا وَاللَّهِ، وَلَا الْعَرْشُ وَحَمَلَتُهُ، لأنَّ بِالحُجْرَةِ جَسَدًا لَوْ وُزِنَ بِهِ لَرَجَحَ.
وَيَتَّجِهُ: مِنْ هَذَا أنَّ الأَرْضَ أفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ، لأَنَّ شَرَفَ الْمَحَلِّ بِشَرَفِ الحَالِّ فِيهِ.
وَتُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ، بِمَكَانٍ وَبِزَمَانٍ فَاضِلٍ، وَوَقَعَ خُلْفٌ فِي كَوْنِ السَّيِّئَةِ تَضَاعَفُ، كَالْحَسَنَةِ، وَالأَظْهَرُ لَا بَل فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي تَشْويقِ الأَنَامِ.
فَصْلٌ
وَيَحْرُمُ صَيدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَالأَوْلَى أَنْ لَا تُسَمَّى يَثْرِبَ، وَتَصِحُّ تَذْكِيَتُهُ وَقَطعُ شَجَرِهِ وَحَشِيشِهِ، إلا لِحَاجَةِ نَحْو مَسَانِدَ وَحَرْثٍ، وَرَحْلٍ وَعَلَفٍ، وَمَنْ أَدْخَلَهَا صَيدًا، فَلَهُ إمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ، وَلَا جَزَاءَ فِيمَا حَرُمَ مِنْ نَحْو صَيدٍ وَشَجَرٍ.
وَحَرَمُهَا: بِرِيدٌ فِي بِرِيدٌ مَا بَينَ ثَوْرٍ: جَبَلٌ صَغِيرٌ يَمِيلُ إلَى الْحُمْرَةِ بِتَدْويرٍ خَلْفَ أُحُدٍ مِنْ جِهَةِ الشَّمَالِ، وَعَيرٌ: جَبَلٌ مَشْهُورٌ بِهَا، وَذِلَكِ مَا بَينَ لَابَتَيهَا وَ"جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حوْلَ الْمَدِينَةِ اثْنَي عَشَرَ مِيلًا حِمى"(1).
(1) رواه مسلم (رقم / 3399).