الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَدْيُ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج المُصَاب بالعَيْن
وعلاج الحسد ودفع أذى العين موجود في الكتاب الكريم والسُّنَّة المطهَّرة، فمِمَّا يدفع به هذه العلَّة التعوُّذات والرُّقى، ومن التعوُّذات والرُّقى: الإكثار من قراءة المعوِّذتين: الفلق، والنَّاس. فالمعوِّذتان نزلتا لإبطال واكتساح تأثير السِّحر والحسد، فقد أخرج التِّرمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ:" كَانَ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَتَعَوَّذُ مِن الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتْ المُعَوِّذَتَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا "
(1)
وقد أرشد النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الاستعاذة من الحسد قبل وقوعه، فقد كان يعوِّذُ الحسن والحسين، أخرج البخاري عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: إِنَّ أَبَاكُمَا
(2)
كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ
(3)
وَهَامَّةٍ
(4)
، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ
(5)
"
(6)
ومن علاج الحسد قبل وقوعه الاحتراس والاحتراز منه، وذلك بِسَتْر محاسن مَنْ يخاف عليه العَيْن بما يردُّها عنه.
ومن الرُّقى المشروعة رُقيةُ جبريل ـ عليه السلام ـ للنَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ الَّتي رواها مسلم عن أبي سعيد: " أنَّ جبريل أتى النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال: يا محمَّد، اشتكيتَ؟! فقال: نعم. قال: باسْمِ الله أرقيكَ، من كلِّ شيءٍ يؤذيكَ، من شرِّ كلِّ نفْسٍ، أو عينِ حاسِد، الله
(1)
التِّرمذي " الجامع الصَّحيح "(ص 599/رقم 2063)، وقَالَ أَبُو عِيسَى وَفِي الْبَاب عَنْ أَنَسٍ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
(2)
يرِيد إِبْرَاهِيم ـ عليه السلام ـ وَسَمَّاهُ أَبًا لِكَوْنِهِ جَدًّا.
(3)
المراد شياطين الإنس والجنّ.
(4)
الهامَّة: واحدة الهوامّ ذوات السُّموم.
(5)
العين اللَّامَّة: الَّتي تُصيب بسوء وشرّ.
(6)
البخاري " صحيح البخاري "(م 2/ج 4/ص 119) كتاب أحاديث الأنبياء.
يشفيكَ، باسم الله أرقيك"
(1)
.
وروى مسلم عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَنَّهَا قَالَتْ: " كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رَقَاهُ جِبْرِيلُ، قَالَ: بِاسْمِ الله يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ "
(2)
وممَّا ينفعُ بعد استحكام النَّظر أَمْرُ العائِن (المُصِيب بالعين) بالاغتسال عند طلب المعْيُون (المُصاب بالعين) منه ذلك؛ لما رواه الإمام مسلم عن ابن عباس عن النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قال:" الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا "
(3)
.
وصفةُ الغسل أن يُؤمَرَ العائِنُ بغسل: وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره (طرف إزاره الدَّاخل الَّذي يلي جسده من الجانب الأيمن) في قَدَح، ثمَّ يُصَبَّ ذلك الماء على رأس المَعِين (المحسود) وظهره من خلفه بغتة، ثمَّ يُكْفَأ القدح.
قال ابن قيم الجوزية: "وهذا ممَّا لا يناله علاج الأطباء، ولا ينتفع به مَنْ أنكره، أو سخر منه، أو شكَّ فيه، أو فعله مجرِّباً: لا يعتقدُ أنَّ ذلك ينفعه "
(4)
.
وصفة الاغتسال وقعت في حديث سهل بن حنيف، أخرج أحمد بسند صحيح، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ:
" أَنَّ رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ـ وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ ـ،
(1)
مسلم " صحيح مسلم بشرح النَّووي "(م 7 /ج 14/ص 170) كتاب السَّلام.
(2)
المرجع السَّابق.
(3)
المرجع السَّابق.
(4)
ابن قيم الجوزيَّة " الطِّب النَّبوي " ص 134.