الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ختام السُّورة بيَّن الله تعالى الحكمة من ذكر القصص في القرآن، ونفى أن يكون هذا القرآن حديثاً يُخْتَلق، وأنَّه من عند الله، فقال:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)} .
وهكذا تظهر الوحدة بين مطلع القصَّة ونهايتها، والوحدة بين مطلع السُّورة ونهايتها.
سبحان من لا يزول ملكه
!
من المشاهد المؤثِّرة مناجاة يُوسُفَ لربِّه في ختام السُّورة وندائه: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} ، و {مِنَ} تفيد التَّجزئة كما هو معلوم، أي آتيتني جزءاً من الملك؛ لأنَّ الملك المطلق لله وحده، وقوله فيه اعتراف بالفضل والإحسان لله تعالى {وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} وهذا اعتراف آخر، كذلك صفة الصَّالحين {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} وهذا ثناء {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)} وهذا دعاء، وقد قدَّم الثَّناء على الدُّعاء، كذلك دأب الأولياء.
فبعد أنْ رأى ـ عليه السلام ـ أنَّ نعمة الله قد تمَّت، وعرف أنَّ هذا علامة أجله، وأنَّه الوداع؛ دعا ربَّه دعاءً عبَّر فيه عن محبَّته إلى لقائه وإلى اللَّحاق بالصَّالحين، وكما قال النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ الله أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ "
(1)
وهكذا مات يُوسُفُ ـ عليه السلام ـ، وزال ملكه، فسبحان صاحب العزَّة الدَّائمة والمملكة القائمة! وهذا يذكِّر بالواثِق رحمه الله لمَّا احْتَضَرَ أَمَرَ بالبُسُط فَطُويت
(1)
البخاري "صحيح البخاري"(م 4/ج 7/ص 191) كتاب الرّقاق. ومسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي"(م 9/ج 17/ص 9) كتاب الذّكر والدّعاء.