المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تأويل يوسف ـ عليه السلام ـ رؤيا الملك - غرر البيان من سورة يوسف -عليه السلام- في القرآن

[أحمد محمود الشوابكة]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌تقديمأ. د. أحمد نوفل

- ‌تقديمأ. د. محمود السَّرطاوي

- ‌المقدّمة

- ‌سَبَبُ التَّسمِيَة

- ‌سَبَبُ النُّزُول

- ‌من أوجه التَّناسُب بين سُورة يُوسُفَ وما قبلها وما بعدها

- ‌براعةُ التَّخلُّص

- ‌القِسم الأوَّلرؤيا يُوسُف ـ عليه السلام

- ‌الكَرِيم (يُوسُف ـ عليه السلام

- ‌رؤيا يُوسُفَ عليه السلام من مُبَشِّراتِ النُّبوَّةِ

- ‌هَدْيُ النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِيمَن رَأَى رُؤيا

- ‌يُوسُفُ ـ عليه السلام ـ يَقُصُّ رُؤيَاهُ عَلى أَبِيهِ

- ‌من أغراض التَّكرير

- ‌تنزيل غير العاقل منزلة العاقل

- ‌يَعْقُوبُ ـ عليه السلام ـ يُعِبِّرُ رُؤيَا يُوسُفَ

- ‌القِسْمُ الثَّانيأَذَى إخْوتِهِ

- ‌مُقَدِّمَةُ المُؤامَرَة

- ‌دقة النظم القرآني في استخدام حروف المعاني

- ‌المعاني الَّتي يحتملها لفظ الضَّلال

- ‌الشُّرُوعُ في المؤامَرَةِ

- ‌يُوسُفُ في غَيابَةِ الجُبِّ

- ‌ظُلْمُ ذوي القُربى

- ‌عودةُ الأبناء إلى أبيهم يعلوهم البكاء

- ‌من بديع القرآن التَّنكيت

- ‌قَمِيصُ الجَفَاء

- ‌يعقوب يتلقى الخبر بالصبر

- ‌ الصَّبر الجَمِيل

- ‌شِرْعَةُ المُسَابَقَة

- ‌لا تُلَقِّنوا أولادَكُم الحُجَّة فَيَكْذِبُوا

- ‌الجَهْلُ بالغَيْبِ

- ‌الحَسَدُ مَثَارُ أوَّل جِنَايَةٍ

- ‌في الحَسَدِ

- ‌مُقارَنة بين سيِّدنا يُوسُفَ ـ عليه السلام ـ وَسَيِّدنَا مُحمَّد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي مَسْأَلة وُجُودِ الأب وَعَدَمِه

- ‌خُرُوج يُوسُفَ من الجُبِّ

- ‌القِسْمُ الثَّالِثقِصَّته فِي بَيْتِ العَزِيز

- ‌يُوسُفُ فِي بَيْتِ العَزِيز

- ‌الحُكْم يأتي في القرآن بمعنيين

- ‌مُرَاوَدة امْرَأَة الْعَزِيز لِيُوسُفَ

- ‌تنوّع القراءات في {الْمُخْلَصِينَ} بين البناء للفاعل والبناء للمفعول

- ‌قَمِيصُ البَرَاءَة

- ‌ليس البَيانُ بِكَثْرةِ الكَلام

- ‌وَثِيقَةُ البراءَة

- ‌من عجائب النَّظم القرآنيّ

- ‌فَضْلُ من هَجَرَ الفواحش

- ‌العَزِيزُ يخَطِّئ زَوْجَته

- ‌الفرق اللُّغوي بين خاطِئ ومخطِئ

- ‌من بديع القرآن الالتفات

- ‌الكَيْدُ فِي القُرْآن الكَرِيم

- ‌كلُّ سِرٍّ جَاوَزَ اللِّسَان شَاعَ

- ‌دلالة تجريد الفعل المسند إلى جمع التَّكسير من التَّاء أو قرنه بها

- ‌امرأة العزيز تُقِيمُ الحُجَّةَ على النِّسْوة

- ‌يُوسُفُ ـ عليه السلام ـ في السَّماء الثالثة ليلة المعراج وقد أوتي شطر الحسن

- ‌تَجاهُل العَارِف

- ‌دعوى الزِّيادة في القرآن

- ‌القسم الرَّابعيُوسُفُ في السِّجن

- ‌مُناجَاةُ يُوسُفَ لربِّهِ

- ‌بناء أَفْعَل في التَّفْضِيل لِلْمُشْتَرِكَيْنِ فِي الشَّيْءِ، وقوله:{السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}

- ‌سرُّ قراءة لفظ {السِّجْنُ} بوجوه في موضع، وقراءته بوجه واحد

- ‌تَقْرِيرُ سجْن يُوسُفَ ـ عليه السلام

- ‌إِعْرَابُ {لَيَسْجُنُنَّهُ} (لَ يَ سْ جُ نُ وْ نَ نْ نَ هُ)

- ‌تجاور نوني التَّوكيد الثَّقيلة والخفيفة في آية من سُورة يُوسُفَ

- ‌الأسبابُ الَّتي أدَّت إلى سجْنِ يُوسُفَ

- ‌رؤيا الفتيين

- ‌يُوسُفُ يُمَهِّدُ للدّعوة إلى التَّوحيد

- ‌محسِّنَات بديعيَّة في بعض آية

- ‌لواءُ التَّوحيد حمله الأَنبياءُ جميعاً

- ‌دَعْوةُ يُوسُفَ إِلى التَّوحيد

- ‌أدبُ الأنبياءِ في الخِطَاب

- ‌التَّعريض في سُورة يُوسُفَ

- ‌نتعلَّم من دَعْوةِ يُوسُفَ ـ عليه السلام

- ‌ الفرق بين {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} و {مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}

- ‌تأْويلُ يُوسُفَ رؤيا الفتيين

- ‌حذف الفاعل وإقامة المفعول مقامه

- ‌عِلْمُ التَّعبير داخل في الفتوى

- ‌يُوسُفُ يأخذ بالأسباب

- ‌التَّورية المرشَّحة

- ‌لِمَ لَمْ يَنْهَ يُوسُفُ السَّائِلَ عن سقي ربِّه خمراً

- ‌تسمية الملك ربّاً

- ‌الشَّرُّ لا يُضُافُ إلى الله تعالى

- ‌رُؤيا الملك

- ‌أَكْرِمْ بِمَنْ عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِه

- ‌الحَاجَةُ إلى العُلماء

- ‌يَغْلبُ على الحلم أنْ يُرَى ولا يُسْمَع

- ‌ابتِدَاءُ البلاء ونهايته برؤيا

- ‌ثَمَرَةُ الإحْسَان

- ‌حَذْفُ الجُمَلة

- ‌إخْفَاءُ اسم الملك عن يُوسُفَ حال استفتائه في تأويل الرُّؤيا

- ‌تأويل يوسف ـ عليه السلام ـ رؤيا الملك

- ‌الفرق اللُّغوي بين عام وسَنَة

- ‌مَا رَأَى رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ النَّقِيَّ (الدَّقيق المنقَّى)

- ‌القسم الخامستنظيمُه للخزائنِ المصريَّة

- ‌يُوسُفُ عليه السلام يَرفُضُ طَلَبَ الملك

- ‌البراءَة أوَّلاً

- ‌اعترافُ امرأة العزيز ببراءَةِ يُوسُفَ

- ‌تحقُّق صَرْف الكيد

- ‌تتمَّة الاعتراف ونهاية المطاف

- ‌في الوجوه والنَّظائر

- ‌الشُّهود على براءة يُوسُفَ

- ‌تَوبَةُ امرَأة العَزِيز

- ‌آخِرُ كلمة قالتها امرأةُ العزيز

- ‌العَارُ خَالِدٌ

- ‌طَلَبُ الملك ليُوسُفَ ثانية

- ‌يُوسُفُ ـ عليه السلام ـ في بلاط الملك

- ‌تَعَلَّمْ عَدَم الحسد

- ‌الحديثُ أدلُّ على الرَّجلِ من لباسِهِ

- ‌تمكينُ يُوسُفَ في الأرض

- ‌ردُّ دعوى زواج يُوسُفَ بامرأة العزيز

- ‌خُضُوعُ المؤمن وموالاته لغير المؤمن

- ‌يُوسُفُ النَّبِيُّ والرَّسول

- ‌مَجِيءُ إخوة يُوسُفَ مِصْر لشراءِ القمح

- ‌مطالبة يُوسُفَ إخوته بإحضار أخيهم

- ‌إغراء وتحذير

- ‌نقض قولهم يُوسُف يَمُنُّ على إخوته

- ‌وَعْدٌ وموافقةٌ

- ‌يُوسُفُ يسعى لضمان مجيء أخيه

- ‌ليس مِنْ رَسُولٍ كالدِّرهم

- ‌لماذا لم يُظْهِر يُوسُفُ نفسَه لإِخوته

- ‌كُنْه البِضَاعة

- ‌الإخوةُ يطلبونَ أخاهم مِنْ أبيهم

- ‌جَوابُ يَعْقُوبَ ـ عليه السلام

- ‌إِغراءُ الإِخوة لأبيهم

- ‌الإِخوة يَقطَعُونَ المواثيق على أنفسِهم

- ‌مَعْرِفَةُ الوقْف والابتِداء

- ‌الحذر لازمٌ بجانب القدر

- ‌التَّوكُّلُ محلُّه القَلْب

- ‌قُلُوبُ العارفين لها عيونٌ

- ‌ العين حَقٌّ

- ‌مشروعيَّة الرُّقية من العين

- ‌عَاداتُ الأُمَم في دَفْعِ إصَابة العَين

- ‌هَدْيُ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج المُصَاب بالعَيْن

- ‌{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} على لِسَان يُوسُفَ ويعقوب

- ‌التَّقدِيرُ أقوى مِنَ التَّدبير

- ‌يُوسُفُ يُعَرِّفُ أخاه به ويتَّخِذُ التَّدابير لإبقائه عنده

- ‌الإخوة يردُّون التُّهمة

- ‌من علوم المعاني الاعتراض

- ‌مَشْروعيَّةُ الجَعَالة

- ‌الإخوةُ في مصيدة يُوسُفَ

- ‌حُكْمُ السَّرقة في شريعة يَعْقوب ـ عليه السلام

- ‌ما أعظمَ الفَرْقَ

- ‌ثُبُوتُ السَّرقة على شَقِيقِ يُوسُفَ

- ‌الكَيدُ المذموم والكَيدُ الممدوح

- ‌كيف جَازَ ليُوسُفَ أنْ يَنْصِبَ أُحبولَةً لإِخوته

- ‌الإخوةُ يَطْعَنُونَ بيُوسُفَ

- ‌استعطافُ الإخوة ليُوسُفَ وردُّه الاستعطاف

- ‌تكرير كلمة {مَعَاذَ اللَّهِ}

- ‌المفاوضَةُ والقَرار

- ‌كلام الله تعالى لا يقدر عليه مخلوق

- ‌الشُّورى

- ‌خطاب الجمع بلفظ الواحد

- ‌يعقوب يتلقَّى النَّبأ بالصَّبر والآمال

- ‌الظَّنُّ على الكاذِب

- ‌الثَّباتُ على المبادِئ

- ‌آية كأنَّها ثوبٌ سابغ على يعقوب ـ عليه السلام

- ‌عَبَراتٌ على يُوسُفَ

- ‌الشِّكاية ملفوظة وملحوظة

- ‌ائتلاف اللَّفظ مع اللَّفظ وائتلافه مع المعنى

- ‌ من بديع القرآن الانسجام

- ‌عطف أحد اللَّفظين المتجاورين في المعنى على الآخر

- ‌عَبْرَة وعِبْرَة

- ‌نَشِيجُ عمر ـ رضي الله عنه ـ وهو يقرأ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}

- ‌الحُزْنُ لا يتنافى مع الصَّبر الجميل

- ‌فَضْلُ مَن ذَهَبَ بَصَرُه

- ‌ثوابُ المؤمن فيما يصيبه من همٍّ وحزن ونحو ذلك

- ‌الابتلاءُ عامٌّ

- ‌{يَاأَسَفَا} الكلمة الفريدة

- ‌عودة الإِخوة لمصر للمرَّة الثَّالثة

- ‌خُضُوعُ الإخوة للغَريبِ وتعاظُمُهم على أبيهم وأخيهم

- ‌الفرق بين {الْمُتَصَدِّقِينَ} و {الْمُصَّدِّقِينَ}

- ‌يُوسُفُ يذكِّرُ إخوتَه ويعاتبُهم

- ‌مِصْدَاق

- ‌يُوسُفُ يُضَمِّن عِتَابَه لإِخوته الاعتذار عنهم

- ‌يُوسُفُ يُظْهِرُ نَفْسَه لإِخوته

- ‌ما الإحسان

- ‌التَّرغيب في لزوم التَّقوى والصَّبر

- ‌تقديم التَّقوى على الصَّبر مع الإخوة والأحبَّاء وتأخيرها مع الأعداء

- ‌تَواضُعُ الأنبياء

- ‌مدح الذُّلِّ في موضعين

- ‌تَغَايُر القِراءات بين الخبر والاستفهام وتنوّع المعنى

- ‌تَوبَةُ الإِخوة وصَفْحُ يُوسُفَ

- ‌العَفْو والصَّفْح

- ‌قَمِيصُ الشِّفاء

- ‌عَوْدَةُ الإِخوة إِلى أَبيهم بالبِشَارة

- ‌التَّورية في لفظ {ضَلَالِكَ}

- ‌أَقْمِصَة يُوسُفَ ـ عليه السلام

- ‌ثَلاثَةُ أَقْمِصَة وثَلاثُ آيات

- ‌الإِخوةُ يطلبونَ الاستغفارَ من أبيهم

- ‌تخفيف التَّوكيد لأخيهم وتشديده لأبيهم

- ‌تطوّر شُخُوص القصَّة

- ‌القِسْمُ السَّادسالخاتمة

- ‌ساعة اللِّقاء

- ‌الاشتراك في الدُّخول والانفراد في الإيواء

- ‌مصر في القرآن

- ‌تأويلُ رُؤيا يُوسُفَ وَحَدِيثُ الوئام

- ‌سَبْقُ ما يقتضي التَّقديم

- ‌الاعتِرَافُ لله بالنِّعم

- ‌لا سُجُودَ إلا لله تعالى وَحْدَه

- ‌بَيْنَ رؤيا يُوسُفَ وعبارتها أربعون عاماً

- ‌مِسْكُ الختام

- ‌العِبرَةُ بالخواتيم

- ‌آية تلخِّص قصَّة يُوسُفَ

- ‌الأوصاف الَّتي اشتهر بها يُوسُفُ ـ عليه السلام

- ‌دعوى النَّسخ في قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)}

- ‌هَل إِخْوةُ يُوسُفَ أنبياء

- ‌تمثيل الشُّهور كإخوة يُوسُفَ

- ‌وصيَّةُ يَعْقُوب ـ عليه السلام ـ لبنيه عند الموت

- ‌عبارات تكرَّرت على نفس اللِّسان في غير مكان وزمان

- ‌إثباتُ نبوَّة سيِّدنا محمَّد ـ صلى الله عليه وسلم

- ‌تعيُّن الدَّعوة إلى الله على بَصِيرَة على كُلِّ مُؤْمِن

- ‌الإيمان المقيَّد بحال الشِّرك

- ‌ابتداء السُّورة وانتهاؤها بالعلم

- ‌التَّوافق بين المطلع والنِّهاية

- ‌سبحان من لا يزول ملكه

- ‌براعة المطلب وحُسْنُ التَّوسُّل

- ‌آيات فيها ذِكْرُ نجاة من شدَّة أو خوف ونحو ذلك

- ‌حسن المقطع في سُورة يُوسُفَ

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌تأويل يوسف ـ عليه السلام ـ رؤيا الملك

وممَّا يدلُّ على تستُّره على اسم الملك قوله بعد ذلك: {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ} لا إلى الملك، أو لعلَّه أخفى اسم الملك لظنِّه أنَّ هذه الرُّؤيا لا تتعلَّق بالملك وحده، وإنَّما تعمُّ النَّاس، ولذلك عَمَّم، فقال:{لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)} مكانَك وشأنك، فيكون ذلك سبباً لخروجك من السِّجن.

وكرَّر (لعلَّ) الَّتي تفيد الرَّجاء، فهو يرجو أن يرجع بتعبير الرّؤيا إلى الملك؛ لينال عنده منزلة، فهذا معنى قوله:{لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ} فالنَّاس الملك أوَّلهم، وقوله:{لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)} جاء تتميماً للمعنى وتقريراً له، وهو توقُّع النَّاس ورجاؤهم في معرفة تعبير هذه الرّؤيا وتأويلها، فالكلام إذا تكرَّر تقرَّر.

‌تأويل يوسف ـ عليه السلام ـ رؤيا الملك

فلمَّا سَمِعَ يُوسُفُ منه الرُّؤيا أجابه إلى طلبه على الفَوْر دون قيد ولا شرط، فالعِلْم لا يُكْتَمُ، والعَالم لا يصيرُ جاهلاً، والكريم لا يصيرُ بخيلاً، فأوَّل له البقرات السِّمان والسُّنبلات الخضر سنين مخصبة، والبقرات العجاف والسُّنبلات اليابسات سنين مُجْدِبة.

وأنَّ عليهم أنْ يواظبوا على الزِّراعة في السِّنين السَّبع المخْصِبة، ويدَّخروا فيها ليواجهوا خَطَرَ السِّنين المُجْدِبة، ثمَّ تنقضي السُّنون المجدبة التي تأتي على ما ادَّخروا، ويعقبُها عامُ رَخَاءٍ وخير وبركة، وهو العام الخامس عشر.

فقال ـ عليه السلام ـ على وجه النُّصح والإرشاد: {تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} متوالية بجدٍّ واجتهاد، وهي السُّنون السَّبع المخصبة المرموز لها بالبقرات السِّمان والسُّنبلات الخضر. وقوله:{تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} هو من إطلاق الخبر بمعنى الأمر، فالمعنى: ازرعوا سبع سنين دأباً، بدليل قوله بعد ذلك:{فَذَرُوهُ} .

ص: 107

{فَمَا حَصَدْتُمْ} من الزَّرع {فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ} لئلَّا يُسَوِّسَ، واحتفظوا به في سنابله لتأكلوه في تلك السّنين {إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47)} إلَّا ما أردتم أكله، فادرُسُوهُ واتركوا الباقي في سُنْبله، {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ} وهي السُّنون السَّبع المُجْدِبة المرموز لها بالبقرات العِجَاف والسُّنبلات اليابسات.

{يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} : مجاز عقلي؛ لأنَّ السّنين لا تَأْكُلُ، وإنَّما يأكل النَّاس ما ادَّخروه فيها، أي تأكلون فيها ممَّا ادَّخرتُم من الحبوب المتروكة في سنابلها أيام الرَّخاء {إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48)} أي إلَّا القليل الَّذي تدَّخرونه وتخبِّئونه للزِّراعة والاقتصاد.

{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ} خصيبٌ {فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ} بالمَطَرِ {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)} ما يُعْصَرُ، مثل: الزَّيتون، والسِّمْسِم، ونحو ذلك. وهذا العام لم تتضمَّنه الرُّؤيا!

وبهذا يكون يُوسُفُ ـ عليه السلام ـ قد دبَّر شؤون أهل مصر الاقتصاديَّة، فهو لم يقتصر على تأويل الرُّؤيا، بل علَّمهم ما يصنعون، وبيَّن لهم ما يعملون، ودبَّر لهم المخرج ممَّا عسى به يُصابُون.

وممَّا تجدُر الإشارة إليه أنَّ يُوسُفَ مِن كَرَمِ أخلاقه، ونُبْل شُعُورِه لم يُعَاتِب السَّاقِي لعدم قيامه بما كان طَلَبَ منه، ولم يطلب منه تأكيد ذكره عند الملك، إذ ما بعد الشِّدَّة إلَّا الفَرَج، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} [الشَّرح] فاللَّيل إذا اشتدَّ ظلامُه أوشكَ الفجرُ أن ينبلجَ نورُه، والشِّدَّة إذا تَنَاهَتْ لم يَعْقُبْها إلَّا الفَرَجُ، والمصائبُ إذا تَوَالتْ تَولَّتْ، وإنَّ الفرج مع الكرب، وإنَّ النَّصر مع الصَّبر، والله ـ لا ريب ـ يُحْدِثُ بعد العُسْرِ ميْسَرةً.

فإذا ما ضاقتْ بك الأيَّام واستحكمت حلقاتُها؛ فأبشر بالفرج، فلا يعقب

ص: 108