الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى بَصِيرَةٍ} على هدىً {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يدعو إلى الله كما أدعو {وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} .
فهذا واجب كلِّ مسلم أن يدعو إلى الله على بصيرة، فالآية فيها دليل على أنَّ كلَّ متَّبع للنَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحقٍّ وصدق حقٌّ عليه أن يقتدي بالنَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيدعو إلى ما دعا إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ على بصيرة، وفيها دليل على أنَّ على المسلمين دعوة النَّاس إلى توحيد الله تعالى كما كان على النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك.
واعلم أنَّ الدَّعوة عامَّة وخاصَّة: فالعامَّة يقوم بها كلٌّ حسب استطاعته، قال النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيةً "
(1)
والخاصَّة تتعيَّنُ على العُلماء.
الإيمان المقيَّد بحال الشِّرك
أشكل على بعضهم قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)} قالوا: كيف وُصِفَ المشركُ بالإيمان، وكيف يجتمع الإيمانُ مع الشِّرك؟ فهناك منافاة بين الإيمان والشّرك!
والجواب: أنَّ المراد بإيمان أكثرهم اعترافهم بألسنتهم بأنَّ الله هو ربُّهم الخالق الرَّازق المدبِّر
…
، والمراد بشركهم عبادتهم غيره معه، فليس المراد بإيمانهم حقيقة الإيمان، وإنَّما المراد أنَّ أكثرهم مع إظهارهم الإيمان بأفواههم مُشْرِكون، فالإيمان المقيَّد بحال الشِّرك إيمان لغويّ لفظيّ لا شرعيّ، ومن الآيات الدَّالة على هذا المعنى، قوله تعالى:
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)} [الزّخرف]، وقوله:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)} [يونس]،
(1)
البخاري "صحيح البخاري"(م 2/ج 4/ص 145) كتاب أحاديث الأنبياء.
وتوحيد الرُّبوبيَّة: هو توحيد الله بأفعَاله سبحانه، مثل الخَلْق والرِّزق وتدبير الأمر
…
وهذا أقرَّ به الكفَّار على زمن النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يدخلهم الإسلام، فهم يعلمون أنَّ الله هو الَّذي يخلق ويرزق ويحيي ويميت
…
لكنَّهم يشركون غيره في العبادة.
ولذلك فإنَّ توحيد الرُّبوبيَّة لا ينفع إلَّا بتوحيد الألوهيَّة، وتوحيد الألوهيَّة: هو توحيد اللّه تعالى بأَفعال العباد، ويسمَّى توحيد العبادة، فلا نعبد ولا نستعين إلَّا بالله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} [الفاتحة] ولا نستعيذ إلَّا بالله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} [النَّاس] ولا ندعو إلَّا الله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
…
(60)} [غافر] ولا نخاف إلَّا الله: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ
…
(175)} [آل عمران] ولا نتوكَّل إلَّا على الله: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)} [المائدة].
وهذا النوع من التَّوحيد جاءت به الرُّسل جميعاً: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
…
(36)} [النَّحل] وهو ما أنكره الكفَّار قديماً وحديثاً.