المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ 1 - شَرَائِطُهَا نَوْعَانِ: شُرُوطُ وُجُوبٍ وَهِيَ تِسْعَةٌ: - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٢

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌الْأُولَى: وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ

- ‌الثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ

- ‌الثَّالِثَةُ: وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌بَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌ بَيْعِ الْهَازِلِ

- ‌ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا

- ‌ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ

- ‌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ

- ‌ الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى

- ‌[لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[تَأْخِيرُ الْقَاضِي الْحُكْم بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ]

- ‌[الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا

- ‌ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ

- ‌[قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ]

- ‌[قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ]

- ‌ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ

- ‌[قَضَاءُ الْأَمِيرِ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ]

- ‌ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ

- ‌كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ

- ‌ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ

- ‌[شَهَادَة الْفَاسِقُ إذَا تَابَ]

- ‌ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ

- ‌[تَخْصِيصُ الْقَضَاءُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ]

- ‌الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:

- ‌[مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ

- ‌[الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ]

- ‌ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ

- ‌ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ

- ‌[انْعِزَال الْقَاضِي]

- ‌ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى

- ‌[تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ]

- ‌ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ

- ‌ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ

- ‌الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ

- ‌دَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ

- ‌[مَسْأَلَة تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ 1 - شَرَائِطُهَا نَوْعَانِ: شُرُوطُ وُجُوبٍ وَهِيَ تِسْعَةٌ:

‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

1 - شَرَائِطُهَا نَوْعَانِ: شُرُوطُ وُجُوبٍ وَهِيَ تِسْعَةٌ: 2 - الْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ، وَوُجُودُ الْحَدَثِ، وَوُجُودُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ الْكَافِي، وَالْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَعَدَمُ النِّفَاسِ، وَتَنَجُّزُ خِطَابِ الْمُكَلَّفِ بِضَيِّقِ الْوَقْتِ. 3 - وَشُرُوطُ صِحَّةٍ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: 4 - مُبَاشَرَةُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

قَوْلُهُ: شَرَائِطُهَا نَوْعَانِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: أَنَّهُ لَا مُطَابِقَةَ بَيْنَ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ إفْرَادًا وَتَثْنِيَةً وَجَمْعًا؛ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ وَشَرَائِطُهَا عَلَى مَعْنَى اللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ فَيَسْقُطُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَيَصْدُقُ بِالْمُثَنَّى وَبِهِ تَحْصُلُ الْمُطَابَقَةُ مَعْنًى وَلَوْ قَالَ: وَشَرَائِطُهَا أَنْوَاعٌ لَكَانَ صَوَابًا فَإِنَّهُ بَقِيَ نَوْعَانِ آخَرَانِ: الْأَوَّلُ شَرْطُ وُجُودِهَا الشَّرْعِيِّ وَهُوَ كَوْنُ الْمُزِيلِ مَشْرُوعَ الِاسْتِعْمَالِ فِي مِثْلِهِ. (2) قَوْلُهُ: الْإِسْلَامُ إلَخْ. لَوْ قَالَ التَّكْلِيفُ لَكَانَ أَخْصَرُ. (3) قَوْلُهُ: وَشُرُوطُ صِحَّةٍ. الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ عِبَارَةٌ عَنْ سُقُوطِ الْقَضَاءِ بِالْفِعْلِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ تَخَلُّفِ الْأَحْكَامِ عَنْ الْأَسْبَابِ، وَخُرُوجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَسْبَابًا مُفِيدَةٌ لِلْأَحْكَامِ، وَالْبُطْلَانُ فِيهَا ضِدُّ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلْأَكْمَلِ. (4) قَوْلُهُ: مُبَاشَرَةُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا يَشْمَلُ الْغُسْلَ وَالْمَسْحَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الرَّأْسُ فَإِنَّ مَسْحَ جَمِيعِهَا لَيْسَ مِنْ الشُّرُوطِ بَلْ الرُّبْعِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ مِنْ الْأَعْضَاءِ الرُّبْعَ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ تَجَوُّزًا غَيْرَ نَاهِضٍ لِعَدَمِ مُلَاءَمَتِهِ لِقَوْلِهِ جَمِيعَ الْأَعْضَاءِ (انْتَهَى) .

وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ مُبَاشَرَةِ الْمَاءِ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ مُبَاشَرَةُ الْمَاءِ لِجَمِيعِ كُلِّ عُضْوٍ وَحِينَئِذٍ لَا يَرِدُ الْإِشْكَالُ وَإِنَّمَا يَرِدُ لَوْ قِيلَ مُبَاشَرَةُ الْمَاءِ لِجَمِيعِ كُلِّ عُضْوٍ فَتَأَمَّلْ.

ص: 6

وَانْقِطَاعُ الْحَيْضِ، وَانْقِطَاعُ النِّفَاسِ، وَعَدَمُ التَّلَبُّسِ فِي حَالَةِ التَّطْهِيرِ بِمَا يَنْقُضُهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ بِذَلِكَ.

6 -

وَالْمُطَهِّرَاتُ لِلنَّجَاسَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ: 7 - الْمَائِعُ الطَّاهِرُ الْقَالِعُ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَانْقِطَاعُ الْحَيْضِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ وُضُوءَ الْحَائِضِ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ لِتَذَكُّرِ الْعَادَةِ وَهَلْ هُوَ صَحِيحٌ؟ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ نَفْيُ صِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ قُرْبَةً (انْتَهَى) . أَقُولُ: اسْتِحْبَابُهُ لِتَذَكُّرِ الْعَادَةِ لَا يُنَافِي عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِهِ

(6)

قَوْلُهُ: وَالْمُطَهِّرَاتُ لِلنَّجَاسَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ. أَقُولُ: قَدْ أَوْصَلَهَا ابْنُ الشِّحْنَةِ إلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَنَظَمَهَا الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ أَخُو الْمُصَنِّفِ فَقَالَ:

لَنَظْمُ الْخَبَايَا فِي الزَّوَايَا يُحِبُّهُ

أُولُو الْفَضْلِ تَحْصِيلًا لِفِقْهٍ تَعَزَّلَا

وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمُطَهِّرَ عَشْرَةٌ

وَزَادُوا ثَلَاثًا ثُمَّ عَشْرًا عَنْ الْمَلَا

فَغُسْلٌ وَتَخْلِيلٌ وَفَرْكٌ تَخَلُّلٌ

وَنَحْتٌ وَحَفْرٌ مَعَ جَفَافٍ تَحَصَّلَا

وَنَزْحٌ وَقَدْ غَارَتْ دُخُولٌ تَقَوَّرَ

وَمَسْحٌ وَقَلْبُ الْعَيْنِ وَالشَّيْءُ قَدْ غَلَا

وَنَارٌ وَنَدْفٌ قِسْمَةٌ مَعَ دَلْكِهِ

ذَكَاةٌ وَدَبْغُ الْجِلْدِ إنْ يَقْبَلْ أُدْخِلَا

تَصَرُّفُهُ فِي الْبَعْضِ أَوْ غَسْلُ بَعْضِهِ

كَذَاكَ فَكُنْ ذَا فِطْنَةٍ مُتَأَمِّلًا

فَهَذَا قُصَارَى مَا تَيَسَّرَ جَمْعُهُ

وَفِي بَعْضِهِ شَيْءٌ فَلَا تَكُ مُهْمِلَا

قَوْلُهُ: الْمُطَهِّرَاتُ لِلنَّجَاسَةِ. التَّطْهِيرُ إمَّا إثْبَاتُ الطَّهَارَةِ أَوْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَدْعِي ثُبُوتَ نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ حُكْمِيًّا أَوْ حَقِيقِيًّا لِئَلَّا يَلْزَمَ إثْبَاتُ الثَّابِتِ أَوْ إزَالَةُ الْمُزَالِ، فَإِنْ فُسِّرَ بِالْإِزَالَةِ فَحَسَنٌ وَإِنْ فُسِّرَ بِإِثْبَاتِ الطَّهَارَةِ فَالْمُرَادُ تَطْهِيرُ الْمَحَلِّ مِنْ النَّجَاسَةِ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى. (7) قَوْلُهُ: الْمَائِعُ الطَّاهِرُ الْقَالِعُ. الْمَائِعُ السَّائِلُ مِنْ مَاعَ يَمِيعُ إذَا سَالَ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمَاءِ الْمُسْتَعْمِلِ، وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: النَّجَاسَةُ الْغَلِيظَةُ زَالَتْ بِهِ وَلَكِنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ بَاقِيَةٌ، وَقِيلَ: إذَا غَسَلَ النَّجَاسَةَ بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَكَذَلِكَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِهِ نَجِسٌ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَالْمُرَادُ بِالْقَالِعِ

ص: 7

وَدَلْكُ النَّعْلِ بِالْأَرْضِ، 9 - وَجَفَافُ الْأَرْضِ بِالشَّمْسِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْمُزِيلُ الَّذِي يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَا يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ كَالدُّهْنِ وَالزَّيْتِ وَاللَّبَنِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَزُولُ بِهِ النَّجَاسَةُ بِالْإِجْمَاعِ، كَمَا فِي الْحَقَائِقِ لَكِنَّ فِي الزَّاهِدِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله إذَا ذَهَبَ أَثَرُ الدَّمِ عَنْ الثَّوْبِ بِالدُّهْنِ أَوْ الزَّيْتِ جَازَ لَكِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْبَدَنِ، وَحَاصِلُ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ رَاجِعٌ إلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ حَالَ الِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَحِلُّ مَحَلَّيْنِ فَفِي حَالِ الْمُعَالَجَةِ لَمْ تُزَايِلْ الْعُضْوَ فَلَمْ يَحِلَّ الْمَاءُ فَيُعَدَّى إلَى سَائِرِ الْمَائِعَاتِ لِأَنَّهَا تُزِيلُ عَنْهُ النَّجَاسَةَ وَأَثَرَهَا. فَوَجَبَ أَنْ تُقَيَّدَ الطَّهَارَةُ كَالْمَاءِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الْخَلَّ أَقْلَعُ لِلنَّجَاسَةِ مِنْ الْمَاءِ لِأَنَّهُ يُزِيلُ اللَّوْنَ وَالدُّسُومَةَ وَالْمَاءُ لَا يُزِيلُهُمَا، وَهَذَا لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمَحَلِّ إنَّمَا كَانَتْ لِمُجَاوَرَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ بِهِ فَإِذَا زَالَ عَيْنُهَا بَقِيَ الْمَحَلُّ طَاهِرًا كَمَا كَانَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَنْجُسُ الْمَاءُ كُلَّمَا لَاقَى النَّجَسَ وَالنَّجَسُ لَا يُفِيدُ الطَّهَارَةَ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ تُرِكَ فِي الْمَاءِ ضَرُورَةَ إمْكَانِ التَّطْهِيرِ الَّذِي كُلِّفْنَا بِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.

(8)

قَوْلُهُ: وَدَلْكُ النَّعْلِ بِأَرْضٍ إلَخْ. وَنَحْوُهُ كَالْخُفِّ وَالْفَرْوِ مِنْ نَجِسِ ذِي جَرْمٍ جَفَّ سَوَاءٌ كَانَ الْجَرْمُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ يَكُونُ مُطَهَّرًا لَهُ وَهَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِالْغُسْلِ لَا غَيْرُ، وَرَوَى رُجُوحَهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَطْهُرُ الْخُفُّ فِي الرَّطْبَةِ أَيْضًا إذَا مَسَحَهُ بِالتُّرَابِ لِأَنَّهُ يَجْذِبُ رُطُوبَتَهَا وَيَصِيرُ كَاَلَّتِي جَفَّتْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الزَّاهِدِيِّ: إذَا أَصَابَ نَعْلَهُ بَوْلٌ أَوْ خَمْرٌ فَمَشَى عَلَى التُّرَابِ وَلَزِقَ بِهِ وَجَفَّ فَمَسَحَهُ بِالْأَرْضِ طَهُرَ عِنْدَ الْإِمَامِ. وَتَقَيُّدُ الدَّلْكِ بِالْأَرْضِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ. وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ إنْ حَكَّهُ أَوْ حَتَّهُ بَعْدَ مَا يَبِسَ طَهُرَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله ذَهَابَ الْأَثَرِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ وَفِي التُّمُرْتَاشِيِّ نَقْلًا عَنْ أَبِي الْيُسْرِ أَنَّ الْخُفَّ إنَّمَا يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ إذَا أَصَابَ النَّجَسُ مَوْضِعَ الْوَطْءِ فَإِنْ أَصَابَ مَا فَوْقَهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْوِ الَّذِي يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ الْوَجْهُ الَّذِي لَا شَعْرَ عَلَيْهِ أَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّعْرُ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ. وَفِي صَلَاةِ الْبَقَّالِيِّ أَنَّ الْخُفَّ الْغَيْرَ الْمَدْبُوغَ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

(9)

قَوْلُهُ: وَجَفَافُ الْأَرْضِ بِالشَّمْسِ، أَيْ ذَهَابُ نَدَاوَتِهَا بِالشَّمْسِ أَوْ غَيْرِهَا مَعَ

ص: 8

وَمَسْحُ الصَّيْقَلِ، 11 - وَنَحْتُ الْخَشَبِ، 12 - وَفَرْكُ الْمَنِيِّ مِنْ الثَّوْبِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

ذَهَابِ الْأَثَرِ أَيْ الرِّيحِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْجَفَافِ أَوْلَى مِنْ الْيُبْسِ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ النُّقَايَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ الْمَشْرُوطُ دُونَ الْيُبْسِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ التُّرَابُ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالْحَجَرِ وَالْجِصِّ وَالْآجُرِّ وَاللَّبِنِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مَوْضُوعٌ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ وَكَذَا حُكْمُ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ غَيْرِهَا مِنْ النَّبَاتِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بِنَاءٍ أَوْ كَالْخُصِّ بِالضَّمِّ وَهُوَ سُتْرَةُ السَّطْحِ مِنْ الْقَصَبِ وَالْخَشَبِ وَالْكَلَأِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا. وَالتَّقْيِيدُ بِالْجَفَافِ لَيْسَ لِلتَّخْصِيصِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالْجَفَافِ كَمَا تَطْهُرُ بِالْغُسْلِ فَلَوْ صُبَّ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْمَاءِ مَا يُغْسَلُ بِهِ ثَوْبٌ نَجِسٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَدْ طَهُرَتْ، كَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله أَنْ تَطْهُرَ بِالْجَفَافِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ وَالتَّيَمُّمِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ شَاسٍ عَنْ أَصْحَابِنَا. لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَصَحِّ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَخِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ. وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي كَوْنِ السَّطْحِ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ رِوَايَتَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَطْهُرُ. قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَ التُّرَابُ فِي الْغِلَظِ بِمَنْزِلَةِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الْجَفَافِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِالشَّمْسِ أَوْ الرِّيحِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَقَوْلُهُ بِالشَّمْسِ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ.

(10)

قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الصَّيْقَلِ كَالسَّيْفِ وَالْمِرْآةِ مُطَهِّرٌ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ النَّجَسُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا، مُتَجَسِّدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لِمَا صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - كَانُوا يَقْتُلُونَ الْكُفَّارَ بِسُيُوفِهِمْ ثُمَّ يَمْسَحُونَهَا وَيُصَلُّونَ مَعَهَا. قُيِّدَ بِالصَّيْقَلِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَوْ كَانَ خَشِنًا أَوْ مَنْقُوشًا لَا يَطْهُرُ بِالْمَسْحِ. قَالَ الْكَمَالُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى طَهَارَةِ الصَّيْقَلِ بِالْمَسْحِ لَوْ كَانَ عَلَى ظُفْرِهِ نَجَاسَةٌ فَمَسَحَهَا طَهُرَتْ وَكَذَلِكَ الزُّجَاجَةُ وَالْجَرِيدَةُ الْخَضْرَاءُ وَالْخَشَبُ الْخَرَّاطِي وَالْبُورِيَّا وَالْقَصَبُ. (11) قَوْلُهُ: وَنَحْتُ الْخَشَبِ. وَكَذَا شَقُّهُ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الشَّقَّ. (12) قَوْلُهُ: وَفَرْكُ الْمَنِيِّ مِنْ الْبَدَنِ. أَيْ غَمْزُهُ بِيَدِهِ أَوْ حَكُّهُ حَتَّى يَتَفَتَّتَ، وَمِثْلُهُ الثَّوْبُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ بِبَوْلِهِ عَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ أَوْ بِمَذْيٍ لَمْ يَطْهُرْ بِهِ كَمَا قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنَّ مَشَايِخَنَا لَمْ يَعْتَبِرُوهُ لِأَنَّهُ

ص: 9

وَمَسْحُ الْمَحَاجِمِ بِالْخِرَقِ الْمُبْتَلَّةِ بِالْمَاءِ، 14 - وَالنَّارُ، وَانْقِلَابُ الْعَيْنِ، وَالدِّبَاغَةُ، 15 - وَالتَّقَوُّرُ فِي الْفَأْرَةِ إذَا مَاتَتْ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

صَارَ تَبَعًا لِلْمَنِيِّ وَإِلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَنِيِّ لَا يَطْهُرُ بِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ لَكِنْ أَطْلَقَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّ الثَّوْبَ يَطْهُرُ عَنْ الدَّمِ الْغَلِيظِ بِالْفَرْكِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنَّهُ يَطْهُرُ عَنْ الْعُذْرَةِ الْغَلِيظَةِ قِيَاسًا عَلَى الْمَنِيِّ كَمَا فِي النَّوَازِلِ وَالْمَنِيُّ شَامِلٌ لِمَنِيِّ كُلِّ حَيَوَانٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَطْهُرَ بِهِ وَفِي الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُضْغَةَ وَالْعَلَقَةَ نَجِسَانِ كَالْمَنِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَأَطْلَقَ فِي الْمَنِيِّ فَيَشْمَلُ مَنِيَّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ: مَنِيُّ الْمَرْأَةِ لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ. (13) قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الْمَحَاجِمِ بِالْخِرَقِ إلَخْ. خِرَقٌ جَمْعُ خِرْقَةٍ وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: إذَا مَسَحَ الرَّجُلُ مَوْضِعَ الْمِحْجَمَةِ بِثَلَاثِ خِرْقَاتٍ رَطْبَاتٍ أَجْزَأَهُ عَنْ الْغُسْلِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: فِي الْقُنْيَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: مَسَحَ الْحَجَّامُ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَصَلَّى الْمَحْجُومُ أَيَّامًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا صَلَّى إنْ زَالَ الدَّمُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ. (14) قَوْلُهُ: وَالنَّارُ إلَخْ. أَيْ يَطْهُرُ مَا احْتَرَقَ كَالرَّوْثِ إذَا صَارَ بِالنَّارِ رَمَادًا لِأَنَّ الْعَيْنَ تَبَدَّلَتْ وَاسْتَحَالَتْ إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى فَتَبَدَّلَ وَصْفُهَا.

وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ رحمه الله وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله وَقَالَ: النَّارُ لَا تُطَهِّرُ مَا احْتَرَقَ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ إنَّمَا حَصَلَ فِي وَصْفِهِ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فَيَبْقَى بِحَالِهَا عَلَى نَجَاسَتِهَا. وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا صَارَتْ الْعَذِرَةُ حَمْأَةً أَيْ طِينًا أَسْوَدَ وَالْخِنْزِيرُ مِلْحًا وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ رحمه الله هُوَ الْمُخْتَارُ، وَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ الْمَلَكِيِّ. (15) قَوْلُهُ: وَالتَّقَوُّرُ إلَخْ. أَيْ التَّقْوِيرُ عَلَى طَرِيقِ اسْتِعْمَالِ مَصْدَرِ الْفِعْلِ اللَّازِمِ فِي الْمُتَعَدِّي كَاسْتِعْمَالِ الطَّهَارَةِ بِمَعْنَى التَّطْهِيرِ، وَالْأَصْلُ فِي كَوْنِ التَّقْوِيرِ مُطَهِّرًا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ تَمُوتُ فِي الدُّهْنِ فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا أُلْقِيَتْ الْفَأْرَةُ وَمَا حَوْلَهَا وَأُكِلَ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ مَائِعًا لَا» وَفِي رِوَايَةٍ اُنْتُفِعَ بِهِ وَلَمْ يُؤْكَلْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ الْقَلَانِسِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ.

ص: 10

وَالذَّكَاةُ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ، 17 - وَنَزْحُ الْبِئْرِ، 18 - وَدُخُولُ الْمَاءِ مِنْ جَانِبٍ وَخُرُوجُهُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، وَحَفْرُ الْأَرْضِ بِقَلْبِ الْأَعْلَى أَسْفَلَ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قِسْمَةَ الْمِثْلِيِّ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ؛ فَلَوْ تَنَجَّسَ بِئْرٌ فَقُسِمَ طَهُرَ. وَفِي التَّحْقِيقِ لَا يَطْهُرُ وَإِنَّمَا جَازَ لِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ بِالشَّكِّ فِيهَا حَتَّى لَوْ جُمِعَ عَادَتْ.

19 -

الثَّوْبُ يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ مِنْ الْمَنِيِّ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَالذَّكَاةُ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ: مَا طَهُرَ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ طَهُرَ جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ بِالتَّذْكِيَةِ. قِيلَ: يُشْتَرَطُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا أَنْ تَكُونَ الذَّكَاةُ بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ مِنْ أَهْلِهَا يَعْنِي الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ ذَبْحًا مَقْرُونًا بِالتَّسْمِيَةِ. (17) قَوْلُهُ: وَنَزْحُ الْبِئْرِ. أَقُولُ: قَدْ يَكُونُ نَزْحُ الْبِئْرِ مُطَهِّرًا لِلْبِئْرِ وَمَا فِي الْبِئْرِ إذَا لَمْ يَمْكُنْ إخْرَاجُهُ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: عَظْمٌ نَجِسٌ وَقَعَ فِيهِ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ يُجْعَلُ الْكُلُّ كَغُسْلِ الْعَظْمِ (انْتَهَى) .

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ: لَا يُفِيدُ نَزْحُ الْبِئْرِ قَبْلَ إخْرَاجِ مَا وَقَعَ فِيهَا، مَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ. (18) قَوْلُهُ: وَدُخُولُ الْمَاءِ مِنْ جَانِبٍ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الْحَوْضُ الصَّغِيرُ إذَا صَارَ نَجِسًا فَدَخَلَ الْمَاءُ مِنْ جَانِبٍ وَخَرَجَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ يَطْهُرُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِمِثْلِ مَا فِيهِ لِأَنَّ الْمَاءَ الْجَارِيَ لَمَّا اتَّصَلَ وَخَرَجَ صَارَ فِي حُكْمِ الْجَارِي وَالْمَاءُ الْجَارِي طَاهِرٌ إلَّا أَنْ تَسْتَبِينَ فِيهِ النَّجَاسَةُ، وَقُيِّدَ بِالْخُرُوجِ لِأَنَّ الْحَوْضَ إذَا كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَعَلَا مَاؤُهُ وَوَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ثُمَّ دَخَلَ فِيهِ الْمَاءُ فَامْتَلَأَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَطْهُرُ لِأَنَّهُ كُلَّمَا دَخَلَ فِيهِ الْمَاءُ تَنَجَّسَ

(19)

قَوْلُهُ: الثَّوْبُ يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ مِنْ الْمَنِيِّ إلَخْ. قِيلَ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله الْبَدَنَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّوْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْبَلْوَى فِي الْبَدَنِ أَشَدُّ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: دَعْوَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ رحمه الله لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَنَ غَفْلَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ وَفَرْكُ الْمَنِيِّ مِنْ الْبَدَنِ وَإِنَّمَا خَصَّ الثَّوْبَ هُنَا وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ لِأَجْلِ مَسْأَلَتَيْ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي قَرِيبًا.

ص: 11

إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: 21 - قِيلَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ جَدِيدًا، 22 - أَوْ أَمْنَى عَقِبَ بَوْلٍ لَمْ يُزِلْهُ بِالْمَاءِ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ.

23 -

وَالْأَبْوَالُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ 24 - إلَّا بَوْلَ الْخُفَّاشِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَخْ. زَادَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ ثَالِثَةً وَهِيَ مَا لَوْ أَصَابَ الْمَنِيُّ ثَوْبًا ذَا طَاقَيْنِ فَالطَّاقُ الْأَعْلَى يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ وَالْأَسْفَلُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تُصِيبُهُ دُونَ الْجَرْمِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَعَلِمَ مِنْهُ أَنَّ بَلَّةَ الْمَنِيِّ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ وَلَيْسَتْ كَجَرْمِهِ. (21) قَوْلُهُ: قِيلَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ جَدِيدًا إلَخْ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عَنْ الْإِتْقَانِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فِيمَا عِنْدِي مِنْ الْكُتُبِ وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى. (22) قَوْلُهُ: أَوْ أَمْنَى عَقِبَ بَوْلٍ إلَخْ. أَقُولُ فِي الْقُنْيَةِ: بَالَ ثُمَّ احْتَلَمَ أَوْ جَامَعَ وَأَصَابَ مَنِيُّهُ الثَّوْبَ يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ (انْتَهَى) .

وَوَجْهُهُ أَنَّهُ صَارَ تَبَعًا لِلْمَنِيِّ وَمِنْهُ يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. هَذَا؛ وَقَدْ زِدْتُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ الثَّلَاثِ وَالْعِشْرِينَ مَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَبِي اللَّيْثِ فِي بَابِ الِاسْتِحْسَانِ: وَإِذَا كَانَ جُبٌّ فِيهِ خَمْرٌ فَغُسِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ رَائِحَةُ الْخَمْرِ، فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ رَائِحَةُ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ شَيْئًا سِوَى الْخَلِّ فَإِنَّهُ إذَا جَعَلَ فِيهِ الْخَلَّ يَطْهُرُ وَإِنْ لَمْ يُغْسَلْ بِالْمَاءِ انْتَهَى. وَزِدْتُ أَيْضًا مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ إذَابَةَ الْقَلَعِيِّ النَّجَسِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِالْإِذَابَةِ وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: يُذَابُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَطْهُرُ (انْتَهَى) . وَزِدْتُ أَيْضًا لَوْ طُرِحَ التُّرَابُ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَتَغَيَّرَ فَزَالَ التَّغَيُّرُ طَهُرَ فِي الْأَشْبَهِ بِمَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله وَلَمْ يَطْهُرْ فِي الْأَشْبَهِ بِمَذْهَبِ مُحَمَّدٍ رحمه الله وَهُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ، كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ وَهَذَا الْجَمْعُ وَالِانْتِخَابُ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ

(23)

قَوْلُهُ: الْأَبْوَالُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ إلَخْ. فِي الذَّخِيرَةِ: خُرْءُ الْحَيَّةِ وَبَوْلُهَا نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً انْتَهَى. وَهُوَ غَرِيبٌ انْتَهَى. فَلَمْ يُمَيَّزْ لِي أَنَّ لِلْحَيَّةِ بَوْلًا وَخُرْءًا. (24) قَوْلُهُ: إلَّا بَوْلَ الْخُفَّاشِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ لِلضَّرُورَةِ. وَالْخُفَّاشُ هُوَ الْوَطْوَاطُ وَلَهُ

ص: 12

اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي بَوْلِ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ.

26 -

وَمَرَارَةُ كُلِّ شَيْءٍ كَبَوْلِهِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

أَرْبَعَةُ أَسْمَاءٍ مَا ذُكِرَ وَخُشَافٌ وَخُطَّافٌ وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ الْخُفَّاشَ يُؤْكَلُ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ لَهُ نَابًا، كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ الذَّبَائِحِ وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى بَوْلُ الْخُفَّاشِ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَلَا بَوْلَ لِغَيْرِهِ مِنْ الطُّيُورِ، وَبَوْلُ سَائِرِ الطُّيُورِ الْبَلَّةُ الَّتِي مَعَ خُرْئِهَا. وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي بَوْلُ الْخُفَّاشِ وَخُرْؤُهَا لَا يُفْسِدَانِ الْمَاءَ (انْتَهَى) .

وَيُسْتَثْنَى بَوْلُ الْحَمَامِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: بَوْلُ الْخُفَّاشِ كَبَوْلِ الْحَمَامِ انْتَهَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَا بَوْلَ لِغَيْرِ الْخُفَّاشِ مِنْ الطُّيُورِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا بَوْلُ الْفَأْرَةِ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ: بَوْلُ الْخُفَّاشِ لَيْسَ بِنَجِسٍ لِلضَّرُورَةِ وَكَذَلِكَ بَوْلُ الْفَأْرَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، لَكِنَّ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ نَجِسٌ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ يُفْسِدُ الْمَاءَ وَالثَّوْبَ (انْتَهَى) .

وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يُنَجِّسُ الْإِنَاءَ دُونَ الثَّوْبِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ حَسَنٌ لِعَادَةِ تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: بَوْلُ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ إنْ أَصَابَ الثَّوْبَ لَا يُفْسِدُهُ وَقِيلَ إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ أَفْسَدَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (انْتَهَى) .

وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا خُرْءُ دُودِ الْقَزِّ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: أَبْوَالُ الْبَرَاغِيثِ لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَهُوَ غَرِيبٌ فَلَمْ يُمَيَّزْ لِي أَنَّ لِلْبَرَاغِيثِ بَوْلًا فَلْيُحْفَظْ

(25)

قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي بَوْلِ الْهِرَّةِ إلَخْ. فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: بَوْلُ الْفَأْرَةِ وَالْهِرَّةِ وَخَرْئِهِمَا نَجِسٌ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ يُفْسِدُ الْمَأْكُولَ وَالثَّوْبَ (انْتَهَى) .

وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ: النَّجَاسَةُ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ: وَبَوْلُ السِّنَّوْرِ نَجِسٌ اتِّفَاقًا (انْتَهَى) .

وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ ادَّعَى الْمُصَنِّفُ رحمه الله اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ مَا رَأَيْنَاهُ

(26)

قَوْلُهُ: وَمَرَارَةُ كُلِّ شَيْءٍ كَبَوْلِهِ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ مَرَارَةُ الشَّاةِ كَالدَّمِ وَقِيلَ كَبَوْلِهَا (انْتَهَى) .

وَقَالَ فِي التَّجْنِيسِ: لِأَنَّهُ وَارَاهُ جَوْفُهُ أَلَا تَرَى أَنْ مَا يُوَارِي جَوْفُ الْإِنْسَانِ بِأَنَّ كُلَّ مَا قَاءَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ بَوْلِهِ (انْتَهَى) .

قَالَ الْكَمَالُ: وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَذَلِكَ وَإِنْ قَاءَ مِنْ سَاعَتِهِ قَدَّمْنَاهُ فِي النَّوَاقِضِ مَا هُوَ الْأَحْسَنُ يَعْنِي عَدَمَ النَّقْضِ، وَقَدْ صَحَّحَهُ قَوْلُهُ: فَقَاءَ الصَّبِيُّ ارْتَضَعَ ثُمَّ قَاءَ فَأَصَابَ ثِيَابَ الْأُمِّ إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ مَنَعَ. قَالَ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَا لَمْ يَفْحُشْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ

ص: 13

وَجَرَّةُ الْبَعِيرِ كَسِرْقِينِهِ وَالدِّمَاءُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ؛ 28 - إلَّا دَمَ الشَّهِيدِ، 29 - وَالدَّمُ الْبَاقِي فِي اللَّحْمِ الْمَهْزُولِ إذَا قُطِعَ، 30 - وَالْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ، وَالْبَاقِي فِي الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ، 31 - وَدَمُ قَلْبِ الشَّاةِ، 32 - وَمَا لَمْ يَسِيلُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَدَمُ الْبَقِّ وَدَمُ الْبَرَاغِيثِ وَدَمُ الْقَمْلِ وَدَمُ السَّمَكِ. فَالْمُسْتَثْنَى عَشَرَةٌ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

فَكَانَ نَجَاسَةً دُونَ نَجَاسَةِ الْبَوْلِ بِخِلَافِ الْمَرَارَةِ لِأَنَّهَا تَتَغَيَّرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. كَذَا فِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِيهِ مَا ذَكَرْنَا انْتَهَى كَلَامُ الْكَمَالِ وَالسِّرْقِينُ الرَّوْثُ وَالْبَعْرُ الْخَثَى وَالرَّوْثُ لِلْحِمَارِ وَالْفَرَسِ وَالْخَثَى لِلْبَقَرِ وَالْبَعْرُ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ

(27)

قَوْلُهُ: وَجَرَّةُ الْبَعِيرِ كَسِرْقِينِهِ قِيلَ: جَرَّةُ الْبَعِيرِ هِيَ الَّتِي يُخْرِجُهَا مِنْ فَمِهِ وَقْتَ هَدَرِيَّتِهِ قَالُوا لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ أَيَّ شَيْءٍ هَذَا. (28) قَوْلُهُ: إلَّا دَمَ الشَّهِيدِ. يَعْنِي فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَإِنْ وَقَعَ دَمُهُ فِي ثَوْبِ إنْسَانٍ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَلَوْ حَمَلَ الشَّهِيدَ إنْسَانٌ جَازَتْ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ: وَقَعَ شَهِيدٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَعَلَى جُرُوحَاتِهِ دَمٌ جَافٌّ لَا يَتَنَجَّسُ. قِيلَ: فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ: الدَّمُ الْكَثِيرُ مَعَ الْمُصَلِّي يَمْنَعُ صَلَاتَهُ إلَّا إذَا حَمَلَ الْمُصَلِّي شَهِيدًا عَلَيْهِ دَمٌ كَثِيرٌ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَصَابَ الْمُصَلِّي مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ زَالَ عَنْ الْمَكَانِ الَّذِي حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ فَكَذَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ. (29) قَوْلُهُ: وَالدَّمُ الْبَاقِي فِي اللَّحْمِ الْمَهْزُولِ إلَخْ. يَعْنِي فِي حَقِّ الْمَرَقِ لَا الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ. (30) قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ إلَخْ. يَعْنِي لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله يُعْفَى فِي الْأَكْلِ دُونَ الثِّيَابِ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. (31) قَوْلُهُ: وَدَمُ قَلْبِ الشَّاةِ إلَخْ. عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَأَمَّا دَمُ قَلْبِ الشَّاةِ فَفِي النَّاطِفِيِّ أَنَّهُ طَاهِرٌ كَدَمِ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ، وَفِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ نَجِسٌ. (32) قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَسِلْ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَخْ. لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حَدَثًا

ص: 14

الْخُرْءُ نَجِسٌ

34 -

إلَّا خُرْءَ الطَّيْرِ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ. 35 - عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَخُرْءَ الْفَأْرَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.

36 -

الْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ كَالْأُذُنِ الْمَقْطُوعَةِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

فَلَا يَكُونُ نَجِسًا وَأَمَّا دَمُ غَيْرِ الْإِنْسَانِ إذَا لَمْ يَسِلْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نَجِسًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَسْفُوحٍ وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْيِيدُ بِالْإِنْسَانِ اتِّفَاقِيٌّ

(33)

قَوْلُهُ: الْخُرْءُ نَجِسٌ إلَخْ. قِيلَ: ظَاهِرُ عُمُومِهِ نَجَاسَةُ خُرْءِ السَّمَكِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا صَرِيحًا لَكِنْ رَأَيْتُ فِي النُّتَفِ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا هَوَامُّ الْأَرْضِ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ فَهِيَ وَمَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ فَغَيْرُ نَجِسٍ وَغَيْرُ مُنَجِّسٍ لِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَالتَّنَزُّهُ مِنْهَا أَفْضَلُ فِي قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْهَوَامُّ عَلَى وَجْهَيْنِ: مَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ مِثْلُ الْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْوَزَغَةِ وَالْقُنْفُذِ فَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَسُؤْرُهَا مَكْرُوهٌ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ يَجْعَلُهُ مَكْرُوهًا وَبَوْلُهَا نَجِسٌ وَمَا لَيْسَ فِيهَا نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَإِنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا طَاهِرٌ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ خُرْءَ السَّمَكِ طَاهِرٌ (انْتَهَى) .

قُلْتُ فَيُزَادُ هَذَا فِي الْمُسْتَثْنَى الْآتِي

(34)

قَوْلُهُ: إلَّا خُرْءَ الطَّيْرِ الْمَأْكُولِ إلَخْ. قِيلَ: يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الطَّيْرِ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ مَعَ أَنَّ خَرْأَهُمَا نَجِسٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَثُرَ اقْتِنَاؤُهُمَا وَتَرْبِيَتُهُمَا فِي الْبُيُوتِ وَهِيَ مِنْ الدَّوَاجِنِ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ. (35) قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إلَخْ. يَعْنِي قَوْلَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ رحمه الله، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رحمه الله فَنَجِسٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَخُرْءُ الْفَأْرَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْغَيْرُ الظَّاهِرَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا

(36)

قَوْلُهُ: الْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ إلَخْ. يَعْنِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَالْمُرَادُ الْحَيُّ صُورَةً وَحُكْمًا. وَفِي الْبَحْرِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: كُلُّ عُضْوٍ هُوَ عَوْرَةٌ مِنْ الْمَرْأَةِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهَا هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى رِيقِهَا وَدَمْعِهَا وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَكَذَا الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ مِنْ الرَّجُلِ وَشَعْرُ عَانَتِهِ إذَا حُلِقَ عَلَى هَذَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى)

ص: 15

وَالسِّنُّ السَّاقِطُ إلَّا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ فَطَاهِرٌ وَإِنْ كَثُرَ مَا لَا يَنْعَصِرُ إذَا تَنَجَّسَ.

38 -

فَلَا بُدَّ مِنْ التَّجْفِيفِ إلَّا فِي الْبَدَنِ فَتَوَالِي الْغَسَلَاتِ يَقُومُ مَقَامَهُ. تُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إزَالَةُ الرَّائِحَةِ عَنْ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْإِصْبَعِ الَّذِي اسْتَنْجَى بِهِ إلَّا إذَا عَجَزَ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ.

39 -

تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ نَجِسٍ وَهُنَاكَ مَنْ يَعْلَمُهُ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ.

40 -

رَأَى فِي ثَوْبِ غَيْرِهِ نَجَاسَةً مَانِعَةً إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ أَزَالَهَا وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَالسِّنُّ السَّاقِطُ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ إنَّ السِّنَّ السَّاقِطَ لَا تَنْجَسُ بِالِانْفِصَالِ لِأَنَّهُ عَظْمٌ لَا حَيَاةَ فِيهِ كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ. وَفِي الْمَجْمَعِ مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ وَلَوْ أَعَادَ سِنَّ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ إلَى فِيهِ جَازَتْ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بِهِ لِأَنَّ عَظْمَ الْإِنْسَانِ طَاهِرٌ. فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قُيِّدَ بِالْأَصَحِّ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ أَنَّ السِّنَّ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الْحَيِّ نَجِسٌ

(38)

قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ التَّجْفِيفِ إلَّا فِي الْبَدَنِ إلَخْ. فِي الْمُلْتَقَطِ جَرَّةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ أَصَابَتْهَا النَّجَاسَةُ فَتَشَرَّبَتْ فِيهَا يَكْفِيهِ الْغُسْلُ ثَلَاثًا بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ جَدِيدًا يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْخَزَفِ الْجَدِيدِ وَالْحِنْطَةِ الْمُنْقَعَةِ فِي النَّجَاسَةِ وَالْحَصِيرِ مِنْ الدُّخِّ إذَا تَنَجَّسَ وَالسِّكِّينِ الْمُمَوَّهِ فِي الْمَاءِ النَّجِسِ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله. وَالْمُرَادُ بِالتَّجْفِيفِ انْقِطَاعُ التَّقَاطُرِ

(39)

قَوْلُهُ: تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ نَجِسٍ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: رَأَى رَجُلًا يَتَوَضَّأُ بِمَاءِ حَوْضٍ نَجِسٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ لَا يَجِبُ

(40)

قَوْلُهُ: رَأَى فِي ثَوْبِ غَيْرِهِ نَجَاسَةً إلَخْ. فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (انْتَهَى) .

وَفِي الْمُلْتَقَطِ: إذَا رَأَى عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ نَجَاسَةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُخْبِرُهُ وَلَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ

ص: 16

الْمَرَقَةُ إذَا أَنْتَنَتْ لَا تَتَنَجَّسُ، وَالطَّعَامُ إذَا تَغَيَّرَ وَاشْتَدَّ تَغَيُّرُهُ تَنَجَّسَ وَحَرُمَ، وَاللَّبَنُ وَالزَّيْتُ وَالسَّمْنُ إذَا أَنْتَنَ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ.

الدَّجَاجَةُ إذَا ذُبِحَتْ وَنُتِفَ رِيشُهَا 42 - وَأُغْلِيَتْ فِي الْمَاءِ قَبْلَ شَقِّ بَطْنِهَا صَارَ الْمَاءُ نَجِسًا وَصَارَتْ نَجِسَةً بِحَيْثُ لَا طَرِيقَ لِأَكْلِهَا 43 - إلَّا أَنْ تَحْمِلَ الْهِرَّةَ إلَيْهَا فَتَأْكُلَهَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: الْمَرَقَةُ إذَا أَنْتَنَتْ لَا تَنْجَسُ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرَقَةُ إذَا أَنْتَنَتْ لَا تَنْجَسُ وَنُقِلَ عَنْ صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ: الطَّعَامُ إذَا تَغَيَّرَ وَاشْتَدَّ تَغَيُّرُهُ يَتَنَجَّسُ. وَفِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ إنَّ بِالتَّغَيُّرِ لَا يَحْرُمُ. قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ: فَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَّابِيُّ عَلَى غَايَةِ التَّغَيُّرِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْرِبَةِ عَلَى نَفْسِ التَّغَيُّرِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكَلِ الْآثَارِ اللَّحْمُ إذَا أَنْتَنَ يَحْرُمُ أَكْلُهُ السَّمْنُ وَاللَّبَنُ وَالزَّيْتُ وَالدُّهْنُ إذَا أَنْتَنَ لَا يَحْرُمُ. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: إذَا وَقَعَ فِي اللَّحْمِ دُودٌ وَأَنْتَنَ فَهُوَ طَاهِرٌ (انْتَهَى) .

وَفِي النِّهَايَةِ ثُمَّ الِاسْتِحَالَةُ إلَى فَسَادٍ لَا تُوجِبُ النَّجَاسَةُ لَا مَحَالَةَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِ عِبَارَةِ النِّهَايَةِ وَبِهَذَا عُلِمَ ضَعْفُ مَا فِي الْخِزَانَةِ

(42)

قَوْلُهُ: وَأُغْلِيَتْ فِي الْمَاءِ إلَخْ. حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ لَوْ أُلْقِيَتْ الدَّجَاجَةُ حَالَ الْغَلَيَانِ فِي الْمَاءِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَوْ أُلْقِيَتْ الدَّجَاجَةُ حَالَةَ الْغَلَيَانِ فِي الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يُشَقَّ بَطْنُهَا لِنَتْفِ رِيشِهَا أَوْ كَرِشِهَا قَبْلَ الْغُسْلِ لَا تَطْهُرُ أَبَدًا يَعْنِي لِتَشَرُّبِهَا النَّجَاسَةَ الْمُتَحَلِّلَةَ بِوَاسِطَةِ الْغَلَيَانِ، لَكِنْ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ أَنْ تَطْهُرَ عَلَى قَانُونِ مَا تَقَدَّمَ فِي اللَّحْمِ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ اُشْتُهِرَ أَنَّ اللَّحْمَ السَّمِيطَ بِمِصْرَ نَجِسٌ لَا يَطْهُرُ، لَكِنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَثْبُتُ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى حَدِّ الْغَلَيَانِ وَيَمْكُثُ فِيهِ اللَّحْمُ بَعْدَ ذَلِكَ زَمَانًا يَقَعُ فِي مِثْلِهِ التَّشَرُّبُ وَالدُّخُولُ فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَكُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي السَّمِيطِ الْوَاقِعِ بِمِصْرَ حَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى حَدِّ الْغَلَيَانِ وَلَا يُتْرَكُ فِيهِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَصِلُ الْحَرَارَةُ إلَى سَطْحِ الْجِلْدِ (43) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَحْمِلَ الْهِرَّةَ إلَيْهَا فَتَأْكُلَهَا إلَخْ. نَظِيرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ: لَا

ص: 17

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[غمز عيون البصائر]

تُحْمَلُ الْخَمْرُ إلَى الْخَلِّ لِلتَّخْلِيلِ وَلَكِنْ يُحْمَلُ الْخَلُّ إلَى الْخَمْرِ، وَلَا يَقُودُ أَبَوَيْهِ النَّصْرَانِيُّ إلَى بَيْعَةٍ وَيَقُودُهُ إلَى بَيْتِهِ؛ الْمُؤَذِّنُ يَحْمِلُ السِّرَاجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ وَلَا يَحْمِلُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى بَيْتِهِ

ص: 18