المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ 1 - أَحْكَامُ الْحَمْلِ ذَكَرْنَاهَا هُنَا لِمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٢

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌الْأُولَى: وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ

- ‌الثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ

- ‌الثَّالِثَةُ: وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌بَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌ بَيْعِ الْهَازِلِ

- ‌ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا

- ‌ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ

- ‌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ

- ‌ الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى

- ‌[لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[تَأْخِيرُ الْقَاضِي الْحُكْم بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ]

- ‌[الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا

- ‌ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ

- ‌[قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ]

- ‌[قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ]

- ‌ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ

- ‌[قَضَاءُ الْأَمِيرِ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ]

- ‌ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ

- ‌كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ

- ‌ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ

- ‌[شَهَادَة الْفَاسِقُ إذَا تَابَ]

- ‌ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ

- ‌[تَخْصِيصُ الْقَضَاءُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ]

- ‌الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:

- ‌[مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ

- ‌[الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ]

- ‌ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ

- ‌ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ

- ‌[انْعِزَال الْقَاضِي]

- ‌ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى

- ‌[تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ]

- ‌ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ

- ‌ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ

- ‌الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ

- ‌دَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ

- ‌[مَسْأَلَة تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ 1 - أَحْكَامُ الْحَمْلِ ذَكَرْنَاهَا هُنَا لِمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ

‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

1 - أَحْكَامُ الْحَمْلِ ذَكَرْنَاهَا هُنَا لِمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَهُ بَيْعُهُ 2 - وَهُوَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي أَحْكَامِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ لَا الْمُقَيَّدِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَالِاسْتِيلَادِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالرِّقِّ، وَالْمِلْكِ بِسَائِرِ أَسْبَابِهِ، وَحَقُّ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ يَسْرِي إلَيْهِ، وَحَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفِي الدَّيْنِ، فَيُبَاعُ مَعَ أُمِّهِ لِلدَّيْنِ، وَحَقُّ الْأُضْحِيَّةِ، وَالرَّهْنُ فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَمَا زَادَ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

وَيَتْبَعُهَا فِي الرَّهْنِ، فَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ كَانَ رَهْنًا مَعَهَا 3 - بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَالْكَفِيلَةِ، وَالْمَغْصُوبَةِ، وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا. كَمَا فِي الرَّهْنِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

قَوْلُهُ: أَحْكَامُ الْحَمْلِ إلَخْ. قِيلَ: وَقَعَتْ حَادِثَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَا وُقِفَ لِلْحَمْلِ مِنْ الْإِرْثِ هَلْ لِلْوَلِيِّ بَيْعُهُ أَمْ لَا؟ انْتَهَى. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ، لِلْوَلِيِّ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ، فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا، لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ رُبَّمَا تَسْتَغْرِقُ مَالِيَّتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَقَارًا لَا. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَفَقُّهًا وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ.

(2)

قَوْلُهُ: وَهُوَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي أَحْكَامِ إلَخْ. أَقُولُ: وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى جَارِيَةٍ حُبْلَى عَلَى أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لَهُ تَكُونُ الْجَارِيَةُ وَمَا فِي بَطْنِهَا لَهُ (انْتَهَى) . وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْحَمْلَ كَجُزْءٍ مِنْهَا فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ.

(3)

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الرَّهْنِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ. وَنَصُّ عِبَارَتِهِ وَنَمَاءُ الرَّهْنِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلَّدٌ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ رَهْنٌ

ص: 260

وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً وَحَمْلَهَا، أَوْ مَعَ حَمْلِهَا أَوْ بِحَمْلِهَا أَوْ دَابَّةً كَذَلِكَ

5 -

فَإِنْ عَلَّلْنَا قَوْلَهُمْ بِفَسَادٍ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا بِكَوْنِهِ مَجْهُولًا لَا اسْتِثْنَاءً مِنْ مَعْلُومٍ، فَصَارَ الْكُلُّ مَجْهُولًا. نَقُولُ هُنَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

مَعَ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ وَالرَّهْنُ حَقٌّ مُتَأَكَّدٌ لَازِمٌ يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ الْجَانِيَةِ حَيْثُ لَا يَسْرِي حُكْمُ الْجِنَايَةِ إلَى الْوَلَدِ فَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا غَيْرُ مُتَأَكَّدٍ حَتَّى يَنْفَرِدَ الْمِلْكُ بِإِبْطَالِهِ بِالْفِدَاءِ، وَبِخِلَافِ وَلَدِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْكَفِيلَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ وَوَلَدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ حَقُّهُ فِي الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَفِي الْكَفَالَةِ الْحَقُّ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ وَالْوَلَدُ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الذِّمَّةِ، وَفِي الْغَصْبِ السَّبَبُ إثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ بِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْوَلَدِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِيهِ تَبَعًا؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ وَالتَّبَعِيَّةُ تَجْرِي فِي الْأَوْصَافِ الشَّرْعِيَّةِ، وَفِي الْجَارِيَةِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا الْمُسْتَحِقُّ لَهُ الْخِدْمَةُ وَهِيَ مَنْفَعَةٌ وَالْوَلَدُ غَيْرُ صَالِحٍ لَهَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهَا.

. (4) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً وَحَمْلَهَا إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ تَعْلِيلِهِمْ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ الْأَمَةِ إلَّا حَمْلَهَا بِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَازُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَالْحَمْلُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهَا وَبَيْعُ الْأَصْلِ يَتَنَاوَلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ خَوْفِ مُوجَبِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ فَيَصِيرُ شَرْطًا فَاسِدًا وَالْبَيْعُ يَفْسُدُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ أَمَةً وَحَمْلَهَا أَوْ مَعَ حَمْلِهَا لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ وَإِنْ اقْتَضَى عَدَمَ الْفَسَادِ فِيمَا لَوْ بَاعَ أَمَةً وَحَمْلَهَا، أَوْ مَعَ حَمْلِهَا، لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ قَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ يُبَاعُ مَعَ أُمِّهِ لِلدَّيْنِ.

(5)

قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلَّلْنَا قَوْلَهُمْ بِفَسَادِ الْبَيْعِ إلَخْ. أَقُولُ: عَلَّلَ الْفَسَادَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا مُتَّصِلٌ بِهَا خِلْقَةً، وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعَةِ بِدُونِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ (انْتَهَى) .

وَعَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ الْفَسَادُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِهَا مَعَهُ فَتَأَمَّلْ.

ص: 261

بِفَسَادِ الْبَيْعِ بِكَوْنِهِ جَمْعًا بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ، لَكِنْ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: 6 - بَعْدَ مَا أَعْتَقَ الْحَمْلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ، وَتَجُوزُ هِبَتُهَا

7 -

وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهَا بَعْدَ تَدْبِيرِ الْحَمْلِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

8 -

وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَمَلَتْ أَمَةٌ كَافِرَةٌ لِكَافِرٍ مِنْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ هَلْ يُؤْمَرُ مَالِكُهَا بِبَيْعِهَا لِصَيْرُورَةِ الْحَمْلِ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ. وَلِحَالِ أَنَّ سَيِّدَهُ كَافِرٌ؟

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: بَعْدَ مَا أَعْتَقَ الْحَمْلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ وَتَجُوزُ هِبَتُهَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ مَا فِي بَطْنِهَا عِنْدَ بَيْعِهَا لَا يَجُوزُ قَصْدًا فَكَذَا حُكْمًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ. كَذَا فِي الْفَتْحِ وَفَرَّقَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَالْهِبَةَ لَا تَفْسُدُ بِهِ وَأَمَّا امْتِنَاعُ الْهِبَةِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَلِاتِّصَالِ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَوْهُوبِ فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ مُعْتَقًا فَإِنَّهُ لَا مَالِكَ فِيهِ فَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ مَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ فَتَأَمَّلْ.

(7)

قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهَا بَعْدَ تَدْبِيرِ الْحَمْلِ إلَخْ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: لَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَهَبَهَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَاشْتِغَالَ بَطْنِهَا لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ كَمَا إذَا وَهَبَ أَرْضًا وَفِيهَا أَبْنِيَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا دَبَّرَ الْحَمْلَ ثُمَّ وَهَبَهَا حَيْثُ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ بَاقٍ وَلَا يُمْكِنُ إدْخَالُهُ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِهِ فَصَارَ نَظِيرَ هِبَةِ النَّخْلِ بِدُونِ الثَّمَنِ أَوْ الْجُوَالِقِ بِدُونِ الدَّقِيقِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْنَعُ الْقَبْضَ.

(8)

قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَمَلَتْ أَمَةٌ كَافِرَةٌ لِكَافِرٍ مِنْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ إلَخْ. قِيلَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِبَيْعِهَا؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَضْعِ مَوْهُومٌ وَبِهِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمَالِكِ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ أَوْصَى بِمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ لِفُلَانٍ إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ

ص: 262

وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ الْإِجَازَةِ لَهُ وَيَنْبَغِي فِيهِ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهَا تَجُوزُ لِلْمَعْدُومِ. فَالْحَمْلُ أَوْلَى، 10 - وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَصِيَّةِ 11 - بَلْ أَوْلَى. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَنِينِ تَبَعًا لِأُمِّهِ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْحَيَوَانَاتِ، فَالْوَلَدُ مِنْهَا لِصَاحِبِ الْأُنْثَى لَا لِصَاحِبِ الذَّكَرِ كَذَا فِي كَرَاهِيَةِ الْبَزَّازِيَّةِ.

12 -

وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْجِنَايَةِ فَلَا يُدْفَعُ مَعَهَا إلَى وَلِيِّهَا 13 - وَكَذَا لَا يَتْبَعُهَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ الْإِجَازَةِ لَهُ إلَخْ. أَقُولُ هِيَ بِالزَّايِ أَيْ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ: الْإِجَازَةُ لِلْمَعْدُومِ غَيْرُ مُصَوَّرَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَمَلُّكُ الْمَنَافِعِ وَهُوَ لَا يَتَأَتَّى فِي الْمَعْدُومِ أَمَّا الْوَاقِفُ وَالْوَصِيَّةُ فَمِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا التَّمْلِيكِ، وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَحْتَاجُ إلَى مُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْحَمْلِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ.

(10)

قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَصِيَّةِ. يَعْنِي عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ سَيُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ.

(11)

قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(12)

قَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْجِنَايَةِ إلَخْ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّ حُكْمَ الْجِنَايَةِ يَسْرِي مِنْ الْأُمِّ إلَى الْوَلَدِ، وَالضَّابِطُ فِي سِرَايَةِ الْحَقِّ الثَّابِتِ فِي الْأُمِّ إلَى الْوَلَدِ وَالْأَرْشِ أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعَيْنِ إذَا كَانَ مُسْتَقِرًّا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ وَالْأَرْشِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِذَا كَانَ الْحَقُّ فِي الْعَيْنِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ لَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ وَالْأَرْشِ كَمَا فِي الْهِبَةِ وَإِذَا كَانَ مُسْتَقِرًّا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ دُونَ الْأَرْشِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ وَتَفْصِيلُ الْأَحْكَامِ وَبَيَانِ أَوْجُهِهَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.

(13)

قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَتْبَعُهَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ. قِيلَ عَلَيْهِ: كَيْفَ يَتَخَلَّفُ الْجَنِينُ عَنْ أُمِّهِ مَعَ كَوْنِهِ جُزْءًا مِنْهَا أَوْ فِي حُكْمِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْمُشَاهَدِ.

ص: 263

وَلَا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَلَا فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْأُمِّ، وَلَا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهَا، وَلَا تُقْتَلُ، وَلَا تُحَدُّ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهَا،

15 -

وَلَا يَتَزَكَّى الْجَنِينُ بِزَكَاةِ أُمِّهِ.

16 -

فَلَا يَتْبَعُهَا فِي سِتَّةِ مَسَائِلَ، وَلَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ مَا دَامَ مُتَّصِلًا بِهَا؛ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ إلَّا فِي إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً يُفْرَدُ بِهَا فِي الْإِعْتَاقِ، وَالتَّدْبِيرِ 17 - وَالْوَصِيَّةِ بِهِ وَلَهُ؛ وَالْإِقْرَارِ بِهِ وَلَهُ، 18 - بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتُونِ فِي الْوَصِيَّةِ، وَالْإِقْرَارِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ.

19 -

وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ لِأُمِّهِ، وَيَرِثُ وَيُورَثُ فَإِنَّ مَا يَجِبُ فِيهِ مِنْ الْغُرَّةِ يَكُونُ مَوْرُوثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَيَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا، وَيَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَلَا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ. لَكِنْ إذَا كَانَتْ الْأُمَّهَاتُ دُونَ النِّصَابِ كُمِّلَ النِّصَابُ بِضَمِّ الْفُصْلَانِ إلَيْهَا، وَلَعَلَّهُ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله لِكَوْنِ التَّكْمِيلِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّبَعِيَّةَ

(15)

قَوْلُهُ: وَلَا يَتَزَكَّى الْجَنِينُ بِزَكَاةِ أُمِّهِ يَعْنِي عِنْدَ الْإِمَامِ رحمه الله.

(16)

قَوْلُهُ: فَلَا يَتْبَعُهَا فِي سِتَّةِ مَسَائِلَ إلَخْ. أَقُولُ: الْمَذْكُورُ خَمْسٌ لَا سِتٌّ وَيُزَادُ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَالْإِجَازَةِ وَالْإِيصَاءِ وَالْوَصِيَّةِ بِخِدْمَتِهَا فَهِيَ تِسْعٌ.

(17)

قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَهُ. أَقُولُ: وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ عَلَيْهِ فَقَدْ ذَكَرَهَا قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَصِيَّةِ.

(18)

قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتُونِ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبًا صَالِحًا.

(19)

قَوْلُهُ: وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ لِأُمِّهِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَتُدْفَعُ لِأُمِّهِ، فَالنَّفَقَةُ لَهُ لَا لِأُمِّهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا لِلْأُمِّ لَا لِلْحَمْلِ

ص: 264

وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأُمُّ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَبِإِقْرَارِهِ لَا كَمَا فِي الْكَنْزِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ثَانِيَةً وَلَدُ الْبَهِيمَةِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ إنْ كَانَ مَعَهَا وَقْتَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ. رَدُّ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ فَسْخٍ فِي حَقِّ الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ

21 -

الْمَبِيعُ عِيبَ بِقَضَاءٍ لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ. الثَّانِيَةُ: لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الرَّدِّ بِعَيْبِ قَضَاءٍ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَكَانَ مَنْقُولًا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَجَازَ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَخْ. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَا فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ ثُمَّ كَاتَبَهَا فَوَلَدَتْ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي كِتَابَتِهَا وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ وَيَتْبَعُ الْوَلَدُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا وَيَتْبَعُ الْكِتَابِيَّ مِنْهُمَا لَا الْمَجُوسِيَّ.

(21)

قَوْلُهُ: رَدُّ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ إلَخْ. وَأَوْرَدَ عَلَى كَوْنِهِ فَسْخًا بِمَسَائِلَ: الْأُولَى لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَرُدَّ بِعَيْبٍ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ، يَعْنِي وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَبَطَلَ. الثَّانِيَةُ لَوْ بَاعَ أَمَتَهُ الْحُبْلَى وَسُلِّمَتْ ثُمَّ رُدَّتْ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ ثُمَّ وَلَدَتْ فَادَّعَاهَا أَبُ الْبَائِعِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ، وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَصَحَّتْ، كَمَا لَوْ لَمْ يَبِعْهَا. الثَّالِثَةُ مَسْأَلَةُ الْحَوَالَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ هَهُنَا ثُمَّ قَالَ: وَأَجَابَ فِي الْمِعْرَاجِ بِأَنَّهُ فَسْخٌ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ لَا فِي أَحْكَامِ الْمَاضِيَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ كَثِيرَةٍ: وَالدَّلِيلُ عَلَى الْفَسْخِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنَّ زَوَائِدَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَرُدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ. وَكَذَا لَوْ وَهَبَ دَارًا وَسَلَّمَهَا فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَأَخَذَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَرَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَخْذُ بِشُفْعَةٍ. كَذَا فِي الْفَتْحِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ إذَا لَمْ تَبْطُلْ بِمَا إذَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَمْ لَا.

ص: 265

قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمِنْ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ فَسْخًا فِي حَقِّ الْكُلِّ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ حَتَّى رَأَيْنَا نَصَّ مُحَمَّدٍ رحمه الله 22 - عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا، كَذَا فِي بُيُوعِ الْخِيرَةِ.

23 -

الِاعْتِبَارُ لِلْمَعْنَى لَا لِلْأَلْفَاظِ، صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا الْكَفَالَةُ، فَهِيَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ حَوَالَةٌ، وَهِيَ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَتِهِ كَفَالَةٌ. وَلَوْ قَالَ بِعْتُك إنْ شِئْت أَوْ شَاءَ أَبِي أَوْ زَيْدٌ. إنْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ كَانَ بَيْعًا بِخِيَارٍ لِلْمَعْنَى وَإِلَّا بَطَلَ التَّعْلِيقُ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُهُ. وَلَوْ وَهْب الدَّيْنَ لِمَنْ عَلَيْهِ كَانَ إبْرَاءً لِلْمَعْنَى فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الصَّحِيحِ.

24 -

وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ، كَانَ بَيْعًا لِلْمَعْنَى لَكِنَّهُ ضَمِنَ اقْتِضَاءً فَلَا تُرَاعَى شُرُوطُهُ، وَإِنَّمَا تُرَاعَى شُرُوطُ الْمُقْتَضَى، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ أَهْلًا لِلْإِعْتَاقِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

(22) قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا. أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ لِصِدْقِ بَيْعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَيْهِ.

(23)

قَوْله: الِاعْتِبَارُ لِلْمَعْنَى لَا لِلْأَلْفَاظِ. يَعْنِي فِي الْعُقُودِ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ. هَذَا فِي غَيْرِ الْأَيْمَانِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا أَيْضًا الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَغْرَاضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّوْفِيقُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَعْنَى وَفِي أَوَامِرِ الْعِبَادِ الِاسْمُ يَعْنِي اللَّفْظَ، وَذَلِكَ كَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: كَاتِبْ عَبْدِي إنْ عَلِمْت فِيهِ خَيْرًا فَكَاتَبَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فِيهِ خَيْرًا لَمْ يَجُزْ. وَفِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكِتَابَةِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ لَوْ كَاتَبَ وَلَمْ يَعْلَمْ فِيهِ خَيْرًا جَازَ وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِلْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ فَصُرِفَ إلَى وَاحِدٍ يَجُوزُ. وَقِيلَ: يُصْرَفُ إلَى السَّبْعَةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَعْنَى وَفِي أَوَامِرِ الْعِبَادِ الِاسْمُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ

(24)

قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ إلَخْ. الِاقْتِضَاءُ هُوَ جَعْلُ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ مَنْطُوقًا لِتَصْحِيحِ الْمَنْطُوقِ وَهُنَا لَمَّا قَالَ الْآمِرُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ اقْتَضَى

ص: 266

وَلَا يَفْسُدُ بِأَلْفٍ وَرَطْلٍ مِنْ خَمْرٍ. وَلَوْ رَاجَعَهَا بِلَفْظِ النِّكَاحِ صَحَّتْ لِلْمَعْنَى. وَلَوْ نَكَحَهَا بِلَفْظِ الرَّجْعَةِ صَحَّ أَيْضًا. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ إذْنًا لَهُ بِالتِّجَارَةِ، وَتَعَلَّقَ عِتْقُهُ بِالْأَدَاءِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى لَا كِتَابَةً فَاسِدَةً، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَا لَا يُحْصَى كَبَنِي تَمِيمٍ صَحَّ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ بَيَانُ الْجِهَةِ كَالْفُقَرَاءِ، 26 - لَا لِلَّفْظِ لِيَكُونَ تَمَلُّكًا لِمَجْهُولٍ،

27 -

وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ خُذْ هَذَا بِكَذَا فَقَالَ أَخَذْت،

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْآمِرَ الْمِلْكُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فَإِنَّ الْإِعْتَاقَ بِالْأَلِفِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْبَيْعِ وَالْبُيُوعُ مُقْتَضًى وَالْمُقْتَضَى قَوْلٌ غَيْرُ مَذْكُورٍ حَقِيقَةً جُعِلَ كَالْمَذْكُورِ شَرْعًا فَثَبَتَ الْبَيْعُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ لِصِحَّتِهِ وَلَمَّا كَانَ شَرْطًا كَانَ تَبَعًا لِلْعِتْقِ إذْ الشُّرُوطُ أَتْبَاعٌ فَيَثْبُتُ الْبَيْعُ بِشُرُوطِ الْمُقْتَضَى لَا بِشُرُوطِ نَفْسِهِ إظْهَارًا لِلتَّبَعِيَّةِ حَتَّى سَقَطَ الْقَبُولُ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْبَيْعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ حَتَّى صَحَّ الْأَمْرُ بِإِعْتَاقِ الْآبِقِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْآمِرِ الْأَهْلِيَّةُ لِلْإِعْتَاقِ، وَمِنْ شُرُوطِ الِاقْتِضَاءِ أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِالثَّابِتِ بِهِ بَلْ يَذْكُرُ الْمُقْتَضَى فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ قَالَ الْمَأْمُورُ: بِعْته مِنْك بِأَلْفٍ وَأَعْتِقْهُ عَنِّي لَمْ يَجُزْ عَنْ الْآمِرِ بَلْ كَانَ مُبْتَدَأً وَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ نَفْسِهِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي أَعْتِقْ عَبْدَك الَّذِي كَانَ مِلْكَك ثُمَّ صَارَ مِلْكِي بِأَلْفٍ عَنِّي.

(25)

قَوْلُهُ: وَلَا يَفْسُدُ بِأَلْفٍ وَرَطْلٍ مِنْ خَمْرٍ. أَقُولُ: يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ: فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ أَهْلًا وَذِكْرُهُ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(26)

قَوْلُهُ: لَا لِلَّفْظِ لِيَكُونَ تَمَلُّكًا لِمَجْهُولٍ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يُظْهِرُ اقْتِضَاءُ اللَّفْظِ فِيهِ التَّمْلِيكَ؛ لِأَنَّ (وَقَفْت) صَرِيحٌ فِي مَعْنَاهُ وَإِنْ أَرَادَ لَفْظَ بَنِي تَمِيمٍ فَكَذَلِكَ.

(27)

قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ خُذْ هَذَا بِكَذَا إلَخْ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ خُذْ وَقَدْ اشْتَرَطُوا فِيمَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ الْمَاضِي، وَلَفْظُ خُذْ مَوْضُوعٌ لِلِاسْتِقْبَالِ. قُلْت هُوَ - وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِلِاسْتِقْبَالِ - إلَّا أَنَّهُ كَالْمَاضِي مَعْنًى مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَدْعِي

ص: 267

وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَعَ ذِكْرِ الْبَدَلِ. 29 - وَبِلَفْظِ الْإِعْطَاءِ 30 - وَالِاشْتِرَاكِ، وَالْإِدْخَالِ 31 - وَالرَّدّ 32 - وَالْإِقَالَةِ عَلَى قَوْلٍ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مُفَصَّلًا مَعْزُوًّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ.

33 -

وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِلَفْظِ الصُّلْحِ عَنْ الْمَنَافِعِ وَبِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ. وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِ الْعَيْنِ لِلْحَالِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

سَابِقَةَ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ اسْتِدْعَاءَ الْمَاضِي سَبَقَ الْبَيْعَ بِحَسَبِ الْوَضْعِ وَاسْتِدْعَاءِ أَخْذِهِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ، فَقَالَ هُوَ حُرٌّ، عَتَقَ وَثَبَتَ، اشْتَرَيْت اقْتِضَاءً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ. (28) قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ إلَخْ. يَعْنِي نَظَرًا لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِبَةٌ لَفْظًا بَيْعٌ مَعْنًى وَذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ: وَهَبْت لَك هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفٍ وَهَذَا الْعَبْدَ بِثَوْبِك هَذَا فَرَضِيَ كَانَ بَيْعًا إجْمَاعًا.

(29)

قَوْلُهُ: وَبِلَفْظِ الْإِعْطَاءِ. قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ بَذَلْتُهُ بِكَذَا.

(30)

قَوْلُهُ: وَالِاشْتِرَاكِ وَالْإِدْخَالِ. أَيْ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِهِمَا بِأَنْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي كَذَا وَأَدْخَلْتُك فِي كَذَا. (31) قَوْلُهُ: وَالرَّدِّ، كَمَا لَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ بِعِشْرِينَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَزِيدُك عَلَى عَشَرَةٍ فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ بِهِ وَضَاعَ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ بِعِشْرِينَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

(32)

قَوْلُهُ: وَالْإِقَالَةِ. أَيْ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ كَمَا لَوْ قَالَ أَقَلْتُك بِكَذَا فَقَالَ قَبِلْت عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ لَا يَنْعَقِدُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي.

(33)

قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ إلَخْ. قَالُوا لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ

ص: 268

وَيَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَعَكْسِهِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ بِعْتُ نَفْسَك مِنْك بِأَلْفٍ كَانَ إعْتَاقًا عَلَى مَالٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ كُلَّ الرِّبْحِ كَانَ الْمَالُ قَرْضًا وَلَوْ شَرَطَ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً. وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ أَلْفٍ عَلَى نِصْفِهِ 35 - قَالُوا إنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ كَالْإِبْرَاءِ وَكَوْنُهُ عَقْدَ صُلْحٍ يَقْتَضِي الْقَبُولَ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ رُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ.

وَلَوْ وُهِبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَبِلَ كَانَتْ إقَالَةً. وَخَرَجَتْ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ: مِنْهَا: لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ، وَلَا الْعَارِيَّةُ بِالْإِجَارَةِ بِلَا أُجْرَةٍ، وَلَا الْبَيْعُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ. وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ بِأَلْفَاظِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

لِأَنَّهُ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ، وَالْإِجَارَةُ لِتَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ لَفْظِ الْبَيْعِ حَيْثُ لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِهِ وَبَيْنَ لَفْظِ الْهِبَةِ حَيْثُ تَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجَارَةُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْهِبَةَ لَمَّا كَانَتْ أَشْبَهَ بِالْإِجَارَةِ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ صَحَّ اسْتِعَارَةُ لَفْظِ الْهِبَةِ لَهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْمَالَ فِيهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (انْتَهَى) .

وَقَدْ ذَكَرَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ خِلَافًا فِي انْعِقَادِهَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ. وَمِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ يُفْهَمُ أَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا بِلَفْظِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(34)

قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ عَلَى الْأَصَحِّ اعْتِبَارًا لِجَانِبِ الْمَعْنَى كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ.

(35)

قَوْلُهُ: قَالُوا إنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي، فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَحَيْثُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعْنَى لَا اللَّفْظِ كَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ مُتَعَيَّنًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ الْقَاعِدَةِ فَلْيُحَرَّرْ.

ص: 269

الطَّلَاقِ وَإِنْ نَوَى. وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ تُرَاعَى فِيهِمَا الْأَلْفَاظُ لَا الْمَعْنَى فَقَطْ. فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا فِي كِيسٍ أَبْيَضَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَأَدَّاهَا فِي كِيسٍ أَحْمَرَ لَمْ يَعْتِقْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ مُنَجَّزًا فَعَلَّقَهُ عَلَى كَائِنٍ لَمْ تَطْلُقْ. وَفِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ نَظَرُوا إلَى جَانِبِ اللَّفْظِ ابْتِدَاءً فَكَانَتْ هِبَةً ابْتِدَاءً، وَإِلَى جَانِبِ الْمَعْنَى فَكَانَتْ بَيْعًا انْتِهَاءً، فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهُ مِنْ الْخِيَارَاتِ وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ.

36 -

بَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ

37 -

وَلِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

38 -

الشِّرَاءُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُبَاشِرِ نَفَذَ، فَلَا يَتَوَقَّفُ شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ، وَلَا شِرَاءُ الْوَكِيلِ الْمُخَالِفِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: بَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ. اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْآبِقِ فَقِيلَ فَاسِدٌ وَقِيلَ بَاطِلٌ وَرَجَّحَ فِي الْفَتْحِ الْفَسَادَ.

(37)

قَوْلُهُ: وَلِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ. يُخَالِفُهُ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ حَيْثُ قَالَا وَتَجُوزُ هِبَتُهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِيَتِيمٍ فِي حِجْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْيَدِ يَكْفِي فِي الْهِبَةِ دُونَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ قَبْضٌ بِإِزَاءِ مَالٍ مَقْبُوضٍ مِنْ مَالِ الِابْنِ وَهَذَا قَبْضٌ لَيْسَ بِإِزَائِهِ مَالٌ يَخْرُجُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ فَكَفَتْ تِلْكَ الْيَدُ لَهُ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَوْ عَادَ عَادَ إلَى مِلْكِ الصَّغِيرِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ وَهَبَ عَبْدَهُ الْآبِقَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَاعَهُ جَازَ فَقَدْ عُكِسَ الْحُكْمُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُونَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا، وَاعْلَمْ أَنَّ جَوَازَ هِبَةِ الْعَبْدِ الْآبِقِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْبَقْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَقَدْ أَفَادَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ الْآبِقِ.

(38)

قَوْلُهُ: الشِّرَاءُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا إلَخْ. الْأَصْلُ فِيهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِ آمِرِهِ كَانَ لِلْعَاقِدِ وَإِنْ أَجَازَهُ لِفُلَانٍ إلَّا إذَا أَضَافَهُ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته لِفُلَانٍ أَوْ قَبِلْته لَهُ أَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْته مِنْ فُلَانٍ وَقَالَ الْفُضُولِيُّ

ص: 270

وَلَا إجَارَةُ الْمُتَوَلِّي أَجِيرًا لِلْوَقْفِ 40 - بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ بَلْ يَنْفُذُ عَلَيْهِمْ

41 -

وَالْوَصِيُّ كَالْمُتَوَلِّي وَقِيلَ تَقَعُ الْإِجَارَةُ لِلْيَتِيمِ، وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ - كَمَا فِي الْقُنْيَةِ - إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ.

42 -

الْأَمِيرُ وَالْقَاضِي إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ بَاطِلَةٌ وَلَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ لَهُ كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت فَحِينَئِذٍ، يَتَوَقَّفُ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْعَاقِدِ (انْتَهَى) .

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى لَوْ شَرَى حُرٌّ بَالِغٌ لِرَجُلٍ بِلَا أَمْرِهِ فَهُوَ لِنَفْسِهِ أَجَازَ الرَّجُلُ أَوْ لَا، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا عَلَيْهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَائِهِ لَهُ كَصَبِيٍّ وَفِي مَحْجُورَيْنِ شَرَيَا لِغَيْرِهِمَا يَتَوَقَّفُ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُجِيزِ لَا الْعَاقِدِ وَهَذَا لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ أَضَافَهُ إلَى مَنْ شَرَاهُ لَهُ بِأَنْ قَالَ بِعْت مِنْك فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت نَفَذَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ وَهَذَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ فُلَانٍ التَّوْكِيلُ وَلَا الْأَمْرُ فَلَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَشِرَاءُ الْوَكِيلِ نَفَذَ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِنْ أَضَافَ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ وَتَمَامُ الْكَلَام فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ. (39) قَوْلُهُ: وَلَا إجَارَةُ الْمُتَوَلِّي أَجِيرًا إلَخْ. الصَّوَابُ وَلَا اسْتِئْجَارُ الْمُتَوَلِّي أَجِيرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (40) قَوْلُهُ: بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ إلَخْ. قِيلَ: لَعَلَّ الْمُرَادَ الْغَبْنُ فِي هَذَا الِاسْتِئْجَارِ بِدِرْهَمٍ وَبِدَانِقٍ فَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْوَاقِفِ بَلْ عَلَى الْمُتَوَلِّي.

(41)

قَوْلُهُ: وَالْوَصِيُّ كَالْمُتَوَلِّي إلَخْ. يَعْنِي لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ لِعَمَلِ الْيَتِيمِ أَجِيرًا بِزِيَادَةٍ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهَا يَصِيرُ الْوَصِيُّ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ وَأَجْرُهُ مِنْ مَالِهِ. وَقِيلَ الْإِجَارَةُ لِصَغِيرٍ وَيَرُدُّ الْأَجِيرُ الْفَضْلَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْجَوَابُ فِي الْأَبِ كَالْجَوَابِ فِي الْوَصِيِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا عَزَاهُ إلَيْهَا.

(42)

قَوْلُهُ: الْأَمِيرُ وَالْقَاضِي إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ. وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ اسْتَأْجَرَ لِلْعَسْكَرِ أَجِيرًا أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَعَمِلَ الْأَجِيرُ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ بَاطِلَةً، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْقَاضِي

ص: 271

الذَّرْعُ وَصْفٌ فِي الْمَذْرُوعِ

44 -

إلَّا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ.

45 -

الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ لَا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

أَجِيرًا بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ فَعَمِلَ الْأَجِيرُ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بَاطِلَةً وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَوْ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ قَالَ: اسْتَأْجَرْته وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَفْعَلَ كَانَ جَمِيعُ الْأَجْرِ فِي مَالِهِ كَالْقَاضِي إذَا أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ الْجَوْرَ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.

(43)

قَوْلُهُ: الذَّرْعُ وَصْفٌ فِي الْمَذْرُوعِ إلَخْ. يَعْنِي فَيَلْغُو فِي الْحَاضِرِ بِخِلَافِ الْكَيْلِ فَإِنَّهُ أَصْلٌ؛ لِأَنَّ الصُّبْرَةَ تَحِلُّ فِي الْكَيْلِ فَيَصِيرُ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهَا أَصْلًا لِنَفْسِهِ كَأَنَّهُ بَيْعٌ بِمُفْرَدِهِ بِخِلَافِ الْمَذْرُوعِ؛ لِأَنَّ الذَّارِعَ هُوَ الَّذِي يَحِلُّ الْمَذْرُوعَ وَيُبَيِّنُ قَدْرَهُ، فَلَا يَكُونُ كُلُّ ذِرَاعٍ أَصْلًا بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَصْفٌ لِلثُّبُوتِ مَثَلًا

(44)

قَوْلُهُ: إلَّا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ إلَخْ. فَإِنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِوَصْفٍ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَا يُقْبَلُ وَلَوْ ادَّعَى حَدِيدًا مُشَارًا إلَيْهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ أَوْ ثَمَانِيَةٌ تُقْبَلُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ.

(45)

قَوْلُهُ: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إلَخْ. أَطْلَقَ الضَّمَانَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا سَمَّى الثَّمَنَ كَمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى، لَكِنْ قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي لَا مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ. وَقَدْ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عَنْ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَقَالَ: إنَّ مَا نَقَلَهُ الطَّرَسُوسِيُّ عَنْ الْقُنْيَةِ إنَّمَا هُوَ حُكْمُ الْأَخْذِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَمَا أُخِذَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ أَمَانَةٌ وَإِنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ مَضْمُونٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ (انْتَهَى) . وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ مِنْ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ لَيْسَ بِخَطَأٍ بَلْ لَمْ يَدْرِ مُرَادَهُ فَحَمَلَهُ عَلَى الْخَطَأِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَبِأَنْ يُسَمِّيَ أَحَدَهُمَا، وَيَصْدُرَ مِنْ

ص: 272