المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ رأوا شخصا ليس عليه آثار مرض أقر بشيء - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٢

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌الْأُولَى: وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ

- ‌الثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ

- ‌الثَّالِثَةُ: وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌بَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌ بَيْعِ الْهَازِلِ

- ‌ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا

- ‌ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ

- ‌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ

- ‌ الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى

- ‌[لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[تَأْخِيرُ الْقَاضِي الْحُكْم بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ]

- ‌[الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا

- ‌ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ

- ‌[قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ]

- ‌[قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ]

- ‌ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ

- ‌[قَضَاءُ الْأَمِيرِ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ]

- ‌ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ

- ‌كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ

- ‌ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ

- ‌[شَهَادَة الْفَاسِقُ إذَا تَابَ]

- ‌ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ

- ‌[تَخْصِيصُ الْقَضَاءُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ]

- ‌الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:

- ‌[مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ

- ‌[الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ]

- ‌ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ

- ‌ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ

- ‌[انْعِزَال الْقَاضِي]

- ‌ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى

- ‌[تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ]

- ‌ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ

- ‌ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ

- ‌الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ

- ‌دَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ

- ‌[مَسْأَلَة تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ]

الفصل: ‌ رأوا شخصا ليس عليه آثار مرض أقر بشيء

وَعَلَى هَذَا فَرَّعْت لَوْ‌

‌ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ

، لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ وَهُوَ صَحِيحٌ.

وَكَذَا عَكْسُهُ لَوْ رَأَوْهُ فِي فِرَاشٍ أَوْ بِهِ مَرَضٌ ظَاهِرٌ، فَلَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا عَمَلًا بِالْحَالِ، لَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُمْ: أَنَا صَحِيحٌ. هَلْ يَشْهَدُونَ بِصِحَّتِهِ أَوْ يُحَكِّمُونَ قَوْلَهُ؟ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ شَهِدُوا بِهَا وَإِلَّا حَكَوْا قَوْلَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ الْقَاضِي هَلْ ظَهَرَ عَلَيْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَرَضِهِ؟ فَإِنْ أَخْبَرُوا بِهِ لَمْ يَعْمَلْ بِإِخْبَارِهِ أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَإِلَّا عَمِلَ بِهِ، وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى.

وَفِي جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ: شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ جَرَحَهُ وَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ، يَحْكُمُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِ لِأَنَّهُمْ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ.

وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ أَنْ يَقُولُوا: مَاتَ مِنْ سُقُوطِهِ، لِأَنَّ إضَافَةَ الْأَحْكَامِ إلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ لَا إلَى سَبَبٍ يُتَوَهَّمُ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ فِي مَيِّتٍ بِمَحَلَّةٍ عَلَى رَقَبَتِهِ حَيَّةٌ مُلْتَوِيَةٌ (انْتَهَى) .

324 -

تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَا بِالثَّمَنِ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

النَّاقِلِينَ مِنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُسَوَّدَةِ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ هَدَاكَ اللَّهُ أَسْنَى الْمَسَالِكِ

[رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ]

(323)

قَوْلُهُ:

وَعَلَى هَذَا.

أَيْ عَلَى الشَّهَادَةِ تُحَكَّمُ الْحَالُ

(324)

قَوْلُهُ:

تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَا إلَخْ.

قِيلَ: كَذَا فِي النَّسْخِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ، وَالصَّوَابُ: شَهِدَ بِالْإِفْرَادِ.

قِيلَ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ مِنْ الْعَتِيقِ نَفْسِهِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَشَهِدَ الْعَتِيقُ لِمُعْتِقِهِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

ص: 420

كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. 326 -

وَتُقْبَلُ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ.

قَالَ فِي بَسِيطِ الْأَنْوَارِ لِلشَّافِعِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ مَا لَفْظُهُ: وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رحمهم الله: 327 - إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ أَخْذُ عُشْرِ مَا يَتَوَلَّى مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالْأَوْقَافِ، 328 - ثُمَّ بَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ (انْتَهَى) .

وَلَمْ أَرَ هَذَا لِأَصْحَابِنَا رحمهم الله

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ:

كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

عِبَارَتُهَا: وَلَوْ شَهِدَ الْعَبْدَانِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا. عِنْدَ اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) .

لِأَنَّهُمَا يَجْبُرَانِ لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا بِإِثْبَاتِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَتَحَالَفَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ الْمُقْتَضِي لِإِبْطَالِ الْعِتْقِ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يَظْهَرُ سُقُوطُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّصْوِيبِ، وَإِنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِلْعَتِيقِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ الصَّادِقِ بِالِاثْنَيْنِ.

بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الْخُلَاصَةِ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُمَا يَجْبُرَانِ لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا، إنَّ شَرْطَ صِحَّةِ شَهَادَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُتَّهَمًا فِي شَهَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ، وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ غَايَةَ الظُّهُورِ.

(326)

قَوْلُهُ:

وَتُقْبَلُ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ إلَخْ.

وَهِيَ: رَجُلٌ مَاتَ عَنْ عَمٍّ وَأَمَتَيْنِ وَعَبْدَيْنِ فَأَعْتَقَ الْعَمُّ الْعَبْدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّ الثَّانِيَةَ أُخْتُ الْمَيِّتِ قَبْلَ الْأُولَى أَيْ قَبْلَ الشَّهَادَةِ الْأُولَى بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا لَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّا لَوْ قَبِلْنَا لَصَارَتْ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ فَيَخْرُجُ الْعَمُّ عَنْ الْوِرَاثَةِ فَيَبْطُلُ الْعِتْقُ

(327)

قَوْلُهُ:

إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

فِي الْخُلَاصَةِ يَحِلُّ لِلْقَاضِي أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى كَتْبِ السِّجِلَّاتِ وَغَيْرِهَا بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ هُوَ الْمُخْتَارُ.

وَفِيهَا لَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ عَلَى نِكَاحِ الصَّغِيرِ، وَفِي غَيْرِهِ يَحِلُّ وَلَا تَحِلُّ الْأُجْرَةُ عَلَى إجَازَةِ بَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَوْ أَخَذَ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ.

(328)

قَوْلُهُ:

ثُمَّ بَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ (انْتَهَى) .

يَعْنِي عَلَى الْجَمَاعَتَيْنِ.

قِيلَ: الْمُبَالَغَةُ فِي

ص: 421

لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ ذُكِرَ الْعُشْرُ لِلْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ.

330 -

لَا تَحْلِيفَ مَعَ الْبُرْهَانِ 331 - إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ: 332 - دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، وَدَعْوَى الْآبِقِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْإِنْكَارِ وَاضِحَةُ الِاعْتِبَارِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّى عَلَى عِشْرِينَ أَلْفًا مَثَلًا وَلَمْ يَلْحَقْهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِيهَا شَيْءٌ فِيمَا إذَا اسْتَحَلَّ عُشْرَهَا، وَهُوَ مَالُ الْيَتِيمِ، وَفِي حُرْمَتِهِ جَاءَتْ الْقَوَاطِعُ فَمَا هُوَ إلَّا بُهْتَانٌ عَلَى الشَّرْعِ السَّاطِعِ وَظُلْمَةٌ غَطَّتْ أَبْصَارَهُمْ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِنْكَارِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُفِيدًا بِمَا إذَا كَانَ لَهُ عَمَلٌ وَأَقَلُّهُ حِفْظُ الْمَالِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ بُلُوغِ الْآمَالِ.

(329)

قَوْلُهُ:

لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ ذُكِرَ الْعُشْرُ لِلْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ.

عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ قَبْلَ فَصْلٍ فِي وَقْفِ الْمَشَاعِ: رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى مَوَالِيهِ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَجَعَلَ الْقَاضِي الْوَقْفَ فِي يَدِ الْقَيِّمِ، وَجَعَلَ لِلْقَيِّمِ عُشْرَ الْغَلَّاتِ وَفِي الْوَقْفِ طَاحُونَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ بِالْمُقَاطَعَةِ لَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى الْقَيِّمِ وَأَصْحَابُ هَذِهِ الطَّاحُونَةِ يَقْبِضُونَ غَلَّتَهَا لَا يَجِبُ لِلْقَيِّمِ عُشْرُ غَلَّةِ هَذِهِ الطَّاحُونَةِ إلَّا بِطَرِيقِ الْأَجْرِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ بِدُونِ الْعَمَلِ (انْتَهَى) .

(330)

قَوْلُهُ:

لَا تَحْلِيفَ مَعَ الْبُرْهَانِ.

قِيلَ عَلَيْهِ: لَوْ قَالَ مَعَ الْبَيِّنَةِ لَكَانَ صَوَابًا إذْ لَا تَحْلِيفَ مَعَ الْإِقْرَارِ، يَعْنِي وَهُوَ بُرْهَانٌ (انْتَهَى) .

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرْدِ الْكَامِلِ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ.

(331)

قَوْلُهُ:

إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ.

أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ فِي الشَّرْحِ دَعْوَى الْآبِقِ، وَذَكَرَ زِيَادَةً عَمَّا ذَكَرَهُ هُنَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِوِصَايَةٍ فَبَرْهَنَ الْوَصِيُّ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَثَبَتَهَا الْوَكِيلُ

ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إقَامَتِهَا مَعَ الْإِقْرَارِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِتَوَقُّعِ الضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ لَوْلَاهَا فَيَكُونُ هَذَا أَصْلًا.

(332)

قَوْلُهُ:

دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ.

يَعْنِي أَقَرَّ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لِيَتَعَدَّى لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ.

وَقَوْلُهُ: دَعْوَى الْآبِقِ.

أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي صُورَةُ الْجَمْعِ فِي دَعْوَى الْآبِقِ وَأَقُولُ: يُزَادُ عَلَى الثَّلَاثِ مَا إذَا أَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْغَرِيمِ الْمَجْهُولِ بِأَنَّهُ مُعْدَمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ

ص: 422

لَا تَحْلِيفَ بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي إلَّا فِي أَرْبَعٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله مَذْكُورَةٍ فِي الْخُلَاصَةِ

تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ مَذْكُورَةٍ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ: فِي الْوَقْفِ، وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

يَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ، وَإِنْ وَجَدَ مَالًا يُؤَدِّي حَقَّهُ عَاجِلًا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا شَهِدَتْ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَعَلَّهُ غَيَّبَ مَالَهُ.

وَيُزَادُ أَيْضًا: الْمَرْأَةُ تَدَّعِي عَلَى وَكِيلِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ النَّفَقَةَ وَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِإِثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْغَيْبَةِ وَاتِّصَالِهَا، وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا أَنَّهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً وَلَا أَحَالَهَا عَلَى أَحَدٍ وَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْقِطِ وَالْمُبْطِلِ، وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يُسْتَظْهَرُ يَمِينُ الطَّالِبِ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ، وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ فِي كِتَابِ مُعِينِ الْحُكَّامِ.

وَيُزَادُ أَيْضًا مَا لَوْ خُوصِمَ الْأَبُ بِحَقٍّ عَلَى الصَّبِيِّ فَأَقَرَّ، لَا يُخْرَجُ عَنْ الْخُصُومَةِ وَلَكِنْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَأَمِينِ الْقَاضِي، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَيُزَادُ أَيْضًا مَا إذَا أَقَرَّ وَارِثٌ عَلَى وَارِثِهِ بِدَيْنٍ فَإِنَّهُ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ الدَّيْنُ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ وَكَذَا الْمَدْيُونُ إذَا أَقَرَّ بِوَكَالَةِ إنْسَانٍ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَسْمَعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ بِالْوَكَالَةِ مَعَ إقْرَارِهِ لِكَيْلَا يُنْكِرَ الطَّالِبُ الْوَكَالَةَ.

وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ فِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ

وَيُزَادُ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ: إنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ لَا تُعْرَفُ عَدَدُهَا فَهِيَ ثَلَاثَةٌ.

وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ جُعِلَتْ ثَلَاثَةً ثُمَّ حَلَفَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ بَيَّنُوا بِشَهَادَتِهِمْ شَيْئًا مَعْلُومًا هِيَ الدَّرَاهِمُ، وَيُحَلَّفُ مَعَ شَهَادَتِهِمْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.

كَذَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ فِي الْبَابِ الْمُكَمِّلِ عِشْرِينَ.

(333)

قَوْلُهُ:

" لَا تَحْلِيفَ بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي " إلَى قَوْلِهِ " مَذْكُورَةٍ فِي الْخُلَاصَةِ ".

يَعْنِي فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ وَعِبَارَتُهَا: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ مَشَايِخَنَا أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ.

قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُسْتَحْلَفُ بِدُونِ طَلَبِ الْخَصْمِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: الْأَوَّلُ: فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا رَضِيت.

الثَّانِي: يَحْلِفُ الشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا أَبْطَلْت شُفْعَتَك.

الثَّالِثُ: الْمَرْأَةُ إذَا طَلَبَتْ النَّفَقَةَ حُلِّفَتْ بِاَللَّهِ عز وجل مَا طَلَّقَك زَوْجُك وَلَا خَلَّفَ عِنْدَك مَالًا وَلَا أَعْطَاك النَّفَقَةَ.

الرَّابِعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا وَهَبْت وَلَا بِعْتُ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَحْلِفُ بِدُونِ طَلَبِ الْخَصْمِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ

ص: 423

وَتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا.

وَحُرِّيَّةِ الْأَمَةِ، وَتَدْبِيرِهَا، وَالْخُلْعِ، وَهِلَالِ رَمَضَانَ، 335 - وَالنَّسَبِ.

وَزِدْت خَمْسَةً مِنْ كَلَامِهِمْ أَيْضًا: حَدُّ الزِّنَا، وَحَدُّ الشُّرْبِ؛ وَالْإِيلَاءُ، وَالظِّهَارُ، وَحُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ 336 -

وَالْمُرَادُ بِالْوَقْفِ الشَّهَادَةُ بِأَصْلِهِ، 337 - وَأَمَّا بِرِيعِهِ فَلَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

تَلْقِينِ الشَّاهِدِ وَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.

وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يُحَلَّفُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْت دَيْنَك مِنْ الْمَدْيُونِ الْمَيِّتِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك عَنْهُ وَلَا قَبَضَ لَك قَابِضٌ بِأَمْرِك وَلَا أَبْرَأْت وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَحَلْت بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا عِنْدَك عِلْمٌ بِهِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ رَهْنٌ.

هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ: عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلٌ، وَقَالَ: مِلْكِي، اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ مُنْذُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ. وَقَالَ الْمُدَّعِي: الْبَيْعُ الَّذِي جَرَى بَيْنَكُمَا تَلْجِئَةٌ. لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ (انْتَهَى)

(334)

قَوْلُهُ:

" وَتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا ".

لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ وَهْبَانَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ. (335) قَوْلُهُ: وَالنَّسَبِ.

صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ أَنَّ شَرْطَ إسْمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّسَبِ الْخُصُومَةُ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَحَاصِلُ مَا يَنْفَعُنَا هُنَا أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا بِنَسَبٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُهُمْ وَلَا يَحْكُمُ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى مَالٍ إلَّا فِي الْأَبِ وَالِابْنِ.

فِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْمَبْسُوطِ قَبُولُهَا فِي النَّسَبِ بِقَيْدٍ حَسَنٍ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ.

(336)

قَوْلُهُ:

وَالْمُرَادُ بِالْوَقْفِ الشَّهَادَةُ بِأَصْلِهِ.

أَقُولُ: الْمُرَادُ بِأَصْلِ الْوَقْفِ كُلُّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ صِحَّةُ الْوَقْفِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ مِنْ الشَّرَائِطِ وَالْمُرَادُ مِنْ الشَّرَائِطِ أَنْ يَقُولُوا: إنَّ قَدْرًا مِنْ الْغَلَّةِ لِكَذَا ثُمَّ يُصْرَفُ الْفَاضِلُ إلَى كَذَا بَعْدَ بَيَانِ الْجِهَةِ فَلَوْ ذُكِرَ هَذَا لَا تُقْبَلُ.

(337)

قَوْلُهُ:

وَإِمَّا بِرِيعِهِ إلَخْ.

أَيْ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِمَصْرِفِ رِيعِهِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالشَّرْطِ.

ص: 424

وَعَلَى هَذَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ، فَلَا جَوَابَ لَهَا فَالدَّعْوَى حِسْبَةً لَا تَجُوزُ.

وَالشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى جَائِزَةٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلْتُحْفَظْ.

ثُمَّ زِدْت سَادِسَةً مِنْ الْقُنْيَةِ فَصَارَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا: وَهِيَ الشَّهَادَةُ 339 - عَلَى دَعْوَى مَوْلَاهُ نَسَبَهُ وَلَمْ أَرَ صَرِيحًا

جَرْحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْقَاضِي، وَاعْلَمْ أَنَّ شَاهِدَ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ بِلَا عُذْرٍ يُفَسَّقُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، نَصُّوا عَلَيْهِ فِي الْحُدُودِ، وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ، وَعِتْقِ الْأَمَةِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ فِي الْكُلِّ، وَهِيَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْيَتِيمَةِ، وَقَدْ أَلَّفْت فِيهَا رِسَالَةً، قُلْنَا: شَاهِدُ حِسْبَةٍ وَلَيْسَ لَنَا مُدَّعِي حِسْبَةٍ إلَّا فِي دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَصْلَ الْوَقْفِ فَإِنَّهَا تُسَمَّعُ عِنْدَ الْبَعْضِ، 340 - وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ الْمُتَوَلِّي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ.

فَإِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَالْأَجْنَبِيُّ بِالْأَوْلَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ:

وَعَلَى هَذَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى. . . إلَخْ.

الْمُشَارُ إلَيْهِ كَوْنُ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ لَيْسَتْ دَعْوَى مِنْ الشَّاهِدِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ شَهَادَةٍ.

وَهَذَا خِلَافُ كَلَامِ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الشَّاهِدَ حِسْبَةً مُدَّعٍ أَيْضًا فَهِيَ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَدَعْوَى. (339) قَوْلُهُ:

عَلَى دَعْوَى مَوْلَاهُ نَسَبَهُ.

أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّهَادَةِ فِي حِسْبَةٍ بِلَا دَعْوَى، وَهُنَا الشَّهَادَةُ عَلَى دَعْوَى مَوْلَاهُ، وَذَلِكَ خُلْفٌ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا كَانَ يَدَّعِي نَسَبَ عَبْدِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَشَهِدَا فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بِذَلِكَ حِسْبَةً تُقْبَلُ

(340)

قَوْلُهُ:

وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ الْمُتَوَلِّي

فِي فَتَاوَى

ص: 425

وَهَلْ يُقْبَلُ تَجْرِيحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى

لَا يُحَالُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ عِتْقِهِ 342 - إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مَذْكُورَةٍ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي

ــ

[غمز عيون البصائر]

شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّمْسِ الْحَانُوتِيِّ أَنَّ الْحَقَّ إنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ تَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْهُ فَرَاجِعْهُ (341)

قَوْلُهُ: وَهَلْ يُقْبَلُ تَجْرِيحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً؟

يَحْتَمِلُ لَفْظُ حِسْبَةً أَنْ يَكُونَ تَمَيُّزًا عَنْ الشَّاهِدِ وَعَنْ تَجْرِيحٍ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُجَرِّحَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِسْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ الظَّاهِرُ (نَعَمْ) مُدَافَعَةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ، لَمْ أَرَ صَرِيحًا جَرْحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ الظَّاهِرُ (نَعَمْ) ظُهُورُ ذَلِكَ لَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ مَثَلًا لَا عَنْ تَصْرِيحٍ بِهِ فَلَا تَدَافُعَ

(342)

قَوْلُهُ:

إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مَذْكُورَةٍ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي.

نَصُّ عِبَارَتِهَا بَعْدَ كَلَامٍ: وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ عَبْدًا لَا يُحَالُ وَلَا يُخْرَجُ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: أَنْ يَأْبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إعْطَاءَ الْكَفِيلِ أَوْ لَمْ يَجِدْ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ مُلَازَمَتِهِ، إلَّا أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ.

وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فَاجِرًا بِالْغِلْمَانِ.

وَالثَّالِثُ إذَا كَانَ يُخَافُ عَلَيْهِ التَّغَيُّبُ أَوْ الْإِبَاقُ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِذَا ادَّعَتْ طَلَاقًا أَوْ الْأَمَةُ عِتْقًا أَوْ أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا يُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى وَيَأْخُذُ مِنْ الزَّوْجِ كَفِيلًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَحْضَرَتْ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا يُخْرِجُ الْقَاضِي الْكَفِيلَ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ بِعَيْنِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ نَسِيَ ثُمَّ بَيَّنَ إلَّا وَاحِدَةً لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالْقَاضِي لَا يُخَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ حَتَّى يُخْبِرَ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَإِذَا أَخْبَرَ اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا طَلَّقْت هَذِهِ ثَلَاثًا (انْتَهَى) .

وَفِيهَا هَلْ يَحْلِفُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى؟

ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رحمه الله مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ وَهُوَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ، حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا الدَّعْوَى، وَقِيلَ: لَا يَحْلِفُ فِي مَوْضِعٍ مَا إلَّا بِتَقْدِيمِ الدَّعْوَى.

كَذَا شَرْطُ الدَّعْوَى فِي التَّحْلِيفِ عَنْ عِتْقِ الْعَبْدِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِهِ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ (انْتَهَى) .

وَفِيهَا جَارِيَةٌ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا

ص: 426

وَلَا يُحَالُ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا أَيْضًا

344 -

لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي بَيَانُ السَّبَبِ، 345 - وَتَصِحُّ بِدُونِهِ 346 - إلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ:

وَلَا يُحَالُ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا.

نَصُّ عِبَارَتِهَا: ادَّعَى مَنْقُولًا وَطَلَبَ بِنَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَلَمْ يَكْتَفِ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِنَفْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا لَمْ يَحْبِسْهُ الْقَاضِي وَإِلَّا يَحْبِسُهُ.

وَفِي الْعَقَارِ: لَا يَحْبِسُهُ إلَّا فِي الشَّجَرِ الَّذِي عَلَيْهِ ثَمَرٌ، لِأَنَّ الثَّمَرَ نَقْلِيٌّ (انْتَهَى) .

وَفِيهَا وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا وَأَبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إعْطَاءَ الْكَفِيلِ أَوْ لَمْ يَجِدْ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ مُلَازَمَتِهِ يَضَعُهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ أَوْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ التَّغْيِيبَ أَوْ الْإِبَاقَ

(344)

قَوْلُهُ:

لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي بَيَانُ السَّبَبِ.

قِيلَ: تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَكَأَنَّهُ أَعَادَهُ هُنَا لِذِكْرِ الْمُسْتَثْنَى فَلَيْسَ مَحْضَ تَكْرَارٍ (انْتَهَى) .

وَفِيهِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُنَاكَ مَذْكُورٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُنَا أَخُصُّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى هُنَاكَ.

(345)

قَوْلُهُ:

وَتَصِحُّ بِدُونِهِ.

أَيْ تَصِحُّ الدَّعْوَى بِدُونِ بَيَانِ السَّبَبِ حَالَ دَعْوَاهُ.

(346)

قَوْلُهُ:

إلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ.

كَمَا إذَا ادَّعَى مَكِيلًا؛ فَفِيهِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ سَبَبِ الْوُجُوبِ لِاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ بِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ، حَتَّى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ تَحَرُّزًا عَنْ النِّزَاعِ وَلَمْ يَجُزْ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ، وَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً دَيْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ بِأَيِّ سَبَبٍ لَا تُسْمَعُ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِسَبَبِ السَّلَمِ فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَيَّنَّاهُ؛ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ الْقَرْضِ أَوْ بِسَبَبِ كَوْنِهَا ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ مَكَانُ الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ مَكَانَ الْإِيفَاءِ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ فَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الْحِنْطَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ.

ص: 427

وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الدَّيْنَ عَلَى تَرِكَةِ زَوْجِهَا وَالثَّانِيَةُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالْأُولَى فِي الشَّرْحِ مِنْ الدَّعْوَى الشَّهَادَةُ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: 348 - الْأُولَى: إذَا شَهِدُوا بِحُرِّيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَأُمُّهُ حَيَّةٌ تُقْبَلُ، لَا بَعْدَ مَوْتِهَا. 349 - الثَّانِيَةُ:

شَهِدُوا بِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِإِعْتَاقِهِ تُقْبَلُ.

وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْعَبْدُ.

وَهُمَا فِي آخِرِ الْعِمَادِيَّةِ.

350 -

وَالْأُولَى مُفَرَّعَةٌ عَلَى الضَّعِيفِ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَهُ اشْتِرَاطُ دَعْوَاهُ فِي الْعَارِضَةِ وَالْأَصْلِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ مِنْ الْمُحِيطِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ:

وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الدَّيْنَ إلَخْ.

يَعْنِي لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ مَالًا عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ تُبَيِّنْ السَّبَبَ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ دَيْنَ النَّفَقَةِ وَهِيَ تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ جُمْلَةً (348)

قَوْلُهُ: الْأُولَى إذَا شَهِدُوا بِحُرِّيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ.

فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحُرِّيَّةِ الْعَارِضَةِ لَا الْأَصْلِيَّةِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؟ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ الْقِنِّ بِلَا دَعْوَاهُ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ فِي الْقِنِّ تُقْبَلُ بِلَا دَعْوَاهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً حَيَّةً؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْفَرْجِ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقْبَلُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ، أَيْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ.

(349)

قَوْلُهُ:

الثَّانِيَةُ شَهِدُوا بِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِإِعْتَاقِهِ تُقْبَلُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّ الْمُوصِي فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمُوصِيَ يَدَّعِي وَيَقُولَ نَفِّذُوا وَصِيَّتِي؛ فَيَجِبُ عَلَى وَرَثَتِهِ تَحْرِيرُهُ وَلَوْ امْتَنَعُوا، فَالْقَاضِي يُحَرِّرُ.

كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ.

(350)

قَوْلُهُ:

وَالْأُولَى مُفَرَّعَةٌ عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ. الْقَوْلِ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ

ص: 428

بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَالْإِعْتَاقَ وَكَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ تُسْمَعُ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تُسْمَعُ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ

وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ذِكْرُ اسْمِ أُمِّهِ وَلَا اسْمِ أَبِ أُمِّهِ 352 - لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأُمُّهُ رَقِيقَةً.

صَرَّحَ بِهِ فِي آخِرِ الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. 353 - وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ.

الْقَضَاءُ بَعْدَ صُدُورِهِ صَحِيحًا لَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِ أَحَدٍ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِبُطْلَانِهِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ، إلَّا فِي الْمَقْضِيِّ بِحُرِّيَّتِهِ، 354 - وَفِيمَا إذَا ظَهَرَ الشُّهُودُ عَبِيدًا أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لَكِنْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ

يُحَلَّفُ الْمُنْكِرُ إلَّا فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً بَيَّنَّاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ.

إذَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَالْإِعْتَاقَ إلَخْ

أَقُولُ: هَذَا مِمَّا خَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ مَنْ سَعَى مِنْ نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ

(352)

قَوْلُهُ:

لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأُمُّهُ رَقِيقَةً.

وَذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ فَالْوَلَدُ حُرُّ الْأَصْلِ وَالْأُمُّ رَقِيقَةٌ، وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأُمُّهُ رَقِيقَةً يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأَبُوهُ رَقِيقًا، كَمَا كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةً أَصْلِيَّةً وَأَبُوهُ عَبْدًا فَإِنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ اسْمِ الْأُمِّ وَأَبِ الْأُمِّ.

(353)

قَوْلُهُ:

وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ إلَى قَوْلِهِ: إلَّا فِي الْمَقْضِيِّ بِحُرِّيَّتِهِ.

فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ الْقَضَاءِ لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْضَ كَمَا فِي التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

(354)

قَوْلُهُ:

وَفِيمَا إذَا ظَهَرَ الشُّهُودُ عَبِيدًا إلَخْ.

عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى الْأَوَّلِ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَضَاءِ الصَّحِيحِ هُوَ هُنَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: لَكِنْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ، أَفَادَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ

ص: 429

ادَّعَى رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى ذِي الْيَدِ اسْتِحْقَاقَ مَا فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ لِلْآخَرِ لَمْ يُسْتَحْلَفْ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ: دَعْوَى الْغَصْبِ، وَالْإِيدَاعِ، وَالْإِعَارَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مُفَصَّلًا، فِي الْخُلَاصَةِ: فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ فَإِذَا أَنْكَرَهُ يُسْتَحْلَفُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرَهَا.

وَالصَّوَابُ إلَّا فِي أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي الشَّرْحِ

355 -

يَجُوزُ قَضَاءُ الْأَمِيرِ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ إلَى الْقَاضِي، 356 - إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ فَقَضَاءُ الْأَمِيرِ لَا يَجُوزُ 357 - كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِأَنَّ تَوْلِيَةَ بَاشَا مِصْرَ قَاضِيًا لِيَحْكُمَ فِي أَقْضِيَتِهِ بِمِصْرَ مَعَ وُجُودِ قَاضِيهَا الْمُوَلَّى مِنْ السُّلْطَانِ بَاطِلَةٌ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ:

يَجُوزُ قَضَاءُ الْأَمِيرِ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ.

يَعْنِي بِتَفْوِيضِ سُلْطَانٍ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَّى قَاضِيًا أَوْ لَا، إلَّا إذَا فَوَّضَ السُّلْطَانُ إلَيْهِ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ، فَقَدْ أَذِنَ لَهُ بِالْقَضَاءِ فَيَجُوزُ قَضَاؤُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ وَلَّاهُ. (356) قَوْلُهُ:

إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ.

أَقُولُ: الصَّوَابُ تَنْكِيرُ الْقَاضِي وَجَعْلُ يَكُونَ فِعْلًا تَامًّا وَالتَّقْدِيرُ يَجُوزُ قَضَاءُ الْأَمِيرِ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا حَالَ وُجُودِ قَاضٍ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي إلَخْ.

اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى، لَكِنْ، فَتَدَبَّرْ.

(357)

قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

تَقَدَّمَ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّ قَضَاءَ الْأَمِيرِ جَائِزٌ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُوَلًّى مِنْ الْخَلِيفَةِ، وَهُوَ مُطْلَقٌ وَمَا هُنَا مُقَيَّدٌ بِاَلَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ، وَمَا هُنَاكَ مُطْلَقٌ فَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا هُنَا.

ص: 430

لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ ذَلِكَ

ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْمُوَلَّى لَا يَكُونُ قَاضِيًا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ 359 - فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ قَبْلَ الْوُصُولِ مُطْلَقًا وَعَدَمُ جَوَازِ اسْتِنَابَتِهِ بِإِرْسَالِ نَائِبٍ لَهُ فِي مَحَلِّ قَضَائِهِ، وَعَمَلُ الْقُضَاةِ الْآنَ عَلَى إرْسَالِ نَائِبٍ حِينَ التَّوْلِيَةِ فِي بَلَدِ السُّلْطَانِ، 360 - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَحِينَئِذٍ لَا كَلَامَ فِيهِ

361 -

حَادِثَةٌ: ادَّعَى أَنَّهُ غَرَسَ أَثْلًا فِي أَرْضٍ مَحْدُودَةٍ بِكَذَا مِنْ مُدَّةِ ثَمَانِيَ عَشْرَ سَنَةٍ، عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ إنْ ظَهَرَ لَهَا مَالِكٌ دَفَعَ أُجْرَتَهَا، وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَتَعَرَّضُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْأَثْلَ الْمَذْكُورَ غَرَسَهُ مُسْتَأْجِرُ الْوَقْفِ لَهُ، فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِأَنَّهُ غَرَسَهُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ، فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَلَمْ يَطْلُبْ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَسُئِلْتُ عَنْ الْحُكْمِ، فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ.

قِيلَ: مُقْتَضَاهُ بُطْلَانُهَا مَعَ وُجُودِ قَاضِيهَا لِعَدَمِ التَّفْوِيضِ، وَجَوَازُهَا مُطْلَقًا مَعَ التَّفْوِيضِ فَتَأَمَّلْ

(359)

قَوْلُهُ:

فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ إلَخْ.

قِيلَ: هَذَا الِاقْتِضَاءُ بِالنَّظَرِ إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَإِلَّا فَالْإِهْدَاءُ لِلْقَاضِي

قِيلَ: وُصُولُهُ مِنْ أَهْلِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، فِي مَعْنَى الْإِهْدَاءِ لَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فِي كَوْنِهِ لِأَجَلِ قَضَائِهِ.

(360)

قَوْلُهُ:

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ إلَخْ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَحِينَئِذٍ إرْسَالُ الْقُضَاةِ نُوَّابًا مِنْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ إلَى مَحَلِّ قَضَائِهِمْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ مَأْذُونُونَ بِذَلِكَ فَيَجُوزُ تَقْرِيرُهُمْ

(361)

قَوْلُهُ:

(حَادِثَةٌ) .

إلَخْ.

قِيلَ: وَالْأَصْلُ نَوْعٌ مِنْ الطَّرْفَاءِ وَالطَّرْفَاءُ بِالتُّرْكِيِّ أَيَلْغُونَ أغاجي يُغْرَسُ الْيَوْمَ فِي نَوَاحِي الْقَاهِرَةِ لِأَجْلِ الِاحْتِطَابِ وَيُسْقَى.

ص: 431

يُبَيِّنْ فِيهَا أَنَّهُ خَارِجٌ أَوْ ذُو يَدٍ، وَعَلَى كُلٍّ لَا مُوَافَقَةَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى؛ فَإِنْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ وَأَنَّهُ خَارِجٌ 362 - وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ أَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْغَرْسِ وَشَهِدَا عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى طَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ الْبُرْهَانَ، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى مَا ادَّعَى قُدِّمَ بُرْهَانُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فَلَيْسَ كَالنِّتَاجِ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ وَأَنَّ النَّاظِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُعَارِضُهُ وَبَرْهَنَ، فَبَرْهَنَ النَّاظِرُ عَلَى غِرَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ، قُدِّمَ بُرْهَانُ النَّاظِرِ لِكَوْنِهِ خَارِجًا، وَهَلْ التَّرْجِيحُ لِبَيِّنَةِ النَّاظِرِ لِكَوْنِهَا تُثْبِتُ الْغَرْسَ بِحَقٍّ، وَالْأُولَى تُثْبِتُهُ غَصْبًا؟ قُلْت: لَا تَرْجِيحَ بِذَلِكَ.

ثُمَّ سُئِلْت لَوْ أَرَّخَا فِي الْغَرْسِ؟ فَأَجَبْت بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ، إلَّا إذَا سَبَقَ تَارِيخُ ذِي الْيَدِ فَيُقَدَّمُ، 363 - لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهَذَا حُكْمُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي غَصْبِ الْقُنْيَةِ لَوْ غَرَسَ الْمُسْلِمُ فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ كَانَتْ سَبِيلًا (انْتَهَى) .

فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ الْأَثْلُ وَقْفًا

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ:

وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ بِالْعَقَارِ بِالْمُصَادَقَةِ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمَهُ فَتَأَمَّلْ.

(363)

قَوْلُهُ:

لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ.

عِلَّةٌ لِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ إذَا سَبَقَ تَارِيخُهَا عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْغَرْسَ إذَا كَانَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ.

ص: 432

إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ فِي الْوَقْفِ وَلَمْ يَغْرِسْ لَهُ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ لَا وَقْفًا. 365 -

وَذُكِرَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْوَقْفِ حُكْمُ مَا إذَا غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ

366 -

لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ 367 - إلَّا فِي أَجَلِ السَّلَمِ

368 -

دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ.

يَعْنِي فَلَا يَكُونُ الْغَرْسُ وَقْفًا.

أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ فَلْيُنْظَرْ.

(365)

قَوْلُهُ:

وَذُكِرَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ إلَخْ.

أَقُولُ: الْحُكْمُ مَذْكُورٌ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ، فَلَا دَاعِيَ إلَى الْإِغْرَابِ بِالْعَزْوِ إلَى خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ

(366)

قَوْلُهُ:

لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ.

يَعْنِي لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْمَعْقُودِ بِهِ، فَأَشْبَهَ الِاخْتِلَافَ فِي الْحَطِّ وَالْإِبْرَاءِ، وَهَذَا لِأَنَّ بِانْعِدَامِهِ لَا يَخْتَلُّ مَا بِهِ قِوَامُ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي وَصْفِ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسِهِ، حَيْثُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ فِي جَرَيَانِ التَّحَالُفِ.

(367)

قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَجَلِ السَّلَمِ.

أَيْ إلَّا فِي الِاخْتِلَافِ فِي أَجَلِ السَّلَمِ بِأَنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَنَفَاهُ الْآخَرُ، فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهِ لِمُدَّعِيهِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَرْطًا، وَتَرْكُهُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَإِقْدَامُهُمَا عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ، فَكَانَ الْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فِيهِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِنَافِيهِ

(368)

قَوْلُهُ:

دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ مَسْمُوعَةٌ إلَخْ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَعَ عِنْدِي تَرَدُّدٌ فِيمَا إذَا سَمِعَ الْقَاضِي فِي دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ وَمَنَعَ الْخَصْمَ مِنْ مُعَارِضَتِهِ بَعْدَهَا هَلْ يَكُونُ قَضَاءً مِنْهُ مَانِعًا لِلْخُصُومَةِ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فِي الْحَادِثَةِ الْمُتَنَازِعِ فِيهَا أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ مَانِعًا ظَهَرَ نَتِيجَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِيهِ.

وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ.

ص: 433

وَدَعْوَى قَطْعِ النِّزَاعِ لَا، كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ.

اخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ، إلَّا فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ

370 -

إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ حَالَ قَضَائِهِ قُبِلَ مِنْهُ، إلَّا إذَا أَخْبَرَ بِإِقْرَارِ رَجُلٍ بِحَدٍّ.

وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلصَّدْرِ

لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، إلَّا عَلَى وَارِثٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُوصٍ لَهُ؛

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ:

وَدَعْوَى قَطْعِ النِّزَاعِ لَا.

قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُعَارِضُهُ مَا نَقَلُوهُ فِي الْفَتْوَى مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى بِدَفْعِ التَّعَرُّضِ وَهِيَ مَسْمُوعَةٌ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخِزَانَةِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ فِي الْأُولَى إنَّمَا يَدَّعِي إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيَدَّعِيهِ وَإِلَّا يُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِبْرَاءِ.

وَفِي الثَّانِي إنَّمَا يَدَّعِي أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لَهُ فِي كَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَيُطَالِبُهُ بِدَفْعِ التَّعَرُّضِ فَافْهَمْ

(370)

قَوْلُهُ: إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ حَالَ قَضَائِهِ قُبِلَ مِنْهُ إلَى قَوْلِهِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلصَّدْرِ.

أَقُولُ: الَّذِي فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالسَّبْعِينَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ عِنْدَ الْقَاضِي، ذُكِرَ عَنْ حَمَّادٍ وَالْحَكَمِ أَنَّهُمَا يَقُولَانِ: سَمِعْنَا أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا اعْتَرَفَ عِنْدَهُ جَازَ قَوْلُهُ إلَّا فِي الْحُدُودِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي فِي الْحُدُودِ بِعِلْمِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ نِصَابُ الْإِقْرَارِ بِشَرَائِطِهِ أَوْ بِحُجَّةِ الْبَيِّنَةِ بِشَرَائِطِهَا.

ذُكِرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ شُرَيْحًا كَانَ يَقْضِي فِي قَوْمٍ بِعِلْمِهِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ، لَكِنْ أُرِيدَ بِهِ فِيمَا عَدَا الْحُدُودِ، وَعُرِفَ ذَلِكَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ.

ذُكِرَ عَنْ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَقَرَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَنْكَرَ، أَخَذَ بِإِقْرَارِهِ

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُ مَا أَفَادَ بِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ. (انْتَهَى) .

وَلَيْسَ فِي هَذَا إخْبَارُ الْقَاضِي بِشَيْءٍ، وَمَسْأَلَةُ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

وَكَذَا مَسْأَلَةُ إخْبَارِ الْقَاضِي فَكُنْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْ ذَلِكَ

ص: 434