الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الصَّلَاةِ
إذَا شَرَعَ فِي صَلَاةٍ وَقَطَعَهَا قَبْلَ إكْمَالِهَا فَإِنَّهُ يَقْضِيهَا إلَّا الْفَرْضَ وَالسُّنَنَ 1 - فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا وَإِنَّمَا يُؤَدِّيهِمَا 2 - وَكَذَا إذَا شَرَعَ ظَانًّا أَنَّ عَلَيْهِ فَرْضًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[كِتَابُ الصَّلَاةِ]
قَوْلُهُ: فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا إلَخْ. أَيْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ بِالشُّرُوعِ وَالْإِفْسَادِ قَبْلَ الْإِكْمَالِ، أَمَّا فِي الْفَرْضِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَقَدْ أَفْسَدَهُ فِي وَقْتِهِ قَبْلَ الْإِكْمَالِ فَيُؤَدِّيهِ. وَأَمَّا فِي السُّنَّةِ فَلِأَنَّهَا وَإِنْ وَجَبَتْ بِالشُّرُوعِ إلَّا أَنَّهُ أَفْسَدَهَا فِي الْوَقْتِ فَيُؤَدِّيهَا. هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَتَحْقِيقُ مَرَامِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ: أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي سُنَّةٍ مِنْ السُّنَنِ أَوْ التَّرَاوِيحِ لَا يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ وَلَا قَضَاؤُهَا إذَا أَفْسَدَ انْتَهَى وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا لِلْبُرْهَانِ الْحَلَبِيِّ: مِنْ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَوْ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَوْ بَعْدَهَا ثُمَّ قَطَعَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الْأَرْبَعُ أَيْ قَضَاؤُهَا انْتَهَى. قُلْتُ وَلَوْلَا وُجُوبُ الْمُضِيِّ لَمَا لَزِمَ الْقَضَاءُ. (2) قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا شَرَعَ ظَانًّا أَنَّ عَلَيْهِ فَرْضًا إلَخْ. يَعْنِي وَقَطَعَهُ قَبْلَ إتْمَامِهِ. فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: وَكَذَا صَلَاةُ الْمَظْنُونِ يَعْنِي كَالصَّوْمِ لَا قَضَاءَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَمْضِيَ فِيهَا بَعْدَ مَا عَلِمَ بِخِلَافِ إحْرَامِ الْمَظْنُونِ حَيْثُ يَكُونُ مَظْنُونًا لِأَنَّ الظَّنَّ يُرَدُّ فِي الْحَجِّ وَكَذَا لَوْ أَدَّى الزَّكَاةَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. لَمْ يَسْتَرِدَّهَا لِأَنَّهَا وَقَعَتْ صَدَقَةً (انْتَهَى) .
وَفِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ بَابِ الْإِحْصَارِ: لَوْ شَرَعَ فِي الْحَجِّ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ أَدَّى الْفَرْضَ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَإِنْ أَفْسَدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ انْتَهَى. وَفِي النِّهَايَةِ مِنْ بَابِ السَّهْوِ: لَوْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَبْقَى لَازِمَةً وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا بِحَالٍ (انْتَهَى) .
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مَعْنَى الْمَظْنُونِ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مَظْنُونٍ بِالْإِفْسَادِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ:(وَلَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ إلَّا تَطَوُّعًا) . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَرْضِ اتِّفَاقِيٌّ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ يُتِمُّهُ فَإِنْ أَفْطَرَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قُلْتُ: وَالصَّلَاةُ كَالصَّوْمِ فِي هَذَا. وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ
اقْتِدَاءُ الْإِنْسَانِ بِأَدْنَى حَالًا مِنْهُ فَاسِدٌ مُطْلَقًا وَبِالْأَعْلَى صَحِيحٌ مُطْلَقًا وَبِالْمُمَاثِلِ صَحِيحٌ 4 - إلَّا ثَلَاثَةً: الْمُسْتَحَاضَةُ 5 - وَالضَّالَّةُ وَالْخُنْثَى.
6 -
الْقِرَاءَةُ فِي الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ فَرْضٌ فِي رَكْعَتَيْنِ إلَّا فِيمَا إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ قَرَأَ فِيهِمَا فَاسْتَحْلَفَ مَسْبُوقًا بِهِمَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْهِدَايَةِ فِي التَّجْنِيسِ: بِأَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَيْهِ سَاعَةٌ مِنْ حَيْثُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَضَى سَاعَةٌ ثُمَّ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، لِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى عَلَيْهِ سَاعَتُهُ صَارَ كَأَنَّهُ نَوَى الْمُضِيَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ صَارَ شَارِعًا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إذَا نَوَى الصَّوْمَ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى لَا تَصِحَّ نِيَّتُهُ عَنْ الْقَضَاءِ يَصِيرُ صَائِمًا، وَإِنْ أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، كَمَا إذَا نَوَى التَّطَوُّعَ ابْتِدَاءً وَهَذِهِ تَرِدُ إشْكَالًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَظْنُونِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ عِنْدَ (قَوْلِهِ: وَلِلْمَقْطُوعِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) ثُمَّ إفْسَادُ الصَّوْمِ أَوْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا مَكْرُوهٌ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَيْسَ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ
(3)
قَوْلُهُ: اقْتِدَاءُ الْإِنْسَانِ بِأَدْنَى حَالًا مِنْهُ فَاسِدٌ مُطْلَقًا إلَخْ. وَذَلِكَ كَأَنْ يَقْتَدِيَ الْقَارِئُ بِالْأُمِّيِّ، وَالْمُسْتَتِرُ بِالْعَارِي، وَالنَّاطِقُ بِالْأَخْرَسِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله تَفْصِيلًا سَابِقًا وَلَا لَاحِقًا يَكُونُ الْإِطْلَاقُ فِي مُقَابِلَتِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا. (4) قَوْلُهُ: إلَّا ثَلَاثَةً الْمُسْتَحَاضَةُ إلَخْ. نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَعِبَارَتُهُ: اقْتِدَاءُ الْمُسْتَحَاضَةِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ، وَالضَّالَّةِ بِالضَّالَّةِ، لَا يَجُوزُ كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِالْمُشْكِلِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: لَعَلَّهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ حَائِضًا أَمَّا إذَا انْتَفَى الِاحْتِمَالُ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَّحِدِ، وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِمِثْلِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ امْرَأَةً وَالْمُقْتَدِي رَجُلًا. كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ. (5) قَوْلُهُ: وَالضَّالَّةُ إلَخْ. أَيْ أَيَّامَ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ، وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ وَالْمُحَيَّرَةُ
(6)
قَوْلُهُ: الْقِرَاءَةُ فِي الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ فَرْضٌ إلَخْ. الْأُولَى أَنْ يَقُولَ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيِّ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ.
فَإِنَّهَا فَرْضٌ عَلَيْهِ فِي الْأَرْبَعِ. 8 - الْمَسْبُوقُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي إلَّا فِي أَرْبَعٍ 9 - لَا يَقْتَدِي وَلَا يُقْتَدَى بِهِ،
10 -
وَلَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا الِاسْتِئْنَافَ صَحَّ
11 -
وَيُتَابِعُ إمَامَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ سَجَدَ آخِرَهَا.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا فَرْضٌ عَلَيْهِ إلَخْ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَعَيَّنَ الْأَوْلَى عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ، لِعَدَمِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَلَمَّا قَرَأَ الْتَحَقَتْ الْقِرَاءَةُ بِأَوَّلِ صَلَاةِ الْإِمَامِ. فَخَلَتْ رَكْعَةُ الْمَسْبُوقِ مِنْهَا فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا بَقِيَ. (8) قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي إلَخْ. يَعْنِي فِي حَقِّ الْأَفْعَالِ، أَمَّا فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ فَهُوَ مُقْتَدٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ غَيْرِهِ بِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ. كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي التَّبْيِينِ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ الْمَسْبُوقُ: إذَا قَامَ لِقَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ هُوَ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَةً لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَهُوَ مُنْفَرِدٌ أَدَاءً حَتَّى تَلْزَمَهُ الْقِرَاءَةُ وَسُجُودُ السَّهْوِ بِسَهْوِهِ. (9) قَوْلُهُ: لَا يَقْتَدِي وَلَا يُقْتَدَى بِهِ إلَخْ. لِأَنَّهُ بَانَ مِنْ حَيْثُ التَّحْرِيمَةُ. أَمَّا لَوْ نَسِيَ أَحَدُ الْمَسْبُوقَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ كَمِّيَّةَ مَا عَلَيْهِ. فَلَاحَظَ صَاحِبُهُ فِي الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ اقْتِدَاءٍ صَحَّ
(10)
قَوْلُهُ: وَلَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا الِاسْتِئْنَافَ صَحَّ إلَخْ. أَيْ يَصِيرُ مُسْتَأْنِفًا قَاطِعًا لِلْأُولَى. بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا الِاسْتِئْنَافَ لَا يَصِيرُ مُسْتَأْنِفًا مَا لَمْ يَنْوِ صَلَاةً أُخْرَى غَيْرَ الَّتِي هُوَ فِيهَا عَلَى مَا سَبَقَ، قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: شَكَّ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ مَا قَامَ إلَى الْقَضَاءِ أَنَّهُ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَكَبَّرَ، يَنْوِي الِاسْتِقْبَالَ، خَرَجَ عَنْ صَلَاتِهِ. وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا فَظَنَّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَسَدَتْ فَكَبَّرَ يَنْوِي الِاسْتِقْبَالَ، خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ، بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ: إذَا شَكَّ فَكَبَّرَ حَيْثُ لَا يَخْرُجُ لِأَنَّ صَلَاتَهُ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ انْتَهَى
(11)
قَوْلُهُ: وَيُتَابِعُ إمَامَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ سَجَدَ آخِرَهَا إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْإِمَامُ، ثُمَّ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْمَسْبُوقَ رَكْعَةً بِسَجْدَةٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَ ذَلِكَ وَيَعُودَ
وَيَأْتِي بِتَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ إجْمَاعًا.
13 -
الْمَسْبُوقُ لَا يَكُونُ إمَامًا إلَّا إذَا اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ. 14 - كَمَا ذَكَرَهُ مُلَّا خُسْرو،
15 -
وَالْمَسْبُوقُ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَآخِرَهَا فِي حَقِّ التَّشَهُّدِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ. ثُمَّ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ، وَلَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِمَامِ وَمَضَى عَلَى صَلَاتِهِ يَجُوزُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ مَا قَيَّدَ الْمَسْبُوقُ رَكْعَةً بِسَجْدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى الْإِمَامِ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ. وَإِنْ تَابَعَهُ فِيهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (12) قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِتَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ إجْمَاعًا إلَخْ. يَعْنِي بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ، فَلَا يَأْتِي بِهَا عِنْدَهُ وَيَأْتِي بِهَا عِنْدَهُمَا
(13)
قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ لَا يَكُونُ إمَامًا إلَّا إذَا اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَسْبُوقِ بَلْ الْمُدْرِكِ. كَذَلِكَ أَقُولُ إنَّمَا خُصَّ الْمَسْبُوقُ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيهِ. (14) قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ مُلَّا خُسْرو إلَخْ. وَأَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله هُنَا، غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ مُلَّا خُسْرو، بَلْ مَا ذَكَرَهُ هُوَ سَهْوٌ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَاسْتَثْنَى مُلَّا خُسْرو مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَسْبُوقِ، إلَّا أَنَّ إمَامَهُ لَوْ أَحْدَثَ فَاسْتَخْلَفَهُ صَحَّ اسْتِخْلَافُهُ وَصَارَ إمَامًا انْتَهَى. وَهُوَ سَهْوٌ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِيمَا إذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَصْلًا، فَلَا اسْتِثْنَاءَ. انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله فِي الْبَحْرِ
(15)
قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ إلَخْ. حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ، قَضَى رَكْعَتَيْنِ وَفَصَلَ بِقَعْدَةٍ فَتَكُونُ بِثَلَاثِ قَعَدَاتٍ، وَقَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةً وَسُورَةً، فَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي أَحَدِهِمَا فَسَدَتْ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي
لَا اعْتِبَارَ بِنِيَّةِ الْكَافِرِ إلَّا إذَا قَصَدَ السَّفَرَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يَقْصِرُ بِنَاءً عَلَى قَصْدِهِ السَّابِقِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْبَحْرِ: أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي الْأَذْكَارِ. وَقَدْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ ذَكَرُوهَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ حَيْثُ قَالُوا: الْمَسْبُوقُ بِرَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ إذَا قَامَ إلَى الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرَاتِ يَصِيرُ مُوَالِيًا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمُحِيطِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: الْمَسْبُوقُ مَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ آخِرُ صَلَاتِهِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَوَّلُهَا، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الِاسْتِفْتَاحِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَسْتَفْتِحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله فِيمَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ يَسْتَفْتِحُ خِلَافًا لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَذَا تَظْهَرُ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَهُوَ وَإِمَامُهُ يَرَيَانِ رَأْيَ ابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَقْرَأُ أَوَّلًا ثُمَّ يُكَبِّرُ. وَعِنْدَهُمَا يُكَبِّرُ أَوَّلًا ثُمَّ يَقْرَأُ.
وَذَكَرَ بَكْرٌ فِي بَابِ الْعِيدِ. الْمَسْبُوقُ مَا يَقْضِي آخِرُ صَلَاتِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَّا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَالْقُنُوتِ، وَذَكَرَ أَبُو ذَرٍّ وَاتَّفَقُوا أَنَّ مَا يَقْضِي أَوَّلُ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقُنُوتِ وَفِي حَقِّ الْقَعْدَةِ آخِرُ صَلَاتِهِ وَفِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ أَوَّلُهَا حَتَّى لَوْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِيمَا يَقْضِي الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. وَذَكَرَ الْجَلَّابِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ لِأَنَّهُ يَقْضِي آخِرَ صَلَاتِهِ عِنْدَهُ. وَفِي التَّفَارِيقِ لَا يَقْنُتُ فِيمَا يَقْضِي وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فِي الثَّالِثَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ أَيْضًا. وَفِي النَّظْمِ: الْمَسْبُوقِ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي ظَاهِرِ الْأُصُولِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ آخِرَهَا انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَقُومُ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، وَلَوْ قَامَ صَحَّ. وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا إلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: إذَا خَافَ وَهُوَ مَاسِحٌ تَمَامَ مُدَّةٍ الْمَسْحِ، لَوْ انْتَظَرَ سَلَامَ الْإِمَامِ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ الْمَسْبُوقُ فِي الْجُمُعَةِ خُرُوجَ الْوَقْتِ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْفَجْرِ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ الْمَعْذُورُ خُرُوجَ الْوَقْتِ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ أَنْ يَبْتَدِرَهُ الْحَدَثُ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ أَنْ يَمُرَّ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ، بَقِيَ لَوْ قَامَ حَيْثُ لَا يَصِحُّ قِيَامُهُ وَفَرَغَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَتَابَعَهُ فِي السَّلَامِ. قِيلَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالْفَتْوَى أَنْ لَا تَفْسُدَ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ اقْتِدَاؤُهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ مُفْسِدًا لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، فَصَارَ كَتَعَمُّدِ الْحَدَثِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ
(16)
قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِنِيَّةِ الْكَافِرِ إلَّا إذَا قَصَدَ السَّفَرَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا يَحْتَاجُ
بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ
، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا كَرَّرَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي مَكَانٍ مُتَّحِدٍ كَفَتْهُ وَاحِدَةٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ؛ إذَا قَرَأَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي مَكَانِهِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ أُخْرَى.
18 -
لَا يُكَبِّرُ جَهْرًا إلَّا فِي مَسَائِلَ: فِي عِيدِ الْأَضْحَى، وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ 19 - لِلتَّشْرِيقِ. وَبِإِزَاءِ عَدُوٍّ وَبِإِزَاءِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَعِنْدَ وُقُوعِ حَرِيقٍ، وَعِنْدَ الْمَخَاوِفِ. كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
إلَى تَأَمُّلٍ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ نِيَّتَهُ فِي الْعِبَادَاتِ فَلَا يَدْخُلُ السَّفَرُ، فَلَا يُسْتَثْنَى، وَإِنْ أَرَادَ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْعِتْقُ يَصِحُّ مِنْهُ، وَيُجَازَى عَلَى نِيَّتِهِ فِي الدُّنْيَا. انْتَهَى. أَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الثَّانِي. وَلَا يَرِدُ الْعِتْقُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا، وَلِذَا صَحَّ مِنْ الْكَافِرِ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى أَنَّ السَّفَرَ لَا يَكُونُ عِبَادَةً نَظَرًا فَتَأَمَّلْ. وَهُنَا مَسْأَلَةٌ تُسْتَثْنَى، لَا إشْكَالَ فِي اسْتِثْنَائِهَا، وَهِيَ مَا إذَا تَيَمَّمَ الْكَافِرُ بِنِيَّةِ الْإِسْلَامِ يَصِيرُ مُسْلِمًا وَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ لِلْقَلَانِسِيِّ. (17) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ إلَخْ. أَقُولُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْ الصَّبِيِّ الْبُلُوغُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْفَنِّ الْأَوَّلِ: أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْ الصَّبِيِّ التَّمْيِيزُ لَا الْبُلُوغُ فَلْيُحْرَزْ
(18)
قَوْلُهُ: لَا يُكَبِّرُ جَهْرًا إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ. فِي شَرْحِ التُّمُرْتَاشِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: قَالَ مَشَايِخُنَا: التَّكْبِيرُ جَهْرًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ لَا يُسَنُّ إلَّا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَاللُّصُوصِ. ثُمَّ قَاسَ الْبَعْضُ عَلَى هَذَا الْحَرِيقَ وَالْمَخَاوِفَ كُلَّهَا انْتَهَى. (19) قَوْلُهُ: لِلتَّشْرِيقِ إلَخْ. لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ، وَجَعْلُ اللَّامِ بِمَعْنَى إلَى لِلْغَايَةِ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ لِأَنَّهُ إنْ جُعِلَتْ الْغَايَةُ دَاخِلَةً فِي الْمُغْيَا كَانَ جَرْيًا عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ وَإِنْ جُعِلَتْ خَارِجَةً، لَمْ يَصِحَّ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ
النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ وَلَا يَقُومُ اللِّسَانُ مَقَامَهُ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ كَمَا فِي الشَّرْحِ.
21 -
الدَّعْوَةُ الْمُسْتَجَابَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَنَا عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا، كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ.
22 -
إذَا صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، إلَّا إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ عَامِدًا بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ وَخَلْفَهُ مَسْبُوقٌ فَإِنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ دُونَ صَلَاةِ هَذَا الْمَأْمُومِ. إذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ وَلَا يَقُومُ اللِّسَانُ مَقَامَهُ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ إلَخْ. بِأَنْ لَا يَقْدِرَ أَنْ يُحْضِرَ قَلْبَهُ لِيَنْوِيَ بِقَلْبِهِ أَوْ بِأَنْ يَشُكَّ فِي النِّيَّةِ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ
(21)
قَوْلُهُ: الدَّعْوَةُ الْمُسْتَجَابَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَنَا إلَخْ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهَا دَائِرَةٌ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ، وَهُوَ مِنْ حِينِ بُلُوغِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَيْهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ إلَى الْغُرُوبِ
(22)
قَوْلُهُ: إذَا صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ إلَّا إذَا أَحْدَثَ إلَخْ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ مَا إذَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى الْخَامِسَةِ قَبْلَ الْقَعْدَةِ ثُمَّ عَادَ، وَلَمْ يُعِدْ الْمُقْتَدِي بِأَنْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ. جَازَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ. وَاخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ الْمُقْتَدِي وَالْأَحْوَطُ الْإِعَادَةُ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ، بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: وَإِذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ فَائِتَةً بَعْدَ الْفَرَاغِ وَخَلْفَهُ مَسْبُوقٌ وَلَاحِقٌ، لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ. وَالْأَظْهَرُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاةُ اللَّاحِقِ، يَعْنِي لِأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ حُكْمًا بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّ الْإِمَامُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، يَعْنِي لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ اللَّاحِقِ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ أَمَّ وَاحِدٌ فَأَحْدَثَ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَتَعَيَّنُ لِلْخِلَافَةِ، نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ، وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ مُقْتَدِيًا بِالثَّانِي حَتَّى لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُفْتَرِضًا، فَأَحْدَثَ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَانَ الْمَأْمُومُ مُتَنَفِّلًا، فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ.
إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ: اقْتَدَى قَارِئٌ بِأُمِّيٍّ فَصَلَاتُهُمَا فَاسِدَةٌ، 24 - وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي الْإِيضَاحِ
إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَشُرُوعُهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ إلَخْ. قِيلَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَسَادُ صَلَاةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ: تَصْرِيحُهُمْ بَعْدَ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ، لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَسَادَ بَلْ مُقْتَضَاهُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا وَمِنْ ثَمَّةَ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يَنْوِ إمَامَةَ الْمَرْأَةِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهَا بِهِ، وَتَكُونُ مُنْفَرِدَةً. فَإِنْ قَرَأَتْ تَمَّتْ صَلَاتُهَا وَالْأَوْجَبُ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ لِعَدَمِ الْقِرَاءَةِ، فَهَذَا نَصٌّ فِي اقْتِضَاءِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ الِانْفِرَادَ دُونَ الْفَسَادِ، فَتَدَبَّرْ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ انْتَهَى.
أَقُولُ: دَعْوَى أَنَّ تَصْرِيحَهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَسَادَ، بَلْ مُقْتَضَاهُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، مَمْنُوعٌ فَقَدْ صَرَّحَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي الَّذِي جَمَعَ فِيهِ كَلَامَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٌ رحمه الله مِنْ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ: أَنَّ الْقَارِئَ لَوْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْأُمِّيِّ تَطَوُّعًا، أَوْ فِي صَلَاةِ امْرَأَةٍ، أَوْ جُنُبٍ، أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، ثُمَّ أَفْسَدَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي صَلَاةٍ تَامَّةٍ فَقَدْ اسْتَلْزَمَ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ الْفَسَادَ دُونَ الِانْفِرَادِ، وَأَمَّا مَا صَحَّحَهُ فِي السِّرَاجِ مِنْ صِحَّةِ الشُّرُوعِ فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ، فَخِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي. وَأَمَّا فَسَادُ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ الْإِمَامِ فَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَلَهُ أَنَّهُ تَرَكَ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِالْقَارِئِ تَكُونُ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةً لَهُ، وَأَمَّا مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ إمَامَتَهَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا دُخُولَ الْمَرْأَةِ فِي صَلَاتِهِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ إمَامَتِهَا، فَصَارَتْ مُنْفَرِدَةً بِصَلَاةِ نَفْسِهَا، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ نَصًّا فِي اقْتِضَاءِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ الِانْفِرَادَ دُونَ الْفَسَادِ فِيمَا الْكَلَامُ فِيهِ؟ فَتَأَمَّلْهُ أَيُّهَا النَّبِيهُ.
(24)
قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي الْإِيضَاحِ إلَخْ. يَعْنِي إيضَاحَ الْكَرْمَانِيِّ فِي بَابِ فَسَادِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَعِبَارَتُهُ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ أَكْمَلَ فَرْضَهُ: وَصُورَةُ ذَلِكَ، إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا فَلَمَّا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَهْقَهَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا، فَسَدَتْ صَلَاةُ الْخَلِيفَةِ، وَصَلَاةُ الْمُقْتَدِي
لَتَحْصِيلُ الرَّكْعَةِ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ أَفْضَلُ مِنْ وَصْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَعَ فَوْتِهَا
26 -
شَرَعَ مُتَنَفِّلًا بِثَلَاثٍ وَسَلَّمَ لَزِمَهُ قَضَاءَ رَكْعَتَيْنِ.
27 -
شَرَعَ فِي الْفَجْرِ نَاسِيًا سُنَّتَهُ مَضَى وَلَا يَقْضِيهَا.
28 -
الِاشْتِغَالُ بِالسُّنَّةِ عَقِبَ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
تَامَّةٌ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله، أَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي أَيْضًا فَاسِدَةٌ. فِي قَوْلِ الْإِمَامِ. وَقَالَا: لَا تَفْسُدُ وَلَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، فِي قَوْلِهِمْ ثُمَّ قَالَ فِي بَابِ اخْتِلَافِ فَرْضِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ: لَا يَؤُمُّ الْعُرْيَانُ اللَّابِسِينَ، وَلَا صَاحِبُ الْعُذْرِ الدَّائِمِ الْأَصِحَّاءَ، وَلَا الْأُمِّيُّ الْقَارِئَ، وَلَا الْأَخْرَسُ الْمُتَكَلِّمَ وَلَا الْأُمِّيَّ، وَلَا يَؤُمُّ الْمُومِئُ لِمَنْ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ. وَقَالَ زُفَرُ يَجُوزُ وَلَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ وَإِنْ اقْتَدَى أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِبَعْضِ مَنْ ذَكَرْنَا فَصَلَاةُ الْأُمِّيِّ وَالْقَارِئِ فَاسِدَةٌ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رحمهم الله صَلَاةُ الْأُمِّيِّ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ تَامَّةٌ
(25)
قَوْلُهُ: فَشُرُوعُهُ لِتَحْصِيلِ الرَّكْعَةِ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ إلَخْ. أَفْضَلُ مِنْ وَصْلِ الصَّفِّ. أَقُولُ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ تَقْرُبُ مِنْ الْوَاجِبِ، بَلْ قِيلَ: وُجُوبُهَا بِخِلَافِ وَصْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ
(26)
قَوْلُهُ: شَرَعَ مُتَنَفِّلًا بِثَلَاثٍ وَسَلَّمَ إلَخْ. فِي الْبَحْرِ إذَا صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِقَعْدَةٍ وَاحِدَةٍ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفَسَدَ الشَّفْعُ لِأَنَّ مَا تُصَلَّ بِهِ الْقَعْدَةُ وَهِيَ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ فَسَدَتْ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بِالرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَيَنْفَدُ مَا قَبْلَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ
(27)
قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي الْفَجْرِ نَاسِيًا سَنَتَهُ مَضَى وَلَا يَقْضِيهَا إلَخْ. لِأَنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ لَا تُقْضَى إلَّا إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ فَتُقْضَى تَبَعًا بِهِ سَوَاءٌ قَضَاهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ، أَوْ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي السُّنَّةِ أَنْ لَا تُقْضَى لِاخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْفَرَائِضِ، وَالْوَاجِبُ وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ فِي غَدَاةِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ. فَبَقِيَ مَا رَوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ
(28)
قَوْلُهُ: الِاشْتِغَالُ بِالسُّنَّةِ عَقِيبَ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ إلَخْ. ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ الْأَوْرَادَ انْتَهَى. أَقُولُ لَا
قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ.
30 -
كُلُّ ذِكْرٍ فَاتَ مَحَلُّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ، فَلَا يُكْمِلُ التَّسْبِيحَاتِ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ، وَلَا يَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ.
31 -
صَلَّى مَكْشُوفَ الرَّأْسِ لَمْ يُكْرَهْ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
بَأْسَ، يَسْتَعْمِلُ لِمَا تَرْكُهُ أَوْلَى وَمَا تَرْكُهُ أَوْلَى، مَرْجِعُهُ إلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ قِرَاءَةَ الْأَوْرَادِ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالسُّنَّةِ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهِيًّا
(29)
قَوْلُهُ: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ إلَخْ. قِيلَ مُرَادُهُ قِرَاءَتُهَا حَتْمًا لِلصَّوْتِ لَا لِلْمُهِمَّاتِ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَةِ لِمَا ذَكَرَهُ آخِرَ الْبَابِ: مِنْ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ الْمُهِمَّاتِ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَةِ بِدْعَةٌ (انْتَهَى) .
وَقِيلَ لَمْ يُبَيِّنْ مَوْطِنَ ذَلِكَ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي تُنْدَبُ فِيهِ الْأَدْعِيَةُ الْمَأْثُورَةُ خَارِجَ الصَّلَاةِ تَكُونُ الْفَاتِحَةُ فِيهِ أَفْضَلَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالدُّعَاءِ
(30)
قَوْلُهُ: كُلُّ ذِكْرٍ فَاتَ مَحَلُّهُ إلَخْ. أَقُولُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الرُّكُوعِ، وَخَافَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَيَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ فِي الرُّكُوعِ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: سَقَطَتْ عَنْهُ لِأَنَّ مَحَلَّهَا الْقِيَامُ الْمُطْلَقُ كَالْقُنُوتِ، وَإِذَا أَتَى بِالتَّكْبِيرَاتِ عِنْدَهُمَا هَلْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؟ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. بَقِيَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكَافِي. وَكَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ: أَنَّهُ يَجُوزُ رَفْضُ رُكْنٍ لَمْ يَتِمَّ لِأَجْلِ وَاجِبٍ لَمْ يَفُتْ مَحَلُّهُ، فَعَلَى هَذَا جَازَ رَفْضُ الرُّكُوعُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمّ لِأَنَّ تَمَامَهُ بِالرَّفْعِ لِأَجْلِ تَكْبِيرِ الْعِيدِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لَمْ يَفُتْ مَحَلُّهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ الرَّاكِعَ قَائِمٌ حُكْمًا. قَالَ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَالْقُنُوتِ؛ لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَهُ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ لَا يَعُودُ، وَلَا يَقْنُتُ. فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُشْكِلٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِلْفَرْقِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَوْنُ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ دُونَ الْقُنُوتِ (انْتَهَى) .
وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ الْمُصَنِّفُ بِالْفَرْقِ لِيُرَاجَعْ
(31)
قَوْلُهُ: صَلَّى مَكْشُوفَ الرَّأْسِ لَمْ يُكْرَهْ إلَخْ. أَقُولُ: قُيِّدَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي
الرَّبَاعِيَةُ الْمَسْنُونَةُ كَالْفَرْضِ فَلَا يُصَلِّي فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى 33 - وَلَا يَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ. 34 - إلَّا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِهَا، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. الْأَوْلَى: أَنْ لَا يُصَلِّي عَلَى مِنْدِيلِ الْوُضُوءِ الَّذِي يَمْسَحُ بِهِ
35 -
كُلُّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ تَحْرِيمًا، فَإِنَّهَا تُعَادُ وُجُوبًا فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ خَرَجَ لَا تُعَادُ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْبَزَّازِيَّةِ بِمَا إذَا كَانَ الْكَشْفُ لِلتَّضَرُّعِ، أَمَّا إذَا كَانَ لِلتَّهَاوُنِ بِالصَّلَاةِ فَيُكْرَهُ، وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُلْتَقَطِ فَقَالَ: لَوْ حَسَرَ الرَّأْسَ تَهَاوُنًا بِالصَّلَاةِ يُكْرَهُ وَلَوْ حَسَرَهُ تَضَرُّعًا يُكْرَهُ أَيْضًا (انْتَهَى) .
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَلِتَقْيِيدِهَا بِالْمَذْكُورِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا
(32)
قَوْلُهُ: الرَّبَاعِيَةُ الْمَسْنُونَةُ كَالْفَرْضِ إلَخْ. أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا، فَإِنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ كَالْفَرْضِ. وَعَنْ الْبَقَّالِيِّ: يُصَلِّي وَيَسْتَفْتِحُ فِي سُنَنِ الرَّوَاتِبِ. قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ مَا قَالَهُ الْبَقَّالِيُّ: أَقْرَبُ لِلزُّهْدِ، وَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ أَقْرَبُ لِلْفِقْهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. (33) قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ إلَخْ. قِيلَ: يَعْنِي فِي السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا كَالْأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَالْعِشَاءِ، وَالنَّوَافِلِ الَّتِي يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا، فَإِنَّ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى مِنْهَا: يُصَلِّي، وَفِي الشَّفْعِ الثَّانِي: يَأْتِي بِالثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ اتِّفَاقًا. (34) قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ إلَخْ. زَادَ أَخُو الْمُصَنِّفِ رحمه الله عَلَى ذَلِكَ صَلَاةَ الرَّبَاعِيَةِ الْمَسْنُونَةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْمِصْرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ بِنَاءً عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ. وَالثَّالِثَةُ: لَا يُؤْتَى بِدُعَاءِ التَّوَجُّهِ فِيهَا. كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَالرَّابِعَةُ: أَنَّهَا لَا تُقْضَى إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ تَبَعًا. وَلَمْ أَرَ هَلْ يُخَيَّرُ فِي السُّنَّةِ اللَّيْلِيَّةِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ خُيِّرَ الْمُنْفَرِدُ فِيمَا يُجْهَرُ كَمُتَنَفِّلِ بِاللَّيْلِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ
(35)
قَوْلُهُ: كُلُّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ تَرْكِ وَاجِبٍ إلَخْ. أَقُولُ: يَرِدُ عَلَيْهِ عَكْسُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ مَا إذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ فِي وَقْتِهَا فِي الطَّرِيقِ، أَوْ بِعَرَفَاتٍ، تَجِبُ عَلَيْهِ
إذَا رَفْع رَأْسَهُ قَبْلَ إمَامِهِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى السُّجُودِ.
37 -
مَنْ جَمَعَ بِأَهْلِهِ لَا يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ إلَّا إذَا كَانَ لِعُذْرٍ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْإِعَادَةُ عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رحمه الله، كَمَا فِي التَّلْقِيحِ لِلْمَحْبُوبِيِّ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا وَلَمْ يَفْعَلْ مَكْرُوهًا تَحْرِيمًا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا الْمَعْهُودِ فَقَدْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْوَقْتِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِخُصُوصِيَّةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، بِدَلِيلِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْمُسْتَعْجِلِ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» عَلَى أَنَّ الْقَضَايَا الشَّرْطِيَّةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا الِاطِّرَادُ دُونَ الِانْعِكَاسِ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ وَاجِبٍ وَوَاجِبٍ فِيمَا فِي الدُّورِ وَالْغَرَرِ مِنْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي تَرْكِ الْفَاتِحَةِ، لَا فِي تَرْكِ ضَمِّ السُّورَةِ إلَى الْفَاتِحَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَاتٍ طَوِيلَةٍ. ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أُدِّيَتْ مَعَ تَرْكِ سُنَّةٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ، وَالْحُكْمُ أَنَّهَا تُعَادُ اسْتِحْبَابًا وَإِذَا أُدِّيَتْ مَعَ فِعْلِ مَكْرُوهٍ تَنْزِيهًا فَالْأَوْلَى إعَادَتُهَا كَمَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي. وَفِي الْقُنْيَةِ: صَبِيَّةٌ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، لَا تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الْعَوْرَةِ تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ. وَكَذَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَا بَعْدَهُ. رَأَيْتُ الْقَضَاءَ فِي الْحَالَيْنِ أَوْلَى
(36)
قَوْلُهُ: قَبْلَ إمَامِهِ إلَخْ. ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوَّلًا يَشْمَلُ رَفْعَ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى السُّجُودِ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِالرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ، فَلَا وَجْهَ لَهُ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ إمَامِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ. وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْأَوَّلُ (انْتَهَى) .
وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ إلَى السُّجُودِ أَوْ يَزِيدَ لَفْظَ الرُّكُوعِ.
(37)
قَوْلُهُ: مَنْ جَمَعَ بِأَهْلِهِ لَا يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ إلَخْ. يَعْنِي الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لِزِيَادَةِ فَضِيلَةٍ، وَتَكْثِيرِ جَمَاعَةٍ، وَإِظْهَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا أَصْلُ الْفَضِيلَةِ وَهِيَ الْمُضَاعَفَةُ بِسَبْعِ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَحَاصِلَةٌ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي بَيْتِهِ عَلَى هَيْئَةِ الْجَمَاعَةِ الْكَائِنَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا شُرِعَ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَالْمَسْجِدُ فِيهِ أَفْضَلُ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ شَرَفِ الْمَكَانِ، وَإِظْهَارِ الشَّعَائِرِ، وَتَكْثِيرِ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَائْتِلَافِ قُلُوبِهِمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا بِمَا إذَا تَسَاوَتْ الْجَمَاعَتَانِ فِي اسْتِكْمَالِ السُّنَنِ وَالْآدَابِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي الْبَيْتِ أَكْمَلَ كَمَا إذَا كَانَ إمَامُ الْمَسْجِدِ يُخِلُّ بِبَعْضِ الْوَاجِبَاتِ، كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ الزَّمَانِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَالْجَمَاعَةُ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ الْحَلَبِيّ
دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي الْفَجْرِ فَوَجَدَ الْإِمَامَ يُصَلِّيه فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ بَعِيدًا عَنْ الصُّفُوفِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
عَلَى مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَبِهِ يَسْقُطُ مَا قِيلَ. مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ، أَيْ فِي الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى لَوْ صَلَّى بِزَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ، فَقَدْ أَتَى بِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ (انْتَهَى) .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ رحمه الله. هُنَا بِقَوْلِهِ: لَا يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ، عَدَمُ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، لَا مُطْلَقَ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الثَّالِثِ فِي التَّرَاوِيحِ، وَإِنْ صَلَّاهَا بِجَمَاعَةٍ فِي بَيْتِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنَالُ إحْدَى الْفَضِيلَتَيْنِ، فَإِنَّ الْأَدَاءَ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَهُ فَضِيلَةٌ لَيْسَتْ لِلْأَدَاءِ فِي الْبَيْتِ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَكْتُوبَةِ (انْتَهَى) .
هَذَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْخِزَانَةِ: إنَّ تَطَوُّعَ الْإِمَامِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْفَرَائِضَ مَكْرُوهٌ (انْتَهَى) .
وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْبَيْتِ.
(38)
قَوْلُهُ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي الْفَجْرِ فَوَجَدَ الْإِمَامَ يُصَلِّيهِ إلَخْ. الْأَصْلُ أَنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ لَهَا فَضِيلَةٌ، وَكَذَا لِلْجَمَاعَةِ. فَإِذَا تَعَارَضَنَا، عَمِلَ بِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ خَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَتَيْنِ إحْرَازًا بِحَقِّهِمَا، وَهُوَ الْجَمَاعَةُ لِوُرُودِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ فِي الْجَمَاعَةِ يُصَلِّي وَالسُّنَّةُ وَإِنْ وَرَدَ الْوَعْدُ فِيهَا لَمْ يَرِدْ الْوَعِيدُ بِتَرْكِهَا، وَلِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ لِأَنَّهَا مُكَمِّلَةٌ ذَاتِيَّةٌ، وَالسُّنَّةُ مُكَمِّلَةٌ خَارِجِيَّةٌ، وَالذَّاتِيَّةُ أَقْوَى. ثُمَّ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ رحمه الله لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَ الْإِمَامِ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رحمه الله، لِأَنَّ إدْرَاكَ الْقَعْدَةِ كَإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمُعَةِ، خِلَافًا لَهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ الْإِتْيَانُ بِالسُّنَّةِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَجِدَ مَكَانًا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ يُصَلِّي السُّنَّةَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَلِّيَ السُّنَّةَ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ السُّنَّةِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ. ثُمَّ إنَّ السُّنَّةَ فِي السُّنَنِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَفِي الْمَسْجِدِ الْخَارِجِ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاحِدًا فَخَلْفَ الْأُسْطُوَانَةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ بَعِيدًا عَنْ الصُّفُوفِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ. وَيُكْرَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ مُخَالِفًا لِلْجَمَاعَةِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَلْفَ الصَّفِّ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ، وَالْأَوَّلُ أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ الثَّانِي. وَأَمَّا السُّنَنُ الَّتِي بَعْدَ الْفَرَائِضِ
إلَّا إذَا خَافَ سَلَامَ الْإِمَامِ.
40 -
مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَامِعِ إلَّا إذَا كَانَ إمَامُهُ عَالِمًا. 41 - وَمَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ فِي حَقِّ السُّوقِيِّ نَهَارًا مَا كَانَ عِنْدَ حَانُوتِهِ، وَلَيْلًا مَا كَانَ عِنْدَ مَنْزِلِهِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
فَالْأَفْضَلُ فِعْلُهَا فِي الْمَنْزِلِ، إلَّا إذَا خَافَ الِاشْتِغَالَ عَنْهَا لَوْ ذَهَبَ إلَى الْبَيْتِ. فَيَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ، فِي أَيِّ مَكَان فِيهِ وَلَوْ فِي مَكَان صَلَّى فِيهِ فَرْضَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَنَحَّى خُطْوَةً. وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَان صَلَّى فِيهِ الْفَرْضَ كَمَا تَقَدَّمَ. (39) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا خَافَ سَلَامَ الْإِمَامِ إلَخْ. يَعْنِي فَيَتْرُكُ السُّنَّةَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ إحْرَازَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، أَحَقُّ مِنْ إحْرَازِ فَضِيلَةِ السُّنَّةِ.
(40)
قَوْلُهُ: مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ أَفْضَلُ إلَخْ. قِيلَ: لَعَلَّ الْأَفْضَلِيَّةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ دُونَ غَيْرِهِمْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَعْطِيلِ مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ، مِنْ أَنَّ الْجَوَامِعَ أَفْضَلُ مِنْ مَسَاجِدِ الْمَحَالِّ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا قَوْلٌ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ قَوْلٌ آخَرُ، لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى الْخِلَافِ. قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: تَرَكَ الْجَمَاعَةِ فِي جَمَاعَةِ مَسْجِدِ حَيِّهِ وَلَوْ صَلَّى عَامَّةَ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْضَهَا فِي جَمَاعَةِ جَامِعِ مِصْرِهِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قِيلَ: جَمَاعَةُ مَسْجِدِ حَيِّهِ أَفْضَلُ، وَقِيلَ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَفْضَلُ، وَلَوْ كَانَ مُتَفَقِّهًا. فَجَمَاعَةُ مَسْجِدِ أُسْتَاذِهِ أَفْضَلُ لِأَجْلِ دَرْسِهِ أَوْ لِاسْتِمَاعِ الْأَخْبَارِ، أَوْ لِسَمَاعِ مَجْلِسِ الْعَامَّةِ أَفْضَلُ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَطْلَقَ الْجَلَّابِيُّ: أَنَّ صَلَاتَهُ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّتِهِ أَفْضَلُ وَفِي اللَّآلِئِ: بِقُرْبِهِ مَسْجِدَانِ يُصَلِّي فِي أَقْدَمِهِمَا بِنَاءً لِأَنَّ زِيَادَةَ حُرْمَةٍ، فَإِنْ اسْتَوَيَا يُصَلِّي فِي أَقْرَبِهِمَا مِنْ مَنْزِلِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ يَتَخَيَّرُ لِأَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ كَانَ قَوْمُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ هُوَ فَقِيهًا يَذْهَبُ إلَى الَّذِي قَوَّمَهُ أَقَلَّ لِيَكْثُرَ النَّاسُ بِذَهَابِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ، يَذْهَبُ حَيْثُ أَحَبَّ. (انْتَهَى) .
وَفِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ، بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مِثْلَ مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ: قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ هُوَ مِمَّنْ يَؤُمُّ النَّاسَ وَانْظُرْ هَلْ بَيْنَ مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ وَالْحَيِّ فَرْقٌ؟ . (41) قَوْلُهُ: مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ فِي حَقِّ السُّوقِيِّ نَهَارًا إلَخْ. قِيلَ: فَلَوْ اجْتَمَعَ إمَامَاهُمَا
يُكْرَهُ أَنْ لَا يُرَتِّبَ بَيْنَ السُّوَرِ إلَّا فِي النَّافِلَةِ
43 -
تَقْلِيلُ الْقِرَاءَةِ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِهَا.
ــ
[غمز عيون البصائر]
فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى أَفْضَلِهِمَا، ثُمَّ أَوْرَعِهِمَا، ثُمَّ أَسَنِّهِمَا (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ إمَامَ مَحَلَّتِهِ نَهَارًا أَوْلَى لِأَنَّهُ اخْتَارَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ نَهَارًا (انْتَهَى) .
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.
(42)
قَوْلُهُ: يُكْرَهُ أَنْ لَا يُرَتِّبَ بَيْنَ السُّوَرِ إلَخْ. فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: ثُمَّ إذَا قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدُ وَالسُّورَةَ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مُتَّصِلَةً بِالسُّورَةِ الْأُولَى، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْصِلَ بِسُورَةٍ أَوْ بِسُورَتَيْنِ وَإِنَّمَا يَفْصِلُ بِسُوَرٍ. هَكَذَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي اللَّآلِئِ: تَرَكَ الْوَلَاءِ فِي الْقِرَاءَةِ جَائِزٌ وَلَا يُكْرَهُ. وَفِي مَجْمَعِ النَّسَفِيِّ: مُرَاعَاةُ تَرْتِيبِ السُّوَرِ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ وَاجِبَاتِ نَظْمِ الْقُرْآنِ، لَا مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ، وَفِي صَلَاةِ قَاضِي: حَكِيمٌ قَرَأَ سُورَةً ثُمَّ قَرَأَ سُورَةً قَبْلَهَا سَاهِيًا قِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ السَّجْدَةُ لِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ وَاجِبٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَفِي زَلَّةِ الْقَارِئِ لِأَبِي الْيُسْرِ فَإِنْ قَرَأَ آيَةً فِي رَكْعَةٍ وَقَرَأَ فِي أُخْرَى آيَاتٍ قَبْلَهَا أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي رَكْعَةٍ يُكْرَهُ، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ مَهْجُورَةٌ، وَلَا يُكْرَهُ فِي النَّفْلِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ. فَلْيُرَاجَعْ.
(43)
قَوْلُهُ: تَقْلِيلُ الْقِرَاءَةِ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِهَا. فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْبُرْهَانِ الْحَلَبِيِّ: وَالْمُسْتَحَبُّ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ التَّحْقِيقُ، وَأَنْ يَقْرَأَ فِي أَوَّلِهَا مَعَ الْفَاتِحَةِ:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَيُخَفِّفُ، حَتَّى أَقُولَ هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْكِتَابِ؟» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ، وَ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهُمَا أَوْ تَقْدِيمُهُمَا؟ قِيلَ التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ لِلتَّقَرُّبِ مِنْ الْفَرْضِ، وَقِيلَ التَّقْدِيمُ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ (انْتَهَى) .
وَفِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ السُّنَنِ: الْقَصْرُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي الْقِرَاءَةِ أَفْضَلُ مِنْ التَّطْوِيلِ. وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ أَنْ تُطَالَ. وَقِيلَ: لَوْ طَوَّلَ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا لَا يَجُوزُ، بِخِلَافِ الْفَرْضِ (انْتَهَى) .
نَذْرُهُ النَّافِلَةَ أَفْضَلُ وَقِيلَ لَا.
45 -
التَّكَلُّمُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ لَا يُسْقِطُهَا، وَلَكِنْ يُنْقِصُ الثَّوَابَ.
46 -
يُكْرَهُ أَنْ يُخَصِّصَ لِصَلَاتِهِ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ فَعَلَ فَسَبَقَهُ غَيْرُهُ لَا يُزْعِجُهُ. يَكُون شَارِعًا بِالتَّكْبِيرِ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ التَّعَجُّبَ دُونَ التَّعْظِيمِ.
47 -
إذَا تَفَكَّرَ الْمُصَلِّي فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ كَتِجَارَتِهِ وَدَرْسِهِ لَمْ تَبْطُلْ. وَإِنْ شَغَلَهُ هُمُومُهُ عَنْ خُشُوعِهِ لَمْ يَنْقُصْ أَجْرُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ تَقْصِيرٍ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: نَذْرُهُ النَّافِلَةَ أَفْضَلُ وَقِيلَ لَا، إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا: أَدَاءُ النَّفْلِ بَعْدَ النَّذْرِ أَفْضَلُ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ نَوَافِلَ. قِيلَ: يَنْذُرُهَا وَقِيلَ: يُصَلِّيهَا كَمَا هِيَ (انْتَهَى) .
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ النَّهْيِ عَنْ النَّذْرِ وَهُوَ مُرَجِّحٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا يَنْذُرُهَا لَكِنْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ النَّهْيَ عَلَى النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى شَرْطِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حُصُولُ الشَّرْطِ كَالْغَرَضِ لِلْعِبَادَةِ، فَلَمْ يَكُنْ مُخْلِصًا، وَوَجْهُ مَنْ قَالَ يَنْذُرُهَا وَإِنْ كَانَتْ تَصِيرُ وَاجِبَةً بِالشُّرُوعِ. أَنَّ الشُّرُوعَ فِي النَّذْرِ يَكُونُ وَاجِبًا فَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ النَّفْلِ. وَالْأَحْسَنُ عِنْدَ الْعَبْدِ الضَّعِيفِ أَنْ لَا يَنْذُرَ بِهَا خُرُوجًا عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ بِيَقِينٍ (انْتَهَى) .
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.
(45)
قَوْلُهُ: التَّكَلُّمُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ لَا يُسْقِطُهَا إلَخْ. مِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ، وَزَادَ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ يُنَافِي التَّحْرِيمَةَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ: وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ النَّهْيِ، فَلْيُرَاجَعْ. وَكَتَبَ أَخُو الْمُصَنِّفِ بِطَرَفِ نُسْخَةِ الْمَنْقُولَةِ، أَنَّهُ يُعِيدُهَا وَعَلَى مَا هُنَا أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا، لَكِنْ لَمْ نَجْدِ النَّفَلَ إذْ ذَاكَ فَتَأَمَّلْ.
(46)
قَوْلُهُ: يُكْرَهُ أَنْ يُخَصِّصَ لِصَلَاتِهِ مَكَانًا إلَخْ. لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَقِيَتْ الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ طَبْعًا، وَالْعِبَادَةُ مَتَى صَارَتْ طَبْعًا سَبِيلُهَا التَّرْكُ، وَلِهَذَا يُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ.
(47)
قَوْلُهُ: إذَا تَفَكَّرَ الْمُصَلِّي فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ إلَخْ. مِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي صَلَاةِ قَاضِي الْقُضَاةِ: الْمُصَلِّي لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي
وَلَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا لِتَرْكِ الْخُشُوعِ.
49 -
لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ انْتِظَارُ أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ شِرِّيرًا.
50 -
يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الرَّجُلِ بِالْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
جُمْلَةِ مَا يَفْعَلُهُ فِي كُلِّ حَالٍ أَيْ الْقِيَامِ، أَوْ الْقِرَاءَةِ، وَالرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ حَقَّقَ الْفِعْلَ وَالذِّكْرَ أَيْ الْقِرَاءَةَ مَعًا وَنَوَى بِهِمَا التَّعَبُّدَ كَفَاهُ. وَإِنْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِيَّةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلَا يُؤَاخَذُ بِالنِّيَّةِ حَالَ السَّهْوِ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيمَا يَسْهُو مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهَا ثَوَابًا، وَإِنْ تَعَمَّدَ أَنْ لَا يَنْوِيَ الْعِبَادَةَ بِبَعْضِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ، لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِعْلًا لَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ، فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا. وَقَدْ أَسَاءَ (48) قَوْلُهُ: وَلَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا لِتَرْكِ الْخُشُوعِ إلَخْ. إذْ لَا شَكَّ فِي عَدَمِ بُطْلَانِهَا مَعَ عَدَمِ الْخُشُوعِ، إلَّا أَنَّ الْعَلَّامَةَ ابْنَ الضِّيَاءِ نَقَلَ فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: أَنَّ الْخُشُوعَ فِي جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ فَرْضٌ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ وَلَمْ يُحْفَظْ فِي غَيْرِ كَلَامِهِ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ: قَوْلُ بَعْضِ الزُّهَّادِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الصَّلَاةِ لَا قِيمَةَ لِصَلَاتِهِ، لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْأَمْرَ مَعْنَاهُ يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْأَفْعَالَ الظَّاهِرَةَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إذَا كَانَ الْمُصَلِّي يَعْلَمُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ، لِأَنَّ نَبِيَّنَا عليه السلام عَلِمَ ابْنَ عَبَّاسٍ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ فَأَقَامَهُ عَلَى يَمِينِهِ
(49)
قَوْلُهُ: لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ انْتِظَارُ أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ شِرِّيرًا إلَخْ. قَيَّدَ بِالِانْتِظَارِ لِأَنَّهُ لَوْ طَوَّلَ الْمُؤَذِّنُ الْإِقَامَةَ لِيُدْرِكَ الْإِنْسَانُ فِي الصَّلَاةِ، يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ فِي قَوْلِهِمْ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ مَعْزِيًّا إلَى أَبِي اللَّيْثِ. وَقُيِّدَ بِانْتِظَارِ الْمُؤَذِّنِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَحَسَّ فِي رُكُوعِهِ يَدْخُلُ فِي الْمَسْجِدِ يُكْرَهُ انْتِظَارُهُ فِيهِ؛ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله، سَأَلْتُ الْإِمَامَ فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَدْخُلَ فِي صَلَوَاتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا. وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ انْتِظَارُهُ عَظِيمَةً لِأَنَّهُ شَرَّكَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَ اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ عَرَفَ الدَّاخِلَ كُرِهَ انْتِظَارُهُ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ، وَعَنْ الصَّفَّارِ: إنْ كَانَ غَنِيًّا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا. وَالصَّحِيحُ كَرَاهَةُ الِانْتِظَارِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ
(50)
قَوْلُهُ: يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الرَّجُلِ بِالْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهُ إلَخْ. أَقُولُ: يُسْتَثْنَى
وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ إلَّا إذَا نَوَى إمَامَتَهَا 52 - إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَتَصِحُّ نِيَّةُ إمَامَتِهِنَّ فِي غَيْبَتِهِنَّ.
53 -
خَرَجَ الْخَطِيبُ بَعْدَ شُرُوعِهِ مُتَنَفِّلًا، قَطَعَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ إلَّا إذَا كَانَ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا عَلَى الصَّحِيحِ
لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ يُصَلِّي فِيهِ بِلَا خِيَارٍ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ النَّجِسِ حَيْثُ يَتَخَيَّرُ 54 - فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا هُمَا صَلَّى فِي الْحَرِيرِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
مِنْ ذَلِكَ الْإِمَامُ إذَا كَانَتْ إمَامَتُهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِخْلَافِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ إمَامًا مَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ
(51)
قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ إلَّا إذَا نَوَى إمَامَتَهَا إلَخْ. يَعْنِي خِلَافًا لِزُفَرَ، فَإِنَّ عِنْدَهُ يَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالرَّجُلِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ الْإِمَامُ لَنَا أَنَّ اقْتِدَاءَهَا إنْ صَحَّ بِلَا نِيَّةٍ يَلْزَمُ فَسَادُ صَلَاتِهِ إذَا حَاذَتْهُ فَيَكُونُ إلْزَامًا عَلَيْهِ بِلَا الْتِزَامٍ مِنْهُ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ بِاقْتِدَائِهِ شَيْءٌ. (52) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ إلَخْ. فَإِنَّ اقْتِدَاءَهَا بِلَا نِيَّةِ الْإِمَامِ فِيهِمَا وَفِي الْجُمُعَةِ صَحِيحٌ، لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ الْوُقُوفِ بِجَنْبِ الْإِمَامِ لِلِازْدِحَامِ، وَلَا تَقْدِرُ أَنْ تُؤَدِّيَهَا وَحْدَهَا.
(53)
قَوْلُهُ: خَرَجَ الْخَطِيبُ بَعْدَ شُرُوعِهِ مُتَنَفِّلًا إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: إذَا شَرَعَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ افْتَتَحَ الْخُطْبَةَ أَوْ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ، هَلْ يَقْطَعُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ؟ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّهُمَا وَلَا يَقْطَعُهُمَا لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَاجِبَةٍ
(54)
قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا صَلَّى فِي الْحَرِيرِ إلَخْ. أَيْ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِيهِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: عُرْيَانُ مَعَهُ ثَوْبُ دِيبَاجٍ وَثَوْبُ كِرْبَاسٍ، فِيهِ نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ، يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبِ الدِّيبَاجِ (انْتَهَى) .
يَعْنِي لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَرِيرِ مَكْرُوهَةٌ لِلرِّجَالِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ النَّجَسِ فَإِنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا تَرْتَفِعُ لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا إلَى الصَّلَاةِ فِيهِ
فِنَاءُ الْمَسْجِدِ كَالْمَسْجِدِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ. الْمَانِعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ طَرِيقٌ تَمْرُ فِيهِ الْعَجَلَةُ، أَوْ نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ أَوْ خَلَاءٌ فِي الصَّحْرَاءِ يَسَعُ صَفَّيْنِ. وَالْخَلَاءُ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَمْنَعُ، وَإِنْ وَسِعَ صُفُوفًا، لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ. 56 - وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَائِلِ بَيْنَهُمَا، وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ إذَا كَانَ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ إمَامِهِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فِنَاءُ الْمَسْجِدِ كَالْمَسْجِدِ إلَخْ. فِنَاءُ كُلِّ شَيْءٍ مَا أُعِدَّ لِمَصَالِحِهِ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: فِنَاءُ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً، وَلَا تَصِحُّ فِي دَارِ الضِّيَافَةِ إلَّا إذَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ: قِيلَ الْمَسَافَةُ الَّتِي تَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ فِي الصَّحْرَاءِ تَمْنَعُهُ فِي الْبَيْتِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْبَيْتِ كَالْمَسْجِدِ وَفِيهَا قَبْلَ هَذَا صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ فِي حَانِ الْقَاضِي، وَالْحَانُّ الْمَسِيلُ، وَالْبَابُ مُغْلَقٌ، يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ. وَهُوَ جَوَابُ الْقَاضِي حَكِيمٍ بِبُخَارَى.
(56)
قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَائِلِ بَيْنَهُمَا إلَخْ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: إنْ كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي حَائِطٌ، ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ، «لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ صَلَاتَهُ» . وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ عليه الصلاة والسلام، وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا وَعَلَيْهِ بَابٌ مَفْتُوحٌ أَوْ نَقْبٌ لَوْ أَرَادَ الْوُصُولَ إلَى الْإِمَامِ لَا يُمْكِنُهُ، وَلَكِنْ لَا يُشْبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ بِسَمَاعٍ أَوْ رُؤْيَةٍ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ بَابٌ مَسْدُودٌ أَوْ ثُقْبٌ مِثْلُ النَّحْرَةِ، وَلَوْ أَرَادَ الْوُصُولَ إلَى الْإِمَامِ لَا يُمْكِنُهُ لَكِنْ لَا يُشْبِهُ عَلَيْهِ حَالَ الْإِمَامِ، اخْتَلَفُوا فِيهِ. ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا الِاشْتِبَاهِ حَالُ الْإِمَامِ وَعَدَمُهُ لَا التَّمَكُّنُ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْإِمَامِ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ مُتَابَعَةٌ، وَمَعَ الِاشْتِبَاهِ لَا يُمْكِنُهُ الْمُتَابَعَةُ قَالَ فِي الْمُغْنِي قَوْلُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي نِصَابِ الْفِقْهِ: لَوْ اقْتَدَى خَارِجَ الْمَسْجِدِ
الْمُسَافِرُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ. 58 - إلَّا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ.
الْأَسِيرُ إذَا خَلَصَ يَقْضِي صَلَاةَ الْمُقِيمِينَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
فِي مَنْزِلِهِ بِإِمَامٍ فِي الْمَسْجِدِ، بَيْنَهُمَا حَائِطٌ وَهُوَ يَسْمَعُ كَلَامَ الْإِمَامِ جَازَ اقْتِدَاؤُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْحَائِطِ ثُقْبٌ يَسْمَعُ فِيهِ إنْسَانٌ، جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله، إنْ كَانَ لِلْحَائِطِ بَابٌ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ، وَإِنْ كَانَ مُغْلَقًا إذَا لَمْ يَخْفَ أَحْوَالُ الْإِمَامِ جَازَ أَيْضًا عَنْهُ. وَرُوِيَ عَنْهُ إنْ كَانَ الْحَائِطُ مُعْتَمِدًا وَقَدْ وَقَفَ عَلَى أَفْعَالِ الْإِمَامِ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا ذُكِرَ فِي الْبَقَّالِيِّ.
(57)
قَوْلُهُ: الْمُسَافِرُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: فَرْضُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ لِلْمُقِيمِ أَرْبَعًا، وَلِلْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ» فَإِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الْأُولَيَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْفَرْضَ، وَإِنْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ أَسَاءَ بِتَأْخِيرِ السَّلَامِ عَنْ مَحَلِّهِ (انْتَهَى) .
وَفِي سِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ لِسَعِيدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الَأَقْصُرَانِيِّ: أَنَّ الْمُسَافِرَ لَوْ افْتَتَحَ صَلَاةَ ظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ لَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى قَامَ الثَّالِثَةَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنْ رُكُوعِهِ، نَوَى الْإِقَامَةَ انْقَلَبَتْ صَلَاتُهُ صَلَاةَ الْمُقِيمِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ تَطَوُّعًا، فَيَكُونُ نَاقِصًا فَلَا يَنُوبُ عَنْ الْكَامِلِ وَلَوْ أَنَّهُ قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ انْقَلَبَتْ صَلَاتُهُ إلَى الْأَرْبَعِ وَفَرْضُهُ قَدْ تَمَّ، لَكِنْ يَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى حَتَّى تَكُونَ الرَّكْعَتَانِ نَافِلَةً. هَذَا كُلُّهُ إذَا قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْعُدْ، إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ، رُفِضَ ذَلِكَ وَعَادَ وَقَعَدَ وَتَشَهَّدَ، وَقَدْ تَمَّ فَرْضُهُ وَإِنْ قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ فَسَدَتْ فَرْضِيَّتُهُ وَيَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، وَتَكُونُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ نَفْلًا ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْفَرْضَ. دَلِيلُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَصْحَابُنَا: قَالُوا لِأَنَّهُ خَلَطَ الْمَكْتُوبَةَ بِالنَّافِلَةِ قَبْلَ إتْمَامِهَا. (58) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ إلَخْ. لَا يُقَالُ إذَا بَطَلَتْ بِتَرْكِ الْقَعْدَةِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا عِنْدَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ قَبْلَ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، لِأَنَّا نَقُولُ فَسَدَتْ فَسَادًا مَوْقُوفًا لَا بَائِنًا وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ
إلَّا إذَا رَحَلَ الْعَدُوُّ بِهِ إلَى مَكَان أَرَادَ الْإِقَامَةَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا 60 - فَيَقْضِيهَا صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ.
61 -
وَلِمَنْ بِهِ شَقِيقَةٌ بِرَأْسِهِ الْإِيمَاءُ.
62 -
لَوْ كَانَ الْمَرِيضُ بِحَالٍ لَوْ خَرَجَ إلَى الْجَمَاعَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ وَلَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ قَدَرَ عَلَيْهِ، الْأَصَحُّ أَنْ يَخْرُجَ وَيُصَلِّيَ قَاعِدًا 63 - لِأَنَّ الْفَرْضَ مُقَدَّرٌ بِحَالِهِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ وَعَلَى اعْتِبَارِهِ سَقَطَ الْقِيَامُ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا رَحَلَ الْعَدُوُّ بِهِ إلَى مَكَان إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ: مُسْلِمٌ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ. إنْ كَانَ مَسِيرَةُ الْعَدُوِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَقْصُرُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ يُتِمُّ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَهُ وَلَمْ يُخْبِرْهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الْعَدُوُّ مُسَافِرًا يَقْصُرُ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا يُتِمُّ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَسَرَهُ صَارَ تَحْتَ يَدِهِ وَقَهْرِهِ كَالْعَبْدِ (60) قَوْلُهُ: فَيَقْضِيهَا صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ إلَخْ. لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ الْقَضَاءُ يَحْكِي الْأَدَاءَ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْمُقِيمِينَ قَضَاهَا كَذَلِكَ فَالْإِطْلَاقُ غَيْرُ سَدِيدٍ
(61)
قَوْلُهُ: وَلِمَنْ بِهِ شَقِيقَةٌ بِرَأْسِهِ الْإِيمَاءُ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ: وَعِبَارَتُهَا أَخَذَهُ شَقِيقَةٌ وَلَا يُمْكِنُهُ السُّجُودُ يُومِي
(62)
قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْمَرِيضُ بِحَالٍ لَوْ خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ إلَخْ. فِي الْمُجْتَبَى وَغَيْرِهِ: لَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ، وَلَوْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ لَا يَقْدِرُ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إلَى الْجَمَاعَةِ وَيُصَلِّي قَاعِدًا هُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ حَالَةَ الْأَدَاءِ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَائِمًا. قَالَ: وَبِهِ يُفْتَى وَاخْتَارَ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي قَوْلًا ثَالِثًا وَهُوَ: إنَّهُ يَشْرَعُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الرُّكُوعِ يَقُومُ وَيَرْكَعُ. وَالْأَشْبَهُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ، بَلْ يُعَدُّ هَذَا عُذْرًا فِي تَرْكِهَا. (63) قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْضَ مُقَدَّرٌ بِحَالِهِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ إلَخْ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَيْسَ لَهُ مُحَصِّلٌ فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَرِيضٍ إنْ قَامَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ، وَإِنْ قَعَدَ قَدَرَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ وَيُرَاعِيهَا. 65 - قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ قَامَ بِقَدْرِهِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي مَرِيضٍ إنْ قَامَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ إلَخْ. فِي التُّمُرْتَاشِيِّ: إنْ صَلَّى قَائِمًا يَقْدِرُ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً، وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِمَا. قِيلَ: يَقُومُ وَيَقْرَأُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ ثُمَّ يُتِمُّ الْقِرَاءَةَ قَاعِدًا، وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ: لَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ قَدْرَ ثَلَاثِ آيَاتٍ سَاكِنًا ثُمَّ يَقْعُدُ، فَيَقْرَأُ هَذَا الْقَدْرَ، وَعَنْهُ يَقُومُ قَوْمَةً يَسِيرَةً. وَقَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ: يُجْزِيهِ أَنْ لَا يَقُومَ وَيَقْرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ قَاعِدًا. وَاتَّفَقُوا أَنَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: يَقُومُ وَيَقْرَأُ الْآيَةَ الْوَاحِدَةَ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله مِنْ الْقُصُورِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِمُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ مُرَاعَاةُ مَا ثَبَتَ قِرَاءَتُهُ فِي الصَّلَاةِ بِالسُّنَّةِ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ. هَذَا وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْمَرِيضِ الَّذِي يُبِيحُ الصَّلَاةَ قَاعِدًا. قِيلَ: أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَوْ قَامَ سَقَطَ مِنْ ضَعْفٍ، أَوْ دَوَرَانِ رَأْسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: أَنْ يَصِيرَ بِهِ صَاحِبَ فِرَاشٍ، وَقِيلَ: أَنْ لَا يَقُومَ بِحَوَائِجِهِ فِي أَمْرِ مَعَاشِهِ، وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْقِيَامِ ضَرَرٌ، وَكَذَا حَدُّ الْمَرَضِ الَّذِي يُسْقِطُ الْجُمُعَةَ وَيُبِيحُ الْإِفْطَارَ، وَحَدُّ الْمَرَضِ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَنْ يَخَافَ مِنْ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ زِيَادَةَ الْعِلَّةِ، أَوْ اشْتِدَادَ الْمَرَضِ، أَوْ امْتِدَادَهُ، وَفِي الْكِفَايَةِ: أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ الْوُضُوءَ بِنَفْسِهِ. وَقِيلَ: أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْمَشْيِ إلَّا أَنْ يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ وَقِيلَ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الصَّلَاةِ قَائِمًا وَحَدُّ الْمَرَضِ الَّذِي يُبِيحُ التَّوْكِيلَ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْمَشْيِ بِقَدَمِهِ، لَكِنَّهُ وَلَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ بِقَدَمِهِ يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ، أَوْ عَلَى ظَهْرِ الْإِنْسَانِ، فَإِنْ كَانَ يَزْدَادُ مَرَضُهُ بِذَلِكَ يُبَاحُ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَزْدَدْ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِمَا فِيهِ. كَذَا فِي شَرْحِ جَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. (65) قَوْلُهُ: قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ قَامَ بِقَدْرِهِ إلَخْ. فِي التُّمُرْتَاشِيِّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْقَاضِي عَنْ الْهِنْدُوَانِيِّ: لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مِقْدَارَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدَ فَيَقْرَأَ حَتَّى لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ خِفْتُ أَنْ لَا يَجُوزَ صَلَاتُهُ. وَفِي شَرْحِ الْحَلْوَانِيِّ عَنْ الْهِنْدُوَانِيِّ: لَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ دُونَ تَمَامِهِ، أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ دُونَ تَمَامِهَا، يُؤْمَرُ بِأَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا وَيَقْرَأَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدَ إنْ
إذَا كَرَّرَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَالْأَفْضَلُ الِاكْتِفَاءُ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ،
وَإِذَا كَرَّرَ اسْمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ــ
[غمز عيون البصائر]
عَجَزَ. قَالَ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ لَا يُرْوَى خِلَافَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا. وَلَوْ تَرَكَ هَذَا خِفْتُ أَنْ لَا يَجُوزَ صَلَاتُهُ. وَفِي شَرْحِ الْقَاضِي: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ مُسْتَوِيًا، قَالُوا: يَقُومُ مُتَّكِئًا لَا يُجْزِيهِ إلَّا ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ مُسْتَوِيًا قَالُوا: يَقُومُ مُتَّكِئًا لَا يَجْزِيهِ إلَّا ذَلِكَ.
(66)
قَوْلُهُ: إذَا كَرَّرَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ إلَخْ. الْأَصْلُ أَنَّ تِلَاوَةَ آيَةٍ فِي مَجْلِسٍ لَا تُوجِبُ إلَّا سَجْدَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى يَجْزِي فِيهَا التَّدَاخُلُ، بِخِلَافِ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ حَيْثُ يَجِبُ لِكُلِّ امْرِئٍ إذَا حَمِدَ الْعَاطِسُ، وَقِيلَ إلَى عَشْرٍ، وَلَوْ عَطَسَ فَشَمَّتَهُ، ثُمَّ عَطَسَ شَمَّتَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَفِي التَّفَارِيقِ لَا يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ إذَا تَابَعَ، وَإِنْ لَمْ يُشَمَّتْ إلَى ثَلَاثٍ كَفَاهُ مَرَّةً. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا عَطَسَ مِرَارًا شَمَّتَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، فَإِنْ أَخَّرَ كَفَاهُ مَرَّةً وَاحِدَةً
وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي، وَلَا رِوَايَةَ فِي تَكْرَارِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَكْرَارِ اسْمِهِ فِي مَجْلِسٍ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ: وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ حَقًّا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَمْ حَقًّا لَهُمَا؟ وَفِي شَرْحِ نُوبَاغِيٍّ: يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَلَكِنْ إنْ صَلَّى مَرَّةً فِي مَجْلِسٍ قَالُوا يَخْرُجُ عَنْ الْجَفَاءِ فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى ذُكِرَ مِرَارًا، ثُمَّ صَلَّى قَالُوا: إنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ يَخْرُجُ عَنْ الْجَفَاءِ وَظَاهِرُ الْجَوَابِ: إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ يَكْفِيهِ مَرَّةً وَإِنْ ذُكِرَ أَلْفَ مَرَّةٍ يَخْرُجُ عَنْ الْجَفَاءِ، وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ: أَجْمَعْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ يَكْفِيهِ مَرَّةً، وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ لَا يَكْفِيهِ، وَإِذَا تَرَكَ يَصِيرُ جَافِيًا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ: يُسْتَحَبُّ التَّكْرَارُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي السَّجْدَةِ لَا. وَلَوْ ذُكِرَ فِي مَجْلِسٍ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا تَنُوبُ الصَّلَاةُ عَلَى الْبَعْضِ عَنْ الْبَاقِينَ. وَكَذَا لَوْ عَطَسَ جَمَاعَةٌ شَمَّتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْمٍ، فَسَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَازَ عَنْهُمْ، وَإِنْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِمْ هَلْ يَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ؟ اخْتَلَفُوا. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا. أَمَّا رَدُّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ذُكِرَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ،
فَالْأَفْضَلُ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَفَاهُ وَاحِدَةٌ فِيهِمَا
68 -
وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ، 69 - وَلَا فِدْيَةَ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَلَا تَجِبُ فِيهِ التَّعَيُّنُ لَهَا، وَالسُّنَّةُ الْقِيَامُ لَهَا إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ سَجْدَةٍ.
إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ سَجْدَةٍ 70 - فَالْأَفْضَلُ الرُّكُوعُ لَهَا إنْ كَانَ فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ وَإِلَّا سَجَدَ لَهَا. يُكْرَهُ تَرْكُ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ التَّطَوُّعِ عَمْدًا، فَإِنْ سَهَا فَعَلَيْهِ السَّهْوُ، وَلَوْ ضَمَّهَا فِي أُخْرَى الْفَرْضُ سَاهِيًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَفِيهِ: قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ، تَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، سَجَدَ لِلْأُولَى أَوْ لَا. بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ لَوْ حُدَّ أَوْ كَفَّرَ، ثُمَّ عَادَ يُحَدُّ وَيُكَفِّرُ ثَانِيًا. وَقِيلَ إذَا سَجَدَ لِلْأُولَى ثُمَّ قَرَأَهَا يَلْزَمُهُ أُخْرَى (انْتَهَى) .
(67)
قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلَخْ. هَذَا خِلَافُ الْأَصَحِّ، قَالَ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبَةٌ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً، لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ. وَعَنْ الطَّحَاوِيِّ: أَنَّهُ يَجِبُ كُلَّمَا ذُكِرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَيْكَ بِهِ. وَاخْتَلَفَتْ الْأَقْوَالُ أَوْ اتَّفَقَتْ. وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَعْظِيمِ اللَّهِ عز وجل كُلَّمَا ذُكِرَ، كَمَا فِي الْمُجْتَبَى (انْتَهَى) .
وَفِي تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَتَدَاخَلُ، وَالثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ عز وجل يَتَدَاخَلُ (انْتَهَى) .
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ (انْتَهَى)
(68)
قَوْلُهُ: وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ إلَخْ. قُلْتُ: لَكِنْ يُكَبِّرُ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا يُكَبِّرُ فِي سَجْدَةِ الصَّلَاةِ، وَيُسَبِّحُ وَلَا يُسَلِّمُ، لِأَنَّ السَّلَامَ لِلْخُرُوجِ عَنْ التَّحْرِيمَةِ وَلَا تَحْرِيمَةَ لَهَا. كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (69) قَوْلُهُ: وَلَا فِدْيَةَ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ إلَخْ. كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَسْجُدْ لَهَا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ لَا جَابِرَ لَهَا وَلَا يَظْهَرُ غَيْرُ ذَلِكَ.
(70)
قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ الرُّكُوعُ لَهَا إنْ كَانَ فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتْلُوَهَا فِي صَلَاةٍ يُخَافِتُ فِيهَا وَيَسْجُدَ لَهَا، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهِ الْأَمْرِ
لَا يَسْجُدُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
72 -
لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّافِعِيِّ فِي الْوَتْرِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْطَعُهُ. الْقُرْآنُ يَخْرُجُ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِقَصْدِ الثَّنَاءِ؛ فَلَوْ قَرَأَ الْجُنُبُ الْفَاتِحَةَ بِقَصْدِ الثَّنَاءِ لَمْ يَحْرُمْ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
عَلَى النَّاسِ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ نَسِيَ الرُّكُوعَ وَسَجَدَ فَلَا يُتَابِعُهُ فَإِنْ فَعَلَ وَسَجَدَ تَابَعُوهُ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُ. (71) قَوْلُهُ: لَا يَسْجُدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(72)
قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّافِعِيِّ فِي الْوَتْرِ إلَخْ. هَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ: أَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّافِعِيِّ فِي الْوَتْرِ، إنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَعَدَمُهَا إنْ سَلَّمَ وَأَمَّا مَاهَا فَنَقَلَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ عَنْ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِي الْوَتْرِ بِالشَّافِعِيِّ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَهُوَ يُفِيدُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فَصَلَ أَوْ وَصَلَ، وَرَدَّهُ بِأَنْ اشْتَرَطَ الْمَشَايِخُ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْحَنَفِيِّ فِي الْوَتْرِ، بِالشَّافِعِيِّ مُقَيَّدٌ لِصِحَّتِهِ إذَا لَمْ يَفْصِلْ اتِّفَاقًا. وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، مُشِيرًا إلَى أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ أَنْ لَا يُفَضِّلَ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْفَصْلِ، لَا مُطْلَقًا مُعَلِّلًا بِأَنَّ اعْتِقَادَ الْوُجُوبِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْحَنَفِيِّ. قَالَ: وَيَشْهَدُ لِلشَّارِحِ مَا فِي السِّرَاجِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْعِيدَيْنِ صَحِيحٌ وَلَمْ يُرَ. وَفِيهِ خِلَافٌ مَعَ أَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَوَاجِبٌ عِنْدَنَا. وَذَكَرَ أَبُو بَكْر الرَّازِيّ: أَنَّ اقْتِدَاءَ الْحَنَفِيِّ فِي الْوَتْرِ بِمَنْ يُسَلِّمُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ يَجُوزُ، وَيُصَلِّي مَعَهُ بَقِيَّةَ الْوَتْرِ لِأَنَّ إمَامَهُ لَمْ يَخْرُجْ بِسَلَامِهِ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ قَدْ رَعَفَ وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ، لِأَنَّ طَهَارَةَ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّهِ وَهُوَ مُجْتَهِدٌ فِيهِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ، فِي فَصْلِ الرَّعَّافِ وَالْحِجَامَةِ، وَبِهِ أَخَذَ الْأَكْثَرُ إلَّا إذَا رَآهُ احْتَجَمَ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ، فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ لِجَوَازِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، وَقِيلَ إذَا سَلَّمَ فِي الْوَتْرِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ قَامَ الْمُقْتَدِي وَأَتَمَّ وَحْدَهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ فِي جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّافِعِيِّ وَنَحْوِهِ قِيلَ: مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ عَلَى رَأْيِ الْمُبْتَلِي بِهِ
وَلَوْ قَصَدَ بِهَا الثَّنَاءَ فِي الْجِنَازَةِ لَمْ يُكْرَهْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ: الَّذِي يَمِيلُ إلَيْهِ خَاطِرِي الثَّانِي، كَمَا يَشْهَدُ بِهِ ذَوُو الْأَلْبَابِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ. هَذَا زُبْدَةُ مَا ذَكَرُوا فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْكَلَامِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ خَطَأُ مَا زَعَمَهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الْأَرْوَامِ الْمُتَعَاطِينَ لِلْوَعْظِ بَيْنَ الْأَنَامِ مِنْ فَسَادِ اقْتِدَاءِ الْحَنَفِيِّ بِالشَّافِعِيِّ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ إذْ الْحَنَفِيُّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا، وَالشَّافِعِيُّ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّتَهَا، وَمَا دَرَى هَذَا الْجَهُولُ الْعَارِي مِنْ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ أَنَّ وَجْهَ صِحَّةِ ذَلِكَ؛ هُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ مُتَّحِدَةٌ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِقَادِ، وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى السَّدَادِ فِيهِ، عَلَى ذَلِكَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَوِي الْفَضْلِ وَالْإِتْقَانِ.
(73)
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ بِهَا الثَّنَاءَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَمْ يُكْرَهْ إلَخْ. أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْقُرْآنِيَّةَ يُكْرَهُ، قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالتَّجْنِيسِ: لَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ يَعْنِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لَا تَجُوزُ، لِأَنَّهَا مَحَلُّ الدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ (انْتَهَى) .
وَفِي الِاخْتِيَارِ: وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، أَمَّا بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ فَمَكْرُوهٌ (انْتَهَى) .
يَعْنِي تَحْرِيمًا كَمَا يُفِيدُهُ تَعْبِيرُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ، بِعَدَمِ الْجَوَازِ، قَالَ شَيْخُنَا فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالنَّظْمِ الْمُسْتَطَابِ: لِحُكْمِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأُمِّ الْكِتَابِ: دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ النَّصِّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقِرَاءَةِ، وَالنَّصِّ عَلَى كَرَاهَتِهَا، يَعْنِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا الْحَنَفِيَّةِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَلَمْ أَرَ نَصًّا قَاطِعًا لِلْمَنْعِ مُقْتَضِيًا لِعَدَمِ جَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَفِي التَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ يَجِبُ التَّحْمِيدُ وَلَوْ قَرَأَ فِيهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ جَازَ وَلَوْ كَانَ سَاكِتًا تَجُوزُ صَلَاتُهُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَيْ إلَى آخِرِ السُّورَةِ، جَازَ (انْتَهَى) .
ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا نَصٌّ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ قَالَ وَمِنْ الْفُرُوعِ الَّتِي نُصَّ فِيهَا عَلَى اسْتِحْبَابِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، مَسُّ الذَّكَرِ، وَمَسُّ الْمَرْأَةِ، وَأَكْلُ لَحْمِ جَزُورٍ. فَيُعَادُ بِهَا الْوُضُوءُ اسْتِحْبَابًا وَقَهْقَهَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّجْعَةُ بِالْقَوْلِ لِإِيجَابِهَا عَنْ مُجْتَهِدٍ، وَصِيغَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبِيَاعَاتِ دُونَ التَّعَاطِي، فَبِذَلِكَ تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ الْمُقْتَضِي لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِدُونِ قِرَاءَتِهَا مَعَ مُوَافَقَةِ كُتُبِ الْأُصُولِ عِنْدَنَا، عَلَى سُنِّيَّتِهَا فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ، هَذَا مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَا يَحْلُو لَهَا. انْتَهَى كَلَامُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ.
إلَّا إذَا قَرَأَ الْمُصَلِّي قَاصِدًا الثَّنَاءَ فَإِنَّهَا تُجْزِيهِ.
75 -
لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ فِي حَقِّ سُقُوطِهَا. 76 - إذَا أَرَادَ فِعْلَ طَاعَةٍ وَخَافَ الرِّيَاءَ لَا يَتْرُكُهَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَرَأَ الْمُصَلِّي إلَخْ. أَيْ فِي الصَّلَاةِ الْكَامِلَةِ وَهِيَ ذَاتُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: الْقُرْآنُ يَخْرُجُ مِنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِقَصْدِ الثَّنَاءِ وَكَانَ مُقْتَضَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ أَنْ يَقُولَ: فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِقَصْدِ الثَّنَاءِ فَتُجْزِيهِ الْقِرَاءَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِرَاءَة إذَا كَانَتْ فِي مَحَلِّهَا لَا يَتَغَيَّرُ بِالْعَزِيمَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لَا تُجْزِيهِ كَمَا فِي التَّوْشِيحِ. لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى قَصْدِ الثَّنَاءِ جَازَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ وَجَدَ الْقِرَاءَةَ فِي مَحَلِّهَا فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهَا بِقَصْدِهِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْأُولَيَيْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُخْرَيَيْنِ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ فِي رَكْعَتَيْنِ غَيْرِ عَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَاجِبَةً (انْتَهَى) .
وَنَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا فِيمَا إذَا قَرَأَ عَلَى قَصْدِ الدُّعَاءِ أَنَّهَا لَا تَنُوبُ.
(75)
قَوْلُهُ: لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ فِي حَقِّ سُقُوطِهَا إلَخْ. قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ: لَوْ صَلَّى رِيَاءً لَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْوِزْرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْفُرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَجْرَ لَهُ، وَلَا وِزْرَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ. كَذَا فِي سَيْرِ الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَ فِي قَلْبِهِ الرِّيَاءُ فَالصَّلَاةُ عَلَى مَا أَسَرَّ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَمَّا يَعْرِضُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ. وَقِيلَ: الرِّيَاءُ لَا يَدْخُلُ فِي صَوْمِ الْفَرِيضَةِ، وَفِي سَائِرِ الطَّاعَاتِ يَدْخُلُ كَذَا فِي تَتِمَّةِ الْوَاقِعَاتِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَا يَدْخُلُ الرِّيَاءُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُسْتَقِيمُ. إذْ بِدُخُولِ الرِّيَاءِ لَا يَفُوتُ أَصْلُ الثَّوَابِ وَإِنَّمَا تُبْطِلُ تَضَاعُفَ الثَّوَابِ. كَذَا فِي مُتَفَرِّقَاتِ صَلَاةِ الذَّخِيرَةِ. أَقُولُ: مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ مِنْ أَنَّ إيتَاءَ الزَّكَاةِ فِي السِّرِّ أَفْضَلُ. قَالُوا لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ. ذَكَرَ ذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْخَامِسِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى فَائِدَةَ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّ سُقُوطِهَا ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (76) قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ فِعْلَ طَاعَةٍ وَخَافَ الرِّيَاءَ لَا يَتْرُكُهَا إلَخْ. نَظِيرُ هَذَا مَا فِي
قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ الْمُهِمَّاتِ عَقِبَ الْمَكْتُوبَةِ بِدْعَةٌ.
78 -
الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ جَهْرًا مَكْرُوهَةٌ وَسِرًّا لَا. وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَلَا يُكْرَهُ لِمُحْدِثٍ مَسُّ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَضْعُ الْمِقْلَمَةِ عَلَى الْكِتَابِ مَكْرُوهٌ إلَّا لِأَجْلِ الْكِتَابَةِ، وَضْعُ الْمُصْحَفِ تَحْتَ رَأْسِهِ مَكْرُوهٌ إلَّا لِأَجْلِ الْحِفْظِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْمُلْتَقَطِ الدُّعَاءُ مَعَ الرِّقَّةِ أَفْضَلُ وَلَا يَتْرُكُ الدُّعَاءَ لِأَجْلِ سَهْوِ الْقَلْبِ (انْتَهَى) .
وَقَدْ سُئِلَ الْعَارِفُ الْمُحَقِّقُ شِهَابُ الدِّينِ السُّهْرَوَرْدِيّ عَمَّا نَصُّهُ: يَا سَيِّدِي إنْ تَرَكْتُ الْعَمَلَ أَخْلَدْتُ إلَى الْبَطَالَةِ وَإِنْ عَمِلْتُ دَاخَلَنِي الْعُجْبُ فَأَيُّهُمَا أَوْلَى؟ فَكَتَبَ جَوَابَهُ: اعْمَلْ وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ مِنْ الْعُجْبِ.
(77)
قَوْلُهُ: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ الْمُهِمَّاتِ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَةِ بِدْعَةٌ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْحَادِي عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَعِبَارَتُهَا: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَقِيبَ الْمُكْتَوِيَةِ بِدْعَةٌ
(78)
قَوْلُهُ: الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ جَهْرًا مَكْرُوهَةٌ وَسِرًّا لَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ إلَخْ. هَكَذَا فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَيَّدَهُ فِي الْمُلْتَقَطِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ طَاهِرًا وَالْعَوْرَةُ مَسْتُورَةً. وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ التَّسْبِيحَ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَرِهَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمَخْرَجِ وَالْحَمَّامِ. وَكَذَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْحَمَّامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ طَاهِرًا وَالْعَوْرَةُ مَسْتُورَةً (انْتَهَى) .
وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ سِرًّا أَوْ جَهْرًا. وَكَأَنَّ الْإِمَامَ الْعَيْنِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا فَقَالَ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ مُطْلَقًا يَعْنِي لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا لِأَنَّ مَنْ يَكْرَهُهَا جَهْرًا يَسْتَدِلُّ بِأَنَّهُ مَوْضِعُ الشَّيَاطِينِ وَقَدْ قُلْنَا إنَّ جَمِيعَ الْمَوَاضِعِ لَا تَخْلُو عَنْهُمْ فَيَلْزَمُ أَنْ تُكْرَهَ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَذَا الْكَلَامُ فِي غَايَةِ النَّفَاسَةِ. أَقُولُ: هَذَا الْكَلَامُ فَاسِدُ التَّأْسِيسِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ نَفِيسًا لِأَنَّ سَائِرَ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْلُو عَنْهُمْ لَكِنَّ الْحَمَّامَ مِنْ مَوَاطِنِ فِرَارِهِمْ وَمَحَلِّ شِرَارِهِمْ لِكَوْنِهِ مَوْضِعَ إزَالَةِ الْأَحْدَاثِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالْمُرَادُ بِالْجَهْرِ هُنَا أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ لَا نَفْسَهُ فَقَطْ.
79 -
لَا يَنْبَغِي تَأْقِيتُ الدُّعَاءِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ.
80 -
يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ فِي صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَصَلَاةِ الْبَرَاءَةِ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ، إلَّا إذَا قَالَ نَذَرْتُ رَكْعَةَ كَذَا بِهَذَا الْإِمَامِ بِالْجَمَاعَةِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَالَ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ: الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ هُوَ لَا تُكْرَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ فَلْتَحْفَظْ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ فَقَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إنْ كَانَ فِي الْحَمَّامِ صُوَرٌ وَتَمَاثِيلُ تُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ الْمَوْضِعُ طَاهِرًا لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ قَالُوا وَكَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ بُخَارَى يَفْعَلُونَ ذَلِكَ (انْتَهَى) .
وَمَسْلَحُ الْحَمَّامِ الْمَكَانُ الَّذِي تُوضَعُ فِيهَا الثِّيَابُ كَذَا فِي الْقَوْلِ التَّامِّ فِي أَدَبِ دُخُولِ الْحَمَّامِ لِابْنِ الْعِمَادِ.
قَوْلُهُ: لَا يَنْبَغِي تَأْقِيتُ الدُّعَاءِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ إلَخْ. تَأْقِيتُ الدُّعَاءِ يَدْعُو بِدُعَاءٍ مَحْفُوظٍ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الثَّامِنِ: الْمُصَلِّي يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ بِدُعَاءٍ مَحْفُوظٍ لَا بِمَا يَحْضُرُهُ لِأَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ. فَأَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ بِمَا يَحْضُرُهُ وَلَا يَسْتَظْهِرُ الدُّعَاءَ لِأَنَّ حِفْظَ الدُّعَاءِ يَمْنَعُهُ عَنْ الرِّقَّةِ (انْتَهَى) .
وَذَكَرَ فِي التَّاسِعِ أَنَّ الدُّعَاءَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُحِبُّ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ مَا يُحِبُّ الْعَرَبِيَّةَ (انْتَهَى) .
وَلَفْظُ " مَا يَنْبَغِي " يُقَالُ فِي الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ وَيُقَالُ: يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا أَيْ طَاوَعَك وَانْقَادَ لَكَ فِعْلُ كَذَا وَهُوَ لَازِمٌ بَقِيَ يُقَالُ بَغَيْتُهُ فَانْبَغَى كَمَا يُقَالُ كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ. وقَوْله تَعَالَى {وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] أَيْ لَا يَصْلُحُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ نَقَلَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ مِنْ الْهِدَايَةِ: وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَعْذُرُوا وَلَا يَغُلُّوا وَلَا يُمَثِّلُوا، وَالْمُثْلَةُ الْمَرْوِيَّةُ فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ مَنْسُوخَةٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ يَنْبَغِي لِلْوُجُوبِ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ: يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَتَصَدَّقَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَا يَأْثَمُ فَلَفْظُ يَنْبَغِي لِلْأَوْلَى وَلَفْظُ لَا يَنْبَغِي لَا يَسْتَلْزِمُ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ. فَقَدْ قَالُوا إنَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ فِي رَكْعَتَيْنِ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. كَذَا فِي مَجْمُوعَةِ الْعُلُومِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْهَرَوِيِّ حَفِيدِ الْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيِّ.
(80)
قَوْلُهُ: يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ فِي صَلَاةِ الرَّغَائِبِ إلَخْ. وَصَلَاةُ الرَّغَائِبِ هِيَ الَّتِي
كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
تَعَدُّدِ السَّهْوِ لَا يُوجِبُ تَعَدُّدَ السُّجُودِ إلَّا فِي الْمَسْبُوقِ. يُكْرَهُ الْأَذَانُ قَاعِدًا إلَّا لِنَفْسِهِ. الْإِسْفَارُ بِالْفَجْرِ أَفْضَلُ إلَّا بِمُزْدَلِفَةَ لِلْحَاجِّ. تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ مَكْرُوهٌ إلَّا فِي السَّفَرِ أَوْ عَلَى مَائِدَةٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
تُفْعَلُ فِي رَجَبٍ فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْهُ وَصَلَاةُ الْبَرَاءَةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ الشَّعْبَانِ وَإِنَّمَا كَرِهَ الِاقْتِدَاءَ فِي صَلَاةِ الرَّغَائِبِ، وَمَا ذَكَرَ بَعْدَهَا لِأَنَّ أَدَاءَ النَّفْلِ بِجَمَاعَةٍ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي مَكْرُوهٌ، إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ قَالَ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ: وَقَدْ حَدَثَتْ صَلَاةُ الرَّغَائِبِ بَعْدَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَقَدْ صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ كُتُبًا فِي إنْكَارِهَا وَذَمِّهَا وَتَسْفِيهِ فَاعِلِهَا وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الْفَاعِلِينَ لَهَا فِي كَثِيرِ مِنْ الْأَمْصَارِ قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ كَرَاهَةُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَأَنَّهَا بِدْعَةٌ وَمَا يَحْتَالُهُ أَهْلُ الرُّومِ مِنْ نَذْرِهَا لِتَخْرُجَ عَنْ النَّفْلِ الْكَرَاهَةُ فَبَاطِلٌ وَقَدْ أَوْضَحَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَأَطَالَ فِيهِ إطَالَةً حَسَنَةً كَمَا هُوَ دَأْبُهُ (انْتَهَى) . وَقَدْ صَنَّفَ فِيهَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ تَصْنِيفًا حَسَنًا سَمَّاهُ رَدْعَ الرَّاغِبِ عَنْ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْهَا وَعَنْ صَلَاةِ الْبَرَاءَةِ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ عَامَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَأَلْفٍ حِينَ ظَهَرَ مُبْتَدِعٌ يَدْعُو جَهَلَةَ الْأَرْوَامِ وَغَيْرَهُمْ إلَى فِعْلِهَا وَيَزْعُمُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ وَخَوَاصَّ التَّابِعِينَ قَدْ صَلَّوْهَا جَهْلًا مِنْهُ وَطَمَعًا فِي حُطَامِ الدُّنْيَا فَحَرَّرْتُ فِي ذَلِكَ تَحْرِيرًا طَوِيلًا حَسَنًا أَحَطْتُ فِيهِ بِغَالِبِ كَلَامِ فُضَلَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيُطَالِعْهُ. (81) قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّفَ بِذَلِكَ لِأَمْرٍ مُبْتَدَأٍ (انْتَهَى) .
يَعْنِي وَهَذَا خَلَلٌ فِي النَّقْلِ لَا يَلِيقُ مِنْ أَمْثَالِهِ وَلَا مِمَّنْ جَرَى عَلَى مِنْوَالِهِ