الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَرَجَ عَنْهَا مِنْهُ بَاطِلٌ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ فِي الْقَوَاعِدِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ ابْنَ الْوَاقِفِ مِنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَوَلَّى غَيْرَهُ بِلَا خِيَانَةٍ لَمْ يَصِحَّ، كَمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مِنْ الْوَقْفِ، وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْقَضَاءِ. 299 - وَلَوْ عَيَّنَ لِلنَّاظِرِ مَعْلُومًا وَعَزَلَ، نَظَرَ الثَّانِي إنْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ لَهُ بِقَدْرِ أَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ دُونَهُ أَجْرَاهُ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَإِلَّا جَعَلَ لَهُ أَجْرَ الْمِثْلِ وَحَطَّ الزِّيَادَةَ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا. 300 -
وَمِنْهَا حُرْمَةُ إحْدَاثِ تَقْرِيرِ فِرَاشِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ أَنَّ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي الَّذِي لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعُهْدَةِ، وَنَقَلْنَا هُنَاكَ فَرْعًا مِنْ فَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ؛ طَالَبَ الْقَيِّمُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى، فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ. (انْتَهَى) .
لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِقْرَاضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لِلْقَاضِي الْإِقْرَاضُ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ.
وَفِي الْكَافِي مِنْ الشَّهَادَاتِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
[تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ]
قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ لِلنَّاظِرِ مَعْلُومًا وَعَزَلَ إلَخْ.
أَيْ عَيَّنَ الْقَاضِي وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ لَهُ مَعْلُومًا فَعَيَّنَ لِلنَّاظِرِ الْأَوَّلِ مَعْلُومًا.
بَقِيَ لَوْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ لَهُ مَعْلُومًا زَائِدًا عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ هَلْ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَحُطَّ مِنْهُ مَا زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ أَمْ يَتْبَعَ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مَحَلُّ نَظَرٍ. (300) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا حُرْمَةُ إحْدَاثِ تَقْرِيرِ فِرَاشٍ.
أَيْ مِمَّا خَرَجَ عَنْ الْمَصْلَحَةِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، فَكَانَ بَاطِلًا.
وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِذِكْرِ الْحُرْمَةِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ الشَّيْءِ بُطْلَانُهُ.
عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُهَا
الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُحْضَرَ مُسَخَّرٌ لَا يَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ.
وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ.
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
شَهِدَا عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَالْأُولَى أَوْلَى.
تَنَازَعَا فِي وَلَاءِ رَجُلٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَبَرْهَنَ كُلٌّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ 302 - فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا.
كَمَا لَوْ بَرْهَنَا عَلَى نَسَبِ وَلَدٍ كَانَ بَيْنَهُمَا.
وَأَيُّ بَيِّنَةٍ سِيقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُحْضَرَ مُسَخَّرٌ إلَخْ.
وَذَلِكَ بِأَنْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى آخَرَ وَالْقَاضِي يَعْلَمُ أَنَّهُ مُسَخَّرٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لَا تُسْمَعُ الْخُصُومَةُ.
وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إشَارَةٌ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ جَائِزَةٌ، حَيْثُ قَالَ: وَكِيلٌ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ الْوَكَالَةَ بِالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ مَعَهُ خَصْمٌ يَدَّعِي عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ بَيِّنَةٌ قَامَتْ عَلَى الْغَائِبِ وَلَيْسَ عَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ، فَإِنْ أَحْضَرَ خَصْمًا وَادَّعَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ بِالْكُوفَةِ، وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْوَكَالَةِ جَازَ، وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَكِيلًا فِيمَا شَهِدَتْ لَهُ الشُّهُودُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى الْغَائِبِ لِلْقَضَاءِ بِهَا وَعَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْحَاضِرِ الَّذِي يَجْحَدُ الْوَكَالَةَ وَبَيْنَ الْغَائِبِ اتِّصَالًا بِسَبَبِ الْمُدَايِنَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمَا وَفِي هَذَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، فَيَقُومُ إنْكَارُ الْحَاضِرِ مَقَامَ إنْكَارِ الْغَائِبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ فَكَانَ عَنْ الْغَائِبِ خَصْمٌ حَاضِرٌ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ.
قَالَ مَشَايِخُنَا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ جَائِزَةٌ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا رحمه الله قَالَ: فِي الْأَصْلِ وَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا يَدَّعِي أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقًّا وَلَمْ يَقُلْ: أَحْضَرَ رَجُلًا لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ حَقٌّ.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ مُسَخَّرًا يَدَّعِي قِبَلَهُ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ مُنْكِرٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ.
لَكِنْ قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ مُسَخَّرٌ أَمَّا إذَا عَلِمَ لَا، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
(302)
قَوْلُهُ:
فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا.
قِيلَ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَحَدُ التَّارِيخَيْنِ سَابِقٌ إذْ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ السَّابِقِ
سُئِلَ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ عَنْ الثَّمَنِ؛ فَقَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَمْ تُقْبَلْ.
وَبِالنِّكَاحِ عَنْ الْمَهْرِ؛ فَقَالُوا: لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ، كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ
304 -
الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِجَوَازِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ، 305 - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى
306 -
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: شَهِدَا بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ، وَقَالَا: لَا نَدْرِي أَكَانَ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ 307 - فَهُوَ عَلَى الْمَرَضِ، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ: كَانَ يَهْذِي؛ يُصَدَّقُ حَتَّى
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: سُئِلَ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ عَنْ الثَّمَنِ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ.
أَقُولُ: كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ تَحَقُّقٌ بِدُونِ الْمَهْرِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لَا تَحَقُّقَ لَهُ بِدُونِ الثَّمَنِ.
هَكَذَا ظَهَرَ لِي
(304)
قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِجَوَازِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ
أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ التَّعْرِيفِ أَوْ لَا.
وَفِي الْمُحِيطِ: يَجُوزُ عِنْدَ التَّعْرِيفِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَقَالُوا: التَّعْرِيفُ الْوَاحِدُ كَافٍ وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ خُوَاهَرْ زَادَهْ.
وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا بِدُونِ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْأُوزْجَنْدِيّ وَغَيْرُهُ.
كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(305)
قَوْلُهُ:
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ.
يَعْنِي إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا أَنْ لَيْسَ وَرَاءَ الْجِدَارِ غَيْرُهَا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
(306)
قَوْلُهُ:
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهِدَا بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إلَخْ.
ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ، وَذَكَرَ فِي نَوْعٍ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ بَرْهَنَ عَلَى إعْتَاقِ مَوْلَاهُ فِي الْمَرَضِ، فَادَّعَى الْوَارِثُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتِقَ كَانَ يَهْذِي وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، إنْ لَمْ يُقِرَّ الْوَارِثُ بِالْعِتْقِ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ الْوَارِثُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَهْذِي وَقْتَ الْإِعْتَاقِ. (انْتَهَى) .
(307)
قَوْلُهُ:
فَهُوَ عَلَى الْمَرَضِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْحَوَادِثَ تُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَزْمِنَةِ كَمَا ذَكَرُوا فِي مَوَاضِعَ
يَشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ
وَفِي الْخِزَانَةِ: قَالَا: هُوَ زَوْجُ الْكُبْرَى، لَكِنْ لَا نَدْرِي الْكُبْرَى، نُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْكُبْرَى هَذِهِ.
شَهِدَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَلَا نَعْلَمُ هَلْ هِيَ فِي الْحَالِ امْرَأَتُهُ أَمْ لَا؟ .
أَوْ شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ هَذَا الْعَيْنَ، وَلَا نَدْرِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ فِي مِلْكِهِ فِي الْحَالِ أَمْ لَا؟ يُقْضَى بِالنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ فِي الْحَالِ بِالِاسْتِصْحَابِ.
وَالشَّاهِدُ فِي الْعَقْدِ شَاهِدٌ فِي الْحَالِ. (انْتَهَى)
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْجَامِعِ: الشَّاهِدُ عَايَنَ دَابَّةً تَتْبَعُ دَابَّةً وَتَرْتَضِعُ، لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ. (انْتَهَى) .
لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ 309 - إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الدَّعْوَى مِنْ الشَّرْحِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَقَالَ فِيهِ: إنَّهَا مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ وَغَرَائِبِهِ فَيَجِبُ حِفْظُهَا.
ــ
[غمز عيون البصائر]
(308) قَوْلُهُ:
يُقْضَى بِالنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ فِي الْحَالِ بِالِاسْتِصْحَابِ إلَخْ.
لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ ثَابِتٍ دَوَامُهُ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ تَعَلُّقِ حَرْفَيْنِ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ، وَالْجَوَابُ أَنْ يُعْتَبَرَ تَعَلُّقُ الثَّانِي بِالْعَامِلِ بَعْدَ تَعَلُّقِهِ بِالْأَوَّلِ
(309)
قَوْلُهُ:
إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الدَّعْوَى مِنْ الشَّرْحِ إلَخْ.
وَهِيَ لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: كَانَتْ قِيمَةُ ثَوْبِي مِائَةً. وَقَالَ الْغَاصِبُ: مَا أَدْرِي مَا قِيمَتُهُ وَلَكِنْ عَلِمْت أَنَّ قِيمَتَهُ لَمْ تَكُنْ مِائَةً.
فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ، فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ يَحْلِفُ عَلَى مَا يَدَّعِي عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الزِّيَادَةِ، فَإِنْ حَلَفَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ قِيمَةَ ثَوْبِهِ مِائَةٌ يَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ مِائَةً، فَإِذَا أَخَذَ ثُمَّ ظَهَرَ الثَّوْبُ فَالْغَاصِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِالثَّوْبِ وَسَلَّمَ الْقِيمَةَ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ
اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ خَمْسَةٍ: الْقِمَارُ عَلَيْهِ، وَكَثْرَةُ الْحَلِفِ عَلَيْهِ، وَإِخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِسَبَبِهِ، وَاللَّعِبُ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ، وَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ الْفِسْقِ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ
الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ فِي الْمَنْقُولِ، 311 - وَأَمَّا فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ فَلَا فَرْقَ كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ
312 -
شَهَادَةُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ مَقْبُولَةٌ، إلَّا بِزِنَاهَا وَقَدْ قَذَفَهَا كَمَا فِي حَدِّ الْقَذْفِ، وَفِيمَا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهَا بِأَنَّهَا أَمَةٌ لِرَجُلٍ يَدَّعِيهَا فَلَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
الثَّوْبَ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْحَصْرُ مَمْنُوعٌ لِمَا فِي الْبَدْرِيَّةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُتُبِ الْمَذْهَبِيَّةِ: إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ الْبَيْعِ وَلَا بَيِّنَةَ تَحَالَفَا وَبُدِئَ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بَيْعَ عَيْنٍ بِدَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ بَيْعَ عَيْنٍ بِعَيْنٍ أَوْ بَيْعَ ثَمَنٍ بِثَمَنٍ يَبْدَأُ الْقَاضِي بِيَمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ تَقَابَلَا وَقَبْلَ قَبْضِهَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ أَوْ فِيهِمَا قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فِي الْمُدَّةِ تَحَالَفَا. (انْتَهَى)
(310)
قَوْلُهُ:
اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ.
يُقْرَأُ بِالسِّينِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ يَنْظُرُ إلَى لَاعِبِ الشِّطْرَنْجِ، فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا
(311)
قَوْلُهُ:
وَأَمَّا فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ فَلَا.
تَقْدِيرُهُ: وَأَمَّا الْغَصْبُ فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ فَيُفِيدُ تَحَقُّقَ الْغَصْبِ فِيهِمَا؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ.
وَأَمَّا التَّعَدِّي فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ وَلَازِمُهُ كَوْنُ الْغَصْبِ أَخَصَّ مِنْ التَّعَدِّي
(312)
قَوْلُهُ:
شَهَادَةُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ مَقْبُولَةٌ إلَّا بِزِنَاهَا وَقَدْ قَذَفَهَا.
قِيلَ: وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى رِدَّتِهَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تُقْبَلُ.
وَهَذَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ وَبَعْدَ الْإِبْرَاءِ.
وَالْمُدَّعِي يَقُولُ: أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْخَانِيَّةِ
314 -
تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: فِيمَا إذَا شَهِدَ نَصْرَانِيٌّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ، حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالْمُدَّعِي يَقُولُ: أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ.
قِيلَ: هُوَ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَجْهُ الْقَوْلِ حِينَئِذٍ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ.
فَإِنَّ إذْنَ السَّيِّدِ فِي النِّكَاحِ سَبَبُ نُفُوذِهِ وَبِهِ يَتَقَرَّرُ صِحَّةُ مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ الزَّوْجَ بِالْمَهْرِ، إذْ هُوَ حَقُّهُ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ دَفْعُهُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ بِالدَّفْعِ إلَيْهَا وَفِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ مَا لَا يَخْفَى، فَتَنْتِفِي التُّهْمَةُ بِذَلِكَ.
وَرُبَّمَا يُقَالُ: التُّهْمَةُ مُنْتَفِيَةٌ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا قَالَ: أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ.
وَلِلسَّيِّدِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِيهِ غَايَةُ الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجِ، فَقَضِيَّتُهُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِهَذَا الْوَجْهِ؛ وَمَفْهُومُ الْقَيْدِ عَدَمُ قَبُولِهَا.
وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ الْمَفْهُومَ مُعْتَبَرٌ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ
(314)
قَوْلُهُ:
تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ إلَى قَوْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ فِيمَا إذَا شَهِدَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ وَلَا شَهَادَةَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ. (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَبُولِ فِي الذِّمِّيَّةِ أَيْضًا، وَقَدْ فَرَّقَ فِي الْوَافِي بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي الذِّمِّيِّ بِخِلَافِهَا وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ عَدَمَ قَبُولِهَا وَهُوَ مَيِّتٌ، وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَبُولِ الْقَتْلُ بَلْ تُقْبَلُ لِلْجَبْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا تُقْبَلُ عَلَى الذِّمِّيَّةِ.
كَمَا هُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ.
فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَا تُقْبَلُ فَلَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ، وَلِأَنَّهُ فَرْقٌ بِالْحُكْمِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ، وَوَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الذِّمِّيِّ وَعَلَّلَهُ بِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَفِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَيْ مَسْأَلَةِ الذِّمِّيِّ وَمَسْأَلَةِ الذِّمِّيَّةِ وَفِي شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَيْنِ وَشَهَادَةِ الذِّمِّيَّيْنِ خِلَافٌ فَرَاجِعْهُ.
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ، وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقُولُ يَلْزَمُ مِنْ الْقَبُولِ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وَلِذَا رَدَّ أَيْضًا شَهَادَةَ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَيْنِ، وَقَالَ: لِأَنَّا لَوْ قَبِلْنَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَزِمَ الْقَتْلُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِقَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْقَتْلِ فَيَتَّجِهُ الْفَرْقُ، لَكِنْ
بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً. 316 -
كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ 317 - إلَّا إذَا كَانَ مَيِّتًا وَكَانَ لَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يَدَّعِيه.
فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِلْإِرْثِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ وَلِيِّهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى نَصْرَانِيٍّ مَيِّتٍ بِدَيْنٍ وَهُوَ مَدْيُونُ مُسْلِمٍ
ــ
[غمز عيون البصائر]
يَنْتَقِضُ بِالْجَبْرِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا تُقْبَلُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ الذِّمِّيَّيْنِ وَلَا شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَتَيْنِ، لِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَتْ لَزِمَ قَتْلُهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا بِعَدَمِ الْقَتْلِ.
وَأَمَّا مَنْ عَلَّلَ بِكَوْنِهِ مُرْتَدًّا فِي زَعْمِهَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدِّيَ الْحُكْمَ إلَيْهَا كَمَا أَنَّ مَنْ عَلَّلَهُ بِوُجُوبِ الْقَتْلِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْصُرَهُ عَلَى الْحَيَاةِ تَأَمَّلْ.
(315)
قَوْلُهُ:
بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ هُوَ أَنَّا لَوْ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِ الرَّجُلِ بِشَهَادَةِ الذِّمِّيَّيْنِ لِرُبَّمَا حَصَلَ لَهُ رِدَّةٌ فَكَانَ يُقْتَلُ، مَعَ أَنَّ الْإِسْلَامَ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِإِسْلَامِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا وَإِنْ ارْتَدَّتْ لَا تُقْتَلُ. (انْتَهَى) .
وَفِيهِ كَلَامٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَا وَبِالْبَيَانِ رَقَمْنَاهُ.
(316)
قَوْلُهُ:
كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْ فِي كِتَابِ أَلْفَاظِ الْكُفْرِ.
وَنَصُّ عِبَارَتِهَا: شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ وَهُوَ يَجْحَدُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا.
وَكَذَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ وَيُتْرَكُ عَلَى دِينِهِ.
وَجَمِيعُ أَهْلِ الْكُفْرِ فِي تِلْكَ سَوَاءٌ، وَلَوْ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَى نَصْرَانِيَّةٍ أَنَّهَا قَدْ أَسْلَمَتْ أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا تُقْتَلُ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي إسْلَامِ رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ وَجُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا تُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله.
وَكَذَا شَهَادَةُ النَّصْرَانِيِّينَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَسْلَمَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَا جَبْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله.
(317)
قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا كَانَ مَيِّتًا وَكَانَ لَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يَدَّعِيه إلَخْ.
لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى الْوَرَثَةِ وَشَهَادَةُ الْكُفَّارِ عَلَى الْكُفَّارِ مَقْبُولَةٌ فَيَسْتَحِقُّ إرْثَهُ.
ثُمَّ بَعْدَهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ بِالشَّهَادَةِ، لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ شَهِدَ عَلَى إسْلَامِهِ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ وَادَّعَى
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِعَيْنٍ اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْلِمٍ.
وَفِيمَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ نَصَارَى عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ، 319 - إلَّا إذَا قَالُوا: اسْتَكْرَهَهَا فَيُحَدُّ الرَّجُلُ وَحْدَهُ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْوَلِيُّ ذَلِكَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا مِيرَاثَ لَهُ، لِمَا ذَكَرْنَا.
وَتَمَامُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى عَنْ النَّوَادِرِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ نَصْرَانِيَّيْنِ عَلَى إسْلَامِ نَصْرَانِيٍّ (انْتَهَى) .
وَهِيَ فِي أَلْفَاظِ الْكُفْرِ مِنْهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالذِّمِّيَّةِ.
عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَاَلَّذِي اتَّضَحَ لِي فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ النَّظَرِ فِي كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهَا أَنَّهُ فِي زَعْمِهِمَا مُرْتَدٌّ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَهْلِ الِارْتِدَادِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُرْتَدَّةِ.
كَذَلِكَ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ: الْقَبُولُ فِيهِمَا وَهِيَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ، وَعَدَمُهُ فِيهِمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُحِيطِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْوَلْوالِجِيَّة وَكَثِيرٌ، وَالثَّالِثَةُ تُقْبَلُ فِيهَا دُونَهُ.
وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الِاحْتِيَاطُ فِي الْفَرْجِ لِلُزُومِ حُرْمَةِ فَرْجِ الْمُرْتَدَّةِ عَلَى كُلِّ نَاكِحٍ لَا مَا ذَكَرَهُ الْوَافِي مِنْ لُزُومِ قَتْلِهِ دُونَهَا لِعَدَمِ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ، وَالْمُسْلِمَتَيْنِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.
(318)
قَوْلُهُ:
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِعَيْنٍ اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْلِمٍ.
يَعْنِي لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَفِيمَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةُ نَصَارَى أَنَّهُ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ يَعْنِي؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْمُسْلِمَةِ.
(319)
قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا قَالُوا: اسْتَكْرَهَهَا فَيُحَدُّ الرَّجُلُ وَحْدَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَرْبَعَةٌ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ زَنَى بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا حُدَّ الرَّجُلُ، وَإِنْ قَالُوا: طَاوَعَتْهُ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمَا وَيُغَرَّرُ الشُّهُودُ لِحَقِّ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَيْهَا بِالْحَدِّ فَبَقِيَتْ شَهَادَتُهُمْ شَهَادَةً عَلَى الذِّمِّيِّ فَتُقْبَلُ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي شَهِدُوا عَلَى الْمُسْلِمَةِ بِالْحَدِّ فَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي حَقِّهَا وَإِذَا بَطَلَتْ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ بَطَلَتْ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَإِنَّمَا يُعَذَّرُ الشُّهُودُ؛ لِأَنَّهُمْ قَذَفُوا الْأَمَةَ فَلِعَدَمِ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ عَلَى الشُّهُودِ فَيَجِبُ التَّعْزِيرُ. (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مِمَّا لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ شَهَادَتُهُمْ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَلَوْ كَانَ لِذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى فِعْلِ الْمُسْلِمِ كَمَا فِي الْبَحْرِ