الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:
فِي السُّؤَالِ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَلَكِنْ لَا جَبْرَ عَلَى بَيَانِهِ، وَفِي طَلَبِ الْمُحَاسَبَةِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَا جَبْرَ، وَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الشُّهُودِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
بَعْضِ الْخُصُومَاتِ عَلَى لَفْظِ تَخْصِيصِهِ عَدَمَ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهُوَ يُدَافِعُ قَوْلَهُ: وَيَجِبُ سَمَاعُهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ (لَا) سَاقِطًا مِنْ النُّسَخِ وَصَوَابُهُ: لَا يَجِبُ سَمَاعُهَا
[الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ]
(196)
قَوْلُهُ: الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ.
أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ قَالَ: ذَا لِزَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ لِي ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا. وَكَذَا فِي كُلِّ إقْرَارٍ زَعَمَ الْكَذِبَ أَوْ الْهَزْلَ فِيهِ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الرَّأْيُ فِي التَّحْلِيفِ لِلْقَاضِي. وَفَسَّرَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي خُصُوصِ الْوَقَائِعِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ حِين أَقَرَّ يَحْلِفُ لَهُ الْخَصْمُ وَإِلَّا فَلَا. وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي التَّفَرُّسِ (انْتَهَى) .
وَمَا إذَا أَرَادَ الْوَارِثُ أَوْ الْغُرَمَاءُ أَخْذَ الْمَالِ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِمْ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّ الْقَاضِي عَدَمَ مُسْتَحِقٍّ وَقَدْرَ مُدَّتِهِ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ وَقَدَّرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ بِحَوْلٍ. وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ إلَيْهِ، وَفِي الْأَشْيَاءِ السَّنَةُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي حَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ رَآهُ مُتَعَنِّتًا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ رَآهُ مَظْلُومًا لَا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِ الْإِمَامِ.
وَفِي أَنَّ مَا يُحْصَى فِي الْوَقْتِ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِهِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْإِسْعَافِ، وَفِي قَدْرِ مُدَّةِ ظُهُورِ تَوْبَةِ الْفَاسِقِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ بِلَا رِضَى الْخَصْمِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي كَمَا فِيهَا. وَفِيمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي مِصْرَ فَأَوْفَاهَا الْمُعَجَّلَ فَأَرَادَ نَقْلَهَا لِبَلَدٍ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ قَصْرٍ، فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي كَمَا فِي الْوَسَائِلِ. وَفِيمَا إذَا بَاعَ عَقَارًا بِحَضْرَةِ بَعْضِ أَقَارِبِهِ فَسَكَتَ حَالَةَ الْبَيْعِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْضُ أَقَارِبِهِ مَلَكِيَّتَهُ لَا تُسْمَعُ. وَهُوَ قَوْلُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي تُسْمَعُ. وَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي. وَذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي مَوْضِعَيْنِ. وَفِي أَنَّ الضَّرُورَةَ إنْ مَسَّتْ إلَى التَّحْلِيفِ بِالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ: الرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي التَّحْلِيفِ عَلَى السَّبَبِ أَوْ الْحَاصِلِ عَلَى
وَفِي السُّؤَالِ عَنْ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، 198 - وَفِي تَحْلِيفِ الشَّاهِدِ إنْ رَآهُ جَائِزًا كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ، وَفِيمَا إذَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
رَأْيِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُفَوَّضَ الْأَمْرُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي إنْ رَأَى
الْمَصْلَحَةَ
فِي التَّحْلِيفِ عَلَى السَّبَبِ يُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ حَلَّفَهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. وَفِيمَا لَوْ عَدَلَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ ثُمَّ شَهِدَ عِنْدَهُ فِي حَادِثَةٍ أُخْرَى، فَلَوْ قَرُبَ الْعَهْدُ لَا يَسْتَقْبِلُ تَعْدِيلَهُ، وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ، وَالصَّحِيحُ فِي قُرْبِ الْعَهْدِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي كَمَا فِي مُوجِبَاتِ الْأَحْكَامِ لِلشَّيْخِ قَاسِمِ بْنِ قُطُلُوبُغَا، وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ التَّوْقِيتِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِيمَا إذَا سَعَى إنْسَانٌ إلَى السُّلْطَانِ فِي حَقٍّ آخَرَ حَتَّى غَرَّمَهُ مَالًا، يُرْوَى عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُفْتُونَ أَنَّ السَّاعِيَ يَضْمَنُ، وَبَعْضُهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ السُّلْطَانُ مَعْرُوفًا بِالدَّعَارَةِ وَتَغْرِيمِ مَنْ سَعَى بِهِ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَنَحْنُ لَا نُفْتِي بِهِ.
فَإِنَّ هَذَا خِلَافَ أُصُولِ أَصْحَابِنَا فَإِنَّ السَّعْيَ سَبَبٌ مَحْضٌ لِإِهْلَاكِ مَالِ صَاحِبِ الْمَالِ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يُغَرِّمُهُ اخْتِيَارًا لَا طَبْعًا وَلَكِنْ لَوْ رَأَى الْقَاضِي تَضْمِينَ السَّاعِي لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَنَحْنُ نَكِلُ الرَّأْيَ إلَى الْقَاضِي وَيُزَادُ أَيْضًا أَنَّ مَرْجِعَ الْعَمَلِ بِبَعْضِ شُرُوطِ الْوَاقِعِينَ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي لَا إلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ كَمَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فِي جَوَابِ حَادِثَةٍ وَهِيَ: وَاقِفٌ شَرَطَ أَنْ لَا يُسْتَبْدَلَ وَقْفُهُ وَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ أَجَابَ بِقَوْلِهِ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِحَاجَةِ الْوَقْفِ وَمُسْتَحَقِّيهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْوَقْفِ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ فِي الْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ الْمُتَجَدِّدَةِ؛ لِأَنَّهُ الْوَلِيُّ الْحَاضِرُ، وَكَذَلِكَ فِي الشُّرُوطِ الْمُخَالِفَةِ لِرَأْيِ الْحَاكِمِ وَنَظِيرُهُ إذَا وَافَقَهُ فِيهَا لِحُسْنِ الْمَدَارِ فِيهَا عَلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ كُلِّ زَمَانٍ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ مَأْخَذَ ذَلِكَ مِنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ.
(197)
قَوْلُهُ: وَفِي السُّؤَالِ عَنْ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ سَأَلَهُمَا عَنْهُمَا فَقَالَا: لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُكَلَّفَا بِهِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامَ الْبَزَّازِيَّةِ بِغَيْرِ حَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ.
(198)
قَوْلُهُ: وَفِي تَحْلِيفِ الشَّاهِدِ إلَخْ. سَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ. وَبَيَانُ الْخِلَافِ بَعْدَ وَقْتَيْنِ، وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ. وَفِي زَمَانِنَا لَمَّا تَعَذَّرَتْ التَّزْكِيَةُ لِغَلَبَةِ الْفِسْقِ اخْتَارَ الْقُضَاةُ