الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَقَارَ الصَّغِيرِ، فَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي نَقْضِهِ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ، وَفِي مُدَّةِ حَبْسِ الْمَدْيُونِ وَفِي تَقْيِيدِ الْمَحْبُوسِ إذَا خِيفَ فِرَارُهُ، وَفِي حَبْسِ الْمَدْيُونِ فِي حَبْسِ الْقَاضِي أَوْ اللُّصُوصِ إذَا خِيفَ فِرَارُهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَفِي سُؤَالِ الشَّاهِدِ عَنْ الْأَيْمَانِ إذَا اتَّهَمَهُ، وَفِيمَا إذَا تَصَرَّفَ النَّاظِرُ فِيمَا لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الْوَقْفِ أَوْ رَهْنِهِ، فَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي، إنْ شَاءَ عَزَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّ إلَيْهِ ثِقَةً، بِخِلَافِ الْعَاجِزِ فَإِنَّهُ يَضُمُّ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.
199 -
مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ 200 - إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ؛ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ قَبْلَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا وَبَرْهَنَ، فَإِنَّهُ تُقْبَلُ. وَهَبَ جَارِيَةً وَاسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
اسْتِحْلَافَ الشُّهُودِ لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ (انْتَهَى) .
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُضَعِّفُهُ مَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ كَالْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ ظُهُورِ عَدَالَتِهِ وَالْكَلَامُ عِنْدَ خَفَائِهَا خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا أَنَّ الشَّاهِدَ مَجْهُولُ الْحَالِ. وَكَذَا الْمُزَكِّي غَالِبًا، وَالْمَجْهُولُ لَا يَعْرِفُ الْمَجْهُولَ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ عَنْ غَسَّانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ: قَدِمْت الْكُوفَةَ قَاضِيًا عَلَيْهَا فَوَجَدْت فِيهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ عَدْلًا فَطَلَبْت أَسْرَارَهُمْ فَرَدَدْتُهُمْ إلَى سِتَّةٍ ثُمَّ أَسْقَطْت أَرْبَعَةً فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ اسْتَعْفَيْت وَاعْتَزَلْت (انْتَهَى) .
وَتَعَقَّبَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الرَّمْزِ فَلْيُرَاجَعْ
[مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]
(199)
قَوْلُهُ: مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ. مِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ لَوْ رَهَنَ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَيُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّهِ إلَى الْمُقِرِّ لَهُ كَمَا فِي رَهْنِ الْمُسْتَعَارِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
(200)
قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إلَخْ. أَقُولُ: وَجْهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَمَّا بَرْهَنَ عَلَى الْبَيْعِ
وَيَسْتَرِدُّهَا وَالْعُقْرَ، كَذَا فِي بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَزِدْت عَلَيْهَا مَسَائِلَ. الْأُولَى: بَاعَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَقْلًا عَنْ الْمَشَايِخِ: التَّنَاقُضُ لَا يَضُرُّ فِي الْحُرِّيَّةِ وَفُرُوعِهَا (انْتَهَى) .
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى التَّدْبِيرَ أَوْ الِاسْتِيلَادَ تُسْمَعُ، 202 - فَالْهِبَةُ فِي كَلَامِ الْفَتَاوَى مِثَالٌ فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ، سَوَّى بَيْنَ دَعْوَى الْبَائِعِ التَّدْبِيرَ وَالْإِعْتَاقَ، وَذَكَرَ خِلَافًا فِيهِمَا. الثَّانِيَةُ: اشْتَرَى أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَائِعَهَا كَانَ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً أَوْ مَسْجِدًا. وَالثَّالِثَةُ: اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَهُ.
203 -
الرَّابِعَةُ: بَاعَ أَرْضًا ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ، وَهِيَ فِي بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ وَقَضَائِهَا.
ــ
[غمز عيون البصائر]
مِنْ الْغَائِبِ قَبْلَ الْبَائِعِ مِنْهُ فَقَدْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِلْكُ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إقْرَارٌ مِنْ الْبَائِعِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالثَّانِي: أَنَّ التَّنَاقُضَ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْحُرِّيَّةِ كَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى. قِيلَ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ إنَّمَا يُقْبَلُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْفَى عَلَى الْمُنَاقِضِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ وَالْفَاعِلُ لِنَفْسِهِ لِلتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ فِعْلُ نَفْسِهِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ تَنَاقُضُهُ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا قُبِلَ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ نَدِمَ ثُمَّ تَابَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَقَرَّ بِاسْتِيلَادِهَا.
(201)
قَوْلُهُ: وَيَسْتَرِدُّهَا وَالْعُقْرَ إلَخْ. بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي يَسْتَرِدُّهَا وَالْعَامِلُ مَحْذُوفٌ وَتَقْدِيرُهُ وَيَأْخُذُ الْعُقْرَ، عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ (عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا) أَيْ وَسَقَيْتهَا.
(202)
قَوْلُهُ: فَالْهِبَةُ فِي كَلَامِ الْفَتَاوَى مِثَالٌ. يَعْنِي وَالْمِثَالُ لَا يُخَصَّصُ.
(203)
قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ. أَقُولُ: عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ فِي الْبُيُوعِ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ: رَجُلٌ بَاعَ دَارًا أَوْ عَقَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهَا بَعْدَمَا وَقَفَ؛
وَفَصْلٌ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِيهِ فِي آخِرِ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلْيُنْظَرْ ثَمَّةَ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (انْتَهَى) .
ثُمَّ قَالَ أَيْضًا قُبَيْلَ بَابِ الرِّبَا: بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ مَا هُوَ وَقْفٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ أَمَّا الْحُرُّ فَلَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْبَيْعِ؛ وَلِهَذَا يُمْلَكُ انْتَهَى.
مَا قَالَهُ فِي الْبُيُوعِ. ثُمَّ قَالَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَعْتَمِدُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، وَدَعْوَاهُ لَمْ تَصِحَّ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ يَمْنَعُ الدَّعْوَى؛ وَعَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الدَّعْوَى لَا تُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ التَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى كَالشَّهَادَةِ عَلَى طَلَاقٍ وَعِتْقِ الْأَمَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ مَخْصُوصٌ وَلَمْ يَدَّعِ لَا يُعْطَى مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ وَيُصْرَفُ جَمِيعُ الْغَلَّةِ إلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قُبِلَتْ لَحَقِّ الْفُقَرَاءِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ.
قَالَ مَوْلَانَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَجْدَلِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: لَوْ بَاعَ ضَيْعَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ. وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، قِيلَ: تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَقْفِ تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْحِسْبَةِ وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ (انْتَهَى) .
فَعُلِمَ بِمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ يُصَحِّحُهُ قَاضِي خَانْ وَالزَّيْلَعِيُّ وَأَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَاهُ فَلَا اسْتِثْنَاءَ.
(204)
قَوْلُهُ: وَفَصْلٌ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ. أَقُولُ: نَصُّ عِبَارَتِهِ بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ بَرْهَنَ أَنَّ مَا بَاعَهُ وَقْفٌ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْوَقْفِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ مَحْكُومٌ بِلُزُومِهِ قُبِلَ.