المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ 1 - الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِهَا بِالْفُلُوسِ. 2 - - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٢

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌الْأُولَى: وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ

- ‌الثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ

- ‌الثَّالِثَةُ: وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌بَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌ بَيْعِ الْهَازِلِ

- ‌ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا

- ‌ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ

- ‌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ

- ‌ الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى

- ‌[لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[تَأْخِيرُ الْقَاضِي الْحُكْم بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ]

- ‌[الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا

- ‌ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ

- ‌[قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ]

- ‌[قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ]

- ‌ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ

- ‌[قَضَاءُ الْأَمِيرِ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ]

- ‌ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ

- ‌كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ

- ‌ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ

- ‌[شَهَادَة الْفَاسِقُ إذَا تَابَ]

- ‌ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ

- ‌[تَخْصِيصُ الْقَضَاءُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ]

- ‌الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:

- ‌[مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ

- ‌[الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ]

- ‌ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ

- ‌ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ

- ‌[انْعِزَال الْقَاضِي]

- ‌ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى

- ‌[تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ]

- ‌ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ

- ‌ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ

- ‌الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ

- ‌دَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ

- ‌[مَسْأَلَة تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ 1 - الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِهَا بِالْفُلُوسِ. 2 -

‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

1 - الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِهَا بِالْفُلُوسِ. 2 - التِّبْرُ لَا يَصْلُحُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَجْرِي مَجْرَى النُّقُودِ

3 -

لِلْمُفَاوِضِ الْعَقْدُ مَعَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

قَوْلُهُ: الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِهَا بِالْفُلُوسِ يَعْنِي النَّافِقَةَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ

وَالْمَشْهُورُ مِنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رحمه الله كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ رحمه الله فِي الْمَبْسُوطِ: إنَّهَا تَصِحُّ بِهِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَثْمَانًا بِاصْطِلَاحِ النَّاسِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَى جَوَازِهَا يَرْجِعُ لِلشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي التَّرْجَمَةِ بِمَعْنَى الشَّرِكَةِ فِي أَمْوَالٍ لَا بِمَعْنَى مُطْلَقِ الشَّرِكَةِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ.

(2)

قَوْلُهُ: التِّبْرُ لَا يَصْلُحُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَجْرِي مَجْرَى النُّقُودِ أَيْ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ النُّقُودِ فِي الشَّرِكَةِ بِالْأَمْوَالِ إلَّا بِاصْطِلَاحِ النَّاسِ وَالتِّبْرُ جَوْهَرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْلَ الضَّرْبِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَعْدِنِيَّاتِ كَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَأَكْثَرُ اخْتِصَاصِهِ بِالذَّهَبِ: وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ فِي الذَّهَبِ حَقِيقَةً وَفِي غَيْرِهِ مَجَازًا كَمَا قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَمَعْنَى جَرَيَانِهِ مَجْرَى النُّقُودِ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ مَوْكُولٌ إلَى تَعَامُلِ النَّاسِ فَإِنْ كَانُوا يَتَعَامَلُونَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَثْمَانِ الْمُطْلَقَةِ فَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِهِ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعُرُوضِ فَلَا تَجُوزُ فِيهِ الشَّرِكَةُ وَذَكَرَ فِي النُّقَايَةِ النُّقْرَةَ فَقَالَ: وَالتِّبْرُ وَالنُّقْرَةُ إنْ تَعَامَلَ النَّاسُ بِهِمَا وَالنُّقْرَةُ الْقِطْعَةُ الْمُذَابَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِهِمَا لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالنُّقْرَةِ غَيْرُ الْمَضْرُوبَةِ فَهِيَ مُسْتَدْرَكَةٌ بِالتِّبْرِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله تَعَالَى تَبَعًا لِصَاحِبِ الْكَافِي

(3)

قَوْلُهُ: لِلْمُفَاوِضِ الْعَقْدُ مَعَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ: بَيْعُ الْمُفَاوِضِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ أَمَّا الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ فَلَا يَنْفُذُ عِنْدَهُ (انْتَهَى) .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ قَيْدًا فِي كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ.

بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّ الْمُفَاوِضَ هَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله -

ص: 213

لَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الْقُرَّاءِ وَالْوُعَّاظِ

5 -

وَالدَّلَّالِينَ

6 -

وَالشَّحَّاذِينَ 7 - وَأُلْحِقَتْ بِهِمْ الشُّهُودُ فِي الْمَحَاكِمِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الْقُرَّاءِ إلَخْ أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا إذْ لَا امْتِنَاعَ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَالْعَنَانِ مِنْهُمْ وَقَدْ صُرِّحَ بِعَدَمِ جَوَازِ شَرِكَةِ الْقُرَّاءِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُفْتَى بِهِ فَلَا أَقُولُ إنَّمَا لَمْ تَصِحَّ شَرِكَةُ الْقُرَّاءِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ وَالْوَكَالَةُ بِالْقِرَاءَةِ لَا تَصِحُّ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالشَّرِكَةُ فِي الْقِرَاءَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ، وَفِي الْقُنْيَةِ لَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الْقُرَّاءِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالزَّمْزَمَةِ فِي الْمَجَالِسِ وَالتَّعَازِي؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ عَلَيْهِمْ (انْتَهَى) .

وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا بِغَيْرِ الزَّمْزَمَةِ تَصِحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

(5)

قَوْلُهُ: وَالدَّلَّالِينَ أَقُولُ فِي شَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ خِلَافٌ، فَفِي الْكَافِي إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا تَصِحُّ وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ إنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَفِي الْكَافِي إشَارَةٌ أَيْضًا إلَى أَنَّ شَرِكَةَ الْحَمَّالِينَ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ

أَقُولُ: عَلَى قِيَاسِ إشَارَةِ الْكَافِي فِي الْحَمَّالِينَ يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ شَرِكَةُ الْكَيَّالِينَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مِنْ الْكَيَّالِينَ اشْتَرَكُوا عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلُوا الطَّعَامَ وَيَكِيلُوا فَمَا أَصَابُوا مِنْ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَتَقَبَّلُوا طَعَامًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَمَرِضَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَعَمِلَ الْآخَرَانِ قَالَ: الْأَجْرُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَلَوْ نَقَضَاهُ الشَّرِكَةَ، ثُمَّ كَالْآكِلَةِ فَلَهُمَا ثُلُثَا الْأَجْرِ وَلَا أَجْرَ لَهُمَا فِي ثُلُثِ الْبَاقِي وَهُمَا مُتَطَوِّعَانِ فِي كَيْلِهِ لَا يُشْرِكُهُمَا الثَّالِثُ فِيمَا أَخَذَ مِنْ الْأُجْرَةِ

(6)

قَوْلُهُ: وَالشَّحَّاذِينَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ شَحَّاذٍ: السَّائِلُ.

قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا تَجُوزُ شَرِكَةُ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي السُّؤَالِ لَا تَصِحُّ يَعْنِي لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ عَقْدُ الشَّرِكَةِ قَابِلًا لِلْوَكَالَةِ حَتَّى أَنَّ مَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ.

(7)

قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَتْ بِهِمْ الشُّهُودُ فِي الْمَحَاكِمِ أَقُولُ: فِي مُفِيدِ النِّعَمِ وَمُبِيدِ النِّقَمِ

ص: 214

وَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ يَصِحُّ الشَّرْطُ وَيَكُونُ مَالُ الدَّافِعِ عِنْدَ الْعَامِلِ مُضَارَبَةً، وَلَوْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلدَّافِعِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَيَكُونُ مَالُ الدَّافِعِ عِنْدَ الْعَامِلِ بِضَاعَةً 9 - وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسُ مَالِهِ، كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

10 -

إذَا عَمِلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، 11 - بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَبَّلَ ثَلَاثَةٌ عَمَلًا مِنْ غَيْرِ عَقْدِ شَرِكَةٍ فَعَمِلَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

لِلتَّاجِ السُّبْكِيّ فِي الْمَثَلِ الثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَقِسْمَةُ الشُّهُودِ مَا يَتَحَصَّلُ لَهُمْ فِي الْحَانُوتِ شَرِكَةُ أَبْدَانٍ وَهِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ

(8)

قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ، وَنَصُّ عِبَارَةِ الْكَنْزِ وَشَرْحِهِ: وَتَصِحُّ أَيْ الشَّرِكَةُ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ وَعَكْسِهِ، وَهُوَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ دُونَ الْمَالِ، وَمَعْنَاهُ إنْ شَرَطَا الْأَكْثَرَ لِلْعَامِلِ مِنْهُمَا أَوْ لِأَكْثَرِهِمَا عَمَلًا جَازَ، وَإِنْ شَرْطَاهُ لِلْقَاعِدِ أَوْ لِأَقَلِّهِمَا عَمَلًا فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَأَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَيُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ لَا يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (9) قَوْلُهُ: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسُ مَالِهِ أَقُولُ: الصَّوَابُ رِبْحُ مَالِهِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ

(10)

قَوْلُهُ: إذَا عَمِلَ: أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ إلَخْ إنَّمَا كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الرِّبْحِ بِحُكْمِ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ لَا الْعَمَلِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي آخِرِ فَصْلِ مَا يَكُونُ لِلشَّرِيكِ وَقَوْلُهُ بِعُذْرٍ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالْفِعْلِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ ثَمَّ غَيْرُهُ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَيَسْتَوِي أَنْ يَمْتَنِعَ الْآخَرُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَرْتَفِعُ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِهِ.

(11)

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَبَّلَ ثَلَاثَةٌ عَمَلًا إلَخْ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: ثَلَاثَةُ نَفَرٍ تَقَبَّلُوا مِنْ رَجُلٍ عَمَلًا بَيْنَهُمْ، وَلَيْسُوا شُرَكَاءَ، ثُمَّ عَمِلَ أَحَدُهُمْ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِانْفِرَادِهِ فَلَهُ

ص: 215

أَحَدُهُمْ، كَانَ لَهُ ثُلُثُ الْأَجْرِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرَيْنِ.

12 -

مَا أَشْتَرَيْت الْيَوْمَ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك؟ فَقَالَ: نَعَمْ. جَازَ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَقَالَ أَشْرِكْنِي فِيهِ فَقَالَ قَدْ أَشْرَكْتُك فِيهِ جَازَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ قَبْضِهِ.

13 -

نَهَى أَحَدُهُمَا شَرِيكَهُ عَنْ الْخُرُوجِ وَعَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ جَازَ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

ثُلُثُ الْأَجْرِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الثُّلُثَيْنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ صَاحِبَ الْعَمَلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمْ بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ (انْتَهَى) .

وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ مُتَعَلِّقٌ.

(12)

قَوْلُهُ: مَا اشْتَرَيْت الْيَوْمَ مِنْ شَيْءٍ إلَخْ فِي الْخَانِيَّةِ: وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ ذَلِكَ جَازَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَرِكَةٌ فِي الشِّرَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ صَاحِبِهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، يَعْنِي لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الشِّرَاءِ لَا الْبَيْعِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك، كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْأُولَى شَرِكَةٌ وَالثَّانِي تَوْكِيلٌ وَالتَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ نَوْعًا فَيَقُولُ عَبْدًا خُرَاسَانِيًّا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (انْتَهَى) .

وَفِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ: رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا فَقَالَ الْآخَرُ أَشْرِكْنِي فِيهِ، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى فِي النِّصْفِ وَالتَّوْلِيَةُ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّهُ لَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ جَازَ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الثَّمَنِ إنْ عَلِمَ مِقْدَارَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، يَعْنِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَالَ الْعَقْدِ وَعَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله مِنْ الْقُصُورِ

(13)

قَوْلُهُ: نَهَى أَحَدُهُمَا شَرِيكَهُ عَنْ الْخُرُوجِ وَعَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ جَازَ أَيْ يَصِحُّ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ وَعَنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمِصْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، فَلَوْ بَاعَ نَسِيئَةً أَوْ خَرَجَ عَنْ الْمِصْرِ وَبَاعَ ضَمِنَ.

وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي: وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَقْدِ بِعْ بِالنَّقْدِ وَلَا تَبِعْ بِالنَّسِيئَةِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ بَعْضُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوا ذَلِكَ (انْتَهَى) .

وَعَلَى الثَّانِي مَشَى الْمُصَنِّفُ رحمه الله وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ

ص: 216

لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَإِنْ سَافَرَ فَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا.

15 -

تُكْرَهُ الشَّرِكَةُ مَعَ الذِّمِّيِّ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ إلَخْ فِي الْبَدَائِعِ وَهَلْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ رحمه الله أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ أَنْ يُسَافِرَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَبِيتُ عَنْ مَنْزِلِهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ وَلَا يُسَافِرُ بِمَا لَهُ حَمْلٌ. وَجْهُ الظَّاهِرِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إنَّ السَّفَرَ خَطَرٌ فَلَا يَجُوزُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الَّتِي فَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَبِيتُ عَنْ مَنْزِلِهِ كَانَ فِي حُكْمِ الْمِصْرِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الَّتِي فَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَمَا لَا حَمْلَ لَهُ أَنَّ مَا لَهُ حَمْلٌ إذَا احْتَاجَ شَرِيكُهُ إلَى رَدِّهِ يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا مُؤْنَةَ تَلْزَمُهُ فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّصَرُّفِ يَثْبُتُ مُقْتَضًى لِلشَّرِكَةِ وَأَنَّهَا صَدَرَتْ مُطْلَقَةً عَنْ الْمَكَانِ، وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ (انْتَهَى) .

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ تَفْرِيعًا عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله فَإِنْ سَافَرَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ وَيَضْمَنُ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَاشْتَرَى بَعْدَ السَّفَرِ وَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لَهُ قَالَ لَكِنِّي أَتْرُكُ الْقِيَاسَ فَإِنْ هَلَكَ ضَمِنَ، وَإِنْ رَبِحَ فَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي الْأَمْوَالِ كُلِّهَا لَا فِي الْمَالِ مُفَاوَضَةً أَوْ عَنَانًا فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ (انْتَهَى) .

وَالْمُرَادُ بِمَا لَا حَمْلَ لَهُ مَا يُحْمَلُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي بِلَا أُجْرَةٍ وَقِيلَ: مَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى.

(15)

قَوْلُهُ: تُكْرَهُ الشَّرِكَةُ مَعَ الذِّمِّيِّ أَيْ شَرِكَةُ الْمُسْلِمِ مَعَ الذِّمِّيِّ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُشَارِكَ الذِّمِّيَّ وَلَوْ شَارَكَهُ شَرِكَةَ عَنَانٍ جَازَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ (انْتَهَى) .

وَقَوْلُهُ جَازَ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ عَنَانًا جَازَ أَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ لَا تَجُوزُ مَعَهُ (انْتَهَى) . لِاشْتِرَاطِ الْمُسَاوَاةِ فِيهَا دَيْنًا وَهَذَا عِنْدَ الْجَبْرِيِّينَ وَقَالَ

ص: 217

اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ فِي التَّقْيِيدِ وَالْإِطْلَاقِ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

أَبُو يُوسُفَ: تَجُوزُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتُكْرَهُ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْأَصْلِ لِأَبِي سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ قُلْت: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله جَارِيًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصُّ عِبَارَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ: وَلَوْ تَفَاوَضَ ذِمِّيٌّ وَمُسْلِمٌ فَهِيَ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الذِّمِّيَّ مَا لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ. أَلَا تَرَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ اشْتَرَى خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْلِمَ وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَمَا اشْتَرَاهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِ فِي ثَمَنِهِ شَرِكَةٌ، وَلَوْ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ شَيْئًا مِنْ الذِّمِّيِّ بِخَمْرٍ مُسَمَّاةٍ مُؤَجَّلَةٍ جَازَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُسْلِمِ وَتَكُونُ شَرِكَةَ عَنَانٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا امْرَأَةً وَهَذَا عِنْدَ الْجَبْرِيِّينَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجُوزُ بَيْنَهُمَا كَمَا تَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَتُكْرَهُ (انْتَهَى) .

وَبِهِ يَتَّضِحُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله تَعَالَى مِنْ الْخَلَلِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ

(16)

قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ أَقُولُ: الصَّوَابُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْإِطْلَاقِ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْعُمُومَ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمُضَارَبَةَ فِي جَمِيعِ التِّجَارَةِ أَوْ فِي عُمُومِ الْأَمْكِنَةِ أَوْ مَعَ عُمُومِ الْأَشْخَاصِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْعُمُومَ يُوَافِقُ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ، إذْ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الرِّبْحُ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ فِي الْعُمُومِ أَوْفَرُ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْإِطْلَاقَ، حَتَّى لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ أَذِنْت لَك أَنْ تَتَّجِرَ فِي الْحِنْطَةِ دُونَ مَا سِوَاهَا وَقَالَ الْمُضَارِبُ مَا سَمَّيْت لِي تِجَارَةً بِعَيْنِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ أَقْرَبُ إلَى الْمَقْصُودِ بِالْعَقْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فِي الْفَصْلَيْنِ فَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْخُصُوصَ فِي دَعْوَى الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَفِي دَعْوَى الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي التَّقْيِيدَ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ قَيْدٍ، وَبَيِّنَةُ الْإِطْلَاقِ سَاكِتَةٌ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْخُصُوصِ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ الْخَاصِّ بِأَنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعْت الْمَالَ إلَيْك مُضَارَبَةً فِي الْبُرِّ وَقَالَ الْمُضَارِبُ فِي الطَّعَامِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّرْجِيحُ هَهُنَا بِالْمَقْصُودِ مِنْ الْعَقْدِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي ذَلِكَ فَتَرْجِعُ بِالْإِذْنِ وَأَنَّهُ اسْتَفَادَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ

ص: 218

وَفِي الْوَكَالَةِ الْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ.

18 -

وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ مُثْبِتَةٌ وَبَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ نَافِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ وَالْمُضَارِبُ يَحْتَاجُ لَهُ لِدَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، فَالْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ أَوْلَى (انْتَهَى) .

هَذَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا مَحَلَّ لِذِكْرِهَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّرِكَةِ لَا فِي الْمُضَارَبَةِ إنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ مُتَضَمَّنَةً لِلشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ.

(17)

قَوْلُهُ: وَفِي الْوَكَالَةِ الْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ أَقُولُ: الصَّوَابُ لِمُدَّعِي التَّقْيِيدِ مُوَكِّلًا كَانَ أَوْ وَكِيلًا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْوَكَالَةِ، وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ نَسِيئَةً فَقَالَ الْمُوَكِّلُ أَمَرْتُك بِنَقْدٍ وَقَالَ الْوَكِيلُ أَطْلَقْتَ، صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ

(18)

قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ.

أَقُولُ فِي الْعِبَارَةِ إيهَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ، فَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى أَذِنْت لَهُ فِي بَيْعِ الْبُرِّ فَقَطْ وَقَالَ الْغُرَمَاءُ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا صُدِّقَ الْغُرَمَاءُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِذْنِ الْإِطْلَاقُ وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ

ص: 219