الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الطَّلَاقِ
1 - السَّكْرَانُ كَالصَّاحِي
ــ
[غمز عيون البصائر]
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
قَوْلُهُ: السَّكْرَانُ كَالصَّاحِي إلَخْ.
فِي الْمُجْتَبَى: وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ السَّكْرَانِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُنْقَلُ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ، وَالرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَلَا مِرْيَةَ فِي أَنَّ طَلَاقَهُ وَبَيْعَهُ وَعَتَاقَهُ وَحَلِفَهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ مَا يَقُومُ بِهِ التَّكْلِيفُ وَالْخِطَابُ فَهُوَ كَالصَّاحِي، فَيَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ.
وَقُلْت: هَذَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ (انْتَهَى)
قَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي كِتَابِهِ مُعِينِ الْمُفْتِي: أَقُولُ: هُوَ كَمَا ذُكِرَ لَوْ كَانَ كَلِمَاتُ عَامَّةِ الشُّرَّاحِ وَالتَّصَانِيفِ الْمُعْتَبَرَةِ لَا تُخَالِفُهُ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الزَّيْلَعِيِّ: لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ، هُوَ مَعْصِيَةٌ، فَيُجْعَلُ بَاقِيًا زَاجِرًا لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَ بِالْمُبَاحِ (انْتَهَى) .
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ: بَعْدَ كَلَامٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ، أَنَّ السَّكْرَانَ الَّذِي لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّصَرُّفَاتُ هُوَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ يُمَيِّزُ بِهِ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَلَا السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ، وَبِهِ يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِيهِ بِمَعْنَى عَكْسِ الِاسْتِحْسَانِ وَالِاسْتِقْبَاحِ، مَعَ تَمَيُّزِهِ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالْعَجَبُ مَا صُرِّحَ بِهِ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ أَنَّهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْعَقْلِ مَا يَقُومُ بِهِ التَّكْلِيفُ.
وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ لَا يَتَّجِهُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله، أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا نُقْصَانًا فَاحِشًا جَازَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَظَاهِرُهُ أَيْضًا، أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سُكْرُهُ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْفَوَاكِهِ وَالْعَسَلِ، وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ، أَنَّهُ لَيْسَ كَالصَّاحِي لِعَدَمِ الْحَدِّ فَلَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ كَمَا لَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ
كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ رحمه الله وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: السَّكْرَانُ مِنْ الْخَمْرِ وَالْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ نَحْوِ النَّبِيذِ الْمُثَلَّثِ وَغَيْرِهِمَا، عِنْدَنَا يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، وَالْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ إذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ.
وَعَنْ
إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: يَنْفُذُ مِنْ السَّكْرَانِ كُلُّ مَا يَنْفُذُ مَعَ الْهَزْلِ وَلَا يُبْطِلُهُ الشَّرْطُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (انْتَهَى) .
وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: سَوَاءٌ كَانَ طَائِعًا فِي الشُّرْبِ أَوْ مُكْرَهًا.
وَهُوَ قَوْلٌ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا سَكِرَ بِالشُّرْبِ مُكْرَهًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ، كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ تَصَرُّفَاتِ مَنْ سَكِرَ بِالْبَنْجِ نَافِذَةٌ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ عُمُومِ السَّكْرَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، فَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِالسَّكْرَانِ مِنْ غَيْرِ الْبَنْجِ، وَفِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ نَقْلًا عَنْ الْجَوَاهِرِ: فِي هَذَا الزَّمَانِ إذَا سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ يَقَعُ طَلَاقُهُ زَجْرًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَفِي النِّهَايَةِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ شَارِبُهُ لِفَشْوِ هَذَا الْفِعْلِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَنَّ مَنْ شَرِبَ الْبَنْجَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ حِينَ شَرِبَهُ أَنَّهُ مَا هُوَ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ يَقَعُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا.
قَالَ قَاضِي خَانْ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ شِرْبٌ لِلدَّوَاءِ وَالتَّعْلِيلُ يُنَادِي بِحُرْمَتِهِ لَا لِلدَّوَاءِ، وَلَوْ مِنْ الْأَشْرِبَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْعَسَلِ فَسَكِرَ؛ الْمُخْتَارُ فِي زَمَانِنَا لُزُومُ الْحَدِّ، لِأَنَّ الْفُسَّاقَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمُخْتَارُ: وُقُوعُ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يُحْتَالُ لِدَرْئِهِ وَالطَّلَاقُ يُحْتَاطُ فِيهِ، فَلَمَّا وَجَبَ مَا يُحْتَالُ؛ لَأَنْ يَقَعَ مَا يُحْتَاطُ أَوْلَى، وَقَدْ طَالَبَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّكْرِ مِنْ الْمُبَاحِ كَالْمُثَلَّثِ فَعَجَزَ، ثُمَّ قَالَ: وَجَدْت نَصًّا صَرِيحًا عَلَى لُزُومِ الْحَدِّ (انْتَهَى) .
وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَى التَّقْيِيدِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَدَّادِيُّ بِحُرْمَةِ أَكْلِ الْبَنْجِ فَيَظْهَرُ الزَّجْرُ فِيهِ لِذَلِكَ، وَالْجَوَابُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ رحمه الله فِيمَا عَدَا هَذَا أَنَّهُ أُطْلِقَ اعْتِمَادًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي أَحْكَامِ السَّكْرَانِ.
(2)
قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْإِقْرَارِ إلَخْ.
فَلَا يَكُونُ كَالصَّاحِي لِزِيَادَةِ احْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي إقْرَارِهِ، فَيُحْتَالُ لِدَرْءِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِهِ الْحُدُودَ بِالْخَالِصَةِ أَنَّ فِي إقْرَارِهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ يَكُونُ كَالصَّاحِي.
وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فَقَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ لَمْ يُحَدَّ إلَّا فِي حَدِّ الْقَذْفِ، يَعْنِي لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ، وَالسَّكْرَانُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ كَالصَّاحِي
وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: السَّكْرَانُ يُلْحَقُ بِالصَّاحِي فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ سِوَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عُقُوبَةً لَهُ (انْتَهَى) .
وَذَكَرَ فِيهَا: وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ الْخَمْرِ طَائِعًا لَمْ يُحَدَّ حَتَّى يَصْحُوَ فَيُقِرَّ أَوْ تَقُومَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ
وَالرِّدَّةُ وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ. 4 - كَذَا فِي خُلْعٍ الْخَانِيَّةُ
النِّدَاءُ لِلْإِعْلَامِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ إلَّا فِي الطَّلَاقِ بِ " يَا طَالِقُ "، وَفِي الْعِتْقِ " يَا حُرُّ "، وَفِي الْحُدُودِ " يَا زَانِيَةُ "، وَفِي التَّعْزِيرِ " يَا سَارِقُ ".
5 -
فَتَفَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ 6 - وَلَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: يَا سَارِقَةُ يَا زَانِيَةُ يَا مَجْنُونَةُ، وَبَاعَهَا فَطَعَنَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالرِّدَّةُ إلَخْ.
فِي رِدَّةِ السَّكْرَانِ قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْكُفْرَ مِنْ بَابِ الِاعْتِقَادِ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعَ السُّكْرِ، وَلِأَنَّ الْكُفْرَ وَاجِبُ النَّفْيِ وَالْإِعْدَامِ.
وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] فَحَذَفَ مِنْهَا اللَّاءَاتِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] سَمَّاهُ مُؤْمِنًا» ، وَفِي الْقِيَاسِ تَصِحُّ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله: أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ بِالْقِيَاسِ. وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ ارْتِدَادُ السَّكْرَانِ وَالْمُكْرَهِ.
وَمَنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ بِالْبِرْسَامِ وَنَحْوِهِ، لَا يَصِحُّ حَتَّى لَمْ تَبِنْ امْرَأَتُهُ.
وَلَيْسَ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ وَلَوْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ، فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ ثَانِيًا، وَكَذَا لَوْ صَلَّى ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ
(4)
قَوْلُهُ: كَذَا فِي خُلْعٍ الْخَانِيَّةُ إلَخْ.
أَقُولُ: لَيْسَ فِي خُلْعٍ الْخَانِيَّةُ تَقْيِيدُ الْحُدُودِ بِالْخَالِصَةِ.
(5)
قَوْلُهُ: فَتَفَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ.
الْمُرَادُ بِالْقَاعِدَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا وَهِيَ النِّدَاءُ بِالْقَذْفِ لِلْإِعْلَامِ، فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يُقَابَلْ بِثَانٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَا يَسْتَدْعِي ثَانِيًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ قَالَ الشَّاعِرُ:
ثَانِي الْمَعَاطِفَ كُنْت أَوَّلَ عَاشِقٍ
…
فِي حُبِّهِ وَلِكُلِّ ثَانٍ أَوَّلُ
(6)
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: يَا سَارِقَةُ يَا زَانِيَةُ. . إلَخْ.
أَقُولُ: فَرَّعَ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ
الْمُشْتَرِي بِقَوْلِ الْبَائِعِ لَا يَرُدُّهَا؛ لِأَنَّهُ لِلْإِعْلَامِ لَا لِلتَّحْقِيقِ
7 -
وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا كَافِرَةُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا.
كَذَا فِي الْجَامِعِ
وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ لَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالزَّكَاةِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَالْعِتْقِ بِمِلْكِ التَّقْرِيبِ 8 - إلَّا فِي حُكْمَيْنِ: الْإِرْثُ وَالنَّفَقَةُ.
كَذَا فِي الْبَدَائِعِ
9 -
الْمَجْنُونُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: إذَا عَلَّقَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فَوُجِدَ الشَّرْطُ، وَفِيمَا إذَا كَانَ مَجْبُوبًا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا وَهُوَ طَلَاقٌ، وَفِيمَا إذَا كَانَ عِنِّينًا يُؤَجَّلُ بِطَلَبِهَا فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِحُضُورِ وَلِيِّهِ، وَفِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ وَهُوَ كَافِرٌ وَأَبَى أَبَوَاهُ الْإِسْلَامَ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ طَلَاقٌ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَذْفَ بِصِفَةٍ قَبِيحَةٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِوُجُودِ تِلْكَ الصِّفَةِ لَا عَلَى كَوْنِ النِّدَاءِ بِالْقَذْفِ لِلْإِعْلَامِ
(7)
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا كَافِرَةُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا. . إلَخْ.
لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ صِفَةُ الْكُفْرِ فِيهَا؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ لِلْإِعْلَامِ لَا لِلتَّحْقِيقِ، قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي مَنْظُومَتِهِ:
مَنْ قَالَ لِلْمُسْلِمِ يَا كَافِرُ لَا
…
يَكْفُرُ حَقًّا هَكَذَا قَدْ نُقِلَا
وَقَالَ فِي شَرْحِهَا لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ.
(8)
قَوْلُهُ:
إلَّا فِي حُكْمَيْنِ: الْإِرْثُ وَالنَّفَقَةُ إلَخْ.
فَيَنْتَفِي النَّسَبُ؛ لِأَنَّ بِاللَّعَّانِ ثَبَتَ شَرْعًا بِخِلَافِ الْأَصْلِيِّ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهِ وَظَنِّهِ مَعَ كَوْنِهِ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشِهِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ
(9)
قَوْلُهُ: الْمَجْنُونُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ.
أَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمَجْنُونُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ أَيْ لَا يَصِحُّ إيقَاعُهُ الطَّلَاقَ، وَحِينَئِذٍ لَا صِحَّةَ لِاسْتِثْنَاءِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إيقَاعُ طَلَاقٍ
الصَّبِيُّ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا إذَا أَسْلَمَتْ، فَعُرِضَ عَلَيْهِ مُمَيَّزًا 11 - فَأَبَى، وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِيمَا إذَا كَانَ مَجْبُوبًا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا 12 - فَهُوَ طَلَاقٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيُؤَجَّلُ لَهُ لِكَوْنِهِ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ كَعِتْقِ قَرِيبِهِ كَذَا فِي عِنِّينِ الْمِعْرَاجِ
13 -
الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ، وَالْمُضَافُ، مُنْعَقِدٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ؛
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
الصَّبِيُّ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا إذَا أَسْلَمَتْ إلَخْ.
أَيْ لَا يَصِحُّ إيقَاعُهُ الطَّلَاقَ، وَحِينَئِذٍ لَا صِحَّةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ إذْ لَا إيقَاعَ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
(11)
قَوْلُهُ:
فَأَبَى، وَقَعَ الطَّلَاقُ إلَخْ.
أَقُولُ: الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَقَعَ التَّفْرِيقُ وَهَذَا طَلَاقٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: فَسْخٌ.
(12)
قَوْلُهُ:
فَهُوَ طَلَاقٌ عَلَى الصَّحِيحِ إلَخْ.
وَقِيلَ: فَسْخٌ
(13)
قَوْلُهُ:
الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ إلَخْ.
أَيْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ، وَحُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَهُوَ قَلِيلٌ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ: فَرَّقَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ بِخِلَافِ الْمُضَافِ.
قَالَ: وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْوِيَةَ الْمُضَافِ وَالْمُعَلَّقِ فِي نَحْوِ " يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ " وَإِنْ قَدِمَ فِي يَوْمِ كَذَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ، وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي عَدَمِ انْعِقَادِ السَّبَبِ لِلْخَطَرِ اسْتَوَيَا فِي الْأَحْكَامِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ التَّعْجِيلِ فِيمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ صَدَقَةٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ لِعَدَمِ جَوَازِ التَّقَدُّمِ عَلَى السَّبَبِ وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِضَافَةِ، مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُضَافِ جَوَازُ التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَلَّقِ، وَيَقْتَضِي أَيْضًا كَوْنَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ كَذَا، كَإِذَا مُتِّ فَأَنْتِ كَذَا، لِأَنَّهُ لَا خَطَرَ فِيهِمَا.
فَيَكُونُ الْأَوَّلُ مُضَافًا فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْغَدِ كَمَا قَبْلَ الْمَوْتِ لِانْعِقَادِهِ سَبَبًا لِلْحَالِ كَمَا عُرِفَ.
وَفِي الْفَتْحِ لَكِنَّهُمْ يُجِيزُونَ بَيْعَهُ قَبْلَ الْغَدِ وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا، فَلَا يُجِيزُونَ بَيْعَهُ قَبْلَ الْغَدِ، وَبَيْنَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ فَيُجِيزُونَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا خَطَرَ فِيهِمَا.
وَقَدْ يُقَالُ: فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِضَافَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ حَقِيقَةً لِعَدَمِ كَلِمَةِ الشَّرْطِ لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ
فَإِذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ غَدًا لَمْ يَمْلِكْ بَيْعَهُ الْيَوْمَ، وَمَلَكَهُ إذَا قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ.
وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِدِرْهَمٍ غَدًا مَلَكَ التَّعْجِيلَ، بِخِلَافِ مَا إذَا جَاءَ غَدًا.
إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ 15 - فَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا: الْأُولَى: فِي إبْطَالِ خِيَارِ الشَّرْطِ.
قَالُوا: لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ إبْطَالِهِ بِالشَّرْطِ 16 - وَقَالُوا: لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَبْطَلْتُ خِيَارِي، أَوْ قَالَ: أَبْطَلْته غَدًا، فَجَاءَ غَدٌ بَطَلَ خِيَارُهُ، كَذَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ الْخَانِيَّةِ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَالْإِسْكَافِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَوْ قَالَ: آجَرْتُك غَدًا، أَوْ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ آجَرْتُك صَحَّتْ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْحُكْمَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَلَا يَمْنَعُ السَّبَبَ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ لَا يَنْزِلُ فِي الْحَالِ فَقُلْنَا: إنَّهُ يَنْعَقِدُ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَيَقَعُ مُقَارِنًا وَيَتَأَخَّرُ الْحُكْمُ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ (انْتَهَى) .
وَقَدْ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَوْقَافِهِ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ رَأْسَ الشَّهْرِ
لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَأَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ مِلْكِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةِ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يُشْكَلُ هَذَا عَلَى قِيَاسِ الْقَاعِدَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْخَصَّافُ لَمْ يَقُلْ بِالْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُخَالِفُ الْمَشَايِخَ وَيَنْفَرِدُ بِأَقْوَالٍ (انْتَهَى) .
(14)
قَوْلُهُ:
فَإِذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ غَدًا إلَخْ.
تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يَنْعَقِدُ وَعَلَى قَوْلِهِ: الْمُضَافُ يَنْعَقِدُ (15) قَوْلُهُ:
فَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا إلَخْ.
بِأَنْ جَعَلُوا حُكْمَ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ كَالْمُضَافِ.
(16)
قَوْلُهُ:
وَقَالُوا: لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَبْطَلْتُ خِيَارِي إلَخْ.
قِيلَ: ذُكِرَ وَأَمْثَالُهُ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَقَدْ أَبْطَلْتُ خِيَارِي كَانَ بَاطِلًا، فَأَقُولُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ الْأَوَّلَ تَعْلِيقٌ بِشَيْءٍ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَلَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ فِي الْخِيَارِ.
وَفِي الثَّانِي: لَمَّا كَانَ بِمَجِيءِ الْغَدِ وَهُوَ كَائِنٌ.
صَحَّ التَّعْلِيقُ لِكَوْنِهِ إضَافَةً فِي الْمَعْنَى، وَلَوْ كَانَ بِصُورَةِ التَّعْلِيقِ (انْتَهَى) .
وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ.
مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَتَصِحُّ إضَافَتُهَا. 18 -
وَمِنْ فُرُوعِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ؛ 19 - لَوْ حُلِّفَ لَا يَحْلِفُ ثُمَّ قَالَ لَهَا: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ حَنِثَ، 20 - بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ 21 - وَفِي الْخَانِيَّةِ تَصِحُّ إضَافَةُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَتَصِحُّ إضَافَتُهَا إلَخْ.
أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا صُورِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ فَإِنَّ مَجِيءَ الْغَدِ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، فَكَانَ إضَافَةً فِي الْمَعْنَى.
وَالتَّعْلِيقُ الَّذِي يُوجِبُ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ الْحَقِيقِيُّ، وَهُوَ مَا يَكُونُ بِشَرْطٍ مُنْتَظَرٍ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّسْوِيَةِ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لَوْ قَالَ: إنْ جَاءَ زَيْدٌ آجَرْتُك. (18) قَوْلُهُ:
وَمِنْ فُرُوعِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ.
أَيْ مَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ بِخِلَافِ الْمُضَافِ (19) قَوْلُهُ:
وَلَوْ حُلِّفَ لَا يَحْلِفُ ثُمَّ قَالَ لَهَا: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ - حَنِثَ إلَخْ.
أَقُولُ فِيهِ: إنَّهُمْ إذَا جَاءَ غَدٌ فِي حُكْمِ الْإِضَافَةِ فِي إبْطَالِ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَفِيمَا إذَا قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ آجَرْتُك، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ هُنَا فِي حُكْمِ الْإِضَافَةِ
وَعَلَّلَ ذَلِكَ قَاضِي خَانْ؛ بِأَنَّ مَجِيءَ الْغَدِ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَمُقْتَضَى هَذَا عَدَمُ الْحِنْثِ هُنَا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِكَائِنٍ تَنْجِيزٌ لَا حَلِفَ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ مُنْتَظَرٌ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ، بِقَصْدِ نَفْيِهِ أَوْ إثْبَاتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(20)
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت إلَخْ.
كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ: كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ سُلَيْمَانَ بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ.
(21)
قَوْلُهُ:
وَفِي الْخَانِيَّةِ: تَصِحُّ إضَافَةُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا إلَخْ.
أَقُولُ: الصَّوَابُ تَعْلِيقُهُ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ، أَيْ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَعْلِيقِ الْفَسْخِ لَا تَعْلِيقِ الْإِجَارَةِ.
لَا يُقَالُ لَمَّا أُضِيفَتْ إلَى الْمُؤَنَّثِ جَازَ اكْتِسَابُهُ التَّأْنِيثَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ حَذْفُ الْمُضَافِ وَنِسْبَةُ الْحُكْمِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ
طَلَبُ الْمَرْأَةِ الْخُلْعَ حَرَامٌ إلَّا إذَا عُلِّقَ طَلَاقُهَا الْبَائِنُ بِشَرْطٍ 23 - فَشَهِدُوا بِوُجُودِهِ فَلَمْ يَقْضِ بِهَا فَعَلَيْهَا أَنْ تَحْتَاطَ فِي طَلَبِ الْفِدَاءِ لِلْمُفَارَقَةِ 24 -
الْقَوْلُ لَهُ إنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ مِنْ جِهَتِهَا إلَّا فِي مَسَائِلَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْفَسْخِ خِلَافًا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ أَخَلَّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ
(22)
قَوْلُهُ:
طَلَبُ الْمَرْأَةِ الْخُلْعَ حَرَامٌ إلَّا إذَا عُلِّقَ طَلَاقُهَا إلَخْ.
قِيلَ عَلَيْهِ: الْحَصْرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ إذَا أَنْكَرَ طَلَاقَهَا بَعْدَ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا وَلَيْسَ لَهَا شُهُودٌ فَلَهَا الِافْتِدَاءُ لِلْخَلَاصِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا ذَكَرُوا أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ بِالسُّمِّ تَحَرُّزًا عَنْ الزِّنَا فَجَوَازُ طَلَبِ خُلْعِهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (انْتَهَى) .
وَلَا يَخْفَى حُسْنُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الطَّلَاقَ بِالْبَائِنِ وَإِنْ أَطْلَقَهُ قَاضِي خَانْ.
(23)
قَوْلُهُ:
فَشَهِدُوا بِوُجُودِهِ فَلَمْ يَقْضِ لَهَا إلَخْ.
كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ إلَى سَنَةٍ فَشَرِبَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الشَّرَابِ، وَرَأَوْهُ سَكْرَانَ وَهُوَ يَجْحَدُ شُرْبَ الْمُسْكِرِ فَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي فَلَمْ يَقْضِ.
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: لِلْقَاضِي أَنْ يَحْتَاطَ وَلَا يَقْبَلَ شَهَادَةَ مَنْ لَا يُعَايِنُ الشُّرْبَ (24) قَوْلُهُ:
الْقَوْلُ لَهُ إنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ إلَخْ.
كَثِيرًا مَا يَقَعُ أَنَّ الْمَدْيُونَ يُعَلِّقُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى عَدَمِ دَفْعِ الدَّيْنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ فِي يَوْمٍ مُتَعَيَّنٍ فَيَمْضِي ذَلِكَ الْيَوْمُ فَيَدَّعِي الْمَدْيُونُ الدَّفْعَ وَيُنْكِرُهُ رَبُّ الدَّيْنِ.
فَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَغَيْرُهُ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ: أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُ الْمَدْيُونِ فِي الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّيْنِ فِي حَقِّ الْمَالِ وَالطَّلَاقِ
وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ لَوْ كَانَ فِي وَقْتِ الْمُضَافِ كَانَ الْقَوْلُ لَهَا، كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسَّنَةِ ثُمَّ قَالَ: جَامَعْتُك وَأَنْتِ طَاهِرَةٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا لَا يُمْكِنُهُ إنْشَاءُ الْجِمَاعِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِزٌ شَرْعًا.
أَمَّا إذَا كَانَتْ طَاهِرَةً فَلِكَوْنِهِ اعْتَرَفَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمُضَافَ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ
لَوْ عَلَّقَهَا بِعَدَمِ وُصُولِ نَفَقَتِهَا شَهْرًا فَادَّعَاهُ وَأَنْكَرَتْ، فَالْقَوْلُ لَهَا فِي الْمَالِ وَالطَّلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِيمَا إذَا طَلَّقَهَا لِلسَّنَةِ وَادَّعَى جِمَاعَهَا فِي الْحَيْضِ وَأَنْكَرَتْ، وَفِيمَا إذَا ادَّعَى الْمُولِي قُرْبَانَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ فِيهَا وَأَنْكَرَتْ، وَفِيمَا إذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِطَلَاقِهَا ثُمَّ خَيَّرَهَا وَادَّعَى إنَّهَا اخْتَارَتْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ وَهِيَ فِيهِ كَمَا فِي الْكَافِي.
إذَا عُلِّقَ بِفِعْلِهَا الْقَلْبِيِّ تَعَلَّقَ بِإِخْبَارِهَا وَلَوْ كَاذِبَةً، إلَّا إذَا قَالَ إنْ سَرَرْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ سُرِرْت لَمْ يَقَعْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ وُصُولِ نَفَقَتِهَا إلَى قَوْلِهِ، فَالْقَوْلُ لَهَا إلَخْ.
أَقُولُ: فِي الْقُنْيَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ، قَالَ: لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَصِلْ نَفَقَتِي إلَيْك إلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَشَرَةِ فَادَّعَى الزَّوْجُ فَأَنْكَرَتْهُ هِيَ، فَالْقَوْلُ لَهُ (انْتَهَى) .
لَكِنْ صَحَّحَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَالْبَزَّازِيَّةِ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَدَّعِي إيفَاءَ حَقٍّ مَالِيٍّ وَهِيَ تُنْكِرُ فَهَذَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمُتُونِ، فَاغْتَنِمْ هَذَا.
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ وَزَوَالِ الْمِلْكِ: بَعْدَ الْيَمِينِ يُبْطِلُهَا مَسْأَلَتَانِ كَثُرَ وُقُوعُهُمَا الْأُولَى: حَلَفَ لَيُؤَدِّيَنَّ لَهُ الْيَوْمَ كَذَا فَعَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ وَلَا وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ.
الثَّانِيَةُ: مَا يُكْتَبُ فِي التَّعَالِيقِ أَنَّهُ مَتَى نَقَلَهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ كَذَا مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَدَفَعَ لَهَا جَمِيعَ مَالِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الشَّرْطِ، فَهَلْ يَبْطُلُ الْيَمِينُ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَهُ: إنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مُوَقَّتَةٌ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِبُطْلَانِهَا، فِي الْحَادِثَةِ الْأُولَى إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَقَدْ يُقَالُ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ الْأَدَاءِ مُمْكِنٌ فَإِنَّهُ لَوْ دَفَعَ الدَّيْنَ إلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ: قَدْ أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَيَرْجِعُ الْمَدْيُونُ بِمَا دَفَعَهُ، إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ (انْتَهَى) .
وَقَدْ سُئِلَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ عَنْ الْمَدْيُونِ إذَا حَلَفَ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ فَقِيرٌ لَا يَمْلِكُ الدَّيْنَ وَلَا بَعْضَهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْبِرِّ وَكَوْنِ الْيَمِينِ مُوَقَّتَةً هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ.
إذَا عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا كَحَيْضِهَا فَالْقَوْلُ لَهَا فِي حَقِّهَا.
وَإِذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَالْقَوْلُ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ لِلْعَبْدِ: إنْ احْتَلَمْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْحَالِفُ عَنْ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مُوَقَّتَةٌ وَعَلَى مَسْأَلَةِ الْكُوزِ الْمَشْهُورَةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَمْ تَكُنْ مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ دَاخِلَةً تَحْتَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يُمْكِنَ الْبِرُّ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا حَقِيقَةً كَمَسْأَلَةِ الْكُوزِ فَإِنْ شَرِبَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ حَتَّى لَوْ كَانَ مُمْكِنًا حَقِيقَةً غَيْرَ مُمْكِنٍ عَادَةً كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً وَبَاقِيَةً فِي الْمُوَقَّتَةِ، كَمَسْأَلَةِ الْحَلِفِ لَيَصْعَدَنَّ إلَى السَّمَاءِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُمْكِنًا حَقِيقَةً انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ وَلَمَّا كَانَ مُسْتَحِيلًا عَادَةً حَنِثَ لِلْحَالِ، كَمَا حَقَّقَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ.
وَفِي مَسْأَلَتَيْ الْبِرِّ مُمْكِنٌ حَقِيقَةً وَعَادَةً مَعَ الِاعْتِبَارِ لِإِمْكَانِ أَنْ يُوهَبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ يُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ يَرِثَ شَيْئًا أَوْ يُبْرِئَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ أَدَاءً سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا أَوْ مُعْسِرًا.
وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا صَاحِبُ الْبَحْرِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ لِلْكَنْزِ خِلَافَهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ (انْتَهَى) .
قِيلَ: مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ يُعْكَسُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إذَا كَانَ عَدَمِيًّا وَعَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ.
فَالْمُخْتَارُ، الْحِنْثُ وَإِنْ كَانَ وُجُودِيًّا أَوْ عَجَزَ فَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْحِنْثِ (انْتَهَى) .
وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُعْكَسُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ فِي لَيُؤَدِّيَنَّ لَهُ الْيَوْمَ عَدَمِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ الْأَدَاءِ لَكِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ إنَّمَا عَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَةِ شَرْطِ الْبِرِّ وَهُوَ الْأَدَاءُ وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْ عَدَمِ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ أَخْرُجْ الْيَوْمَ فَمُنِعَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ السُّكْنَى وَالْمُكْثِ فِي الدَّاخِلِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ بِمَنْعِهِ مِنْ الْخُرُوجِ فَحَصَلَ مِنْهُ السُّكْنَى وَالْمُكْثُ وَعَجَزَ عَنْ عَدَمِ ذَلِكَ فَيَحْنَثُ فَتَأَمَّلْ.
(26)
قَوْلُهُ:
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ إلَخْ.
أَقُولُ: عَلَّلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ يُتَيَقَّنُ كَذِبُهَا ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ السُّرُورَ مِمَّا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِخَبَرِهَا وَيُقْبَلَ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ كُنَّا نَتَيَقَّنُ بِكَذِبِهَا.
كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَك اللَّهُ بِنَارِ جَهَنَّمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: أُحِبُّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَلَوْ أَعْطَاهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: لَمْ يَسُرَّنِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا طَالَبَتْ الْغِنَى فَلَا يَسُرُّهَا الْأَلْفُ.
فَقَالَ: احْتَلَمْت وَقَعَ بِإِخْبَارِهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. 27 -
وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ بِإِمْكَانِ النَّظَرِ إلَى خُرُوجِ الْمَنِيِّ بِخِلَافِ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الرَّحِمِ
28 -
كُرِّرَ الشَّرْطُ ثَلَاثًا وَالْجَزَاءُ وَاحِدًا 29 - فَوُجِدَ الشَّرْطُ مَرَّةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ تَعَدَّدَ الْوُقُوعُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ.
نَصُّ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ بِنْتُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَغُلَامٌ ابْنُ أَرْبَعَةَ عَشْرَ سَنَةً، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ لِلْغُلَامِ: إذَا احْتَلَمْت فَأَنْتَ حُرٌّ - فَقَالَتْ الْجَارِيَةُ قَدْ حِضْتُ.
وَقَالَ الْغُلَامُ: قَدْ احْتَلَمْتُ، قَالَ: تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ وَلَا يُصَدَّقُ الْغُلَامُ. قَالَ: لِأَنَّ الْغُلَامَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْظَرَ كَيْفَ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ أَمَّا خُرُوجُ الدَّمِ مِنْ الْفَرْجِ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ حَيْضٌ فَلَا يَقِفُ غَيْرُهَا (انْتَهَى) . أَقُولُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ التَّصْحِيحِ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَوْلِ بِقَبُولِ قَوْلِهِ فَضْلًا عَنْ تَصْحِيحِهِ
(28)
قَوْلُهُ:
كُرِّرَ الشَّرْطُ ثَلَاثًا وَالْجَزَاءُ وَاحِدًا إلَخْ.
أَيْ وَذَكَرَ الْجَزَاءَ حَالَةَ كَوْنِهِ وَاحِدًا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا
وَلَوْ قَالَ: وَالْجَزَاءُ وَاحِدٌ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةً لَكَانَ أَوْلَى.
وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ ذَلِكَ فِي دَارِ وَاحِدَةٍ فَدَخَلَتْ الدَّارَ مَرَّةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً اسْتِحْسَانًا.
(29)
قَوْلُهُ:
فَوُجِدَ الشَّرْطُ مَرَّةً إلَخْ.
قِيلَ: الظَّاهِرُ انْحِلَالُ الْيَمِينِ بِذَلِكَ هُنَا عَلَى أَنَّ اتِّحَادَ الْيَمِينِ بِاتِّحَادِ الْجَزَاءِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ الشَّرْطُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ صُورَةِ اتِّحَادِ الْجَزَاءِ وَصُورَةِ تَعَدُّدِهِ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ، فَوُجِدَ الشَّرْطُ مَرَّةً أَنَّهُ لَوْ.
وُجِدَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا تَعَدَّدَ الطَّلَاقُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ انْحِلَالَهَا بِالدُّخُولِ مَرَّةً مَبْنِيٌّ عَلَى إرَادَةِ التَّأْكِيدِ بِالتَّكْرَارِ وَقَضِيَّتُهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّأْكِيدُ وَأَرَادَتْ التَّعْلِيقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَدْخُولَاتِ يَقَعُ بِكُلِّ دُخُولٍ طَلْقَةٌ وَيُسَاوِي حِينَئِذٍ صُورَةَ تَعَدُّدِ الْجَزَاءِ
وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ عَطَفَهَا مَعَ أُخْرَى بِالْوَاوِ أَوْ ثُمَّ أَوْ الْفَاءِ طَلُقَتْ الْأُولَى اثْنَتَيْنِ وَالْأُخْرَى وَاحِدَةً
31 -
وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَضْرَبَهُ وَأَثْبَتَهُ لَهَا لَا يَتَعَدَّدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، 32 - وَلَوْ جَمَعَ الْأُولَى مَعَ الْأُخْرَى فِي الْإِضْرَابِ تَعَدَّدَ عَلَى الْأَوْلَى
33 -
وَإِذَا أَدْخَلَ كَلِمَةً أَوْ فِي الْإِيقَاعِ عَلَى امْرَأَتَيْنِ وَأَعْقَبَهُ بِشَرْطٍ؛ فَإِنَّ التَّعْيِينَ لَهُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، إذَا طَلَّقَ ثُمَّ أَتَى بِأَوْ، فَإِنْ كَانَ مَا بَعْدَ " أَوْ " كَذِبًا وَقَعَ بِالْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا. 34 -
كُرِّرَ الشَّرْطُ ثُمَّ أَعْقَبَهُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ تَعَدَّدَ الشَّرْطُ لَا الْجَزَاءُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ عَطَفَهَا مَعَ أُخْرَى إلَخْ
تَوْضِيحُهُ: أَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: أَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ يَعْنِي بِالْمَعْطُوفِ الْأُولَى
(31)
قَوْلُهُ:
وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَضْرَبَهُ إلَخْ.
وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ؛ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي طَلَاقٌ آخَرُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتُمَا، لَزِمَ الْأُولَى تَطْلِيقَتَانِ وَالْأُخْرَى وَاحِدَةً (انْتَهَى)
وَبِهِ يَسْقُطُ مَا قِيلَ لَمْ يُبَيِّنْ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَخْلُو تَصْوِيرُهَا عَنْ إشْكَالٍ وَلَعَلَّ صُورَتَهُ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ فُلَانَةُ بَلْ أَنْتِ وَهَلْ يَقَعُ عَلَى فُلَانَةَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: بَلْ فُلَانَةُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ وَتَقْدِيرُهُ " بَلْ فُلَانَةُ طَالِقٌ " لَا يُفْهَمُ حُكْمُهُ مِنْ عِبَارَتِهِ، فَتَأَمَّلْ (انْتَهَى) .
(32)
قَوْلُهُ:
وَلَوْ جَمَعَ الْأُولَى مَعَ الْأُخْرَى فِي الْإِضْرَابِ إلَخْ.
صُورَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتُمَا
(33)
قَوْلُهُ:
وَإِذَا أَدْخَلَ كَلِمَةَ أَوْ فِي الْإِيقَاعِ إلَخْ.
صُورَتُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَسْتِ بِرَجُلٍ، أَوْ أَنَا غَيْرُ رَجُلٍ، فَهِيَ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ رَجُلٌ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي كَلَامِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنَا رَجُلٌ؛ كَانَ صَادِقًا وَلَمْ تُتَطَلَّقْ امْرَأَتُهُ.
(34)
قَوْلُهُ كُرِّرَ الشَّرْطُ ثُمَّ أَعْقَبَهُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ إلَخْ.
أَقُولُ فِيهِ: إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَدْ تَقَدَّمَتْ آنِفًا فَذِكْرُهَا تَكْرَارٌ مَحْضٌ، وَمَا قِيلَ: إنَّ الْمُتَقَدِّمَةَ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ كَلَامٌ سَاقِطٌ
وَلَوْ ذُكِرَ الْجَزَاءُ بَيْنَ شَرْطَيْنِ تَعَدَّدَ الشَّرْطُ. 36 -
كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا حَنِثَ بِالْمُبَانَةِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِلثَّانِي وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
37 -
يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ: 38 - كُلَّمَا دَخَلْت فَكَذَا، كُلَّمَا قَعَدْت عِنْدَك فَكَذَا فَقَعَدَ سَاعَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا، كُلَّمَا ضَرَبْتُك 39 - فَضَرَبَهَا بِيَدَيْهِ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ بِكَفٍّ وَاحِدٍ فَوَاحِدَةٌ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
لَا يُجْدِي، عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْعَكْسُ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمَةَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كُرِّرَ الشَّرْطُ ثَلَاثًا وَهَذِهِ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالثَّلَاثِ إنْ كَانَ الثَّلَاثُ لَيْسَ قَيْدًا.
(35)
قَوْلُهُ:
وَلَوْ ذُكِرَ الْجَزَاءُ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ تَعَدَّدَ الشَّرْطُ إلَخْ.
صُورَتُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهَذَا عَلَى دَخْلَتَيْنِ. (انْتَهَى) .
وَصُورَةُ الْمُحَقِّقِ ابْنُ الْهُمَامِ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ ثُمَّ قَالَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا إذَا وُجِدَ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ ثُمَّ إذَا وُجِدَ الثَّانِي لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ.
كَأَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَفْرُوضَةِ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ تِلْكَ الطَّلْقَةِ الْأُولَى الْوَاقِعَةِ بِالْأُولَى هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ.
(36)
قَوْلُهُ:
كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا حَنِثَ بِالْمُبَايِنَةِ إلَخْ.
فِي الْخَانِيَّةِ: قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، طَلُقَتْ عِنْدَهُمَا لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَلَا تَطْلُقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُرِيدُهَا بِهَذَا الْيَمِينِ
(37)
قَوْلُهُ يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ إلَخْ.
الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ كُلَّمَا دَخَلْت إلَخْ.
تَمَثُّلٌ لِتَكَرُّرِ الْجَزَاءِ الشَّرْطَ وَحَذَفَ أَدَاةَ التَّمْثِيلِ لِظُهُورِ كَوْنِهِ تَمْثِيلًا وَإِنَّمَا تَكَرَّرَ الْجَزَاءُ فِي قَوْلِهِ: كُلَّمَا دَخَلْت، فَكَذَا لِأَنَّ الدُّخُولَ يَتَكَرَّرُ لِإِدْخَالِ كَلِمَةِ كُلَّمَا عَلَيْهِ وَالْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ مُكَرَّرٌ يَتَكَرَّرُ.
(38)
قَوْلُهُ:
كُلَّمَا قَعَدْت عِنْدَك فَكَذَا إلَخْ.
وَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ الدَّوَامَ عَلَى الْقُعُودِ وَعَلَى كُلَّمَا: يُسْتَدَامُ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْشَاءِ (39) قَوْلُهُ: فَضَرَبَهَا بِيَدَيْهِ طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ إلَخْ.
وَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ فِي الْيَدَيْنِ تَكْرَارُ
كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَطَلَّقَهَا وَقَعَ ثِنْتَانِ. 41 -
كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَطَلَّقَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا
42 -
وَسَطُ الشَّرْطِ بَيْنَ طَلَاقَيْنِ تُنْجِزُ الثَّانِيَ وَتُعَلِّقُ الْأَوَّلَ
43 -
ذِكْرُ مُنَادًى بَيْنَ شَرْطٍ وَجَزَاءٍ ثُمَّ نَادَى أُخْرَى تَعَلَّقَ طَلَاقُ الْأُولَى وَيَنْوِي فِي الْأُخْرَى
ــ
[غمز عيون البصائر]
الضَّرْبِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ بِكُلِّ يَدٍ ضَرْبَةٌ عَلَى حِدَةٍ بِخِلَافِ الضَّرْبِ بِكَفٍّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَمْ يَتَكَرَّرْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الضَّرْبِ هَزُّ الْكَفِّ وَالْأَصَابِعُ تَبَعٌ لَهَا فَلَمْ يَتَعَدَّدْ الضَّرْبُ، قِيلَ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَزَاءَ لِيَظْهَرَ كَوْنُ الْحُكْمِ مَا ذُكِرَ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِ الْوَاقِعِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً بِالْيَدَيْنِ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ مُتَعَاقِبَتَيْنِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ.
(40)
قَوْلُهُ:
كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَطَلَّقَهَا وَقَعَ ثِنْتَانِ إلَخْ طَلْقَةٌ بِالتَّطْلِيقِ وَطَلْقَةٌ بِالتَّعْلِيقِ.
(41)
قَوْلُهُ:
كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي إلَخْ.
الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا حَيْثُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي هَذِهِ وَاثْنَتَانِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَهُوَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَفِي تِلْكَ التَّطْلِيقُ وَالْإِنْصَافُ بِالْوُقُوعِ وُجِدَ بَعْدَ الْإِيقَاعِ مَرَّتَيْنِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ فَتَأَمَّلْ
(43)
قَوْلُهُ:
ذِكْرُ مُنَادًى بَيْنَ شَرْطٍ وَجَزَاءٍ إلَخْ.
حَاصِلُهُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ الْأُولَى ثُمَّ إنْ عُلِمَ أَفْرَادُهَا بِالطَّلَاقِ فَلَا يَنْوِي فِي الثَّانِيَةِ وَإِلَّا نَوَى فِيهَا.
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إذَا اُعْتُبِرَ الْجَزَاءُ جَزَاءً لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَمَا وَجْهُ طَلَاقِ الْأُخْرَى عِنْدَ نِيَّتِهِ بِأَيِّ لَفْظٍ وَقَعَ إذْ مُجَرَّدُ نِدَائِهَا بِاسْمِهَا لَا يَكْفِي فِي وُقُوعِ طَلَاقِهَا عِنْدَ نِيَّتِهِ، تَوْضِيحَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ يَا زَيْنَبُ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَا فَاطِمَةُ مَثَلًا كَانَ قَوْلُهُ: فَأَنْتِ طَالِقٌ جَزَاءَ قَوْلِهِ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَيَتَعَلَّقُ طَلَاقُ زَيْنَبَ بِقُدُومِهِ وَحِينَئِذٍ بِأَيِّ لَفْظٍ يَقَعُ طَلَاقُ فَاطِمَةَ عِنْدَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: يَا فَاطِمَةُ، لَا يَصِحُّ لِلْإِيقَاعِ بِهِ كَذَا قِيلَ: أَقُولُ: وَقَعَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ نَوَاهَا بِهِ كَمَا نَوَى زَيْنَبَ وَقَدْ فَصَّلَ الْمَرْحُومُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَفْصِيلًا حَسَنًا، فَلْيُرَاجَعْ
وَلَوْ بَدَأَ بِنِدَاءِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ ثُمَّ نَادَى أُخْرَى فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ طَلُقَتَا.
كَلِمَةُ (كُلُّ) فِي التَّعْلِيقِ
45 -
عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ بِالْأَفْرَادِ، مُنْصَرِفَةٌ إلَى ثَلَاثَةٍ.
كَقَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أَقُلْ عَنْك لِأَخِيك بِكُلِّ قَبِيحٍ فِي الدُّنْيَا فَأَنْتَ كَذَا، 46 - يَبَرُّ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْقَبِيحِ.
إذَا عَلَّقَهُ بِوَصْفٍ قَائِمٍ بِهَا كَانَ عَلَى وُجُودِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. 47 -
كَقَوْلِهِ: لِلْحَائِضِ: إنْ حِضْت، وَلِلْمَرِيضَةِ: إنْ مَرِضْت
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ بَدَأَ بِالنِّدَاءِ إلَخْ.
بِأَنْ قَالَ: يَا عَمْرَةُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَيَا زَيْنَبُ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ طَلُقَتَا، وَلَوْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلَاقَ زَيْنَبَ، لَمْ يُقْبَلْ.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ يَا عَمْرَةُ طَالِقٌ وَيَا زَيْنَبُ، لَمْ يَنْوِهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
(45)
قَوْلُهُ:
عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ إلَخْ.
بِظَرْفِ قَوْلِهِ مُنْصَرِفَةٌ إلَى ثَلَاثَةٍ.
(46)
قَوْلُهُ:
يَبَرُّ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْقَبِيحِ كَأَنْ يَصِفَهَا بِمَا هُوَ مِنْ أَخْلَاقِ اللِّئَامِ وَاللُّصُوصِ وَالْمُخَادِعِينَ وَالْقَاتِلِينَ، وَيَأْثَمُ بِذَلِكَ.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَنْبَغِي لِلْحَالِفِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْأَخِ بَعْدَمَا قَالَ مِنْ الْقَبِيحِ: إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ لِأَجْلِ الْيَمِينِ وَهِيَ بَرِيَّةٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ تَوْبَةً مِنْهُ عَمَّا قَالَ فِيهَا.
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَقَوْلُهُ: يَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ تَوْبَةً أَيْ رُجُوعًا عَمَّا قَالَهُ لَا إنَّهُ تَوْبَةٌ حَقِيقَةٌ (47) قَوْلُهُ:
كَقَوْلِهِ لِلْحَائِضِ إنْ حِضْت إلَخْ.
كَانَ عَلَى وُجُودِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إلَخْ.
أَقُولُ: مَحَلُّ ذَلِكَ الْكَلَامِ مَا إذَا لَمْ يُقَيَّدْ بِالْغَدِ فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا حِضْت غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَائِضٌ فَهُوَ عَلَى دَوَامِ ذَلِكَ الْحَيْضِ إلَى الْغَدِ إنْ دَامَ إلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ الْغَدِ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهَا فِي الْغَدِ فَيُحْمَلُ عَلَى الدَّوَامِ إذَا عُلِمَ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْمَرِيضَةِ: إذَا مَرِضْت غَدًا فَهُوَ عَلَى دَوَامِ ذَلِكَ الْمَرَضِ ظَاهِرًا.
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.
إلَّا إذَا قَالَ لِصَحِيحَةٍ: إنْ صَحَحْت. 49 -
وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَإِلَّا لَا.
50 -
(إنْ) عَلَى التَّرَاخِي إلَّا بِقَرِينَةِ الْفَوْرِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ لِلصَّحِيحَةِ: إنْ صَحَحْت إلَخْ. يَعْنِي " فَأَنْتِ طَالِقٌ " يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ أَمْرٌ يَمْتَدُّ وَفِي مِثْلِهِ لِلدَّوَامِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ فَيَحْنَثُ لِلْحَالِ.
كَمَا لَوْ قَالَ لِلْقَائِمِ: إذَا قُمْت، وَلِلْقَاعِدِ: إذَا قَعَدْت، وَلِلْبَصِيرِ إذَا أَبْصَرْتَ وَلِلْمُلُوكِ إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ يَحْنَثُ، كَمَا سَكَتَ عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ لِلدَّوَامِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ.
(49)
قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَإِلَّا لَا قِيلَ عَلَيْهِ: مُفَادُهُ امْتِدَادُ الصِّحَّةِ دُونَ الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
إذْ هُمَا مِمَّا يَمْتَدُّ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: هُمَا وَإِنْ كَانَا مِمَّا يَمْتَدُّ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا عَلَّقَ بِالْجُمْلَةِ أَحْكَامًا لَا تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَقَدْ جَعَلَ الْكُلَّ شَيْئًا وَاحِدًا.
(50)
قَوْلُهُ:
إنْ عَلَى التَّرَاخِي إلَّا بِقَرِينَةِ الْفَوْرِ إلَخْ.
لَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِهِمْ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُؤَبَّدَةٌ: وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ مُطْلَقًا.
وَمُؤَقَّتَةٌ: وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا الْيَوْمَ وَهَذَا الشَّهْرَ.
فَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله يَمِينَ الْفَوْرِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ فِي تَسْمِيَتِهَا وَلَا فِي حُكْمِهَا وَلَا خَالَفَهُ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ عِيَالُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا (انْتَهَى) .
بَلْ النَّاسُ عِيَالُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ كُلِّهِ وَهُوَ يَمِينٌ مُؤَبَّدَةٌ لَفْظًا مُؤَقَّتَةٌ مَعْنًى تُقَيَّدُ بِالْحَالِ أَوْ تَكُونُ بِنَاءً عَلَى أَمْرٍ حَالِيٍّ، فَمِنْ الثَّانِي امْرَأَةٌ تَهَيَّأَتْ لِلْخُرُوجِ فَحَلَفَ لَا تَخْرُجُ فَإِذَا جَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ الَّذِي تَهَيَّأَتْ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجْت أَيْ السَّاعَةَ
وَمِنْهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ فَحَلَفَ عَلَيْهِ لَا يَضْرِبُهُ فَتَرَكَهُ سَاعَةً بِحَيْثُ يَذْهَبُ فَوْرَ ذَلِكَ ثُمَّ ضَرَبَهُ لَا يَحْنَثُ لِذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَمِنْ الْأَوَّلِ اجْلِسْ تَغَدَّ عِنْدِي فَيَقُولُ: إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ - تُقَيَّدُ بِالْحَالِ، فَإِذَا تَغَدَّى فِي يَوْمِهِ فِي مَنْزِلِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَقَعَ جَوَابًا تَضَمَّنَ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ، وَالسُّؤَالُ التَّغَدِّي الْحَالِيُّ فَيَنْصَرِفُ الْحَلِفُ إلَى الْغَدَاءِ الْحَالِيِّ لِتَقَعَ الْمُطَابَقَةُ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الْحَالِفِ، ثُمَّ إنَّ التَّقْيِيدَ تَارَةً يَثْبُتُ
وَمِنْهُ. 52 - طَلَبَ جِمَاعَهَا فَأَبَتْ، فَقَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي مَعِي الْبَيْتَ، فَدَخَلَتْ بَعْدَ سُكُونِ شَهْوَتِهِ.
53 -
وَمِنْهُ طَلِّقْنِي، فَقَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك
54 -
عَلَّقَهُ عَلَى زِنَاهُ فَشَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ وَقَعَ، وَإِنْ عَلَى الْمُعَايَنَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
صَرِيحًا وَتَارَةً يَثْبُتُ دَلَالَةً، وَالدَّلَالَةُ نَوْعَانِ: دَلَالَةٌ لَفْظِيَّةٌ، وَدَلَالَةٌ حَالِيَّةٌ، فَالدَّلَالَةُ اللَّفْظِيَّةُ نَحْوُ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ تَقَيَّدَ بِحَالِ حَيَاةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالدَّلَالَةُ الْحَالِيَّةُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: اجْلِسْ تَغَدَّ عِنْدِي؛ فَيَقُولُ: إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ.
(51)
قَوْلُهُ:
وَمِنْهُ إلَخْ.
أَيْ مِمَّا حُمِلَ عَلَى الْفَوْرِ بِقَرِينَةٍ.
(52)
قَوْلُهُ:
طَلَبَ جِمَاعَهَا فَأَبَتْ إلَخْ.
فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ: رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ فَلَمْ تُطَاوِعْهُ؛ فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ تَدْخُلِي مَعِي الْبَيْتَ فَأَنْتِ طَالِقَةٌ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَدَخَلَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ إنْ دَخَلَتْ بَعْدَ مَا سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمُ الدُّخُولِ لِقَضَاءِ تِلْكَ الشَّهْوَةِ مِنْهَا وَقَدْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الدُّخُولِ لِقَضَاءِ تِلْكَ الشَّهْوَةِ.
(53)
قَوْلُهُ:
وَمِنْهُ طَلِّقْنِي إلَخْ.
مِمَّا حُمِلَ عَلَى الْفَوْرِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهَا لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي؛ فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك أَيْ فَوْرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا فَوْرًا حَنِثَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمُ طَلَاقِهَا فَوْرًا وَإِنْ طَلَّقَهَا فَوْرًا لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ طَلَاقًا مُنْجَزًا.
هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَحَلُّ
(54)
قَوْلُهُ:
عَلَّقَهُ عَلَى زِنَاهُ إلَخْ.
أَيْ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَلَا يُحَدُّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ قِيلَ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَرَّ مَرَّةً وَاحِدَةً مَعَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ فِي حَقِّ الْحَدِّ إلَّا بِالْإِقْرَارِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ.
يَعْنِي وَقِيَاسُهُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ أَنْ لَا يُؤَاخَذَ بِهِ إلَّا بِالْإِقْرَارِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيُجَابَ بِأَنَّ تَوَقُّفَ الثُّبُوتِ بِالْإِقْرَارِ عَلَى تَكَرُّرِهِ فِي حَقِّ الْحَدِّ.
ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَتُهُ بِالطَّلَاقِ لَكِنْ يُرَدُّ حِينَئِذٍ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ بِالْمُعَايَنَةِ؛ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ عَلَى شَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ فِي حَقِّ الْحَدِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الثُّبُوتِ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ وَلَكِنَّهُ تَوَقَّفَ فِي حَقِّهِ أَيْضًا كَمَا تَرَى
لَا، كَمَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِهِ فَعَدَلَ مِنْهُمْ اثْنَانِ
55 -
قَالَ لِلْأَرْبَعَةِ الْمَدْخُولَاتِ: كُلُّ امْرَأَةٍ لَمْ أُجَامِعْهَا مِنْكُنَّ اللَّيْلَةَ فَالْأُخْرَيَاتُ طَوَالِقُ فَجَامَعَ وَاحِدَةً ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ طَلُقَتْ الَّتِي جَامَعَهَا ثَلَاثًا وَغَيْرُهَا اثْنَتَيْنِ. 56 -
أَضَافَهُ وَعَلَّقَهُ فَإِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ وَأَخَّرَ الشَّرْطَ وَوَسَطُ الْوَقْتِ تَعَلَّقَ وَلَغَتْ الْإِضَافَةُ، 57 - وَلَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ تَعَلَّقَ الْمُضَافُ بِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: قَالَ لِلْأَرْبَعِ الْمَدْخُولَاتِ كُلُّ امْرَأَةٍ لَمْ أُجَامِعْهَا إلَخْ.
قِيلَ: وَجْهُهُ أَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِعَدَمِ جِمَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَالْمُجَامَعَةُ وَاحِدَةٌ فَفِي حَقِّهَا لَمَّا لَمْ يُجَامِعْ وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ وَقَعَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ بِعَدَدِهِنَّ وَفِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ لَمْ يُجَامِعْهَا لَمَّا لَمْ يُجَامِعْ اثْنَيْنِ غَيْرَهَا وَقَعَ عَلَيْهَا بِعَدَدِهِمَا. فَتَأَمَّلْ.
أَقُولُ فِيهِ: إنَّ صَرِيحَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ الْبَوَاقِي عَلَى عَدَمِ جِمَاعِ الْوَاحِدَةِ، لَا أَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِعَدَمِ جِمَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ حَيْثُ قَالَ فِي تَوْجِيهِ الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ: إنَّهُ جَعَلَ تَرْكَ جِمَاعِ الْوَاحِدَةِ شَرْطًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْبَوَاقِي بِكَلِمَةٍ تُوجِبُ عُمُومَ النِّسَاءِ يَعْنِي عُمُومًا بَدَلِيًّا وَهِيَ كَلِمَةُ " كُلُّ " فَإِنَّ عُمُومَهَا بَدَلِيٌّ لَا شُمُولِيٌّ وَفِي الَّتِي جَامَعَهَا وُجِدَ شَرْطُ طَلَاقِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَتَطْلُقُ هِيَ ثَلَاثًا، أَمَّا فِي غَيْرِهَا وُجِدَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ شَرْطُ الطَّلَاقِ مَرَّتَيْنِ بِتَرْكِ جِمَاعِ غَيْرِهَا (انْتَهَى) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْوَاحِدَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً كَانَ فِي الْمَعْنَى طَلَاقُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُعَلَّقًا بِعَدَمِ جِمَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثُمَّ قِيلَ: مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجَامِعْهُنَّ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا بِعَدَدِ صُوَيْحِبَاتِهَا الثَّلَاثِ وَلَوْ جَامَعَ ثِنْتَيْنِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَتَانِ بِعَدَدِ مَنْ لَمْ يُجَامِعْهَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ لَمْ يُجَامِعْهَا طَلْقَةٌ وَلَوْ جَامَعَ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ لَا يَقِفُ شَيْءٌ لِعَدَمِ الشَّرْطِ.
(56)
قَوْلُهُ:
أَضَافَهُ وَعَلَّقَهُ إلَخْ.
بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إذَا دَخَلْت الدَّارَ تَلْغُو ذِكْرُ الْغَدِ، وَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِ الدَّارِ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ تَطْلُقُ. (57) قَوْلُهُ:
وَلَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ إلَخْ.
بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَعَلَّقَ طَلَاقَ الْغَدِ بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ طَلَاقَ الْغَدِ جَزَاءً لِلدُّخُولِ
وَلَوْ ذَكَرَ شَرْطًا أَوَّلًا ثُمَّ جَزَاءً ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ ثُمَّ ذَكَرَ جَزَاءً آخَرَ تَعَلَّقَ الْأُولَيَانِ بِالْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ بِالثَّانِي. 59 -
وَلَوْ كَانَ الْجَزَاءُ وَاحِدًا كَانَ الْمُعَلَّقُ بِالثَّانِي جَزَاءً لِلْأَوَّلِ فَلَا يَقَعُ لَوْ وُجِدَ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ ثُمَّ الْأَوَّلُ.
60 -
وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي الصَّفْحَتَيْنِ مَعَ إيضَاحِهَا مِنْ الْخَانِيَّةِ.
كُلُّ مَنْ عَلَّقَ عَلَى صِفَةٍ لَمْ يَقَعْ دُونَ وُجُودِهَا. 61 -
إلَّا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ؛ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِلْحَالِ.
وَلَمْ أَرَ الْآنَ
62 -
مَا إذَا عَلَّقَهُ بِرُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ فَرَآهُ غَيْرُهَا، وَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ دُخُولُ الشَّهْرِ.
اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ. 63 -
وَفَرَّعَ عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ.
أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَ شَرْطًا أَوَّلًا ثُمَّ جَزَاءً إلَخْ.
بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، وَإِنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا، فَالطَّلَاقُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِالدُّخُولِ وَالطَّلَاقُ الثَّالِثُ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ الثَّانِي حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ كَلَّمَتْ فُلَانًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(59)
قَوْلُهُ:
وَلَوْ كَانَ الْجَزَاءُ وَاحِدًا إلَخْ.
يَعْنِي وَكَانَ الشَّرْطُ مُتَعَدِّدًا.
بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا، كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْكَلَامِ جَزَاءً لِلدُّخُولِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَتْ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَتْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(60)
قَوْلُهُ:
وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي الصَّفْحَتَيْنِ مَعَ إيضَاحِهَا مِنْ الْخَانِيَّةِ إلَخْ.
أَيْ مِنْ نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ فَإِنَّهَا فِي نِصْفِ الْوَرَقِ الثَّانِي.
(61)
قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ إلَخْ.
أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ التَّعْلِيقُ
(62)
قَوْلُهُ:
مَا إذَا عَلَّقَهُ بِرُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ إلَخْ.
أَيْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا.
قَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فَنِّ الْقَوَاعِدِ وَقَدَّمْنَا مَا يَرِدُ عَلَيْهَا فِيهَا.
(63)
قَوْلُهُ: وَفَرَّعَ عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ إلَخْ.
أَقُولُ: فِي التَّفْرِيعِ تَأَمَّلْ.
بِقَبْضِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ جِيَادٍ وَقَالَ مُتَّصِلًا إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، 64 - لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ لَمْ يَصِحَّ (انْتَهَى) .
وَفِي الْإِيضَاحِ قُبَيْلَ الْأَيْمَانِ إذَا قَالَ: غُلَامَايَ حُرَّانِ؛ سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ إلَّا بُزَيْغًا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ فَصَّلَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ فَانْصَرَفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْمُفَسَّرِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جُمْلَةً فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: سَالِمٌ حُرٌّ وَبُزَيْغٌ حُرٌّ إلَّا بُزَيْغًا لِأَنَّهُ أَفْرَدَ كُلًّا مِنْهُمَا بِالذِّكْرِ فَكَانَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ بِجُمْلَةِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فَلَا يَصِحُّ (انْتَهَى)
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ إلَخْ.
أَقُولُ: فِي جَعْلِ هَذَا نَظِيرًا لِذَلِكَ نَظَرٌ