المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الصَّوْمِ 1 - نَذَرَ صَوْمَ الْأَبَدِ فَأَكَلَ لِعُذْرٍ يَفْدِي - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٢

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌الْأُولَى: وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ

- ‌الثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ

- ‌الثَّالِثَةُ: وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌بَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌ بَيْعِ الْهَازِلِ

- ‌ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا

- ‌ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ

- ‌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ

- ‌ الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى

- ‌[لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[تَأْخِيرُ الْقَاضِي الْحُكْم بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ]

- ‌[الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا

- ‌ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ

- ‌[قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ]

- ‌[قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ]

- ‌ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ

- ‌[قَضَاءُ الْأَمِيرِ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ]

- ‌ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ

- ‌كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ

- ‌ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ

- ‌[شَهَادَة الْفَاسِقُ إذَا تَابَ]

- ‌ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ

- ‌[تَخْصِيصُ الْقَضَاءُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ]

- ‌الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:

- ‌[مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ

- ‌[الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ]

- ‌ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ

- ‌ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ

- ‌[انْعِزَال الْقَاضِي]

- ‌ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى

- ‌[تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ]

- ‌ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ

- ‌ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ

- ‌الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ

- ‌دَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ

- ‌[مَسْأَلَة تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الصَّوْمِ 1 - نَذَرَ صَوْمَ الْأَبَدِ فَأَكَلَ لِعُذْرٍ يَفْدِي

‌كِتَابُ الصَّوْمِ

1 - نَذَرَ صَوْمَ الْأَبَدِ فَأَكَلَ لِعُذْرٍ يَفْدِي لِمَا أَكَلَ. نَذَرَ صَوْمَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدُمُ فِيهِ فُلَانٌ 2 - فَقَدِمَ بَعْدَ مَا نَوَاهُ تَطَوُّعًا يَنْوِيهِ عَنْ النَّذْرِ

3 -

لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ عَنْ كُلِّ صَوْمٍ وَجَبَ بِإِيجَابِهَا لَا عَنْ صَوْمٍ وَجَبَ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى،

ــ

[غمز عيون البصائر]

[كِتَابُ الصَّوْمِ]

قَوْلُهُ: نَذَرَ صَوْمَ الْأَبَدِ فَأَكَلَ إلَخْ. فِي الْمُنْتَقَى: نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَبَدًا فَضَعُفَ عَنْ الصَّوْمِ لِاشْتِغَالِهِ بِالْمَعِيشَةِ، لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لِعُسْرَتِهِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى. (2) قَوْلُهُ: فَقَدِمَ بَعْدَ مَا نَوَاهُ تَطَوُّعًا يَنُوبُ عَنْ النَّذْرِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا كَانَ قُدُومُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا، لِفَوَاتِ وَقْتِ النِّيَّةِ. قُلْت: وَحَيْثُ تَعَذَّرَ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَنْ النَّذْرِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ آخَرَ أَمْ لَا؟ هَكَذَا تَرَدَّدْت ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ رحمه الله فِي الْبَحْرِ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدُمُ فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَقَدِمَ لَيْلًا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ لِأَنَّ الْيَوْمَ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا هُوَ يَخْتَصُّ بِالنَّهَارِ كَالصَّوْمِ يُرَادُ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ الْوَقْتُ الَّذِي أَوْجَبَ فِيهِ الصَّوْمَ وَهُوَ النَّهَارُ، وَلَوْ قَدِمَ يَوْمًا قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَأْكُلْ، صَامَهُ وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَكَلَ فِيهِ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَأْكُلْ فِيهِ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَصُومُ يَوْمَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى الْوَقْتِ عِنْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ كَالْمُرْسَلِ وَلَوْ أَرْسَلَ كَانَ الْجَوَابُ هَكَذَا (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ مَا تَرَدَّدْت فِيهِ

(3)

قَوْلُهُ: لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ عَنْ كُلِّ صَوْمٍ وَجَبَ بِإِيجَابِهَا إلَخْ. أَقُولُ أَوْ كَذَا لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا عَنْ الْحَجِّ الْمَنْذُورِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ عَلَيْهَا كَانَ بِالْتِزَامِهَا فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الزَّوْجِ فَصَارَ نَفْلًا فِي حَقِّهِ فَجَازَ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ.

ص: 65

وَتَوَقَّفَ الْمَشَايِخُ فِي مَنْعِهَا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ إذَا أَفْطَرَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ

5 -

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا رحمهم الله لَا بَأْسَ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُهُمْ وَيَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَتَّفِقَ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ وَرَدَّهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ رحمه الله بِالْحَدِيثِ 6 - «مَنْ صَدَّقَ كَاهِنًا أَوْ مُنَجِّمًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ» . نِيَّةُ الصَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ صَحِيحَةٌ وَلَا تُفْسِدُهَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ الْمَشَايِخُ فِي مَنْعِهَا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَخْ. وَجْهُ عَدَمِ الْمَنْعِ أَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ بِمَا وَجَبَ بِهِ الْأَدَاءُ لَا بِنَصٍّ جَدِيدٍ وَهُوَ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِلْقَضَاءِ بِخُصُوصِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا

(5)

قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا بَأْسَ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: الشَّرْطُ عِنْدَنَا فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ وَلَا يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ. وَفِي التَّهْذِيبِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله: لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمُنَجِّمِ فِي حِسَابِهِ لَا فِي الصَّوْمِ وَلَا فِي الْإِفْطَارِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُنَجِّمِ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِ نَفْسِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: فَإِذَا اتَّفَقَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمهم الله إلَّا النَّادِرُ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَى قَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ فِي هَذَا. (6) قَوْلُهُ: مَنْ صَدَّقَ كَاهِنًا أَوْ مُنَجِّمًا إلَخْ. قِيلَ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَصْدِيقَهُمَا فِيمَا يُخْبِرَانِ عَنْ الْحَوَادِثِ وَالْكَوَائِنِ مِمَّا زَعَمَ مِنْ الِاجْتِمَاعَاتِ وَالِاتِّصَالَاتِ الْعُلْوِيَّةِ تَدُلُّ عَلَى حَوَادِثَ مُعَيَّنَةٍ وَكَوَائِنَ مَخْصُوصَةٍ فِي الْعَالَمِ، وَهَذَا يُسَمَّى عِلْمَ الْأَحْكَامِ وَحُكْمُهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ ادَّعَوْا الْجَزْمَ بِمَا كَفَرَ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْحِسَابِ مِثْلُ ظُهُورِ الْهِلَالِ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ وَوُقُوعِ الْخُسُوفِ اللَّيْلَةَ الْفُلَانِيَّةَ فَإِنَّهَا أُمُورٌ حِسَابِيَّةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَرْصَادٍ وَاقِعَةٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يُجَوِّزُونَهُ مِنْ تَعْلِيمِ قَدْرِ مَا تُعْلَمُ بِهِ مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ وَالْقِبْلَةِ

ص: 66

إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا يَتَغَذَّى بِهِ أَوْ يَتَدَاوَى بِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا؛ 8 - إلَّا الدَّمَ إذَا شَرِبَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ طَعَامٌ لِبَعْضِ النَّاسِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا يَتَغَذَّى بِهِ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ عَمْدًا لِيُخْرِجَ بِهِ النَّاسِ وَالْمُخْطِئُ وَالْمُكْرَهُ، وَمُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي ذَلِكَ مَا يُسْقِطُهَا كَمَا لَوْ مَرِضَتْ فِي يَوْمِ الْجِمَاعِ أَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ، خِلَافًا لِزُفَرَ كَذَا لَوْ مَرِضَ هُوَ فِي الْأَصَحِّ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا لَوْ مَرِضَ بِجَرْحِ نَفْسِهِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ سُقُوطِهَا كَمَا لَوْ سَافَرَ مُكْرَهًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَةُ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِهَا فِيمَا لَوْ سَافَرَ طَائِعًا بَعْدَ مَا أَفْطَرَ مَا سَافَرَ لَمْ تَجِبْ، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ. وَفِي النَّوَادِرِ إنْ نَوَى مِنْ النَّهَارِ ثُمَّ أَكَلَ لَمْ يُكَفِّرْ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَمَا فِي الْكَشْفِ، وَلَوْ أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ ثُمَّ أَكَلَ لَمْ يُكَفِّرْ عِنْدَهُ وَكَفَّرَ عِنْدَهُمَا. وَلَوْ أَكَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا كَفَّارَةَ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا فِي النَّظْمِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله الْفِطْرَ بِالْجِمَاعِ وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ فَقَالَ: وَمَنْ جَامَعَ أَوْ جُومِعَ أَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ غِذَاءً أَوْ دَوَاءً عَمْدًا قَضَى وَكَفَّرَ. قَالَ الْحَدَّادِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى التَّغَذِّي فَقِيلَ: هُوَ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَتَنْقَضِي بِهِ شَهْوَةُ الْبَطْنِ. وَقِيلَ: هُوَ مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى إصْلَاحِ الْبَدَنِ. وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ ابْتَلَعَ لُقْمَةً أَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ يَجِبُ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ (انْتَهَى) .

وَفِيهِ أَنَّ مَا يَعُودُ إلَى إصْلَاحِ الْبَدَنِ يَشْمَلُ الدَّوَاءَ، فَلَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ جَامِعًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ: وَلَا يَكُونُ دَوَاءً. وَمِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ مَا لَوْ ابْتَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِلْعِيَافَةِ وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ جَيَّبَهُ تَجِبُ. قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: لِوُجُودِ مَعْنَى صَلَاحِ الْبَدَنِ فِيهِ. وَجَزَمَ بِهِ الْعَلَّامَةُ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ (8) قَوْلُهُ: إلَّا الدَّمَ إذَا شَرِبَهُ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ أَكَلَ دَمًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ دُونَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَسْتَقْذِرُهُ الطَّبْعُ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يَعُمُّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَالْأَكْلُ فِي عِبَارَةِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالشُّرْبُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَا مَفْهُومَ لَهُ

ص: 67

الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ 10 - إلَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ 11 - أَوْ كَانَ لَهُ رُفْقَةٌ اشْتَرَكُوا مَعَهُ فِي الزَّادِ وَاخْتَارُوا الْفِطْرَ

12 -

صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مَكْرُوهٌ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ. لِأَنَّ الصَّوْمَ عَزِيمَةٌ وَالتَّأْخِيرَ رُخْصَةٌ وَالْأَخْذُ بِالْعَزِيمَةِ أَفْضَلُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ نَظَرٌ، لِلْحَدِيثِ «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» أَقُولُ: الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَضُرُّهُ الصَّوْمُ وَيُضْعِفُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سَبَبُ وُرُودِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: صَائِمٌ فَقَالَ عليه السلام لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» . (10) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُجْهِدَهُ الصَّوْمُ وَيُضْعِفَهُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا فِي النَّهْرِ، وَإِنَّمَا كَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَلِأَنَّ رَمَضَانَ أَفْضَلُ الْوَقْتَيْنِ فَكَانَ الْأَدَاءُ فِيهِ أَوْلَى وَلَا يُرَدُّ عَلَيْنَا الْقَصْرُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ حَتَّى يَأْثَمَ بِالْإِتْمَامِ لِأَنَّ الْقَصْرَ هُوَ الْعَزِيمَةُ، وَتَسْمِيَتُهُمْ لَهُ رُخْصَةً إسْقَاطُ مَجَازٍ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْبِنَايَةِ: إنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ. (11) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ لَهُ رُفْقَةٌ اشْتَرَكُوا مَعَهُ فِي الزَّادِ وَاخْتَارُوا الْفِطْرَ إلَخْ. أَيْ اخْتَارَ كُلُّهُمْ أَوْ عَامَّتُهُمْ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمَالِ كَضَرَرِ الْبَدَنِ

(12)

قَوْلُهُ: صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مَكْرُوهٌ إلَخْ. الشَّكُّ اسْتِوَاءُ طَرَفَيْ الْإِدْرَاكِ مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَمُوجِبُهُ هُنَا أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَغُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ رَمَضَانَ أَوْ هِلَالُ شَعْبَانَ وَأَكْمَلْت عِدَّتَهُ وَلَمْ يَرَ هِلَالَ رَمَضَانَ لِأَنَّ الشَّهْرَ لَيْسَ الظَّاهِرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثِينَ بَلْ قَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ كَمَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ؛ تَسْتَوِي هَاتَانِ الْحَالَتَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ الْمَعْرُوفُ فِي الشَّهْرِ فَاسْتَوَى الْحَالُ حِينَئِذٍ فِي الثَّلَاثِينَ أَنَّهُ مِنْ الْمُنْسَلِخِ أَوْ مِنْ الْمُسْتَهِلِّ إذَا كَانَ غِيمَ فَيَكُونُ مَشْكُوكًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَهِلَّ لَرُئِيَ عِنْدَ التَّرَائِي، فَلَمَّا لَمْ يُرَ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُنْسَلِخَ ثَلَاثُونَ فَيَكُونُ هَذَا الْيَوْمُ مِنْهُ غَيْرَ مَشْكُوكٍ فِي ذَلِكَ. كَذَا ذَكَرُوا. وَلَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ كَوْنَهُ ثَلَاثِينَ هُوَ الْأَصْلُ

ص: 68

إلَّا إذَا نَوَى تَطَوُّعًا 14 - أَوْ وَاجِبًا آخَرَ عَلَى الصَّحِيحِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَالنُّقْصَانُ عَارِضٌ وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي أَفْطَرَ رَمَضَانَ قَضَاءُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إذَا لَمْ يَعْلَمْ صَوْمَ أَهْلِ بَلَدِهِ فَلَوْ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ لَمْ يَلْزَمْ الزَّائِدُ بِالشَّكِّ لِأَنَّ ظُهُورَ كَوْنِهِ كَامِلًا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الصَّحْوِ أَمَّا عِنْدَ الْغَيْمِ فَلَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ الصَّحْوُ وَالْغَيْمُ عَارِضٌ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ قَبْلَ تَحَقُّقِهِ. وَهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا التَّسَاوِيَ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْغَيْمِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ دَعْوَى أَنَّ الْأَصْلَ الصَّحْوُ مُطْلَقًا مَمْنُوعَةٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الزَّمَانُ صَيْفًا أَوْ رَبِيعًا فَالْأَصْلُ الصَّحْوُ وَالْغَيْمُ عَارِضٌ، وَإِنْ كَانَ شِتَاءً أَوْ خَرِيفًا فَالْأَصْلُ الْغَيْمُ وَالصَّحْوُ عَارِضٌ، خُصُوصًا فِي الْبِلَادِ الرُّومِيَّةِ وَمَا لَحِقَ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ، يَعْنِي تَحْرِيمًا إنْ جَزَمَ بِكَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ لِلتَّشْبِيهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ زَادُوا فِي صَوْمِهِمْ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ التَّقَدُّمِ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَإِنْ جُزِمَ بِكَوْنِهِ عَنْ وَاجِبٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ الَّتِي مَرْجِعُهَا خِلَافُ الْأُولَى، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ التَّقَدُّمِ خَاصٌّ بِصَوْمِ رَمَضَانَ لَكِنْ كُرِهَ لِصُورَةِ النَّهْيِ الْمَحْمُولِ عَلَى رَمَضَانَ، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ عَنْهُ لِمَا عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا وَإِلَّا أَجْزَأَهُ عَنْ الَّذِي نَوَاهُ كَمَا لَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ عَلَى الْأَصَحِّ. (13) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَوَى تَطَوُّعًا إلَخْ. يَعْنِي فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا اتِّفَاقًا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي اسْتِحْبَابِهِ إنْ لَمْ يُوَافِقْ صَوْمَهُ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَلَوَّمَ وَلَا يَأْكُلَ وَلَا يَنْوِيَ الصَّوْمَ مَا لَمْ يَتَقَارَبْ انْتِصَافُ النَّهَارِ، فَإِنْ تَقَارَبَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقِيلَ: الْأَفْضَلُ صَوْمُهُ وَقِيلَ: فِطْرُهُ. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ أَنْ يَصُومُوا تَطَوُّعًا وَيُفْتُوا بِذَلِكَ خَاصَّتَهُمْ وَيُفْتُوا الْعَامَّةَ بِالْإِفْطَارِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو النَّصْرِ يَقُولَانِ: الْفِطْرُ أَحْوَطُ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، لَوْ أَفْطَرَ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّوْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ وَيَأْثَمُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ.

(14)

قَوْلُهُ: أَوْ وَاجِبًا آخَرَ عَلَى الصَّحِيحِ. يَعْنِي فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ التَّهْذِيبِ: إنَّ صَوْمَ الشَّكِّ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ غَيْرِهِ مَكْرُوهٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي بَحْرِهِ، مِنْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفَّقَ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ هُنَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ وَحِينَئِذٍ لَا مُخَالَفَةَ.

ص: 69

وَالْأَفْضَلُ فِطْرُهُ إلَّا إذَا وَافَقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ 16 - أَوْ كَانَ مُفْتِيًا

17 -

لَا يَصُومُ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى

18 -

لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ فِطْرُهُ. إلَّا إذَا وَافَقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ إلَخْ. فَيَكُونُ الصَّوْمُ مُسْتَحَبًّا وَيُجْزِيهِ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا فَهُوَ تَطَوُّعٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْإِفْسَادِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَظْنُونِ، وَتَفْسِيرُ الْمُوَافَقَةِ أَنَّهُ كَانَ يُعْتَادُ صِيَامُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْخَمِيسِ أَوْ الِاثْنَيْنِ فَوَافَقَهُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ. وَكَذَا إذَا صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ الْأَخِيرَ أَوْ عَشَرَةً مِنْ آخِرِهِ أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ آخِرِهِ، وَهَذَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«لَا تَتَقَدَّمُوا صَوْمَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلَا بِيَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمٌ يَصُومُهُ رَجُلٌ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ» . (16) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُفْتِيًا إلَخْ. الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصُومُ مَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ ضَبْطِ نَفْسِهِ عَنْ الِاضْطِجَاعِ فِي النِّيَّةِ وَمُلَاحَظَةُ كَوْنِهِ عَنْ الْفَرْضِ إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، وَلِهَذَا قَالُوا وَيُفْتُونَ بِالصَّوْمِ خَاصَّتَهُمْ، وَأَمَّا إذَا رُدِّدَ فَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهَا كَأَنْ يَنْوِي أَنْ يَصُومَ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِصَائِمٍ. وَهَذِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ: يَنْبَغِي أَنْ يَعْزِمَ لَيْلَةَ يَوْمِ الشَّكِّ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَلَيْسَ بِصَائِمٍ وَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا (انْتَهَى) .

وَإِنْ رُدِّدَ فِي صِفَتِهَا فَلَهُ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا مَا إذَا نَوَى أَنْ يَصُومَ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ غَدًا مِنْهُ وَإِلَّا فَعَنْ وَاجِبٍ آخَرَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ مَكْرُوهَيْنِ، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ عَنْهُ وَإِلَّا كَانَ تَطَوُّعًا غَيْرَ مَضْمُونٍ بِالْإِفْسَادِ وَلَا يَكُونُ عَنْ الْوَاجِبِ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِهِ وَالثَّانِيَةُ إذَا نَوَى أَنْ يَصُومَ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِنِيَّةِ الْفَرْضِ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْإِفْسَادِ لِدُخُولِ الْإِسْقَاطِ فِي عَزِيمَتِهِ مِنْ وَجْهٍ

(17)

قَوْلُهُ: لَا يَصُومُ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى. يَعْنِي أَنَّ صَوْمَ هَؤُلَاءِ مَكْرُوهٌ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُفَطِّرَهُمْ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ

(18)

قَوْلُهُ: لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ إلَخْ. فَإِنْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ

ص: 70

أَوْ كَانَ مُسَافِرًا. لَا يَصُومُ الْأَجِيرُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ

20 -

لَا يَلْزَمُ النَّذْرُ إلَّا إذَا كَانَ طَاعَةً وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ

ــ

[غمز عيون البصائر]

كُرِهَ لَهَا ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يُفَطِّرَهَا، قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَيُكْرَهُ لِلْعَبْدِ وَلِلْأَجِيرِ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ يَتَطَوَّعُوا بِالصَّوْمِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ. فِيهِ، وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَهُ أَنْ يُفَطِّرَهُ (انْتَهَى) .

قَيَّدَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ: الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ بِمَا إذَا كَانَ الصَّوْمُ يَضُرُّ بِالزَّوْجِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَضُرُّهُ بِأَنْ كَانَ صَائِمًا أَوْ مَرِيضًا فَإِنَّ لَهَا الصَّوْمَ وَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَلَوْ مُدَبَّرًا وَالْأَمَةِ وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ، فَلَيْسَ لَهُمْ التَّطَوُّعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَا يَصُومُ الْمَمْلُوكُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى إلَّا إذَا كَانَ غَائِبًا وَلَا ضَرَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَفِيهَا: لَوْ أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا. وَكَذَا الْأَجِيرُ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْخِدْمَةِ وَكَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ: وَإِطْلَاقُ الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ أَظْهَرُ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَضُرُّ بِبَدَنِ الْمَرْأَةِ وَيُهْزِلُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا. وَمَنَافِعُ الْعَبْدِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ غَائِبًا. قَالَ فِي النَّهْرِ وَعِنْدِي أَنَّ إحَالَةَ الْمَنْعِ عَلَى الضَّرَرِ وَعَدَمَهُ عَلَى عَدَمِهِ أَوْلَى لِلْقَطْعِ بِأَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ لَا يُهْزِلُهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَنْعُهُ مِنْ وَطْئِهَا، وَذَلِكَ إضْرَارٌ بِهِ، فَإِذَا انْتَفَى بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا جَازَ انْتَهَى.

أَقُولُ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يُفَصَّلَ، فَيُقَالُ: إنْ صَامَتْ يَوْمًا وَاحِدًا لَا يُكْرَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَإِنْ صَامَتْ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ يُكْرَهُ وَلَهُ مَنْعُهَا. (19) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُسَافِرًا. عَطْفٌ عَلَى سَابِقِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهَا أَوْ كَانَ مُسَافِرًا

(20)

قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ النَّذْرُ إلَّا إذَا كَانَ طَاعَةً إلَخْ. أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ الثَّانِيَ وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْفَتْحِ. كَأَنَّهُ اسْتَغْنَى بِالثَّالِثِ إذْ قَوْلُهُمْ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ، يُفِيدُ أَنَّ الْمَنْذُورَ غَيْرُ الْوَاجِبِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لَا وَسِيلَةً فَلَا يَصِحُّ بِالْوُضُوءِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ: وَمِنْهُ تَكْفِينُ الْمَيِّتِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَحِيلَ الْكَوْنِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَمْسِ أَوْ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مَضَى لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ شُرُوطِ

ص: 71

وَكَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ عَلَى التَّعْيِينِ

22 -

فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِالْمَعَاصِي وَلَا بِالْوَاجِبَاتِ؛ فَلَوْ نَذَرَ حَجَّةَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

النَّذْرِ إلَّا إذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَرِدَ النَّذْرُ بِالْحَجِّ مَاشِيًا وَالِاعْتِكَافُ وَإِعْتَاقُ الرَّقَبَةِ، فَإِنَّ النَّذْرَ بِهَا صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْحَجَّ بِصِفَةِ الْمَشْيِ غَيْرُ وَاجِبٍ. وَكَذَا الِاعْتِكَافُ وَكَذَا نَفْسُ الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةِ سَبَبٍ مُوجِبٍ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ إنَّمَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِهَا لِأَنَّ مِنْ جِنْسِهَا وَاجِبٌ، أَمَّا الْحَجُّ فَلِمَا صَرَّحَ الشَّارِحُ بِهِ مِنْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهُ لَا تُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِمْ الرَّاحِلَةُ بَلْ يَجِبُ الْمَشْيُ عَلَى الْقَادِرِ مِنْهُمْ، وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فَلِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ فِي الصَّلَاةِ فَرْضٌ وَهِيَ لُبْثٌ كَالِاعْتِكَافِ، وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ فَلِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبًا وَهُوَ الْإِعْتَاقُ فِي الْكَفَّارَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَلَيْسَ بِمُرَادٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ وَجَعَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ جِنْسَ الْوَاجِبِ فِي الِاعْتِكَافِ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لِأَنَّ الْجِنْسَ وَاللُّبْثَ وُقُوفٌ. كَذَا فِي النَّهْرِ.

بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: نَذْرُ الْوَقْفِ يَصِحُّ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ وَمَا قِيلَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ وَهُوَ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ مَسْجِدًا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَصِحَّ وَقْفُهُ بَلْ ذَلِكَ إرْصَادٌ وَالْإِرْصَادُ غَيْرُ الْوَقْفِ. (21) قَوْلُهُ: وَكَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ عَلَى التَّعْيِينِ إلَخْ. أَقُولُ: أَوْ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى وَاجِبٍ كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الِاعْتِكَافُ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ لِلَّهِ تَعَالَى، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا يَصِحُّ كَالِاعْتِكَافِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا تَكَلَّفَ مِنْ الْجَوَابِ بِأَنَّ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبًا وَهُوَ اللُّبْثُ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُوَ الْوُقُوفُ أَوْ اللُّبْثُ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ لَكِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْوَاجِبِ وَهُوَ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ شَرْطُ صِحَّتِهِ، إذَا كَانَ مَنْذُورًا وَقَوْلُهُ عَلَى التَّعْيِينِ يُنْظَرُ مَا الْمُرَادُ بِهِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَيْنًا لَا كِفَايَةً أَوْ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا غَيْرَ مُخَيَّرٍ فِيهِ وَيُحَرَّرُ ذَلِكَ

(22)

قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِالْمَعَاصِي إلَخْ. هَذَا بِظَاهِرِهِ مُضَادٌّ لِقَوْلِهِمْ بِصِحَّةِ نَذْرِ صَوْمِ أَيَّامِ النَّحْرِ، فَيَجِبُ أَنْ يُرَادَ كَوْنُ الْمَعْصِيَةِ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ كَالنَّذْرِ بِالزِّنَا وَشُرْبِ

ص: 72

الْإِسْلَامِ لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا وَاحِدَةٌ، وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةَ سُنَّةٍ وَعَنَى الْفَرَائِضَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَنَى مِثْلَهَا لَزِمَتْهُ وَيُكْمِلُ الْمَغْرِبَ

23 -

وَلَوْ نَذَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ لَمْ تَلْزَمْهُ فِي الْمَشْهُورِ

24 -

وَلَوْ نَذَرَ التَّسْبِيحَاتِ دُبُرَ الصَّلَاةِ لَمْ تَلْزَمْهُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْخَمْرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ لَكِنَّهُ يَنْعَقِدُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ النَّذْرِ بِالطَّاعَةِ حَيْثُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا بِالنِّيَّةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ فَلَوْ فَعَلَ الْمَعْصِيَةَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا انْحَلَّتْ وَأَثِمَ. وَأَمَّا نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ فَصَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُفْطِرُ وَيَقْضِي وَذَلِكَ أَنَّهُ نَذْرٌ بِصَوْمٍ مَشْرُوعٍ وَالنَّهْيُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَصِحُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَرُوِيَ الثَّانِي عَنْ الْإِمَامِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ رحمه الله كَذَا فِي النَّهْرِ

(23)

قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ لَمْ تَلْزَمْهُ فِي الْمَشْهُورِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: ثُمَّ النَّذْرُ إنَّمَا يَصِحُّ بِمَا كَانَ قُرْبَةً مَقْصُودَةً وَلَا يَصِحُّ بِمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، وَمَا فِيهِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ، وَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ بِنَفْسِهَا كَتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ: إنْ نَذَرَ أَنْ يَعُودَ مَرِيضًا الْيَوْمَ يَصِحُّ نَذْرُهُ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعُودَ فُلَانًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ قُرْبَةٌ شَرْعًا وَعِيَادَةُ فُلَانٍ بِعَيْنِهِ لَا يَكُونُ فِيهِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ مَقْصُودًا لِلنَّذْرِ بَلْ مُرَاعَاةَ حَقِّ فُلَانٍ يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ: عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَتَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَالْمَقْصُودُ حَقُّ الْمَرِيضِ وَالْمَيِّتِ، وَالنَّذْرُ بِنَذْرِهِ إنَّمَا يَلْتَزِمُ مَا كَانَ حَقُّهُ لِلَّهِ تَعَالَى مَقْصُودًا انْتَهَى.

وَفِي الشَّكْوَةِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «عَادَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِعَيْنِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، فَقَالَ صَاحِبُ الْإِظْهَارِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْعِيَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَرَضُ مَخُوفًا كَالصُّدَاعِ وَوَجَعِ الضِّرْسِ، وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ حَتَّى يَجُوزَ بِذَلِكَ أَجْرُهَا وَيُحْنَثَ بِهِ فِي الْيَمِينِ وَيَبْرَأَ خِلَافًا لِلشِّيعَةِ. كَذَا فِي مَجْمُوعَةِ الْعُلُومِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْهَرَوِيِّ حَفِيدِ الْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيِّ

(24)

قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ التَّسْبِيحَاتِ دُبُرَ الصَّلَاةِ لَمْ تَلْزَمْهُ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ

ص: 73

الزَّوْجُ إذَا أَذِنَ لِزَوْجَتِهِ بِالِاعْتِكَافِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، مَوْلَى الْأَمَةِ يَصِحُّ رُجُوعُهُ

26 -

وَيُكْرَهُ. إذَا دَعَاهُ وَاحِدُ مِنْ إخْوَانِهِ وَهُوَ صَائِمٌ لَا يُكْرَهُ لَهُ الْفِطْرُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: الزَّوْجُ إذَا أَذِنَ لِزَوْجَتِهِ بِالِاعْتِكَافِ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَا بَأْسَ لِلْمَمْلُوكِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لَحِقَهُمَا وَكَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا، فَإِنْ مَنَعَهَا لَا يَصِحُّ مَنْعُهُ أَيَّامًا وَلَكِنَّ الْمَوْلَى يَكُونُ مُسِيئًا بِالْمَنْعِ بَعْدَ الْإِذْنِ لِجَوَازِ الْمَنْعِ وَالنَّهْيِ فِي الْعَبْدِ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَلَمْ يَجُزْ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ. وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهَا فَقَدْ مَلَّكَهَا مَنْفَعَةَ نَفْسِهَا فَتَمَلَّكَتْ فَلَا يَصِحُّ مَنْعُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّمَلُّكِ فَصَحَّ نَهْيُهُ. وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا يَدًا بِالْكِتَابَةِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى مَنْعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ وَلَوْ رَدَّهُ رَادٌّ مِنْ هَذَا السَّفَرِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ وَلَوْ غَصَبَ غَاصِبٌ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ صَغِيرًا

(26)

قَوْلُهُ: يُكْرَهُ إذَا دَعَاهُ وَاحِدٌ مِنْ إخْوَانِهِ إلَخْ. قَالَ فِي التَّنْوِيرِ: وَلَا يُفْطِرُ فِي صَوْمِ النَّفْلِ بِلَا عُذْرٍ وَفِي رِوَايَةٍ وَالضِّيَافَةُ عُذْرٌ إنْ كَانَ صَاحِبُهَا لَا يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ وَيَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ (انْتَهَى) .

وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ. لَكِنَّ رِوَايَةَ الْفِطْرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ وَلِهَذَا اخْتَارَهَا الْمُحَقِّقُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ إنَّ الْأَدِلَّةَ تَضَافَرَتْ عَلَيْهَا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَلْ الضِّيَافَةُ عُذْرٌ أَوْ لَا؟ قِيلَ: نَعَمْ وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: عُذْرٌ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا بَعْدَهُ إلَّا إذَا كَانَ فِي عَدَمِ الْفِطْرِ بَعْدَهُ حُقُوقٌ لِأَحَدِ الْوَالِدَيْنِ لَا غَيْرِهِمَا، حَتَّى لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِيُفْطِرْنَ لَا يُفْطِرُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ، وَإِنْ كَانَ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ يُفْطِرُ. كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَلَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا كَمَا تَرَى فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَالُوا: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ مِمَّنْ يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ وَلَا يَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ لَا يُفْطِرُ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ إنْ كَانَ يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ

ص: 74

إلَّا إذَا كَانَ صَائِمًا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ

28 -

سَافَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ لِحَاجَةٍ نَسِيَهَا فَأَكَلَ عِنْدَهُمْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْقَضَاءَ يُفْطِرُ دَفْعًا لِلْأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَثِقُ لَا يُفْطِرُ، وَإِنْ كَانَ فِي تَرْكِ الْإِفْطَارِ أَذَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (انْتَهَى) .

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ لَمْ يُفْطِرْ إنْ نَفْلًا أَفْطَرَ، وَإِنْ قَضَاءً لَا. وَالِاعْتِمَادُ عَلَى أَنَّهُ يُفْطِرُ فِيهِمَا وَلَا يُحْنِثُهُ. وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ الضِّيَافَةَ عُذْرٌ فِي التَّطَوُّعِ تَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ الضَّيْفِ وَالْمُضِيفِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ: لَكِنْ لَمْ تُوجَدْ رِوَايَةُ الْمُضِيفِ وَالْإِخْوَانُ جَمْعُ أَخٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ أُخُوَّةِ الْقَرَابَةِ بَلْ مَا هُوَ أَعَمُّ لِيَشْمَلَ أُخُوَّةَ الصَّدَاقَةِ. وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله مِنْ الْخَلَلِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الصَّوْمَ بِالنَّفْلِ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْفِطْرَ بِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ. (27) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ صَائِمًا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ. أَيْ فَيُكْرَهُ لَهُ الْفِطْرُ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ رَمَضَانَ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ. وَلِهَذَا لَا يُفْطِرُ لَوْ حَلَفَ رَجُلٌ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ لِيُفْطِرْنَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْفِطْرُ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ، وَالنَّذْرِ بَعْدَ الضِّيَافَةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَيُفْطِرُ النَّفَلَ بِعُذْرِ ضِيَافَةٍ وَفِي الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي غَيْرِ النَّفْلِ لَا يُفْطِرُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ فِي صَوْمِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ يُفْطِرُ انْتَهَى.

وَحَيْثُ مَشَى الْمُصَنِّفُ رحمه الله تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَسْتَثْنِيَ قَضَاءَ رَمَضَانَ لِأَنَّ فِيهِ يُفْطِرُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ

(28)

قَوْلُهُ: سَافَرَ فِي رَمَضَانَ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ: الْمُسَافِرُ إذَا تَذَكَّرَ شَيْئًا قَدْ نَسِيَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَدَخَلَ فَأَفْطَرَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ قِيَاسًا لِأَنَّهُ مُقِيمٌ عِنْدَ الْأَكْلِ، حَيْثُ رَفَضَ سَفَرَهُ بِالْعَوْدِ إلَى مَنْزِلِهِ، وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: فَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي قُدِّمَ فِيهَا الْقِيَاسُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ. وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ أَرَادَ الْمُسَافِرُ أَنْ يُقِيمَ فِي مِصْرَ أَوْ يَدْخُلَ مِصْرَهُ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الْيَوْمِ الْمُبِيحِ وَهُوَ السَّفَرُ وَالْمُحَرِّمُ وَهُوَ الْإِقَامَةُ فَرَجَّحْنَا الْمُحَرِّمَ احْتِيَاطًا

ص: 75

رَأَى صَائِمًا يَأْكُلُ نَاسِيًا يُخْبِرُهُ إلَّا إذَا كَانَ يَضْعُفُ عَنْهُ

30 -

الْمُسَافِرُ يُعْطِي صَدَقَةَ فِطْرَةٍ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ هُوَ، وَيَكْتُبُ إلَى أَهْلِهِ يُعْطُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ حَيْثُ هُمْ، وَإِنْ أَعْطَى عَنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِ جَازَ

قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ رحمه الله:

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: رَأَى صَائِمًا يَأْكُلُ نَاسِيًا يُخْبِرُهُ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الرَّابِعِ: هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ؟ قَالُوا: إنْ كَانَ شَابًّا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْمَامِ يُخْبِرُهُ، يَعْنِي وُجُوبًا، وَإِنْ كَانَ شَيْخًا ضَعِيفًا لَا يُخْبِرُهُ، لِأَنَّ الشَّيْخَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْمَامِ فَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَأْكُلَ ثُمَّ يُخْبِرَهُ (انْتَهَى) .

وَفِيهَا النَّائِمُ إذَا شَرِبَ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَيْسَ هُوَ كَالنَّاسِي، لِأَنَّ النَّائِمَ ذَاهِبُ الْعَقْلِ إذَا ذَبَحَ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ مَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ إذْ الْمُفْسِدُ وُجِدَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَا عَنْ قَصْدٍ، وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ حُكْمَ النَّاسِي ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ بِالْأَثَرِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ قَاضِي خَانْ أَنَّ شُرْبَ النَّائِمِ مُفْسِدٌ اتِّفَاقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ زُفَرُ. وَقَالَ: لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ قِيَاسًا عَلَى النَّاسِي، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ، قُيِّدَ بِالنَّاسِي لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُخْطِئًا أَوْ مُكْرَهًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله. وَحَقِيقَةُ الْخَطَأِ أَنْ يُقْصَدَ بِالْفِعْلِ غَيْرُ الْمَحَلِّ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْجَنَابَةُ أَوْ الْمَضْمَضَةُ تَسْرِي إلَى الْحَلْقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صُورَةِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ هُنَا أَنَّ الْمُخْطِئَ ذَاكِرٌ لِلصَّوْمِ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلشُّرْبِ، وَالنَّاسِي عَكْسُهُ كَذَا فِي الْبَيَانِيَّةِ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ ذَاكِرٍ لِلصَّوْمِ وَغَيْرَ قَاصِدٍ لِلشُّرْبِ لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ النَّاسِي هُنَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُؤَاخَذَةُ بِالْخَطَأِ جَائِزَةٌ عِنْدَكَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ

(30)

قَوْلُهُ: الْمُسَافِرُ يُعْطِي صَدَقَةَ فِطْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ إلَخْ. قَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ مَكَانُ الرَّأْسِ الْمُخَرَّجُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ مُرَاعَاةً لِإِيجَابِ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ وُجُودِ سَبَبِهِ. كَذَا فِي الْفَتْحِ وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُؤَدِّي حَيْثُ هُوَ وَلَا يُعْتَبَرُ مَكَانَ الرَّأْسِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَدُّ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ. وَفِي الْمَبْسُوطِ مَا يُوَافِقُ تَصْحِيحَ الْمُحِيطِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَمَّا فِي زَكَاةِ الْمَالِ فَالْمُعْتَبَرُ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا

ص: 76

إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْهِلَالِ فَصَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَمْ يُفْطِرُوا حَتَّى يَصُومُوا يَوْمًا آخَرَ

32 -

رَمَضَانُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

(31) قَوْلُهُ: إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْهِلَالِ إلَخْ. فِي الذَّخِيرَةِ: الْوَاحِدُ إذَا شَهِدَ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَبِلَ شَهَادَتَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ فَلَمَّا أَتَمُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا غَمَّ هِلَالُ شَوَّالٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يَصُومُونَ مِنْ الْغَدِ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ يَعْنِي لِكَوْنِهِ خُرُوجًا مِنْ عِبَادَةٍ فَيُحْتَاطُ فِيهِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُفْطِرُونَ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا لَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا إذَا شَهِدَ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدَانِ وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ وَقَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتُهُمَا وَصَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ إنْ كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً يُفْطِرُونَ مِنْ الْغَدِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً فَكَذَلِكَ يُفْطِرُونَ. إلَيْهِ أَشَارَ الْقُدُورِيُّ وَالْمُنْتَقَى. وَقِيلَ فِي فَوَائِدِ السُّغْدِيِّ: إنَّهُمْ لَا يُفْطِرُونَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (انْتَهَى) .

وَفِي النَّهْرِ سُئِلَ عَنْهُ مُحَمَّدٌ فَقَالَ: يَثْبُتُ الْفِطْرُ بِحُكْمِ الْقَاضِي لَا بِقَوْلِ الْوَاحِدِ. وَفِي الْبَيَانِيَّةِ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَصَحُّ. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَا يُفْطِرُونَ لِظُهُورِ الْغَلَطِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً يُفْطِرُونَ لِعَدَمِ ظُهُورِهِ، وَلَوْ ثَبَتَ بِرَجُلَيْنِ أَفْطَرُوا وَعَنْ الصَّفَدِيِّ لَا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ قِيلَ إنْ قَبِلَهُمَا فِي الصَّحْوِ وَلَا يُفْطِرُونَ وَفِي الْغَيْمِ أَفْطَرُوا لَا يَبْعُدُ

(32)

قَوْلُهُ: رَمَضَانُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ. يَعْنِي إذَا كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ فَصَامَ شَهْرًا قَدْ حَلَّ رَمَضَانُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ، أَمَّا فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ فَلَا. لِعَدَمِ تَعَيُّنِ صَوْمِهِ عَلَيْهِ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذَفَ الشَّهْرَ مِنْ رَمَضَانَ. وَقَدْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ شَرْعًا وَأَمَّا حُكْمُ ذَلِكَ لُغَةً فَقَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ: فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ وَافِي الْوَافِيَاتِ رَأَيْت بَعْضَ الْفُضَلَاءِ قَدْ كَتَبُوا بَعْضَ الشُّهُورِ بِشَهْرِ كَذَا وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَكْتُبُوا فِيهِ شَهْرًا وَطَلَبْت الْخَاصَّةَ فِي ذَلِكَ فَلَمْ أَجِدْهُمْ أَتَوْا بِشَهْرٍ إلَّا مَعَ شَهْرٍ أَوَّلُهُ يَكُونُ حَرْفَ رَاءٍ وَهُوَ شَهْرُ رَبِيعٍ وَشَهْرُ رَجَبٍ وَشَهْرُ رَمَضَانَ وَلَمْ أَدْرِ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ مَا هِيَ، وَلَا وَجْهَ الْمُنَاسَبَةِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ شَهْرٍ مِنْ هَذِهِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي ذَلِكَ رَاءَانِ انْتَهَى.

أَقُولُ قَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ فَقِيلَ فِي الْكِتَابِ الْمُتَمِّمِ:

ص: 77

لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْنُونَةِ وَالْعَاقِلَةِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِجِمَاعِهِمَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

الشُّهُورُ كُلُّهَا مُذَكَّرَةٌ إلَّا جُمَادَى وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا يُضَافُ إلَيْهِ شَهْرٌ إلَّا شَهْرَ رَبِيعٍ وَشَهْرَ رَمَضَانَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] وَقَالَ الرَّاعِي (ع) شَهْرُ رَبِيعٍ مَا يُدَوَّنُ لِيَوْمِهِمْ. فَمَا كَانَ مِنْ أَسْمَائِهَا اسْمًا بِشَهْرٍ أَوْ صِفَةً قَامَتْ مَقَامَ الِاسْمِ فَهُوَ الَّذِي لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَافَ الشَّهْرُ إلَيْهِ وَلَا يُذْكَرَ مَعَهُ كَالْمُحْرِمِ إنَّمَا مَعْنَاهُ الشَّهْرُ الْمُحَرَّمُ وَهُوَ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَكَصَفَرٍ وَهُوَ اسْمُ مَعْرِفَةٍ كَزَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ صَفَرَ الْإِنَاءُ إذَا خَلَا، وَجُمَادَى مَعْرِفَةٌ وَلَيْسَتْ بِصِفَةٍ وَهِيَ مِنْ جُمُودِ الْمَاءِ، وَرَجَبٌ وَهُوَ اسْمُ مَعْرِفَةٍ مُصَلٍّ صَفَرَ مِنْ قَوْلِهِمْ رَجَبْت الشَّيْءَ عَظَّمْته بِأَنَّهُ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَشَعْبَانُ صِفَةٌ بِمَنْزِلَةِ عَطْشَانَ مِنْ التَّشَعُّبِ وَالتَّفَرُّقِ وَشَوَّالٌ صِفَةٌ جَرَتْ مَجْرَى الِاسْمِ وَصَارَتْ مَعْرِفَةً وَفِيهِ تَشُولُ الْإِبِلُ، وَذُو الْقَعْدَةِ صِفَةٌ قَامَتْ مَقَامَ الشَّهْرِ مِنْ الْقُعُودِ عَنْ التَّصَرُّفِ، كَقَوْلِكَ: هَذَا الرَّجُلُ ذُو الْجِلْسَةِ فَإِذَا حَذَفْت الرَّجُلَ قُلْت ذُو الْجِلْسَةِ وَذُو الْحِجَّةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَجِّ وَأَمَّا الرَّبِيعَانِ وَرَمَضَانُ فَلَيْسَتْ بِأَسْمَاءٍ لِلشُّهُورِ وَلَا صِفَاتٍ لَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَةِ شَهْرٍ كَقَوْلِك شَهْرُ رَبِيعٍ وَشَهْرُ رَمَضَانَ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يَظْهَرُ لَكَ عِلَّةُ ذِكْرِ الشَّهْرِ مَعَ رَمَضَانَ وَالرَّبِيعَيْنِ وَإِنَّ ذِكْرَ الشَّهْرِ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَهَا، وَإِنَّ ذِكْرَ الشَّهْرِ مَعَ رَجَبٍ خَطَأٌ وَإِنَّ الصَّفَدِيَّ قَدْ وُهِمَ فِي عَدِّ رَجَبٍ فِيمَا يُضَافُ إلَيْهِ الشَّهْرُ وَإِنَّ ابْنَ هِشَامٍ قَدْ وُهِمَ فِي جَعْلِ ذِكْرِ الشَّهْرِ مَعَهَا جَائِزًا لَا لَازِمًا كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ مَنْ قَالَ:

إنْ حَادِيَ عِشْرِينَ شَهْرُ جُمَادَى

فِي كَلَامِ الشُّهُودِ لَحْنٌ قَبِيحُ

ذَكَرُوا الشَّهْرَ وَهُوَ مَعَ رَمَضَانَ

وَالرَّبِيعَيْنِ غَيْرَ ذَا لَمْ يُبِيحُوا

وَتَعُدُّوا فِي حَذْفِ وَاوِ وَثَبَاتُ

النُّونِ وَالْعَكْسُ حُكْمٌ صَحِيحُ

قَالَ ذَاكَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ هِشَامٍ

جَادَ مَثْوَاهُ صَوْبَ غَيْثٍ فَسِيحِ

(33)

قَوْلُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْنُونَةِ وَالْعَاقِلَةِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ إلَخْ. أَيْ عَلَى الْعَاقِلِ الْبَالِغِ الْغَيْرِ الْمُكْرَهِ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَكَانَ الْإِمَامُ يَقُولُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ انْتِشَارَ آلَتِهِ إمَارَةُ الِاخْتِيَارِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّ انْتِشَارَ آلَتِهِ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَإِنَّمَا فَسَدَ صَوْمُهُ بِالْإِيلَاجِ وَهُوَ كَانَ مُكْرَهًا فِيهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ

ص: 78

الْجِمَاعُ فِي الدُّبُرِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ. الْخَبَّازُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا يَصِلُ بِهِ إلَى الضَّعْفِ؛ فَيَخْبِزُ نِصْفَ النَّهَارِ وَيَسْتَرِيحُ الْبَاقِيَ، وَقَوْلُهُ لَا يَكْفِينِي كَذِبٌ وَهُوَ بَاطِلٌ بِأَقْصَرَ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ

35 -

ظَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَأَكَلَ فَإِذَا هُوَ طَالِعٌ، الْأَصَحُّ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ. ضَمَانُ الْفِعْلِ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْفَاعِلِ، وَضَمَانُ الْمَحَلِّ لَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَأَمَّا هِيَ فَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً غَيْرَ مُكْرَهَةٍ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا

(34)

قَوْلُهُ: الْجِمَاعُ فِي الدُّبُرِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ. مُقَابِلُ الْأَصَحِّ مَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي الدُّبُرِ اعْتِبَارًا لَهُ بِالْحَدِّ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا الْفِعْلَ جِنَايَةً كَامِلَةً فِي إيجَابِ الْعُقُوبَةِ الَّتِي تُنْدَرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَصَحِّ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْجِنَايَةَ مُتَكَامِلَةٌ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ. وَإِنَّمَا يَدَّعِي أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله النُّقْصَانَ فِي مَعْنَى الزِّنَا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْصُلُ بِهِ إفْسَادُ الْفِرَاشِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الصَّائِمُ إذَا عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالِاتِّفَاقِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ أَيْضًا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ بِالزِّنَا إنَّمَا تَجِبُ لِأَنَّهُ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ عَلَى الْكَمَالِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي اللِّوَاطَةِ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ. أَمَّا الْحَدُّ إنَّمَا وَجَبَ بِالزِّنَا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ هُنَا وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، أَمَّا عِنْدَهُمَا يَجِبُ الْحَدُّ وَالْكَفَّارَةُ انْتَهَى

(35)

قَوْلُهُ: ظَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَأَكَلَ إلَخْ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا: ظَنَّ أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ فَأَكَلَ وَكَانَ كَمَا ظَنَّ كَفَّرَ. وَقِيلَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ (انْتَهَى) .

وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله هُنَا، مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَأَكَلَ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ صِحَّةَ ظَنِّهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ، لِأَنَّهُ بَنَى الْأَمْرَ عَلَى الْأَصْلِ فَلَمْ تَكْمُلْ الْجِنَايَةُ (انْتَهَى) .

وَفِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله إشَارَةٌ إلَى تَجْوِيزِ التَّسَحُّرِ وَالْإِفْطَارِ بِالتَّحَرِّي. وَقِيلَ: لَا يُتَحَرَّى فِي الْإِفْطَارِ وَإِلَى أَنَّهُ شَكَّ فِي الْفَجْرِ فَأَكَلَ لَمْ

ص: 79

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[غمز عيون البصائر]

يَفْسُدُ صَوْمُهُ لَكِنَّ تَرْكَهُ مُسْتَحَبٌّ، أَمَّا لَوْ شَكَّ فِي الْغُرُوبِ فَفِي الْكَفَّارَةِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَإِلَى أَنَّهُ يَتَسَحَّرُ بِقَوْلِ عَدْلٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا بِصَوْتِ الطَّبْلِ وَاخْتُلِفَ فِي الدِّيكِ. وَأَمَّا الْإِفْطَارُ فَلَا يَجُوزُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ بَلْ بِالْمُثَنَّى، وَظَاهِرُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ عَدْلًا صَدَّقَهُ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ أَهْلُ الرُّسْتَاقِ بِصَوْتِ الطَّبْلِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ ظَانِّينَ أَنَّهُ يَوْمُ الْعِيدِ وَهُوَ لِغَيْرِهِ لَمْ يُكَفِّرُوا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ

ص: 80