المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ] 1 - الْفَقِيهُ لَا يَكُونُ غَنِيًّا بِكُتُبِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٢

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌الْأُولَى: وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ

- ‌الثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ

- ‌الثَّالِثَةُ: وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌بَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌ بَيْعِ الْهَازِلِ

- ‌ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا

- ‌ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ

- ‌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ

- ‌ الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى

- ‌[لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[تَأْخِيرُ الْقَاضِي الْحُكْم بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ]

- ‌[الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا

- ‌ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ

- ‌[قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ]

- ‌[قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ]

- ‌ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ

- ‌[قَضَاءُ الْأَمِيرِ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ]

- ‌ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ

- ‌كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ

- ‌ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ

- ‌[شَهَادَة الْفَاسِقُ إذَا تَابَ]

- ‌ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ

- ‌[تَخْصِيصُ الْقَضَاءُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ]

- ‌الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:

- ‌[مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ

- ‌[الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ]

- ‌ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ

- ‌ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ

- ‌[انْعِزَال الْقَاضِي]

- ‌ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى

- ‌[تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ]

- ‌ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ

- ‌ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ

- ‌الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ

- ‌دَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ

- ‌[مَسْأَلَة تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ]

الفصل: ‌ ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ] 1 - الْفَقِيهُ لَا يَكُونُ غَنِيًّا بِكُتُبِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا،

[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

1 -

الْفَقِيهُ لَا يَكُونُ غَنِيًّا بِكُتُبِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، إلَّا فِي دَيْنِ الْعِبَادِ، فَتُبَاعُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ 2 - كَذَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ

3 -

الِاعْتِبَارُ لِوَزْنِ مَكَّةَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: الْفَقِيهُ لَا يَكُونُ غَنِيًّا بِكُتُبِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا إلَخْ. يَعْنِي لِلدِّرَاسَةِ فَيَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةَ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَفِيهِ: وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ فِيمَا لَمْ يَصِحَّ. قَالَ نُصَيْرٌ: صَحِّحُوا هَذِهِ الْكُتُبَ فَلَعَلَّكُمْ لَا تَجِدُونَ أُسْتَاذًا غَيْرَهَا. (2) قَوْلُهُ: كَذَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ إلَخْ. يَعْنِي فِي كِتَابِ الْحَجْرِ وَاللُّقَطَةِ.

وَيُحْبَسُ ذُو الْكُتُبِ الصِّحَاحِ الْمُحَرَّرِ

عَلَى الدَّيْنِ إذْ بِالْكُتُبِ مَا هُوَ مُعْسِرٌ

قَالَ فِي الشَّرْحِ: مَسْأَلَةُ الْمَيْتِ مِنْ الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا فَقِيهٌ لَحِقَهُ دَيْنٌ وَلَهُ كُتُبٌ عَلِقَ بَعْضَهَا عَنْ أُسْتَاذِهِ وَأَصْلَحَ بَعْضَهَا بِنَفْسِهِ فَهُوَ مُوسِرٌ فِي حَقِّ قَضَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى لَحِقَهُ الْحَبْسُ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فِي حَقِّ الصَّدَقَةِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ قُوتُ شَهْرٍ تُبَاعُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ قُوتُ يَوْمٍ لَا تُبَاعُ.

(3)

قَوْلُهُ: الِاعْتِبَارُ لِوَزْنِ مَكَّةَ سَبْعَةً إلَخْ. تَفْسِيرُهُ أَنْ يَزِنَ كُلَّ عَشْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ وَكُلَّ دِرْهَمٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا يُبْنَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الزَّكَاةِ وَنِصَابُ السَّرِقَةِ وَغَيْرُهُمَا. وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْزَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه كَانَتْ مُخْتَلِفَةً، فَمِنْهَا مَا كَانَ الدِّرْهَمُ أَحَدَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَمِنْهَا مَا كَانَ عَشْرَةَ قَرَارِيطَ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى وَزْنَ خَمْسَةٍ، وَمِنْهَا مَا كَانَ وَزْنَ اثْنَيْ عَشَرَ قِيرَاطًا وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى وَزْنَ سِتَّةٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى نَقْدٍ وَاحِدٍ فَأَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ مُتَسَاوِيَةً فَكَانَ كُلُّ دِرْهَمٍ

ص: 49

مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُفْلِسٍ مُقِرٍّ فَقِيرٍ عَلَى الْمُخْتَارِ

5 -

الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا رَفَعَ زَكَاتَهُ إلَى أُخْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ وَارِثَتُهُ أَجْزَأَتْهُ وَوَقَعَتْ مَوْقِعَهَا؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ رُدَّتْ

ــ

[غمز عيون البصائر]

أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَهُوَ وَزْنُ سَبْعَةٍ الَّتِي جَمَعَ عُمَرُ رضي الله عنه النَّاسَ عَلَيْهَا وَبَقِيَ كَذَلِكَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا. وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الدَّرَاهِمَ مَتَى صَارَتْ مُدَوَّرَةً. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانَ شَبَهَ النَّوَاةِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ: الْمُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ وَزْنُ مَكَّةَ قَالَ عليه السلام: «الْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ» فَعَشْرَةُ دَنَانِيرَ بِوَزْنِ مَكَّةَ تَنْقُصُ عِنْدَنَا بِثُلُثِي دِينَارٍ فَلَوْ بَلَغَتْ الدَّنَانِيرُ بِوَزْنِ بَلَدِنَا أَيْ خُوَارِزْمَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثَ دِينَارٍ يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ: تُعْتَبَرُ دَرَاهِمُ كُلِّ بَلَدٍ وَدَنَانِيرُهُمْ بِوَزْنِهِمْ فَيُعْتَبَرُ فِي خُوَارِزْمَ وَزْنُهُمْ فَيَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَزْنُ سَبْعَةٍ قُلْتُ فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَنْ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي زَمَانِنَا يَكُونُ نِصَابًا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ وَزْنُهَا مِائَةَ مِثْقَالٍ وَلَا قِيمَتُهَا اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا (انْتَهَى) .

(4)

قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُفْلِسٍ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ عَلَى إنْسَانٍ هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ مُعْسِرًا؟ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَحِلُّ لِأَنَّ يَدَهُ زَائِلَةٌ عَنْ مَالِهِ فَصَارَ كَابْنِ السَّبِيلِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ مُوسِرًا مُقِرًّا بِالدَّيْنِ لَا يَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ يَدَهُ ثَابِتَةٌ عَلَى مَالِهِ، لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ مَتَى شَاءَ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا إنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَا يَحِلُّ لَهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ مَعْنًى، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَا يَحِلُّ أَيْضًا مَا لَمْ يَرْفَعْ إلَى الْقَاضِي فَيُحَلِّفُهُ لِأَنَّ الْوُصُولَ مَأْمُولٌ، وَإِذَا حَلَفَ الْآنَ يَحِلُّ. وَعَلَى هَذَا الدَّيْنِ الْمَجْحُودِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ (انْتَهَى) .

ثُمَّ إنْ عَدِمَ الْحِلِّ فِيمَا إذْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بِمَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ إلَّا دَيْنًا مُؤَجَّلًا عَلَى إنْسَانٍ حَلَّ لَهُ الصَّدَقَةُ

(5)

قَوْلُهُ: الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا دَفَعَ زَكَاتَهُ إلَى أُخْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ وَارِثَتُهُ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: دَفَعَ زَكَاتَهُ إلَى أَخِيهِ وَهُوَ وَارِثُهُ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا ثُمَّ رَقَّمَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ، كَمَنْ أَوْصَى بِالْحَجِّ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى قَرِيبِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ. كَذَا هَذَا ثُمَّ رَقَّمَ الْبُرْهَانُ التَّرْجُمَانِيُّ وَحِمْيَرُ الْوَبَرِيُّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ لَكِنْ لِلْوَرَثَةِ الرَّدُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ (انْتَهَى) .

قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ.

ص: 50

لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. تَصَدَّقَ بِطَعَامِ الْغَيْرِ عَنْ صَدَقَةِ فِطْرِهِ تُوقَفُ عَلَى إجَازَتِهِ؛ 6 - فَإِنْ أَجَازَ بِشَرَائِطِهَا وَضَمِنَهُ جَازَتْ. الْمَأْمُورُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا تَصَدَّقَ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ وَكَانَتْ دَرَاهِمُ الْمَأْمُورِ قَائِمَةً.

7 -

نَوَى الزَّكَاةَ إلَّا أَنَّهُ سَمَّاهُ قَرْضًا اخْتَلَفُوا، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ.

8 -

عَبْدُ الْخِدْمَةِ إذَا أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ فَتَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِهِ.

9 -

عَيَّنَ النَّاذِرُ مِسْكِينًا فَلَهُ إعْطَاءُ غَيْرِهِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ بِشَرَائِطِهَا إلَخْ. يَعْنِيَ الْإِجَازَة الْمَفْهُومَةَ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَجَازُوا، شَرَائِطُهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي فَتَاوَاهُ أَرْبَعَةٌ: قِيَامُ الْعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَلَهُ وَبِهِ لَوْ عَرَضْنَا فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَازَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَازَةِ الْفَوْرُ (انْتَهَى) .

لَكِنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَهِيَ غَيْرُ مُتَأَتِّيَةٍ هُنَا. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: تَصَدَّقَ بِطَعَامِ الْغَيْرِ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَأَجَازَهُ الْمَالِكُ وَالطَّعَامُ قَائِمٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ ضَمِنَهُ جَازَ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ شَرْطُهَا وَأَنَّ الصَّوَابَ عَطْفٌ ضَمِنَهُ بِأَوْ.

(7)

قَوْلُهُ: نَوَى الزَّكَاةَ إلَّا أَنَّهُ سَمَّاهُ قَرْضًا إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: دَفَعَ لِمُحْتَرَمٍ زَكَاةَ مَالِهِ وَقَالَ: دَفَعْتُهُ إلَيْكَ قَرْضًا وَنَوَى الزَّكَاةَ يُجْزِيهِ. وَقِيلَ: لَا يُجْزِيهِ إلَّا إذَا تَأَوَّلَ الْقَرْضَ بِالزَّكَاةِ. وَالْأَصَحُّ رِوَايَةُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِنِيَّةِ الدَّافِعِ لَا لِعِلْمِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ.

(8)

قَوْلُهُ: عَبْدُ الْخِدْمَةِ فِي التِّجَارَةِ إلَخْ. فِي الْقُنْيَةِ: عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى مَوْلَاهُ وَهُوَ لِلتِّجَارَةِ. ثُمَّ رُقِّمَ تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ.

(9)

قَوْلُهُ: عَيَّنَ النَّاذِرُ مِسْكِينًا فِي إعْطَاءِ غَيْرِهِ إلَخْ. قَالَ فِي الْمَجْمَعِ: وَأَسْقَطْنَا تَعْيِينَ النَّاذِرِ الْيَوْمَ وَالدِّرْهَمَ وَالْفَقِيرَ. قَالَ شَارِحُهُ ابْنُ الْمَلَكِ يَعْنِي إذَا قَالَ النَّاذِرُ: لِلَّهِ عَلَيَّ

ص: 51

إلَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورُ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ هَذَا الْمِسْكِينَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ عَيَّنَ مِسْكِينَيْنِ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ

11 -

يُحْبَسُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَخْذِهَا مِنْهُ جَبْرًا وَالْمُعْتَمَدُ: لَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

أَنْ أَتَصَدَّقَ الْيَوْمَ بِهَذَا الدِّرْهَمِ عَلَى هَذَا الْفَقِيرِ فَتَصَدَّقَ غَدًا بِدِرْهَمٍ آخَرَ عَلَى غَيْرِهِ تُجْزِيه عِنْدَنَا وَلَا تُجْزِيهِ عِنْدَ زُفَرَ. لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ مَا الْتَزَمَ بِنَذْرِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ عِنْدَهُ. وَلَنَا أَنَّ مَا هُوَ قُرْبَةٌ وَهُوَ أَصْلُ التَّصَدُّقِ دَخَلَ تَحْتَ النَّذْرِ وَقَدْ أَعْطَاهُ، وَالتَّعْيِينُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ فَيَبْطُلُ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ: وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى مَسَاكِينِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِكَذَا فَتَصَدَّقَ عَلَى مَسَاكِينِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ الْمُوصِي (انْتَهَى) .

قُلْتُ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ الْكُوفَةِ فَصَرَفَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ عَلَى فُقَرَاءِ الْبَصْرَةِ قِيَاسُ الْوَقْفِ عَلَى الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْخَامِسِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ: وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَعَلَى مَسَاكِينِ مَكَّةَ جَازَ لِغَيْرِهِمْ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَصِيَّةَ (انْتَهَى) .

قُلْتُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الْمُنْتَقَى (10) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورَ إلَخْ. كَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْمِسْكِينَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورَ وَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا أَنْ يَقُولَ عَيَّنَ النَّاذِرُ مِسْكِينًا وَعَيَّنَ الْمَنْذُورَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(11)

قَوْلُهُ: يُحْبَسُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهَا فَالسَّاعِي لَا يَأْخُذُ مِنْهُ كُرْهًا، وَلَوْ أَخَذَ لَا تُقْطَعُ عَنْ الزَّكَاةِ لِكَوْنِهَا بِلَا اخْتِيَارٍ، وَلَكِنْ يُجْبِرُهُ بِالْحَبْسِ لِيَتَأَذَّى بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَسْلُبُ الِاخْتِيَارَ بَلْ الطَّوَاعِيَةَ فَيَتَحَقَّقُ الْأَدَاءُ عَنْ اخْتِيَارٍ (انْتَهَى) . وَفِي مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ: وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ فَأَخَذَهَا الْإِمَامُ كُرْهًا مِنْهُ فَوَضَعَهَا فِي أَهْلِهَا أَجْزَأَهُ، لِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةَ أَخْذِ الصَّدَقَاتِ فَقَامَ أَخْذُهُ مَقَامَ دَفْعِ الْمَالِكِ (انْتَهَى) .

وَفِي الْقُنْيَةِ فِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِيهَا شَرْطٌ وَلَمْ تُوجَدْ مِنْهُ (انْتَهَى) .

وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ بِأَنَّ الصُّورَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ أُخِذَ مِنْهُ زَكَاةُ مَالٍ اللَّهُمَّ أَنْ يُرِيدَ التَّلَفُّظَ بِهَا وَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا (انْتَهَى) .

وَفِي الْمَجْمَعِ: وَلَا يَأْخُذُهَا مِنْ سَائِمَةٍ امْتَنَعَ رَبُّهَا مِنْ أَدَائِهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ بَلْ نَأْمُرُهُ لِيُؤَدِّيَهَا

ص: 52

حَوْلُ الزَّكَاةِ قَمَرِيٌّ لَا شَمْسِيٌّ

13 -

كُلُّ الصَّدَقَاتِ حَرَامٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، زَكَاةً 14 - أَوْ عِمَالَةً فِيهَا أَوْ عُشْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ مَنْذُورَةً 15 - إلَّا التَّطَوُّعَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

اخْتِيَارًا (انْتَهَى) .

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَالْمُفْتَى بِهِ التَّفْصِيلُ إنْ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْغَرَضُ عَنْ أَرْبَابِهَا بِأَخْذِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَخْذِ لَهُ، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَضَعْ السُّلْطَانُ مَوْضِعَهَا لَا يَبْطُلُ أَخْذُهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ وِلَايَةُ أَخْذِ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَلَمْ يَصِحَّ أَخْذُهُ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ وَالْوَلْوالِجِيَّة (انْتَهَى) .

قُلْتُ: لَكِنْ لَا يَبْقَى إشْكَالُ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ وَارِدًا عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ عَلِمْتَ جَوَابَهُ.

(12)

قَوْلُهُ: حَوْلُ الزَّكَاةِ قَمَرِيٌّ لَا شَمْسِيٌّ إلَخْ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: الْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ لِلْحَوْلِ الْقَمَرِيِّ فَلَوْ أَبَرَّأَ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَدْيُونَ عَنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ فَقِيرًا لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.

(13)

قَوْلُهُ: كُلُّ الصَّدَقَاتِ حَرَامٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ إلَخْ. قَالَ الْكَرْخِيُّ: بَنُو هَاشِمٍ الَّذِينَ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ وَالْعُشُورُ وَالنُّذُورُ وَالْكَفَّارَاتُ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَبَّاسٍ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَتَحِلُّ لَهُمْ صَدَقَاتُ الْأَوْقَافِ إذَا سُمُّوا فِي الْوَقْفِ وَكَذَا الْأَغْنِيَاءُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ. (14) قَوْلُهُ: أَوْ عِمَالَةً إلَخْ. إنَّمَا حَرُمَتْ الْعِمَالَةُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَتْ لَهَا شُبْهَةٌ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِي حَقِّهِمْ مِثْلُ الْحَقِيقَةِ كَرَامَةً لَهُمْ. (15) قَوْلُهُ: إلَّا التَّطَوُّعَ إلَخْ. يَعْنِي فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْوَسَخَ لَا يَزُولُ بِهِ بَلْ بِالْفَرْضِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ يُطَهِّرُ نَفْسَهُ بِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ فَيَتَدَنَّسُ الْمُؤَدِّي لَهُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّ الْمُؤَدِّيَ تَبَرَّعَ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا يَتَدَنَّسُ، كَمَنْ تَبَرَّدَ بِالْمَاءِ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا وَفِي شَرْحِ الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله: أَنَّ الصَّدَقَاتِ كُلَّهَا جَائِزَةٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْحُرْمَةُ كَانَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوُصُولِ خُمُسِ الْخُمُسِ إلَيْهِمْ فَلَمَّا سَقَطَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَّتْ لَهُمْ الصَّدَقَةُ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ رحمه الله وَبِالْجَوَازِ نَأْخُذُ.

ص: 53

وَالْوَقْفَ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ لَا يَجُوزُ صَرْفُ غَلَّةِ الْوَقْفِ إلَى بَنِي هَاشِمٍ إلَخْ. وَيُوَقَّفُ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ رحمه الله مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ لَهُمْ لِلْوَاقِفِ فَيَجُوزُ وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ لَهُمْ فَلَا يَجُوزُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ أَنَّ صَدَقَةَ الْوَقْفِ لَا تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ إلَّا إذَا سَمَّاهُمْ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّهِمْ فَلَا. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مُعَلَّلًا بِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ، وَرَدَّهُ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَصَرَّحَ فِي الْكَافِي بِدَفْعِ صَدَقَةِ الْوَقْفِ إلَيْهِمْ عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ خِلَافٌ. ثُمَّ قَالَ وَالْحَقُّ الَّذِي يَقْتَضِيه النَّظَرُ إجْرَاءَ صَدَقَةِ الْوَقْفِ مُجْرَى النَّافِلَةِ فَإِنْ ثَبَتَ فِي النَّافِلَةِ جَوَازُ الدَّفْعِ يَثْبُتُ فِي الْوَقْفِ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا إشْكَالَ فِي أَنَّ الْوَاقِفَ مُتَبَرِّعٌ بِتَصَدُّقِهِ، إذْ لَا إيقَافَ وَاجِبٍ. وَكَانَ مَنْشَأُ الْغَلَطِ وُجُوبَ دَفْعِهَا عَلَى النَّاظِرِ وَبِذَلِكَ لَمْ تَصِرْ صَدَقَةً وَاجِبَةً عَلَى الْمَالِكِ بَلْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ وُجُوبَ اتِّبَاعِ شَرْطِ الْوَاقِفِ عَلَى النَّاظِرِ (انْتَهَى) .

وَنَظَرَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ فِي قَوْلِ صَاحِبِ الْفَتْحِ إذْ لَا إيقَافَ وَاجِبٍ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا بِالنَّذْرِ، كَأَنْ قَالَ إنْ قَدِمَ أَبِي فَعَلَيَّ أَنْ أَقِفَ هَذِهِ الدَّارَ. وَقَدْ صَرَّحَ الْمُحَقِّقُ نَفْسُهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بِذَا (انْتَهَى) .

أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْفَتْحِ بِالْوُجُوبِ الْمَنْفِيِّ الْوُجُوبِ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ صُورَةَ النَّذْرِ نَادِرَةٌ لَا يُنَاطُ بِهَا حُكْمٌ عَامٌ فَتَأَمَّلْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ صَرْفِ الْوَقْفِ إلَيْهِمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْوَقْفِ عَلَى أَقْرِبَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ حَرَّمَ الصَّدَقَةَ عَلَى قَرَابَتِهِ إظْهَارًا لِفَضْلِهِ. وَقِيلَ: بَلْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ تَحِلُّ لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمْ السَّلَامُ وَهَذِهِ خُصُوصِيَّةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (انْتَهَى) .

وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَأَمَّا الصَّدَقَةُ عَلَى أَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم فَنَقَلَ ابْنُ ضِيَاءٍ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ ابْنِ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ كَافَّةً اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدْخُلْنَ فِي الَّذِينَ حَرُمَتْ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَاتُ. وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَمَّا آلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ. ثُمَّ قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِنَّ

ص: 54

شَكَّ أَنَّهُ أَدَّى الزَّكَاةَ أَمْ لَا؛ فَإِنَّهُ يُؤَدِّيهَا لِأَنَّ وَقْتَهَا الْعُمْرُ. أَوْدَعَ مَالًا وَنَسِيَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ. 18 - إلَّا إذَا كَانَ الْمُودَعُ مِنْ الْمَعَارِفِ

19 -

دَيْنُ الْعِبَادِ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِهَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: شَكَّ أَنَّهُ أَدَّى الزَّكَاةَ إلَخْ. فِي الْوَاقِعَاتِ لَوْ شَكَّ رَجُلٌ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَدْرِ أَزَكَّى أَمْ لَا، فَإِنَّهُ يُعِيدُ فُرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا شَكَّ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ أَصَلَّاهَا أَمْ لَا، لِأَنَّ الْعُمْرَ كُلَّهُ وَقْتٌ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الشَّكِّ وَقَعَ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ فَلَا إعَادَةَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا كَانَتْ أَهَمَّ فَالظَّاهِرُ الْأَدَاءُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ أَوْ لِأَنَّ جَمِيعَ الْعُمْرِ وَقْتُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ وَابْنِ شُجَاعٍ وَالثَّلْجِيِّ عَنْ أَصْحَابِنَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ (انْتَهَى) .

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ أَدَّى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ يُؤَدِّي مُتَفَرِّقًا وَلَا يَضْبِطُهُ هَلْ تَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا؟ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَا لُزُومُ الْإِعَادَةِ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ دَفْعُ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالشَّكِّ. (18) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ الْمُودَعُ إلَخْ. يَعْنِي إذَا أَوْدَعَ نِصَابًا وَنَسِيَ. قَالُوا: إنْ كَانَ الْمُودَعُ مِنْ الْأَجَانِبِ فَهُوَ ضِمَارٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَعَارِفِهِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ لِتَفْرِيطِهِ بِالنِّسْيَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ

(19)

قَوْلُهُ: دَيْنُ الْعِبَادِ مَانِعٌ إلَخْ. أَيْ الدَّيْنُ الَّذِي مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُطَالِبٌ كَدَيْنِ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَإِنْ قِيلَ: إنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَلَا مُطَالِبَ لَهُ قُلْنَا: حَقُّ الْأَخْذِ فِيهَا لِلْإِمَامِ كَمَا فِي السَّوَائِمِ إلَّا أَنَّ الْمُلَّاكَ نُوَّابُهُ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ وَفِي تَجْرِيدِ الْإِيضَاحِ: النَّفَقَةُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَا لَمْ يُقْضَ بِهَا فَإِذَا قُضِيَ بِهَا مَنَعَتْ، وَأَمَّا دَيْنُ الزَّكَاةِ فَيَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ، وَصُورَتُهُ إذَا كَانَ لَهُ نِصَابٌ مِنْ الْأَثْمَانِ أَوْ السَّوَائِمِ فَحَالَ الْحَوْلُ وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ ثَانِيًا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ لِلْحَوْلِ الثَّانِي، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعَيْنِ بِأَنْ

ص: 55

إلَّا الْمَهْرَ الْمُؤَجَّلَ إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ

21 -

يُكْرَهُ إعْطَاءُ نِصَابٍ لِفَقِيرٍ مِنْهَا إلَّا إذَا كَانَ مَدْيُونًا أَوْ صَاحِبَ عِيَالٍ؛ لَوْ فَرَّقَهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَخُصَّ كُلًّا مِنْهُمْ نِصَابٌ

ــ

[غمز عيون البصائر]

كَانَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ. وَقَالَ زُفَرُ دَيْنُ الزَّكَاةِ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا كَانَتْ فِي الْعَيْنِ مَنَعَتْ الزَّكَاةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ لَا تَمْنَعُ (انْتَهَى) .

وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: دَيْنُ الزَّكَاةِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا لَحِقَهُ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ أَوْ دَيْنًا لَحِقَهُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي النِّصَابِ يَمْنَعُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ جُزْءًا مِنْ النِّصَابِ فَيَكُونُ نَاقِصًا وَدَيْنُ الزَّكَاةِ بِأَنْ اسْتَهْلَكَ مَالَ الزَّكَاةِ ثُمَّ مَلَكَ مَالًا آخَرَ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ فَلَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ كَالْحَجِّ: وَقَالَ فِي الْجَامِعِ: دَيْنُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ يَمْنَعُ فَقَطْ لِأَنَّ لَهُ مُطَالِبًا وَهُوَ السَّاعِي وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ: دَيْنُ الْكَفَالَةِ يَمْنَعُ مُطْلَقًا. وَفِي النَّوَادِرِ: إنْ كَانَتْ بِأَمْرٍ لَا تَمْنَعُ وَلَا أَمْرَ تَمْنَعُ (انْتَهَى) .

وَبِمَا قَرَّرَنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ سَقَطَ مَا عَسَاهُ أَنْ يُقَالَ: كَمَا يَمْنَعُ دَيْنُ الْعِبَادِ يَمْنَعُ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ يَمْنَعُ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ كَانَ لِلزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَوْ لِلْعِبَادِ كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ وَنَفَقَةِ الْمَحَارِمِ، وَمَا لَا مُطَالِبَ لَهُ كَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْحَجِّ لَا يَمْنَعُ (انْتَهَى) .

فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَكُلُّ دَيْنٍ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ مَانِعٌ وُجُوبَهَا لَكَانَ أَوْلَى. (20) قَوْلُهُ: إلَّا الْمَهْرَ الْمُؤَجَّلَ. فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ ذَكَر الْبَزْدَوِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ الْبَعْضِ: دَيْنُ الْمَهْرِ لَا يَمْنَعُ إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ عَلَى عَزْمِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ دَيْنًا وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ يَمْنَعُ مُؤَجَّلًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَفِي طَرِيقَةِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ: الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ هَلْ يَمْنَعُ؟ لَا رِوَايَةَ فِيهِ إنْ قُلْنَا لَا فَلَهُ وَجْهٌ وَإِنْ قُلْنَا يَمْنَعُ فَلَهُ وَجْهٌ

(21)

قَوْلُهُ: يُكْرَهُ إعْطَاءُ نِصَابٍ لِفَقِيرٍ مِنْهَا إلَخْ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَا يُعْطِي فَقِيرًا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَلَوْ أَعْطَاهُ جَازَ دَفْعَةً وَاحِدَةً عَنْ الزَّكَاةِ وَكُرِهَ. أَمَّا الْجَوَازُ فَلِأَنَّ الْغِنَى حُكْمُ الْمِلْكِ فَالدَّفْعُ يُلَاقِي كَفَّ الْفَقِيرِ، وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلِأَنَّ الْغِنَى مُتَّصِلٌ بِالدَّفْعِ فَيُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عِيَالٌ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا لِأَنَّ الْغِنَى لَا يَتَّصِلُ بِهِ

ص: 56

يُكْرَهُ نَقْلُهَا إلَّا إلَى قَرَابَةٍ، أَوْ أَحْوَجَ، 23 - أَوْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، 24 - أَوْ إلَى طَالِبِ عِلْمٍ، أَوْ إلَى الزُّهَّادِ، 25 - أَوْ كَانَتْ زَكَاةً مُعَجَّلَةً الْمُخْتَارُ أَنَّهُ

26 -

لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِأَهْلِ الْبِدَعِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: يُكْرَهُ نَقْلُهَا إلَخْ. أَيْ الزَّكَاةَ رِعَايَةً لِحَقِّ الْجِوَارِ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ آخِرَ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ النَّوَادِرِ إنَّمَا إخْرَاجُ الزَّكَاةِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ فِي حِينِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حِينِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ تَقْيِيدُ مَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله وَإِنْ كَانَ اُسْتُفِيدَ التَّقْيِيدُ مِنْ آخِرِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ نَقْلُهَا مِنْ بَلَدٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ الْمُزَكِّي فِيهِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ مَكَانُ الْمِلْكِ لَا الْمَالِكِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ. (23) قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ دَارِ الْحُرُوبِ إلَخْ. يَعْنِي لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ وَسَكَنَ فِيهَا سِنِينَ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ الَّذِي خَلَفَهُ وَفِيمَا اسْتَفَادَ فِيهَا، لَكِنَّهُ يُفْتِي بِالْأَدَاءِ إلَى مَنْ يَسْكُنُ دَارَ الْإِسْلَامِ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ. (24) قَوْلُهُ: أَوْ إلَى طَالِبِ عِلْمٍ إلَخْ. أَقُولُ يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ نَقْلُهَا إلَى الْمَدْيُونِ وَالْأَوْرَعِ وَالْأَصْلَحِ كَمَا فِي رَمْزِ الْمَقْدِسِيِّ. (25) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ زَكَاةً مُعَجَّلَةً إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ: يُكْرَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إلَّا إذَا نَقَلَهَا إلَى قَرَابَتِهِ أَوْ كَانَتْ الزَّكَاةُ الْمَنْقُولَةُ الزَّكَاةَ الْمُعَجَّلَةَ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ بَعَثَهَا إلَى فُقَرَاءِ بَلَدٍ آخَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ

(26)

قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِأَهْلِ الْبِدَعِ إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ آخَرَ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْمَصْرِفِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ: لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْكَرَّامِيَّةِ لِأَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُشَبِّهَاتِ فِي الصِّفَاتِ حَالًا مِنْ الْمَرَامِيَّةِ لِأَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ فِي الصِّفَاتِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ أَيْضًا لِأَنَّ مُفَوِّتٌ الْمَعْرِفَةَ مِنْ

ص: 57

دَفَعَهُمَا لِأُخْتِهِ الْمُتَزَوِّجَةِ إنْ كَانَ زَوْجُهَا مُعْسِرًا جَازَ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَكَانَ مَهْرُهَا أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ قَدْرَهُ لَمْ يَجُزْ وَبِهِ يُفْتَى، وَكَذَا فِي لُزُومِ الْأُضْحِيَّةِ. الْوَلَدُ مِنْ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الزَّانِي فِي شَيْءٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ، لَا تُقْبَلُ لِلزَّانِي

28 -

وَفِي الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاةٍ إلَى الْوَلَدِ مِنْ الزِّنَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

جِهَةَ الصِّفَةِ مُلْحَقٌ بِمُفَوِّتِ الْمَعْرِفَةِ مِنْ جِهَةِ الذَّاتِ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ

قَوْلُهُ: دَفَعَهَا لِأُخْتِهِ الْمُتَزَوِّجَةِ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ دَفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى أُخْتِهِ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ إنْ كَانَ مَهْرُهَا مَا دُونَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ لَكِنَّ الْمُعَجَّلَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَالزَّوْجُ مُعْسِرٌ حَلَّ الدَّفْعُ إلَيْهَا، وَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ قَرِيبَةٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُعَجَّلُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ فَعِنْدَ الْإِمَامِ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَحِلُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ قَبْلَ الْقَبْضِ هَلْ يَكُونُ نِصَابًا وَوُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَيْهَا. عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (انْتَهَى) .

وَالْبَزَّازِيَّةِ فِي آخِرِ فَصْلِ الْمَصْرِفِ: دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى أُخْتِهِ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ إنْ كَانَ مَهْرُهَا الْمُعَجَّلُ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ أَوْ أَكْثَرَ لَكِنَّ الزَّوْجَ مُعْسِرٌ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا الزَّكَاةَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَالْمُعَجَّلُ قَدْرُ النِّصَابِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى لِلِاحْتِيَاطِ. وَعِنْدَ الْإِمَامِ يَجُوزُ مُطْلَقًا. وَكَذَا فِي لُزُومِ الْأُضْحِيَّةِ (انْتَهَى) .

وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ بَيَانِ الْخِلَافِ فَأُوهِمَ الِاتِّفَاقُ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ: امْرَأَةُ الْغَنِيِّ إذَا لَمْ يُوَسِّعْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا حَلَّ لَهَا الصَّدَقَةُ (انْتَهَى) .

وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ لَا تَمْلِكُ نِصَابًا

(28)

قَوْلُهُ: وَفِي الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاةِ الزَّانِي إلَى الْوَلَدِ مِنْ الزِّنَا إلَخْ. فِي التَّفَارِيقِ نَفَى وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ لَمْ يُعْطِهِ وَفِي طَرِيقَةِ الْغِيَانِيِّ. وَكَذَا الْمَخْلُوقُ مِنْ مَائِهِ بِالزِّنَا. وَفِي جَمْعِ النَّاطِفِيِّ: زُوِّجَتْ امْرَأَةُ الْغَائِبِ فَوَلَدَتْ، قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله: الْأَوْلَادُ مِنْ الْأَوَّلِ وَمَعَ هَذَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ دَفْعُ الزَّكَاةِ وَيَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ.

ص: 58

إلَّا إذَا كَانَ مِنْ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

30 -

الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ بِقُدْرَةٍ مُيَسَّرَةٍ فَتَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ. وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَجَبَتْ بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ مِنْ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ إلَخْ. عَلَّلَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ بِأَنَّ نَسَبَهُ تَثْبُتُ مِنْ النَّاكِحِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله حَيْثُ قَالَ: امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِوَلَدٍ مِنْ الزِّنَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ لَا مِنْ الزَّانِي فِي الصَّحِيحِ فَلَوْ دَفَعَ صَاحِبُ الْفِرَاشِ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى هَذَا الْوَلَدِ يَجُوزُ وَلَوْ دَفَعَ الزَّانِي لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (انْتَهَى) .

فَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ جَوَازِ الدَّفْعِ إلَى وَلَدِهِ مِنْ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ

(30)

قَوْلُهُ: الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ بِقُدْرَةٍ مُيَسَّرَةٍ إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ الْقُدْرَة الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّمَكُّنُ لِلْعَبْدِ مِنْ أَدَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ نَوْعَانِ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهَا إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَهُ الْيُسْرُ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فَهُوَ الْمُطْلَقُ وَيُسَمَّى الْقُدْرَةُ الْمُمْكِنَةُ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إلَى مُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ وَالِاقْتِدَارِ عَلَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ يُسْرٍ، وَذَلِكَ كَالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فِي الْحَجِّ وَالنِّصَابِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ مَعَهُ الْيُسْرُ فَهُوَ الْكَامِلُ وَيُسَمِّي الْقُدْرَةَ الْمُيَسَّرَةَ كَالنَّمَاءِ فِي الزَّكَاةِ. أَمَّا الْمُطْلَقُ فَهُوَ أَدْنَى مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْمَأْمُورُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ بَدَنِيًّا كَانَ أَوْ مَالِيًّا أَوْ مُرَكَّبًا مِنْهُمَا كَالْحَجِّ، وَالشَّرْطُ تَوَهُّمُهُ لَا حَقِيقَتُهُ، أَيْ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ تَوَهُّمُ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الْأَدَاءِ لَا الْقُدْرَةُ الْمُحَقِّقَةُ لِلْوُجُودِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الْأَدَاءِ لَا الْقُدْرَةِ الْمُحَقِّقَةِ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ؛ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُحَقِّقَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَصِيرُ الْفِعْلُ بِهَا مُحَقَّقًا وَهِيَ غَيْرُ شَرْطٍ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهَا لَا تُوجَدُ بِدُونِ الْفِعْلِ وَالتَّكْلِيفِ قَبْلَهُ وَمُتَوَهَّمَةٌ وَهِيَ كَوْنُهُ بِحَيْثُ لَوْ عَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ لَوَجَدَهُ بِالْقُدْرَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ بِهَا، وَهِيَ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا يَكُونُ غَالِبَ الْوُجُودِ ظَاهِرَ التَّحَقُّقِ وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ الْحَقِيقَةِ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ لَوْ سَلِمَتْ الْآلَاتُ وَصَحَّتْ الْأَسْبَابُ فَلِذَا فُسِّرَتْ الْقُدْرَةُ الْمُتَوَهَّمَةُ بِهَا، وَهِيَ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا يَكُونُ غَالِبَ الْوُجُودِ ظَاهِرَ التَّحَقُّقِ وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ فِي لُزُومِ الْأَدَاءِ بِعَيْنِهِ عَلَى مَعْنًى أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْأَدَاءِ،

ص: 59

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[غمز عيون البصائر]

كَالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَالْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ يَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَيْهِمْ وَيَسْتَحِقُّونَ الْإِثْمَ بِتَرْكِ الْأَدَاءِ وَمَا يَكُونُ الْفِعْلُ بِهِ فِي حَيِّزِ الْجَوَازِ عَقْلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ النَّوَادِرِ عَادَةً وَحِسًّا، وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ فِي لُزُومِ الْأَدَاءِ لِخَلَفِهِ الَّذِي وَهِمَ الْقَضَاءَ لَا بِعَيْنِهِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ ضِيقٌ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ فِيهِ إلَّا قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ، كَانَ الْأَدَاءُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِخَلَفِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ تَوَهُّمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ بِحُصُولِ الِامْتِدَادِ فِي الْوَقْتِ بِوُقُوفِ الشَّمْسِ إذْ هِيَ فِي حَيِّزِ الْجَوَازِ عَقْلًا، وَلِذَا وَقَعَ لِسُلَيْمَانَ عليه السلام. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُدْرَةَ الْمُتَوَهَّمَةَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ فَأَحَدُ قِسْمَيْهَا لِلُزُومِ الْأَدَاءِ بِعَيْنِهِ وَالْآخَرُ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ بِخَلَفِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ، وَأَمَّا الْكَامِلُ وَهُوَ الْقُدْرَةُ الْمُيَسَّرَةُ لِلْأَدَاءِ فَهُوَ مَا يُوجِبُ يُسْرَ الْأَدَاءِ عَلَى الْعَبْدِ كَالنَّمَاءِ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ وَفُرِّقَ مَا بَيْنَ الْقُدْرَتَيْنِ أَنَّ الْأَوَّلَ شَرْطٌ مَحْضٌ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْعِلَّةِ وَالثَّانِيَةُ شَرْطٌ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ لَيْسَ إلَّا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ الْوَاجِبِ بِدُونِهِ فَهُوَ لَا يُغَيِّرُ صِفَةَ الْوَاجِبِ فَلَا يُوجَدُ فِيهَا مَعْنَى الْعِلَّةِ فَكَانَتْ شَرْطًا مَحْضًا فَلَمْ يُشْتَرَطْ بَقَاؤُهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ، إذَا الْبَقَاءُ غَيْرُ الْوُجُودِ وَشَرْطُ الْوُجُودِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْطَ الْبَقَاءِ كَالشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ شَرْطُ الِانْعِقَادِ دُونَ الْبَقَاءِ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهَا لَمَّا اُعْتُبِرَتْ لِلتَّيَسُّرِ أَمْكَنَ إثْبَاتُ الْوَاجِبِ بِدُونِ تِلْكَ الصِّفَةِ مَعَ صِفَةِ الْعُسْرِ فَإِذَا اُشْتُرِطَ فَكَأَنَّهَا غَيَّرَتْ صِفَةَ الْوَاجِبِ عَنْ الْعُسْرِ إلَى الْيُسْرِ فَكَانَتْ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ لِتَأْثِيرِهَا فِيهَا فَاشْتُرِطَ دَوَامُهَا لِدَوَامِ الْوَاجِبِ لَا لِمَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ لَكِنْ لِمَعْنَى الْعَلِيَّةِ لِأَنَّ هَذِهِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ بَقَاءُ الْحُكْمِ بِدُونِهَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْيُسْرُ بِدُونِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ، وَالْوَاجِبُ بِدُونِ صِفَةِ الْيُسْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَلِهَذَا اُشْتُرِطَ بَقَاءُ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ دُونَ الْمُمْكِنَةِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ يَقْتَضِي الْعَكْسَ إذَا الْفِعْلُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْإِمْكَانِ وَيُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْيُسْرِ وَيَتَفَرَّغُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقُدْرَتَيْنِ أَنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ وَلَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِصِفَةِ الْيُسْرِ بِدُونِهِ لِاشْتِرَاطِ النَّمَاءِ فِي وُجُوبِهَا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا لِئَلَّا يُنْتَقَصَ بِهِ أَصْلُ الْمَالِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا، وَلَا يُجَابُ الْقَلِيلُ مِنْ الْكَثِيرِ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ فِي صُورَةِ الِاسْتِهْلَاكِ أَيْضًا لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بَقَائِهَا إنَّمَا كَانَ نَظَرًا لِلْمُكَلَّفِ وَتَيْسِيرًا عَلَيْهِ، فَبِالتَّعَدِّي قَدْ خَرَجَ عَنْ اسْتِحْقَاقِ

ص: 60

فَلَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ لَمْ تَسْقُطْ

32 -

أَنْفَقَ عَلَى أَقَارِبِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ جَازَ إلَّا إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِمْ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

النَّظَرِ لَهُ أَوْ يَجْعَلُ الْقُدْرَةَ الْمُيَسَّرَةَ هُنَا بَاقِيَةً تَقْدِيرًا نَظَرًا لِلْفَقِيرِ وَزَجْرًا عَلَى الْمُتَعَدِّي وَرَدًّا لِمَا قَصَدَهُ مِنْ إسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَنْ نَفْسِهِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقُدْرَتَيْنِ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَجِّ بِفَوَاتِ مِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَعَدَمُ سُقُوطِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِهَلَاكِ النِّصَابِ لَا، فَهُمَا يَجِبَانِ بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ.

أَمَّا الْحَجُّ فَلِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ لَا تَحْصُلُ لِلنَّائِي عَنْ الْكَعْبَةِ إلَّا بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ إذْ بِدُونِهِمَا يَتَحَقَّقُ الْهَلَاكُ غَالِبًا فَاشْتِرَاطُهَا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ السَّفَرِ لَا لِلتَّيَسُّرِ، إذْ الْيُسْرُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَرَاكِبَ وَأَعْوَانٍ وَخَدَمٍ وَلَيْسَتْ شَرْطًا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَلِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّمَاءِ فِي النِّصَابِ حَتَّى تَجِبَ بِثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمِحْنَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ حَوَلَانُ الْحَوْلِ. وَالْيُسْرُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَالِ النَّامِي كَذَا فِي الْمِرْآةِ شَرْحِ الْمِرْقَاةِ. (31) قَوْلُهُ: فَلَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ لَمْ تَسْقُطْ إلَخْ. هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ: وَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ. وَالْأَصَحُّ مَا قُلْنَا لِأَنَّ هَذِهِ صَدَقَةٌ مَالِيَّةٌ لَا تَسْقُطُ بَعْدَ الْوُجُوبِ إلَّا بِالْأَدَاءِ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ. كَالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ قُرْبَةً فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ. وَأَمَّا التَّصَدُّقُ بِالْمَالِ فَهُوَ قُرْبَةٌ فِي الْأَمَاكِنِ أَجْمَعَ (انْتَهَى) .

وَمُرَادُهُ بِالزَّكَاةِ الْمُشَبَّهُ بِهَا مَا دَامَ الْمَالُ بَاقِيًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ؛ يَعْنِي سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ أَوْ لَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَمْ يُؤَدِّ ضَمِنَ، لِتَقَرُّرِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ بِالتَّمَكُّنِ فَلَمْ يَبْرَأْ بِعَجْزِهِ بَعْدَهُ كَمَا فِي دُيُونِ الْعِبَادِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْحَجِّ، كَمَنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ. وَلَنَا أَنَّ الشَّرْعَ عَلَّقَ الْوُجُوبَ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ وَكُلُّ مَا عُلِّقَ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ لَا يَبْقَى بِدُونِهَا

(32)

قَوْلُهُ: أَنْفَقَ عَلَى أَقَارِبِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ جَازَ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ يَعُولُ أُخْتَهُ أَوْ أَخَاهُ أَوْ عَمَّهُ فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ الزَّكَاةَ فَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ جَازَ، لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِصِفَةِ الْقُرْبَةِ يَتَحَقَّقُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَتَحَقَّقُ رُكْنُ الزَّكَاةِ، وَإِنْ فَرَضَ لِزَمَانِهِ إنْ لَمْ يَحْتَسِبْ مِنْ نَفَقَتِهِمْ جَازَ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَسِبُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا أَدَاءُ

ص: 61

وَتَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ غَلَّةُ عَقَارٍ لَا تَكْفِيهِ وَعِيَالُهُ سَنَةً، وَمَنْ مَعَهُ أَلْفٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا كُرِهَ لَهُ الْأَخْذُ وَأَجْزَأَ الدَّافِعَ، وَلَوْ لَهُ قُوتُ سَنَةٍ يُسَاوِي نِصَابًا أَوْ كِسْوَةً شَتْوِيَّةً لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّيْفِ، فَالصَّحِيحُ حِلُّ الْأَخْذِ

34 -

عَجَّلَهَا عَنْ نِصَابِهِ عِنْدَهُ فَتَمَّ الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ النِّصَابِ؛ إنْ دَفَعَهَا إلَى الْفَقِيرِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مُطْلَقًا، وَإِلَى السَّاعِي يَسْتَرِدُّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ قَسَمَهَا السَّاعِي بَيْنَ الْفُقَرَاءِ ضَمِنَهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رحمه الله

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْوَاجِبِ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ (انْتَهَى) .

وَفِي جَامِعِ الْبَزَّازِيِّ: قَضَى بِنَفَقَةِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَكَسَاهُ وَأَطْعَمَهُ يَنْوِي بِهِ الزَّكَاةَ صَحَّ عِنْدَ الْقَانِيِّ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ أَخٌ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِ فَكَسَاهُ وَأَطْعَمَهُ يَنْوِي بِهِ الزَّكَاةَ يَجُوزُ فِي الْكِسْوَةِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْإِطْعَامِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِطْعَامِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (انْتَهَى) .

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَعُولُ صَبِيًّا يَتِيمًا فَجَعَلَ يَكْسُوهُ وَيُطْعِمُهُ وَيَدُهُ بِيَدِهِ وَيَحْتَسِبُ عِنْدَهُ مَا يَأْكُلُ عِنْدَ زَمَنِ الزَّكَاةِ لَا شَكَّ أَنَّ الْكِسْوَةَ تَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ مَا هُوَ الزَّكَاةُ وَهُوَ التَّمْلِيكُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا، وَفِي الْمُلْتَقَطِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَمَّا الطَّعَامُ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا: وَمَا يَأْكُلُهُ مَعَهُ بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَالتَّمْكِينِ فَعَلَى قَوْلِ الثَّانِي يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ أَيْضًا، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رحمه الله مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الطَّعَامِ دُونَ الْكِسْوَةِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمُوَافَقَتِهِ الْمُتُونِ. (33) قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ غَلَّةُ عَقَارٍ لَا تَكْفِيهِ وَعِيَالِهِ سَنَةً إلَخْ. فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَهُ غَلَّةُ دَارٍ لَا يَسْكُنُهَا وَيُؤَاجِرُهَا أَوَّلًا، أَوْ يَسْكُنُ بَعْضَهَا وَفَضْلُ الْبَاقِي عَنْ السُّكْنَى وَهُوَ يَبْلُغُ نِصَابًا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا النِّصَابِ لُزُومُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَحُرْمَةِ أَخْذِ الزَّكَاةِ

(34)

قَوْلُهُ: عَجَّلَهَا عَنْ نِصَابِهِ عِنْدَهُ إلَخْ. أَيْ عَجَّلَ الشَّاةَ عَنْ أَرْبَعِينَ وَتَمَّ الْحَوْلُ

ص: 62

وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ حَمْلِ السَّوَائِمِ بَعْدَ وُجُودِهِ جَازَ لَا قَبْلَهُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَعِنْدَهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ، إنْ دَفَعَهَا لِلْفُقَرَاءِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مُطْلَقًا؛ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ مَا دَفَعَهُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ أَوْ غَيْرَ قَائِمٍ، وَإِنَّمَا لَا يَسْتَرِدُّهَا لِأَنَّهَا وَقَعَتْ نَفْلًا. وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى السَّاعِي اسْتَرَدَّهَا إنْ كَانَ مَا دَفَعَهُ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ مَا دَفَعَهُ غَيْرَ قَائِمٍ بِأَنْ قَسَّمَهَا السَّاعِي بَيْنَ الْفُقَرَاءِ ضَمِنَهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ آخَرَ فَصْلِ زَكَاةِ الْغَنَمِ: إنَّ الْأَفْضَلَ لِصَاحِبِ الْمَالِ عَدَمُ التَّعْجِيلِ لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّعْجِيلِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ. قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ (انْتَهَى) .

أَقُولُ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ إفْرَادِ هَذَا الْأَصْلِ وَيَكْفِي فِي دَعْوَى الْأَفْضَلِيَّةِ دُخُولُهَا تَحْتَ هَذَا الْأَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَيْهَا بِخُصُوصِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا ادِّعَاءَ لِقَوْلِهِ: لَمْ أَرَهُ. (35) قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ حَمْلِ السَّوَائِمِ بَعْدَ وُجُودِهِ جَازَ لَا قَبْلَهُ إلَخْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ الْحَوَامِلِ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ عَنْهَا وَعَمَّا فِي بُطُونِهَا ثُمَّ نَتَجَتْ خَمْسًا قَبْلَ الْحَوْلِ أَجْزَأَهُ عَمَّا عَجَّلَ، وَإِنْ عَجَّلَ عَمَّا تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) .

لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَجَّلَ عَمَّا يَحْمِلُهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَجَّلُ عَنْهُ فِي سَنَةِ التَّعْجِيلِ وَهُوَ شَرْطٌ وَفُقِدَ الشَّرْطُ فَلَمْ يَجُزْ عَمَّا تَحْمِلُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ الْجَوَازِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ الْجَوَازِ مُطْلَقًا لِظُهُورِ أَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّعْجِيلِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي، فَهُوَ تَعْجِيلُ زَكَاةِ مَا فِي مِلْكِهِ لِسَنَتَيْنِ، لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ؛ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِيضٍ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ سُودٍ فَعَجَّلَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ الْبِيضِ فَهَلَكَتْ الْبِيضُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي السُّودِ وَيَكُونُ الْمُخْرَجُ عَنْهَا. وَكَذَا عَكْسُهُ وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ عَنْ الدَّنَانِيرِ وَلَهُ دَرَاهِمُ ثُمَّ هَلَكَتْ الدَّنَانِيرُ كَانَ مَا عَجَّلَ عَنْ الدَّرَاهِمِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. وَكَذَا عَكْسُهُ قَيَّدْنَا بِالْهَلَاكِ لِأَنَّهُ لَوْ عَجَّلَ عَنْ أَحَدِ الْمَالَيْنِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَالَ الَّذِي عَجَّلَ عَنْهُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنْ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْبَاقِي. وَكَذَا لَوْ اسْتَحَقَّ بَعْدَ الْحَوْلِ، لِأَنَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَجَّلَ عَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ فَيَبْطُلُ تَعْجِيلُهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنَّفِ رحمه الله -

ص: 63

وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْإِجَارَةِ: الْمُعَلِّمُ إذَا أَعْطَى خَلِيفَتَهُ شَيْئًا نَاوِيًا الزَّكَاةَ؛ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَعْمَلُ لَهُ لَوْ لَمْ يُعْطِهِ يَصِحُّ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْإِجَارَةِ إلَخْ. عِبَارَةُ الْمُلْتَقَطِ: خَلِيفَةُ الْمَكْتَبِ إذَا أَعْطَاهُ الْمُعَلِّمُ شَيْئًا بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ فِي مَكْتَبِهِ لَا يَجُوزُ انْتَهَى

ص: 64