المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ 1 - بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ إلَّا - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٢

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌الْأُولَى: وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ

- ‌الثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ

- ‌الثَّالِثَةُ: وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌بَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌ بَيْعِ الْهَازِلِ

- ‌ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا

- ‌ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ

- ‌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ

- ‌ الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى

- ‌[لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[تَأْخِيرُ الْقَاضِي الْحُكْم بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ]

- ‌[الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا

- ‌ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ

- ‌[قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ]

- ‌[قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ]

- ‌ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ

- ‌[قَضَاءُ الْأَمِيرِ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ]

- ‌ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ

- ‌كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ

- ‌ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ

- ‌[شَهَادَة الْفَاسِقُ إذَا تَابَ]

- ‌ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ

- ‌[تَخْصِيصُ الْقَضَاءُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ]

- ‌الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:

- ‌[مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ

- ‌[الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ]

- ‌ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ

- ‌ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ

- ‌[انْعِزَال الْقَاضِي]

- ‌ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى

- ‌[تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ]

- ‌ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ

- ‌ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ

- ‌الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ

- ‌دَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ

- ‌[مَسْأَلَة تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ 1 - بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ إلَّا

‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

1 - بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا ضَمِنَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ 2 - فَبَرْهَنَ فُلَانٌ عَلَى أَنَّهُ قَضَاهَا قَبْلَ ضَمَانِ الْكَفِيلِ.

3 -

فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

4 -

التَّأْخِيرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ 5 - إلَّا إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالِ ثُمَّ كَلَّفَهُ إنْسَانٌ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ضَمِنَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ. بِأَنْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ ضَمِنْت لِهَذَا الرَّجُلِ بِالْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ. .

(2)

قَوْلُهُ: فَبَرْهَنَ فُلَانٌ وَهُوَ الْمَدْيُونُ. قِيلَ: بُرْهَانُهُ أَنَّهُ قَضَاهَا قَبْلَ ضَمَانِ الْكَفِيلِ. (3) قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْكَفِيلِ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْكَفَالَةِ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَلَوْ أَقَامَ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةً بَعْدَ الْكَفَالَةِ بَرِئَ الْمَدْيُونُ وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

(4)

قَوْلُهُ: التَّأْخِيرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَبَعٌ لِلدَّيْنِ فَتَتَأَخَّرَ بِتَأَخُّرِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ فِي الْوَصْفِ، هَذَا إذَا أَخَّرَ الْمُطَالَبَةَ وَأَمَّا إذَا تَكَفَّلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْكَفِيلِ حَالَ وُجُودِ الْكَفَالَةِ فَانْصَرَفَ فِي الْأَجَلِ إلَى الدَّيْنِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(5)

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالٍ. أَيْ صَالَحَ الْمُكَاتَبُ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ بِمَالِ مُؤَجَّلٍ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

ص: 295

تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمُصَالَحِ إلَى عِتْقِ الْأَصِيلِ 7 - وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ

وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَكَفَلَ بِهِ فَمَاتَ الْكَفِيلُ حَلَّ بِمَوْتِهِ عَلَيْهِ فَقَطْ، فَلِلْمُطَالِبِ أَخْذُهُ مِنْ وَارِثِ الْكَفِيلِ، وَلَا رُجُوعَ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمَجْمَعِ. أَدَاءُ الْكَفِيلِ يُوجِبُ بَرَاءَتَهُمَا 8 - لِلطَّالِبِ إلَّا إذَا أَحَالَهُ الْكَفِيلُ عَلَى مَدْيُونِهِ، وَشَرَطَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ خَاصَّةً كَمَا فِي الْهِدَايَةِ

الْغَرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ، فَلَوْ قَالَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ، فَسَلَكَهُ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ، أَوْ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ، فَلَا ضَمَانَ. وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا فَظَهَرَتْ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ؛ فَلَا رُجُوعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمُخْبِرِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْأُولَى: إذَا كَانَ الْغَرُورُ بِالشَّرْطِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ 9 - فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِمَا غَرِمَهُ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ. وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ أَنْ يُسَلَّمَ الْبِنَاءُ لَهُ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

(6) قَوْلُهُ: تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمُصَالَحِ إلَخْ. مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْوَلِيِّ الْمُصَالَحِ الْأَصِيلِ إلَى عِتْقِهِ.

(7)

قَوْلُهُ: وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ كَفَلَ بِمَالٍ وَاجِبٍ لِلْحَالِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ

(8)

قَوْلُهُ: لِلطَّالِبِ. مُتَعَلِّقٌ بِأَدَاءٍ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ.

(9)

قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ. الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الزَّوْجِ.

ص: 296

وَإِذَا قَالَ الْأَبُ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا ابْنِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ فَظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ لِلْغَرُورِ، وَكَذَا إذَا قَالَ بَايِعُوا عَبْدِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ، فَبَايَعُوهُ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدُ الْغَيْرِ رَجَعُوا عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ، 11 - وَكَذَا إذَا ظَهَرَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا وَلَا بُدَّ فِي الرُّجُوعِ مِنْ إضَافَتِهِ إلَيْهِ وَالْأَمْرِ بِمُبَايَعَتِهِ كَذَا فِي مَأْذُونِ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ

12 -

كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ الْمُودَعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَاهُ. 13 - وَكَذَا مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا. وَفِي الْعَارِيَّةِ وَالْهِبَةِ لَا رُجُوعَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

(10) قَوْلُهُ: وَإِذَا قَالَ الْأَبُ لِأَهْلِ السُّوقِ إلَخْ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا لَيْسَتَا مِنْ الْغَرُورِ ضِمْنَ عَقْدٍ.

(11)

قَوْلُهُ: كَذَا إذَا ظَهَرَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا إلَخْ. يَتَنَاوَلُ بِإِطْلَاقِهِ مُدَبَّرًا الْغَارَّ وَمُكَاتَبَهُ وَلَا بُعْدَ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ مَا دَامَ مُكَاتَبًا.

(12)

قَوْلُهُ: كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ. صُورَةُ الْوَدِيعَةِ أَنْ يُودِعَ آخَرَ شَيْئًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْمُودِعِ، بِكَسْرِ الدَّالِ، فَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِ الْمُودَعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْهَلَاكِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْمُودَعِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى مِلْكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِمَنْزِلَةِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ وَلِلْمُودَعِ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُودِعِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ مِلْكُهُ. وَصُورَةُ الْإِجَارَةِ أَجَّرَهُ دَابَّةً مَثَلًا عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ فَهَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْجِرَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَارِيَّةِ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ حَيْثُ غَرَّهُ بِأَنَّهُ أَجَّرَهُ مِلْكَهُ.

(13)

قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا. وَهُمَا رَبُّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ.

ص: 297

لِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْغَرُورِ مِنْ الْبُيُوعِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ 15 - مَسَائِلَ مُهِمَّةً مِنْ هَذَا النَّوْعِ. مِنْهَا: لَوْ جَعَلَ الْمَالِكُ نَفْسَهُ دَلَّالًا فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَتُهُ وَقَدْ أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَ مَا أَتْلَفَهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ. وَمِنْهَا: إذَا غَرَّ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ وَقَالَ لَهُ قِيمَةُ مَتَاعِي كَذَا فَاشْتَرِهِ. 16 - فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ 17 - ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَبِهِ يُفْتَى. وَكَذَا إذَا غَرَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ، وَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي بِغَرُورِ الدَّلَّالِ. وَبِمَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ أَنَّ الْغَرُورَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْمُعَاوَضَةِ. قَاصِرٌ

18 -

وَتَفَرَّعَ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي مَسْأَلَتَانِ 19 - فِي بَابِ مُتَفَرِّقَاتِ بُيُوعِ الْكَنْزِ، اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ، ارْتَهِنِّي فَأَنَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

لِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِي التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْعَارِيَّةِ، وَالْهِبَةُ لِلدَّافِعِ.

(15)

قَوْلُهُ: مَسَائِلَ مُهِمَّةً إلَخْ. هَذِهِ الْمَسَائِلُ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُنْيَةِ.

(16)

قَوْلُهُ: فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ. أَيْ اشْتَرَاهُ إنْسَانٌ وَفِيهِ حَذْفُ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي الْكَلَامِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ.

(17)

قَوْلُهُ: ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَا رَدَّ فِي الْغَبْنِ غَيْرُ هَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا.

(18)

قَوْلُهُ: وَتَفَرَّعَ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي الْمَسْأَلَتَانِ إلَخْ. فِي تَفَرُّعِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي نَظَرٌ، فَإِنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ بَلْ عَقْدَ تَوَثُّقٍ.

(19)

قَوْلُهُ: فِي بَابِ مُتَفَرِّقَاتِ بُيُوعِ الْكَنْزِ. لَيْسَ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ بَلْ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ.

ص: 298

عَبْدٌ. لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

20 -

فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إحْضَارُ زَوْجَتِهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لِسَمَاعِ دَعْوَى عَلَيْهَا، 21 - وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: 22 - الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَفِي الْأَبِ إذَا أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِضَمَانِ ابْنِهِ فَطَلَبَهُ الضَّامِنُ مِنْهُ فَعَلَى الْأَبِ إحْضَارُهُ لِكَوْنِهِ فِي تَدْبِيرِهِ 23 - كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الثَّالِثَةُ: سَجَّانُ الْقَاضِي خَلَّى رَجُلًا مِنْ الْمَسْجُونِينَ حَبَسَهُ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَطْلُبَ السَّجَّانَ بِإِحْضَارِهِ 24 - كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. الرَّابِعَةُ: ادَّعَى الْأَبُ مَهْرَ بِنْتِهِ مِنْ الزَّوْجِ 25 - فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَطَلَبَ مِنْ الْأَبِ إحْضَارَهَا؛ فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا أَمَرَ الْقَاضِي الْأَبَ بِإِحْضَارِهَا وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ، وَإِلَّا أَرْسَلَ إلَيْهَا أَمِينًا مِنْ أُمَنَائِهِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إحْضَارُ زَوْجَتِهِ.؛ لِأَنَّهُ لَا خُصُومَةَ عَلَيْهِ.

(21)

قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ إلَخْ. أَيْ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى. وَلِذَا لَوْ كَانَ لَهَا عَلَى غَيْرِ دَعْوَى لَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ.

(22)

قَوْلُهُ: الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ. قَيَّدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِنَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ أَوَّلَ كِتَابِ السِّيَرِ.

(23)

قَوْلُهُ: كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. فِي الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ.

(24)

قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي بَابِ الْحَبْسِ وَالْإِفْلَاسِ.

(25)

قَوْلُهُ: فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا. لَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا وَصَوَابُهَا فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَدَفَعَ الْمَهْرَ إلَيْهَا وَطَلَبَ إحْضَارَهَا لِيَثْبُتَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ.

ص: 299

ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقَضَاءِ. مَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ؛ كَالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: أَمَرَهُ 27 - بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ بِأَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ 28 - أَوْ بِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا عَنِّي. 29 - وَأَصْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. 30 - فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ مُقَابِلًا بِمِلْكِ مَالٍ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ بِلَا شَرْطِهِ وَإِلَّا فَلَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ مِنْ الْقَضَاءِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَلْوَالِجِيِّ بَلْ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْإِفْلَاسِ وَالْمَحْبُوسِ.

(27)

قَوْلُهُ: بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ. أَيْ الْمَشْرُوطِ فِيهَا الْعِوَضُ حَتَّى يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا لَا يَجِبُ الْعِوَضُ، فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ: مَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ إلَخْ.

(28)

قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا. وَمِثْلُهُ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَقُولُ فِي نَظْمِ هَذَا فِي سِلْكِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ نَظَرٌ.

(29)

قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. فَإِنَّهُ بَيَّنَ الْوَجْهَ فِيهِ وَالضَّابِطَةَ هُنَاكَ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْكَفَالَةِ وَسَّعَ فِي هَذَا وَعَلَّلَ لَهُ هَذَا فِي الْمَالِ وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْمَالِ فَلَا. إلَّا فِي مَسَائِلَ سَتَأْتِي فِي الْغَصْبِ.

(30)

قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى أَنَّ مِلْكَ الْمِلْكِ الْمَدْفُوعِ ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ إذْ لَا يَمْلِكُ الْأَمْرَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُنْفِقِ كَمَا نَرَى، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَزِمَهُ مِثْلُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَصَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ كَانَ مَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الْمُتَرَتِّبِ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَالُهُ، وَحَاصِلُهُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْمَالُ الْمُقَابِلُ بِهِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا (انْتَهَى) .

وَلَا يَخْفَى أَنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَزِمَهُ مِثْلُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ إلَخْ.

ص: 300

وَذَكَرَ لَهُ أَصْلًا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَلْيُرَاجَعْ

. الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مُطَالَبٌ بِتَسْلِيمِ الْأَصِيلِ إلَى الطَّالِبِ مَعَ قُدْرَتِهِ، 32 - إلَّا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي كَفَالَةٍ لَا تَلْزَمُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

33 -

إبْرَاءُ الْأَصِيلِ يُوجِبُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ، إلَّا كَفِيلَ النَّفْسِ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ؛

ــ

[غمز عيون البصائر]

(31) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ لَهُ أَصْلًا فِي السِّرَاجِ إلَخْ. وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَا يُطَالِبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ مُثْبِتًا لِلرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ وَكُلُّ مَا لَا يُطَالِبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ لَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ سَبَبًا لِلرُّجُوعِ إلَّا بِشَرْطِ الضَّمَانِ (انْتَهَى) .

قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْثِ: لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْهُ الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْأَمْرُ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى.

(32)

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ إلَى قَوْلِهِ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُطَالِبُ الْكَفِيلَ بِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَلَا يُطَالِبُ بِهِ فِي الْحَالِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَبَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ قَدْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْكَفَالَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهُ يُطَالِبُ بِهِ فِي الْأَجَلِ وَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ. وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَقُولُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَشْبَهُ بِعُرْفِنَا وَلَوْ قَالَ: أَنَا كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ شَهْرًا يَصِيرُ كَفِيلًا أَبَدًا قَبْلَ الشَّهْرِ وَبَعْدَهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ عَنْ جَمْعِ التَّفَارِيقِ. لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ إلَى شَهْرٍ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ بَرِئَ عَنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ بَعْدَ السَّبَبِ.

(33)

قَوْلُهُ: إبْرَاءُ الْأَصِيلِ يُوجِبُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إذَا سَقَطَ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ أَيْضًا بِاسْتِيفَاءِ الطَّالِبِ مِنْ الْأَصِيلِ وَوَضْعُ الْمَسْأَلَةَ فِي إبْرَاءِ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ لَا يُوجِبُ إبْرَاءَ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَيْسَ بِمَدْيُونٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ وَبِسُقُوطِهَا لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ.

ص: 301

كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ. (انْتَهَى) .

وَهَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَّا إذَا قَالَ لَا حَقَّ لِي قَبْلَهُ وَلَا لِمُوَكَّلِي وَلَا لِيَتِيمٍ أَنَا وَصِيُّهُ وَلَا لِوَقْفٍ أَنَا مُتَوَلِّيهِ، فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ

35 -

فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ. ضَمَانُ الْغَرُورِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ ضَمَانُ الْكَفَالَةِ (انْتَهَى) .

لِلْكَفِيلِ مَنْعُ الْأَصِيلِ مِنْ السَّفَرِ، إنْ كَانَتْ كَفَالَتُهُ حَالَّةً 36 - لِيُخَلِّصَهُ مِنْهَا إمَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ، 37 - وَفِي الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ يَرُدُّهُ إلَيْهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى

38 -

وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ. لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِدَيْنٍ صَحِيحٍ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ إلَى قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ: أَيُّ فَائِدَةٍ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَصْلًا فِي الطَّلَبِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الطَّلَبِ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ؟ قُلْت بَلْ لَهُ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ لِيَتِيمٍ أَوْ لِوَقْفٍ هُوَ مُتَوَلِّيهِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَالَ: لَا حَقَّ لِي قَبْلَهُ وَلَا لِمُوَكَّلِي إلَخْ.

(35)

قَوْلُهُ: فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ أَنَّ ضَمَانَ الْغَرُورِ إلَخْ. أَيْ مَذْكُورٌ فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ أَنَّ ضَمَانَ الْغَرُورِ كَضَمَانِ الْكَفَالَةِ لَا كَضَمَانِ الْإِتْلَافِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى السَّدَادِ.

(36)

قَوْلُهُ: لِيُخَلِّصَهُ مِنْهَا إمَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الْأَصِيلَ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ تَخْلِيصُ الْكَفِيلِ بِإِبْرَاءِ الطَّالِبِ.

(37)

قَوْلُهُ: وَفِي الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ إلَخْ. مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ لِيُخَلِّصَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ يَرُدُّ الْأَصِيلُ نَفْسَهُ إلَى الطَّالِبِ.

(38)

قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ لَا تَصِحُّ إلَخْ. فِي أَنَّ صَاحِبَ

ص: 302

وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّعْجِيزِ. قُلْت 40 - إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا؛ قَالُوا. 41 - لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ الْمَاضِيَةِ صَحَّتْ مَعَ أَنَّهَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

الصُّغْرَى لَمْ يُقَيِّدْ بِمَالٍ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِمَالٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَنَصُّ عِبَارَةِ الصُّغْرَى: وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ مَالًا بِأَمْرِهِ أَوْ نَفْسِهِ فَأَرَادَ الْخَصْمُ أَنْ يَخْرُجَ وَمَنَعَهُ الْكَفِيلُ، قَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله: إنْ كَانَ ضَمَانُهُ إلَى أَجَلٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى أَجَلٍ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يُخَلِّصَهُ إمَّا بِأَدَاءٍ أَوْ بِإِبْرَاءٍ عَنْهُ وَفِي كَفَالَةِ النَّفْسِ يَرُدُّ النَّفْسَ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله مِنْ الْخَلَلِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ.

(39)

قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ إلَخْ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْكَمَالِ: وَالْمُرَادُ بِالْإِبْرَاءِ مَا يَعُمُّ الْحُكْمِيَّ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَلْزَمُهُ سُقُوطُ الدَّيْنِ فَلَا يَرُدُّ النَّقْضَ بِدَيْنٍ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَهُ بِمُطَاوَعَتِهَا لِابْنِ زَوْجٍ مِنْ قَبِيلِ الْإِبْرَاءِ بِالْمَعْنَى الْحُكْمِيِّ.

(40)

قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا. أَقُولُ: يُزَادُ عَلَيْهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مَا لَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَامِنٌ عَنْ الْآخَرِ عِتْقًا بِأَدَاءِ أَحَدِهِمَا كُلَّ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَصِيلٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَكَفِيلٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، فَأَيُّهُمَا أَدَّى عِتْقًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَرَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنًا عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرْجِعَ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، يَعْنِي لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِغَيْرِ الْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَهُوَ التَّعْجِيزُ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ هُنَا وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِأَدَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا. كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلِكِ.

(41)

قَوْلُهُ: لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَ فِي مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ بِالِاسْتِحْسَانِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَمِمَّا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ تَصِحُّ بِالدَّيْنِ الصَّحِيحِ عَدَمُ جَوَازِ الْكَفَالَةِ بِبَدَلِ السِّعَايَةِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، كَمَا فِي السِّرَاجِ. مَعَ أَنَّهُ دَيْنٌ صَحِيحٌ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّعْجِيزَ وَإِنَّمَا تُشْكِلُ مَسْأَلَةُ النَّفَقَةِ فِي غَيْرِ الْمُسْتَدَانَةِ بِأَمْرِ قَاضٍ وَأَمَّا الْمُسْتَدَانَةِ فَلَا إشْكَالَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ.

ص: 303

تَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا

43 -

وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا أَوْ بِيَوْمٍ يَأْتِي وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ. الْقَاضِي يَأْخُذُ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ إذَا بَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتْرُكْ شُهُودَهُ أَوْ أَقَامَ وَاحِدًا.

44 -

أَوْ ادَّعَى وَقَالَ شُهُودِي حُضُورٌ

45 -

وَيَأْخُذُ كَفِيلًا بِإِحْضَارِ الْمُدَّعِي

ــ

[غمز عيون البصائر]

(42) قَوْلُهُ: تَسْقُطُ بِدُونِهِمَا إلَخْ. أَيْ الْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَهُوَ الْمَوْتُ. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِدُونِهِمَا. وَلِذَا أَعَادَ الْجَارَّ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ وَلَوْ رَجْعِيًّا

(43)

قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا وَإِنَّمَا تَصِيرُ دَيْنًا بِالْمُضِيِّ فَكَيْفَ تَصِيرُ النَّفَقَةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ دَيْنًا حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهَا. (44) قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى وَقَالَ شُهُودِي حُضُورٌ، فِي الصُّغْرَى: ادَّعَى عَلَى آخَرَ فَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا يَأْخُذُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرَ مَعْرُوفٍ فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا فَكَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ، وَكَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ حَقِيرًا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ الْمَالُ حَقِيرًا لَا يَأْخُذُ الْكَفِيلَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمِصْرِ، أَمَّا إذَا كَانَ غَرِيبًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ (انْتَهَى) وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ حُضُورٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: شُهُودِي غُيَّبٌ، وَقَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي، لَا يَكْفُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْكَفِيلِ فَإِنَّ حَقَّهُ فِي الْيَمِينِ. كَذَا فِي حَوَاشِي الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ

(45)

قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ كَفِيلًا بِإِحْضَارِ الْمُدَّعَى. أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ بَعْدَ كَلَامٍ: ثُمَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ كَفِيلًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَفِيلًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ مَا لَمْ يُعْطِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِ ذَلِكَ الشَّيْءِ

ص: 304

وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ كَفِيلٍ بِالْمَالِ، 47 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَلَبِ كَفِيلٍ بِنَفْسِهِ

48 -

إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْوِصَايَةَ وَالْوَكَالَةَ وَهُمَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ، وَمَا إذَا ادَّعَى بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَلَى مُكَاتَبِهِ 49 - أَوْ دَيْنًا غَيْرَهَا، وَمَا إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ لِمَأْذُونٍ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ عَلَى مَوْلَاهُ دَيْنًا، بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَوْ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ فَإِنَّهُ يَكْفُلُ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ.

فِي التَّتَارْخَانِيَّة: فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنِّي أُعْطِيكَ كَفِيلًا بِنَفْسِي وَلَا أُعْطِيك كَفِيلًا بِالْمَالِ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنَا أُعْطِيك كَفِيلًا بِالْمَالِ وَلَا أُعْطِيك كَفِيلًا بِنَفْسِي فَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ.

(47)

قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَلَبِ كَفِيلٍ بِنَفْسِهِ إلَخْ.

أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَا لَوْ تَقَدَّمَ رَجُلٌ إلَى الْقَاضِي فَادَّعَى وَصِيَّةً مِنْ رَجُلٍ وَأَحْضَرَ مَعَهُ رَجُلًا ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا لِلْمَيِّتِ، وَلَمْ تَثْبُتْ وَصِيَّةُ الْوَصِيِّ عِنْدَ الْقَاضِي. فَقَالَ الْوَصِيُّ لِلْقَاضِي: خُذْ لِي مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَفِيلًا حَتَّى أُثْبِتَ وَصِيَّتِي، وَأُثْبِتَ الْحَقَّ عَلَيْهِ لِلْمَيِّتِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا لِأَنَّ التَّكْفِيلَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْخَصِمِ، وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَنْتَصِبْ خَصْمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَصِبْ خَصْمًا إلَّا إذَا انْتَصَبَ وَصِيًّا وَلَمْ يَنْتَصِبْ، وَكَذَلِكَ الْوَكَالَةُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْحُسَامِ الشَّهِيدِ

(48)

قَوْلُهُ:

إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصِيًّا إلَخْ.

أَيْ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا إلَخْ.

يَعْنِي وَطَلَبَ مِنْهُ كَفِيلًا حَتَّى يُثْبِتَ الْحَقَّ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْمُوَكِّلِ، لَمْ يَأْخُذْ لَهُ مِنْهُ كَفِيلًا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَثْبُتْ الْوِصَايَةُ وَالْوَكَالَةُ لَمْ يَصِرْ خَصْمًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ وَلَوْ كَانَتْ وِصَايَتُهُ تَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي.

لَكِنْ قَالَ الْوَصِيُّ: لَمْ يَصِلْ إلَى يَدِي شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، كَالْوَارِثِ إذَا أَنْكَرَ وُصُولَ التَّرِكَةِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.

(49)

قَوْلُهُ: أَوْ دَيْنًا غَيْرَهَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ مَعَ عَوْدِهِ عَلَى الْبَدَلِ لِاكْتِسَابِهِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 305