الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا كَانَ الْعَقَارُ لَا فِي وِلَايَتِهِ؛ فَاخْتَارَ فِي الْكَنْزِ عَدَمَ صِحَّةِ قَضَائِهِ، وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ الصِّحَّةَ، وَاقْتَصَرَ قَاضِي خَانْ عَلَيْهِ. وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَقَارِ لَا فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
276 -
وَفِي الْقُنْيَةِ: قَضَى فِي وِلَايَتِهِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى قَضَائِهِ فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ (انْتَهَى) .
277 -
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَمُؤْمِنٌ أَنَا أَوْ لَا، لِلشَّكِّ فِي الْإِيمَانِ، وَكَذَا إمَامَتُهُ كَذَا فِي شَهَادَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ.
278 -
تُقْبَلُ
الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى
279 - فِي طَلَاقِ الْمَرْأَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ قَضَى فِي وِلَايَتِهِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى قَضَائِهِ إلَخْ. قُلْتُ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ الْمَحْكَمَةِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى حُكْمِهِ حَيْثُ يَصِحُّ إشْهَادُهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ
(277)
قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَمُؤْمِنٌ أَنَا أَمْ غَيْرُ مُؤْمِنٍ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّهُ يَشُكُّ فِي إيمَانِهِ وَمَنْ شَكَّ فِي إيمَانِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُؤْمِنٍ انْتَهَى.
أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، بَلْ وَلَا صَلَاتُهُ وَحْدَهُ. وَعَلَى هَذَا كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ وَلَا الصَّلَاةُ خَلْفَهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَتَأَمَّلْ
[الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى]
(278)
قَوْلُهُ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةٌ بِلَا دَعْوَى. يَعْنِي وَيُقْضَى بِهَا.
(279)
قَوْلُهُ: فِي طَلَاقِ الْمَرْأَةِ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فِي النِّهَايَةِ تَقَيَّدَ الْقَبُولُ بِمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا أَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا. قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: وَكَذَا حُضُورُ الْمَوْلَى فِي صُورَةِ الْأَمَةِ، وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَرْأَةِ لِيُشِيرَ إلَيْهَا الشُّهُودُ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الْمَرْأَةِ إذْ الْأَمَةُ
وَعِتْقِ الْأَمَةِ 281 - وَالْوَقْفِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
كَذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى حُضُورِهَا لِيُشِيرَ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ مِنْ الْمَرْأَةِ مَا تَعُمُّ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ خَصَّصَ لَفْظَ الْمَرْأَةِ بِالْحُرَّةِ. (280) قَوْلُهُ: وَعِتْقُ الْأَمَةِ. الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ الْآتِيَةِ، أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ بِحُرْمَةِ الْفَرْجِ، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْعَبْدِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ هَلْ يَحْلِفُ حِسْبَةً فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الْمَرْأَةِ. أَشَارَ مُحَمَّدٌ رحمه الله فِي بَابِ التَّحَرِّي أَنَّهُ يَحْلِفُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ فِي مُقَدَّمَةِ بَابِ السَّلْسَلَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فَتَأَمَّلْهُ عِنْدَ الْفَتْوَى كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ.
(281)
قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ. قَالَ قَاضِي خَانْ: رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَعْتَمِدُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، وَدَعْوَاهُ لَمْ تَصِحَّ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى.
وَعَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ: الدَّعْوَى لَا تُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ التَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ مَخْصُوصٌ وَلَمْ يَدَّعِ لَا يُعْطَى مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ، وَتُصْرَفُ جَمِيعُ الْغَلَّةِ إلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قُبِلَتْ لَحَقِّ الْفُقَرَاءِ فَلَا تَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ.
قَالَ - يَعْنِي - قَاضِي خَانْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَسْجِدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) .
قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ وَهْبَانَ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَأَخَّرَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِجِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ كَالْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَالشَّهَادَةُ تُقْبَلُ لَحَقِّهِمْ إمَّا حَالًا وَإِمَّا مَآلًا (انْتَهَى) .
وَرَدَّهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا قَامَتْ بِأَنَّ هَذَا وَقْفٌ يَسْتَحِقُّهُ قَوْمٌ بِأَعْيَانِهِمْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى لِثُبُوتِ اسْتِحْقَاقِهِمْ
وَهِلَالِ رَمَضَانَ، وَغَيْرِهِ إلَّا هِلَالَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى،
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَتَنَاوُلِهِمْ، وَإِنْ كَانَ آخِرُهُ مَا ذَكَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَتْ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسْجِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَنَقَلَ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ هَذَا التَّفْصِيلَ قَالَ: وَكَذَا فَصَّلَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ فَتْوَى أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ. وَقَدْ رَأَيْت عَنْ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى النَّسَفِيِّ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَقْفِ صَحِيحَةٌ بِدُونِ الدَّعْوَى مُطْلَقًا، وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ وَقْفٍ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَكُلُّ وَقْفٍ هُوَ حَقُّ الْعِبَادِ فَالشَّهَادَةُ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ فَتَاوَى التَّجْنِيسِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ أَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ، وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَلَكِنْ لَا نَأْخُذُ بِهِ.
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَنَقْضِ الْبَيْعِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. (282) قَوْلُهُ: وَهِلَالِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ إلَخْ. أَيْ وَالشَّهَادَةُ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّا فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى خَالِصًا. قَالَ قَاضِي خَانْ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الْحُرَّةِ عِنْدَ الْكُلِّ وَعِتْقِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَفِي الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الدَّعْوَى فِي هِلَالِ الْفِطْرِ وَهِلَالِ رَمَضَانَ، كَمَا فِي عِتْقِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ وَالْمُصَنِّفُ طَرَدَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ كَرَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَغَيْرِهِمَا إذَا قُصِدَ بِإِثْبَاتِهِ أَمْرٌ دِينِيٌّ خَالِصٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَأَنْ يُغَمَّ هِلَالُ رَمَضَانَ فَيُحْتَاجَ إلَى إثْبَاتٍ أَوْ شَعْبَانَ فَلَوْ غَمَّا يَحْتَاجُ إثْبَاتُ هِلَالِ رَجَبٍ، وَهَلُمَّ جَرَّا. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِهِلَالِ عِيدِ الْفِطْرِ لَا تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَفِي الْأَضْحَى اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَبَعْضُهُمْ قَاسُوا عَلَى هِلَالِ الْفِطْرِ. وَفِي الْعُدَّةِ: يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الدَّعْوَى وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ أَمَّا رَمَضَانُ فَقَالَ السَّرَخْسِيُّ رحمه الله: لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِيهِ وَقَالَ خُوَاهَرْ زَادَهُ يُشْتَرَطُ: وَكَذَا فِي الْأَضْحَى. وَقَالَ: فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْحُكْمُ لِثُبُوتِ ذَلِكَ. قَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله: لَا نَصَّ بِهَذَا فِي الْكِتَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ بَلْ يَكْفِي الْأَمْرُ بِالصَّوْمِ وَالْخُرُوجُ إلَى الْمُصَلَّى.
وَالْحُدُودِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ. 284 - وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا بِلَا دَعْوَى فِي النَّسَبِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ النَّسَبِ، وَجَزَمَ بِالْقَبُولِ ابْنُ وَهْبَانَ، 285 - وَفِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ وَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ، 286 - وَالْخُلْعِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالْحُدُودِ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى هِلَالِ الْفِطْرِ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بَلْ عَلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا وَالسُّكْرِ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ.
(284)
قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا بِلَا دَعْوَى فِي النَّسَبِ إلَخْ. حُكِيَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُرُمَاتٍ كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى، حُرْمَةُ الْفُرُوجِ وَحُرْمَةُ الْأُمُومَةِ وَالْأُبُوَّةِ فَتُقْبَلُ كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ؛ وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ. وَنَقَلَ عَنْ الْقُنْيَةِ: الشَّهَادَةُ عَلَى دَعْوَى الْمَوْلَى بِنَسَبِ عَبْدٍ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى. قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَوَازَ يَخْرُجُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَعَدَمِهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ رحمه الله. (285) قَوْلُهُ: وَفِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ. فِي الْقُنْيَةِ قَاسَهَا عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: تُقْبَلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله بِدُونِ الدَّعْوَى، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْعِتْقِ. وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ وَهْبَانَ الْقَبُولَ يَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ كَمَا فِي عِتْقِهِمَا فَتُقْبَلُ فِي الْأَمَةِ عِنْدَ الْكُلِّ وَفِي الْعَبْدِ يَجْرِي الْخِلَافُ؛ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ: عِنْدِي فِي هَذَا التَّخْرِيجِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُوجِبَ لِلْقَبُولِ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْإِمَامِ كَوْنُ ذَلِكَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِحُرْمَةِ الْفَرْجِ، وَهُمَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ لَا تُوجَدُ فِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ أَعْنِي حُرْمَةَ الْفَرْجِ عَلَى الْمَوْلَى فَيَكُونُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ فَيُشْتَرَطُ لَهُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمَا فَتَأَمَّلْهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُرْمَةَ الْفَرْجِ عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ (انْتَهَى) . وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ، رحمه الله، أَنَّ تَدْبِيرَ الْأَمَةِ عَلَى الْخِلَافِ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَطْفُ الْخُلْعِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.
(286)
قَوْلُهُ: وَالْخُلْعُ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْخُلْعِ بِدُونِ دَعْوَى الْمَرْأَةِ مَقْبُولَةٌ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ عَنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَيَدْخُلُ الْمَالُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ تَبَعًا (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَهَذِهِ اتِّفَاقِيَّةٌ.
وَالْإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ 288 - وَلَا تُقْبَلُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. 289 - وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ لَا.
وَالنِّكَاحُ يَثْبُتُ بِدُونِ الدَّعْوَى كَالطَّلَاقِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ. ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُون الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ حَاضِرًا. نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى؛ وَالْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ مَذْكُورَانِ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ. (288) قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ إلَخْ. فَإِنَّ دَعْوَاهُ شَرْطٌ عِنْدَهُ كَمَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِعِتْقِ عَبْدِهِ، وَالْعَبْدُ وَالْمَوْلَى يُنْكِرَانِ ذَلِكَ، لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا: تُقْبَلُ. وَفِي الْحَقَائِقِ: قَدْ تُحَقِّقُ الدَّعْوَى حُكْمًا بِأَنْ يَقْطَعَ الْعَبْدُ يَدَ حُرٍّ، فَقَالَ الْحُرُّ: أَعْتَقَك مَوْلَاك قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَلِي عَلَيْك الْقِصَاصُ، فَأَنْكَرَ الْعَبْدُ وَالْمَوْلَى ذَلِكَ، تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَقْضِي بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْعِتْقَ قَائِمٌ مَقَامَ دَعْوَى الْعَبْدِ حُكْمًا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِلَا دَعْوَى مَقْبُولَةٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَكُونُ نَائِبًا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فَتَكُونُ شَهَادَةٌ عَلَى خَصْمٍ فَتُقْبَلُ، وَغَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي حُقُوقِ الْعَبْدِ، وَهَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْغَالِبَ عِنْدَهُمَا فِي حُقُوقِ الْعَبْدِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِيَّةِ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَالْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِمَا.
يَعْنِي كَالْعِيدِ وَالْحَجِّ وَالْحُدُودِ وَلِذَا لَمْ يَجُزْ اسْتِرْقَاقُ الْحُرِّ بِرِضَاهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى وَالْغَالِبُ عِنْدَهُ حَقُّ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ نَفْعَ الْحُرِّيَّةِ عَائِدٌ إلَيْهِ مِنْ مَلَكِيَّتِهِ وَخَلَاصِهِ مِنْ كَوْنِهِ مُبْتَذَلًا، كَالْمَالِ فَلَا يُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ.
(289)
قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ لَا أَقُولُ نَقَلَ صَاحِبُ الْعِمَادِيَّةِ عَنْ فَتْوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّهَادَةِ الْقَائِمَةِ عَلَى الْعِتْقِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى أَمَّا لَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَنَّهَا تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِحُرِّيَّةِ الْأَمَةِ فَهِيَ شَهَادَةٌ بِحُرْمَةِ الْفَرْجِ فَتُقْبَلُ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ حَكَى فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الصَّحِيحَ اشْتِرَاطُ الدَّعْوَى فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْعِتْقِ
لِأَنَّ حِلَّ الْفَرْجِ وَالْحُرْمَةَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَجَازَ ثُبُوتُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى. 291 -
كَذَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ فِي النِّكَاحِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ إنْ كَانَ حَاضِرًا كَفَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، 292 -
وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ.
وَلَا تَكْفِي النِّسْبَةُ إلَى الْفَخِذِ وَلَا إلَى الْحِرْفَةِ، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاسْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا.
وَتَكْفِي النِّسْبَةُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْعَارِضِ وَأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى وَلَا صِحَّةَ الشَّهَادَةِ فِيهَا، وَنَقَلَ عَنْ مُتَفَرِّقَاتِ شَهَادَاتِ الْمُحِيطِ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ حِسْبَةً بِدُونِ الدَّعْوَى بِالِاتِّفَاقِ.
(290)
قَوْلُهُ: لِأَنَّ حِلَّ الْفَرْجِ وَالْحُرْمَةِ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. وَمِنْ صُوَرِهَا مَا إذَا أَرَادَ ابْنُ الْمَشْهُودِ بِنِكَاحِهِ تَزَوُّجَ مَنْ نَكَحَهَا أَبُوهُ جَاهِلًا بِنِكَاحِهِ إيَّاهَا فَلِلشُّهُودِ الشَّهَادَةُ بِنِكَاحِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى لِحُرْمَةِ فَرْجِهَا عَلَى ابْنِ الزَّوْجِ، وَذَلِكَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا، وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ لِي أَنَّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: عِتْقُ الْأَمَةِ وَالطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالنِّكَاحُ. وَوَهَمَ ابْنُ وَهْبَانَ فَجَعَلَ تَدْبِيرَ الْأَمَةِ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى أُمُورٌ تُوجِبُ التَّعْزِيرَ إذَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى. ذَكَرَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ وَفِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ.
(291)
قَوْلُهُ: كَذَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ مِنْ النِّكَاحِ.
أَقُولُ: لَيْسَ مَا ذَكَرَ فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ (292) قَوْلُهُ:
وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إلَخْ.
فِيهِ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ لَا تَصِحُّ فَكَيْفَ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، فَإِنَّ الْبَزَّازِيَّ ذَكَرَهُ فِيهِ فَيَتَخَصَّصُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ رحمه الله أَنْ يُفِيدَ ذَلِكَ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي
إلَى الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِعْلَامُ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حِلْيَتِهَا، وَيَكْفِي فِي الْعَبْدِ اسْمُهُ وَمَوْلَاهُ وَأَبٌ مَوْلَاهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا فِي التَّعْرِيفِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ لِلشَّاهِدِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَكْثَرُ مِنْ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ. 293 -
وَالْقَاضِي هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَيَكْتُبُ حِلَاهَا، لَا الشَّاهِدُ.
الْكُلُّ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
لَا اعْتِبَارَ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ 294 - إلَّا إذَا أَقَامَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ الْقَاضِي إلَى آخَرَ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي، قَالَ: سَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي عَلَاءَ الدِّينِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: عِنْدَنَا كَثِيرًا أَنَّ الرَّجُلَ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالِ فِي صَكٍّ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا عَلَيْهِ.
وَنَحْنُ نُفْتِي أَنَّهُ إنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ مُنَاقِضًا، لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى هَذَا الْإِقْرَارِ (انْتَهَى) .
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَشْتَرِي الذَّهَبَ الرَّدِيءَ زَمَانًا الدِّينَارُ بِخَمْسَةِ دَوَانِقَ، ثُمَّ تَنَبَّهَ فَاسْتَحَلَّ مِنْهُمْ فَأَبْرَءُوهُ عَمَّا بَقِيَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
وَالْقَاضِي هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ.
يَعْنِي إذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ فَإِذَا خَافَ امْتَنَعَ الْقَاضِي وَالشَّاهِدُ مِنْ النَّظَرِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ؛ وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ حَصْرِ النَّظَرِ فِي الْقَاضِي وَأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ
(294)
قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا أَقَامَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إلَخْ.
يَعْنِي إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَلَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فِي بَلْدَتِهِ وَآخَرُ فِي بَلْدَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَنْقُلَ شَهَادَةَ مَنْ فِي بَلْدَتِهِ وَيَدَّعِيَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَتَمَسَّكَ بِكِتَابِ الشَّهَادَةِ وَيُشَاهِدَ هُنَاكَ جَازَ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ
لَهُمْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا.
فَكَتَبْت أَنَا وَغَيْرِي أَنَّهُ يَبْرَأُ.
وَكَتَبَ رُكْنُ الدِّينِ الزَّنْجَانِيُّ: الْإِبْرَاءُ لَا يَعْمَلُ فِي الرِّبَا؛ لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ.
وَقَالَ: بِهِ أَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ الْحَكَمِيُّ مُعَلِّلًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ، وَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْت عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَقَرُبَ مِنْ ظَنِّي أَنَّ الْجَوَابَ كَذَلِكَ مَعَ تَرَدُّدٍ، فَكُنْت أَطْلُبُ الْفَتْوَى لِأَمْحُوَ جَوَابِي عَنْهُ فَعَرَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى عَلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَّاطِيِّ، فَأَجَابَ أَنَّهُ يَبْرَأُ إنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْهَلَاكِ، وَغَضِبَ مِنْ جَوَابِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ فَازْدَادَ ظَنِّي بِصِحَّةِ جَوَابِي.
وَلَمْ أَمْحُهُ.
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ فِي غِنَاءِ الْفُقَهَاءِ، مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ: جُمْلَةُ الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ يُمْلَكُ الْعِوَضُ فِيهَا بِالْقَبْضِ، فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ عَلَى مِلْكِهِ ضَمِنَ مِثْلَهُ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ لِرَدِّ مِثْلِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ رَدَّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا رَدَّ عَيْنِ مَا اسْتَهْلَكَ، وَبِرَدِّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ السَّابِقُ بَلْ يَتَقَرَّرُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ فِي فَصْلِ الرِّبَا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ فَائِدَةٌ نُقِضَ عَقْدُ الرِّبَا، لِيَجِبَ ذَلِكَ حَقًّا لِلشَّرْعِ، 295 - وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا، إنْ كَانَ قَائِمًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا إنْ كَانَ قَائِمًا: لَا رَدُّ ضَمَانِهِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ تَعَلَّقَ بِسَبَبِهِ حَقَّانِ حَقُّ الْعَبْدِ وَهُوَ رَدُّ عَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ رَدُّ ضَمَانِهِ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا، وَحَقُّ الشَّرْعِ وَهُوَ رَدُّ عَيْنِهِ يَنْقُضُ الْعَقْدَ السَّابِقَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ شَرْعًا؛ وَإِبْرَاءُ الْعَبْدِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ الدَّيْنُ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا شَكَّ فِي بَرَاءَتِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَهُ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، وَأَمَّا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا عَمَلَ لِإِبْرَائِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقًّا لَهُ.
وَقَدْ تَعَذَّرَ بِعَدَمِ التَّصَوُّرِ بَعْدَ
لَا رَدُّ ضَمَانِهِ (انْتَهَى)
297 -
وَقَدْ أَفْتَيْتُ آخِذًا مِنْ الْأُولَى بِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا أَنَّ الْبَعْضَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا فُعِلَ مُوَاطَأَةً وَحِيلَةً تُقْبَلُ.
لَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْمَحْبُوسِ إلَّا بِرِضَاءِ خَصْمِهِ 298 - إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ أَوْ أُحْضِرَ الدَّيْنُ لِلْقَاضِي فِي غَيْبَةِ خَصْمِهِ
تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَصْلَحَةِ؛ فَمَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْهَلَاكِ، وَكَلَامُ رُكْنِ الدِّينِ مَفْرُوضٌ فِيهِ، أَلَا تَرَاهُ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ.
وَمَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ ضَمَانُهُ قَابِلٌ لِلْإِبْرَاءِ.
قَالُوا: يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ الضَّمَانَ الثَّابِتَ بِالِاسْتِهْلَاكِ فِي الذِّمَّةِ يَقَعُ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ، وَأَمَّا حَقُّ الشَّرْعِ فَلِصَاحِبِهِ لَا دَخَلَ لِلْعَبْدِ فِيهِ، فَكَيْفَ يَقُولُ بِإِبْرَائِهِ. تَأَمَّلْ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذِهِ الْوَرَقَةِ بِسَبْعِ وَرَقَاتٍ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى.
كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ؛ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الرِّبَا لَا يَصِحُّ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ (انْتَهَى) .
(296)
قَوْلُهُ:
لَا رَدُّ ضَمَانِهِ.
يَعْنِي حَقًّا لِلشَّرْعِ، وَأَمَّا رَدُّهُ حَقًّا لِلْعَبْدِ فَوَاجِبٌ.
(297)
قَوْلُهُ:
وَقَدْ أَفْتَيْت آخِذًا مِنْ الْأُولَى.
الْمُرَادُ بِهَا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ بَعْضَ الْمُقَرِّ بِهِ رِبًا تُقْبَلُ.
لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا مُغَايَرَةَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِأَنَّ الْبَعْضَ رِبًا شَهَادَةٌ بِأَنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالرِّبَا شَهَادَةُ إثْبَاتٍ، وَالشَّهَادَةَ بِأَنْ لَا حَقِيقَةَ لَهُ شَهَادَةُ نَفْيٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ كَمَا فِي الْمُغَايَرَةِ.
قِيلَ: هَذَا الْأَخْذُ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ وَالتَّحْلِيفِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ كَاذِبًا
(298)
قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ.
يَعْنِي بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنْ يَقُولَا: إنَّ حَالُ الْمُعْسِرِ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَقَدْ اخْتَبَرْنَاهُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً.
وَفِي الصُّغْرَى: وَالْوَاحِدُ الْعَدْلُ يَكْفِي وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ (انْتَهَى) .
وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا فِي السِّرَاجِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ مُنَازَعَةٍ لَا إنْ كَانَ حَالَ مُنَازَعَةٍ بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَطَلَبَ الطَّالِبُ الْبَيَانَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ